رواية جديدة عقاب ابن البادية الجزء الثاني لريناد يوسف - الفصل 32 - الخميس 24/10/2024
قراءة رواية عقاب ابن البادية الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
الجزء الثاني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الثاني والثلاثون
تم النشر يوم الخميس
24/10/2024
عقاب ٦٨
غادر خالد الساعي الشركة بسيارتها وذهب لحفل إبنته وهو يحمل لها هدية باهظة الثمن، وباقة زهور حمراء خلابة، يرتدى أفخم ثيابه على الإطلاق، وكان حضوره ودخوله مميز جعلها تفتخر به، ولما علمت أن كل هذا بفضل مديره قررت شكره بنفسها وهي تقدم له أوراقها للتعين، إنه الخبر الذي أخذها و زرعها فوق السحاب من الفرحة وجعل الغيرة تدب في نفوس كل زملائها، فهي بدت وكأنها أخذت جميع الحظوظ الجميلة وهي مجرد إبنة الساعي!
عادت معه لمنزلهم، أحضرا معاً طعام جاهز ليكتمل الإحتفال بهذا اليوم العظيم، وقبل إنتهاء اليوم عاد خالد للشركة وهو يحمل لآدم في نفسه عرفانًا ليس له حدود، شكره كثيرًا وسعادته إنتقلت لآدم ولازمته بسمة صغيرة وهو يكمل عمله، ولم تختفي حتي عاد بها للمنزل، وهناك أخبر أمه عن سرها، قائلاً لها بالنص:
-ماأحلاها علاقة الأهل بوليداتهم وفرحتهم بهم، هي العلاقة الوحيدة اللي مابيها شك ولا تقبل جدال، مافي غير الأب والأم اليريدون وليدهم يكون افضل منهم، هي حقيقة والله،اعظم شي بالدنيا الأبوة والأمومة.
لتنتهز أمه الفرصة قائلة:
- طيب بما إن هرمون الإبوه زايد عندك دلوقتي، إيه رأيك تاخد الخطوة دي، نفسي أفرح بيك يانور عيني وأشيل ولادك، نفسي اكون تيته.
تبسم ونظر للفراغ وبمجرد ذكر الموضوع رأي طيفها يتجسد أمامه، فهي إرتبطت في عقلة بكل شيء يخص الزواج والإستقرار، ولكن سرعان ما أغمض عينيه وفتحهم عدة مرات طارداً لطيفها من أمامه، فهى لن تكون بطلة قصته بعد الان، ويجب البحث عن أخرى بديلة، فنظر لأمه التي مازالت مستمرة في الحديث وأردف:
-اقول يايمه، انت معك حق أنا ايش راح انتظر ودروب العشق اتسكرت؟ وإذا تزوجت راح أبحث عن الإنسانة المناسبة لي ولأولادي والمودة تكفي، وأشوف لو تقومين أنت بهي المهمة بدالي أكون شاكر لك وتكوني وفرتي علي وعليك وقت وجهد واااجد، إبدأي رحلة البحث ومتي ماتعطيني التمام وتشاوري على بت الحلال أنا جاهز.
قفزت عايده من مكانها وأمسكت بيديه قائلة:
-بجد يادومي، يعني هتخليني انا اختارلك عروستك واللي اختارهالك توافق بيها؟
أومأ لها آدم موافقاً؛ فتركت يديه وهرولت نحو زوجها تزف له الخبر، وعلى الفور بدأت في البحث عن عروس في جميع معارفها تليق بإبنها من حيث الطباع والأخلاق، وبدأت في وضع اكثر من واحدة في قائمة كي تفاضل بينهم فيما بعد وتنتقي من بينهم الأفضل.
أما في القبيلة..
اقول يارجوه إنت ايش تريدين من سالم؟
-أريده يامعزوزه، سالم لي، حقي، ملكي وأريد أرد أملاكي.
-سالم مزوج وجايه بالطريق وليد لا تخربي حياته.
- وإذا؟ مزوج يتزوج مرة ثانية، جايه وليد يجوله اثنين واحد مني وواحد منها.
-توافقين تكوني رقم اثنين بحياته؟ توافقين يتركك ويروحلها وذكرها مايفارق لسانه، تتحملين تشاركك فيه يارجوه وأنت الماتحملتي عليه شوفه، ومن يومها حاطه مزيونه فوق قرونك وتدهسي بيها مثل تور هايج.
-اي اتحمل، وربي اتحمل، هاي غلطتي ولزوم اقبل واتحمل العواقب.
- يارجوه الأمر ماهو عند يابت الحلال، وماهين التقولينه والفعل غير القول، أدري إنك رديتي لسالم بعد ماشفتي من عقاب اللي ماكنتي تتوقعيه، وأنه خلف كل ظنونك ولجل انك ماتعودتي تعيشي إلا فوق الكل رديتي لسالم لجل يرفعك مره ثانية، وإن مارفعك فوق الكل عالقليلة يرفعك فوق مزيونه، وهاد اليخلي بالك هاني ومرتاح.
- انا صدق مصدومه فيك، هي المرة الأولي التكوني ظالمة لي فيها ياأمي، ماتعودت منك عدم فهمي وانت التعرفيني اكثر من نفسي!
-لا ماعادت أمك تعرفك الحين، تغيرتي واجد يارجوه وتبدل كل شي فيكي.. اسمعي يابنت أمي، أنا الحين راح أمشي لسالم ونسأله زواجك، وإذا وافق يكون الله كفاكي وكفانا شر التعب، وإذا ماوافق..
- بيوافق، هو الحين موجوع مني وحقه، بس إذا قعد مع روحه وراجع قلبه راح يوافق.
-وإذا ماوافق يارجوه؟
صمتت قليلاً ثم تلونت ملامحها بالحزن وأردفت بإنكسار:
-بس شوفيه قبل لا تفاولي يامعزوزه، لا تسوديها بوجهي ماناقصه سواد.
صمتت معزوزه وقررت إنهاء هذا الوضع المهين لأختها التي اصبحت حديث كل القبيلة، نعم هذا ليس جديد عليها فهي دوماً بطلة اغلب الاحاديث وحين يُذكر الفنص تذكر رجوه، ولكن الكل إكتفى منها ومن افعالها، وحان الآن الوقت الذي يجب عليها فيه التحلي ببعض العقل.
فغادرت معزوزه الخيمه تاركة صغيرها في رعاية رجوه وذهبت رأساً للشيخة عوالي أولاً، إستأذنتها بالدخول وقالت لها:
-ياعمتي.. انت اكيد ماخافي عليك اليدور بين رجوه وسالم هالفترة، رجوه صحت على روحها وعرفت لمن محبتها وقلبها مَن شويقه، والحين هي تطارد سالم وسالم الماراضي،شوري علي وايش نسوي بهالموضوع؟
-ولا راح يرضى، سويلم نفسه طابت من رجوه ونجوم السما صارتلها أقرب منه.
-اي ياشيخه بس هي قالت..
قاطعتها عوالي قائلة:
- هي قالت او ماقالت قولها مامنه نفع، القول الحين لسالم وبس، وقت كانت الكلمة لها هو سمع وماحكى، والحين هي التسمع وتنفذ وبس.
- يعني مافي أمل ياعمتي، انا جيتك لجل تحكي مع سالم يتزوج رجوه ويرد طيرته لعشه.
- عشه صار به طيرة غيرها، واعرف إن الطيرة الجديدة ماتاركة مجال لطيرة غيرها، وجناحاتها يلفلفون سالم مايحلونه.
-ياعمتي يعني ماأفتح معه الموضوع، كنت اريد آخذ منه جواب أخير لجل نقطع العرق ونسيح الدم ويموت الأمل والنفوس تستكين.
-أمشيله واعرضي عليه الموضوع، بس اليطلع من خشمه مافيه مراجعه، ورجوه ارسليها لي عشيه اريدها.
أومأت لها معزوزه بالموافقة وغادرت الخيمة قاصدة سالم، لم تُسند الأمر لرابح لأنها لا تطيق الإنتظار، قررت ان تنهيه بنفسها وبأسرع وقت.
اما عوالي فبعد مغادرتها نظرت لمايزه وقالت:
-مايزه إمشي لخيمة سالم وجيبي مزيونه بيدك، اريدها الحين.
غادرت مايزه وعادت بمزيونه ووقفت مزيونه امام الشيخه وأشارت لها عوالي بالجلوس قائلة:
-اجلسي يامزيونه اريدك بشي.
-اعرف التريديه ياعمتي وأنا مامانعه، أنا للحين صاينه عهدي لك وما شاف مني سالم إلا الزين، ولا بيوم نغصت عليه بغيرتي، واشوف رجوه وحومها حوله، وأدري إن سقوطه باحظانها أمر مفروغ بس مسألة وكت.
- يعني ماراح تسوي شي ويغادرك العقل وقت تشوفيه يعرس على رجوه؟
- لا ياعمتي،راح ادعي ربي يصبرني واتحمل زواجه، لكن قلبي ماعاد يحتمل اليصير من رجوه في وبهذلتها لي، خلي يتزوجها وتصير ضرتي، أنا راضيه بكل شي، راضيه بنص قلبه ونص عقله،وراضيه بأي شي منه.
- والله انك دره مافي منها يامزيونه.
- ولا دره ولا شي ياعمتي، كل القصة إني عاشقة، والعاشق مسكين يرضى بأي شي من شويقه.
أنهت مزيونه حديثها مع عوالي وغادرت الخيمة وهي مستسلمة ومستعدة لكل ماهو آت من عذاب، فهي تحاول أن تكذب على نفسها قبل غيرها حين تقول إنها سترضى بالأنصاف من سالم، وأنها ستطال الأنصاف من الأساس، فبعد رجوه لن ترى من سالم نصف أو حتى القليل، فرجوه هي الأساس، الحب الأول والاول دوم يتغلب.
أما في مكان آخر بالقبيلة:
-خيرك يامعزوزه إيش تريدين مني؟
- اريد احكي معك بخصوص رجوه ياسالم.
-إيش بيها بلوة؟
- رجوه عرفت غلطها وتريدك تتزوجها، أنت تريدها ياإبن الحلال زوجه لك ولا ماتريدها؟ طلعتها من قلبك ولا بعدها باقيه؟
تنهد سالم واردف ورد عليها:
-والله يامعزوزه ماادري إيش اقول، أنا شوفة عينك عايش ومو عايش، احس روحي بلاها مامكتمل ولا شي هاني لي، احس الاشيا معها تكون احلى ومذاقها مختلف، كنت راسم لنا جنه، بس للأسف رجوه طلعتني منها متل ماطلعت حوا آدم، هو قطم تفاحة وأنا قطمت ثمرة حنظل، وماتركت لي ولا لها باب نرد منه للجنه، سكرت كل الأبواب.
-يعني ياسالم مافي مجال ولا حتى أمل صغير، رجوه مامانعه انها تكون زوجه ثانيه ومزيونه ماتقدر تعترض.
-وإذا؟.. حتي لو رجوه ماتمانع ومزيونه ماتعترض بس هاد القرار يخصني أنا، وانا الماموافق،
رجوه إذا ردت لحياتي راح تخربها وأنا ما عدت اقدر اتحمل وجيج منها.
-يعني إذا جاها عريس وطلبها وتزوجت عادي معك؟
صمت قليلاً واردف بشموخ:
-اي عادي، خلها تسوي اللي تريده، ماانقول إني ماراح انوجع، بس وجع قليل ويزول افضل من وجع يرافقني طول العمر، وإذا على مسألة زوجي مرة ثانيه فأنا مامنتظر رأي مزيونه توافق أو لا، أنا إذا نفسي طابت علي غيرها بسويها، بس الحق اقول للحين مزيونه قتلت بعيني كل رغبة بأي مره غيرها وما عدت أشوف إلاها.
صمتت معزوزه بعد كلماته، فالحين قد أغلق كل أبواب الوصول إليه في وجه رجوه، والمزيد من الكلام يعد إهدارًا للوقت والجهد، وعادت لرجوه ونقلت لها كل ماقاله سالم، وفور إنتهائها تكاد تجزم بأنها سمعت صوت كسرة قلب أختها التي تحجرت العبرات داخل مقلتيها وغادرت الخيمة على الفور وقامت بفك أحد الأحصنة وأنطلقت به نحو الوادي البعيد،
وبمجرد وصولها أخذت تصرخ بكل قوتها، تصرخ على من ضيعته بغبائها ولن يجود زمانها بمثله أبداً.
عادت للقبيلة بعد أن أفرغت كل مابداخلها من قهر في هيئة صراخ وبكاء، رآها وعلم بأنها كانت تبكي، ضعف للحظة وأراد أن يجري عليها ويأخذها بين ذراعيه ويخفف عنها ألمها وهي تستمع لدقات القلبه العاشقة، ولكن ذاك الجرح الغائر في قلبه وقف حائلاً بينه وبين رغبته، فأخفض عيناه وغادر المكان مبتعداً، وعاد لخيمته، فوجد مزيونه هي الأخرى تبكي، تنهد وإقترب، جلس بجوارها وإخذها بين احضانه،؛ فهي الآن الأحق بالضمة، ضمها دون أن يتفوه بكلمة او يسألها عن سبب بكائها لأنه يعلم أن مامن دمعة نزلت من عينيها حتى الآن إلا ورجوه كانت سبباً فيها.
همست له بعد برهة من الصمت:
-أخاف يجي اليوم الأشتاق فيه لضمتك لي وماأطولها ياسالم.
فرد عليها هامساً:
-وقتها ماراح يكون بيدي شي يامزيونه؛ لأن اليوم التخافين منه راح أكون شي من اثنين، يأما مسافر وماقريب منك، يأما تحت التراب مطموم، وبالحالتين غصب عني ماراح اضمك.
-إنتفضت ووضعت يدها علي فمه معترضة على ماتفوه به، وهمست له وعبراتها تسابق حروفها:
-تزوجها ياسالم، أنا راضيه وماراح اعترض، انعيش ثلاثتنا سوا وماتخاف والله ماراح يجيك مني وجيج.
-ششش لا عاد تفتحي هاد الموظوع لأنه تسكر ونهيته، رجوه ماأتزوجها لو هي آخر نساء الأرض.. هيا قومي جيبيلي الوكل جوعان، اريد آكل وبعدها عندي كم كلمة اريد اقولهم لك بروااااق.
أنهي كلماته وغمزها بعينه فتبسمت مزيونه ونهضت تحضر له الطعام، أما هو فأغمض عينيه وتسطح على الفراش لحين عودتها؛ محاولاً ترتيب حياته القادمة دون ان يترك فيها حيزاً لرجوه تشغله.
أما في مكان آخر بالقبيلة، وتحديداً من أمام خيمة قصير...
- ياشيخ ليش هيك الكبير يدعس الصغير ومايتركله مجال يسوي أي شي، ليش ماتسمحلي أدفع معك حصة ووقت توصل الأسلحة آخد بحصتي أسلحة بسعر التهريب، ليش تعاملني متلي متل الغرب وأنا وليد قبيلتك وراجلك وساعدك، ليش هالظلم ياشيخ؟
-اقول ياصياح.. منو اليجيب مونة طعام كل القبيلة وطلبات اهلها الضرورية، من اليدفع؟
-انت ياشيخ.
-طيب أنا مُلزم بهالشي؟
-لا ياشيخ هاد جود منك.
-زين.. وقت واحد من اهل القبيلة يربي غنم أو يدخل بتجارة انا آخذ منه شي ولا اليجمعه لروحه؟
-لا ياشيخ لروحه.
-جيت بيوم وقولت لفلان انت تكسب وااجد دخلني معك شريك وقاسمته برزقته وجورت عليه؟
-لا ياشيخ ماحصل.
-زين.. ليش ماتنظرلها من هالزاويه، اني ماحاجر على حد يشوف رزقه بأي مجال، ليش انت تريد تحجر على، ليش تستكثر علي رزقي البالمناسبة ماهو رزقي لحالي،أنت تاخذ منه وغيرك من شباب القبيلة، الكل ياكل منه والمريض يتعالج منه واليتزوج ومامعه بعطيه، يعني القروش ماداخله جيبي لحالي، بس مشكلتك إنك تشوف الجاي ماتشوف الطالع، تشوف المكاسب ماتشوف الينصرف.. إنت طمعت واليطمع وعينه تلمع وكت شوفة قروش غيره معناها إنه حط رجله على أول طريق السقوط والهلاك.
إذا تريد تتاجر بالاسلحة وتجيب على إسمك من الخارج إدفع نسبة من تكاليف حفر النفق الكلفتنا مليارات بعدد شعر راسك، ادفع باللي دفعناه للحكومة لجل تتغافل عنا وتتركنا، إحسب كم ياخذ منا الجيش أسلحة بدون ثمن وانقول هي لبلادنا وتمون الروح لجل بلادنا..بس انت تريد تاخذ نصيب من الزبد وناسي إن الحليب مر بواجد مررراحل قبل ماتشوفه زبد ويسيل عليه ريقك.
من اليوم ياصياح أنت مستبعد من رجالي وماعاد لك رده ولا أشوف خيالك وقت إستلام الأسلحة، ولا حتى تبيت بالقبيلة بليلتها.
-بس ياشيخ هاد..
-ياعمي هاد ظلم و أنا ظالم.
ها إيش راح تسوي الحين؟
تنهد صياح بقلة حيلة وهو ينظر لقصير بغضب وغادر على الفور، غادر وهو يشعر بأن قصير أظلم من على وجه الأرض، وأنه أصبح حائل بينه وبين حلمه، ومن اليوم يجب عليه إستبدال الحلم بآخر، أو يكف عن الأحلام نهائياً، فكل أحلامه تؤدي للثراء، وقصير لن يسمح لمثله بالثراء أبداً.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية