رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 13 - السبت 17/8/2024
قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية لؤلؤة الليث
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة إيمي عبده
الفصل الثالث عشر
تم النشر يوم السبت
17/8/2024
أصبح الجميع يحترم ورده، وكفت الفتيات عن مغازلة ليث إحتراماً لها، رغم أن عيونهن لم تمتنع عن الإعجاب به، ولاحظ ليث هذا، لكنه لم ينزعج، بل على العكس تماماً، أحس بإرتياح من ملاحقة الفتيات له، كما أنصت بفخر لكل كلمات المديح بورده، وكلمات الحسد له على زوجته الجميله الذكيه التى وبكل أسف أصبحت تنفره، وأصبح هذا يثير سخطه حتى قرر التحدث إليها، ولكن حين إنتوى ذلك.
- لدينا حديث مطول سوياً
- فيما يا ترى؟!
- بشأن حياتنا الممله.
- ماذا تريد ليث؟ اليوم هو يوم عطلتك تنتظره بشغف؛ لتستريح من عناء أيام العمل، فماذا حدث؟! هل قررت أن تتسلى قليلاً على حسابى؟!
زوى جانب فمه بسخريه: لا يا زوجتى المصونه، ولكنى أريد أن أفهم ما برأسك.
تنهدت بإنزعاج: أولاً أنا لست زوجتك! لا تكذب الكذبه وتصدقها، ثانياً لا طاقة لى لأى جدال معك.
قبل أن يتفوه بشىء آخر، إرتفع صوت صراخ إنتشر بالقبيله، فركضت ورده تسبقه إلى الخارج، فلحق بها مسرعاً، فوجد كل القبيله محتشده حول صوت الصراخ، وإذا بسيده تحمل إبنها الغارق بدماؤه والكل مرتعب، فصرخت ورده برعب.
- أحضروا الطبيب!
فأجابها أحدهم بسخط: لا يوجد طبيب هنا، والمستشفيات لا تستقبل الغجر حتى لو دفعنا لهم قنطاراً من الذهب.
نظرت حولها بفزع وإستنكار : هل سنتركه هكذا؟!
تقدم ليث بهدوء بين الوجوه المذعوره، وسأل بهدوء لا يناسب الموقف!
- كيف أصيب؟
أجابه أحدهم: لقد ذهب إلى الجبل.
شهقات الفزع تناثرت بين الجمهور المحتشد، ولكن لا ليث ولا ورده يفهمان أى شىء، لذا سأل ليث مقتضب الجبين.
- ما به هذا الجبل؟!
- به وحوش.
لم يبدو عليه التأثر أو التفاجؤ، بل تابع إستفساره: أى نوع من الوحوش.
- لا ندرى
تنهد يانزعاج، ثم نظر إلى والدة الصبى، وأمرها بعد أن جلس بجوار الصبى.
- أحضرى وعاء به ماء دافىء، وقطعة قماش نظيفه.
أومأت سريعاً: حسنا.
وجدها لا تريد ترك الصبى فصرخ بها: أسرعى!
إنتفضت فزعه، ونهضت تركض، فنظر إلى ورده وأمرها بهدوء.
- إجلسى بجوار الصبى.
وافقته ونفذت الأمر سريعاً، ولكنها كانت مرتعبه بحق، ولاحظ ليث لأول مره منذ عدة أيام وجود شعور ما بعينيها بعيداً عن اللامبالاه والبرود الذى كرههما، فالقسوة لا تليق بعينيها الجميلتين، وأى شعور أفضل من هذا، حتى ولو كان الخوف والحزن.
حملت ورده رأس الصبى ووضعته على قدميها، وهى تمسح بكفها عرقه، والفتى غائب عن وعيه.
وصلت الأم تحمل الوعاء ووضعته بجوار ليث، فوضع ليث يده بالماء؛ ليتأكد من تناسب حرارة الماء لما يريده به، وأومأ برضا، ثم مزق ثوب الصبى، وأمسك بقطعة القماش التى أحضرتها والدة الصبى، وغمرها فى الماء الدافئ، وبدأ ينظف بها دماء الصبى؛ ليظهر أمامه جرح غائر، ومن الواضح أنه أصيب بأداةٍ حاده، ولكن أثناء التنظيف وجد بقايا حصى صغير بالجرح، فأدرك أن الصبى أصيب بطعنه من صخرة حادة بالجبل، وهذا إما أنَّ أحدهم دفعه بقسوه نحو الصخره المدببه، أو أن الفتى كان شقياً فصعد الجبل وسقط من أعلاه، لكن إتجاه الطعنه يثير الريبه؛ فلم تكن من الأعلى، لكنه فضَّل تأجيل هذا التفكير، فليعالج الصبى أولاً.
تتأفف بضيق، ونظر إلى أحد الرجال، وأشار إلى بقعةٍ قريبه جداً بجواره.
- أشعل هنا ناراً سريعاً، وضع سكيناً عليها، وحين يصبح لون نصلها أحمر هاتها.
سأله الرجل بقلق: ولكن لما؟!
صرخ به بغضب: أسرع بلا جدال.
أومأ سريعاً: حسنا.. حسنا.
أمسك ليث برسغ الصبى؛ ليتأكد من نبضه، فوجده يضعف تدريجياً، فصرخ بالرجل.
- أسرع بالسكين.
حين نهض الرجل يحمل السكين، صرخ ليث بصوت عالٍ.
- لا أريد أى إمرأة هنا.
نظر الجميع إليه متعجبين فصرخ مجدداً: خذوا الصغار وغادروا فوراً.
أسرع الرجال بدفع نسائهم وأبنائهم بعيداً، فنظرت ورده نحوه بخوف، فحذرها بنبره حانيه يطمئنها.
- لا تخافى، ولكن لا تجعلى أى منهم يأتى حين يرتفع الصراخ.
إتسعت عيناها بخوف حين سمعت كلماته، لكنها رغم هذا أومأت بصمت، وغادرت وسمعت صوت ليث يهتف بأحد الرجال بأن يمسك بالصبى جيداً، ويقيد حركته وتلا ذلك صرخه مخيفه خرجت من جوف الصبى أرجفت قلب ورده، كذلك صرخات والدة الصبى التى تتألم لألم إبنها قد أفزعها صراخ إبنها مما زاد فزع الجميع.
لحظات وإختفى الصوت، وبدأت النساء تتململ، فأسرعت ورده تمنعهم من الذهاب لدقائق حتى ناداها ليث بصوت متعب.
- إتركيهم ورده.
ركضت والدة الصبى، وخلفها الجميع، فوجدوا الصبى غائب عن الوعى تماماً وجرحه ملتئم بصوره مخيفه، وحينها أدرك الجميع ما حدث، وبعد إنتظار ليس كثير بدأ يستعيد وعيه، ولكنه لازال ضعيفاً من فقد الدماء، لكن عودته للحياة أمامهم جعلتهم جميعاً يشعرون بالسعادةِ، ويمتنون لليث الذى أخبرهم قبل أن يغادر مقتضب الجبين أن يجهزوا غذاءً جيداً؛ ليعوض الطفل الدماء التى فقدها والجهد الذى بذله.
بينما الجميع حول الصبى كانت ورده تقف جامده ترى وجه ليث المتعرق الجبين، وتعابيره التى لم تعتدها يوماً، ذاك الوجه المضطرب الذى لا يليق به! فلطالما كان قوى لا يهاب شىء.
إقتربت ورده منه بحذر فوجدته ينظر نحوها كالطفل الخائف يرجوها أن تطمئنه، وبدون أى لحظة تفكير أمسكت بيده، فقبض على كفها بيد مرتجفه، وسار معها مستسلماً، حتى دخلا خيمتهما، فسقط جاثياً على الفراش ولم تستطع يديها منعه، وصرخ بصوت متألم أرهبها، وأفزع من بالقبيله، فخيم الصمت المخيف، بينما ترددت صرخات كصرخات الموت بالصدى الصامت تناشد بهلاك كل من أوصله إلى هذه الحاله!
جثت بجواره لا تستطيع منع دموعها لحاله، وإحتضنت رأسه، وهى تربت على ظهره بحنان وخوف، فبدأ يهدأ تدريجياً حتى تهاوى جسده ونام على قدميها، فظلت جالسه حتى غلبها سلطان النوم.
❈-❈-❈
مع الرعاية والغذاء تحسنت حالة لؤلؤه الصحيه، لكنها لم تعد المرحه النشيطه التى كانت عليها، وقد أرهق هذا سلمان، لذا قرر زيارتها، وحين طرق باب غرفتها، همست بضعف.
- تفضلى.
ظنته رئيسة الخدم، ولكن حين وجدت أنه سلمان شحب وجهها وبدى عليها الرعب، فقضب جبينه وتنهد بغضب، وبدلا من أن يحاول تهدئتها صرخ بها!
- لما ترتجيفين؟! أنا حتى لم أُلقي عليكى السلام! لما ترتعبين منى هكذا؟! أنا لم أضربك يوماً! لم أعاقبك بقسوه تخيفك إلى هذا الحد، لم تتعاملين معى وكأنك سمكه صغيره وقعت بين فكيّ سمكة قرش.
تلعثمت بخوف، وتعرق جبينها: إنه.. أنا...
الأمر إزداد سوءاً بدلا من تهدئتها إزداد رعبها، فغادر منزعجاً.
لقد أصبح سلمان مختلفاً فى تعامله مع الجميع، أكثر ليِناً مع الخدم، أكثر صراحه وحده مع والدته، أكثر شراسه فى محاربة الرق، ولكنه بدأ يلين فكره من جهة أسرى تجار الرقيق، فمن سيرضى بحياة الذل بإرادته؟!
جلس سلمان بالحديقه يتأمل النبته التى أمر البستانى بزراعتها -ويا للعجب- ظهرت بوادر نبته أخرى صغيره عنها بجانبها فعلى ما يبدو بقايا الثمرة التى تناولتها لؤلؤه، ودفنتها هنا بغرض زراعتها قد أنبتت بالفعل، وبدت بجوار النبته الأكبر التى أمر البستانى بزراعتها وكأنها تحميها.
ظل شارداً بالنبتتين التى لم يعلم إذا ما رأتهما لؤلؤه أم لا، وحين غلبه الفضول سأل البستانى، وهو يشير إلى النبته.
- أتذكر حين طلبت منك زراعة هذه النبته؟
- نعم سيدى، وسأنتزع الأخرى التى خرجت بلا سبب، لكى لا تمتص غذائها.
- لا!
ردة فعله الحاده المفاجئه أفزعت البستانى، فتنهد سلمان بإنزعاج.
- لم أقصد إخافتك، أقصد... إترك النبتتان سوياً.
- حسنا.
- أخبرنى، هل رأتهما لؤلؤه منذ زرعتهما؟
تعجب البستانى لكنه أجابه على أى حال: بكل أسف لا، كانت ستسعد بهما كثيراً.
سأله بلهفه: حقا؟
أومأ بتأكيد: بلى.
- إذن إذهب إلى زيارتها، وأخبرها بشأنهما علها ترغب بالنزول، وتتحسن حالتها.
لينه نحو الخدم، وإهتمامه الواضح بلؤلؤه جعل البستانى يخبره بأن زراعة شجرة ورد ستكون أفضل وسيله؛ لإسعاد لؤلؤه.
إعتدل سلمان، يسأله بإهتمام ولهفه: هل تحب الورد؟!
- أجل، فقد سألتنى منذ وقت لو كان يمكنها زراعة شجرة ورد وترعاها.
- وبماذا أخبرتها؟
- أخبرتها أنه لا يمكننى فعل ذلك دون أمر منك، ويجب أن تطلب ذلك منك، أو تجعل رئيسة الخدم تطلب هذا لك.
- وماذا فعلت لؤلؤه؟
- لا شىء على ما أعتقد، لقد بدت مذعوره وتناست الأمر، ومن ثم تحدثت مع خادمة أخرى، ولكنى لا أرتاح لها.
قضب سلمان جبينه متعجباً: لما؟! فلؤلؤه تبدو فتاة طيبه.
حرك البستانى رأسه نافياً: لا أتحدث عن لؤلؤه سيدى، لؤلؤه لن تجد من هو أطيب منها، لكنى أتحدث عن صديقتها التى كانت ترافقها كثيراً قبل مرضها، الفتاة نظراتها الخبيثه وحدها تخيف أى عاقل، لكن لؤلؤه لا تعى ذلك، ولسبب ما أشعر أن لتلك الفتاة يد فى حالة لؤلؤه؛ فبالمره الأخيره التى تحدثتا معا كنت أراهما من هنا، كانت لؤلؤه شاحبه بشكل مخيف، وأردتُ سؤالها إن كانت بخير، لكنها إبتعدت سريعاً خائفه، وظلت الأخرى تنظر خلفها ببسمه مخيفه، وقد مرضت لؤلؤه بعدها.
صر أسنانه بغضب، وهتف بغضب: أرسل لطلب تلك الفتاة.
فتراجع البستانى عن أقواله بقلق: ولكن سيدى، هذا مجرد تخمين رجل عجوز.
لكنه لم يعبأ، وأصر بغضب: أريدها هنا حالاً.
أومأ بخوف: أمرك.
بلحظه عاد إلى سلمان القديم، لا يسمع ولا يرى، تلك الفتاة إذا كانت مذنبه لن يرحمها مطلقاً.
❈-❈-❈
إفتلعت شجاراً أحمق مع أورچيندا؛ لتنفث عن غيظها، لكن هذه المره تدخل أخاهما وأوقفها، فإستنكرت تدخله.
- ماذا تفعل؟!
- أفعل الصواب، أنتِ تختلقين المشاكل معها من لا شىء.
- إنها وقحه.
- أرى أنكِ الوقحه الوحيده هنا.
- ماذا؟!
هتفت مستنكره، فهى لم تعتاد يوماً أن يوبخها مهما فعلت، حتى تمادت، لكنه هذه المرةِ لم يصمت.
- لا يعنى صمتى عنكِ أنكِ محقه، أردتك أن تستوعبى أخطاؤك بنفسك.
أشارت إلى أورچيندا بسخط: تلك الفتاة تستحق التأنيب.
صرخ بها غاضباً: أنتِ من تستحقين العقاب، لا تنسى أن أورچيندا أختك الكبرى وليس العكس! كما أنك أطلتى المكوث هنا! ولديك زوج.
صرت أسنانها بغضب: لم أعد أريده.
زوى جانب فمه بسخريه، فقد أخبره حاكم القريه بما تنثره أخته الحمقاء من شائعات عن نفسها، مما وضعه فى موقف حرج مع كاظم.
- ولما هذا؟
تلعثمت بإنزعاج: إنه.. أنت تعلم!
لمعت عيناه بالغضب، ووبخها بحده: أعلم أنكِ مدللةٍ حمقاء كسوله لا تفقهين أى شىء بالحياة، وإذا تحملكِ زوجكِ حتى الآن، فهذا يعنى أنه رجل صالح لا تستحقينه.
- مادام لا أستحقه، ليذهب إلى الجحيم.
- أنتِ من يستحق هذا الجحيم، وما تحلمين به لن تنالينه قط، لقد وصلتنى الشائعات التى تنشرينها، وأى عاقل لديه عينين سيرى بوضوح أن كاظم ينفرك، وإذا ما قرر الزواج سيقترن بأى فتاة عداكى.
لم تهتم بسقوط قناعها الزائف، وصرخت مستنكره: هذا مستحيل! أنا الأجمل هنا!
تنهد بيأس: أنتِ الأقل عقلاً هنا، لا يعنى بياض بشرتكِ، وزرقة عيناكِ أنكِ فاتنه بلا منافس، أنتِ على العكس تماماً! شمطاء يملؤها الحقد!
❈-❈-❈
كانت الخادمة الحقود تتمنى أن تختفى وهى تقف أمام سلمان ترتعب، وقد نظر إليها بعينان تهددها بالعواقب.
- إستمعى إلى جيداً، فأنا لا أتهاون مع الخداع.
إبتلعت ريقها بخوف: ماذا فعلت سيدى؟!
- أخبرينى أنتِ.
- عن ماذا؟!
ضاقت عيناه عليها: عن لؤلؤه، ما الذى أوصلها إلى تلك الحاله.
تخلل الاصطراب تعجبها المستنكر: وما شأنى أنا؟!
هب واقفاً ينظر لها بعينان يُطل منهما الغضب بقوه أفزعتها، فتراجعت خطوه للخلف مذعورة، كانت حمقاء فى ردة فعلها، وحدة صوتها، حين سألها، غيظها من لؤلؤه التى قررت بعد فوات الأوان تركها وشأنها، جعلها تنسى إلى من تتحدث.
- ماذا فعلتى لها؟!
صوته الذى زلزل الهواء من حولها، جعلها تزداد رعباً، وتلوح بكفيها بخوف رافضه.
- لا.. لاشىء سيدى.
- إنها فرصتك الأخيره، وإذا لم تخبرينى فسأجعلك تتوسلينى لأستمع إليكِ، ولن أقبل.
لم تستطع الخادمة الصمود طويلاً، كذلك لم تستطع إجابة سؤال سلمان، مما دفعه للسخط أكثر، وبدأت تبكى بخوف، وتأثر البستانى لرعب الفتاة رغم عدم محبته لها، وأسرع إلى رئيسة الخدم التى أتت على مهل وكأنها تستجم بالحديقه، وحين رآها سلمان أشار إليها، فأسرعت بعض الشىء حتى وقفت أمامه فأصبح وضع الخادمة أسوأ.
❈-❈-❈
تلك الفتاة أصبحت مزعجه بحق، وقد إنتظر كاظم وقتاً طويلاً من أجل المواجهه لكى يجعل أورچيندا أكثر شجاعه وجرأه؛ لتستطيع مواجهة أختها بلا تراجع، لكن أختها تمادت وأثارت شائعات جعلت أورچيندا التى كانت تعامله بعفويه تتعامل معه بحذر؛ لظنها أنه سيكون الزوج المستقبلى الثانى لأختها، كما أنها عادت إلى التقوقع داخل قوقعة اللامبالاه مجدداً، وهذا ما لا يريده، لذا لابد له من التحرك فوراً.
حول مائدة العشاء إلتف الجميع يهنئون بطعام أورچيندا الشهى، وتلك البائسه تتزين ككل ليله بصوره مبالغ بها، تلك الحمقاء لا تعى أن الزينه الزائده تزيد وجهها بشاعه لا تزيدها جمالاً مطلقاً،
دون مقدمات سألها مباشرة.
- لم تخبرينى، ماذا قررتى بشأن زواجك؟
باغتها هذا السؤال الذى لم تتوقعه فجأه هكذا! لقد تناست زوجها رغم أنه أرسل فى طلب رؤيتها كثيراً ورفضت، وكلما أرسل لها كلما زادها هذا غروراً بنفسها.
حاولت جاهد إظهار ملامح الأسى على وجهها، ثم تمتمت بحزن مصطنع.
- لا شىء، لقد إنتهى كل ما بيننا.
لم يتفاجىء أو يتأثر، بل علق على كلماتها بسخريه: لم يكن بينكما أى شىء من الأساس لينتهى.
قضبت جبينها متعجبه: ماذا تقصد؟!
- أقصد أنكِ ضجرتى منه، أو لنقل وجدتى البديل الذى لا رغبة له بك.
صرخت بغضب تتهم أورچيندا: أيتها الوقحه لقد صدق حديثك الأحمق وظننى لعوب حقاً، وها هو يتهمنى، ولابد أنكِ إستغللتى الوقت الذى تقضينه معه لملأ رأسه بالأفكار الكريهه عنى!
هتف كاظم بسخط مدافعاً عن أورچيندا: لا داعى للصراخ! وأختك لا علاقة لها بالأمر، لكنى كما وصفتنى ذات مره حكيم، وقد مررت بالكثير، أكثر مما قد تتخيلى، وأستطيع الحكم على الشخص من أول نظره، أنا لست بحماقة أخاكى ولا رجال قريتكم الحمقى.
كلماته الأخيره أدارت رأس أخاها بحده: ماذا؟!
أصابها القلق من نظرات أخاها: لا تنظر إلى هكذا! إنها أورچيندا بالتأكيد من تعبث بعقله، لا تصدق محاولته فى ستر خبثها.
إحتد صوت كاظم بعتاب وسخريه لاذعه: لقد لعبتى لعبه قذره، وخدعتى الجميع، وأختك المسكينه صدقت الأمر، حتى أصبحت خادمتك المجانيه دون أن تدرى، لا تريدين أن ينتبه أحد لخبثك، وتلهينهم بجمالك الزائف، فبلا زينتك ودلالاك المقزز لإنكشف أمرك.
حينها سأله أخاها بإرتباك: ماذا تقول سيد كاظم؟!
فواجهه بقوه وصراحه: أقول أنك أحمق منذ أن أتيت إلى قريتكم، وخرجت لأول مره بها، وقد سمعت وعلمت الكثير، وأنا غريب عنكم، لذا كان من السهل على الحكم على أختك الغاليه، أنا لستُ مثلك ولا مثل جيرانك هنا، فقد إعتدتم تصرفاتها حتى أصبحت أمراً عادياً، رأيتم تفاخرها وغرورها أمراً عادياً، كما رأيتم أن خدمة أورچيندا لها ولزوجها ووالدته أمراً عادياً، أنا لا أفهم بأى عقل تحيون! أختك الصغرى سيئة الطباع، مغروره غيوره، وأورچيندا ليست مختله، بل أنت الأحمق هنا! إنها فتاة بريئه مرحه يعشقها الجميع، ولكن أختك الحقود أفسدت كل الزيجات التى أتت لها بدون أن تعلم، لكى تظل خادمه لديها، كما أن طهوها رائعاً بالفعل، وقد أعدت ولائم أعراس كثيره بالقريه، وكنت أنت وهى تظنان أن الأمر مجانى كهديه للعروسين، ومساعده لهما، لكن فلتبشرا! لقد كانت أختكما الصغرى المبجله تتقاضى المال دون علمكما، وتنفقه على زينتها، ورغباتها أى إن كانت، وزوجها يعلم بهذا كله، لكنه لم يهتم، بل وساندها فى إخفاء هذا لأنها تُغرقه بالهدايا الثمينه التى تأتى بها إليه من مال أورچيندا
صرخت رافضه بغضب؛ لتخفى خوفها: أنت كاذب.
لكنه لم يتأثر، وأجابها بإستهزاء: لو كنت كذلك يمكن لأخويكى أن يسألا أى من أصحاب تلك الأعراس، أتعلمين أنتِ حقوده مختله، وزوجك كذلك، أنتما تستحقان بعضكما، وإذا ظننت أن أى أحمق قد ينخدع بك مجدداً، فلتنسى هذا؛ لأننى أعلمت الجميع بحقيقتك البشعه.
إتسعت عيناها برعب: ما.. ماذا؟ لما؟!
- لكى لا تخدعي أى أحداً آخر، ولكى تظلى مع زوجك، فأكبر عقاب لكما هو أن تظلا معاً، فبلا مال لن تستطيعى أن تتزينى، وأنتِ بلا زينتك لا شىء، كما أنكِ ربة منزل فاشله من الدرجة الأولى، ووالدة زوجك العجوز لن تستطيع خدمة أى منكما، هى بالأساس لا تستطيع خدمة نفسها، لذا فمن الأفضل أن تبدأى التعلم الآن، وفقر زوجك وفظاظته لن يغفر له حُسنُه لتتحمليه، وحقيقتك البشعه بدون مالك ستجعله يمقتك، وحينها هذا سيجعلك تدركين أن الجمال الخارجى تفاهه تغرق صاحبها.
أذهل أخاها ما سمعه: لما فعلتى هذا؟! لم نحرمك شيئاً قط؟!
حين وجدت أخته المدلله أن لا مفر من هذا المأزق، أظهرت سخطها بصوره وقحه وهى تصرخ به، وتبدى حقدها الواضح تجاه أورچيندا الجميله، فصرخت بأخاها.
- كفاك! لقد حرمت من كل شىء بتلك القريه الحقيره، لا مال ولا جاه، لقد طلبت منك أن نتركها ونرحل ولم ترضى أبداً، لا أفهم ما الذى يعجبك بهذا المكان الحقير؟!
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..