رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 7 - 2 - الأثنين 16/9/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل السابع
2
تم النشر الأثنين
16/9/2024
فالمساء، أتت المُمرضة التي أخبرتهُ عنها الدكتوره" هند"، كانت فتاة علي ما يبدو أنها بالخامسة والعشرون من عمرها، بشعر أشقر قصير وملامح هادئة، لم تكن قصيرة أو طويلة، بل في متوسط الطول العادي...
وما أن أطمئن أن هناك أحدٍ بجانبها، ذهب إلي الشركة لساعتين فقط، من ثم عاد، يحمد ربه أن "نانسي" مازالت بأجازة، لولا ذالك لكانت ظلت تسأل عن سبب عدم مجيئهِ إلي الشركة، وهو عادةً لا يُهمل عمله بتلك الطريقة ويترك الأمور بين يدي مساعدهِ، دومًا ما كان يُقدس عملهُ بتفاني، ها هو قد بدأ يخترق أول قانون بحايتهِ من أجلها دون أن ينتبه لذالك........
كانت الساعة تُشير إلي الواحدة بعد مُنتصف الليل حينما عاد هو، يركن سيارتهِ أمام المنزل، تقدم إلي المنزل بوجهٍ مُرهق، فقد بذلَ مجهودًا كبيرًا في لملمت الأعمال المتراكمة عليه منذ يومين، أمضائات، مطالعة اوراق، أجتماعات كانت قد تم تأجيلها، فقط يومين وتراكمت عليه الأعمال وكأنه ترك الشركة لشهر مثلاً.....
تقدم إلي الداخل ببطءٍ، وصل إلي الصالة وجدها مُغلقة الانوار، ففتحَ أضائة صغيرة فقط، رمي بچاكيت بذلتهِ علي طولِ ذراعهِ بأهمال، من ثم أرتمي بأرهاق علي الأريكة الطويلة المتوسطة للصالة، ازار قميصهِ الأسود نصفها مفتوحًا، وقد شمرَ عن ساعديهِ، شعرهِ العسلي مُشعث بطريقة ظريفة......
أرتمي برأسهِ للخلف بتعبٍ، متنهدًا، تبعتهُ حركة يديهِ علي شعرهِ يُرجعهُ إلي الخلف، عينيهِ تنغلق بمفردها، لم ينل قسطًا من الراحة لفترة طويلة حقًا بات يشعر أنه فقدَ الأحساس بعضلات جسدهِ من شدة الأرهاق، لذا نهض بأقدام مُتثاقلة يتجهُ ناحية غرفتهِ، فتحَ الباب بأهمال حتى أنه لم يغلقهُ خلفهُ، بات لا يري شيئًا أمامه سوى السرير فقط.....
أرتمي بثقلهِ يفترش السرير نائمًا علي بطنهِ بأهمال بحذائهِ حتى أنه لم ينزعهُ، مثير للشفقة حقًا........
والمثير للشفقة أكثر أن المسكين لم ينم لساعتين حتى، وسمعَ صوت طرقٍ علي بابِ الغُرفة الموارب،وفالخلفية صوت بكاء وصراخ لم يستطع تمييزهُ بالبداية لأن النُعاس كان لازالَ يُلازمهُ........
لكن حين أستوعب أنه صوت"رضوي "، أنتفضَ من مكانهِ فورًا يطالع الممرضة والتي تدعي" مروة"، والتي كانت تقف مذعورة علي الباب بوجهِ يظهر عليه أنها أستيقظت من نومها للتو......
لم تعطي له الفرصة ليسألها بل قالت هي بسرعة:
_"الحق يا مُراد بيه، رضوي شافت كابوس وعمالة تصوت.... "
هرولَ سريعًا وقد طار النُعاس من عينبه وتحفزت حواسهِ، أصبحَ منتبهًا كُليا عندما تعلق الأمرُ بها، دخل إلي الغرفة سريعًا وجدها مُنكمشة علي نفسها تبكي بحُرقةٍ تضعُ كلتا كفيها علي أذنيها وكأنها تستمع لأصوات لا تريد سماعها، ترتعشُ برعبٍ، لا سمحَ الله من سلبَ طمئنينة قلبها.....
_"رضوي أهدي في أي؟ أهدي ده كابوس".
كانت مُغمضة العينين، صورة "نادر" تتأرجح أمام عينيها، بعد أن ذارها في أحلامها ودبَ الرعب في أوصالها كما فعلها من قبل، الذاكرة تأتي بصورًا مما مضي أمام عينيها، كانت ترتعش بخوف حقيقي نابع من قلبها الذي فقد معني أن يكون مطمئن غير خائف........
وكان صوتهِ هو الذي أنتشلها من تلك البُقعة عنوة، يُحفز حواسها أنه هنا بجانبها،، عِند سَماع صَوتهِ يَهرع حُزنها وخوفها إلى خِزانته، و يَلبس كُلُّ الأفراح، دُفْعة وَاحدة، ويطمئن، وهذا أكثر شيئًا كانت تفقده، فتحت عينيها بحذرٍ خشيةٍ من أن تكون مازالت داخل ذالك الكابوس......
وجدتهُ بالفعل أمامها، ينظر لها برماديتيهِ، والقلق واضح علي قسمات وجهِ، شعره مبعثر يدل أنه كان نائمًا، رمشت بأهدابها التي لم تعد كثيفة، معظمها تساقطت، مع كل دمعة تسقط رمشًا وكأن عينيها تقول أن كل رمشًا يسقط منها بعد البُكاء يعزز كرهها للفاعل، للمُتسبب الوحيد في بُكائها......
بلعت ما بجوفها، تقول بحذرٍ وبشفاة مُرتعشة تخشي أن يكون كل هذا ليسَ حقيقيًا:
_أنتَ.... أنتَ هنا بجد، يعني يعني نادر مش موجود هنا؟.
اسألتها تَغرسُ بقاعٍ قلبهِ ترسخُ بداخلهِ رغبة كبيرة في الإنتقام لها والأخذ بحقها، حتى وأن كان من أبن شقيقهِ، رعشتها تلك وعينيها التي أنعدم منهم الآمن وتمكن منهم الخوف، قلبها الذي يهلع من أقل شئ كل هذا لن يذهب هباءً، سيأخذ بثأرها......
أمسكَ يديها يُطمئنه أنه حقيقي ومعها، لأنه يفهم أنها تخشي أن يكون خيالاً، وجد أطرافها مُثلجة، أغمض عينيهِ بحزن، متنهدًا، ثم قال بنبرتهِ الرخيمة الدافئة:
_"أنا هنا جنبك، ومش هسيبك، محدش هيقدر يقرب منك طول منا جنبك!. "
عينيها تطلب منه التأكيد أكثر، فـ لبَ طلبها وضغطَ علي كفيها بقوةٍ يثبت لها أنه والله لن يتركها تواجه مصيرها بمفردها، ثم قال بتأكيد:
_"أنا وعدتك، وعدتك أن حقّك هيرجع لك بس الصّبر، الصّبر بس وكل حاجة هتيجي بس في وقتها، أطمني، أطمني خالص.... أنا جنبك والله!. "
لا أحد يعلم مدى مرارة ووحشية، أن تعيش في ذلك النوع من الخوف وأن يكون الخوف أمامك في كل مكان في كل شيء ، لا أحد يعلم ماذا يعني أن تتمنى الطمأنينه، أنها أبسط شئ لكن أثمن ما يملكه قلب الأنسان، فالأنسان عبارة عن طمئنينة متحركة، أن فقد طمائنينتهُ فقد فقَدَ نفسهِ.......
كانت كلماتهُ دافئة، دافئة وكأنه أستعارَ الشمسَ في حنجرتهِ، يدس الحنيّة في أوسط كلامه، وفي بداية أفعاله البسيطة ونهاية نظراته الحنونة اللطيفة يرويها بالحنية ريّ لا ظمأ بعده، وفي مثل تلك الفترة لا تظن أنها تحتاج لأي شيئًا بقدرٍ ما تحتاجهُ هو بجانبها.......
أحيانًا، لا بل دائما ما تُفكر، ماذا كانت ستفعل أن حدث لها نفس ما حدث وهو لم يكن بحياتها، أو أنها لم تكن تُحبهُ بعد، تتوقع أنها كانت ستكون بين أحضان التراب منذ زمن لأنها تعلم جيدًا أن قلبها أرق و هشٍ أكثر من كونهِ يستطيع تحمل فاجعة كتلك.....
لكن وجوده حقًا يؤثر بشكل كبيرٍ دون أن يعلم هو، حتى وأن كان يفعل أشياء بسيطة يُمليها عليهِ ضميرهِ ونبالة أصلهِ، وأنه أن كان أحدٍ بنفس موقفهِ أقل ما سيقدمه كلمات لطيفة تواسي وتُطمئن، لكن لعادية كلماتهِ نوعً آخر من المواساة، كلمات عادية نعم، لكن الفرق أنها تخرج منهُ هو، هو وليسَ أحدٍ آخر.........
أغمضة عينيها بأمتان لوجوده، ثم رجعت برأسها لوسادتها تعتدلُ في وضعية نومها، مُمسكة بكفهِ ولم تتركه، قائلة قبل أن تغمض عينيها تتوسلهُ:
_"مُمكن متمشيش، خليك هنا، جنبي".
_"حاضر أنا جنبك أهو، أطمني".
وكالمُعتاد لكلماتهِ البسيطة سحرٌ خاصَ، خاص جدًا، بأقل من دقيقتين عادت للغفو مرة ثانية، وظل هو بمكانهِ يجلس علي السرير وكفهِ بكفها، يتأملها، بريئة بقلبٍ نقي لا تستحق كل هذا الحزن أبدًا........
أنهُ لأمرٌ مُرعب ومروع، أن يكون الحُزن قويًا قويًا جدًا لدرجة أنه بيومين فقط غيرها كُليًا حولها من "روبانزل" الفتاة المرحة الخولة، التي ترمي البهجة في قلوب كل من حولها فقط عندما تبتسم وتتحدث بنبرتها المتفائلة دومًا، إلي فتاة أخري تمامًا نسخة شاحبة، نسخة مُنطفئة... خائفة... مُتعبة....
لا يعلم كم من الوقت أستغرقهُ وهو يتأملها، حتى وجدَ نفسهِ يغفوا بمكانهِ دون وعيٍ ومازالت يديها بداخل كفهِ......
❈-❈-❈
أصوات نسمات لطيفة، مع أنبثاق نور الشمس يُضيئ الغرفة، والذي تسلل من النافذة المفتوحة علي آخرها كما تُحب هي، وقد طلبت من الممرضة قبل نومها أن لا تُغلق الستائر أو النافذة لأنها تُحبها مفتوحة، تُحب أن تستيقظ كل يوم علي رائحة الصُبح، شيئًا غريب، لكنها بالفعل تشعر أن الصباح لهُ رائحة خاصة وفريدة، رائحة لذيذة لا تستطيع تحديد شبيه لها...... وياللروعة أن كانت تلك الرائحة مختلطة مع رائحة البحر والرمال، سُبحانَ الخالق الذي أبدعَ فخلقهِ للأشياء من حولنا.......
تململت بكسلٍ في سريرها، تُتمتم بهمهمات خفيفة، رمشت بأهدابها قبل أن تفتح خضوريتيها تستقبلُ نور الصباح، يُداعب عينيها، نظرت حولها لثواني، تستعيد زكري ليلة أمس وأنها بالفعل لم تكن تحلم، تشعر أنها أفضلُ حالاً عن الأيام الماضية، لم تكن كاذبة حينما قالت أنه هو ضماد قلبها وعلاج أي جرحٍ بها...... باتت مُمتنة جداً للحُب الذي يجعل من وجود الأشخاص حياة أخري لنا وملاذ نحتمي به ونطمئن بجانبهِ، باتت مُمتنة له فعليًا لولاه لكانت بقيت بتلك الحفرة إلي الأبد،ولكن بعد أن أنتشالتها يديهِ بقوة وشجاعة، أحبت الحُب وكل ما يأتي من ورآهِ وكل ما يفعلهُ الحبُ بيننا.......
نهضت من سريرها بحيوية غريبة، جات فجأة، متقدمة إلي المرحاض، تأخذ حمامًا أيعقلُ أنها لم تستحم منذ يومين تبًا كيف بقيت هكذا، تبًا لحماقتها ماذا كانت تنتظرُ، هل لحين أن تفوحُ رائحتها العفنة، لم تكن عفنة جدا يعني، لا نبالغ لا نبالغ، لكن.... كان يجب عليها الأستحمام فقط.....
لا مشكلة الأمر محلول، نصف ساعة قضتهم بالداخل، أطول حمام أخذته بحياتها، وكأنها هكذا تعوض الأيام الماضية التي لم تستحم بها، وتُجمعهم سويًا.... خرجت مرتدية كنزة بيضاء طويلة وبنطال من الچينز أسود، أتي "مُراد"بتلك الملابس أول أمس لكنها لم تكن واعية لتتفقدهم أو ترتديهم، وبما انها اليوم تشعر أنها أفضل حالً أرتدتهم ووجدت أنهم رائعين ويُناسبونها جداً..... ذوقهِ رائع ككل شيئٍ بهِ......
خرجت من الغرفة بعد أن جفتت شعرها، وعكصته علي شكل دائرة مبعثرة، بعد محاولات عديدة فاشلة في جعلها مرتبة....، وما أن فتحت باب الغُرفة ووقعت عينيها علي هذا المنظر أمامها، دون تفكيرٍ تجمدت الدماء بعروقها، وأمتعضت ملامحها، هل قالت منذ ثواني أنها بأفضل حالٍ، أشطبوا تلك الجملة، أنها بأسوء حالٍ الآن، ولا يوجد حالً أسوء من حالها وهي تكاد تحترق غيرة.......
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية