-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 16 - الخميس 22/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل السادس عشر

تم النشر يوم الخميس

22/8/2024



لم يستطع كاظم دفع أورچيندا؛ للحديث عن أى شىء بعد مغادرة أخاها؛ ليتجهز للذهاب لطلب يد عروسه المستقبليه حتى عاد، فطلبت من كاظم أن يرافقهما، وبالفعل توجه ثلاثتهما دون سابق إنذار إلى منزل جيرانهم الذين تفاجئوا بهذه الزياره المفاجئه، وأكثر ما أخجل العروس أنه لم يكن لديها أى فكره عن سبب هذه الزياره، ولم تتجهز لهذا الموقف، فقد كانت بصورتها العاديه بل وأسوأ، كانت قد ذهبت إلى النوم باكراً، وحين طُرق باب المنزل إستيقظت مشعسه الرأس تفرك عينيها كالأطفال، وظنت أنه إحتقر هيئتها فى حين أن تلك الهيئه أغرته كثيراً، وبدأت أحلام يقظته تعمل وهو يتخيلها هكذا بجواره فى الصباح، وأزعجه أن يراها الآخرين هكذا، فإحتدت نظراته، فركضت مسرعه إلى الداخل.


إستقبلهم والديها بترحاب، ثم سأل الوالد: أى خير أرسلكم إلينا الليله؟


فهتفت أورچيندا بحماس: خير وفير بالطبع يا عم.


تدخل كاظم برزانه: نحن هنا؛ لنتقدم لخطبة إبنتكم المصونه إلى إبننا المبجل.


قضب الرجل جبينه، وكأنه لم يستوعب، فأوضحت له أورچيندا.


- أتينا لأن أخى يريد الزواج من إبنتك يا عم.


نظر لها كاظم متعجباً، لكنه فضل الصمت، بينما بدى الذهول على الوالدين، وكانت العروس قد هندمت هيئتها، وأتت بأقداح الشاى إلى الضيوف، وسمعت كلمات أورچيندا، فإرتبكت وأسقطت ما بيدها بلا قصد -ويالحظها الرائع- قد وقعت المشروبات الساخنة على العريس الذى نهض فزعاً، يحاول بفشل تنظيف ثيابه من البلل، ومنع جلده من الإحتراق، والعروس تقضم شفتها السفليه بخوف، فأسرعت أورچيندا إلى الداخل، وبللت قطعة قماش نظيفه، وعادت بها سريعاً تمسح ثياب أخاها علّ ألمه يخف، فأنكست العروس رأسها بخزى.


- أنا أسفه لم أقصد ما حدث.


كان ألمه قد هدأ، فمال نحوها هامساً بتحذير: كفى عن قضم شفتك، وإلا ستندمين.


شهقت متفاجئه، وإبتعدت كذلك إبتعد الجميع من حوله، حين أشار لهم بأن يطمئنهم أنه أصبح بخير،

وحينها هتف بهم.


- لسنا غرباء؛ لنتبع تقاليد مزعجه، ولا أريد أى مشروبات أخرى حين أتي هنا.


تعالت الضحكات، وأدارت العروس وجهها ببسمه معاتبه، لكنه تابع بهدوء.


- أريد أن أتزوجها يا عم، ولكن أموالى الآن..


صمت، ففاجئه كاظم بالمتابعه عنه: أمواله جاهزه، ويرغب بالزواج منها اليوم قبل الغد، وإذا وافقت سنقيم الأفراح.


إبتسم والد العروس بسعاده: ولما لا أوافق؟! إنه إبنى الذى لم أنجبه، لطالما كان، وسيظل هكذا، وأنا أسف لما سمعته عن أخته، لم تعجبنى تصرفاتها يوماً، على كل حال أنا أدرك أنه لا مال معه، ولكن أنا لا أهتم ما يهمنى هو سعادة إبنتى فقط، لذا إفعل ما تستطيعه ونحن أيضا.


تدخل كاظم بثقه: سنعبد تصليح منزله منذ الغد، وسنجهزه بكل ما تحتاجه العروس، وسنقيم لها حفل رائعاً.


- ونحن قد جهزناها بالفعل.


- رائع، إذن فلنجعل الزفاف آخر هذا الشهر.


- أليس هذا باكراً جداً؟!


- بل ملائماً جداً.


كانت سهره عائليه لطيفه، أسعدت الجميع، ثم إستأذن ثلاثتهم، وقد سبقهم العريس طائراً إلى منزله سعيداً، دون حتى أن يفكر بالإستفسار عن أى شىء مما قاله كاظم، فدور منزله بالإصلاحات لم يأتى بعد.


إبتسم كاظم بسخريه: يريد أخى الزواج من إبنتك يا عم... حقاً؟!


أوضحت له أورچيندا: نعم، نحن أُناس بسطاء، ليس لنا بالتكلف شأنكم، كما أننا تربينا معا، أنا أعلم منزلهم كمنزلى، أتحرك به بحريه كيفما أشاء، والأجواء الرسميه لا تناسبنا.


حين أسرعت تسبقه إلى الداخل ولحق بها، إستدارت مقتضبة الجبين.


- كيف ستبدأ تصليح المنزل بالغد؟! ولم يأتى دوره بعد؟!


- لا شأن لكِ.


- ستثير رجال القريه على أخى.


- لا.. بل سأخبرهم أن لولا أخاكى ما أصلحت شيئاً، وهو على وشك الزواج، لذا فيستحق هديه، وهى أن نصلح منزله، ولن يرفض أحد، فما تبقى  ليس بكثير.

أومأت بصمت وإقتناع، فقد كان محقاً، وهذا ما حدث بالفعل، فقد كثف جهوده وأمواله لكى يتم  إصلاح هذا المنزل بجانب إصلاح المنازل الأخرى، والتى إنتهت جميعا قبل موسم الشتاء، وكان الجميع سعيداً بالتغيير الذى طرأ على القريه، وأعطى كاظم حاكم القريه عنوانه؛ ليتواصل معه إذا ما أراد أى شىء منه من أجل القريه، فلسبباً ما يشعر أن أيامه هنا إنقضت، وهذا ما حدث فعلياً حين أخبرته أورچيندا أنها لن تشاركه المطعم، ولا حياة لها بالمدينه، وقد فشل فى إقناعها.


- لما تظنين ذلك؟! حاولى فقط!


- الأمر أننى..


تابع بدلاً عنها مستفسراً: خائفه من الفشل؟


- لا.. ولكنى لا أريد حقاً أن أذهب إلى هناك.


ضاقت عيناه عليها بإرتياب: لا تريدين الذهاب إلى المدينه، أم الذهاب معى؟


- كلاهما.


غلف ملامحه تعبيراً بارداً، وقناع من الجمود وضعه على وجهه، وتمسك به، ورغم ألمها؛ لتباعده، لكنها لن تقترب من رجل ينبض قلبها بعنف لمجرد رؤيته، فتواجدها بجواره خطر خاصه أنه حسن التعامل معها، ولم ترى منه سوى الشفقة والعطف، لكن شعورها الأقوى من هذا لا يعلم عنه شىء، ولن يبادلها إياه.


❈-❈-❈


أقيمت الأفراح، وحضر الجميع، كذلك أختهما التى بدت أكثر ضعفاً وشحوباً، وبحاله يرثى لها، مما أثار حفيظة أخويها، فرغم كل شىء هى تحمل نفس دماؤهما، فسألتها أورچيندا مشفقةً.


- ماذا بكِ يا أختاه؟!


أجابتها ببؤس: لا شىء.


فنهرها أخاها بضيق: لن نتشفى بكِ أيتها الحمقاء!


فإنفجرت باكيه: لقد تعبت كثيراً بلاكما، لقد أتعبنى العمل، وسوء المعامله.


صر أسنانه بغضب: أنتِ من وضعتى نفسك بهذا المأزق، حين أتى لخطبتك لم تُعمِلى عقلك، فقد أتى غيره أقل جمالاً، لكنهم كانوا رجالاً بحق يُعتمد عليهم،   وقد جائكى أفقر منه، لكنهم كانوا لن يدفعوكى للمذلة، زوجك ليس فقيراً معدماً، لكنه بخيل طامع.


إبتسمت بيأس: هذا قدرى.


قضبت أورچيندا جبينها بضيق: أتمنى أن تكونى تعلمتى درسك.


فإزداد نحيب الأخرى: جيداً أختى، وأنا آسفه لكل ما سببته لكما من أذى، لقد رأيت وتعلمت بهذه الأيام ما لم أتعلمه بعمرى كله!


ربتت أورچيندا على ظهرها بحنان: حسنا لا تحزنى الآن.


حين أتى زوجها، وبخ أخويها زوجها بشده لحالتها تلك.


- إستمع إلي جيداً، إذا ظننت أن لمجرد خلاف بيننا سأتركك تؤذيها! فأفق لحالك، أفهمت؟!


توتر بتلك المواجهه الحاده، وحاول تبرير موقفه: أنا لا أؤذيها، هى تقوم بأعمال المنزل مثلها مثل غيرها من النساء، ولكن أختكما يؤلمها فشل كل ما خططت له، كما يؤلمها إظهار وجهها بلا زينه تتباهى بها.


تنهد الأخ بإنزعاج: حسنا، ولكن إجعل لسانك الحاد أكثر لينا معها.


- حسنا سأفعل، ولكن أخبرها أن تكف عن إهدار الطعام بتجاربها الحمقاء! ولتنصت إلى والدتى؛ لتعلمها.


فإعترضت زوجته: إنها عجوز تريد التحكم بى.


تأفف بضيق من إصرارها الأبله: إنها تنصحك؛ لتتعلمين، لن آتى بخادمه مهما فعلتى.


صرت اسنانها بغيظ: أيها البخيل!


- أنتِ لا ينفعكِ سوى هذا، فلو أعطيتكِ المال ستدمرين حياتنا بها.


كان محق والأعلم بخباياها، تلك الفتاة إذا ما أصبح المال بيدها فهى تتجبر، وقد أدرك أخويها هذا، ستتألم ثم ستتعلم، وعطفهما عليها سيضرها أكثر من أن ينفعها، لذا وافقوا زوجها مما جعلها ساخطه أكثر، لكن ليس بيدها أى حيله؛ لتستعطف أى منهم، خاصه وأن هيئتها لم تعد تعاونها، وكاظم حين رآها لم يبدى حتى رغبةً فى إلقاء التحية عليها.


تزوج الأخ، وعادت الأخت مع زوجها إلى منزلهما، وإنتقلت أورچيندا إلى منزل والدى العروس لتقيم هناك مؤقتاً؛ حتى تترك للعروسين مجالاً للإستمتاع بوقتهما دون حرج من تواجدها معهما، وقد قرر كاظم أن يغادر هو الآخر، فحمل حاجياته، وبارك للعروسين، وأغرقهما بالهديا.


ترك القرية دون أن يودع أورچيندا التى باتت ليلتها حزينه؛ لفراقه خاصه وأنه غاضب منها، لكن لا حل أمامها سوى إخفاء ألمها بالبسمه الزائفه، والمرح المبالغ به.


❈-❈-❈


بعد رحيل سلمان، حاولت الخادمة أن تعيد أوصال الود بينها وبين لؤلؤه، ولكن هذه المره ليس حقداً، ولكن إمتناناً، وقد أخبرتها بالحقيقة عن كل شىء، لقد كانت تغار منها لإهتمام رئيسة الخدم بها، وخوفها أنها قد تضعها بمكانها، وهى لديها والده وإخوه صغار يحتاجون المال التى تتقاضاه، وقد أعماها الحقد، فلم ترى أن لؤلؤه لم يكن لها يد فى هذا، ولا ذنب لها، كما أخبرتها أن سلمان ليس بتك البشاعة التى كانت تصفه بها لها، لكى ترهبها فيتم طردها، وأنه أصبح أكثر لينا من ذى قبل، ومن تستحق الخوف منه بحق فهى والدته يليها رئيسة الخدم، أما هو فرجل جيد ينفر تجارة الرقيق ويحاربها بشده، لا يريد لأحد أن يحيا مقيداً رغم أنفه فى خدمة شخص آخر.


بدأتا تعودان للتعامل معاً بلطف ولين، ولكن لؤلؤه أصبحت تحذر منها، ولم تعد تبوح لها بكل ما بقلبها كما كانت تفعل سابقاً.


سعدت لؤلؤه كثيراً بزراعة شجرة الورد، ورؤية نبتتها تنمو، وكذلك تلك الثمرة التى زرعتها، وعلمت أن سلمان أمر بزراعة أخرى، تلك التى تظللها بصوره مريحه للنظر.


تدريجياً تحسنت حالة لؤلؤه، وعادت إلى الحياة نشيطه نضره، رغم أن والدة سلمان أمرت رئيسة الخدم بأن تذيق لؤلؤه الأهوال؛ لتنفث غيظها تجاهها، لكن رئيسة الخدم ولأول مره خدعتها ووافقت رأيها لكنها لم تؤذى لؤلؤه مطلقاً، وساعدها فى ذلك أن والدة سلمان تركت القصر، وغادرت بعيداً بعد رحيل سلمان.


أصبح اليوم بالنسبة للؤلؤه كالغد كالأمس، وشىء ما تفتقده، ولسبب لا تعلمه فإن سلمان يأتى طيفه ببالها كثيراً، ألم تكن تمقته؟! فلما تشتاقه؟! ألا يجب أن تشتاق إلى ليث، الذى لم تعد تذكر ملامحه جيداً.


❈-❈-❈


أصبحت العلاقه بين ليث وورده أكثر من جيده، وتمنى لو يستطيع الزواج منها، لكنه بمأزق حرج، فلا أوراق لهويتهما، ولا يمكنهما الزواج والقبيلة بأكملها تظنهما متزوجان بالأساس، ولن يصدق أحد أنهما يعيشان سويا بنفس الخيمه ولم يحدث بينهما أى شىء.


إستطاع ليث إختلاق أوراق هويه مزيفه لكل الأسرى بمساعدة رجل من القبيله، كانت مزيفه نعم.. لكنها تفى بالغر، وقد كلفته مبلغاً كبيراً من المال.


ذهب ليسلم تلك الأوراق إلى الأسرى، وبطريق العوده إشترى فاكهة ثمينه، ولأنه كان بأفخر ثيابه لكى لا يثير الشك بشأنه إذا ما إلتقى بأحد يعرفه لم يتخيل البائع أنه مجرد حطاب! وقد كانت فاكهة غالية الثمن، لكنها كانت هديه رائعه لورده، وقد أخفى الفاكهة جيداً، وعاد بها إلى ورده التى نظرت إليها متعجبه.


- ما هذا؟!


إبتسم لنظرة الإنبهار بعينيها: إنه التفاح.


قضمت منه قضمه ثم هتفت بحماس: إنه لذيذ جداً، من أتيت به؟!


- من مكان ما.


لم يستطع إخبارها أين كان، فإذا ما علمت أن زملائها الأسرى أصبحوا يمتلكون هويه حتى ولو مزيفه ولكن تمكنهم من الزواج سيؤلمها هذا، فهى بلا هويه، ولا يمكنها الزواج منه، لذا فضّل ألا تعلم عن الأمر شىء.


إستمتعت بطعم الفاكهه، ونظرت نحوه راجيه: هل يمكنك أن تاتى به مجدداً؟


- هذا صعب.


لاحت خيبة الأمل على وجهها: ولما؟!


زوى جانب فمه بسخريه: إنه فاكهة الملوك.


وضعت كفها على فمها بقلق: أتعنى أنه لا ينبغى لنا أن نأكله؟!


إبتسم بحنان، وأمسك يدها، ثم جلس وأجلسها بجواره: لقد خلق الله الفاكهة للبشر كافه على حد سواء، لكن نحن نحيا وسط مجتمع طبقى يميز هذا عن ذاك فقط؛ لأن أحدهما ولد بأسرة ما عريقة ثريه، ولكن صدقينى لا أحد من هؤلاء الأثرياء مميز بالفعل، فمنهم بعض الوحوش التى لا ترأف بأحد فالمال أحيانا ما يميت القلب.


لم ينتبه ليث يوماً إلى ذلك، ولكن ورده بالفعل كانت ذات أهميه كبيره بالنسبة له منذ عرفها، حين بيعت كان منزعجاً بشده، وظل فاقد التركيز أغلب الوقت، ورأسه تضج بالتخيولات السيئه، فينام بلا طاقه ولا يظل سمعه مرهفاً، فسَهل هذا على الرئيس إخراج لؤلؤه من المنظمه، وبيعها، دون أن بشعر بشىء.


أغمض عيناه بضيق، فلؤلؤه لا يعلم لها سبيل، وبكل أسف، كلما فكر بالبحث عنها وصل إلى طريق مسدود، ولا يعلم أين يبحث مجدداً، هل تُراها بخير؟! أم ماذا فعلوا بها؟!


أخرجه من تلك الأفكار صوت ورده المرح: لا تغضب، يكفينى أن أتذوقه مره واحده، وأنا سعيده جداً لهذا، وأشكرك لأجله.


- أتعلمين ورده؟ أتمنى حقا أن أحقق ما أبتغيه.


- وماهو ذاك؟!


- الكثير يا ورده، هناك عدد لا نهاية له من الأشياء.


- وفقك الله ليث.


- عابد.


قضبت جبينها بعدم فهم: ماذا؟!


- إسمى الحقيقي هو عابد.


رفعت حاجبيها مدهشه: أتذكره؟!


أجابها بشرود: لم أنساه يوماً.


- إنه إسم رائع! لما لم تقله من قبل؟! بدلاً من الليث، إنه إسم مخيف.


- بل إسم مهيب، يتناسب مع تلك الحياة.


- أتعلم.. الحياة صعبه، كانت والدتى تقول أنها تزداد صعوبه كلما أصبح الأبناء أكبر، وإزدادت مسؤليتهم


أومأ بهدوء: هذا صحيح، ولكن لم أتيت على ذكر الأطفال الآن؟!


تورد وجهها بخجل: لا شىء، ولكن إحدى العجائز هنا سألتنى، لما لم ننجب بعد؟


حينها شرد يتذكر حديثه منذ عدة أيام مع شيخ القبيله قبل أن يصاب الصبى: لما لم تفكر بالإنجاب حتى الآن؟


إذا كان قد تفاجىء بهذا السؤال، فهو لم يظهر ذلك أبداً، وبدا هادئاً وهو يجيبه.


- لأن ورده لازالت صغيره.


أخذ أنفاساً متقطعه من غليونه، ثم أخرج دخانه ببطأ، وحرك رأسه نافياً.


-  أنت مخطىء.


قضب جبينه: بماذا؟


- الأمومه إحساس فطرى، فإذا لم تشعر الفتاة منذ البدايه بأى صله مع الأطفال، أو رغبه فيهم، فهذا مؤشر قوى يؤكد أن إحتمال رغبتها فى الأمومه أقل.


- وما علاقة هذا بورده؟!


- علاقه أنها ستكون، أماً ممتازه.


ضاقت عيناه: وما أدراك؟!


- إنها رائعة مع الأطفال.


تنهد بضيق، وطأطأ رأسه، ثم تابع بندم: لقد ظلمناها جميعاً، إنها تستحق أن تختارها زوجة لك، تفخر بها.


أومأ بصمت، وحمل حاجياته، وذهب إلى خيمته، لقد جعلت الجميع يهتم بشأنها، ويحترمها، أصبحت الأكثر اهميه هنا بذكائها وعلمها، ولكنه يريد بساطتها، وحبها الذى فقده فى لحظه بلا مبرر.


- ما بك ليث؟!


عاد إلى الواقع، ينظر لها بتقضيبه مستفسره: ما بى؟!


- أراك تشرد كثيراً اليوم!


تأمل وجهها بحب: هل تتزوجيني ورده؟


إتسعت عيناها بتفاجؤ، وغشى اللون الأحمر وجهها الخجول، وبدى الإرتباك على وجهها جلياً.


- ما الذى خطر ببالك الآن؟!


إبتسم لها بعينان ترسل لها عذب الكلمات: أريدك شريكة عمرى، ووالدة أبنائى، أريدك حبيبتى مدى الحياة.


تعالت صوت أنفاسها، وإزداد إرتباكها، فنهضت تبتعد عنه، علها تستطيع التنفس بإنتظام، وتهدىء من رجفة قلبها المضطرب، لكنه قبض على ساعدها، وأعادها إلى جواره، وهو يتفحص ملامحها، يحاول قراءة ما تخفيه عينيها، فحتى حين أخبرها بعشقه لها منذ فتره وجيزه، لم تخبره بشعورها نحوه، فهل هى مرغمة على الصمت؛ لأنها ممتنة له، أتراها فقدت شغفها به أم ماذا؟!


كان يستطيع بالسابق فهمها، لكنه منذ تيقن أنه يحبها، وقد أصبح كل شىء يربكه.


- ألم تعودى ترغبى بى؟!


إتسعت عيناها بدهشه: هل كنت تعلم؟!


- أجل.


- ولكن.. كيف؟!


تنهد بحب: كنت أحبك، وأعاند نفسى، كنت أفهمك أكثر من نفسى، وأفطن لكل ما تقولينه.


شهقت بخجل: أتعنى أنك كنت تعى ما أتفوه به ساخطه أحياناً؟!


- نعم، ولكن هل لازال كما كان؟!


- ما هو؟!


- قلبك؟


أومأت بخجل، فصاح بانتصار جعلها تزداد خجلاً، وتعاتبه. 


-كفاك ليث، ستجمع حولنا القبيله!


تلاشى خجلها وفرحتها، وعبست منزعجه، فسألها بقلق.


- ما بكِ؟!


- كيف سنتزوج؟! سمعت عن زواج سيعقد بعد يومين، وعلمت أن لكى يتم الزواج لابد من أوراق هويه للعروسين، ونحن لا نملكها!


صمت يتأملها للحظات، ثم تمتم متسائلاً: ألا يمكننا الزواج بلاها؟


- لقد سألت الشيخ عن هذا، لما لا يتزوجان بلاها، فأخبرنى أن  بدونها لا زواج.


- الجميع هنا يعلم أنكِ زوجتى، وأساس الزواج الإشهار.


- وما الذى يعنيه هذا؟!


- يعنى أن يعلم الجميع أننا متزوجان.


- ولن نعقد العقد؟!


- أجل.


- ولكن...


- ألا تثقين بى؟!


- بلى، ولكن لا أعلم، كل ما بالأمر أننى أشعر أن هناك شىء غير صائب.


- حسنا فكرى بالأمر، وأخبرينى برأيك.


- حسنا.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة