-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية الجزء الثاني لريناد يوسف - الفصل 2 الأثنين 16/9/2024

  

قراءة رواية عقاب ابن البادية الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثاني


تم النشر يوم الأثنين

 16/9/2024




عقاب الثامن والثلاثون 


غادر سالم وهو يشعر بأن رجوه دست يدها في جُرحه مرة أخرى دون شفقة أو رحمة وأعتصرت قلبه مجدداً.

 

وقف أمام عمه قصير الذي وصل أخيراً للقبيلة ونزل من فوق حصانه وقد بلغ به الغضب مبلغه، فسأله سالم:

- ليش مشيت لرجوه ويش كان ودك منها ياعمي؟ 

- كان ودي انهي عمرها وأرتاح منها وترتاح انت وترتاح هي بعد، وتتنسي رجوه وينمحي اسمها من القبيلة وينقطع ذكرها من الأفواه. 

سمع سالم كلمات عمه وجحظت عيناه من هول ماسمع، فرد على الفور:

- والله بسماه ياعمي إذا رجوه يمسها ضُر لأحرق القبيلة كلها، بخيامها بحلالها وهوايشها بناسها صغير وكبير، شباب وشياب، ومتل ماينتهي ذكر رجوه ينتهي معها ذكر قبيلة المنصور من الوجود. 

رد عليه قصير:

-برد قلبك ياسالم، انت الحين تحكي من ورا محبتك لها اللي مازالت بقلبك ماجفت، بس بعد زواجك راح تنسى رجوه ومارح تعنيلك اي شي. 


- ولحين يصير هاد الحكي وانساها وماتعنيلي ماحد يقرب منها ولا يحكيلها كلمة توجعها.. رجوه مو بس حبيبه ورهينه ياعمي.. رجوه بنتي واختي ورفيقتي وبنت عمي، واذا انقطع رابط يضل الف رابط غيره، وطول ماتربطني بيها صله.. رجوه بحمايتي وماحدا يقربها.. ولا حتى انت ياعمي ومنك السماح. 


تنهد قصير وقام بسحب لجام حصانه وتحرك من أمامه خطوة، ولكن يد سالم أمسكت منه اللجام وهو يقول له:

- والله عار علي إذا انا واقف وعمي وشيخي بروحه يعاود حصانه ويربطه. 


تحرك سالم بالحصان وترك عمه قصير يراقبه بحسرة وهو يتمتم في نفسه:

- الله يلعنك يارجوه ويلعن البطن اللي شالتك ياأم الفوانص ياعارر. 


خيم الليل واصطف رجال القبيلة وشبابها حول الشيخ قصير، وبعد الخوض في عدة موضوعات، تنحنح قصير وأعتدل في جلسته وتحدث بكل جديه:

- ياولاد خوي اليوم نويت نعطي بناتي ونزوجهم بأقرب وقت، فمن بخاطره وحده من بنيات عمه يحكي الحين ويحجزها، ومن بعد إذنكم سويلم اول واحد بيختار من بنياتي، بخلاف رجوه لأنه ماعاد يريدها وحل نهوته عليها، بس اني انريد نسبه وقربه وما اريده يصير صهر لغيري. 

فزع سالم من حديث عمه قصير ونظر لرابح بإستنجاد؛ لأن مايطلبه منه عمه هو الجنون بعينه، فرد عنه رابح على الفور:

- من رخصتك ياعمي تعفي سويلم من الاختيار، لأن عمتي عوالي شافتله عروس وبالفعل تكلمت مع البنيه وعشمتها، ومايصير نقطع العشم ونبدله خذلان، كلهن بنات عمومتنا والكل بغلا بعضه. 

نظر قصير لسالم وتنهد حسرة ثم قال:

-والله اذا هيك الحكي مرخوص ياولد خوي وربي يجعلك بيها الصلاح والفلاح وتملالك القبيلة ولاد ملاح.

والحين اللي بده بنيه يذكر اسمها قدام الجميع ويربطها بإسمه. 

فسارعت الافواه بنطق الأسماء ومن كان الاسرع حظى. 

أما سالم فقد استشاط غيظاً حين ذكر احدهم رجوة وطلبها زوجة له، ولكن رد هلال عليه هو ما اثلج قلب سالم حين قال:

- رجوه مو من ضمن الاختيارات، رجوه ماراح تتزوج، لساتها ما عقلت بعد ولا تعرف تعمر خيام، بعدها صغيرة. 

صدق قصير على كلام هلال إبنه، 

أما جميع الحضور فنظروا للخاطب بلوم وعتب، فهو يعلم جيداً رجوه بقلب من، والكل يعلم لماذا تم إنهاء رهنها، فلا أمر يخفى علي سائر القبيلة مهما كان صغيراً، ولكن هذا بالتأكيد كان عاشق خفي يتربص الفرصة واراد إغتنامها، ولكنه لم ينالها. 


إنفض المجلس ونهض الجميع، وبمجرد إنتشار خبر خطبة بنات قصير في القبيلة تعالت اصوات الهلاهل وانبعثت من داخل الخيام ترد علي بعضها..

 أما في خيمة معزوزه فكان الأمر أشبه بالعزاء. 

فقد إجتمع سالم ورابح وهلال يحاولون التخفيف عن سالم ومواساته، أما هو فكان يبتسم ويحاول مجاراتهم في الحديث والإدعاء بأن كل شيئ على مايرام،


 ولكن بمجرد ان سمع صوتها خارج الخيمة أختفت جميع الإدعاءات وتهدلت أكتافه بضعف، فهاهي التي وعدته الأ تجعله يراها او يسمع صوتها تدور في سمائه وتغرد، فبئساً للنسيان والتخطي إن كانت ستظل قريبة منه هكذا. 

دخلت رجوه الخيمة دون ان يجيبها احد، ولما رأتهم تراجعت للخلف وهي تعتذر منهم، 

وخاصة وهي تري حالهم هذا وكأن على رؤسهم الطير! 

ولكن مااحزنها حقاً هو حال سالم، نعم تعلم أنه حزين ولا يستحق هذا الشعور، 

ولكنها لن تهتم بحزن غير حزنها، ولن تضحي بسعادتها من أجل أن يسعد هو، هذا قرارها وهذا مااقسمت عليه ولن تأخذها بغير قلبها شفقة ولا رحمة. 


غادرت الخيمة وبعد فترة صمت تمتم هلال:

-روحي الله لا يردك. 

نظر اليه سالم بغضب، ودون ان يتفوه هب واقفاً وغادرهم، وتركهم حائرين في أمره، يعرفون علته ولا يملكون لها دواء. 


أما في خيمة الشيخه عوالي:

- يامايزه روحي جيبيلي نقال قصير قوليله عمتك ودها تحكي مع الشيخ منصور وتتفقد احواله، 

وبطريقك شيعي الخبر بأني غدوه بدي اختار من بين بنيات القبيلة عروس لسويلم وودي كل بنيه طايبه وبلغت سن الزواج تجيني لأفحصها من ساسها لراسها واقيم جمالها واللي راح تدخل  عقل الشيخه عوالي راح تكون هي العروس. 


نفذت مايزه ونشرت الخبر بكل القبيلة، والامر كان أشبه بقصة حفل الامير الذي سيختار منه عروسه، ولكن الوضع هنا مختلف، فسندريلا قد تخلت عنه ولن تأتي من ضمنهم. 


عادت مايزه وتركت الفتيات في حالة سباق، يتهافتون على البئر ويفاضلن بين ثيابهن، يتسابقون على جنديه القابلة حتى تنظف وجوههن وتصفف شعورهن بطريقتها المميزة. 


اما قبل قليل في إحدى الخيام... 


-ويش فيك يامزيونه كل مافتحتي فمك سالم وسالم، ويش قصتك أنتِ مع سالم؟ 

- اختي اسرك ولا تفشين السر؟ 

- اعتبريه بالبير القديم المهجور سرك يامزيونه. 

- انا انحب سالم.. انحبا من زمااان كتييير من وقت الكنا ولاد صغار، بس هو مايوم نظر ولا شاف غير رجوه، كنت اظنه مستحيل وياما دعيت ربي بجوف الليل إنه يبدل المستحيل ويجعلا بالإمكان،

 وقت كنت انفيق الصبح نضحك على حالي وانقول ويش هادا اللي قضيت ليلي ندعي بيه، وكيف ندعي بشي ماراح يصير، ونرجع ونقول الله يهنيه يارب مع رجوه ويهنيها معه.


 بس توا كأن ربي يقولي مافي شي مستحيل على ربك، مو أنت طلبتي مني سالم، هاك هو سالم.. بعدتلك رجوه عنه وصار طريقك خالي. 

- يعني ايش راح تسوين توا؟ 

- أول شي هنعدي  للكبيره، الشيخة عوالي نشكيلها المحبة والشوق وهي  تشور عليا ويش انسوي. 


أنهت كلماتها وإذ بصوت مايزه يصدح من خارج الخيمة وكأنها رسول الأمير تعلن عن ميعاد الحفل، فتصنمت مزيونه وأختها أيضاً من هول الصدمة، فكأن السماء سمعت وهيأت كل شيئ لصالح تلك المسكينه وهاهي تبعث لها الفرصة التي كانت بإنتظارها.

وبعد أن إنتبهت مزيونه علي نفسها همست:

-أختى زينه سمعتي اللي سمعته توا ولا اني عقلي بدا يصورلي أوهام؟

-سمعت يامزيونه سمعت، هيا انهضي وشوفي ايش راح تسوين بروحك وايش راح تلبسين غدوه.


-غدوه.. أي غدوه؟ الحين ودي امشي للشيخه، الحين بروح واحكيلها كل اللي بقلبي وروحي، مافي صبر لغدوه يازينه، هاد سويلم وهي فرصتي، هي دعواتي ومناجاتي لربي، سعادتي وفرحة عمري هادوول كلهن بخيمة الشيخة عوالي بإنتظاري وماراح اتركهن لغدوه ووحده غيري تمد يدها وتخطفهن مني.. قومي.. قومي ساعديني اتحمم وهاتي المكحلة والحمره وساعديني واسنديني لحد خيمة الشيخه احس رجولي ماعاد يحملنني.


اما في خيمة عوالي:

-. كيفك يانبض القلب ونور العين، كيف صرت ياحبيب عوالي.

- اني بخييير ياخيتي بس طمنيني عن القبيلة واحوالها واهلها، وعنك وعن كل شي، كلل شي.

- كل شي علي حطة ايدك ياخوي، اهل القبيلة ماشيبن على تعاليمك ونهجك ومافي حد خالف قوانين شيخه ولا حدا يجرؤ،

 وكله يدعيلك تطيب وترجع تنور مجلسك وتلم حولك الكبير والصغير وتعود مع رجوعك ليالي الفرح والسرور.


-لااااه ياعوالي مافي رجعه.. خلاص العمر ولى وإقترب وقت الرحيل، بس هي أيام باقيالي عم اقضيها متل ماتكون.

-الله يطول بعمرك ويعطيك الصحة ياخوي، ماتيأس من رحمة اللي يحيي العظام وهي رميم ومو كثير عليه يبري جسد من المرض، بس انت قول ياالله.

- ياالله رحمتك ورضاك وعفوك..طمنيني على وليدي آدم ياعوالي ايش احواله، حسه ماعاجبني وقت حاكاني، احسا شايل هموم الكون حتى وهو يقولي انه تخلص من عمه ورجع كل حقوقه. 


- يعني ماتعرف يامنصور ايش اللي يقهر الرجال ويشيلهم الهم حتى ولو كانوا سلاطين يحكمون بلدان.. العشق ياخوي مرمر رجالك ولعب بحالهم، اذا سالم ولا عقاب تنينهم عقلهم سلبنه الفوانص. 

- الوليدات لابد يتزوجون ياعوالي، اتنينهم زوجيهم، سالم بالاول حتى يخف وجعه ومن بعده عقاب، أو لو تعرفين تزوجيهم بيوم واحد ما تتأخري. 

- سالم اي هو هاد طلبه واني بدأت اشوفله عروس،

 أما عقاب فما أظن يوافق يتزوج الحين، وأنا ماأعرف من بنات الحضر لادورله منهم عروس ياخوي. 

- كلمي أمه تدورله وقوليلها الأمر عاااجل وفهميها ماتتوانى عن البحث،، قوليلها وليدك روحه عم تحترق. 

- تم ياشيخي تم. 

كانت ستواصل الحديث مع اخيها ولكن قاطعها صوت إحداهن تستأذن بالدخول، فأذنت لها عوالي وعادت للتحدث مع منصور، ولكن قاطعتها التي ارتمت اسفل قدميها وأمسكتهم بكلتا يديها وقالت بتوسل:

- ياعمتي وشيختي وشيخة قلبي، انا بعرضك وطولك واستحلفك بكل عزيز وغالي تنظرين لقلبي بعين الرأفة.

صاحت بها عوالي وهي لا تفهم ماذا بها:

- ايش فيك يامزيونه وليش خريتي حدر قدامي، قومي وفهميني؟!


-سالم ياعمتي، سالم اللي تدوريله عروس ماتلوقله غيري، انا ياعمتي أنا الاولى بابن عمي، انا اللي نحبه من صغري ومضيت سنين وانا اطلبا من ربي، انا اللي انتظرته وادري مافي أمل بس كان املي بربي كبير وماخذلني.. استحلفك بكل عزيز وغالي ماتدخلي حياة سالم وحده غيري.. انا راح اصيرله خدامه واتمناله الرضى وماراح اقصر بشي حتى يرضى.. انا راح اداريه برموش عيوني وافرشله قلبي بساط يخطي فوقه.. زوجيني سالم ياعمتي وراح تشوفين اني احكي الصدق.. اعرفك تحبين سالم اكثر من أمه اللي ولدته، وإذا تحبيه وتريديله الخير زوجيني له. 


صمتت عوالي وهي تراقب حال هذه المجنونه بتعجب، وانتبهت علي صوت منصور الذي كان لايزال على الهاتف وهو يقول:

- عوالي،، هي اللي تزوجينها لسويلم.. لبنيه عاشقه والعاشق يعطي بلا ثمن.. خلي تعوض سالم عن كل اللي خسره وتداوي جروح قلبه..بس ماتكون قليلة حلا عن قليلة الحيا الفانص بت مكاسب. 


اجابته عوالي بعيون تدقق فى ملامح مزيونه بتفحص:

-لا والله ياشيخ مانها قليلة حلا، هي متلها متل الفانص وتزيد بعد. 

- زين قوليلها يقولك عمك منصور سويلم جاك بهدومه... قالها وضحك وضحكت عوالي وارتخت أيدي مزيونه غير مصدقة لما تهادى إلى سمعها عبر سماعة الهاتف، 

فأنهت عوالي المكالمة مع أخيها وأخذت تنظر لمزيونه بتركيز أكثر، ثم نظرت لمايزه واعطتها أمراً بعينيها، فقامت مايزه بقفل ستار الخيمة، ونظرت عوالي لمزيونه وقالت:

-تعالي يامايزه نزعيها ملابسها حتى اشوف اذا داخلها زين متل خارجها ومابيها عيوب مخفيه، هاد سويلم واللي تاخده لازم تكون كامله مكمله من كل شي. 

همت مايزه بالإقتراب ومساعدة مزيونه ولكن فاجأتهم مزيونه حينما وقفت وقامت بنزع ملابسها دفعة واحدة وهي تقول:

- لا مااريد حدا يساعدني، انا امامك  ياعمتي افحصي متل ماتريدي. 


ضحكت عوالى من جرأتها وقالت  بعد ان نظرت إليها جيداً:

- زين رجعي ملابسج وتحشمي وخليكي ثقيلة، ودي اشوف خجل العذارى اللي مالمحته على وجهك من لحظة دخولك الخيمة.. وين حيا الصبايا منك وين؟ ياعيني على حظك ياسويلم ياوليدي اللي مايسوق عليك الا الفوانص! 


اردفت مزيونه وهي ترتدى ملابسها مرة أخرى:

- والله ياعمتي إني استحي بس هي فرصتي الوحيدة وانا حلفت ماأضيعها إلا وانا مخلصه جميع المحاولات. 

تبسمت عوالي وهي تنظر لمايزه التي أشارت لها بيدها بمعنى أن الفتاه ممتازه، ثم سرعان مااختفت إبتسامتها ودعت مزيونه للجلوس بجانبها وتحدثت بجديه:

-مزيونه اسمعيني زين.. انتي تعرفين حب سالم لرجوه اكيد لأن مافي حدا بالقبيلة مايعلم، وتعرفين أن رجوه هي اللي تخلت مو سالم، يعني لساها بقلبه وراح تضل، اذا عطيتك الفرصة اللي تتمنين وصرتي حلال سالم وسمعت لسانك بيوم ذكر رجوه بغيره، راح اطلعه من خشمك واقصه. واسم رجوه بيكون اخر شي نطقه مفهوم؟ 

-تم ياعمه ابشري. 

-وشي تاني، اذا عينك نظرت لرجوه نظرة كره بصفي ميها واخليكي بلا شوف.. سالم ورجوه تنينهم أولادي، وراح يضلون قراب حتي لو سالم تزوج اربع حريمات.. يعني مافيوم تقارني روحك بيها ولا تقولي لسالم ليش هي وأنا لا.. فهمتي علي، ؟ 


- تم والله تم، وربي ماراح احكي حتى اذا تزوجها بعدي، ولا اتكلم إذا جالسها ليل نهار.. انا كل اللي ابغيه من سالم بس نظره ودقايق قرب.. أريد اجيبله اول وليد والناس تناديه بابو فلان واكون أنا أم فلان، أنا ماني طماعه ياعمتي.. انا عاشقه عاااشقه. 


- والعاشق طماع يامزيونه وبيني وبينك الأيام، بس انا حذرت وانتي بكيفك..والحين يلا علي خيمتك وماحدا من القبيلة يدري باللي صار بيناتنا، وراح اشوف كل بنيات القبيلة غدوه لجل مايقولون عوالي تلاوع وماعاد ليها كلمه..

 وانتي جهزي حالك وشوفي ايش ناقصك لحتى انزل انا ومايزه الحضر واجيبه لك، واستعدي لتكوني عروس سالم. 


مرت الليلة بساعات أطول من الدهر على كل منتظر، سالم الذي يحارب النوم لكي يأسر منه القليل لعيونه المتعبة وعقله المجهد من شدة التفكير،

 ومزيونه التي لم تجلس ولو للحظة واحدة وهي تدور في الخيمة كمن ضيع عقله، غير مصدقة حتى الآن بما دار بينها وبين الشيخة عوالي، وكانها داخل إحدى أحلامها الوردية المتكرره وتخاف أن يختفى مع حلول الصباح. 

أما آدم فقضى ليلته باكملها في مكتب القصر مع  أبيه وهم يتشاوران في أمور الشركة الجديدة أو الشركات، يستمع أبيه إليه أكثر مما يتحدث، غير مصدق لأي مدى صغيره أصبح بارع، يشكر منصور وقصير في نفسه كلما رف قلبه ونبض بفرحة، يشكر القبيلة أجمع على إحتضانها لطفله وحنوها عليه اكثر من حنو من هم من دمه. 

أما عايده فكانت تشاطرهم السهر، فرِحة بوليدها الذي يناطح أبيه ويجادله في أمور العمل ويثبت له في كل مرة أنه هو الأصح والأدرى، كانت تطوف عليهم متحججة بالعصائر والمشروبات، وهي في الحقيقة تحب رؤيتهم معاً هكذا..


 جلست اخيراً بالقرب منهم واخذت تراقبهم وتبتسم فكم أصبح كبيراَ ووسيماً يخطف الانظار وتنخلع لطلته القلوب. 

كم تعشق جمعتهم وكم تعشق رؤيتهم سوياً وفرحة زوجها بإبنه الذي أنساهم كل مامروا به، وفي كل مرة يحتضنه أحدهم يدرك أن الفراق أتى بثماره حقاً ولم تذهب السنوات هباءً. 


أما فتيات القبيلة فقد كانت ليلتهم حافلة وهن يتبادلن الثياب فيما بينهم وادوات الزينه، وكأن سالم آخر رجال القبيلة.. هو ليس بالفعل آخرهم ولكنه من صفوتهم، والفوز به بمثابة الفوز في أضخم السباقات،ولا يعلمون بان نتيجة المسابقة حسمت سلفاً.


انقضى الليل وأعلنت خيوط الضوء عن يوم جديد، خرجت فتيات القبيلة يسعين في القبيلة وكلُ تبذل قصارى جهدها اليوم، وتحاول لفت الأنظار قدر المستطاع، وخاصة عند رؤية سالم في مكان ما. 


اقتربت ساعة الصفر، وقامت مايزه بالمناداة على جميع الفتيات لخيمة الشيخة، فسارعن الفتيات وكأن التي ستصل أولاً هي من ستفوز بسالم! وحتى مزيونه كانت من ضمنهم كما طلبت منها عوالي؛ كي لا يشك أحد بشيئ، ولكنها كانت تمشي بثقة كما لو كانت الملكة وكل هؤلاء جواري يتسابقن لنيل رضى سلطانها. 


وكان سالم وما يحدث لأجله في القبيلة اليوم مادة للضحك والهزو، وأُطلقت عليه عشرات الأسماء نظراً للحدث، مثل، الملك سالم، السلطان سالم، صاحب الفتح، شيخ شيوخ القبائل وووو...... 

أما هو فكان عقله في مكان آخر، حيث النخلة البعيدة التي تجلس تحتها جنيته غير آبهة بما يدور في القبيلة، وكأن من تتسابق الفتيات لأجله لم يعني لها يوماً شيء!

رابح:

- خوي.. ياسويلم، ايش رأيك نمشي للحضر ونتفرج عالاغراض وادلك على مكان كل شي اشتريته لخيمتي ونشتريلك اخوه. 

رد عليه سالم بشرود:

-انا ما اريد امشي لمكان يارابح أو اشتري شي، وقت الشرا اي حدا يجيب واتركوني بحالي. 

فأجابه رابح:

-ايش هاد الكلام ياسالم، والله خيمة اخوي وفرشها مايجي إلا نقاوة عيني  انا، والخيمه هادول السواعد اللي راح ينصبونها، انا فديت الساعه اللي خوي يتزوج فيها وانا اللي راح اجهزله كل شي بروحي. 


ليكمل هلال من بعده:

- والله ماتمشي خطوه لحالك، ومتل ماسالم اخوك اخوي متلك، وأي شي ينجاب راح يشيله هاد الكتف، وأكبر واحلا خيمه بالقبيلة راح تتنصب لجل عيون سويلم، خيمه اكبر وأوسع من خيمة الشيخ بذاته. 


تبسم سالم لعبارات الفرح والمحبة التي يسمعها، وكم تمنى هذا اليوم وحلم به، ولكن للأسف بعض الأحلام تأتي غير مكتملة.


إنتهى اليوم وعوالي أخبرت الجميع بان عروس سالم سيتم الإعلان عنها في المساء. 

وها قد أتى المساء والقبيلة بأسرها تنتظر معرفة من هي العروس التي وقع عليها اختيار عوالي، حتي سالم نفسه ينتظر معهم أن يري من التي سيأتي بها نصيبه، 

ولما وقفت الشيخة ونادت على إسم مزيونه، ظهرت من بين الجموع فتاة غاية في الجمال، نعم هو يعرف هذا الأسم ويعرف صاحبته وإبنة من، لكن هذه المرة الأولي التي ينظر لها فيها عن قرب وبتمعن، 

نظرة عريس لعروسه، فسابقاً لم يكن يرى من الفتيات ولا يسمع إلا لواحدة، وكأن باقي فتيات القبيلة أشباح سوداء تمر من حوله. 


تقدمت مزيونه وهي تحاول أن تكتم ضحكتها بيدها وخجلها واضح للأعمى، أما باقي الفتيات فأصابتهم الخيبة وجلسوا كمن خاب مسعاه. 

اشارت الشيخة عوالي لسالم فإقترب منها، وسألت مزيونه أمامه وأمام الجميع:

- مزيونه يابنت حسين، وقع اختياري عليكي زوجه لوليدي سالم وتوا راح ينهى عليكي، عندك شي تقوليه؟ 

 هزت مزيونه رأسها سريعاً بالنفي، فشعر سالم بأن هذه اللحظات هي نهاية كل شيء.. فإبتلع غصته وهو يبحث عنها بين الحضور كي تنقذه وتصرخ بهم جميعاً وتعترض، تخبرهم بأن سالم لها هي فقط ولن تتركه لغيرها، تهتف بأنه ملكية خاصة وتمنع الجميع عن الاقتراب منه،. 

ولكنه لم يجدها، أصبحت المجالس خالية من وجودها ومكانها فارغ، نعم هو طلب منها الإبتعاد عنه، ولكن منذ متى وهي تطيعه ولا تخالف له أمر لتمتثل لذلك الأمر وتنفذه بطاعة عمياء؟ 

أشارت عوالي لسالم نحو والد  مزيونه وهي تلكذه ليعود من شروده، فأبتلع غصته وتقدم من والد مزيونه ووقف امامه وأردف:

- ياعمي.. اني اريد بتك زوجه لي على سنة الله ورسوله، اريدها ام وليداتي وعمار دياري. 

فاجابه والد مزيونه على الفور:

- ابشر ياوليد اخوي عطيتك.. من الحين مزيونه رهينة سويلم. 

هلل الجميع وقامت النساء بالاحتفال على طريقتهم بإطلاق أغاني الافراح والمناسبات، والجميع بدأ بالاحتفال بخبر نهوة سالم. 

ولكن هناك من لم تدخل الفرحة قلبه وكانت الحسرة ربيعه.. الا وهو قصير ومن بعده هلال وحتى سالم نفسه. 


تم تحديد موعد الزواج بعد سبعة ايام من قِِبل الشيخة عوالي، مما جعل سالم يشعر بالزعر! 

فهي مدة قصيرة جدا ليستوعب حتى الأمر، كان يريد وقت أطول للتأقلم مع الوضع الجديد، ولكن قرار عمته عوالي كان بمثابة إصدار الحكم قبل المحاكمة. 

فتفرق الجميع وبعد ان نامت اغلب العيون ركب سالم حصانه وأنطلق به هرباً، وكم تمنى مع كل خطوة أن يغادر للأبد ولا يعود إلى هنا مجدداً، فهو يشعر بأن القبيلة اصبحت خاوية لا أهل فيها ولا حياة. 


أما رجوة فكم تمنت لو أن الأمر طبيعي، وتستطيع الأحتفال مع سالم بزواجه كإحتفال أخت بأخيها، تساعده في كل شيئ وتجلب له مايحتاج دون ان يطلب، وتلبي قبل أن ينادي، فمن أعلم به منها، كم أرادت ان تمارس على زوجته دور الحماة فهى اكثر من كانت ستتقنه على زوجة سالم.. 

كانت ستستمتع كثيراً، ولكن لو كانت الظروف مختلفة.


غادرت خيمتها وجلست علي أول الطريق فقد عرفت من معزوزه بإنه اخذ حصانه وغادر، أصرت على إنتظاره ومحاولة إمضاء معاهدة سلام معه، فها هو سيتزوج وسيتحول قلبه وكل مشاعره لأخرى، وستتحرر هي ويجب أن تتشكل العلاقات من أول وجديد. 


انتظرت وانتظرت حتي عاد أخيراً، عاد يترنح فوق حصانه ولولا معرفتها به لقالت بأنه منتشي من شربه للخمر، ولكنها تعرف حق المعرفة أن هذا مستحيل، وعند اقترابه منها أكثر  رأت منه ماجعل قلبها ينتفض خوفاً عليه، 

فقد كانت عيناه حمراء وشفتاه صُبغتا باللون الأزرق، كانت حالة تسمم واضحة، ولكن كيف وهو الذي لا يؤثر في جسده سم؟ 

إقتربت منه وساعدته علي النزول من فوق حصانه وأحتضنته بخوف، فنظر إليها وهمس بوجع:

-ليش تقتربين، مو قلتلك مااريد اشوفك، مااريد اشمك، اخرجي من حياتي يارجوه واطلعي مني، اخرجي مني تعبتي هالقلب وهلكتيه هلاك، ولك ولييي. 

انهي كلماته بلسان ثقيل وازاحها بعيداً عنه ومشى مبتعداً، وبعد خطوات قليلة تعثر. وكاد يسقط فكانت يداها اقرب له من الأرض، فسندته وساعدته علي الوقوف مجدداً، ازاحها هذه المرة في صمت وأكمل طريقة وهو يتمتم بوجع:


- اغربي عني ماعاد قربك مشروع ولا عاد لي حق فيكي.. فارقتيني كما تفارق الروح حتى وانتي تعرفين إن في فراقك موتي..بس ودي اسألك ليش اللي يموت شخص بيده يفوت على جثمانه ويبكي فوقه ليش ليييش. 


وصل أمام خيمة رابح ومعزوزه ونادى بصوت عالي:

- يااااارابح انجدني واني اخوووك.. تعال يارابح سويلم يموووت


خرج رابح مسرعاً من خيمته فور سماعه لإستنجاد سالم، واقترب منه بفزع واختطفه لأحضانه وهو يسأله:

-ايش فيك ياقليب اخوك، ايش اللي صابك وليش هيك حالك؟ 

- ماادري ماادري، فيه شي لدغني وماشفته ومااعرفه ولا اعرف ايش هو وغلبني وانا اللي ماتغلبني سموم. 


كاد رابح ان يدخله خيمته ولكنه تذكر أن معزوزه نائمة، فحمله وأسرع به نحو خيمة الشيخه عوالي فقد كانت هي الأقرب، وأدخله بعد إن ناداها بصوت واحد طالباً نجدتها فأذنت له بالدخول على الفور، وشهقت بخوف وهي ترى سالم بهذا الحال. 

انزله رابح فوق الفراش وقامت عوالي بفحصه سريعاً، ولما سألها سر حالته أجابته بحسرة:

-سم دفينه مع سخونه كانت بالاصل بجوفه، وكل هاد اختلط بالقهر فضعف جسده وجعل السم يأثر بيه. 


- والحل ياشيخه؟ 

- بسيطه ماتخاف عليه، سويلم قوي، الحين بسويله أعشاب يشربها واعشاب احطها فوق بطنه واسويله كمادات مي بارد وغدوه يصير متل الحصان يرمح بالقبيلة. 


إبتعد رابح عن طريقها وافسح لها المجال كي تبدأ في مداواة سالم، أما رجوه فكانت تقف على باب الخيمة وهي تشعر بأنها أصبحت غريبة لا يحق لها الإقتراب، وخاصة بعد نظرات عمتها عوالي الساخطة، فلا هي التي تقوى علي الإنصراف وترك سالم بهذه الحالة، ولا هي التي تستطيع الدخول، 

فوقفت حيث هي.. تراقب الوضع وتدعوا له، وهذا كل مابيدها عليه الآن. 

مر بعض الوقت وهدأت إرتجافة جسد سالم وتبدل لونه الازرق وعاد طبيعياً إلى حد ما، واستكانت حركته اللا إرادية، فإطمئنت الشيخه عوالي وطمأنت رابح وطلبت منه العودة لخيمته فقد زال الخطر. 


أما رجوه فظلت جالسة علي باب الخيمة وأبت المغادرة حتى مع رابح والعودة لخيمتها، وعند طلوع الفجر أمرت عوالي مايزه بالذهاب إلى خيمة مزيونه وإحضارها، ولما سألتها مايزه عن السبب اجابتها عوالي:


-اريد سالم أول مايفتح عيونه يشوف مزيونه فوق راسه، اريده بس يفيق من احلامه يشوف واقعه وينفض الاحلام وينساها، ماشوفتيه كيف يهزي باسم الفانص طول الليل؟ 

اريد مزيونه تاخد دورها بحياة سالم من الحين وتشغل الأماكن الفارغه. 


نفذت مايزه الأمر وأحضرت مزيونه التي أتت معها وهي غير مصدقة، ولما مرت بجانب رجوه تجاهلتها تماماً، فأجلستها عوالي بجانب سالم بعد أن أملت عليها ماتقوله له عندما يستيقظ، وتركت الخيمة مع مايزه وذهبتا للوضوء والاستعداد لصلاة الفجر. 

اما مزيونه فجلست بجوار حلمها الذي تحقق، وأخذت تنظر إليه وهي تحمد الله وتسأله ان يثبت قلبها الذي يتخبط داخلها من شدة الفرحة.. بينما الاخري لا تزال تجلس بالخارج تشعر بأنها خسرت مكانتها لدى الجميع، وهذه عدالة السماء فخسارة البعض هي مكاسب لدى البعض الآخر. 

فتح سالم عيناه ببطئ اخيراً، فاعتدلت مزيونه في جلستها وتبسمت بسعادة، أما هو فبمجرد رؤيتها سألها قبل أن يدرك من هى حتى:

-وينها، وين راحت الندله وتركتني، وانتي من وليش تجلسين بجواري؟ 


اجابته مزيونه وهي تدعي الغباء، فهي تعلم جيداً على من يسأل:

-اذا تسأل عن عمتي الشيخه اخدت مايزه وراحو يصلوا، وإذا تسأل عني فأنا ياإبن عمي رهينتك مزيونه وست بيتك وام وليداتك بإذن الله، وانا هون من لما جيت عشيه، عرفت ان الاذى صابك اسم الله حولك وجيتك وقضيت الليل بجوارك. 


اغمض سالم عيناه بضعف، فها هي تثبت له مجدداً حين تركته في هذا الحال بأنها اندل مما توقع وأحط مما اعتقد، فلو كانت هي لكان خبأها بين ضلوعه حتى طابت. 


إعتدل في جلسته فهبت مزيونه واقفة واحضرت له نعليه ومدت له يدها تساعده، فنظر ليدها ثم زفر ووقف دون الإستعانة بها وهو يقول:

-بعدك ماصرتي حلالي، لا تمدين يدك صوبي ولا تقربين، بس تكونين بخيمتي يصير القرب مسموح لا تبدأيها معي بالحرام. 


كادت أن تفلت من فمها الكلمات وتذكره بأنه إقترب من رجوه الاف المرات، بل وحملها على قلبه وأجلسها في حجره وليس مجرد لمسة يد، ولكنها تذكرت وعدها للشيخة عوالي، فصمتت، 

ولكن سالم فهم ماكانت تنوي قوله دون ان تنطق، فعيناها قالت مابداخلها، فأكمل وهو يلبس نعليه إستعداداً للمغادرة:

-مو حلو الاستعجال، واللي يتعجل شي قبل أوانه يتعاقب بحرمانه،فهمتي علي ياااا؟ 

-مزيونه ياابن عمي، واي فهمت عليك وانا ما مستعجله ولا شي، انا بس ردت اعينك توقف على رجليك، ومادام مابيك الا العافيه مالها لزوم يدي ولا مساعدتي.


-بتشكرك يامزيونه ماقصرتي. 

-اسمحلي اسويلك فطورك اليوم ياسالم، هاد أول طلب اطلبه منك واتمني ماتردني. 

صمت قليلاً واجابها بقلة حيله:

-ماراح اردك هالمره، بس يامزيونه من بعدها اريدك تحطين بمخك ان فيه اشيا الموافقة عليها أو رفضها شي راجعلي.. ومايصير ندخل بيها غلاتنا عند بعضنا ولا مكانتنا، 

بمعنى

 انا الحين مااقدر احط شي بخشمي وبطني ماطابت زين، واذا اكلت راح انضر، وانت بس حكيتي اول طلب وماتردني ومدري شو انا مااقدر اردك بعدها وراح أئذي حالي لاجل ماتزعلين، فيابت الحلال إذا الطلب مايخصج ماتتوسلين ولا تتدللين. 

- امرك ماراح اعيدها وعد. 

- بالمره الجايه اسأليني بس اذا كنت اريد طعام أو لاً، ولا تتعجلي راح تملين من تجهيز الطعام وتتعبين من كثر طلباتي. 

- والله ماأمل ولا أتعب إذا اضل واقفه فوق راسك ليل نهار. 


تبسم وهو يعود للجلوس ورد عليها:

-ديري بالك هاد الحكي راح تتحاسبي بيه بعدين، والحين هيا جيبي طعامك وماتنسين عمتي عوالي ومايزه سويلهم معي.. وانتي معنا..


ضحكت مزيونه وغادرت علي الفور وهي تشعر بأن اليوم هو يوم حظها الأوفر حتى الآن، فقد جلست بجواره وحادثته وستحضر له طعام إفطاره وستشاركه الطعام ايضاً، فماذا تريد أكثر؟ 

خرجت من الخيمة وتخطت رجوه التي لازالت جالسة وبالتأكيد سمعت كل شيء، وذهبت أمامها وكأن ليس لها وجود، أو انها شيء خفي بالنسبة لها! 

فنهضت رجوه ونفضت عنها التراب ودخلت الخيمة بخطوات متراجفة ودون استأذان، فرفع رأسه ولما رآها هي هتف بها بغضب:

- اخرجي وماتعاودين، مااريد اشوف وجهك يارجوه.. انتي ماتعرفين سالم إلا وهو طايب، ماتعرفيه وقت التعب والعوزه، ماتبقين بجواره إذا روحه عم تطلع، تروحي وتردي بس لتشوفي لوين وصل حاله، 

هي قيمة سالم عندك، سالم ماطلع يعني لرجوه أي شي، بس فترة وانتهت. 

ارادت ان تنفي، أن تدافع عن نفسها، عن مكانته وغلاوته بداخلها، تخبره بأنها كانت تتألم معه طوال الوقت، ولكنها صمتت، صمتت ليصدق بأنها بالفعل قاسية ولا تحمل له بداخلها اية شعور، لعل ذلك يساعده في التخطي اسرع والمضي قدماً في حياته، 

فغادرت الخيمة دون أن تدافع عن نفسها بكلمة، غادرت وتركته يسبها ويلعن قلبه وغباءة حتى اختفى صوته حين ابتعدت المسافة الكافيه.. وجلست تحت جزع نخلتها البعيدة وهي تشعر بأنها باتت منبوذة من الجميع.. فلا اهل، ولا صديق، ولا حبيب، وكأنها نبتتة سامة إذا إقتربت من أحد فر هارباً، ومن يقترب منها يموت وهو على قيد الحياة. 


في غرفة الفندق:

-خلاص يابابا انا اتفقت مع اللي هينفذ وآدم هنخلص منه في خلال اليومين الجايين، الناس مراقبينه وهيستنوا بس الفرصه المناسبه. 


-تمام علي بركة الله، وانا هشوف لمحمود ومراته داهيه تاخدهم هما كمان عشان مش ناقصين وجع دماغ بعد موت ابنهم. 

- متقلقش هما اصلاً هيموتوا وراه من القهر عليه. 

- وإن ماماتوش نموتهم.. قالتها فريال وهي ترفع زجاجة السم أمام عينيها، الزجاجة التي أصبحت لا تفارقها ليل نهار، وكأنها باتت تستمد قوتها منها. 


أما بالقرب من مقر شركة آدم:

- خلي بالك صاحب المهمة مستعجل قوي. 

- احنا شغلنا مينفعش فيه استعجال، مستعجل يخلص بنفسه، لكن طالما جالنا يسيبنا نخلص بمعرفتنا، لو استعجلك مره تانيه فهمه كده. 

- تمام.. بص الزبون اللي عليه العين خارج من بوابة الشركه اهو. 

- وراه

..يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة