-->

رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 1 - الخميس 24/10/2024

 

 قراءة رواية في قبضة فهد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية في قبضة فهد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هالة زين


الفصل الأول

تم النشر الخميس

24/10/2024


في القاهرة 


في أحدي أشهر وأجمل شوارع القاهرة المطل على النيل المعروف بمنازله العتيقة التي تتلألأ تحت أشعة الشمس الذهبية الدفيئه بفصل الشتاء والتي انعكست على سطح الماء بهدوء. والممتلئ بالأشجار الخضراء المنتشرة على طول الطريق تظلل المارة، وتتناغم مع نسمات الهواء العليل التي تحمل معها رائحة النيل العذبة والمباني القديمة بجدرانها المتهالكة وقبابها المهيبة تقف شامخة على ضفاف النهر، تشهد على تاريخ المدينة العريق.والسيارات التي تمر منه ببطء شديد ، وكأنها تستمتع بالسير على هذا الطريق المميز والمناخ الشتوي المعتدل بينما تتعالى ضحكات الأطفال وهم يجرون خلف بعضهم البعض على الأرصفة المرصوفة بالحجارة بينما المقاهي الصغيرة التي تزدحم بالرواد والزوار والسائحين تخلق مزيجاً من الأصالة والحداثة.

أما وسط هذا الشارع يقف مبني حديث شاهق وأمام هذا المبني الشاهق الارتفاع تقف هذه الفتاه الصغيره منبهرة من هذا الصرح السكني العملاق رافعه رأسها للأعلى تنظر للسماء لتأتي بآخر قمته أمام المدخل الرئيسى له ليقطع حبال تأملها صوت هذا الحارس الضخم بلغته المصريه الاصيله 


الحارس : حضرتك مين وعاوزة وايه ؟


ميليا : أنا ميليا جيت للمدام ديالا اللي ساكنه في الدور ١٥


الحارس :عندك ميعاد معاها 


ميليا : ايوة هيا عندها خبر ...إنت جديد هنا ....أنا أول مرة اشوفك 

الحارس : اه لسه متعين جديد 

ميليا :أنا ميليا اتشرفت بيك ...وهتشوفني كتير...مدام ديالا عميله مميزة عندنا وأنا بجلها علطول 

الحارس وقد لمعت عيناه من جمالها الأخاذ


الحارس :أنا اللي اتشرفت بيكي يا آنسه ....مش آنسه بردو 

ميلا :آه آنسه ..متشكرة اوي


سمح لها الحارس بالدلوف الي داخل المبني بعد ان تأكد من صحه حديثها بعدما أبلغ صاحبه الشأن بقدومها. 


خطت أولي خطواتها الي المبني وهي مغمضه العينين تدعو الله أن الثياب التي صنعتها والدتها تروق الي هذه المبتذله ديالا فهي إحدي زبائنها المزعجين التي لا تروق لها التصميمات من أول وهله .


استقلت ميلا المصعد بإبتسامه عذبه بعد ان شكرت الحارس الذي ساعدها بالدخول وأخذت تنظر بالمرآه خلفها وهي تعدل من مظهرها ثم تأكدت من نظافه الصندوق الذي يحتوي علي الثياب وانتظرت حتي توقف المصعد بالطابق المطلوب . 


تنفست بعمق ثم أطلقت الزفير بالهواء وخطت تمشي بثبات لاق بها وذلك الرداء الأسود الفضفاض يتأرجح ببساطه حول ساقيها حيث يتوسط خصرها حزام أخضر زجاجي كلون غابات عينيها الخضراء والذي يشبه تماما رابطه شعرها وحقيبتها وحذائها فكانت حقأ تبدو فاتنه كعارضات الازياء الشهيرات بجمالها الفتان وخصرها النحيل .ولولا أن قماش الفستان يبدو رخصيا الا أنه حقا طغي جمال التصميم ليظهر فستانا كالتصميمات العالميه .


أخذت تمشي بهدوء بالطابق وهي ترمش بأهدابها باحثه عن رقم الشقه المرجوه ، فالتقطت عينيها الخضراء الزجاجيه الرقم،فابتسمت شفتاها المكتظه الورديه واتجهت الي باب الشقه الفندقيه الراقيه بهدوء وثبات ثم طرقت الباب عدة مرات .

الخادمه :إزيك يا آنسه ميلا عاش من شافك


ابتسمت ميلا بوجه هذه الخادمه فقد اخذتها خليله لها فهي من تهون عليها وجودها بهذا المكان


ميلا :فعلا يا سوسو بقالك كدة يومين بحالهم ما شوفتنيش...قوليلي المدام هنا ولا فين

اقتربت الي أذنها لتهمس بها بضع كلمات ثم أخذت تلوي شفتاها يمينا ويسارا 

الخادمه : بتلعب يوجا ياختي ...هي وراها غيرها ...عقبالنا يارب 


ضحكت ميلا علي هذه السعديه التي ما إن تبدأ بالحديث لا تنتهي 


رحبت بها سعديه الخادمه بعدما خرجت لاستقبالها وطلبت منها الانتظار ببهو الشقه المتسع لحين حضور سيدتها فهمهمت بتفهم لها 


بعد مدة ليست بقليله أحضرت سعديه كأس من العصير الطازج وقدمته لها وأخبرتها أن تنتظر قليلا لحين إنتهاء سيدتها من درس اليوجا خاصتها 


نفخت ميلا بقله صبر وعضت علي شفتيها بغضب من هذه المتسلطه التي تثير غيظها في كل مرة عندما تتسلم الثياب فالقليل من الدقائق لديها قد يكون ساعه من الانتظار فهي مع الاسف قد تعودت علي إستعلائها منذ زمن بعيد ولكن الانتظار يجلب لها الكثير من الفائدة فيما بعد .


تناولت كأس العصير من سعديه بعدما شعرت انه لا مفر من الانتظار هذه المرة أيضا وأخذت تجوب وتمشي في أرجاء البهو الفسيح تتأمل التحف والقطع والانتيكات النادرة به وهي ترتشف مشروبها علي مهل وتتحسس الأشياء الثمينه بالجوار 


بعد الكثير من الوقت ظهرت سيدة في العقد الرابع من عمرها ترتدي ملابس رياضيه وتحمل بيدها منشفه تجفف بها وجهها وتتحدث بالفرنسيه بالهاتفوعندما أنهت مكالمتها علي الهاتف تحدثت بالمصريه الركيكه


ديالا : سوري إتأخرت عليكي شويه يا ميلا 


ميلا :مافيش مشكله يافندم


ديالا : اتمني تكونوا صلحتوا الأخطاء اللي في الفساتين زي ما انا عاوزة 


أمائت لها بوجهها وهي تؤكد لها الامر 


ميلا :صلحتها كلها يا أفندم أنشاء الله المرة دي تكون آخر مرة 


ديالا : وأنا بردو أتمني ذلك إنتي عارفه انا بقدر والدتك ازاي وبحب البس من إيديها مع إني ممكن اشتري اغلي وأحسن الفساتين الماركات ..بس والدتك صديقه عزيزة 


نظرت ميلا الي إحدي التحف بغضب ثم أغمضت عينيها بغيظ وهي تتنفس بصعوبه وتتخيل أنها تمسك هذه التحفه الثمينه علي هيئه حصان وتهشم بها رأسها الي ان تلفظ أنفاسها الاخيره.من حديثها الذي يثير سخطها .


ديالا: رحتي فين ؟؟


تنحنحت ميلا وهي تفتح عينيها وترمش بتردد


ميلا : إحنا مقدرين دة طبعا يا افندم اوعدك انها تكون آخر مرة طبعا 


جلست ديالا أمامها ووضعت ساق فوق الاخري بكل غرور 


طب كويس انكوا عارفين دة ... استنيني هنا شويه علشان تساعديني وتظبطي الفستان الاسود عليا علشان هلبسه النهاردة في حفله عيد ميلاد واحدة صاحبتي 


تنحنحت بحرج وهي تبتلع ريقها بنفاذ صبر 


ميلا :هو ممكن بسرعه علشان حضرتك عندي توصيل لاوردر تاني غير إن والدتي النهاردة ميعاد الكيماوي الاسبوعي بتاعها .


إستدارت لها بتفهم وسألتها بإهتمام 


ديالا :هي صحتها عامله ...في أي تحسن في حالتها 


نظرت للأرض مبعده مقلتيها عنها بعدما امتلأتا بالدموع وأشارت بوجهها بالنفي ...


ميلا :لا للأسف ...بس إحنا بنعمل اللي علينا والباقي علي ربنا .


اقتربت منها وربتت علي ذراعيها مواسيه لها


ديالا : ربنا يتولاها برحمته..


ثم غيرت مجري الحوار بينهم لتزيل حاله الحزن التي وقعت بها هذه الصديقه الصغيره 


ديالا :أنا عارفه إنك بتساعدي والدتك في عمل التصميمات اللي بخليها تعملهالي وإنتي اللي دايما بتضيفي عليها اللمسات الشبابيه الحلوه دي ..وهي اللي قالتلي انك إنتي اللي بتعملي التصميمات كلها بإيدك علشان كدة انا كلمت كل أصحابي ومعارفي هنا علشان تعمليلهم فساتينهم الخاصه . 


ثم أشارت بأصابعها محذرة 

بس أوعي تعمليلهم تصاميم أحلي من تصاميمي 


إبتسمت ميلا رغم عنها لهذه الشمطاء التي تطلب تعديل التصميم أكثر من مرة وتتعب والدتها بكثره شكواها لتضيف بلطف


ميلا :طبعا ما نقدرش يا مدام ديالا حضرتك الخير والبركه ..انشاء الله أكون عند حسن ظنك وظنهم


أمرت ديالا الخادمه بإحضار حقيبتها بسرعه ثم أعطتها ثمن الثوب مضاعفا لتنظر لها ميلا بشكر 


ميلا :شكرا بجد...هستنا حضرتك هنا لحد ما تجهزي ...


ديالا : لا تقدري تروحي إنتي ولو في أي حاجه هبقي ابعتهالك مع السواق....


نظرت لها ميلا بغضب بعدما إستدارت وأعطتها ظهرها 


ميلا :مش هتتغيري وهتفضلي الساحره الشمطاء اللي ناقص لها مقشه وتطير بردو مهما تعملي فيا خير ...


كادت ديالا أن تصعد الدرج الا أنها تذكرت حديث صديقتها بالنادي 


ديالا :آه ....ميلا ....دة كارت أميره هانم الفهد بنت صحبتي في النادي عجبها كام موديل عملتهملي ابقي كلميها خدي منها ميعاد وقوليلها انك من طرفي وهي هتفهم .


ابتسمت لها ميلا إبتسامه مصطنعه وأخذت الكارت وغادرت 


خرجت ميلا مسرعه من المبني وهي سعيدة وتتنفس بحريه بعدما نظرت الي كم الاموال التي ربحتها اليوم من هذه الشمطاء ...الي أن شعرت بهاتفها يهتز بالحقيبه...تناولت الهاتف ونظرت الي شاشته لتبتسم بفرحه وهي تضغط علي زر الاجابه


داليدا:أحلي مسا علي الناس الكويسة


ميلا :ههههه يا بنتي مش هتبطلي اسلوبك البيئه ده بقا 


داليدا :وأبطله ليه ...بذمتك لو بطلته هتعرفيني ..وبعدين عاوزة إيه من واحدة بتشتغل مع خمسين صنايعي في مركز صيانه عربيات ولا أحسنها ميكانيكي 


ميلا :ههههه ...والله أنا مش عارفه هندسه ميكانيكا إيه اللي في الاخر بدل ما نقولك يا باشمهندسه داليدا نقولك يا أسطي داليدا 


داليدا: لا عندك كدة واستوب ....اه ...أنا الباشمهندسه داليدا غصب عنك ....

وهنا وصرخت بوجع .وأمسكت برأسها الذي اصطدم بسقف السياره التي تعمل أسفلها 


ميلا :ههههههه ايه اتخبطتي تاني ... أوعي تقوليلي بردو أنك بتكلميني من تحت العربيات اللي بتصلحيها 


داليدا :اوف يا ميلا...اومال هكلمك منين مانتي عارفه اللي فيها هكون بكلمك من المكتب بتاعي يعني وانا قاعدة في التكييف....يا ساتر عليكي مابكلمكيش مرة الا ولازم أخرج من المكالمه بعاهه مستديمه .


ميلا :معلش بقا يا أسطي داليدا ماحدش قالك كلميني وانتي تحت العربيه يعني 


داليدا: تصدقي أنا غلطانه ....وبعدين أنا مبكلمكيش إنتي طبعا ..انا.بس النهاردة إفتكرت انه ميعاد جلسه الكيماوي بتاعه طنط إيف فكنت بتطمن عليها 


تبدلت معالم وجه ميلا من الابتسامه الي العبوث مرة أخري وتنهدت بتعب وهي تنظر للسماء بترجي 


ميلا: ايوا ....هعدي علي المستشفي ادفع فلوس الجلسه وبعدين هروح البيت اجيبها 


تنهدت داليدا بأمل وحاولت ان تغير مجري الحوار لكي تزيل الحزن عن صديقتها 


داليدا :انشاء الله هتبقي كويسه ...ماتقلقيش يا حبيبتي خلي املك في ربنا كبير 


ميلا :الحمد لله علي كل شئ


داليدا :قوليلي هيا الوليه ديالا عملت معاكي الجلاشه تاني ورجعت الفستان ولا إيه 


إبتسامه عابثه خرجت من فمها وهي تضغط علي شفتيها 


ميلا : هتفضلي بيئه ...الجلاشه دي الليدي ديالا أكلتهالي محشيه بسبوسه بالمكسرات 


داليدا: أوباااااا تبقي رضيت عنكم أخيرا وأخذت الفستان من غير ما تصلح فيه حاجه للمرة العشرين 


ميلا :أه يا ستي هي أخذته بس بعد ما طلعت روحنا .... ووقفت بالشارع تقلد صوتها رافعه حاجبها لاعلي 

قالتلي لو فيه حاجه هبعتهولك تاني مع السواق


قهقهت الصديقاتان بصخب محبب لكليهما ثم أردفت ميلا 


ميلا :بس سيبك إنتي بصراحه إدتني تمنه مرتين وكمان كارت في أرقام زبونه جديدة 


داليدا :ماهما كدة ولاد الناس الاوبهه بيتعاملوا بالفلوس ..مش قلتيلي ساكنه الفورسيزون 


ميلا : أوبهه ...متأكدة يابت انك كنتي في كليه من كليات القمه 


داليدا: واحدة بشتغل مع الاسطي ابراهيم كماشه.. واحمد مفك.. عاوزها تقول إيه وبعدين اتعدلي كدة دة إحنا كنا خربنها سوا في الكليه ...مش علشان اتمشيتلي شويه في الفورسيزون والتجمع وزايد هتعمليلي فيها بنت ناس يا بنت مصطفي العماري ....ده إنتي ساكنه في حواري عابدين ماتخلنيش افرشلك الملايه 


ميلا :هههههه اقسم بالله لولاكي كنت نسيت اللغه العربيه بفصاحتها 


داليدا :ههههه أصدك بواقحتها وأبحتها ...


(خلصت يا دوكش )


كان هذا صوت إحدي العاملين الذي طرق علي السيارة بإحدي القطع الحديديه لكي يثير إنتباه داليدا التي تقبع تحتها


ميلا :هههههههه دوكش ....بقا داليدا الفريدة بنت الناس الكويسة اللي كانت كليه الهندسيه بتحلف برقتها والبنش كله بيتحجز لها مخصوص من المعيدين والدكاترة اللي كانوا مبهورين بجمالها وشطارتها بقت دوكش....عجبت لك يا زمن 


داليدا :هوووش بقا اسكتي واستني شويه إنتي علي جنب لما أشوفك 


أخرجت داليدا رأسها الملطخ بالشحم الاسود من أسفل السياره لتقابل وجه هذا الرجل العجوز سمح الملامح مبتسم الوجه 


داليدا : قربت آهو ....هخلص واجيبلك التقرير يا عم محمد في المكتب .


