-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية الجزء الثاني لريناد يوسف - الفصل 19 - الأربعاء 2/10/2024

 

قراءة رواية عقاب ابن البادية الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل التاسع عشر

تم النشر يوم الأربعاء

 2/10/2024

❈-❈-❈

عقاب ٥٥


عادت نوف لغرفة آدم وهي حانقة بسبب كل مايحدث، وخاصة بعد أن تحدثت معه ورأت ان لا لغة للحوار بينهم ولا توافق من اي نوع، فهو ربيب الخيام والصحاري ولا يفقه من كلامها شيء.. وهذا في حد ذاته سبب قوي للرفض، فماذا عن باقي الأسباب؟ 

جلست بمفردها حتى إقتحمت عفراء خلوتها وقاطعت أفكارها قائلة:

- حياكم الله ردوا التحية أو اعطونها بدالها قروش، شفتك واقفه مع هليل من شوي، هااا اشوفه سلب  العقل بكلمتين والبال إنشغل.. بشري بشري.. كيف شفتيه؟ 

- كيف اشوفه يعني واحد همجي تربى بالصحاري، مجرم يغدر الحيوانات الضعيفه وياكلها بدون رحمه..انسان مو طبيعي تربي ببيئة غير طبيعية.. لا ويريد يعلمني الإجرام مثله وزهق الأرواح. 


- وهي الحيوانات ليش انخلقت إلا للوكل؟ اقول يانوف والله يابنت أمي انت اللي مو طبيعه.. طيب انا شفته ركب فرسه وفر صوب الوادي وخذ قوسه وسهامه .. يعني هو راح يقنص الحين. 

- قصدك راح يقتل. 

- طيب إذا مشيتله يعلمني القنص  تزعلين يانوف؟ 

-انت بعد تريدي تصيري مجرمه ياعفراء؟ 

- اي انا من زمن والاجرام يجري بدمي بس ماكنت لاقيه فرصه اظهرو، والحين تزعلين وتغارين لو لا؟ 

- عليش اغار، روحي لجهنم الحمرة انت وهو وخليه يعلمك القتل ياحفنة أوغاد.. والله هاد الهلال مايتوالم غير معك، طنجره وغطاها، بس ماأدري ليش هو ماشايف الطنجره المناسبه ولاحقني. 


غادرت عفراء المبني وهي تقفز من الفرحة، فلأول مرة ستمارس هوايتها المفضلة على أرض الواقع، بعد ان كانت تمارسها في حديقة منزلهم علي الزجاجات الفارغة. 

ذهبت لأبيها وطلبت منه ان يحضر لها قوس وسهام، فحقق لها رغبتها وهو يرى حماسها تجاه التجربة، وإطمئن قلبه لوجود هلال هناك.


فكت قيد أحد الأحصنة وإمتطته وغادرت مسرعة نحو الوادي، وحينما إقتربت رأت هلال جالس خلف صخرة كبيره ومصوب سهمه فى إحد الاتجاهات.. ولما ركزت رأت تيس بري يرعى، فأوقفت الحصان ونزلت ونزعت قوسها من فوق كتفها وعمرته بسهم وسمت الله وفي ثانية أصابت التيس أوقعته،  فنظر هلال مبتسماً في الإتجاه القادم منه السهم ظناً منه بأنه عقاب أو رابح وربما سالم، لأن هذه حركتهم المعتادة، ولكنه تفاجأ بها، عاد ينظر للتيس وموضع السهم فوجد الضربة في مكان قاتل، فصاح لها:

- يبه عاشت يدك حظ المبتدئين هاد. 

فتقدمت عفراء من هلال وقالت وهي تمسح المكان بعينيها:

- بس الاعرفه حظ المبتدئين مايحالف غير بأول رميه، شوف الثانيه واحكم إذا حظ مبتدئين او مهارة. 


انهت جملتها وعمرت قوسها بسهم آخر وإبتعدت بهدوء وهي تهمس لهلال:

- التيس مايمشي إلا بقطعان، وابي علمنا إن الشارد لابد وأخوانه قراب منه. 

رد عليها وهو يتبعها:

-صدق علام ابوك، وهي المنطقة بيها وااجد تيوس. 

نظرت إليه عفراء ولم تستطع إخفاء إبتسامتها وردت عليه:

- اي منتبهه على هالشي.. انهت جملتها وضحكت فرد عليها هلال بغضب:

- ضميرك مو تمام ونواياك خبيثه تفهمين الكلام على هواك. 

- انا ماقصدت شي خلي نيتك صافيه  وواسع البال وخد الحياة ببساطه.. انت قلت معلومة وانا صدقت عليها. 

- والله تقصدين شي، وشي سيء ومو انا النيتي بحاجة صفا ياتيسة الحضر انت. 

- بس الحضر مافي تيوس، التيوس بس بالبوادي والوديان تعيش. 

- اقول يابت عمي قياتي روحي من هالصوب وانا بروح من هالصوب وماتردى إلا بعد ماتنتهي وتخلصي سهامك ، وإذا ماعرفتي تردي خذي هالمسدس اضربي باروده بالجو وانا اعرف اندل عليك. 

- يكون افضل، حتي انا ما ارتاح مع الاشخاص اليحرفون الكلام. 

-والله تقصدين الإهانه وانا مو غبي حتي ما افهم. 

- زين.. كانت مزحه.. شقه.. طُرفه.. لا تاخذها إهانه وتأسرها بنفسك وتقلبها عداوه وانت راح تصير زوج اختي، يعني اخي، والاخ مايتزاعل مع اخته. 


- حصل خير، بالمناسبه خلصي وتعي اريد احكي معك بخصوص اختك . 


- ماتريدك ولا تريد القبيلة ولا تحب هالعيشه كلها وعلى تكه تريد تحرق روحها. 

-اعرف. ماقولتي شي جديد، بس انا اريدك حتي تعرفيني كل شي عنها ايش يرضيها ويفرحها ويرسم البسمه على شفافها. 

-منك انت ولا شي، لا تحاول كل محاولاتك راح تفشل. 

- اقول روحي ياعفراء ترا صراحتك تصيب أدق من السهام اللي بيدك وتستقر بمواضع الامل تقتلها..امشي الله يهديك. 


غادرت عفراء وهي تبتسم وبدات رحلتها لأمتع شيء فعلته طوال عمرها. 


اما في القبيلة.. 

- حييييه عليك وعلي، ايش تقول ياصياح، فضيت نهوتك على رجوه بت الشيخ؟ 

- اي فضيتها وكنت ناوي اخذ بت قياتي بس الحظ ماحالفني، ولا طلت بلح الشام ولا زبيب اليمن. 

صالحه

-عليك من الله ماتستحق ياطماع ياغبي ياقليل العقل ضيعت من يدك الهيبة والسند. 

- وينها الهيبة وهي كل شوي تفتح راسي وتسيح دماي، اقول انا مااريد اتزوج، وإذا عالقروش انا اعرف اجيبها بذراعي من بطن السبع، انا ماقليل لجل انتظر حرمه تفتحلي ابواب الخير، انا بروحي اكسر لبواب. 


ردت عليه خوله.. 

- بس دير بالك وقت تكسر لبواب تسقط فوق راسك الكبير تفلجا نصفين. 

-خوله تسكتين ولا اقوم اقطعك اذبحك واقطعك وارميك للضباع تتعشى بك، انا الحين ماطايق حالي. 

-تذبح من انت؟ 

والله ماتقدر، انا الحين لي سبع ياكلك إذا قربت مني. 

-سعود الخايس صار سبع؟ لا وياكلني بعد! والله هم يضحك وهم يبكي، تدري سبعك التتحامي فيه هاد انا مااتعب روحي وارفع يدي عليه، انا بس ارشه بسطل مي يموت بأرضا.. وموته وموتك على يدي من قريب قولي أنشالله:

-سويها وانا أشوفك الجحيم ونار الحميم كيف يكون ياصياح،ورجلي ما خايس، واذا تجيب طاريه وتتكلم عنه تكلم بأدب وتقول الشيخ سعود. 


وهنا قفز صياح وأمسك خولة من رقبتها خنقها واخذ يتحدث من بين اسنانه المطبقة:

-شاخ عمرك وعمره، الحين موتك على يدي ياخايسه إنت وشيخ الخوايس الفرحانه به، والله ياخوله مااتركك إلا وانت راقده ماتتحركين. 

اخذت خوله تعافر حتى تتخلص منه وتضرب الهواء بايديها وأرجلها، ولم يخلصها منه سوى أمها التي صرخت بكامل صوتها:

- وااااك عليكم ياخلفة الشوم يااشجار حنظل نبتت ببطني وسكنت خيمتي.. وااااك تعالوا يااهل القبيلة واتفرجوا علي خيبتي القوية وشوفوا ولادي يموتون بعض والاخ يخنق بأخته. 


-هي العالت بي وانا ما احتكيت بها، قوليلها من الحين ماتفتح خشمها علي ولا تقول عندي اخو اسمه صياح. 

خوله

-لجهنم الحمرة صياح واسمه وصورته.. الله ياخذك ياعديم الرحمة روحي على تكه وفاضت. 

-لسانك راح ينهي عمرك ياخوله تذكري هالشي. 

-تذكر انت انك من الحين صرت عدو لي.. وحيات تراب صالحه لادفعك ثمن قسوة قلبك. 

صالحه:

-اي تراب صالحه التحلفين به! تفاولين علي بالموت ياداشره، رد اخنقها ياصياح وهالمرة ماتتركها إلا جثه وانا بيدي ادفنها واحط فوقها التراب. 

- والله إذا مابعدتوا عني اخذ اغراضي واروح عند سعود وامه بخيمتهم بدون عرس ولا اي شي، لتفكرون إني مالي حد وطيره مكسور جناحها.. اصحوا انا خوله مرت سعود. 

صالحه:

-خ... ه عليك وعلي سعود بساعة وحده، اقول ياصياح انا ماشيه عند حريمات القبيلة إذا جلست بالخيمة اكثر راح انجلط، وانت روح شوفلك مكان اجلس به ولا تيجي الخيمة وانا مو فيها حتي لا تغيلها. 


- اي والله انا ماطايقها ولا طايق اشوفها،امشي احسن لي

خوله:

- اي امشي، أمشي يامرفوض ياللي قياتي مارضي يزوجك بته ياعار القبايل ياعرة الرجال.. ماتصير رجال غير على خوله بس. 

- اذبحها الحين؟ 

- لا امشي أمشي، أمشي وسيبها يرزقها بذيب ينهشها علي غفلة ونفتك منها ولا تلوث يدك بيها. 


خرج صياح وإبتعد عن الخيام وهو يفكر فى الطريق الجديد الذي سيسلكه نحوا حلمه بعد أن أُغلق طريق الزواج، وهل سيكون سهلاً إم صعب، فهو لا يحب الطرقات الوعرة ولن يصبر إن كانت الطريق طويلة. 


أما عقاب، فقبل قليل كان يجلس مع رابح، وانضمت إليهم معزوزه بعد أن أحضرت لهم القهوة التي طلبوها منها، وجلست بجوارهم تحتسيها معهم، فقال لها آدم:

-هي القهوة مو خطر على الجنين يامعزوزه ولا ايش؟ 

ليرد عليه رابح منزعجاً:

-مع من تتكلم أنت، معزوزه مايهمها خطر ولا مطر، الولد ببطنها وهي معدتها مامتحمله وانا تعبت احذرها من القهوة وهي ماترد. 

- ماتخافوا انا وليدي وارث القوة من ابوه وماراح يصيبه إلا الخير وإذا على معدتي إذا طاوعت حرقتها ماآكل ولا اشرب شي، اتركوني اشرب القهوة برواق الله يرضى عليكم واشقوا باللي جايه صوبنا وخطاويها متل التلبسها جني. 


وصلت رجوه ووقفت امامهم ووضعت يديها على خصرها وهدرت بهم:

-والله زين تتقهوجون وتتسامرون مااحلاكم وانا تاركيني أضوق الحنظل من قصير ونباح. 

معزوزه:

-ايش فيك يارجوه ليش رياحك تلفح؟ 

-ابوك مايفوت فرصه إلا ويجيب فوق راس رجوه ويكيل، ماشي عرفنا اني فانص، ليش كل ماتحدث عني مع حد يقول فيها وفيها، يااخ ماتارك حد إلا ويفهمه اني عار. 

آدم:

- وين وجه الاعتراض وعلى ايش الزعل، ماانت عار بالفعل! 

رجوه:

-ياعقاب انت بالذات لا تزودها لأنها منك غير وتوجع اكثر من الكل، وبالمناسبه صياح فك رهنه لي والحين انا صرت حره واريدك توفي بوعدك وترهني، أو تتزوجني فوراً انت مافي شي يمنعك ولا أنا. 


-متى صياح فك الرهن؟ 

-الحين فكه وراح لحاله الله لا يرده ولا يرد اسمه يقترن باسمي، اتركنا منه ولا تجاوب سؤالي بسؤال، متى توفي ياعقاب. 

- ماادري مو الحين. 

- لا الحين، ومن هاللحضه انا صرت لك ياعقاب.. ياأهل القبيلة، ياقوم.. يارجال يانساء ياوليدات.. اليوم صياح فك نهوته علي وعقاب طلبني اليوم للزواج وبوي عطاه. 


كانت تصرخ بصوتها العالي فتجمع أهل القبيلة على صوتها، فوقف آدم وهو لا يعرف بماذا يبرر.. فبدأ التهامس، وحضر قصير حين رأي التجمع،وبمجرد وصوله سأله أحد الرجال:

-ايش هاد التقوله بتك ياشيخ؟ كيف يعني عقاب خطبها وعطيتوه وهو مو من مجاويزنا.. وين صارت هي لتصير بقبيلتنا؟ 

صمت قصير وهو لا يعلم ماذا يقول، فلم يكن هذا هو الاتفاق، بل كان إنه سيوهمها ويماطل حتى يعيد لها رشدها، أما الحين فإنه صار مأزق لا يُستهان به.. وهنا تدخلت عوالي قائلة:

-من القال إن عقاب مو من مجاويزنا؟ عقاب له جذور بدوية وينتمي لجدنا الأكبر معاويه، وإلا ليش الشيخ منصور إستقبله وسطنا وسمحله يشب ويكبر بين وليداتنا. 

أكيد كلكم تتذكرون الجد غانم اخو معاويه اللي اهله صحيو بيوم مالاقوه، غانم من سنين طلع عايش وسافر العراق وتزوج وعاش ومات بالغربة وماحد رد مصر من نسله إلا محمود أبو آدم، وإذا ماتصدقوني اسألوا واتقصوا بروحكم. 

صمت الجميع وأخذوا يتبادلون النظرات المبهمة فيما بينهم ورد عليها احدهم:

- بس الشيخ منصور ولا مره جاب طاري الموضوع، اشوفها غريبه واجد ياشيخه وتريدي الصدق مادخلت مخي. 

- تدخل ولا ماتدخل اخر همي، احنا مانخالف اعرافنا لجل اي شي، والحين آدم ولدنا بالدم والعرق، وخطب بت عمه وابوها عطاه، اليريد يسأل يتفظل الطريق مفتوح. 


قصير:

-هو متل ماقالت عمتي بالضبط، ومن الحين رجوه لعقاب. 


كلمات بسيطة خرجت من جوفه ولكنها كانت كفيلة بأن تحيي قلب رجوه وتجعلها تشعر بأنها اخيراً فازت بالحرب الذي تقاتل فيه بمفردها، واخيراً غلبت الفئة القليلة، أما آدم فكلام قصير وضع بيديه أصفاد لا يعلم من أين أتت وقيدته ، وأماتت ذاك القلب الواقف بعيداً يتابع في صمت.

..يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة