-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 25 - الأربعاء 2/10/2024

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل الخامس والعشرون 

تم النشر يوم الأربعاء

19/9/2024


بدأ تجمعهم الغاضب يلفت الإنتباه، وكانت سيا حينها تبحث عن هاله، حين نزلت هاله تخبر والدها بأن فيروز بخير، فأمرها بإنزعاج.


- فضي ذاك الحفل الأبله، لا نريد مزيد من المتفرجين.


أومأت له بصمت، وسحبت سيا معها، حيث أخبرا الجميع أن الحفل إنتهى؛ لأن السيدة أورجيندا تشعر بتوعك طفيف، فبدأوا يغادرون، وهم يتمنون لها العافية، دون أن ينتبه أحد إلى شىء، فقد لاحظ كاظم وجود خطب ما، ورغم إنزعاجه لعدم معرفة ما يحدث، لكنه ساعد فى التغطية على الأمر.


❈-❈-❈


حين دخلت هاله تشعر بإرتباك، لاحظها جدها كاظم، فتوجه نحوها يسألها عما بها، فأخبرته أنها تريد إنهاء الحفل بلا بلبله، فأومأ لها بصمت، ولم يستفسر، وإقترح عليها فكرته، فجعل أورجيندا تتصنع المرض،

لكن ريتال ظلت بالقصر، ورفضت أن تغادر وأخبرت أخاها أن يغادر، وبذلك تجبر أُسيد على إيصالها إلى المنزل، لكنها إختارت أسوأ توقيت، فقد لاحظت إضطراب الجميع، ووجود توتر بينهم، فتوجهت إلى أُسيد الذى ما إن رآها حتى نسى أى تعقل برأسه، وصرخ بها ساخطاً.


- ألا تمتلكين أدنى ذرة من الكرامه؟! أنا لا أريدكِ، ولن أريدكِ، وأى إن كانت خطتكِ، فحتما ستفشل، لذا غادرى.


لقد كفت الفتيات عن أحلامها تجاه أُسيد؛ بسبب شائعات ريتال حول زواجها منه، والتى لم يكذبها منعاً للإحراج، لكنها تتمادى، وتصدق كذبتها، وصراحته معها الآن بتلك الكلمات، أعاد الأمل إلى الفتيات، كما نظرن نحو ريتال بتشفى، جعلها تريد لو تختفى من هذا المكان، فإقترب منها رسلان.


- أظن انه من الأفضل لك الرحيل.


ضربت قدمها بالأرض بسخط، وتمتمت بهمس غاضب: أنت السبب بكل هذا.


زوى جانب فمه بسخريه: الرجل لا يريدكِ، فما ذنبى أنا؟!


إقتربت منه بلا خجل، ونظرت إليه بهيام: تعلم جيداً أننى لا أريده هو.


تجمدت ملامحه، فقد ألقت بحذرها عرض الحائط، وبدأت تواجهه صراحة: إرحلى، وإلا ستندمين.


قضمت شفتها السفلية بغضب، وهمست مجدداً: أنت من ستندم؛ لإضاعة وقتنا هكذا!


صر أسنانه بغضب: ريتال، إرحلى.


- حسنا سأفعل، ولكنى لن أستسلم.


غادرت برأس شامخه، أذهلت كل من رآها تُهان منذ لحظات، بينما نظر أُسيد إلى رسلان متعجباً.


- بما كنتما تتهامسان؟!


- سأخبرك لاحقاً.


- حسنا.


❈-❈-❈


كان الجميع بسبيلهم إلى الخارج، حين رأته سيا مجدداً مع ريتال وأُسيد، فهتفت بغيظ.


- إنظرى إنه هناك.


قضبت جبينها: من؟!


- الابله الذى أفسد ثوبى.


زوت جانب فمها بإنزعاج: أعطيتكِ غيره، فكفى عن النواح!


نظرت لها بإستهجان: لا أنوح على شىء، لكنى إغتظت حين رأيته مجدداً.


تنهدت بيأس، ثم نظرت حولها: أين هو؟


أشارت برأسها حيث يقف: هناك، يقف كالطاووس المنفوش!


رفعت حاجبيها متفاجئه: أتقصدين أُسيد؟!


رفعت كتفيها بلا مبالاه: لا أعلم إسمه.


رمقتها بضيق: إذا كان هو بالفعل، فالآن تيقنت أنكِ مذنبة بحقه، فهو شاب خلوق محترم.


- لا أهتم، لقد أفسد ثوبى!


زفرت الهواء بيأس من سيا، ثم رفعت رأسها إلى السماء: يا إلاهى إرحمنى، أعطيته إلى الخادمة؛ لتقوم بتنظيفه، وبالغد سيكون أمامكِ ناصع البياض.


قضمت شفتها السفليه بغيظ: إنه لم يغير ثيابه! بالطبع، ولما سيفعل فالأسود لن يظهر به بقع التوت، ونحن بالليل.


قضبت هاله جبينها متعجبه، فأُسيد لم يكن يرتدى الأسود: أى أسود؟!


- لون ثيابه! ألا ترينها؟! أتعلمين سألطخها له، لن يحترق قلبى على ثوبى وحدى!


إنطلقت كالرصاصة متناسيه حالة التوتر المنتشره، بينما قضبت هاله جبينها متسائله، حتى أفزعها إستنتاجها.


- أى أسود هذا؟! ياويلي... إنه رسلان!


لحقت بها مسرعه، وحاولت منعها من تصنع التعثر؛ لتُسقط قالب الكعك الموضوع على الطاولة بقرب رسلان؛ ليسقط على ثيابه، لكن هاله لم تلحق بها، فحين حاولت سيا فعل ذلك، تعثرت بالفعل! وكادت تلقى بالكعكة فى وجهه، ولكنه كان أسرع منها، فدفع الطبق؛ ليسقط على ثوبها، وبيده الأخرى طوق خصرها، وجذبها إليه، فسقطت فوقه، وتعالت الشهقات المتفاجئة، بينما كانت سيا تغلي غضباً وهى تحاول جاهدة تخليص نفسها من بين يديّ رسلان، وهو يتلكأ؛ ليغيضها فقط إنتقاماً لما فعلته معه سابقاً، وما أرادت فعله الآن، وحين نهضا ركضت مسرعه، محرجة، غاضبة، حزينه، فقد حولها عنادها إلى سخريه الجميع، ونظرات الفتيات لها جعلتها تهرب مبتعدة عن الأنظار حيث إختبأت بعيداً حتى ينتهى الحفل، فترحل بصمت.


بعد الحرج الذى تسببت به سيا لنفسها، وقد رأتها ريتال قبل أن تخرج من القصر، وأحست بالغليان منها، وتمنت لو فكرت بحلية كهذه، أو حيلة أخرى لتُسقط رسلان بين براثنها بدلاً من الإلتفاف حول أُسيد بلا فائدة ترجى، بينما إمتعضت هاله مما حدث، وذهبت تعاتب رسلان بإنزعاج.


- ما الذى فعلته بالفتاة؟!


رفع حاجبه، وأشار إلى نفسه مستنكراً: من؟! أنا؟!


زوت جانب فمها بسخريه: لا إنه ظلك!


- لاداعى للسخرية يا أختى العزيزه، فقد كانت تستحق أكثر مما فعلته بها.


- إنها صديقتى رسلان!


لم يبدو عليه أى تأثر، بل تمتم ببرود: وأنا أخاكِ، فأى منا ستختارين؟


إتسعت عيناها بتفاجؤ: ماذا؟ أختار! هل جننت؟! أحيانا أظنك بلا عقل تماماً! لقد أخطأت بحقها، وسكبت العصير فوق ثوبها ، دون إعتذار.


- إنها كاذبه.


- ليست كذلك.


تنهد بيأس: إنها مجرد فتاة تعرفتى إليها منذ أيام، فما أدركِ أنها صادقه؟


إزداد غضبها منه، وهتفت به بسخط: أيها الأحمق! إنها صديقتى منذ الصغر!


رفع كتفيه بلا مبالاه: وما أدرانى أنا؟ 


- لأنك لا تهتم بشؤنى!


تجهم وجهه بإنزعاج من حديثها، فهتف بحنق، متعجباً مما تقوله: ماذا؟! وما علاقة هذا بذاك؟!


- لأننى أعرف كافة أصدقاؤك، وأنت لا تعرف صديقتى المقربه الوحيده!


حاول تهدئتها، فقد أعماها الغضب عن التعقل: هاله تعقلى قليلاً، كل أصدقائى هم أبناء عمومتنا أو أبناء أخوالنا، إنهم من العائلة، فبأى حال ستعرفينهم حتماً، لكن أنتِ تصادقين باليوم أكثر من فتاة، أنتِ قد تصادقين أى عابرة سبيل، فمن منهن سأحفظ؟!


إعترضت على تبريره بتقضيبه مستنكره: لكنها المقربة بينهن!


- لا أهتم، وكفاكِ تفاهة، لقد أصبح عقلكِ أصغر من عقل إبنتك!


قبل أن تتحدث مجدداً، وجدته يلتف حوله كمن يبحث عن شىء، فسألته متعجبه.


- عما تبحث؟!


- عن ليان، لم أرها منذ بداية بدأ المدعوين يغادروا، أتمنى ألا تكون هربت منكِ.


قضمت شفتها السفلية بغيظ: إنها مع صديقتى، أيها الفظ!


حرك رأسه لكلا الجانبين رافضاً: أيتها الحمقاء! أتتركين إبنتك الوحيده مع غريبه؟!


نظرت له متحدية إياه: أعرفها، وأعرف كافة عائلتها، كما تفعل هى، بينما أنت، أخى الوحيد، لا تعلم عنى أى شىء!


- يا إلاهى، ألهمنى الصبر.


زمجر منزعجاً من إصرارها، وتركها، وإبتعد، بينما كان أُسيد غاضباً، فوالدته ساخطة على الجميع الآن، وليست مقتنعة بخطئها، أو خطأ إبنتها المدلله، بينما يجاهد معها سلمان؛ ليقنعها بأن تكف عن إلقاء اللوم هنا وهناك على الجميع، فغضبها يتسبب لها بالمرض، ومرضها يؤلمه، لكن أُسيد كان قد أنهى طاقة صبره الليله، ولم يعد لديه القدرة على التحمل، فصرخ بها بفراغ صبر.


- كفااااكِ! الا تتعبين؟! لقد مللت أفعالكِ، وأفعال إبنتك المدلله، لقد أخطأت، ولم تبالى بخطئها! كل ما يهمك أنها حزينه! فلتتفحم مثيلاتها، مزعجات، مغرورات، لقد جعلتى منها فتاة فاشله بكل شىء، جعلتيها أسوأ صورة لنا! 


إمتعض وجهها بإستنكار: ما الذى تهذى به؟! إنها أختك!


- ولهذا أصرخ بكِ؛ لتفيقى، لقد ذهبت مع عزيز بإرادتها، أرادت أن تجعل رسلان يغار! تلك البلهاء لا ترى أنه يعتبرها كهاله أخته تماماً! إنها تريده فقط؛ لأنه لا يُبجل سموها؛ لأن الفتيات تتهافت عليه؛ لأنها إعتادت الدلال، وأخذ كل ما ترغب به، أصبحت أنانية، جشعه، لا تهتم سوى بنفسها!


إتسعت عينا نجمه بعدم تصديق، وهتفت بذهول: هذا جنون! رسلان؟! إنه أخاها!


زوى جانب فمه بسخريه: لا أمى، ليس كذلك، إنه إبن خالها، ولكنها ترغب به، فقط لأنه لا يراها.


مرت لحظة صمت ظنها إقتنعت، لكنها سريعاً ما وجدت لإبنتها الحبيبة مبرر ملائم، فهتفت مستنكرة ظنه.


- ولما تسىء الظن بها؟! أليس من حقها أن تحب؟!


تنهد بيأس: إبنتك لا تحب سوى نفسها، كما أنه من حق الطرف الآخر أن يحيا أيضاً كما يريد، لا يعنى أنها أحبته أن يبادلها حبها ويتزوجها، ألم تضعى ببالك أنه له حق الإختيار؟!


زاغت عيناها للحظات: يمكننا سؤاله.


صر أسنانه بغضب: أمى أفيقى! رسلان نراه أمامنا طوال الوقت يتجنبها!


- فقط لأنه يريدها.


رفض محاولتها اليائسة بحده: لا، بل لا يريد الإحتكاك بها؛ لكى لا تتفاقم أحلامها الهوجاء.


ثم تركها، وصعد إلى غرفته ناقماً على كل ما يحدث، ونظرات سلمان لها جعلتها تشعر بخجل مما حدث، فبكل أسف قد إعتادت أن تحمى فيروز منذ صغرها، لرهبتها من تكرار ما حدث معها، حتى أدمنت الأمر.


❈-❈-❈


إنتهى الحفل المزعج، وغادر كل المدعوين، وكادت سيا أن تغادر، لكنها وجدت رسلان يقف أمامها، فسألته بضيق.


- ماذا تريد؟ هل أتيت لتتشفى بى؟


رفع حاجبه مستنكراً: لست بهذه التفاهة، كما أنكِ من بدأت إزعاجى منذ بدأ الحفل بلا سبب.


قضبت جبينها بسخط، فحظها العاثر ما أسقطها معه، لذا أوضحت له بسخط: تعثرت بطرف ردائى، فإرتطمت بك، وصوت تمزق ثوبى، وعصيرك الذى سقط عليه، جعلنى أنفجر بك.


إبتسم بتسلية من إرتباكها: حسنا، ومكيدتكِ لإسقاط الكعك فوقى؟


فغرت فاهها مذهوله: هل كنت تعلم؟!


- لاحظت إقترابكِ نحوى، ونظراتكِ الماكره، وحين إقتربتى من الطاولة الموضوع عليها قالب الكعك، فطنت لما تنتويه.


إتهمته بغضب: تقصدت إحراجى !


- لا، أنتِ من فعل، انتِ من إنتويتِ فعل هذا بى، فتحاشيتكِ، لكنكِ وقعتى فى حفرتك، وتلك هى النتيجه.


- أردتُ الإنتقام منكِ؛ لفساد ثوبى الجميل.


إبتسم هازئاً منها: وها قد فسد الآخر بصورة أسوأ.


صرخت به: أنت السبب.


لكنه لم يبالى: بل عنادك التافه هو السبب، أنا لا أعرفكِ حتى، ولا أظنكِ تعرفيننى، وإلا لما فعلتى ما فعلتيه.


قضبت جبينها بقلق: ولما هذا؟!


زوى جانب فمه بسخريه، ثم إحتد نظراته، وحذرها بجديه: لأننى لست هيناً فيمن يفكر فقط بإهانتى.


عيناه أكدت لها هلاكها اليقينى إذا ما تمادت، فإبتلعت ريقها بصعوبه، وقد إعتراها الخوف، فنظرت حولها بقلق.


- حسنا، كيف ساعود إلى منزلى الآن؟


أجابها بلا إهتمام: كما أتيتِ.


فقضبت جبينها بغضب: لقد أتيت برداء جديد، وسأعود بثوب ليس لى، وملطخ أيضاً!


تنهد بضجر: يمكن لهاله أن تعيركِ آخر.


إتسعت عيناها بصدمه: هل أخبرتك هاله بذلك؟!


- لا حاجة لهذا، فهذا الثوب أنا من إشتريته لها.


نظرت سريعاً إلى ما ترتديه، ثم رفعت رأسها له مجدداً، وهتفت مستنكره: ماذا؟! لقد أهداه لها أخاها، لقد قالت لى هذا، وهى تقرضنى إياه.


زوى جانب فمه بسخريه: ومن تظنيننى؟!


- أخبرتنى أن إسمك أُسيد.


- لابد وأنكِ أشرتي بإتجاه آخر، لو علمت هاله أن الحديث بشأني لما تركتكِ تبرحين جوارها.


رمقته بإستهجان: ولما هذا؟!


- رسلاااان. 


صدع صوت هاله الصارخ، ومن ثم ظهرت تلهث، ثم وقفت تنظر نحوه بقلق، حتى إلتقفت أنفاسها، وسألته.


- ماذا حدث؟


رفع حاجبيه مندهشاً: ماذا حدث لكِ أنتِ؟! لما تلهثين؟!


أشارت نحو سيا بقلق: لقد أتيت لإنقاذها.


- لا تخافى عليها، لن أعاقبها، فهى مجرد حمقاء صغيره، وأنا لا أبه بهفوات الصغار، خاصة طويلى اللسان قصيرى القامه.


أرادت سيا الإعتراض بسخط، لكن هاله سبقتها بالحديث، وقد تجهم وجهها بإنزعاج.


- أعلم، ولكنى كما أعلم أنك لست طويل البال، أعلم أنها حمقاء سليطة اللسان.


- على أى حال إقرضيها ثوب آخر، وأرسليها إلى منزلها، كفانا إزعاجاً.


صرخت سيا بغضب فى وجهه: ماذااا؟! أنت المزعج هنا!


لم يعيرها أى إهتمام، بل ظل يوجه حديثه إلى هاله: سأرحل، وأتركها إكراماً لكِ.


- إنه...


وكزتها هاله بكوعها بحده أخرستها، ثم نهرتها بغضب: إصمتى، ألم تجدى بين كل من كانوا بالحفلة سوى رسلان لتشاكسيه؟!


قضبت جبينها بسخط، وتعجب: ومن يكون؟!


صرت اسنانها بغيظ: إنه أخى أيتها البلهاء! ألم ترى الشبه بينه وبين أبى، وجدى؟! ألا تميزين مطلقاً؟! ثم ألم أناديه بإسمه أمامكِ للتو؟!


لوحت بيدها فى الهواء بلا مبالاة: لا أذكر إسم أخاكِ.


زوت جانب فمها بسخريه، وسألتها بترقب: ولا تذكرين حديثى عنه أيضاً؟


قضبت جبينها لوهله، ثم إتسعت عيناها بذعر، وأومأت سريعاً بالإيجاب.


- بلى أذكر.


- أجل؟


إبتلعت ريقها بصعوبه، فقد ٱنقشع عنها الضباب، وتذكرت سخريته ، وغضبه المكتوم البارز بنظراته لها.


- أحمد الله أنكِ أتيتِ، فقد كان كمن يكبح غضبه بصعوبه.


تأففت هاله بإنزعاج: أنتِ من جلبته لنفسكِ.


أشارت إلى نفسها بصدمه: أنا؟! لما؟!


فأجابتها بسخريه، وإنزعاج: سليط اللسان عزيزتى، سديد الآذان.


- وما الذى يعنيه هذا؟!


- لديكِ أذنان، وفم واحد، لما تجعلى لسانكِ الواحد يغلب أذنيكِ الإثنتين؟! كفى عن الثرثرة الفارغه، وحاولى تشغيل عقلكِ، وإستيعاب ما تسمعينه جيداً.


❈-❈-❈


 توجه رسلان إلى والده؛ ليخبره بما حدث تفصيلياً ، كما أخبره أنه أثناء ركضه صوب صوت فيروز الصارخه، ترآى له طيف أحدهم يتحرك بالإتجاه العكسى من بين الأشجار، لكنه لم يكن يستطيع الإسراع نحوه والتقصى عنه.


ضاقت عينا عابد بتفكير: أتعنى أن هناك شاهد على ما حدث؟


- نعم.


طمئنه بهدوء: لا نخشى شىء، فإما اليوم، أو الغد وسيتضح ذلك الأمر، والآن أحضر أختكِ، وسيا، سنبيت هنا.


قضب جبينه متعجباً: من سيا؟!


- إبنة عمتك ليندا.


- وأين هى هذه؟!


- هى نفسها من تعمدت تلقينها درساً بقالب الكعك.


- من؟!


أومأ له بنظرات تحمل من التهديد أكثرها من التأكيد، ولم تعترض سيا ما دام عابد من أمر، ولا حاجة للتعجب بعدم معرفة رسلان لها، فهو يغيب دوماً عن المنزل، ويسافر كثيراً، وهى قليلة الزيارة إليهم، وقد تغير كلاهما عما كان بصباه.


فى صباح اليوم التالى كان أُسيد كمن يتصيد الأخطاء لفيروز، فهذا لا، وهذا لا يمكن، ولازلتى لم تتعلمى بعد، كفاكى دلالاً، وتعليقات كثيرة هكذا دون تفسير، يأست منه وواجهته بسبب غضبه، ونشب بينهما جدال طفيف، عن خطئها بالأمس.


- وما المشكله بهذا؟!


هتف بإستنكار: المشكله أنكِ لم تعودى صغيره، لقد أصبحتِ فتاة ناضجة الآن، فكفى عن تصرفات الأطفال هذه!


ضربت قدمها بالأرض متذمره: أنت مزعج!


ثم ركضت مبتعدة عن سبيله، وجلست بأرجوحتها بالحديقة.


لم يكن يعلم من تكون، لكن حين رآها حزينه لم يستطع منع نفسه من الإقتراب.


- هل لى أن أسأل لما ورده جميله مثلك تبدو حزينه هكذا؟


نظرت له متعجبه: من أنت ؟!


إبتسم ببسمه هادئه: أنا رجل لدى شقيقه، لو بكت أقمت الحرب من أجلها، وأنتِ تذكرينى بها، فأخبرينى لما أراكِ حزينه؟


علقت على كلماته بحزن: إن شقيقتك هذه محظوظه للغايه.


- لما؟! أليس لديكِ شقيق؟!


- بلى وهو سبب حزنى، يرانى تافهه، مزعجه، إنه لا يحبنى.


تنهد بضيق، ونظر حوله فرأى كرسى خشبى، فرفعه ووضعه أمامها، وجلس عليه.


- أتعلمين، لدى ثلاثة أشقاء، نوعاً ما حمقى يزعجون شقيقتنا الوحيدة، فقط لأنها فتاة، لكنهم يحبونها جميعا بصدق، لا يعنى أن شقيقك يزعجك، أنه لا يحبك.


- إذا، ماذا يعنى هذا؟!


- يعنى أنكما تختلفان بوجهات النظر.


صمتت تنظر له، تتأمله لا يأخذ حديثها أى أحد على محمل الجد، ولم يكلف أى منهم عناء الإنصات لها، لكن هذا الغريب يفعل، هذا الغريب الوسيم، فهى على يقين أن أغلب فتيات الحفل لو رأينه كن سيترامين تحت قدميه.


سألته على إستحياء: هل ترانى جميله؟


رفع حاجبيه مدهوشا من سؤالها الغير متوقع، ولم يستطع التحدث، فقضبت جبينها بألم؛ لظنها أنه لا يراها هكذا، وكادت تتركه، وتغادر، لكنه أوقفها بجوابه الذى أفقدها النطق.


- نعم، أنتِ جميلة، وبريئة كقطرة الندى.


زحف اللون الأحمر إلى وجهها تدريجياً من كلماته، ونظراته اللطيفه التى جعلتها تبتسم بخجل، ثم قفزت من الأرجوحة، وركضت بعيداً، فوقف سريعاً ينظر خلفها متعجباً، عما حدث بها، من أين ظهرت تلك الجنية الصغيره، واين إختفت، وهل كانت حقيقيه أم تخيلات؟!


تنهد بضيق ثم عاد إلى الإسطبل يبحث عن السيد عابد

يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة