-->

4 رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 26 - 4 - الأربعاء 25/9/2024

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السادس والعشرون

4

تم النشر يوم الأربعاء

25/9/2024 



وفي الجهة الأخرى، كان هو كالموقد سريع الاشتعال،  لا يكف عن محاولات الاتصال بها للمرة التي لم يعد يذكرها بعد ، بغيظ شديد،  يضغط على الشاشة التي تأذت بعض الشيء لعنفه، وهو يردد بالسباب، وبرغبة قوية لتعنيفها ردًا على هذا التجاهل، من هي لتتحداه؟ لابد ان يعاقبها حتى لا تفعلها مرة اخرى،  ولكن كيف يفعل وهي لا تستجيب حتى على رد الرسائل .


زمجر بغضبه يلقي الهاتف بطول ذراعه، ثم ينهض عن التخت الذي يتقلب عليه منذ اكثر من ساعة بدون أدنى فائدة للنوم، وقد طار منه النوم والراحة بسببها.


كم ود لو يملك السلطة الاَن لدفع باب منزلهم وسحبها من شعرها وبداخل غرفتها، لتذعن بالاسف امامه قبل ان يقرر بعقابها، ولكن كيف يفعل؟


شد بأصابعه على شعر رأسه للخلف حتى كاد ان يخلعه من منبته، هذه اول مرة يقابل بهذا التجاهل، لقد كان غرضه من البداية استرضائها،  ولكن بفعلها ذلك حولت كل طاقته نحوها للعكس،


ليضرب بكفه على ذراع المقعد متمتمًا بوعيد: 

- ماشي يا بهجة ماشي، انا ان ما كنت اربيكي ع الحركة دي ما بقاش انا .

اغمض عينياه قليلًا يتذكر معناته منذ قليل مع النوم ، بفضل التفكير بها وقد احتلت رأسه، ليدفع تلك الاباجورة ذات الاضاءة الخافتة بيده على الارض بعنف مردفًا بحديث نفسه :

- لكن انام ازاي دلوقتي انا؟ انام ازاي؟


❈-❈-❈


في اليوم التالي صباحًا


وقد استيقظ مؤخرًا عن ميعاده اليومي، بفضل التفكير الذي استولى على معظم ليلته بالأمس، حتى انه حاول استغلال الوقت بالعمل،  ولكن بفضل ضياع التركيز منه، لم يستفيد بشيء

فلم يطال النوم سوى قرابة الفجر لينال منه تعب السهر ، فيأتي الاَن الى مقر عمله متأخرًا في سابقة لا تحدث ابدا سوى بالانشغال بأعمال اخرى، 


بملامح مكفهرة، اَثار السهر وضحت جليًا عليها، ليدفع باب المصعد بعنف، ثم يغادر بخطواته السريعة منه نحو الجهة التي لم يمر بها إلا نادرًا، فيتحرك متوجها مباشرة نحو مكتب الأرشيف والذي ما ان طل بمدخله حتى اثار الرهبة بقلب الرجل العجوز والذي كان اولهم في الانتباه عليه، ثم ردد يستقبله، امام دهشة الجميع وزهولهم:


- رياض بيه! اهلا اهلا يا فندم نورت المكتب. 

دلف بخطوتين داخل الغرفة، موزعًا ابصاره على الجميع ثم توقفت عليها بنظرة واضحة، لتستدرك لجلوسها وحيدة خلف مكتبها الصغير، وقد وقف الثلاثة الباقين احترامًا له ورهبة، فتضطر بارتباك شديد،  تجبر اقدامها التي تيبست من الصدمة للوقوف مطرقة رأسها امامه،  شاعرة بنصل سهام عينيه تخترقها، رغم محاولات الثبات التي يدعيها مخاطبًا الرجل:


- اهلا يا عبد الفضيل، ايه الاخبار؟

جاء رد الرجل سريعًا بقلق:

- الاخبار فل وعال العال يا فندم، والشغل ماشي زي الساعة، بس دي اول مرة تشرفنا حضرتك، في حاجة. 


تبسم بخفة يجيبه باقتضاب لم يريح الرجل:

- مفيش أي حاجة يا عبد الفضيل اطمن.


توقف ينقل بطرف عيناه نحوها يلقي امره اليها :

- تعالي ورايا يا بهجة عايزك .

قالها ثم التف بقدميه للخارج، بدون أدنى تفسير مما اجبر الجميع على التساؤول حتى عبد الفضيل الرجل المسالم:

- بهجة، هو انتي عملتي ايه؟ عشان الراجل يجي يطلبك بنفسه؟


- ودا يعرف اسمها منين اساسًا ولا صفتها؟

قالتها احد المرأتين من زميلاتها، لتضيف عليها الأخرى بقلق:


- دا شكله ميطمنش يا بهجة، اوعي تكوني غلطتي يا منيلة تخسري وظيفتك  


كتمت زفرتها تسارع في التوضيح لهم وهي تتحرك للذهاب:

- يا جماعة لا كدة ولا كدة، انا بشتغل عند الست والدته اصلا، تلاقيه بس هيسألني عنها. 

قالتها وهي تسارع بخطواتها للخروج حتى تتجنب المزيد من الاسئلة والتي ازدادت اشتعالا بخروجها.


❈-❈-❈


أما عنها، فقد اصطدمت ابصارها به فور خروجها من الغرفة،  تتفاجأ بوقفته متحفزًا وهذه الحدة التي تطل من عينيه نحوها، غير ابهًا بفضول الموظفين بالنظر اليه، ولا بهيئته المتجهمة 


ليغمرها التوتر الشديد وهي تقترب منه، قائلة بأدب جم :

- افندم حضرتك.

عض على شفته بغيظ شديد، يحجم نفسه عن افعال كثيرة يود التعبير بها عما يكتنفه نحوها،  حتى وصلها صوت انفاسه الخشنة ليأمرها كازًا على اسنانه:


- ورايا ع المكتب حالًا. 

تمتم بها ثم استدار بقدميه يسبقها بتغطرس وكبرياء، جعلها تغمغم بسخرية من خلفه:

- وكان لزمتها ايه الوقفة بقى؟ فاكر نفسه هيخوفني؟

سحبت شهقيًا طويلا تتبعه، ثم تجسر نفسها بالدعاء.:

- انت المعين يارب. 


❈-❈-❈


انتبهت لورا على قدومه لتنتفض واققة باحترام في استقباله:

- صباح الخير يا رياض باشا.

- صباح النور، بهجة جاية دلوقتي حالًا، خليها تدخل ورايا على طول.

قالها على عجالة قبل ان يفتح باب مكتبه، ويختفي بداخله، فتتسمر هي بعدم استيعاب:


- بهجة مين؟ هو انا سمعت صح؟

- بهجة انا.

انتبهت لورا لصاحبة الصوت،  تجدها امامها، وبابتسامة صفراء لها:

- معلش يا لورا مضطرة ادخل على طول ، اصل رياض باشا طالبني حالًا.


بذهول تام، تطلعت الاخيرة في اثرها، غير قادرة على منعها، لتتركها، تتجه نحو الغرفة وتفتح بابها، وكأنها داخل منزلها، ثم تدلف اليه، لتسقط هي على كرسيها بقهر تشعر به:

- يا بت ال....... 


❈-❈-❈


أما بداخل الغرفة 


وفور ان ولجت اليه، ذهبت الشجاعة ادراج الرياح، وذلك الاستخفاف الذي اتخذته منهجًا منذ الأمس في التعامل معه، ليحل محلهم الخوف والرهبة.


وقد تمثل امامها كطاقة من الشر لابد من الحرص والحذر التام في التعامل معها، العروق النافرة ، وهذه الملامح المشتدة، وعيناه..... تبًا، منذ متى كانت حمراء؟


ليقترب نحوها ببطء فهد بري في التعامل مع فريسته ، قائلا بهدوء ما يسبق العاصفة:

- بتصل عليكي من امبارح فوق المية مرة، وانتي تتجاهليني يا بهجة ومتعبرينيش. 


حاولت ابتلاع رمقها الذي جف في حضرته، لتدعي زيفًا برأئتها:

- انااا يا رياض؟ ازاي بس؟

حينما برقت عينيه بخطر نحوها، وازدادت ملامحه قتامة،  استدركت على الفور لضعف موقفها، لتسارع على الفور بالتوضيح:


- انا اصلي ما شوفتش الرنات، روحت ع البيت وكنت هلكانه من تعب، يدوب أكلت لقمة سريعة مع اخواتي في الكافيه،... وبعدها مشيت ع البيت على طول، حتى نسيت التليفون في الكافيه، والصبح قومت ع الشغل، ما شوفتش الرنات غير قبل ما تدخل عليا تناديني بالظبط.


مواصلا تحقيقه، يجاري كذبتها؛

- والتليفون بقى فضل قاعد في الكافيه؟ وانتي مسألتيش تاني عنه؟ ولا حد من اخواتك نبهك على اتصالي بيكي يجي خمسمية مرة .


- هما مش كانو مية من شوية

قالتها بداخلها قبل ان تلحق بباقي تبريرها:

- التليفون كان معمول صامت ، دا غير اني مسجلالك من غير اسم، هيعرفوا ازاي ان انت اللي بتتصل؟......


شهقت بصرخة كتمتها على الفور حتى لا يخرج صوتها ، وقد باغتها فجأة يقبض على ساعديها، ضاغطًا:

- بلاش تحوري وتلعبى معايا يا بهجة، الحركة اللي اتعلمت امبارح دي لا يمكن اعديهالك، سمعاني؟


اصابها الفزع حتى ندمت بداخلها على الاستهتار بغضبه، ولكنها كانت معذورة، لينهار تماسكها امام حدته:

- براحة يا رياض، دراعي هيتخلع منك .


رق قلبه لضعفها ولكن حريق صدره كان اقوى من أي شيء، ليستمر بضغطه،  حتى سالت دموعها امام عينيه، لترتخي ذراعيه عنها، وتتلف حولها  في ضمة قوية يهددها بصوت خشن، يدعي الحزم:


- بس بقى بلاش عياط ، عشان انتي اللي استفزتيني أصلًا:

ظلت على وضعها للحظات، يمسح على ظهرها وراسها حتى استكانت قليلًا، وقد شدد ذراعه حولها،  ونسي الوضع والمكان، عكسها هي، وقد استدركت سريعًا،  

لتسحب نفسها من ضمته اليها بهدوء، وتبعد ذراعيه عنها، فعقب هو باندهاش:


- في ايه؟

جاء ردها برسمية تذكره:

- ميصحش حضرتك، لو حد دخل علينا المكتب كدة فجأة هيقول ايه؟ انا لازم احسب حساب لسمعتي برضو.


- سمعتك!

- ايوة سمعتي، مش كفاية اسئلة الزملا ليا في المكتب قبل ما اجيلك، اللحق بقى اخلقلهم قصة يمكن يقتنعوا، عن اذنك بقى.


قالتها وتحركت ذاهبة ليوقفها بحدته:

- استني هنا هتبرري لمين؟ وهما مالهم اصلا، ثم انا كمان ملحقتش اقعد معاكي.

ردت بوداعة ويدها حطت على مقبض الباب:

- الكلام دا تقولو انت حضرتك، لكن انا ملزمة اني اخاف على صورتي قدام الناس، عن اذنك بقى عشان لو اتأخرت اكتر من كدة كمان، برضو الكلام هيكتر اكتر. سلام .


❈-❈-❈


انتهت اسراء من اعداد عبوة الحليب لاطعام طفلها ، واتجهت نحو الشرفة، حيث تركته مع والده، لتتوقف امام مشهدهم.


زوجها الذي كانت تعده فاقد الاحساس والشعور، يضم طفله اليه بحنو، يهدده برقة بالغة، ربما تأثرا بمرضه، ولكنه يفعل، ليتها لمست هذا الجزء به منذ البداية، تعرف انه لم يكن سيئًا، ولكنه كان ضعيف الشخصية امام والديه، وحين اراد التمرد؛ بدأ بها ، ولكنه عاد  الاَن وهذا هو المهم.


- نام الواد؟

توجهت بالسؤال كي يلتف اليها، ليؤميء لها بعيناه كي لا يصدر صوتًا ويزعجه،  

- وانا اللي حضرتله الرضعة، ياللا بقى .

تمتمت بها، لتضع عبوة الحليب على الطاولة، ثم تتقدم بهدوء وتتناوله منه بخفة، فاقترب وجهها منه حتى  كادت ان تصطدم انفها بذقنه، لولا انتباهها، 


لتلتقي عيناها بخاصتيه، يطالعها بنظرة ما لاول مرة تجدها منه،  حتى نزلت عيناه على باقي تفاصيل وجهها ، ثم تتوقف على ثغرها، وقد اختلطت انفاسه بأنفاسها، بلحظة لم تكن متعمدة منها او منه.


ولكن يبدو أنها قد أتت بأثرها عليه، ليقترب منها، ودنى امام صمتها وربما توقها لذلك، وما كادت ان تعانق شفتيه شفتيها، حتى انتفضا الاثنان على صوت صراخ يأتي من الأسفل، بالتحديد من منزل والديه.


نهض كي يرهف السمع من الشرفة ليتأكد من صح ظنه ، فيردد بجزع:

- الصوت جاي من تحت ، شكل البت سامية والواد سامر شابطين في بعض، بس دي بتصرخ صريخ جامد ، دا هيخلص عليها دا ولا ايه؟ 


- انا رايح اشوفهم الحيوانات دول هيجبولنا الفضايح.

قالها وتحرك ذاهبًا من امامها،  لتتابع اثره حتى خرج يصفق الباب من خلفه، ثم يصلها صوت ركضه على الدرج، فيخرج  صوتها اخيرا بإحباط:

- يعني هما حبكت يتخانقوا دلوقتي؟ .... جات الحزينة تفرح.


...يتبع 


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة