رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 20 - 1 - الأربعاء 4/9/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل العشرون
1
تم النشر يوم الأربعاء
4/9/2024
الصباح
هو الفكرة الجميلة في عقولنا، يوم جديد، يحمل املًا جديد، شروق الشمس التي تفرد ضياءها على بقاع الأرض، ونسمات الهواء الرقيقة، مع الهدوء الذي يعم الأجواء، لتبعث في القلب الحماس للإنجاز وفعل المستحيل.
ليت باقي اليوم يصبح على هذا المنوال، فلا يصيبنا فتور ولا ضجر ولا إحباط.
بنت الجنوب
تحدثت بهجة بلهفة وهي تدور داخل المحل الجديد، تشرح على كل زاوية ما ستقوم بفعله مع اخوتها الذين أصابهم الانبهار بدورهم:
- وبكدة يبقى حققنا حلم ابويا وعملنا وكالة بدل اللي ضاع حقنا فيها، ايه رأيكم يا عيال؟
عبرت عائشة عن فرحتها:
- ايوة يا بيبو يا جامد، انا خلصت امتحاناتي، ايدي على ايدك من بكرة، همشيهولك زي المسطرة.
ضحك الثلاثة على قولها لتعلق جنات:
طبعا وتاخدي فرصتك على خلق الله في طولة اللسان، كدة ضمنت انك هتطفشي الزباين .
عبست عائشة بضيق جعل الثلاثة يعودون للضحك حتى توجهت بهجة بالسؤال نحو شقيقها الوحيد الصامت منذ ولوجهم، رغم انبساط ملامحه هو الاخر :
- ايه يا عمنا، انت الوحيد اللي متكلمتش، بتضحك وبس، ولا كأنك قايم بدور المتفرج وسطنا.
خرج صوت ابهاب بابتسامة مرح يفاجأها بقوله:
- اصل بصراحة رغم انبهاري، لكن عندي رأي مختلف، اخاف اقوله متقبليش.
ردت تحفزه بمشاكسة رغم اندهاشها:
- وافرض يعني مختلف ، قول يا سيدي واحنا يا ناخد بكلامك، يا نرميه ورا ضهرنا، دي حاجة اسهل منها ما فيش.
- ماشي يا ستي، تشكري على زوقك، بس انا بتكلم جد، اصل شايفك متمسكة بموضوع الوكالة رغم ان احنا منفهمش اوي فيها، يعني فرص نجاحها مش مضمونة، بدليل ان بابا نفسه الله يرحمه كان مدي مسؤولية ادارته لعمي اللي طمع في كل حاجة لنفسه بعد كدة .
اسنرعى انتباهها بكلماته، لتتخلى عن عبثها وتشاركه الجدية:
- عندك حق، بس دا المشروع اللي على قد فلوسنا، اي حاجة بعد كدة، هتبقى فوق مقدرتنا، وانا بصراحة.... عايزة مصدر دخل مفتوح عشان كمان شغلي مش مضمون.... وو.. ممكن اسيبه في أي وقت.
تقطعها بالكلمات الاخيرة جعلها الشك يتسلل اليهم ، والتساؤلات اصبحت على افواه ثلاثتهم:
- تسيبي المصنع يا بيبة، طب ليه ؟
- وطنط نجوان، هتسبيها هي كمان؟
- استنوا انتوا الاتنين، فهمينا يا بهجة، انتي قصدك ع المصنع ولا نجوان؟
- الاتنين.
قالت تشير بأصباعيها السبابة والوسطى، لتوضح أكثر:
- مش عيب فيهم، بس انا زهقت وعايزة يبقى ليا حاجتي الخاصة، افتح واقفل وقت ما انا عايزة مبقاش تحت امر حد.
وجهة نظرها كان بها من المنطق ما جعل الثلاثة يقتنعون بها، رغم حزنهم على ترك نجوان، ليأتي التشجيع من ايهاب الذي عبر عما يدور برأسه:
- حلو اوي، طب ايه رأيك بقى بمشروع بتكلفة اقل ومضمون ان شاء الله، بدل الوكالة نفتح كافيه، ع الاقل انا ليا خبرة فيه، بحكم شغلي في الاجازات، دا انا مجرب الشغل في كذا واحد، وعارف الدنيا بتمشي ازاي، دا غير انى مستعد اكلم اصحابي يساعدوني في تجهيزه بأقل الإمكانيات وفي نفس الوقت يبقى في احسن صورة .
الموقع هنا حلو اوي ، وليكي عليا لما نيجي تشغله بعد كدة، تبقى الدنيا اسهل والذ بكتير، ها ايه رأيكم؟
بصوت واحد خرج رد جنات وعائشة.
- انا موافقة،
- وانا كمان موافقة
- كدة متبقاش غيرك يا بهجة، ايه رأيك؟
ابتسامة ساحرة أطلت على ملامحها الرقيقة، يغمرها الاعتزاز لنضج شقيقها الصغير في التفكير وتحديد الهدف المناسب، فلا تملك الا رفع يدها في تأييده هي الأخرى:
- وانا موافقة بالثُلث.
❈-❈-❈
هبط الدرج قادمًا من غرفته في الطابق الثاني، ليخطو نحوهم بوجه مشرق لفت ابصار نبوية التي كانت تطعم في هذا الوقت والدته، يغمرها الاندهاش برؤية هذا التغير الذي طرأ عليه، ليختفي التجهم ويحل محله الاشراق بصورة يراها الاعمى، وليس البصير فقط، حتى القى بالتحية نحوهما، بابتسامة زادت من وسامته:
- صباح الخير يا حلوين.
هللت المرأة في ردها له:
- يا صباح النور ع البنور، عيني عليك بارده النهاردة يا رياض باشا.
ازداد اتساع ابتسامته حتى أطرق بشيء من خجل، ليسحب احد المقاعد ويشاركهم الجلسة حول طاولة الطعام، في مقابل والدته التي كانت تلوك الطعام بتأني وابصارها منصبة عليه، ليبادلها النظر مردفًا:
- دا عينك انتي اللي حلوة يا دادة، عاملة ايه يا نجوان هانم؟
لم تجيبه بالطبع ، وظلت تتابع طعامها وكأنها لم تسمعه،
تدخلت نبوية تتكلف بالرد بحرج:
- دي ما شاء الله عليها، اليومين دول بقيت احسن بكتير اوي عن اللي فات، هي بس دلوقتى صاحية مقريفة عشان لساها صاحية، تحب احضرلك تاكل معاها؟
اومأ يصرفها بلطف حتى يستطيع الانفراد بوالدته:
- لا يا دادة الف شكر، روحي انتي وانا هاكل من نفس الطبق اللي بتاكل فيه ماما..
سهمت المرأة ببصرها، فاغرة فاهها بدهشة، لا تستوعب العبارة، حتى عاد عليها مكررًا:
- ما خلاص يا دادة بقولك، روحي بس اعمليلي فنجان قهوة .
تحمحمت نبوية بحرج لتجر اقدامها وتذعن لأمره ذاهبة، ف اقترب هو اكثر بكرسيه نحو تلك الشاردة، يتناول من يدها اللقيمة التي كانت على وشك الدخول الى فمها، لتحط بفمه هو، يلفت انتباهها قائلا:
- اظنك مش هتمانعي اكلها من ايدك ، زي ما كنا بنعمل زمان.
استطاع بلفتته ان يسحب منها استجابة لحديثه على غير ارادتها، لتتوقف عن الطعام وتنصب ابصارها نحوه، فتبسم وقد وصل لهدفه قائلا:
- مدام انتبهتي، يبقى انتي اكيد افتكرتى، ودي في حد ذاتها تقدم كبير اوي.
اشاحت بوجهها عنه بشيء من ضجر وكأنها لا تريد التذكر، فواصل هو :
-،براحتك يا نجوان هانم، ع العموم بمناسبة انتباهك دا ، انا حابب افرحك، مصطفى عزام ابن اختك وحبيبك ، مراته خلفت من يجي اكتر من شهر في لندن بعد عذاب سنين في الانتظار، اكيد لازم تفرحيلهم، ما انتي كنتي الوحيدة اللي مسانداه في جوازه منها عشان بيحبها.
لم يفوت عليه انها ظلت بحالة الصمت ترهف السمع، بعدما جاء بذكر مصطفى، وقد تأكد له الاَن انها حطت بأقدامها على ارض واقعهم، بعد سنوات من الشرود ف عوالم اختلقتها، لتنزوي بها بعيدا عن الجميع.
نهض فجأة ينفض يديه من اثر الطعام، ليميل برأسه نحوها فجأة يهمس بمكر:
- على فكرة هو رجع امبارح والدنيا عندهم قلبان بمناسبة الحدث السعيد، انا حابب اخدك معايا لو تقبلي يعني؟
قالها وتحرك مغادرًا، ودون ان يلتف ببصره نحوها، وقد تيقن داخله بحسن استيعابها للحديث. وكأنه رأى بأم عينيه، ملامح الأسى التي اعتلت تعابيرها من خلفه.
❈-❈-❈
وفي ناحية اخرى
استيقظت تلك الجميلة، تتحسس برودة الفراش وقد خلى مكانه بجوارها، بعدما نهض وتركها منذ وقت لا تعلمه، لتنهض باحثة عنه، فوقعت عينيها عليه، داخل الشرفة جالسًا بشرود، هذه اول مرة تحدث منذ زواجهم ، الا يوقظها هو على كلمات الغزل ولا مداعباته في تدليلها، وإعطاءها الثقة في انوثتها .
ثم تجده الاَن بهذا الشرود في جلسته، لفت كتفيها بالشال الثقيل لتذهب اليه وتبادره بإلقاء التحية الصباحية.
- صباح الخير على اللي صحي من جبلي وسابني.
التف يجيبها بابتسامة مختلفة عن تلك اللهفة التي تقابلها منه كل صباح:
- صباح الخير يا قلب شادي، تعالي اقعدي جمبي، الهوا هنا يرد الروح.
اقتربت بالفعل وفتور حل بها لتجلس في المكان الذي اشار عليه ، فتسائلت على الفور بقلق:
- شادي هو انت في حاجة مزعلاك؟ شكلك ميطمنش.