محمد :ماشي ماتتأخرش يا دوكش وبطلي كلام في التليفونات كتير أثناء سير العمل علشان ما تأخديش جزا يقطم وسطك 


داليدا :من عنينا يا راجل يا طيب..بس عديها المرة علشان الظروف ...ثم دخلت مرة أخري وهي تمسك بإحدي أدوات الصيانه الخفيفه وتقوم بربط الوصلات ببعضها وأردفت بصوت هادي بعد أن أعادت الهاتف الي أذنها 


داليدا: ماهو خالك السبب ...هو اللي عشمني وخلي بيا 


ميلا :وهو خالي اللي قالك حبيني ولا قالك اطلعي ميكانيكي يا أسطي دوكش...ههههههه


داليدا: بس بس بس ...سيرته بقت بتعصبني ... ثم صرخت مرة أخري من الوجع 

داليدا :آه أديني كنت هطير صباعي...يخرب بيت سيرته هتموتني في يوم من الايام بس أعمل إيه بحبه يا ناس 


ميلا : حبك برص طب خدي بالك من نفسك الأول وشوفي شغلك وركزي ابوس إيدك ٠.....علشان لو اتكلمنا كمان شويه رقبتك اللي هتطير مش صباعك ...واقفلي دلوقتي وأنا هبقي أطمنك لما أخرج ماما من الجلسه ...


داليدا: ماشي يا حبيبتي مع السلامه .


تنهدت ميلا بصمت ثم وضعت الهاتف بحقيبتها وأكملت طريقها للمشفى لتنهي امر جلسات والدتها .


❈-❈-❈


ليله شتاء قاسيه... الجو قارس البرودة... والشتاء علي أشدة والامطار تمطر بغزارة بقطرات مياهها الثقيله علي نافذه مكتب هذا الساكن خلف الزجاج.... يجلس علي مكتبه بكل شرود يمسك بيده صورة لزوجته المتوفيه فاليوم ذكري وفاتها .

أخذ يتأمل تلك القطرات التي تتلألأ علي زجاج النافذه كما تتلألأ قطرات الدموع بعينيه ولكنها تحجرت الي أن تحولت لزجاج لعين يحبسها ويجعلها تأبي الهطول من مقلتيه القاسيتين ووجهه الخالي من المشاعر قد 

أثقلته الذكريات كأنها حجارة لا يقدر على رفعها. كانت الغرفة خافتة الضوء، وأصوات المدينة بالخارج تبدو بعيدة، غير قادرة على اختراق الصمت الثقيل الذي يحيط به. في عقله، كانت صورتها تلوح بوضوح مؤلم، وجهها المبتسم، ضحكتها التي كانت تشبه نغمة موسيقية يعشقها، لكنها الآن مجرد شبح يحوم حوله، يشد أنفاسه كلما حاول الهروب من ذكرى خيانتها.


تذكر كيف كان يحدق في عينيها... يبحث عن صدق مشاعرها، وعن تلك اللمعة التي كانت تخبره أنه كل شيء في حياتها. لكنه الآن يعرف أن تلك اللمعة كانت وهماً... خدعة متقنة. كيف استطاعت أن تخفي كل هذا الزيف خلف نظراتها الوديعة؟ وكيف تمكنت من نسج خيوط الخيانة بمهارة دون أن يشعر بشيء؟


كانت كل لحظة معها تبدو وكأنها قطعة من الجنة.... حتى أتى ذلك اليوم الذي قلب كل شيء رأساً على عقب. كل كلمة حب كانت تقولها له، كل وعودها بالبقاء معه للأبد، تلاشت فجأة كأنها لم تكن. كيف أمكنها أن تخون؟ أن تبيع حبهم بهذه السهولة؟ الأسئلة تتردد في عقله كصدى يرفض أن يهدأ، لكنه يعرف أن الإجابة لن تُغير من الأمر شيئاً.


الآن، لم يبقَ له سوى الفراغ، فراغ واسع يأكله من الداخل. شعوره بالخذلان يشتعل في صدره كلما تذكر لحظاتهم معاً، يتساءل كيف يمكن للحب أن يتحول إلى هذا الألم الحارق. والأكثر مرارة، أنه ما زال يبحث عن الحقيقه في حديثها لحظه وفاتها فهي كانت تنظر بمقلتيه حينما كانت تلفظ انفاسها الأخيرة وتخبره أن الطفل ليس طفله ...ليفيق من هذه الذكري السوداء علي صوت الطفل 


يزيد :بابا 


إعتدل علي مقعده الوثير وأدارة ناحيه الصغير الذي جري تجاهه يبكي ويرمي بحاله بين ذراعي والده كأي طفل صغير وكأنه يستنجد به من بروده وظلم هذه الحياه .


يحمله يمان بين ذراعيه ويرمقه بنظرات غاضبه وينهره بنبرات حادة ومخيفه بعثت الخوف بنفس الطفل 


يمان :إيه اللي مصحيك لحد دلوقت ...أنا مش قلت تنام في ميعادك وممنوع السهر 


إرتجف الصغير خوفا من نبرة والده الغاضبه وفرك عينيه وحاول التحدث ولكن منعه لسانه الثقيل ليمسد علي رأسه بهدوء وقلبه يؤلمه لما يفعله مع هذا الصغير الذي ليس له ذنب سوي أنه أتي للحياه ويجده أبا له ....فيصرخ به وينهرة 


يمان : إهدا وأتكلم بشويش ...هتفضل تتهته كدة لحد إمتي.


غص قلب الصغير خوفا فتبعه بتأتأه 


يزيد :يعني... مش ....هتعاقبني ...ليجيبه بلهجه آمرة 


يمان : لا مش هعاقبك المرة دي وهديك فرصه ...بس ماتعملش كدة تاني ويلا علي أوضتك علشان انا مش فاضي لدلعك دة مش شايفني بشتغل ولسه عندي شغل متكوم عليا للصبح 


تمسك الصغير بملابس والده وهو يبكي 


يزيد :طيب ممكن تنام معايا النهاردة أنا خايف أنام لوحدي 


نظر الي النافذه بنظرة ثاقبه وهو يخبره بكل قسوة 


يمان :هبلغ المربيه تنام معاك النهاردة علشان الجو البرد دة بس ما تتعودش علي كدة إنت المفروض كبرت 


لتقاطعهم صوت المربيه من الخلف 


المربيه: آسفه يا يمان بيه 


كان هذا صوت المربيه التي هربت دماء وجهها و التي كادت أن تبتلع صوتها من رهبه نظراته لها ومن خوفها من تبعات عقاب هذا المخيف الذي يغضب من أقل شئ قد يخالف القواعد الذي وضعها بالقصر لينظر إليها وهو يصفع سطح المكتب بكل قوته 


يمان : ماتتكررش تاني لو عاوزة تستمري معانا ومانقطعش عيشك


المربيه : حضرتك هو خرج من غير ما اشوفه ..... ليقاطعها يمان بحزم وهو يشير لها بسبابته 


يمان :مابحبش حد يجادل وهو غلطان ..اتفضلي خدي الولد لاوضته وخليكي معاه الليله دي لحد ماينام 


المربيه :تمام يا افندم 


تمسك الطفل الصغير بوالدة ودموعه تغرق وجنتيه وقد إختنقت العبرات بعينيه عندما نظر لهذه المربيه القاسيه التي تعاقبه بحرمانه من الطعام دائما ولكن هيهات لهذا القلب المتحجر الذي أحضر له هذه المربيه ولم يلقي بنظرة شفقه تجاهه

فأطال بنظرة الي مياه المطر التي تجعل نافذه الزجاج تئن وترتجف من كثره هطولها كما ترتجف يداه التي تخلت عن طفل رباه علي إسمه وحمل كنيته وهو يعلم تمام العلم إنه ليس له ....فتخلي عنه وقسي عليه كما تخلت عنه الحياه وأكسبته كل هذه القساوة . ...ليردف بصوت هز الصغير وأرعبه 


يمان :إنت يزيد الفهد .... أنا ربيتك علي أنك فهد ...ورجاله الفهد مابتخافش ...إنت سامع ....أماء له الصغير ونزل من علي فخذيه بسرعه وهو ينظر بخوف الي مربيته اللعينه التي تتوعد له بالكثير مخافه عقاب والدة بعد هذا التوبيخ اللاذع لها 


إستدااار يمان علي مقعدة ورفع رأسه للأعلى ينظر لسقف الغرفه وهو يتذكر خيانه زوجته المتوفيه له ثم أغلق عينيه لتترائي له صورتها وهي ممددة أمامه وهي تردد كلمتها الوحيدة والاخيره وهي تلفظ النفس الاخير لها بالحياه 


يزيد مش إبنك


يزيد مش إبنك 


في تلك الاثناء قاطع شرودة دخول يزن الفهد وهو الاخ الأصغر ليمان الفهد الذي إحتضن إبن أخيه بشده وأخذ يجفف دموعه ويداعب وجنته بكل حنان 


يزن :زيزو حبيب عمو مالو ....أخذ الصغير ينظر الي مربيته بخوف وإحتضن عمه بشدة مقتربا من أذنه هامسا له 


يزيد :مش عاوز أنام معاها هتعاقبني يا يزن انا بخاف منها بص بتبصلي إزاي زي الساحرات ..عامله زي الساحرة الشريره اللي في القصه اللي قريتهالي امبارح..


ابتسم ابتسامه جانبيه علي حديث الصغير ثم نظر لها بريبه وأمرها بحدة أرعبتها 


يزن :روحي إنتي يزيد هينام معايا النهاردة 


وقف يمان بغضب شديد وهو يشير له بيدة


يمان : إنت سمعت أنا قلت إيه ...الولد ينام في اوضته ...أنت كدة بتدلعه وأنا مش هسمح إنه يطلع نسخه تانيه مستهترة منك....كفايه عليا واحد مش عارف الالاحق علي مصايبه وعمايله السودا ولا فاكرني نايم علي وداني يا زفت 


ابتلع يزن ريقه بصعوبه وهو لا يعطي وجهه لاخيه ويستدير ثم جلس بهدوء علي أقرب أريكه تقابله وهو يحتضن الصغير ويتمتم بصوت منخفض لا يسمعه الا هو 


يزن :أوووف يا أخي أنت ما تشبعش شعارات وعلطول زفت زفت ..أيه ما بتزهقش من الموشح اللي بتسمعهولي كل ساعه وكل يوم دة 


ابتسم يزن بعبث وأردف ليلطف الجو كي يزيل حدة النقاش بينهم 


يزن :مالي بس يا كبير ..مانا زي الفل اهو وكايد العزال أنا من يومي وأولهم انت ....روح بص لنفسك إنت في المرايه هتلاقي نفسك كبرت خمسين سنه بذمتك دة شكل واحد عنده٣٠ سنه من حقهم البنات يجروا ورايا ويفكروك أبويا ويخطبوني منك .


أمسك يمان بإحدي الملفات الملقاه بإهمال أمامه علي المكتب ودفعها بوجهه 


يمان :إنت ليك عين تتكلم بعد اللي عملته يا زفت 

يزن : آسف والله يا كبير ....دة كان كمين معمولي علشان يجيبوا رجلي بس علي مين أنا كنت هريشهم من البدايه 


يمان :إنت عارف كويس إنهم عاوزيني أنا وبيدورولي علي نقطه ضعف ..ولولا سيادة اللوا اللي كلمني وحذرني كان زمانك مشرف في التخشيبه ومعمولك قضيه متفصله علي مقاسك.

أحني يزن رأسه للأسفل بأسي 

يزن :عارف سيادة اللوا بلغني واوعدك آخد بالي بعد كدة 


يمان : طب غور يلا من وشي قبل ما أطلع القرف اللي شفته من تحت رأسك النهاردة علي دماغك ... ومالكش دعوة بالزفت التاني دة انا عارف إزاي هربيه ...و وهعرف بردة أعيد تربيتك من أول وجديد علي طريقتي و زي مانا عاوز ...لازم أطلعه راجل مش عيل تافه زيك 


وقف يزن بسرعه ثم إنحني الي يزيد وإحتضنه بكل قوته مدافعا عنه وأخذ يركض ناحيه باب المكتب 


يزن :يلا بينا نهرب يا زيزو باين الفهد الكبير غضبان علينا وهيفترسنا إحنا الاتنين وياكلنا هتتك بتتك طالما كشر عن أنيابه كدة 


إبتسم الصغير لظرافه عمه المعتادة وأومأ له بالموافقه وأردف بخفه ظل 


يزيد :إجري يا يزن يلا ليعضنا الفهد المسعور دة 


قهقه الاثنين بصوت مرتفع وهما يغادران غرفه المكتب ليتبعهما يمان الغاضب صائحا 


يمان : إنت فاكر كدة انك بتهرب مني يا زفت بكرة الصبح تكون في المطار ولو إتأخرت عن الطيارة زي كل مرة هتكون جنيت علي روحك وكل حساباتك في البنوك هتكون متصفره والفيز بتاعتك زيرو وما تجيش القصر علشان هتطلع منه علي خرجتك بإذن الله ....إنت فاهم ...وقد أعذر من أنذر 


ليقف يزن أمامه أعلي الدرج وهو يلقي عليه التحيه العسكريه ويزين وجهه إبتسامه مستفزة 


يزن: تمام يا أفندم....بس يكون في علمك اني هاخد يزيد معايا المرة دي هو نفسه يشوف برج إيفيل صح يا زيزو 


قبل يزيد وجنه عمه وهو يصيح باعلي صوت له 


يزيد: صح يا يزن...يعيش يزن.... يعيش يزن حبيب يزيد 


ليقترب منهم يمان مستفهما ويعلو وجهه الغضب 


يمان :وإنت رايح تشتغل ولا رايح تتفسح ...ليضع يزن يزيد علي إحدي درجات الدرج ويجلس بجوارة وهو ينظر الي الصغير بإبتسامه عابثه 


يزن :الاتنين طبعا يا كبير ودي عايزة كلام ...


يمان :طبعا رايح علشان تعط وتتسرمح ما كفاكشي اللي بتعمله هنا وكنت هتتقفش بيه فرايح تكمل هناك ولا فاكرني نايم علي وداني ومش عارف ببلاويك والسرمحه مع البنات 


أغلق يزن أذن الصغير بطريقه مسرحيه وأردف بعبث إستفز الاخر 


يزن :علي فكرة أنا ما بنكرش وفيها إيه بس

ثم غمز له بعبث من شبه أخاه فما ظلم يا كبير ..وبعدين مش بدل قاعدتي في البيت اللي كله طاقه سلبيه ده ومافيهوش اي حاجه طريه خالص ... وبعدين انا بلعب بديلي هنا علي المداري اما هناك هنلعب علي المكشوف يا معلم انا وزيزو ...ثم نظر الي إبن أخيه الذي يبتسم علي طرافه عمه ولا يعلم ماذا قال 


يزن : صح يا زيزو 


يزيد : صح يا يزن ليداعب يزن كلا وجنتيه 


يزن : هرجعك لابوك خلبوص يا قلب يزن give me 5


ثم نظر بالاخير للذي ينفث النيران من فمه فيخرج لهيبها من أذنه أسفل الدرج 


يزن :ما تغير رأيك إنت كمان وتيجي معانا يا يمان مش يمكن تشبطلك في سحليه فرنساوي تنسيك أسمك وترجعلك شبابك المسلوب دة 


وهنا قد امتلأ الكأس وفاض فأمسك يمان بإحدي التحف الثمينه التي تقبع علي أول طاوله أمامه ودفعها تجاه الدرج لتتناثر فتاتا علي الارض 


يمان :غور يلا واتخمد بدري وإياك تتأخر بكرا.... المناقصة دي بعمرك لو ضاعت هضيع عمرك قصادها إنت فاهم.


يزن :فاهم يا كبير بس براحه علي نفسك انا خايف عليك الضغط يعلي وانت لسه صغنن واحنا ونسوانك محتاجينك ...ثم هربا الاثنين معا أعلي الدرج خوفا من بطش الفهد الكبير .


ابتسم يمان ابتسامه قلما تظهر الا مع اخيه خفيف الظل وتنهد بقله حيله أمام اختفائهم خلف الدرج وعاد مرة أخري إلي مكتبه يشرد في ماضيه العكر كما يطلق عليه حتب أتاه اتصال هاتفي. 

ليل : وحشتني يا حبيبي 

يمان :مش فاضيلك يا ليل 

ليل :بس أنت قلت إنك هتيجي النهاردة وإحنا بقينا نص الليل هي ليل ما وحشتكش 

حك يمان جبينه بتفكير 

يمان : اقفلي مسافه السكه وجي 


كانت تجلس علي طرف الفراش ترتدي إحدي الالبسه الليليه اللامعه حتي أغلقت الهاتف فقفزت بسرعه كالاطفال الي خزانه ملابسها لتنتقي إحدي ملابس الليل المثيره إستعدادا لليله جامحه .


تقف ميليا أمام طاوله الزينه وهي تقفز كالاطفال امام المرآه وهي تدور حول نفسها وتتأمل قماش الفستان الحريري الذي ترتديه بسعادة بالغه 

ميليا :تسلم إيدك يا ماما تحفه تحفه بجد.... انشاء الله هخليكي تعمليلي واحد زيه علشان أحضر بيه المناسبات ...وأخذت تنظر بشك ...لما يبقي عندنا يعني 


ومع أنها مزحه الا أن نظرت إيفلين لقطعه القماش بيدها لتداري حرجها الشديد من طفلتها الصغيره متهربه بعيونها منها متصنعه الانشغال بعلمها فهي تعلم إنها المتسببه في تأخر حاله ابنتها عن زميلاتها في الدراسه و العمل بسبب مرضها اللعين فقد إضطرت ميليا أن تترك جامعتها لاضطرارها تغيير هويتها بسبب الثأر وتعمل معها بالتصميم والتفصيل للحصول علي المال بسرعه من أجل مساعدتها للشفاء من المرض الخبيث لاحتياجه الكثير من الاموال ... لتردف وهي تعض علي شفتيها بعربيتها الركيكه 


إيف : حاضر يا حبيبتي انشاء الله 


نظرت ميليا الي والدتها بحرج شديد فهي تعلم جيدا حساسيه والدتها من مرضها...وكم انهم يمرون بضائقه ماليه منذ إكتشاف هذا المرض اللعين الذي ينهي أموالهم أول بأول بالرغم من عدم تحسن صحتها بالاضافه الي إصابه أخيها الصغير بمرض السكري وإحتياجه الي عقار الأنسولين بإستمرار لتغير مجري الحوار لتحسن من حاله والدتها فأردفت بمزاح


ميلا : أنا بهزر معاكي يا ست الكل .. مش كل حاجه هتاخديها كدة علي أعصابك...أنا يا ستي انشاء الله لما أنوي أروح أي مناسبه هروح بأي فستان من اللي عندي أنا عندي كتير أنا من كتر فساتيني بفكر اغير واحد كل ساعه وحياتي عندك اضحكي بقا 


ابتسمت إيف إبتسامه جانبيه من حديث طفلتها وربتت علي كتفها وهي تتوسل لدموعها بعدم السقوط أمامها حتي لا تخجلها أمام حالها وأردفت بصوت مبحوح 


إيف :دة أقل حقوقك يا حبيبتي ولولا مرضي كنت عملتك كل يوم فستان وخليتك تغيري كل ساعه واحد فعلا ...ثم وضعت وجهها بين كفيها وأخذت تبكي بضجيج هستيري وأردفت 


إيف: أنا كمان والله نفسي أعيش لحد ما اشوف اليوم اللي هعملك فيه فستان فرحك ...وأعملك التصميم بنفسي والبسهولك بإيدي بس زي مانتي شايفه ما باليد حيله ....بس أنا عارفه ومتأكدة إن اليوم دة لما يجي أنا اللي هكون مش موجودة فلو جه اليوم دة وأنا مش معاكي ما تزعليش مني حبيبتي صدقيني هيكون غصب عني بس هكون معاكي بقلبي وروحي .


مالت ميلا علي والدتها وعانقتها بكل حب واحتواء من الظاهر ولكن دق قلبها رهبه من حديث والدتها و ازدرئت ريقها من الخوف من القادم لسوء حاله والدتها من سئ لاسوء فشددت علي عناقها وأخذ الدمع مجراه علي وجنتيها كهطول السيول أعلي التلال.


جففت ميليا دموعها حتي لا تراها والدتها وتفزع من الخوف عليها ويزداد مرضها أكثر فأردفت بهدوء


ميلا :أوعي تقولي كدة يا ماما وبعدين إنتي بتكروتيني مش لسه فيه فستان خطوبه وفي فستان حنه قبل الفرح ...ثم عانقت وجهها وهي تنظر للبعيد بألم 

ميلا : ماحدش هيلبسني فستان الخطوبه والحنه و الفرح غيرك بإذن الله ...


ثم قبلت كلا يديها وأردفت


ميلا : ويا ستي كفايه لحد كدة علي الايدين الحلوه دي أنا هصممهم بنفسي كفايه بس إنك تكوني جانبي ...صدقيني يا أمي مش هعرف البس فستان وأفرح بيه وأنا عارفه ومتأكدة إنه هيكون هو السبب في تعبك...كفايه تعبك علينا طول السنين اللي فاتت...من ساعه بابا ما اتوفي ... إديني فرصتي وخليني أشيل معاكي شويه ... وبعدين أنتي ناسيه اني شغاله في شركه سياحه كويسه والحمد لله مرتبها كويس مع فلوس التصميمات اللي بنعملها ممشيه الحال معانا ثم وقفت أمامها واخذت تتحدث بطريقه مسرحيه 


ميلا : استني بس لما فتح دار أزياء صغيره علي أدنا كدة وهبهرك


قالتها بطريقه استعراضيه جعلت والدتها تبتسم رغم الوجع لتردف قائله بلكنه عربيه ركيكه 


إيف : دار أزياء حته واحدة ....طب قولي ورشه صغيره 


ميليا : أوووف يا ماما إنتي متأكدة انك فرنسيه يا ست إيف....دة غلبتي نكد الستات المصريه ...أه هي قعدتك مع البت البيئه اللي اسمها داليدا خلت حتي تفكيرك بيئه زيها 


إيف : وهي ورشه وحشه مش علي أد مرتبك ...دة حتي مرتبك يا حبيبتي بيخلص قبل ما تقبضيه علشان ادويتي انا وأخوكي.


لتبتسم لها ميلا وتقبلها علي وجنتيها ثم تميل عليها 


ميلا :مش مهم يا ماما المهم يا حبيبتي ان أحلم والأهم إنك جانبي و موجودة وإنشاء الله كله هيتحل بعد كدة المهم تقوملنا بالسلامه الأول 


شددت إيف علي عناق طفلتها وأخذت الدموع في السقوط من كلاهما دون توقف الي أن أعادهما يوسف أخيها الصغير لوعيهما مرة أخري فأخذا يجففا دموعهم بسرعه حتي لا ينتبه الطفل 


يوسف : أنا جعان يا ميلا 


ميلا : حاضر يا أستاذ يوسف ثواني هغير الفستان دة واجي أحضرلك أحلي غدا يا قلبي 


إيف :لا سيبيه إنتي يا ميلا وروحي ودي الفستان علشان ما تتأخريش علي شغلك .


سحبت ميلا أخيها من ذراعه الي المطبخ لتطعمه مردفه بصوت عالي نسبيا


ميلا: لا مانا النهاردة أجازة.... فهأكل سي يوسف الأول علشان الحق أوديكي المستشفي علشان جلسه الكيماوي إنتي ناسيه انها النهاردة وبعدين يا ستي هاخد الفستان أوصله بسرعه علشان الحق ارجعلك بسرعه... .ها مبسوطه كدة 


نظرت إيف لابنتها بضعف شديد وهي تضع يدها علي موضع الألم 


إيف :مافيش داعي أروح النهاردة أنا حاسه بتحسن كبير ...ولم تنهي كلمتها الا وبصقت الدماء من فمها أمام أطفالها من الالم ....لتصرخ ميلا وتجري علي والدتها بسرعه فتمنعها والدتها من الاقتراب بكلا يديها 


إيف :إبعدي يا حبيبتي الفستان هيتبهدل وتمنه آخر حاجه نمتلكها بعد ما دفعتي جلسه الكيماوي بتاعه النهاردة 


لتجري صغيرتها تجاههها غير عابئه لحديثها وقد خلعت الفستان بسرعه والقت به علي الاريكه البعيدة عنهم وهرعت لتحضر منشفه صغيره نظيفه لتنظيف الدماء التي لوثت وجهها وملابسها .


ميلا : ماما إنتي كويسه ....طب يلا هغيرلك بسرعه ونخرج 


إيف :أنا كويسه يا حبيبتي ما تقلقيش...ثم أشارت علي الثوب الملقي بإهمال علي الاريكه 


ميلا : يادي الفستان ....وبعدين فستان إيه اللي بتتكلمي عنه ..فداكي ١٠٠فستان يا ست الكل لتساعدها في النهوض وهي تستند عليها بكل قوتها ولكن تنهار قوتها وتسقط منها أرضا مغشيا عليها .


ولأن هذا السيناريو مكرر تقريبا كل عده أيام هاتفت ميلا الاسعاف واصطحبت والدتها الي المشفي التي يتم العلاج بها 


ميلا :ماما عامله إيه يا دكتور مصطفي 


مصطفي : إنتي أكيد عارفه حالتها من البدايه ومستعدة لده في أي وقت أنا ما خبيتش عنك أي حاجه من البدايه علشان تبقي قويه وترتبي نفسك لأسوأ سيناريو ....


ميلا : يعني مافيش أمل 


مصطفي : للأسف لا ولولا أنها خبت مرضها من البدايه كنا قدرنا نلحقها بس هي دلوقتي بين إيدين ربنا وما نقدرش نعمل أكتر من اللي بنعمله ومن رأيي نوقف الكيماوي علشان مانتعبهاش اكتر من كدة الكيماوي بيستنزف روحها 


إبتلعت الصغيره غصتها علي مضض وعانقت أخيها الصغير الذي يبكي لا تعلم أهو يبكي جوعا أم يبكي حزنا علي والدته ...فقد أصبحت لا تدري ما تفعل فقد أصبحت عاجزة حتي عن التنفس ..


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة زين، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة