-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 8 - 2 - الأثنين 16/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الثامن

2

تم النشر الأثنين

16/9/2024



كان يجلسُ علي كُرسي بلاستيكي أمام المنزل فالحديقة الصغيرة التي تحاوطهُ، كانت حديقة جافة لا يوجد بها نباتات إلا من شجرتين واحدة بجانب الباب الرئيسي، وأخري في مُنتصف الحديقة، وبالأرضية عشب صناعي يغطي نصفها تقريباً....... 


أمامهُ طاولة بلاستيكية بنفس لون المقاعد، وقد وضع هو عليها أكياس الطعام التي تفوحُ منها رائحة شهية، تجعل معدتك تُدغدغك تُغريك لأكلها ..... 


أقتربت هي برشاقة وخفة، تضع الأطباق علي الطاولة، وقد ساعدها هو في أخراج محتوايات الأكياس ورصهم بالأطباق.....حتى أنتهوا... 


جلست علي المقد الموازي لهُ، ودون تمهلٍ بدأ هو في تناول طعامهُ بسرعةٍ لشعورهُ الشديد بالجوعِ كان يأكل علي عُجالة ولأول مرة ترآه يأكل بشهية مفتوحة هكذا، ألهذهِ الدرجة يُحب الأسماك، أذًا فليذكرها أحدً أن تشترك بقناة الشيف نادية السيد علي منصة اليوتيوب، لتتعلم جمع أنواع أكلات السمك ومشتقاتهِ..... 


كان تتأملهُ وهو يأكل كطفلٍ وُضعَ أمامه أكلته المفضلة بعد جوعٍ دام لأيام، أبتسامتها تحتلُ ثغرها دون وعي، وتتسع أكثر، لاحظ أنها تنظر لهُ ولا تأكل، فضيقَ حاجبيهِ قائلاً والطعام بين يديهِ: 


_"مش بتاكلي ليه؟ الأكل حلو جدًا هيعجبك". 


_"هأكل أهو! ". 


قالتها، بينا شرعت بمد يديها تاخذ بعض القطع الصغيرة من السمك المشوي، تتناولهُ ببطء وبحذر، أنها بالأساس لا تُحبه لكن أكلهُ معه هو بالطبع سيُحلي مذاقهُ بفمها، وكانت صادقة، فـ الآن تشعر أنها لأول مرة تأكل سمك بمثل هذا الطعم الجيد..... 


علي مايبدو أنها ستغير فكرتها عن كرهها للأسماك...... 


_" هو مُمكن أطلب طلب". 


قالتها بترددٍ، توقف هو عن الأكل، ثم نظر لها بأستماع، قائلاً برحابة يحثها علي قول ما تريد: 


_"من غير أستئذان طبعاً أطلبي إللي أنتِ عايزاه! ". 


_" أنا شايفة أني بقيّت كويسه، ومش شايفة داعي لوجود مروة، أنا بعرف أخد دوايا بنفسي ". 


من يسمعها تقول هذا، يظن فعلاً أنها لا تريد تواجدها لأنها لا تحتاج لها، وأنها أصبحت بصحةٍ جيدة وبأمكانها الأعتناء بنفسها، لكن وراء كلماتها معني خفي لا يعلمه أحدٍ سواها هي فقط...... 


" مروة"دخلت بنفسها إلي قائمة من تود قتلهم، ودليلاً علي ذالك أنها بالفعل كانت تخطط لقتلها بأظافرها الطويلة الحادة، لتتخلص منها، ‏هي لا تغار لا تشعر بالغيرة مُطلقًا يحترق قلبها فقط حين تراه يتحدث مع غيرها ببحتهِ المُحببة لقلبها، حين يكون إحداهم علي مسافة أقرب إليه منها، حين تتشابه أفكاره مع أفكارٍ غير أفكارها،كـ علاقتة بالحرباء"نانسي"،تحترقُ حين يخرج اسمهُ من بين شفاة امرأة أخري غيرها،تحترق حين تقع عيناه علي أخرى حتي لو بالخطأ،حين يلتفت لنظرة عابرة من إحداهم ،يفور دمها فقط، لكنها لا تغار...... 


_"إللي يريحك حاضر، همشيها، مع أنها يعني بقالها يومين بس، بس زي ما تحبي". 


❈-❈-❈


أصوات مؤسيقي الراب، تصدح في أرجاء المطبخ بصوتٍ عالي، يُغطي علي صوتِ الأواني والكركبة أثناء الطهي، تُدندن بروقان مع كلمات الأغنية الغير مفهومة للبعض، والذي من يسمعها يشعر أن المُغني يُلقي الكلمات دُفعة واحدة، وللتعجب أيضًا كيف لهاوية الكُتب والقراءة والثقافة،نوعها المفضل فالموسيقي هو الراب الصاخب،تناقض حقًا، مزاجها رائق، تتنقلُ بحُرية وبسلاسة، بملابسها البيتية، سترة صفراء بأكمام طويلة، وبنطال نفس اللون مزركش بزهور عباد الشمس الصغيرة، تتنقل بخفة كفراشة صفراء تحوم حول أحدي الزهور........ 


عكصت شعرها الطويل بعشوائية كي لا يُعيقها ويقيد حريتها فالتنقل، اللاب توب الخاص بـ "مُراد" مفتوح علي أحدي برامج الطبخ، كانت تتابع تعليمات الطاهية، وتدندن الأغاني في آنٍ واحد بتناغم، تارة تُلقي نظرة علي الفيديو أمامها وتارة تقلب محتوي القِدر وتتأكد أنها تسير وفقًا للتعاليم....... 


أنتهت الأغنية، مع أنتهائها من تقلب المكرونة، وقد خفضت النار عليها تجعلها تنضج علي نار هادئة..... تنتظر بسعادة نضجها وتذوق ثمرة مجهودها المُبتذل منذ الصباح، فقد أستيقظت باكرًا اليوم.... 


وقررت أن تُعد هي الطعام بنفسها اليوم، ولأنها ذات مزاج جيد، فـ ها هي الآن أنتهت من أول طبخة تطهوها في حياتها، نعم أنها المرة الأولي التي تدلف فيها إلي المطبخ، وهذا يجعل تخيلكم  أن هناك بالتأكيد كركبة وفوضة أحدثتها لجهلها بأمور الطبخ،وأن المطبخ الآن في حالة مزرية ، لكن علي العكس تمامًا لم تحدث فوضة نهائيًا بل كانت تتحرك بحذرٍ وبهدوء وتأنِ، وأيضًا كانت تسير وفقًا لِمَ تقول الشيف أمامها........... 


رجعت بظهرها تستند علي الرُخامة من خلفها، تنتظر أن يكتمل أنجازها الصغير، تأمل أن تكون جيدة وقابلة للأكل، لأنها كما قولنا أول مره تهطو، فدومًا كانت مدللة، مدللة أبيها عندما كانت تعيشُ معهُ ومدللة والداتها عندما أتت للعيش معها، كانت والداتها طباخة ماهرة، تُجيد أمور الطبخ بمهارة، حتى أن الجميع يستغربون من كيف لها أن تكون فاشلة بالمطبخ ووالداتها شيف..... 


لكن الأمر لا يتعلق بوالدتها، هي نفسها ليس لديها شغف لتعلم الطبخ، لماذا تتعلم من الأساس نشأت وتربت في منازل بها من يطبخون..... 


لكن الآن، تحيك أول طبخة بأنامل سعيدة، سعيدة لانها تُعد الطعام لهُ هو، وأن من سيأكل هو، في نظر البعض، سيرون أنها بحالة نفسية الآن أو أنها مريضة، نعم أنهُ وصف للحالة، الحالة التي تظهر أمام الجميع لكن باطنها مجهول، أن قصت ما حدث علي أحدٍ ما، سيقول أن ذالك الحادث أصابها بالجنون لِمَ هي عليهِ الآن..... 


ملابسة باللوان صيفية زاهية، نشاط وحماس، راحة ومزاج رائق، مُطمئنة لا تخشي شيئًا، تُعطي ظهرها لأي شيئ يُعيق صفاء روحها الآن..... الأمر يبدو غريبًا للبعض، لا بل للكثير، فـ من المُفترض أن من في مثل موقفها، مكانهم غرفة مظلمة يبكون قهرًا وذُلاً، يندبون حظهم ويرون الحياة سوداء خالية من أي لون ذاهد........ 


لكن هي العكس تمامًا نعم عاشت يومين يُصنفون في قائمة أسوء أيام حياتها، كان بينها وبين الأنهيار شعرة واحدة، ولكن كل ذالك أختفي، أختفي بطريقة عجيبة.... 


في تلك الليلة المشؤمة، كانت تفقد روحها بُبطء وتروي، كان كل شيئًا يرتجف حولها الحوائط والأثاث،والليل والسماء..... وقلبها، لكن حين أستمعت فقط إلي صوتهِ بجوارها تبخر الخوف، وحل محله شعور بالأمان، أنه هنا أذًا لا دعي للقلق حتى ولو أنقلبَ العالم راسًا علي عقبٍ...... 


فأغمضت عينيها تستسلم، تُريح رأسها علي كتفهِ وهي مُطمئنة أنهُ لن يخذلها، ثقة عماء اليسَ كذالك، هي نفسها تستغرب كثيرًا كيف تثقُ بهِ إلي هذهِ الدرجة، لكن ليست هي التي تثقُ بها، بل قلبها، قلبها يثقُ أنه أختار الشخص الصحيح، قلبها دليلها.؟... 


غريب هو الحُب، قادرًا علي أحياء حياتنا وجعلها مزرعة زهور، وعلي الوجه الآخر قادرًا علي جعل الحياة في عيوننا قبور......... 


هو بجانبها، يعاملها معاملة عادية بنظر البعض، وبنظرهِ هو أيضًا، لكنها تراها مختلفة، تري أفعالهِ مختلفة تمامًا، حنون بشكلٍ مُفرط وكأنه جاء جاء يعتذر نيابتًا عن كل شئ كان قاسيًا معاها، كان حنونًا مع الجميع، الحنية بداخل دمهِ وكان لا يخجل أبدًا من الأعتراف بذالكَ ويرآها صفة عظيمة، علي عكس أبناء جنسهُ يرون أن الراجل يجب أن يكون قاسيًا حازمًا، لكنهم مخطئون الرجل الصحيح، يعرف متى يكون حنونًا، ومتي يكون حازمًا....... 


يقولون أنه يختلفُ شكل الحنان من مكانٍ الى آخر، فـ في السماء يأتي على شكل غيمة، وفي الشجرة يأتي على هيئة ظل....... وفي حياتها أتي "مُراد"، الحنيّة ذكرتها كثيرًا وكررتها مرارً دون ملل، لمن لا يفهم أن الحنية هي أساس الحياة، أنسان، تُعني حنونًا، يفتقرون حقًا إلي معالم الرخاء فحياتهم بعدم وجود شخصًا حنونًا معهم...... فالحنيّة تحل جميع المشاكل، هي تري ذالك، هي نفسها تُحب من يكون رقيقًا حنونًا عليها أكثر منها..... 


❈-❈-❈


جلسَ في مكتبهِ بمقرِ الشركة، حاسوبهُ أمامهُ عينيهِ عليهِ بتركيز، ومن حينٍ لآخر يرفع نظرهِ إلي الساعة المُعلقة علي الحائط أمامهِ، يُسرع في أنجاز الأعمال علي قد مستطاعهِ لكي يرحل، لا يريد تركها بمفردها بالمنزل، فبعد أن طلبت منه أن يجعل الممرضة ترحل، وهو أصبحَ قلقًا عليها، أمس كان هنا لفترة، ولوقتِ متأخر في اليل لأنهُ كان مطمئنًا أن هناك أحدٍ معها....... الآن لا يوجد سوآها بالمنزل!. 


رفعت" نانسي"الجالسة علي المقعد المقابل لهُ حاجبيها بتعجبٍ وأستغراب، ترآه للمرة العشرون ينظر إلي الساعة اليوم، فهتفت تسأله: 


_"مُراد هو أنتَ مستني حد، في حد مهم جاي، أو وراك مشوار مُهم؟؟ ". 


رفعَ عينيهِ من علي الحاسوب ينزع النظارة يضعها جانبًا، يهز رأسهِ بنفٍ قبل أن يقول: 


_" لا، ليه؟ ". 


رجعت بظهرها علي كُرسيها تضع قدمً فوق الأخري أدي ذالك إلي أرتفاع طرف تنورتها السوداء القصيرة،وقد ظهرَ جزءً من فخذيها بسخاء: 


_" أصل كل دقيقة والتانية بتبص فالساعة، قولت يمكن وراك حاجه مهمه أو ميعاد مهم وخايف لا تتأخر عليه". 


نفي حديثها للمرة الثانية قائلاً: 


_"لا مفيش مواعيد، أنا بس مستني إبراهيم يجبلي ورق مهم كده هراجعه قبل ما أمشي". 


نوعًا ما لم تصدقهُ، تشعر أن هناكَ شيئًا، متغير منذ عدة أيام، يأتي للعمل ويرحل سريعًا ينجز كل شئ بسرعه، بسرعه ويهرول راحلاً، بات تشعر أن بهِ شيئًا متغير، مشغول البال، شاردًا..... غيرت دُفة الحديث تسأله: 


_"هترجع البيت أمتا؟ علشان عايزة أرجع معاك، خلاص أطمنت علي نورهان، وعايزة أرجع أكمل أجازتي؟! ". 


_" يومين بالكتير، هرجع لأن فيه موضوع مهم لازم أعلن عنه كده، ولازم الكل يعرفه، آن الآوان بقا ". 


حمحمت بتوترٍ، متوردة الوجنتين، هل يقصد ما فهمتهُ بالفعل، هل هو يتحدث عنهم، نعم نعم لقد، قالَ آن الآوان، معني ذالك أنه يتحدث عن حياتهم القادمة مستقبلاً، لذا منحته أبتساطة لطيفة مع أيمائه صغيرة، قائلة: 


_" طيب أي رأيك نروح نتغدا النهارده فأي مطعم، من زمان مخرناش سوا، أهو نفك شويه من زحمة الشغل". 


قالت كلماتها تعرض عليه بلطافة وود، قابلَ هو ذالك بلا مبالاة، ليس لديهِ رأسٍ للخروجات الآن، كل ما برأسهِ الآن أن "رضوي"بمفردها بالمنزل، لذا وقف من مكانهِ يجمعُ أغراضهِ بأستعجال، أخذ هاتفهُ ومفاتيح سيارتهِ، قائلاً: 


_" معلش خليها وقت تاني تعبان وعايز أروّح أرتاح، من امبارح منمتش". 


كاذب طبعًا هو نامَ لوقتٍ كافي، أحدكم يصفعهُ، كيف يرفض طلبها ويكسر بخاطرها هكذا فتاة حسناء سمراء طويلة بشعر اسود فحمي بعيون مرسومة كالقطط، تتود إليه برقه تطلب مرافقته في دعوة غذاء وهو بكل بساطة رفض، أحمق...... 


_"أنتَ مش بتقول مستني إبراهيم علشان ورق". 


قالت ذالك بعد أولاها ظهرهِ يتقدم ناحية الباب الزجاجي كي يغادر، لم يلتفت لها أجاب وهو مكملاً طريقه للخارج: 


_"هخليه يجبهولي البيت.... يلا باي باي". 


❈-❈-❈


بعد نصفِ ساعة قيادة من مقرِ الشركة، وصلَ إلي المنزل، ركنَ السيارة ثم هرول إلي الداخل يفتح الباب بمفتاحهِ الخاص، دخلَ بهدوءٍ، يبحثُ بعينيهِ عنها بأرجاء الصالة الواسعة..... مهلاً هناك شيئًا متغير..... ضيقَ عينيهِ يحاول التقاط الأختلاف سريعًا ووجدهُ، غرفة المعيشة مرتبة نظيفة الطاولة بمكانها مرتبة يتذكر أنه كان يضعها أسفل النافذة ليلة أمس عندما أحتاج لعدل الستائر، الأريكة نظيفة، يتذكر أيضًا أنهُ كان هنالكَ أوراق خاصته ملقاه عليها وحاسوبه الذي يعمل عليه من المنزل.... 


تفوح رائحة التفاح فالمكان بأكملهِ النوافذ مفتوحة، يري البحر من كل نافذة، هواء خفيف يأتي بفعل النوافذ، للحظة عقدَ حاجبيهِ من قام بترتيب المنزل هل السيدة التي تنظفه كل أسبوعٍ أتت، لا فاليوم يوم الثلاثاء وهي تأتي كل جمعة من كل أسبوعٍ تنظف..... 


لا تفسير آخر"رضوي "من رتبت كل هذا، حقًا الأرض مُمتنة لوجود النساء بها، يشعر أنها أرجعت الحياة للمنزل مرة ثانية، علي عكس تنظيف السيدة، لا يختلف كثيرًا من حيث التنظيف، لكن بات يشعر أنها تضيف لمساتها الخاصة..... 


أبتسمَ بتعجبٍ، يبحث عنها بعينيهِ قبل أن يراها تخرج من المطبخ بالمريول الأسود وبرأسها ربطة رأس حمراء بها زهرة صغيرة علي الجانب، كانت تحمل صنية بين يديها، ولم تلاحظ وجوده إلا بعد ثواني، حيثُ شهقت بخضة لثواني، ثم أبتسمت بلطافة تتقدم من موقعهِ......


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة