-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 28 - السبت 12/10/2024


قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل الثامن والعشرون 

تم النشر يوم السبت

12/10/2024


قصت سيا لوالدتها كل ما حدث، وبدى الإنزعاج على وجه ليندا وصوتها الحاد من تصرفات إبنتها الحمقاء، لكن سيا كانت لاتزال حانقة على رسلان، فلمعت عيناها بمكر، وهتفت بوعيد له.


- سأريه ذاك الأحمق.


زوت ليندا جانب فمها بسخريه: لدى شعور بأنك الأحمق الوحيد هنا.


قضبت جبينها منزعجة: أمى! أنت تحبطيننى هكذا!


تأففت منها بضجر: سيا، كفى عن الحماقة، يكفينى ما أعانيه مع عمال المزرعه، بدلاً من نصب الفخاخ لرجل قد يقتلع رأسك إذا ما فطن لم تفعلينه، حاولى مساعدتى قليلاً.


- أنت تعطينه أكبر من مقداره.


- أنتِ من أخبرتنى عن أفعاله معكِ، ذاك الرجل ليس سهلاً، ولا يجب أن تعانديه.


قلبت عيناه بإنزعاج: أراكِ تتحدثين كهاله.


- هاله أكبر منكِ وأكثر منك إدراكاً.


قهقهت بصخب، ووالدتها تتابعها بتفاجؤ حتى توقفت تلتقف أنفاسها: أمى، هل تسمعين ما تقولينه؟! هاله والعقل لا يتفقان، إن ليان إبنتها لديها عقل أكبر منها.


- هذا ليس موطن حديثنا.


- يا أمى كفى عن الخوف.


صرخت بها يائسه: وكيف أفعل وأنتِ تأتين إلي بالكوارث كل دقيقه، فتاة مثلك يجب أن تكون زوجة وأم الآن، ولكنكِ تنفرين منكِ الرجال بأفعالكِ الهوجاء تلك!


أجابتها بجمود مفاجىء لذكرها هذا الأمر: ولما تريدين منى الزواج؟ ألم يكفيكِ ما عانيته، لأعيد الكره مرة أخرى؟!


إقتربت منها بهدوء: عزيزتى، وضعكِ يختلف تماماً عن وضعى أنا، أؤكد لكِ أنه لن يتكرر الأمر معكِ.


قهقهت بصوت عالٍ بلا مرح، ثم علقت على كلمات والدتها ببرود، وسخريه: أحقا؟! وكيف هذا؟ لقد ترككِ السيد علي، ومن بعده زوجكِ الغالى.


حاولت مجدداً، لكن سيا لم تمهلها أى فرصه أخرى، حيث رفعت يدها أمامها تخبرها أنها لن تسمع المزيد، ومن ثم تركتها وصعدت إلى غرفتها، وليندا تنظر فى إثرها بحزن، وندم، لقد كانت السبب فى هجر الرجال لها، وقد أساءت الحكم على الأمور، وسيا من دفعت الثمن، وأصبحت كالخنجر المغروس بقلب ليندا طوال الوقت.


❈-❈-❈


حاولت نجمه ألا تبدو متذمره، أو ساخطه على أُسيد، فيقدم لها إعتذاره عن صراخه بها، ويتصالحان دون أن تعتذر هى، لكنها تفاجأت به يخبر والده أنه سيسافر بالغد، فلديه الكثير من العمل فوق رأسه، فصرخت مستنكرة، كيف يغادر، ولم يمر أسبوع حتى على قدومه؟! وإستنكرت رحيله بشدة، وظنت أنه سيتراجع، ففاجئها بصوت ملىء بالمرارة، بأنه سيغادر ليترك لها المجال؛ لتفعل مع تريده هى وإبنتها؛ لأنه ليس لديه طاقة والده على الصبر، وتركها، وغادر، وهى تنظر الى سلمان، ولمحة من الندم والحزن بمقلتيها، لكنه لم يتدخل، قرر أن يتركها تواجه نتاج أفعالها، لقد خاف عليها حتى ساء الوضع، وما دفعه إلى هذا هو ما حدث مع فيروز، فبأي عقل لا تلومنها على ما فعلته، فلولا تواجد أخاها ورسلان، لسقطت بالهاوية.


لم ينصت أُسيد إلى والدته، بل بدأ بتجهيز ثيابه، وحين حاولت نجمه ترجيه؛ ليظل رفض تماماً، وفشلت بإقناعه، فتوجهت إلى سلمان ترجوه أن يجعله يتراجع، فتفاجأت به مؤيداً لرأى أُسيد الذى كان قد أخبر رسلان بسفره، وقررا أن يرحلا سويا بالصباح.


ظلت نجمه حزينه يائسه، وفيروز ليس هناك ما يشغلها سوى الجلوس بالشرفه، علها تراه مجدداً، ولم تفهم لما، ولكنها تريد ذلك بشده، وبكل أسف لا تعلم من يكون حتى يمكنها السؤال عنه، أو معرفة إن كان سيأتى مجدداً أم لا.


❈-❈-❈


لاحظت فيروز بؤس والدتها، وأحست بالذنب؛ لأن أخاها غادر بسببها، فحاولت مراسلته حتى يعود وتعود معه بسمة والدتها، لكنه لم يجيبها، وظل هناك يغرق نفسه بالعمل، يتحاشى التفكير بأى شىء سوى العمل، حتى رينا! رغم شوقه الذى يتزايد كل يوم نحوها، لم يذهب إلى المتجر الذى تعمل به ليراها، فقد تسلل القلق إلى نفسه بسبب تلك الزيارة الأخيرة إلى عائلته، هل سيجعل منه العشق شبيه بأباه؟! ضعيفاً، متخاذلاً، لا، لن يرضى بهذا، ومن الأفضل أن ينسى رينا الآن بدلاً من أن يتعلق بها أكثر، ويصبح لاحقاً غير قادراً على الإبتعاد عنها، ولكنه لم يكن يدرك حين إتخذ هذا القرار أنه بالفعل غير قادر على نسيانها، فأصبح سريع الغضب، يصعب التعامل معه، وأصبح موظفينه يخافون منه، ولاحظ رسلان أفعاله، ولم يعجبه تحطمه بهذا الشكل، وحاول التحدث إليه، لكنه لم يترك أى مجال ليخوض بهذا الأمر معه حتى وصل الأمر معه إلى حد الإختناق، فترك العمل باكراً بأحد الأيام، وذهب إلى الشاطىء، وبعد شرود لدقائق عده، قد مرت كالدهر، أيقظه من شروده صوت ظن أنه لن يسمعه مجدداً، وقد ظن للحظات أنه يتخيله لإشتياقه لها، فقط حين رفع رأسه، ووجد نفسه يحدق بوجه رينا، أدرك أنها بالفعل أمامه، تبتسم بطريقة زادت من خفقان قلبه، فسألها بذهول.


- ماذا تفعلين هنا؟!


رفعت حاجبيها مندهشه: أنت بالفعل تتذكرنى؟!


فقضب جبينه متعجباً من جوابها، يبدو أنها هنا منذ وقت، وتتحدث معه دون أن يدرى، حين إستغرق وقتاً دون أن يجيبها، إبتسم بإرتباك، وسألته بمرح زائف توارى به حرجها.


- ما بك؟! ألست أنت السيد أسود، أخ السيدة ورديه؟!


قضب جبينه متعجباً من تلك الأسماء الغريبه، فأوضحت له أنها أسمته هو وأخته بأسماء ألوانهما المفلضله، فإبتسم لها رغماً عنه لذاك الوصف المرح، رغم إستياؤه؛ لأنها لا تتذكر إسمه، لكنها تذكره جيداً، هى فقط لا تستطع أن تناديه به؛ لظنها أنه لا يتذكرها، وهى لا تريد أن تضع نفسها بموضع حرج.


- أدعى أُسيد إذا لم تكونى تتذكرينى, رينا.


إفتغر ثغرها بدهشه للحظه، لقد تفاجأت به حين همس بإسمها بصوت أجش، جعلها تخطو نحوه طاعية، وتجلس إلى جواره، ثم همست بإسمه بصورة أرجفت أوردة قلبه بداخل صدره، فبادلها بسمتها بأخرى هادئه،  فإزداد إرتباكها، وهى توضح له.


- لم أظنك ستتذكر إسمى، فلم أُرد أن أناديك بإسمك.


- ولما هذا؟!


- منعا للحرج.


- لا تفكرى بآراء الآخرين، ونظراتهم، إذا ما أردتِ فعل شيئاً ترينه صواباً، فإفعليه.


إعترضت بلطف: ولكننا نحيا بين الناس، لا يمكننا تجاهلهم!


- هذا صحيح، ولكن أحيانا إهتمامنا بغيرنا بشده، يجعلنا ننسى ما نريده لأنفسنا.


- هذا خطأ، لا يعنى أن تفعل ما تريد، أن ذلك سيتعارض مع ما يريده لك الآخرين، أو ما يريدونه لأنفسهم.


- وإذا ما حدث؟


أجابته بثقه: إختار ما يسعدك، فإرضاء الآخرين بشىء لا ترغب به لن يسعدك، كما أن من يحبك سيحب لك السعاده.


فجأه بدى الإرهاق على وجهه، وتمتم بصوت مجهد: أنا متعب.


نظرت لها بإهتمام، ثم سألته بقلق: ما بك؟!


نظر إليها يتأملها بإشتياق، وقد علقت أنفاسها بحلقها بإضطراب لنظراته، وللحظات ظنته لن يقل شيئاً، لكن بالأخير بدأ يتحدث عن عمله، وعائلته، ووالدته، كانت كلماته غير مترابطه، ويتحدث عن كل شىء، وأشياء لا تعرفها، ولا تفهمها، ولكنها أنصتت له بإهتمام، وهو يتحول من الهدوء إلى الغضب، ومن السخط إلى الإختناق بكلماته، وبالأخير أخبرها أنه ناقم على كل شىء، ويائس، وما إستنتجته أنه على خلاف ما مع والدته؛ لأنها تدلل اخته، فهتفت بذهول.


- لم أحسبك غيور! إنها أختك!


نظر إليها مستهجناً:  أولست إبنها؛ لتعتنى بى أيضاً! وأبى، أليس زوجها؛ لترعاه! إلى متى ستظل عمياء عن كل شىء؟!


إفتغر ثغرها عن بسمة بسيطه: أنت بنفسك تقول أنها تحاول إصلاح الوضع معك، وتراسلك بصورة دائمه، وهذا يعنى شعورها بالذنب، كما أنك تقول أنها حاولت ردعك عن السفر بهذه السرعه، وهذا يعنى أنها تحبك، وتريدك بجوارها أطول وقت ممكن.


قضب جبينه: ماذا تعنى؟!


- أعنى أن تعطيها فرصة أخرى، فأنت نفسك تريد هذا، وإلا ما أصبحت عصبى هكذا.


أشار إلى نفسه بذهول: أنا! عصبى؟!


- كثيراً، لم أعهدك هكذا!


هدأ نقمه على كل شىء، وظل لوقت لا بأس به يتأملها بصمت، وقد تملمت تحت نظراته الغامضة، والمثيره، حتى تحدث، وهو يخبرها بسعادته لرؤيتها هنا، لقد كان يحتاج لرؤيتها أكثر مما تخيل.


- أتعلمين، لقد حاولت كثيراً أن أدعوكِ إلى تناول الطعام معا، ولكن لم تواتينى الشجاعة لهذا، وها نحن أخيراً نلتقى بعيداً عن عملك.


- ولما تريد لقائى بعيداً عن عملى؟!


- لأخبرك كم أرتاح لرؤيتكِ، وكم أتمنى أن نكون أصدقاء، حتى أثبت لكِ أننى الشخص المناسب، ولكى أأسر قلبك كما أسرتي قلبى بعشقك، ومن ثم نتزوج إذا ما وافقتى؛ لتأتى لى بأطفال يشبهونكِ، يدفعون بى إلى السعادة التى أبغيها.


لم يعلم كيف واتته الشجاعة لهذا الحديث، ولكنه على يقين بأنه لم يكن ليجد مناسبة أفضل من هذه، وقد خاف من ردة فعلها، ولكن اللون الأحمر الذى زحف إلى وجنتيها، ولمعة عيناها بالدهشة، والسعادة معا، وتلك البسمة الخجولة التى تجاهد لمنعها من الظهور، كل هذا أكد له أنها تبادله نفس المشاعر، فتجرأ أكثر، ومد يده؛ ليمسك بكفها بحنان، وتابع هامساً.


- أخبرينى رينا، هل من سبيل إلى ما قلته لكِ؟


أومأت بخجل، فتنهد بإرتياح ممزوج ببسمة راضيه  وأردف بلطف: هذا يعنى أن عليكِ أن تُعرفينى على أسرتك.


أومأت بصمت خجول، موافقة على ما قاله، وفجأة تلاشت كل إنقبضاته المؤلمه، وعبوسه وأى ضيق بنفسه منذ أيام، وأدرك أن تحمل والده لما يعانيه مع والدته يستحق فقط من أجل لحظات رائعة كهذه أن يستمتع ببسمتها الصافيه، والحب يرسل رسائله من عينيها إليه، إنه لأمر رائع جداً. 


❈-❈-❈


إلتقت ليندا بورده بعد عدة أيام، وإعتذرت منها لأجل أفعال سيا البلهاء، وطلبت منها لو ترسل إعتذارها إلى عابد ورسلان، لكن ورده طمئنتها أنه لا عابد ولا رسلان يكنان ضغينة تجاه سيا، وأنها كهاله بالضبط، ولا داعى لأن تشغل رأسها بهذا الأمر طويلاً، فتنهدت ليندا بضيق، وأفضت لها بمخاوفها، فمنذ هجر زوجها لها لأجل إمرأه أخرى، وقد أصبح العبأ كبيراً جداً، فسيا كانت مدللة جداً من أباها قبل أن تسلب لبه أخرى، فينسى شغفه بإبنته، وقد صدمها رحيله بهذه البساطة غير عابىء بها حتى أنه لم يفكر أن يزورها ولو مرة واحده على سبيل الواجب، لقد إنشغل بزوجته الجديده، ونسى أنه كان يوماً زوجاً وأباً، مما جعل سيا ناقمة على جميع الرجال، ودوماً ما تبدأ بالعراك حتى ولو لم يضرها أحد حتى جعلها هذا شرسة تُنَفر الرجال منها، وهى لا تريدها أن تعانى، لا تريدها أن تظل وحيده، لقد كانت ليندا ذات يوم يعميها الغرور، لكنها لا تريد لإبنتها أن يعميها الغضب، لقد آلمها غدر زوجها، وكتمت الأمر لأجل سيا، لكن سيا نفسها لا تريد تحمل الأمر مطلقاً.


كانت ليندا كمن وجدت ضالتها، حين وجدت صدر ورده الرحب متسعاً لسماعها بإهتمام حقيقى، وواستها بحب، وأخبرتها أنها ستحاول جعل هاله تعمل على إخراج سيا من هذه الحاله، وستتعاون معها على ذلك مما أسعد ليندا كثيراً، وشكرتها، فعاتبتها؛ لأن بين الأصدقاء لا داعى للشكر.


❈-❈-❈


حين أصبحت ورده مع عابد وحدهما بالمساء، أخبرته بكل ما دار بينها وبين ليندا، فأومأ بصمت أغاظها.


- لقد جعلتنى أصمت، عما فعله رسلان مع سيا، وأنت فقط تخبرنى بجمل غامضه، وأنا ما عدت أطيق صبراً لأفهم، ما الذى يدور برأسك؟!


أجابها بهدوء زاد من إصرارها: كل الخير.


- أريد أن أعلم!


- منذ متى أصبحتِ لجوجة هكذا؟!


- ليث! كف عن مراوغتى، وأخبرني بما تفكر!


إبتسم بود، فهى من ظلت تناديه بهذا الإسم، حينما يكونا وحدهما، ولسبب ما يعشق هذا الإسم منها عن إسمه الحقيقى، والذى لا يشعر بأنه يناسبه مطلقاً، وفيما بعد أصبحت ليندا تناديه به فلم تعترض ورده؛ لأن ليندا تعرفه فقط بهذا الإسم، وظلت تناديه به لتظل متذكره فضله عليها، وإبنتها تفعل مثلها، ليس قانوناً، ولم يطلب من أحد تسميته بأى إسم، فكل يتركه يسير وفق أهوائه، وأى إن كان الإسم لا يهم، المهم هو مكانة صاحبه، نظر إلى ورده مبتسماً بمكر.


- هل تعلمين سر شجارهما الأخير بالحديقة؟


قضبت جبينها متعجبه: من؟! أتقصد رسلان وسيا؟!


- أى نعم.


- لا وكيف لى أن أعلم، وأنت أمرتنى، أيها الطاغية! بالصمت!


جذبها إليها بحدة  أجفلتها، ونظر إليها متحدياً: أنا طاغية، وردتى؟!


إبتسمت له بدلال، وحركت رأسها نافيه: لا، أنت حبيبى.


قهقه بمرح ، ثم ضمها إليه أكثر: ما رأيك أن تنسى الأمر هذه الليله؟


نظراته أكدت لها، أنها لو سايرته، فلن تصل إلى شىء مطلقاً، فهمست بدلال مجدداً.


- ليثي كفاك عبثاً، وأخبرني.


هتف بحماس: يا للهول! مهما مر العمر، فلازلتى تأثرين قلبى، أتعلمين سنتحدث بالصباح.


دفعته عنها بغضب مفاجىء، ونهضت تهتف بسخط: بالصباح ستعود السيد عابد الطاغيه، أريد أن أعلم!


تأفف بضجر، فحين تضع ورده شيئاً نصب عينيها، لا ترى سواه، ولم يجد بداً من إخبارها، فأشار لها بالجلوس، ففعلت،  وهى تنظر له بحماس طفولى أضحكه، ومن ثم سألها بتسليه.


- ألا تريدين أن تكونى جده؟


أجابته بلا مبالاه: أنا بالفعل كذلك.


- لأبناء رسلان.


هتفت بحماس أكبر: يا الاهى! بلى.


- ومن سيقبلها رسلان؟


تلاشى حماسها، ولوحت بيدها فى الهواء كناية عن يأسها تجاه هذا الأمر.


- لا أعلم، إبنك له مزاج حاد، وطابع شرس، ومع أن الفتيات يتهافتن عليه، لكنى على يقين أنهن لن يتحملنه طويلاً.


- نعم، ولكن إن كانت شرسة مثله؟.


- يا إلاهى! سنروض وحوشاً هنا!


- أو قد يروضا بعضهما، أخبرينى، ماذا لو إهتم هو بفتاة.


- أعتقد أنها من ستروضه بالفعل، ولكن ما علاقة هذا بحديثنا؟!


فأوضح لها بهدوء: لقد حمل رسلان سيا إلى غرفتها؛ لأنه بعد أن أغرقها بالماء، وجد أن الإبتلال أظهر جسدها بصورة واضحه.


إزدادت حيرتها: لا أفهم!.


تنهد بيأس، فحين تغلق عقلها، تصبح مزعجه،فأوضح لها أكثر: إبنك يغار يا إمرأه، هل فهمتى؟


إتسعت عيناها بدهشه: يا إلاهى! هل تقصد سيا؟! ولكنهما كأسدين يتنافسان على إصطياد غزالة!


إبتسم بخبث: هل نسيتى كيف كنا أنا وأنتِ، رسلان لم يدرك شعوره بعد، وسيا تتعامل مع الجميع بلطف لكنها ثائرة معه هو فقط بثورة ملفتة للنظر.


- نعم لكن...


قاطعها متابعاً: إنها تبادله نفس الشعور دون أن تدرى، وهذا ما يغضبها، إنجذابها له، وهى تريد أن تنفر من كل الرجال، لما فعله أباها بأمها، وتريد ألا تقع بالحب حتى لا تعانى مجدداً، أو تمر بتجربة أمها البائسه،

ولكن للحق، لقد كانت ليندا صعبة التعامل مع زوجها، فرغم أنها هدأت كثيراً عما كانت عليه من قبل أن تفقد مزرعتها، لكن حين تزوجت منه كانت غريبه بحق، وحين هجرها لم يبدو عليها التأثر، وحتى غضبها من الأمر كان؛ لأجل سيا، ولأجل مظهرها الإجتماعى، إنها لم تحبه، لكن رؤيتها لعلي سعيد بحياته، جعلتها تتزوج أول من يطلبها.


سألته بصدمه: هل لازالت تحب علي؟!


- لم تحبه قط، ولكنها دوماً ما إعتبرته ملكاً لها حتى صدمها الواقع، ولازال كبرياؤها لم يتقبل الأمر.


- يا إلاهى! وسيا تعانى، هل يمكن إصلاح الوضع؟


- بكل أسف، لا، فليندا لن تحبه، وهو لن يعود لها بعد أن تزوج من أخرى تسعده، لكن قد يعود؛ ليرى إبنته، المشكلة على ما أظن أنه يخشى ردة فعل ليندا، لذا لم يعد مطلقاً.


- حسنا إتركنا من هذا الآن، كيف سنجعل رسلان وسيا يتقربان؟!


أجابها بسخط: طالما هو بالمدينة الأخرى، وهى هنا، لن يتقربان مطلقاً.


- ماذا تعنى؟!


- أعنى أننا سنبحث عن أسباب تعيده كثيراً هنا، ونأتي بها لأى سبب كان، ونضعهما أمام بعضهما.


- فقط؟!


- نعم، وسنترك البقية لهما.


- حسنا، أتمنى أن تنجح خطتك.


- ستنجح وردتى، والآن كفى عن دور صعبة المنال؛  لانى بدأت أضجر.


- ماذا؟!


قلب عيناه بضجر: أمازلتِ تجادلينني؟! هيا.


جذبها إليه بحده، تبعتها ضحكتها المرحه التى كانت أفضل موسيقى يسمعها لينهى بها يومه. 


❈-❈-❈


لقد أصر أُسيد أن يرى عائلة رينا، وقد كان، لقد تفاجئوا به جميعاً عدا والدتها التى كانت قد أخبرتها عنه سابقاً، ولكن والدتها نصحتها بأن تتروى قليلاً، حتى يبدأ هو، أو تنساه مادام لم يتحدث بشىء صراحةً.


لقد رحبت به عائلتها التى لايوجد بها نساء غير والدتها، وجميعهم ضغط على يده بقوة مع نظرة تهديد، أدرك من خلالها أنه إذا ما أزعج رينا فسيفتكون به، ولا يهم من يكون، وحين وقف أمام أخاها الأصغر إبتلع ريقه بقلق، وتمنى لو أحضر معه رسلان، فرغم أنه الأصغر فهو الأقوى جسمانياً بين الحضور، وتحضر لكسر عظام يده إثر سلامه، ولكن لمفاجئته كان الأكثر وداً بينهم، وترحيباً حقيقياً به، وبدى الأكثر حكمه بينهم، وقد أخبرته رينا بالطريق أن أخاها الأكبر هو بمثابة أب ثانى لها، ولكنه بسفر لذا فالبديل عنه هو الأخ الأصغر، لأن الإثنين الآخرين بلا عقل تماماً، إن أخاها الأكبر هو من يلجأ له كل أفراد العائله دوماً حتى والديها، لقد كانت محقه، فهو رغم جسده العضلى القوى الذى يؤكد أنه يمارس الرياضه بكثره إلا أنه هادئ حكيم.

يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة