-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 10 - الثلاثاء 13/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل العاشر

تم النشر يوم الثلاثاء

13/8/2024



نزل سلمان إلى بهو قصره الفاخر، يستقبل والدته الجميله التى أتت تزوره برفقة حاشيتها الضخمه، ولكن هناك فتاة جديده بينهم، لم يأبه بهذا لكن إصرار والدته بأن يقم بدور المرشد السياحى لها لتشاهد قصره جعله يرتاب بالأمر، خاصه وأنها عرفتها بأنها إبنة صديقتها المفضله.


كان يوماً مزعجاً بحق، فمنذ رأى تلك الفتاة وقد فطن أن والدته ترغب بتزوجيه منها، وإذا مات دون زواج فلن يتزوج من شبيهة والدته تلك!


نظرت إلى شجرة الورد تتمتم بغنج يزيد من إزعاجه: أرى أنك تهتم كثيراً بالزهور.


تنهد بضجر: البستانى من يفعل ذلك.


- لابد وأنه تحت إشرافك.


- بل تحت إشراف رئيسة الخدم.


- وهى من تتخذ أوامرها منك.


- لا بل من والدتى، فهى تظن أن أى من يعمل هنا لابد وأن يكون تحت إمرتها.


- إنها تبحث عن راحتك.


زوى جانب فمه، وتمتم بصوت هامس: لا أظن.


- ماذا تقول؟


- لا شىء.


لم تجدى محاولتها الفاشله فى فتح حديث ودى معه، ولم تستطع دفعه إلى بادره رومانسيه لطيفه، فقررت الحديث المباشر، فأشارت إلى شجرة الورد مجدداً.


- أعجبتنى تلك الزهور، ألن تعطينى منها؟


- قد تجرحنى الأشواك.


لقد ضجر حقا منها، ومن محاولاتها الغبيه التى ومن المؤكد أنها نصائح والدته الغاليه، لكنها لجوجه مزعجه لا تفهم الرفض.


- مُر أحد الخدم يأتيك به لتهادينى به.


تأفف بإنزعاج: لا أُهادى بالزهور، ولن آمر أحد، إذا أردتى إطلبى من أمى.


بدى على وجهها الإنزعاج: أكل أمورك توكلها إلى والدتك؟!


إبتسم بخبث: فقط الأمور المزعجه التى أريد التخلص منها.


لمع الغضب بعيناها وسألته مستنكره: ماذا تعنى؟!


- ما فهمتيه تماماً.


قبل أن تعترض وجدته يتركها ويسير بالحديقه، ولكنها لم تتركه فوالدته قد حذرتها بأنه سيكون صعب المنال، وهى لن تسمح له بالفرار من بين يديها، ستفوز بهذا الإمبراطور الوسيم لنفسها؛ لتكيد كل رفيقاتها فكلهن يتمنين وده، كما أنها ستصبح ملكه بلا منافس وسط مجتمعها المخملى، لحقت به سريعاً تتصنع الدلال وتتجاهل بما قاله من رفضٍ صريح لها.


- أتعلم سيكون هذا المنزل رائعاً بوجود إمرأه تديره. 


- لدي رئيسة الخدم تديره جيداً فى غياب والدتى التى تديره بالإسم فقط.


- لكن أن تكون هناك من تهتم بك شخصياً فهذا شىء مختلف.


للحظه أحس بالغثيان وأراد تحطيم رأسها الأحمق، لكن صوت أنثوى منزعج جعله يصمت؛ لينصت بإهتمام حتى أنه لم يعد يسمع ما تقوله البلهاء التى أمامه!


- إستمع إلى جيداً لن تتحرك حتى أنتهى، أفهمت؟ 


تململ الأرنب من جديد ونظر لها بخوف، ثم تحرك بسرعه فصرخت بغضب.


- توقف عن الأرتجاف، الهواء ليس بارداً إلى هذا الحد! 


لم يعد سلمان يتحمل فضوله فتبع الصوت تاركاً تلك البلهاء تقف مذهوله، لكنها تبعته حتى توقف، فوقفت خلفه لكنه بدى أنه لن يتحرك، فتقدمت لتقف بجواره لترى فتاة جميله ذات بشره صافيه بصوره لا تصدق! لكنها تبدو بلهاء لتحادث أرنباً!


حاولت لؤلؤه بشتى الطرق تهدئة روعة الأرنب، وهى لا تعى أن إرتجافه هذا طبيعى ولا يمكنها فعل أى شىء لمنعه عن الإرتجاف حتى لو ذبحته!


- أخبرنى، هل تخاف منى يا صغير؟ لا.. لا تفعل أرجوك، أنت تعلم كما أعلم أننى لن أضرك، أنت لطيف يسعدنى النظر إليك، أنا فقط أريد أن أريك رسمتى.


توقف الأرنب بإحدى زوايا قفصه ينظر لها بحذر، فإبتسمت بسعاده طفوليه، ونظرت أمامها بقلق لكى لا يراها أحد، ثم أخرجت من جيب ردائها ورقه ملفوفه  وفتحتها تريها للأرنب!


- أرأيت كم أنت لطيف، لقد أعجبتنى منذ رأيتك، وقررت أن أرسمك، أعتذر إذا لم أستأذن منك أولا، لكن ألا ترى النتيجه الرائعه؟


كانت صورة الأرنب وكأنه حقيقى ويتنفس، فبدأ الأرنب يقترب بحذر يشتمها إلى أن أصبح أمامها، فمدت لؤلؤه يدها بخفه ومسدت فراؤه الناعم، فإنطوت الورقه وتراجع الأرنب سريعاً للخلف، لكن لا يهم لقد سمح لها بلمسه، فإبتسمت بإرتياح ونهضت تقفز بسعاده.


- لقد لمسته ياهوووووووه.


ظلت تقفز فرحة لا ترى أمامها حتى إرتطمت بجسد أحدهم! ففتحت عينيها سريعاً، فإتسعت عينيها وإختفت الدماء من وجهها حين وجدت نفسها وجهاً لوجه مع سلمان نفسه! فتلعثمت بخوف.


- سيدى أنا إنه أأ.


حينها هتفت ضيفة سلمان بإنزعاج: من تلك الحمقاء سلمان؟!


لم يجيبها بل ظل يتأمل لؤلؤه برغبه قويه فى ضمها إليه، فبحالتها تلك تجبره على الإحساس بالمسؤلية نحوها، فبصورةٍ ما تبدو كطفلة بريئه لا تتناسب مع هذا العالم الموحش.


❈-❈-❈


حين رأى البستانى سلمان بالحديقة أسرع ليحذر لؤلؤه، ولكن سلمان وصل إلى مكانها قبله، فأسرع البستانى إلى رئيسة الخدم ليخبرها بما حدث علها تستطيع إنقاذ لؤلؤه من العقاب، فأسرعت إلى الخارج لكنها توقفت جامده حين رأت لؤلؤه بمواجهة سلمان وضيفته وقد بدأ الخوف يكسو وجهها.


- سيدى أنا لم أؤذى الأرنب بشىء


حينها تذكر سلمان أمر الأرنب، فنظر خلفها ليجد الأرنب ساكناً ينظر نحوه وكأنه خائف من أجلها! ثم نظر إلى ما بيدها ومد يده نحوها فإبتعدت خطوه للخلف بصوره غريزيه، فأشار إلى ما بيدها فنظرت حيث يشير وأخفتها بطيات ردائها فورا، لكن لم يمررها ببساطه.


- أريد أن أراها.


- لكنها إنها..


قاطعها بحزم: هاتيها.


دفعت بها فى وجهه بسرعه: تفضل سيدى.


كاد يضحك لهيئتها الطفوليه الخائفه، لكنه تمالك نفسه وأمسك بالورقه من جهته؛ ليأخدها لكن الورقه كادت أن تتمزق من فرط تمسك لؤلؤه بها وكأنها طوق نجاتها! لكنه نزعها من يدها بخفه وسرعه جعلت الورقه تصل إليه سليمه حيث وقف مبهوراً بجمال رسمها، ثم رفع عيناه إليها متعجباً!


- أخبرينى! كيف إستطعت إيقاف الأرنب ثابتاً حتى رسمتيه؟!


- لم أفعل أنا فقط رأيته وأعجبنى فتأملت جماله قليلاً.


رفع حاجبيه متفاجئاً، وقد إزداد تعجباً: هكذا؟!


- نعم.


تدخلت ضيفته المغتره بنفسها، وهى تنظر إلى لؤلؤه بإزدراء: من تلك البلهاء التى تثرثر معها؟


نظر إليها سلمان بحده أخافتها: وما شأنِك أنت؟


- أنا ضيفتك.


- الضيف يلتزم حدوده، ثم ألم أتركك؟ لما لحقتِ بى؟! كفِ عن الإلتصاق بى كالعلكه فهذا لن يجدى نفعاً.


تصنعت الغباء؛ لظنها أنه لن يحرجها أكثر، لكنها كانت مخطئة تماما.


- ماذا تعنى؟


- أعنى أنكِ مادومتى حمقاء تحاولين التذاكى، فلابد من الصراحه.


صمت للحظه يتنهد بإنزعاج، ثم هتف بسخط:  عودى إلى حيث أتيتِ، وأخبرى أمى أن تبحث مجدداً، لكن لا تأتى لى بأشباهها! فهذا الإختيار مرفوض تماماً، هيا إذهبى من هنا.


إتسعت عيناها بصدمه، ثم أشارت إلى نفسها بعدم تصديق: أتطرُدنى؟!


- نعم.


لم تجد ما يقال أو ما تحفظ به ماء وجهها، فركضت باكيه إلى والدته تصرخ بها.


- ما هذا؟! إنه فظ غبى! لقد أهاننى أمام الخادمه الحمقاء، لن أسمح بهذا. 


تفاجئت والدة سلمان تماماً بما حدث، فحين يرفض سلمان إحدى خياراتها يفعل ذلك بمنتهى الرِقى.


- ماذا؟! لما؟!


- لا أعلم ولا أفهم ما هى مشكلته معك؟ لكنه بالتأكيد سيرفض أى إقتراح من إقتراحاتك للزواج، وأى فتاة على ذوقك.


إتسعت عيناها بذهول: بما تهذين؟!


- هذا ما قاله، إنه لن يقبل بأى فتاة تشبهك مطلقاً، لقد أغرقتى قلبى بالأحلام ودمرتيها، لن أسامحك على  هذا، وسأخبر والدتى.


إستطاعت ببراعه التحكم فى إنفعالاتها، ورفعت رأسها بشموخ، ونظره بارده تكسو عينيها.


- أنتِ المخطئه، لم تحسنى التصرف، وقد حذرتك لكن غرورك أعماكى، كما أن لهفتك نحوه جعلتك لا تتأنى، فلا تلومين سوى نفسك.


تنهد بضيق ثم تابعت بوقار: هل ستعودي إلى منزلك  وحدك، أم أرسلك مع السائق؟


فاجئها حتما عدم تأثرها بكل ما حدث، فهتفت بصدمه: أستتركينى أرحل هكذا؟!


- لا مفر من هذا، فلو وجد سلمان أنكِ لم تغادرى سيلقى بكِ خارج القصر.


- ماذا؟!


- لهذا يفضل أن تغادرى الآن.


❈-❈-❈


غادرت تشعر بالسخط، بينما ظلت الأخرى ترتدى قناعاً من الهدوء، حتى دخلت إلى غرفتها بالقصر فصارت تصرخ وتحطم كل ما حولها! فمنذ وفاة إبنها الصغير وقد نفرها زوجها، وقد أصبحا زوجان فقط بالإسم؛ ليحافظان فقط على مظاهرهما أمام المجتمع، وبما يخص سلمان فهو لا ينفك يحرج مركزها أمام الجميع، لقد أغضبها كل ما يحدث ولم تفكر للحظه بالصغير الذى عانى من إهمالها حتى أنقذه الموت منها! كل ما رأته أنه مجرد عائق بحياتها وإرتاحت للتخلص منه، لم تكن تصلح زوجه ولا أم، فالمشاعر لا مكان لها بقلبها! فقط غرورها ورغبتها فى التباهى والتسلط، وقد فكرت فى نشب الغيره بصدر زوجها لتعيده إليها بلا جدوى، فقد تزوجها بالأساس تحت رغبة والديه لأنها تتناسب مع مستواه الإجتماعى والمادى فقط، لكنه لم يجد بها ما يريده، ففكرت بأن تنفر زوجها نهائيا وتحيا كما تريد وقد أعجبها كاظم! وفكرت بالتقرب منه واذا تمكنت منه تطلب الطلاق، لكن كاظم كان أسوأ من الجميع، لقد أهانها بشده ورفضها رفضاً قاطعاً، وبمحاوله أخرى حمقاء منها ضربها فهربت قبل أن يهشم رأسها فهى شبيهة سيلانه بكل شىء، وقد أخفت الأمر عن أى أحد وخوفها كان من أن ينشره كاظم، لكنه لم يفعل فقد تجنبت رؤيته بأى مناسبه كانت ويبدو أن هذا هو ما جعله يصمت ورغم مقته لها إلا أنه صديق جيد لزوجها وإبنها!


❈-❈-❈


تجرأت لؤلؤه ورفعت نظرها إليه فوجدته لازال يتأمل رسمتها بإنبهار، وللحظه تأملته بفضول؛ فهى لم تنظر إليه بوضوح من قبل؛ لخوفها منه.


فوجدته حسن الطلعه قوى البنيه لديه هاله من الرزانه تدفع من أمامه لإحترامه، لكنه ليس كالآخر الذى سألها عن إسمها كان شبيها إلى درجةٍ كبيره بليث، لكنه كان به حنان غامض بعينيه وهو يسألها بلهفه غامضه مما جعلها لم تستطع أن تنساه، وقد رسمت له صوره وبعد أن أنهتها وجدت أنها تشعر بالرضا، وتغفر للجميع أى من أخطائهم تجاهها، لقد كان الرسم دوائها دوماً، لذا قررت لاحقا أن ترسم ليث وقارنت صورته بصورة المجهول من الحفله، وكم كانا شبه متطابقين!


أخرجها من تفكيرها صوت سلمان القوى: أين درستِ الرسم?!


- لم أدرسه.


- إذن لديك موهبه نادره.


- نعم قيل لى هذا من قبل.


تدخلت رئيسة الخدم بإرتباك، حين لم تعد تعلم ماذا يحدث: أهناك ما يزعجك سيدى؟


- لا.


- هل فعلت لؤلؤه ما يستدعى غضبك سيدى؟


قضب جبينه متعجباً: من لؤلؤه؟


فأجابته لؤلؤه سريعاً: إنها أنا سيدى.


نظر نحوها يتأملها للحظات: هذا إسم ملكي! فكيف أصبحتِ خادمه؟!


شحب وجه رئيسة الخدم مما أثار ريبة سلمان للمرة التى لا يعلم عددها! لكنه لا يعلم لما؟ وما الذى تخفيه عنه؟ وكيف تجرؤ على هذا؟ ولكن أغلب الظن أن لوالدته يداً بالأمر، ولكن ما الذى تخطط له؟! ولسبب ما نظر إلى لؤلؤه؛ عله يستشف من وجهها شىء، لكنها كانت تنظر له ببراءه، وعدم فهم جعلاه يود أن يضحك.


❈-❈-❈


بينما غيره يكاد يبكى خوفاً مما حدث معه! فحين إستيقظ الرئيس ووجد جميع رجاله حوله متراميين بلا حول ولا قوه ولا يفيقون بسهوله مهما نادى عليهم! أحس بالقلق فخرج يبحث عن ليث وحينها تفاجىء بالكارثه التى حلت على رأسه.


الغضب، الخوف، الرغبه الجامحه بالصراخ تجمعو بقلبه، إحساسه بالعجز وهو يرى نهايته الحتميه بعد أن إختفى كل الأسرى، وبعد وقت ليس بقليل قضاه فى الصراخ وتحطيم المكان حتى سقط تعباً إستيقظ رجاله وذهلوا لحاله وحالة المكان من حوله، وبعدها إستيقظت علياء، وكلما سأله أحد ماذا حدث لا يجيب، وللحظه ظنت علياء أنه علم بتهورها بالأمس مع ليث، ورغم أنها لا تذكر جيداً ما حدث لكنها تظن أنها إستمتعت معه، إنها تعطى نفسها قيمه أكبر مما تستحق! وحينها إقتربت منه بأسف مزيف، ولم تنتبه أن ليث غير موجود أو أن المكان هادىء أكثر من اللازم، حيث مالت نحوه بدلال تحاول إستدراج عطفه مجدداً؛ علها تستطيع خداعه.


- عزيزى، هل يمكنك التروى قليلاً؟ بالتأكيد هناك خطأ بالأمر، أنت لا تظن حقا أننى....


لم تستطع المتابعه لأنه صرخ بغضب شديد: لا أظن ماذااا؟ لقد هربوا جميعاً! إستطاع الإنتقام منى بحق، أخذ الجميع وهربوا.


قضبت جبينها بعدم فهم: عما تتحدث؟!


- عن ذاك اللعين ليث، لقد أخذ كل الأسرى وهرب.


- ماذاااا؟!


- إستطاع خداعى، لقد أغفلنا جميعنا وخدرنا حتى هرب.


حينها فقط أدركت علياء الصفعه التى تلقتها بمنتهى الغباء، فهى يوماً لم ترق لليث، ولطالما إزدراها، فكيف لم تفكر بالأمر؟! لكن كيف هذا وقد أعماها الغرور؟! وبينما الكل يتهاوى حولها كالطيور الجريحه، تعجبت لحالهم؛ فبدلاً من البحث عن ليث والأسرى يستسلمون هكذا! وحين سألت أجباها أحدهم برعب.


- لو علم الرؤساء يا إلهى! لن يتركوا أى منا على قيد الحياة.


قضبت جبينها مندهشه: أى رؤساء؟!


ثم نظرت إلى الرئيس متعجبه: أولست وحدك الرئيس هنا؟!


أجابها بإستسلام: لا هناك من هو أعلى منى، والكارثة أنهم أخبروننى أن لا فرصه لى للخطأ مجدداً.


حينها زحفت البروده إلى جسد علياء، فقد أدركت سبب الذعر الذى حل على الجميع، وفطنت أخيراً لمقصد كلماتهم، فالرؤساء سيفتكوا بالرئيس ومن معه وهى منهم، فهتفت بذعر.


- وما الذى يجعلنا نظل هنا؟!


نظرت كل العيون نحوها فتابعت بقوه: لما ننتظر موتنا هكذا؟! فلنحمل رحالنا ونهرب نحن أيضا.


همهمات الرجال قد إنتشرت، والجميع يؤيدها غير عابئين برأى الرئيس؛ فالموت وشيك! لكن صوته إرتفع بينهم بثقه لا تمت بصله لحالته البائسه منذ لحظات!


- نعم أنتِ محقه فالهرب سبيلنا للنجاة، هلموا لنجمع حاجياتنا سريعاً قبل أن يدركنا أحد.


❈-❈-❈


أصبح الوضع مربكاً بين ليث وورده، فهو يتجنبها تماماً وهى كذلك، لكن هل ستستطيع السيطرة على شعورها بالغيره عليه.


لقد كان ليث فى تلك القبيلةِ، أميراً بين الغجر، وأعجببت به كل الفتيات بالقبيله، وكن يتغزلن به غير عابئات بوجود ورده حتى وهن يظننها زوجته، فقد إعتدن رؤية الكثير من الرجال ينفرن زوجاتهم ويغرمن بأخريات.


لم تعد ورده تتحمل الصمت، فكل يوم ترى ما يجعلها تكاد تصرخ يأساً، وليث لا يبالى مطلقاً، فقد كان يعانى من لحاق الفتيات به وكأنهن لم يرين رجالاً من قبل! كتلك المزعجه التى تلاحقه دوماً وقت الظهيره! وكأن الفتيات إتفقن على اللحاق به بأوقات معينه قسمنها سويا!


- أتعلم؟ سمعت أن عزفك على الناى أكثر من رائع.


تنهد بإنزعاج: لا أعزف على الناى ولا غيره! ليس لى بدروب الموسيقى سبيل.


- لا تكذب علي! لقد أخبرتنى صديقتى أنكِ عزفت لها.


نظر إلى السماء: أترين تلك النجمه بالأعلى؟


نظرت حيث يشير بسعاده مبالغ بها: نعم.


- لقد أخذت صديقتك إليها.


نظرت نحوه بإنبهار: حقا!


رفع حاجبيه مندهشاً: هل أنتِ حمقاء أم ماذا؟!


إبتسمت بحالميه: أتعلم حتى إهانتك لى لها إحساس مميز.


نظر لها وكان لها رأسين، ثم تركها وغادر، فلحقت به مسرعه: إنتظر متى ستُسمِعُنى الناى.


زوى جانب فمه بسخريه: حين يثمر المشمش بطيخاً


سألته بلهفه: ومتى هذا؟


تنهد بيأس: سأخبرك لاحقاً.


لن تفهم ولن تتركه إلا بمسايرته لها، لذا وافقها على حماقتها ثم إستأذن منها وإبتعد قبل أن تتمكن من إيجاد بلاهه أخرى تحدثه بها!


دخل الخيمه فوجد ورده تقطعها ذهابا وإياباً! وحين أحست به توقفت تنظر نحوه بسخط!


- هل إنتهت مغامرة اليوم؟


تعجب لثورتها المفاجئه؛ فهى تتجنبه منذ عدة أيام، ولم تتأثر بأى من أفعال فتيات القبيله معه، فماذا جد بالأمر لتشتعل هكذا؟!


- بما تهذين؟


زوت جانب فمها بسخريه: رأيت معجباتك قد كثرن هذه الأيام.


عقب بنفس طريقتها الساخره: نعم -ويالحظى الرائع- كل واحده أذكى من الأخرى!


- بالطبع فهن يخترعن السُبل لإبهارك.


قضب جبينه بإنزعاج: أنا أمزح أيتها الحمقاء!


ثم تنهد بضيق وقد لمعت عيناه بتسليه مرحه: ثم لما تغارين؟


إرتبكت بشده، وهتفت بإستنكار مشيره إلى نفسها؛ لتخفى تورد وجنتيها الذى أتى فى غير وقته، 


- أنا أغار؟! هذا مستحيل هه ولما سأغار؟ وعلى من؟ عليك أنت؟ يالسخريه!


إحتد صوته الساخر: نعم -يالسخريه- فأنتِ لا تهتمين لأمر وغد مثلى! رجل يحيا من أجل نزواته.


قضمت شفتها السفليه بغضب من هفوتها البلهاء، فمنذ أشعلت الغيره فتيلها بقلبها تلك الليله، وقد تسرعت بأقوال حمقاء، وهى تشعر بالندم.


- كف عن هذا، لم أقصد ذلك، أنت تستفزنى إلى حد يجعلنى لا أعى ما أقول، أنت تدفعنى للخطأ، أثق تماماً أن لؤلؤه بريئه من أى سوء ظن.


رفع حاجبه مستنكراً: وأنا لا!


- وأنت كذلك.


قضب جبينه: هل دفعتك الغيره للإعتذار؟!


فصرخت يائسه: أيها الفظ! لا تنسى أننى زوجتك! وبتصرفاتك تلك تسىء الى.


إبتسم ساخراً: هل صدقتى الكذبه؟


- لا.. ولكن أنت زوجى أمامهم، وتصرفاتك مع الفتيات هنا تسىء إلي.


- يمكننا أن نتطلق.


- ماذا؟!


بدت منكسره ضعيفه وسقطت جالسه تنظر إليه بألم، وتهمس بحزن.


- بهذه السهوله؟!


فهتف بذهول وإنزعاج: أيتها البلهاء! هل صدقتى الأمر؟!


وضعت كفها على صدرها موضع القلب: إنه يؤلم.


صر أسنانه بغضب، ومال نحوهاً هامساً بغضب: لسنا متزوجين من الأساس، أفيقى من هذا الحلم الأبله! يكفينى فتيات القبيله الحمقاوات.


نظرت نحوه متفاجئه، فيبدو أن عشقها له مع كذبة زيجتهما المزيفه جعلتها تظنه لها بالفعل!


- أعتذر يبدو أننى تأثرت أكثر من اللازم، لكن لما لازلنا هنا؟! ألم تقل لنرتاح قليلاً؟


قبل أن يتثنى له التعليق على ما قالته، كانت إحدى فتيات القريه تهتف بإسمه، فتأفف بضيق وخرج لها ليجدهم يُعِدون وليمه كبيره، وقد أُرسلت لدعوته هو وورده فوافق، وأخطر ورده ومن ثم  إصطحبها، وحضرا الحفل الرائع حيث إنضمت ورده للفتيات، بينما جلس ليث مع الرجال.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة