-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 19 - الأحد 25/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل التاسع عشر

تم النشر يوم الأحد

25/8/2024



لم يكن كاظم وحده من يعانى، فقد كانت أورجيندا تعاني أيضاً من غيابه، وحاولت شغل نفسها بالعمل، فقد أنشأت لنفسها مطعماً صغيراً بقريتها، أصبحت تسكن به، وقد رفضت مطلقاً أن ترجع للسكن مع أخيها، لكي لا تكون مجرد عبئاً مزعجاً له ولزوجته، وقد نجح عملها، ولقد إنتشر صيتها، ولكنها كانت تعيسة رغم هذا، رغم أن الأموال أصبحت تتدفق بكثره بين يديها، إلا أنها تشتاق إلى كاظم، ولكن كرامتها تمنعها من مراسلته، حتى إلتقت بحاكم القريه ذات يوم وسألها عن كاظم، وقد كان متلهفاً لمعرفة أخباره، ولكنها لم تكن تعلم عنه شيئاً، فتعجب حاكم القرية فقد رأى الإعجاب الشديد بعينا كاظم تجاهها، وتوقع أنهما يتزوجان قريباً، ولكن ذلك لم يحدث،  وقد مر الوقت يوماً بعد آخر، وهما مازالا لم يتزوجا، فأحزنها هذا الظن؛ لأنه ذكرها بشعور لم تستطع نسيانه لحظه، وضغط على جرح قلبها الحزين، فشردت تحلم بملامح كاظم، وتتذكر نظرته لها، صوته القوي، لقد كان يهتم بشأنها، ولكن يبدو أن هذا الإهتمام مجرد شفقه، وعطف لا أكثر ولا أقل، عطف على قريبة بعيده له، أراد مساعدتها كما ساعد أهل قريتها، لكن الحاكم لم يقنع بهذا الحديث، وأصر على أن كاظم يعشقها،  فإعترفت له باكيه أنها تحب كاظم، وترغب بالزواج منه، ولكنها ليست بمستواه الإجتماعي، ولا تناسبه مطلقاً، هو يشفق عليها كشفقته على الأيتام والبائسين، فهدأ الحاكم من حزنها، وساير حديثها حتى علم منها كل شيء، ثم راسل فيما بعد كاظم يسأله عن سبب عدم تقدمه للزواج من أورجيندا، دون علمها، وتفاجىء بكلمات كاظم التي تؤكد أنه رغب بها، لكنها هي من لا تريده! فقد عرض عليها الشراكة بالعمل، والسفر معه إلى المدينه، ولكنها رفضت أي عمل قد يربطها به، ورفضته أيضا، فقد رفضت القدوم معه بأي صوره من الصور، ولن يدعس على كرامته، لكى يقنعها بشيء لا تريده، فمن حقها أن تختار من تريد، ولا أن يجبرها على شيء، فقط لأنه يساعد قريتها، كلماته أكدت للحاكم ظنه، فكلهما متحابان، وكلاهما أحمقاً، لذا أرسل إلى كاظم، ليأتي إليه ويتحدث معه بشأن ما هام بالقريه، لكنه لم يخبره ما هو؛ ليدفعه إلى المجىء، وقد وافقه كاظم، لكنه أرجئ الأمر بعد أن فاجئه ذاك الثرى مرة أخرى.


❈-❈-❈


فحين أرسل الثرى إلى كاظم يخطره بوجود خطب جلل لابد وأن يخبره إياه، لم يبالى كاظم بهذا كثيراً، ولم يرد خبره فهاتفه الثرى، فحمل رئيس الخدم الهاتف إلى كاظم، الذى إنزعج من تلك المكالمه، ألا يمكنه الإستمتاع بالهدوء قليلاً، لو فقط لم يخترعوا الهواتف، لنعِم بهدوء وحدته القاسيه.


- سيد كاظم؟!


تنهد كاظم بضجر: ومن سواه؟


- لدى خبر رائع لأجلك.


زوى جانب فمه بسخريه: أبهرنى.


هلل الرجل بصوتٍ صاخب: لقد عاد.


- من؟


- إبن أخاك.


إتسعت عينا كاظم بتفاجؤ: ماذاا؟! أتهذى أنت؟!


- لا سيدى، لقد رأيته.


حذره بغضب: إذا كنت تكذب، أو سكير، فسأقتلع عيناك لكى تكف عن رؤية الحماقات.


لكن الرجل أصر على موقفه: لا سيدى، أقسم لك.


- وما أدراك أنه إبن أخى؟!


- حين ستراه ستعلم سيدى.


- حسنا هاته، ولنرى.


وضع كاظم الهاتف على الطاولة أمامه، ونهض ينظر أمامه بضيق، فساله رئيس الخدم بقلق: ماذا هناك سيدى؟


أجابه بجمود: لقد عادت الأموات إلى الحياة!


- لم أفهم!


خرج من جموده، ونظر حوله بإنزعاج: لا يهم، المهم  هو أن هناك رجلان سيحضران بعد قليل، أريد منك أن تخبرنى فورا بمجرد وصولهما.


- أمرك سيدى.


غادر رئيس الخدم، بينما ظل كاظم يقطع الغرفه ذهاباً وإياباً، والتوتر يشتد بنفسه، ينتظر بشغف لقائه حتى دخل رئيس الخدم مجدداً.


- سيدى وصلا الرجلان، وينتظران رؤيتك بالخارج.


لاحظ كاظم إضطراب رئيس الخدم، فضاقت عيناه بإرتياب.


- ماذا هناك ؟!


تلعثم بإرتباك: إنه.. أقصد.. أحدهما لا يفرق عنك سيدى سوى بعض الخصلات الرماديه التى تملكها برأسك!


إتسعت عينا كاظم بدهشه هل بحق عاد عابد؟! لقد كان والديه يمزحان دوماً بشأن التشابه الكبير بين عابد وعمه منذ الصبى، فقد كان يشبهه بصباه، فهل حين كبر أصبح مثيله؟! حسنا لا داعى للتفكير طويلاً، فالآن كل شىء سيظهر.


خرج كاظم يسير برزانه، يخفى لهفته حتى تجمد بأرضه حين رآه، فهمس لنفسه.


- يا ويلى! وكأنى أرى نفسى بالمرآة منذ عدة سنوات.


تقدم منه، فوجده يقف جامداً بارداً متباعداً، وكأنه مجبر على التواجد هنا.


- ما إسمك يا فتى؟


- ليث.


حدجه بنظره إعتاد تهديده بها بصغره: إسمك الحقيقى!


لانت نظرة ليث البارده قليلاً، وأنكس رأسه: عابد يا عماه.


إبتلع الآخر ريقه بصعوبه، فتلك كانت ردة فعل عابد دوماً، وكاد كاظم يسأله عن ابنته فباغته ليث بالرد.


- لقد ضاعت منى أمانتك التى عاهدتك بحفظها.


إتسعت عيناه بصدمه: كيف؟!


- غدر بى أحدهم وفقدتها.


تقدم كاظم نحوه بسرعه مخيفه، ووقف ينظر إلى عيناه المليئة بالندم، ثم صفعه بحده آلمته، لكنه فقط شدد قبضة يده؛ ليمنع نفسه من الإنقضاض عليه، فهو من فرط بتلك الأمانه، لكنه صُعِقَ حين ألحق صفعته بجذبه إليه، وإحتضانه بشده، وحينها ذاب الثلج من على قلب ليث، وبادله إحتضانه بقوه، فطرق كاظم على ظهره بود ولطف، ثم أبعده يتأمل وجهه.


- يكفينى عودتك، لقد فقدت الأمل برؤيتكما مطلقاً، والان تجدد الأمل من جديد، لقد عادت لى الحياة بعودتك بنى.


إبتعدا بعيون حمراء متأثره، وذاك الأبله يشاهدهما بتأثر زائف، فطن له كاظم فوراً.


- أخبرنى ما الذى تريده كمكافئه؟


إبتسم بتملق: سيدى، أنت تعلم.


أومأ بهدوء: تريد شراء فاكهة حدائقى هذا العام، أليس كذلك؟!


- بلى سيدى.


إنزعج كاظم من تذلله هكذا: لست سيد أحد، فكف عن هذا، وتعالى بالغد بأموالك لتأخذها،


هلل الرجل بحماس: أشكرك سيدى أشكرك.


تأفف بضيق وأشار له: غادر.


- حسنا.


غادر الرجل، فنظر ليث إلى كاظم متعجباً: أهذا الرجل أحمق ؟!


أشار له بالجلوس، غير مبالياً بثيابه الرثه: لا، إنه تاجر، وصفقه كهذه سترفع من شأنه، فثمار فاكهتى ليس لها مثيل بالمملكه.


أومأ بتفهم: فهمت، صفقه مربحه، لكنه يستطيع شراءها منك دون كل هذا.


- لا يستطيع، فأنا أقيم مزاداً عليها كل موسم قِطاف، ومن يدفع أكثر يشتريها، ولا يمكنه منافسة التجار الأكثر ثراءاً منه، إنها تجارة يا بنى، تحتاج الإصرار والمثابره، ولا يمكنه المجازفة، فقد يرتفع السعر بصوره لا تصدق، وحتى يجمع المبلغ من هذا المحصول أمامه الكثير، ولن أترك له الوقت لهذا، فمن يأخذها لابد له من وفرة المال بغزاره، لكى يجهز أيضا الأماكن والإمكانيات؛ لحفظها دون تلف، سنتداول أنا وأنت لاحقاً هذا الأمر،ووستتعلم الكثير.


صمت كاظم للحظات، ثم سأل عابد عن ما مر به فأخبره القصة كامله، منذ غادر هذا القصر صبياً حتى عاد إليه رجلاً.


أومأ كاظم بهدوء، ثم سأل عابد بلهفه لم يستطع إخفائها.


- أخبرنى من تشبه؟


أدرك عابد أنه يسأله عن لؤلؤه فأجابه بضيق: والدتها.


هتف كاظم بحماس: علمت هذا، إنها إبنتى.


قضب جبينه متعجباً: ماذا هناك يا عمى؟!


- لقد رأيتها.


قفز عابد بكرسيه، ينظر إليه بعدم تصديق: حقا! أين؟!


- بقصر سلمان.


- عدو العبيد؟!


صحح له كلماته: عدو تجار العبيد، هناك فرق.


لكن عابد لم يهتم وصر أسنانه بغضب: ذاك المنافق، مادام يعادى تلك التجارة، لما إشتراها؟!


- إنتظر، أنا أعرف سلمان جيداً، لا يمكنه فعل هذا لكن...


- لكن ماذا؟!


- قد تفعل هذا والدته، إنها أفعى خبيثه.


- ولكن لما؟!


رفع كتفيه: لا أعلم بالضبط،من الممكن أنها أرادت إحراج مركز سلمان، أو تشعر أنها إنتصرت عليه، وخدعته، أو أى إن كانت أسبابها، فهى مختله لا يمكن التنبأ بأفعالها، الغريب أن إبنها وزوجها رجلان رائعان، وهى مجرد حمقاء مغتره بنفسها.


❈-❈-❈


خرج الطبيب وأخبر سلمان وعلي أن ما بتلك الفتاة، هو إغماء من الجوع، والعطش، والإرهاق الشديد، خلاف ذلك هى بخير !


رفع علي حاجبه مستنكراً: خلاف ماذا؟! وما الذى تبقى لها؟! الفتاة كادت تفارق الحياة!


قضب الطبيب جبينه بإنزعاج: وما ذنبى أنا أيها السيد، أنا فقط أخبرك بما حدث!


- حسنا وما العمل؟!


- ستبيت ليلتها هنا, وسنغذيها من خلال الأدويه؛ لتستعيد عافيتها، ثم تأخذها، وتواظبان على تغذيتها جيداً.


تدخل سلمان، قبل أن يتمكن علي من قول أى شىء:  حسنا نشكرك.


نظر له علي مستفسراً:  هل سنبيت هنا، أم سنترك الفتاة؟!


- سنبيت هنا، ونأمر السائق أن يعود من حيث أتى بنا.


- وكيف سنرحل من هنا بدونه؟!


هتف بسخط: هل أنت أبله، أم ماذا؟! إنه جاسوس أباك، نريده أن يغادر، أم تراك ضجرت من زوجتك، وتريد التخلص منها؟!


هتف بذهول: ماذااا؟! لا أنا أحبها!


- حسنا إتبع نصيحتى.


- لكن كيف سنصل إلى المنزل؟!


- حين يغادر بالصباح، ستكون الفتاة بخير، ونغادر.


- هل سنأخذها معنا؟!


- أجل.


- ولكن...


- إستمع إلي، الفتاة تعانى، سنستفسر منها عما أوصلها إلى تلك الحالة، وإذا لم ترغب بالعودة إلى أهلها، وهذا شىء أكيد بعد حالتها تلك، سنأخذها معنا تمكث مع زوجتك.


- لما؟!


- زوجتك قد تلد بأى لحظه، وتحتاج من يكون بجوارها، وأنت لا يمكنك التواجد معها بإستمرار ،أو أن تأتى كلما رغبت بهذا، ولتطمئن عليها ستكون تلك الفتاة بجوارها.


- أخشى أن تكون تلك الفتاة حيلة أخرى من أبى.


- هذا مستبعد.


- لما؟!


- لأن السائق لم يدرك بعد أننا كشفنا أمره، كذلك والدك، فلما سيرسل غيره.


- لا أعلم، أنا فقط أصبحت لا أثق بأحد.


- أنت تسىء الظن بالشخص الخطأ، وتحسنه كذلك بالشخص الخطأ.


بدى السخط على وجه السائق، حين أخبره علي بأنهما سيبيتا ليلتهما هنا، وأمره بالعوده، فحاول السائق إقناعه بلطف أن يظل فقد يحتاجه، لكن علي رفض تماماً، وغادر السائق مضطراً.


❈-❈-❈


فى الصباح إستيقظت ورده، وفهمت من الممرضه أنها بالمشفى، وقد أحضرها رجلان لم يتركاها حتى الآن، فتعجبت لذلك، وطلبت لقائهما، وإزداد تعجبها حين رأتهما، ووجدت أنها لا تعرف أى منهما مطلقاً، وقبل أن تسألهما سألها سلمان.


- ما إسمك؟


- أدعى ورده، وأنتما من تكونا؟!


- نحن من وجدناكِ على حدود الصحراء، تلتقفين أنفاسك الأخيره، فهل تريدى العودة من حيث أتيتى، أم تأتى معنا.


إتسعت عيناها بخوف: أتى معكما إلى أين؟!


فأشار سلمان نحو علي: هذا الأبله لديه زوجه حامل، ولكنه يضطر لتركها وقتاً طويلاً وحدها، وتحتاج شخصاً ما بجوارها يرعاها، ويهتم بها، وأنت مناسبه تماماً لهذا الدور.


- وما أدرانى أنك صادق، ولا تخدعنى، هات لى بدليل.


- لا دليل لدى، وإذا لم يعجبك الأمر، فحين تخرجى من المشفى إذهبِِ حيث تريدى.


فكرت قليلاً أين يمكنها أن تذهب، قد تلتقى بالرئيس أو تلتقى بما هو أسوأ، فوافقت وغادرت برفقتهما، وظلت تنتفض رعباً، وسلمان يتأفف لذلك حتى رأت زوجة علي، ومنزله الممتلىء بالخدم، فإطمئنت، حينها فقط، سألها سلمان.


- لما كنتى تنتفضين؟!


قضمت شفتها السفليه بحرج: كنت أخشى أن تكونا كاذبين.


رفع حاجبه: هذا فقط!


- أجل.


- أمتأكده؟! لن أغضب.


تعجبت لإصراره: ولما تغضب؟!


- قد يكون خوفك لنفورك منى.


- ولما سأنفر منك، وأنا لا أعرفك، كما أن وجهك حسن الملامح، يجذب الفتيات لا ينفرها!


تدخل علي: أعتذر بالنيابة عنه، فهو يحب من تنفره.


وكزه سلمان بإنزعاج: أتعلم أنا أحمق؛ لأنى أخبرتك.


تنهد علي بضيق: كلانا حمقى، هيا لنتناول الطعام.


حين أصبحت ورده وحدها، شردت تتذكر ليث، فبدأت تبكى وتنتحب، ثم إزداد إنفعالها، فبدأت تصرخ بيأس، وتصفع نفسها بحده.


- إبكى أيتها البلهاء، إبكى أكثر، فأنتِ لم تتعلمى شىء، إبكى لكى لا تعيديها.


أتت زوجة علي إثر صراخ ورده: ماذا تفعلين؟!  هل جننتِ؟!


- بلى.


- لما تضربين نفسك؟!


- لأننى حمقاء، كيف صدقت أنه قد يحبنى، لقد عشقها طوال حياته!


- هل خانك حبيبك مع أخرى؟


- لم يكن حبيبى، لم يكن كذلك، أحببته وأراد إذلالى، لما؟! أخبرينى لما؟!


- سبل الرجال غامضه، وأنا لا أستطيع أن أساعدك، مادمت لا أعى ما القصه؟!


ضربت ورده بحده على صدرها، وهى تصرخ: إنه هذا الأبله، الذى يتعلق بالمستحيل، يبكى لمن لا يريده، لقد إقتلع فؤادى، وإعتصره بمنتهى القسوة، دون أن يبالى بى.


كانت ورده منهاره  بشده، وظلت هكذا حتى جلس معها علي وقص لها قصته، فإزداد نحيبها، لأنه بمنتهى الغباء زاد ألمها، فقد شبهها بليندا، ولكن حديث سلمان ما هدأ حزنها، فحياته كتلة حزن متحركه، من أم مهمله، لأخ صغير فقد حياته، للكثير والكثير من الألم، فهدأت لأنها ليست وحدها من تتألم.


غادر علي وسلمان؛ لقضاء بعض الأعمال بمكان قريب، وقد ظن السائق الذى بات ليلته متخفياً، ينتظر أن يخرجا من المشفى، أنهما عادا من حيث أتيا، ولم يكن يعلم أنهما على مسافةٍ قريبه وسيعودان، فأرسل إلى السيد فاخر يخطره بمكان زوجة إبنه.


❈-❈-❈


أراد فاخر التخلص من تلك الزيجة التى لا تليق بمركزه الإجتماعى، حيث أرسل بعض من الرجال قاموا بإقتحام المكان، وأشعلوا النيران فيه، وإرتفعت الصيحات المستغيثه، وورده وزوجة علي كانتا بحاله يرثى لها، وإستطاعت ورده بصعوبه أن تنقذ زوجة علي، فقد تسللت بين دخان النار، وخرجت من المزرعه إلى شاطئ البحر، وسندت زوجة علي حتى أوصلتها إلى غابه بعيده، ووضعتها بجوار الشجره، وأسرعت بالبحث عن الماء والطعام لأجلها، بينما كان علي وسلمان عائدان إلى المنزل، فوجدا ألسنة اللهب ترتفع أعلاه، فدب الرعب في قلبيهما، وأسرعا بالدخول، والبحث عن الفتاتين، ولكن بلا مجيب مهما إرتفع صوتهما، وإجتمع الناس من كل حدب وصوب لنجدتهما، ولكن لا أثر للفتاتين، وقد فر الخدم بصعوبه من النار، فصرخ علي بيأس، وهو يبكي على زوجته، وبعد وقتاً ليس بقليل إستطاع سلمان تهدئة روعه، فمادام لم يجدا جثمانها، فهذا يعنى أنها مازالت على قيد الحياة، وذلك أعطاه الأمل من جديد.


إستطاعت ورده بصعوبه مساعدة زوجة علي، وخاصه أن الأمر تفاقم، فقد أتاها المخاض، وورده لا تعلم أي شيء عن الولاده، ولكن تحت توجيهات زوجة علي إستطاعت مساعدتها حتى أنجبت صبياً فاتناً كوالديه،  ومن ثم أشارت إلى ورده على الطريق العوده ووصفته لها بدقه، حيث إستطاعت ورده العوده إلى المنزل المحترق، ووجدت هناك علي في سبيله إلى الرحيل، فصرخت به بفزع، وبدأت تهرول خلفه، حتى لحقت به، وكان الذهول هو رد علي على وجودها بخير،  ثم أخبرته أن زوجته بخير، وقد أنجبت صبياً له، فأسرع يركض معها ومع سلمان، وحين وصلوا إحتضن علي زوجته وإبنه بلهفه وبكاء.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة