-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية الجزء الثاني لريناد يوسف - الفصل 16 - الخميس 26/9/2024

   

قراءة رواية عقاب ابن البادية الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل السادس عشر

تم النشر يوم الخميس

 26/9/2024

❈-❈-❈

ابن الباديه الفصل ٥٢


نظرت خولة للخنجر و ردت علي عوالي وهي تزدرد لعابها بخوف:

- ياعمتي هدي حالك والله ماكنت اادري أن اللي تريد تتزوج يذبحونها؟!

- لامو اللي تريد تتزوج، اللي تسوي سوايتك يذبحونها.

- ياعمه والله انا ماكنت ناويه شر وكنت مفكره انه شي عادي.

مايزه:

- ايش هو الشي العادي ياقليلة الحيا، والله مامر علي بحياتي كلها بنية سوت اللي سويتيه.

-ياناس ايش اللي سويته كلها حفنة بول ماعز وصالحة عايشه ماماتت ولا جرا عليها شي.

- بول.. بول ايش يامخبولة؟

- بول ماعز ياعمتي، بس اريد اعرف انت متى دريتي، هو انا هربت من الخيمة وجيت طوالي، وربي إذا الكلمة تطير انا بكون وصلت قبلها! انت مخاوية جن ياعمتي وتسمعين اللي ينقال بالخيام؟

- جن يجننك ويجنن امك.. مايزه اتركيها وروحي جيبي صالحة اريد اعرف بيش تخربط وتهذي هي المخبوله. 

أسرعت مايزه نحو خيمة صالحه واحضرتها لخيمة الشيخة عوالي على الفور، وحين دلفت صالحه ورأت خوله هجمت عليها تريد ضربها، فأوقفتها عوالي بغضب

- كُفي يدك بحضرتي ياصالحة واتركي عقابها لي، انت بس احكيلي ايش اللي صار وماعليك بيها. 


فاخذت صالحة تقص على الشيخة عوالي ماحدث، وما إن وصلت عند جزئية بول الماعز إنفجرت عوالي في الضحك وحتى مايزه لم تسيطر على فمها وضحكت، وخاصة حين أمسكت صالحه بطنها بألم وكأنها تتوجع،ونظرت عوالي لخوله وقالت:


- تعرفي إنك السبب بأول ضحكة تطلع مني من بعد موت خوي منصور ولزوم تتعاقبين لانك قطعتي حدادي؟ 

 

- ياشيخة اعرف إن اللي يضحك حد ياخد حلون مو يتجازى ويتعاقب! 

- لا انا غير.. انا اللي يضحكني بحدادي على خوي اعاقبه واكويه بالنار. 

- لا بالله عليك ياشيخة احب علي رجولك انا مااتحمل كي بالنار، احرقيني كلي ولا تكوي مني جزء. 


انهت كلماتها وخرت تحت اقدام عوالي وأمسكتهم وقبلت ركبتيها وهي تنظر لها، وحين اطمانت لإبتسامتها قالت:

- اقول ياشيختي.. اكويني كي صغير بس زوجيني، والله مليت من صالحه وافعالها وخدمتها هي وولادها، وغير هيك اريد اجيب ولاد العب بهم واضربهم واتفشش فيهم إذا حد زعلني. 

- يبعتلك وبا ياخوله ينهي عمرك قولي أمين. 

- اعرس واللي يجي يجي.. بس امانه عليك ياعمه شوفيلي عريس زين، انا ماراح اعطيك اسامي من شباب القبيلة إنت وذوقك واختيارك، واذا اللي اختارتيه لي شاف روحه ورفض قوليله خوله عندها ٥ غنمات ملك وعنزتين، ومستعده اعطيهم له كلهم، وانت وشطارتك ياعمة إذا خليتيه يفوت لي منهم شي خديه انت لكي حلال عليك. 

ضحكت عوالي أكثر على صفقة خوله وأشارت لها بيدها كي تغادر الخيمة، وبالفعل غادرت، 

وصرفت صالحه أيضاً بعد وعد منها بعدم التعرض لخوله وأن تسامحها، وطمأنتها أن لا قلق من بول الماعز عليها مادامت خوله تسقيه لها منذ فترة ولم يحدث لها شيء. 


وبعد أن غادرتا الخيمة نظرت عوالي لمايزه وأردفت بجدية:

- مايزة بعيد عن  الضحك وهبال خوله بس انا عرفت الحين إني مقصرة وااجد بأمور مشيختي وفيه اشيا مامنتبهتلها.. البنيات الماحد يقرب صوبهم وينهي عليهم بدهم مساعدة منا، وبنفس الوقت الشباب اللي مايعرسون لجل مامعم قروش لزوم نحصرهم ونوفقوا بالحلال وما نتركوا بنيه بالقبيلة بدون زواج ويصير حالها متل حال خوله ومانلاقوها إلا هاجمة عالخيام تقول اريد اتزوج،

 وإذا خف عقلها تهجم على خيام الوليدات، وانا بديت اخاف ومتل ماتشوفين الفوانص كترن بقبيلتنا ولزوم نسيطروا عليهم. 


- معك حق ياشيخة، انا غدوة بجمع كل حرمه حداها وليد شاب وسنه كبر ونخلوها تخيره بين بنيات القبيلة اللي كبرن ونوفقوا بينهم،واليريد مساعدة على الله وعلى الشيخ قصير وهو مايتأخر.

- وعلي انا من بعده والله يقدرني. 


أما في وقت سابق.. 

عاد سالم من الحضر واحضر معه لمزيونه كل مالذ وطاب والكثير من فاكهة السفرجل حسبما اشتهت، ودخل عليها الخيمة وكانت جالسة تغزل الصوف، فإقترب منها وهمس:

- حيالله المزيون اللي يغزل بيديه الحلوات. 

- ياهلا وكل الهلا بنبض القلب وضو لعيون، توا الخيمة زاد نورها ورقصت  من فرحة رجوع راعيها. 


- تعي تعي شوفي ايش جبت لك. 

إقتربت منه مزيونه وجلست بجانبه وقبل أن ترى شيئ امسكت كفة يده وقبلت باطنها بعد أن همست له:

- تسلم اليد اللي شالت وجابت. 

تبسم سالم ورد لها القبلة علي جبينها، فأمسكت هي واحدة من السفرجل وقضمتها على الفور وهي تقول:

-الف حمد لك ياربي كنت خايفة ماتلاقي سفرجل والوليد مايجي حلو، والحين بس ارتاح قلبي. 

- عن أي ولد تتكلمين انت؟ 

- ولدنا ياسويلم، ولدك.. بذرتك اللي انزرعت بحشاي وتكبر كل يوم. 

- نظر لها ثم سألها وهو غير مصدق:

-بربك تحكي الصدق يامزيونه؟ 

- وربي ماقولت إلا الصدق، انا حبله بولدك ياسالم. 

أمسك يدها وجذبها برفق لأحضانه وضمها لقلبه، لم ينطق بلسانه ولكن فرحته كانت تغني عن الكلمات، فمنذ زواجهم ولليوم لم يجلس معها إلا وسرت خاطره وأسعدت قلبه، وهاهي الأن تحقق له اعظم أمانيه، وتعطيه الإبن الذي كان يحلم به. 


إبتعدت عنه ونظرت لعينيه وهي مبتسمة،فرد لها الإبتسامة وتاه في بريق عينيها الذي يعكس فرحتها، ثم اخذها بين ذراعيه وبدأ يكافئها على هذا الخبر العظيم بطريقته الخاصة. 


أما عند رجوه في الخيمة.. 

- بربك يامسك سمعتي رابح يقول عقاب جاي؟ 

- اي والله سمعته يحكي معاه بالنقال ويقوله غدوه لزوم تيجي قبل سفر عمي قياتي، رابح رايد يشتغل بالسيارات ويريد عقاب يفتهم من عمي قياتي وبعدها يفهمة ويساعده يسوي شركته. 


دارت رجوه حول نفسها بفرحة، فها هو عُقابها يعود لها مرة اخري، وستضع الآن كل النقاط على الحروف.. 


وبالفعل حضر آدم في اليوم التالي، وكانت رجوة في إستقباله على مشارف القبيلة، والغريب أنه لم يعيرها اي إهتمام، وكأنها هواء! 

وما أوجع قلبها حقاً هي الحلويات التي أحضرها معه من الحضر وأعطاها كلها لبنات قياتي ولم يكلف خاطره أن يعطيها منهم! 

وهو يعلم أنها تحب الحلويات وتشتهيهم، فمنذ وقت طويل لم تتذوق شيء، منذ أن توقف سالم عن إحضارهم لها. 


أما آدم فكانت حركة مُتعمدة منه كي يُشعرها بأنه ليس فانوس سحري آخر كلما فركته أتى لها بما تحب ووقتما تحب. 


فعادت للخيمة مكسورة الخاطر، وأجهشت بالبكاء وهي تشعر بإنها واقفة على اعتاب حياة آدم، لا تعلم إن كانت ستدخلها أم ستظل دائما هكذا على الاعتاب تطرق الأبواب ولا مُجيب يفتح؟! 


مرت ساعات النهار وخيم الليل، وتأخر الوقت كثيراً، واخيراً قررت رجوه مغادرة الخيمة والبحث عنه؛ هو غالباً يظل مستيقظاً بهذا الوقت وكانت تعرفه من ضوء غرفته المُضاء، ونظراً لأن غرفته مُحتلة الآن بحثت عنه في كل الأماكن الأخرى حتى وجدته جالس عند البئر يتحدث بالجوال، تقدمت منه بغضب وبأقدام تضرب الأرض ثم هدرت به دون سابق إنذار:

- ياعقاب اريدلي بر ارسى عليه الحين.. أنت تريدني ولا ماتريدني، ناوي تاخذني لك ولا بس معشمني عشم كذاب؟ اريد جواب والحين. 


-إيش هالطريقة وهالأسلوب يارجوه! من متي وانت أو غيرك تحكي معي هيك؟ 

-بالله عليك اتركك الحين من الطريقة والأسلوب وجاوبني.. قديش راح اضل متعلقة بالهوا معك ماطايله سما ولا أرض؟ 

 صمت آدم ولم يجبها ونكس رأسه أرضاً، فتجمع الدمع في مقلتيها وارتجفت شفتيها وهي تهمس له:

- من السكوت عرفت الجواب..طلعت كذاب ياعقاب. 

قالتها وإبتعدت بخطواتها للخلف ثم استدارت وأسرعت ناحية الخيول وقامت بفك وثاق احدهم وركبته وانطلقت به بأقصى سرعة. 

كل هذا تحت ناظري آدم الذي ضرب حافة البئر بقبضته وهو يراها تنطلق في الصحراء غير آبهة لا بوقت ولا ظلام، فنهض وتوجه لمكان الأحصنة واخذ حصان آخر وإنطلق خلفها.. 


-وقفي يالمهبوله وقفي لوين ودك توصلي.

- اتركني بحالي ليش لاحقني، عاااود عاود.

إقترب منها أكثر فترك لجام فرسه وحرر اقدامه من السرج واستعد للقفز، وبحركة سريعة قفز على حصانها ليكبلها بجسده فوق الحصان، ويلتقط منها اللجام ويتحكم بها وبالحصان معاً ويوقفه.. من ثم همس لها وهو يصك على اسنانه:

-ويش قولك لو اربطك واتركك فريسه للضباع الليله والصبح تجي الغربان تتريق باللي ضل منك وبعدهم اجي انا اخد عضامك وادفنهم وارتاح منك ومن هبالك.


اردفت بصوتها الذابل من قربه وهي تحاول تهدئة قلبها الذي يستغيث الآن من هذه الرائحة التي تشبعت بها انفاسها، والتي تعشقها حد الجنون:

-اربطني واتركني لو هالشي يريح بالك.. انا اي شي منك راضيه بيه وأي شي تسويه بي اني خدامتك وماراح تشوف مني غير الطاعه.

تنهد بقلة حيلة وقفز سريعاً من فوق الحصان ناهياً لهذا القرب المهلك، فهي جميلة حد اللعڼة وتعشقه وتبدوا بين ذراعيه كقطعة من الحلوى، وبمفردهم تحت جناح الليل، وهو شاب ېحترق حرماناً، ولو أنه بقي قريباً اكثر لضعف متناسياً صديقه وحبيبته ومتناسياً العالم، فهو بالنهاية رجل، ولا يوجد رجل يستطيع مقاومة كل هذه المغريات، ففاتنة البادية بين يديه ترجو وصاله، ولولا أنه قوي لنضبت قوة تحمله ورضخت مبادئه لسطوة شيطانه الآن.



سار هو يمسك بلجام حصانها بيد ولجام حصانه باليد الأخرى حتى وصل اطراف البادية، متجاهلاً رجائها له طوال الطريق بان يهبها فرصة واحدة فقط وتعده بأنه لن يندم إن فعلها، وتحاول التأثير فيه بكل ماتعرف من عبارات تفتت قوة الرجل لو كان صلباً كالحجر، ولكن كعادته لم يتأثر ولم يرف له جفناً الى أن توقف بالأحصنة، 

فأنزلها وتركها واقفة تتأمله والحسړة تأكلها،

وأخذ الأحصنة يعيد تقييدهم، وانتظرت هي عودته لتحاول معه مجدداً بلا كلل، ولكنه تركها مبتعداً، ودلف سريعاً لخيمة الشباب هارباً منها، وهو لا يعلم سبيل للتخلص من شعوره بالندم على ما سوله له عقله لجزء من الثانيه، فهي في نظره خېانة لا تغتفر، والخېانة ليست من طباعه ولم يكن يوماً لها اهلاً.


تفحص صياح من وسط النيام فوجده يغط في نوم عميق، فرفع جزء من الخيمة وخرج من الخلف حتي لا تراه إن كانت لازالت واقفة، وأخرج هاتفه بعد أن تمدد فوق الرمال وقام بالضغط على رقمها، وفور أن أجابته بصوتها الناعم الناعس همس منتشياً:

- يااااابااااه دخيل هالصوت وصاحبته، أحبنك وربي وأروحلك فدوه وإشتقتلك ووااااااجد.


- واحنا ايش حكينا قبل؟ 

- اعذريني بس وقت يزورني الشوق مااملك من أمر قلبي شي ولا اقدر اتحكم بروحي. 

- آدم جلسة ماما إتحددت في المحكمة الاسبوع الجاي. 

وهنا عاد آدم من عالم أحلامه وإنتبه للوضع الحالي وتذكر كل شيء، تذكر مدحت الذي مات غدراً ولولا ستر الله لكان هو مكانه الآن تحت التراب منسياً، وعاد لرشده وهتف لنفسه بأن أولاده يستحقون أن يتخير لهم الدماء التي ستجري بعروقهم، ولو كان الأمر يخصه وحده ماتردد لجزء من الثانية. 

أنهى معها المكالمة وعاد للتفكير..

 هو الآن تائه لا يعرف ماذا تُخبء له الأيام، وقلبه المتمرد يطالبه في حقه بالعشق، وإن لم تكن حياة فلتكن غيرها، يفكر جدياً ان يفعل مثل سالم ويأتي بحبيب يفل الحبيب وخاصة أنه يرى ان سالم بدأ يجني ثمار تخليه راحة بال، وحياة مستقرة، والمحبة آتية لا ريب. 


مر باقي الليل على رجوه وآدم وكلاهما مستيقظ يراجع حسابات قلبه، ولم يقتصر السهر عليهما فقط، بل بنات قياتي الثلاثة لم يزور عينيهم نوم، فغداً يوم مصيري بالنسبة لهم ولا يعلمون ماتخبئ لهم القبيلة من مفاجآت هي واعرافها، وكانت نوف الأكثر خوفاً بينهم. 

واخيراً أتى ضود النهار الذي تأخر كثيراً اليوم على غير عادته! 

بعد إعداد طعام الإفطار وفطر جميع من في القبيلة، تحدثت عوالي مع قصير في حضرة قياتي عما تنوي فعله، فأيدها وبارك مسعاها، وقياتي أيضاً تبرع بمبلغ من المال لشباب القبيلة وفتياتها حتى يسهل عليهم عبئ الزواج، وآدم شارك ورابح وسالم، وكعادة القبيلة تضافرت الأيدي وتسابقت لفعل الخير 

وجمعت مايزه النساء لخيمة الشيخة عوالي وبدأ مجلس الزواج الأول، والذي إنتهي بالتوفيق بين اكثر من ثُلثي عوانس القبيلة شباب وفتيات، وحُلت الأزمه التي كانت عوالي غافلة عنها، وحتى خوله كان لها في الإختيار نصيب، فقد بذلت الشيخة عوالي قُصار جهدها حتى تُقنع أم شاب يسمى سعود، فقير مُعدم وكل عمله الذي يعرفه في الحياة هو رعي الأغنام بأجر.. فرأت عوالي أنه الأنسب لخوله، ولكنها إشترطت على أمه ان تبتعد عن خولة نهائياً إن كانت تريد العيش بسلام، وفي المقابل هي ستتكفل بكل ماتحتاجه من ملبس وعلاج ورعاية.


..يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة