-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 16 - 2 - الإثنين 23/9/2024

 

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل السادس عشر

2

تم النشر الإثنين

23/9/2024



أرتدت نظراتها الشمسيّة ما أن خرجت من بواية العُمارة، هاتفها بالحقيبة يدقُ بإلحاح، توقفت علي الرصيف، تُخرجهُ من الحقيبة، كما توقعّت المُتصل "إسراء"، أبتسمت ترفعُ الهاتفُ علي أُذنيها، ليأتها صوت صديقتها تصرخ بحماس بالغ: 


_" الناس إللي كِبرت سنة، كُل سنة وأنتِ طيبة يا رونا". 


تنهدت بحماس وكأن حماس الأخري قد أنتقلَ لها عبر الهاتف، أجابتها: 


_"وأنتِ طيبة... أنتِ فالبيت صح؟؟ ". 


_أيوه لسه صاحيّة أهو". 


تقدمت تسير بهدوء ناحية الشارع الرئيسي لكي تستقل سيارة أجرة، قائلة: 


_" صحصحي كده معايا وقُومي علشان عايزة أنزل أعمل شُوبنج ". 


_"شُوبنج الساعة تسعة الصُبح يا رانيا؟". 


_" أيوه، وبسُرعة بقا علشان أنا شويّة وهبقي عندك". 


أغلقت الخط قبل أن تسمع ردها أو أي أعتراض، لتستقل أول سيارة وجدتها بعد أن أعطتُه عُنوان وجهتها، وبداخلها راحة وشعور بالرضا والامتنان........... 


❈-❈-❈


كادت تتعركل عدة مرات مُتتالية، بسبب تلك الغبية التي تجرها خلفها بسُرعة دون الأهتمام لكونها كادت تقع علي وجهها مُنكبة نتيجة لطريقة سيرها الغير متزنة بسبب كعب حذائها العالي أولاً، ثم يد "إسراء" التي تسحبها بقوة دون توقف ثانيًا......صرخت بخضة ما أن أصتدمت بأحدي المارة بالشارع، تحسست جبهتها بألم  لم تستطع حتى التوقف والاعتذار من السيدة التي صدمتها، بالطبع لأن الغبية الأخري لم تتركها تقف تتمسك بيدها كأنها أمسكت لصِّ أو مجرم...... 


سحبت يدها منها بقوةٍ زافرة بغضب تصيح بها بعد أن توقفت بمكانها، بعد أن أنقطعت أنفاسها من كثرة السير الغير منتظم: 


_"أي في أي يا إسراء يخربيتك يا شيخة نفسي أتقطع، جراني وراكِ كأنك جارة جموسة ". 


وضعت الأخري يديها بخصرها بلامُبالاة تقول: 


_" أي ده حتي الجري رياضة يعني، وبعدين ده هُو شارع إللي مشيناه أصلاً يا رانيا... ". 


حدجتها بنظرات ناريّة علي وشك أن تنقدُ عليها تخنُقها الآن بسبب برودها الفظ ذاك: 


_" أنتِ شاربة حاجة يا إسراء يا حبيبتي؟ جراني كده زي البهيمة ومُش فاهمة أحنا بنجري ليه ولا رايحين في... ". 


لم تُكمل جُملتها حتى، شقهت بفزع ما أن سحبتها الأخري من معصمها علي حينِ غُرة تُجبرها علي السير خلفها عنوةً، قائلة، تزامنًا مع أستدارتها لتصبح موالية لها ظهرها: 


_" أمشي من سُكات يا رانيا اتأخرنا، مِديِّ بقا ". 


_" اتأخرنا علي أي يا هبلة أنتِ فهمني؟ ". 


_" أمشي بس". 


بعد دقائق أخيرًا تركت معصمها ووقفت أمام أحدي الكافيهات ذات الطبقة المخملية، ثم ألفتت لها تبتسمُ بسماجّة قائلة: 


_"وصلنا ". 


_" لا والله، جيبانا هنا ليه؟ لمّا أنتِ عايزة تتزفتي تشربي حاجة ما كُنا فالمُول مطفحتيش ليه؟ ولا فرهدة وخلاص ". 


_" تعالي أدخلي بس عملالك مُفجأة". 


مدت يدها تنوي سحبها للمرة العاشرة في هذا اليوم، لكن الأخري سحبت يدها سريعًا تُطالعها بنظرات غاضبة قائلة: 


_"سيبي أيدي!". 


_ماشي هسيبها، يلاّ تعالي أدخلي بس ". 


تبعتها إلي الداخل حيث كان المكان هادئ نوعًا ما، سارت خلفها تُطالع كل شئ حولها بتفقد، حتى وصلوا إلي مكان منعزل قليلاً عن الطاولات التي بالخارج، زاوية من الكافيه علي ما يبدو أنها مخصصة للجلسات الخاصة..... 


صرخت تشهق بفزع فور أن شعرت بأنفجار شيء قُرب أذنيها قد ظهرَ من العدم فجأة تبعهُ قصاصات صغيرة ملونة سقطتت عليها، تزامنًا مع صراخ حماسي من أصدقائها التي تفجأت بتواجدهم جميعًا...... 


يهرولون ناحيتها يُهنئوها برحابة:. 


_" كُل سنة وأنتِ طيبة يا ريري". 


كانت هذه كلمات "أميرة" شقيقة "إسراء" الصُغري، وهي أيضا من ألقت عليها تلك القصاصات قبل قليل...... شعرت بالسعادة تغمرها فجأة، تتأمل ما فعلوه لأجلها وعينيها قد لمعت بالفرحة الدفينة، أختاروا طاولة كبيرة منعزلة، زينوها بالورود وهناك قالب كعك بالمُنتصف يحمل رقم "22"، أي أنها قد أتمت عامها الثاني والعشرون..... وما جعلها تتفاجئ هو وجود" أنعام"والدة صديقتها هي وشقيقتها "أميرة" بالإضافة إلي "مازن" و"سلمي"..... و"طارق"الذي قد جاء للتو....... 


أحتضنتها "إسراء" من الخلف، قائلة بحُب حقيقي: 


_" مُش قادرة أوصفلك سعادتي بأنك رجعتي تاني يا روحي.... كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبتي ". 


ألتفتت لها تضمها لها بقوةٍ، مغمضة عينيها تكاد تنهمرُ دموعها تأثرًا، مُمتنة جدًا لربها الذي جمعهم مرة ثانية، حقًا ستظل هذه الأرض مُمتنة جدًا لوجود الأصدقاء بها، فـ هي من دُونهم خراب....... 


❈-❈-❈


أصوات ضحكاتهم أرتفعت بصخبٍ تفاعلاً مع النُكتة التي ألقاها" مازن"للتو، جو حماسي ومُفعم بالفرحة، مشهد رائع يُوضع في أطار ويُعلق في زوايا القلب لشدة جمالهُ، دامت جلستهم لساعة أو أكثر الوقت قد مر بسرعة البرق لم يشعرون بهِ قضوا تلك الساعة ما بينا ضحكاتهم ومزحاتهم، وتناول الطعام، أن جئنا للحق هي أعتبرت هذا أفضل عيد مولد مر عليها بحياتها حتى الآن....... 


كانت تشعر بأنها فراشة بينهم، سعيدة جدًا، كانت تُعافر بكل ما أوتيت من قوة أن تظل  متوهّجة رُغم مَرارة أيامهَا الماضية، تود أن تُشرق تعيش حياة سُلبت منها سابقًا، قرارها مازال قائم حتى الآن هي ستعيش لنفسها فقط ما دامت حيّة.....


أنحنت برأسها ناحية "أميرة" التي كانت تُريها شيئًا بهاتفها تأخذ رأيها بهِ، بينما كانت غافلة عن تلك العيون المُسلطة عليها بتركيز وأنتباه، فرحتها كانت طفولية كـ  فرحة طفل بملابس العيد الجديدة أو بأول يوم له بالدراسة، ينمُ ذالك عن روح فتاة صغيرة نقيّة بداخلها، عاديّة لكن في عاديتها شيئًا مُميز، مُميز جدًا يسلبُ أنتباههُ نحوها كل مرة تقع رؤياه عليها........ 


مُلفتة بدون تكلف، حتى بدون أن تقصد ذالكَ، ما يُميزها حقًا ‏ليست ملامحها ‏الرقيقة العفوية تلك ولا لون القهوة في عينيها، ولا خُصلاتها القصيرة التي وكأنها تختصر كل الأسئلة، ما يميزها حقًا هو شعور الحُب ‏الذي تمنحهُ لكل الأشياء‏حولها، وكأنها مُصابة بداء اللطافة كل من جالسها أحبها كمّا أوشكّ هو علي الغرقِ الآن كل هذا وهي لم تفعل له شيئًا، ماذا أن فعلت؟؟. 


كل هذا مُصاحب لغموض خفي بها، يجعلهُ دائمًا فضولي، وهو لم يكن يومًا فضولي، شعرت هي فجأة بأن هناك من يُراقبها، فرفعت عينيها تلقائي عن الهاتف ونظرت خلفها، تحديدًا لـ "طارق" الجالس علي جنبٍ، وكما شعرت كان يُراقبها بنظراتهِ.......... لا تعلمَ لمَ شعرت بالتوتر وأحمر وجهها، أبعدت عينيها عنه سريعًا لتنتبهُ مرة أخري مع "أميرة"....... 


لم تدمُ فرحتها كثيرًا ولا تحولت تلك السعادة التي كانت تشعر بها إلي سعادة لحظية فقط..... وجدو سيدة تدخل إليهم بملامح جامدة وعيون تُقطر غضب، تقفُ فجأة تُحدجهم جميعًا بنظرات إشمئزاز وضيق..... 


لم يتعرفوا عليها بالبداية، حتى أنتفضت تلك الجالسة بفزع وقد شحبَ وجهها كـ شحوب الأموات، وشعرت بأن حلقها قد جفَ، لتُقابلها عيون والداتها الصخرية التي تطالعها بقسوةٍ، أنفرجت شفتيها بتوتر قائلة بنبرة مُتحشرجة: 


_" ماما". 


تقدمت منها تطالع كل شئ حولها من أشياء وحتي الواقفين حولها بنظرات سبقت ونظرت لهم بها، نظرات القرف والسخط، صاحت بها بكل قسوة: 


_"أيوه ماما!، يا بجاحتك، يا بجاحتك يا شيخة، أنتِ أي؟ إللي جواكِ ده أي حجر مُش قلب بيحس، بقا ليكِ عين تنبسطي وتعملي أعياد ميلاد بعد إللي حصل؟؟.... أنـطـقـي". 


صرخت بقوة بأخر كلمة، حتى جعلت الأخري ترتعد ثم أنكمشت علي نفسها، عينيها تحجرت بهم الدموع، فرحتها سُلبت منها بدون سابق إنذار، وعنوةً، تدخلت والدة "إسراء" التي كانت هي الوحيدة بعد بناتها التي تعرف والدة"رانيا " تدخلت تعاتبها ما أن شعرت بحرج تلك المسكينة مما قالته والداتها دون مراعاة لأصدقائها المتواجدين: 


_"إهدي يا أُم تامر مُش كده ". 


ألتفتت لها تقول بصلفٍ: 


_" وأنتِ مين سمحلك تتكلمي ولا هُما عينوكِ محامية عليها أنا بتكلم أنا وبنتِ أنتِ مالك؟ ". 


كانت تُهينها بكلماتها دون حرج، وهنا لم تتحمل" إسراء"كلمة سيئة أخري عن والداتها فتدخلت تصيح بها بقوة تدافع عن والداتها التي تعلم أنها لن تنحدر لمستواها ترد عليها بمثل كلماتها: 


_"لا لحد هنا وتُقفي، أنا مسمحلكيش تتكلمي مع أمي بالطريقة دي..... ثُم أنّي علشان متربية مُش هرد عليك لأنك ست كبيرة قد أمي". 


_"لا متربية يا بت، أوعي من وشي ". 


أزاحتها عن طريقها، ثم خطت سريعًا إلي تلك الواقفة بشحوب، والدماء متجمدة بعروقها وقد خانتها عينيها وبكت، سحبتها من يدها تجرها من وسطهم بينما قالت: 


_" أمشي قُدامي، أنا الغلطانة إللي سيبالك الحبل علي السايب، قُدامي حسابي معاكِ في بيتنا.... ". 


تحركت بجسد مُتخشب وملامح باهتة تمامًا وما أن نطقت قائلة: 


_" يا ماما أستني"


حتى وجدت يد والداتها تهوي علي وجهها تبعهُ شهقة قوية خرجت من الأفواه خلفها، إلي هنا ولم يستطع أن يصمت فقد غلت الدماء بعروقهِ وهرول يسحب "رانيا" من تحت يد تلك السيدة ويضعها خلفَ ظهرهِ، يصيحُ بـ "أحلام" بعصبية: 


_"هي وصلت أن حضرتك تمِدي أيدك عليها، والداتها أيوه بس مالكيش الحق فأنك تهينيها قُدامنا بالشكل ده علي الأقل أعملي حساب لشكلها وسطنا بعد إللي بتعمليه ده". 


رفعت زاوية فمها بسُخرية، قائلة: 


_"وأنتَ تطلع مين أنتَ كمان.... ولله عال أوي يا ست رانيا مصحبالي الرجالة كمان، وأنا أقول مين إللي لعب فدماغ البت، تلاقيك أنتَ..... أمشي يلا قدامي بدل ما أجيبك من شعرك دلوقتي.... "


، كل هذا حدثَ تحت أنظارِ الجميع، ومنهم من لا يفهمون ما اللذي حدثَ للتو، لا يفهمون شيئًا مما جري، فقط تابعوا ما يحدث بصمتٍ فقط، سحبتها من بينهم وخرجت، وفور أن خرجت أرتمت "إسراء" علي أقرب مقعد قابلها بوهنٍ تضع رأسها بين يديها بتخبط قائلة: 


_"وأنا إللي كُنت مفكرة أنها هتجي علشان تفرح رانيا بوجودها أهي جات خربتها، مكانش لازم أثق فالست دي وأصدق أنها فعلاً أتغيرت..... "


❈-❈-❈


غُرفتها التي كانت صباحًا تتنفس بالحماس ومُفعمة بالنشاط والأقبال علي الحياة، أتي عليها المساء وتحولت إلي غُرفة مُظلمة تمامًا، مُوحشّة بطريقة تُثير الريبة كُل ذاك لأنّ صاحبتها قد انطفأ وهجها ورُوحها، أنطفئت ذاك الأنطفاء الذي لو أضاءو لها جميع أعمدة الأنارة التي بالعالم لن تُضيئ مرة ثانية......... 


أصوات شهقات مُرتفعة تشقُ سكون الفراغ من حولها، بُكاء يُقطع نياط القلب، يتبعهُ شهقات من قوتها لَظننت أن صاحبتها ستفقد حَنجرتها أن شهقت شهقة إضافية أخري، بكّت، لا بل أمطرت فاضت، عينيها لم تكف عن ذرفِ الدموع البتّة، فقط بُكاء بصوتٍ مختنق، صوتها الذي كاد يختفي من شدةْ بُكائها المرير........ 


ذاكَ الفائض الكبير من الدُموع لن يكن كافيًا البتّة،للتخفيف عن مَنْ تلقي صفعة الخذلان من المكان  الذي من  المُفترض أنّ يكون مصدر طمئانينتهُ الأول، وهي تلقت أكبر صفعة بحياتها،نعم لقد حدثت أشياء كثيرة مُشابهة لمثل ذاك الموقف، لكن هذا تحديدًا،كان الصفعة التي ما بعدها أمان مرة ثانية.....لقد خذلتها، محت أخر ذرة حُب تحملها لها بداخلها...... 


لمَاذا هي مصدومة؟ أهيّ أول مرة؟ أنها المرة المليار منذ نعومة أظافرها وهي مكروهة من قِبَلها ولا تعلم السبب، لم تشعر ولو لمرة بحنانها عليها كشقيقها، دومًا ما تُخلق بينهم فجوة كبيرة من خلال تمييزها، تميز بينهم، شقيقها لقد حصلَ علي النصيب الأكبر من الحُب والدلال والحنان الوفير...؟.. 


حُرمت من الحنان من ناحيتها، كانت جافة معها تعاملها بقسوة وغلظة، مُدعية بأن هذهِ هي التربية الصحيّحة والمثالية للفتاة، وبأن الفتاة لا يصلح معها الدلع، ذاك سيُفسدها، ألم تُفكر بـ يومٍ أو جائت لرأسها فكرة عابرة بأن أنعدام الحنان والدلال سيحولها إلي فتاة قاسية لم تذق طعم الحنان، لينعكس ذالك سلبًا علي طباعها بالمُستقبل؟؟ 


وصلت لمرحلة أنها باتت تكره شقيقها "تامر" تكرهه لأنه يحظي بالنصيب الأكبر من كُل شئ، وهي منبوذة، كم تمنت لو تأخذها والداتها بينَ أحضانها ولو لمرة، تسألها ما بكِ، تشكو لها الدنيا وما تفعلهُ بها، تشكو لها ضعفها، ولا تخجل من أن تُعري ضعفها وقلة حيلتها أمامها....... 


"تامر" الأبن الأكبر والمُدلل عند والداتها، لهُ حرية الأختيار التام فأختيار أي شيء بحياتهِ حتى أختيار أنواع طعامه، أنما هي لا..... كل شئ يقال لها لا، لا، لا، تُقسمُ أنها أن لم لكن والداها بحياتها يعوضها عن والداتها التي تُهمشها تمامًا لـ كانت الآن امرأة أخري تمامًا، امرأة تُقطر القسوة من كل خلية بها........ 



يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة