رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 5 - الخميس 24/10/2024
قراءة رواية في قبضة فهد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية في قبضة فهد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هالة زين
الفصل الخامس
تم النشر الخميس
24/10/2024
كانت ميلا تجلس في غرفتها الانيقه بالفندق، متكئة على حافة النافذة، تحدق في الأضواء الخافتة المنبعثة من شوارع باريس ليلا ، بينما كانت أفكارها مشغولة بكلمات داليدا التي لا تزال تطن في أذنها عن عدم تحسن الحاله الصحيه لوالدتها . كل كلمة قالتها داليدا كانت تُثقل قلبها، تتقلب بين الشك واليقين من شفائها ، بين الأمل والخوف من فقدانها فأغمضت عينيها لتتذكر ما حدث قبل خمس سنوات وقلب حياتهم رأسا علي عقب
كانت إيف تجلس بغرفتها تهدهد طفلها الصغير يوسف حديث الولاده بدوار العائله بالصعيد بعد ما أصر الحاج يحيي والد سعد علي ولاده الصغير بدوار عائله العماري في الصعيد والذي قد طال إنتظاره من خمسه عشر عاما ....
فجأه وبدون سابق إنذار ظهر سعد بوجه شاحب وملابس متسخه وملطخه ببضع قطرات دماء حيث دخل الغرفه بسرعه وأغلق الباب ووقف خلفه لتضع إيف الطفل علي الفراش بسرعه وتسرع الخطي الي هذا المتوتر وهي تسأله
إيف :مالك يا سعد في إيه؟ إيه الدم اللي علي هدومك دة
حاول هو أن يهدئ من زعرها
سعد :مافيش حاجه أنا كويس ..حادثه بسيطه وأنا أدامك كويس أهو بس جهزي شنط الولاد بسرعه ...هنرجع فرنسا دلوقتي حالا.
نظرت له بإستغراب وقد إنتابها شكوك لا تعرف مصدرها
إيف :دلوقت ...ليه ....في ايه ؟
سعد : هفهمك بعدين ..ودلوقت نفذي اللي قلتك عليه
وافقت وامآت له ثم كوبت وجهه بين كفيها
إيف :حاضر هحضرها حالا ...بس طمني عليك في إيه..أيه اللي حصل .
سعد : مش وقته يا إيف ...نمشي دلوقتي وهفهمك كل حاجه في الطريق ...أنا كلمت الدكتور مصطفي وهو في الطريق دلوقتي جي و هيجبلنا التذاكر معاه هنسافر من مطار الاقصر الليله .
استدارت إيف وأخذت تلملم الأشياء الضروريه بلهوجه وغير وعي وهي تفكر في هيئته الخائفه التي تراها لأول لتردف
إيف :أنا هحضر الشنط وهاخد الحاجه الضروريه والباقي نشتريه لما نوصل باريس
ارتدي سعد ملابس أخري مهندمه ثم جذبها إلي أحضانه فجأه وعانقها عناقه الاخير وأخذ يمسد علي ظهرها بحنان
سعد :آسف ...آسف يا حبيبتي .
بادلته الاخري بعناق حار هي الاخري وتنهدت بصمت وهي تستمع الي آخر كلماته لها .
إيف :مالك يا حبيبي
سعد : خلي بالك من ولادنا لو جري لي حاجه
ابتعدت هي فجأه عن احضانه الدافئه مستغربه لهجته الضعيفه المسكينه لأول مرة
إيف :تقصد إيه يا سعد
نظر لها بعشق واضح وهو لا يعلم أنه حقا يودعها للمرة الاخيره
سعد : مافيش يا حبيبتي ....يالله علشان مصطفي علي وصول مش عاوز ين نتأخر عليه ...وأنا هروح أبلغ الحاج يحيي بقراري دة وهستناكوا تحت .
إنقبض صدرها من حديثه ولكنه لم يمهلها الوقت فقد قبل جبينها وتركها وخرج الي الخارج مسرعا باحثا عن والده ليخبره قراره .
كانت ميلا ذات الخامسه عشر عاما تضع سماعات الهاتف وتستمع الي إحدي الاغنيات المحببه لقلبها وهي تقف في النافذه المطله علي الحديقه الاماميه لتجد والدها يحاصر خصرها من الخلف ويقبل رأسها
ميلا :بابي ...حمدالله علي السلامه
سعد : الله يسلمك يا حبيبتي ...أدخلي عند ماما يالله حضري شنطتك علشان هنسافر
ميلا : ليه يا بابي ...في حاجه حصلت
سعد :مافيش وقت يا حبيبتي ...هقولك بعدين ...دلوقت يالله اعملي اللي قلتلك عليه
ميلا : حاضر يا بابي
تركها هو وأخذ يبحث بالارجاء عن والده بالحجرات الخاصه بالطابق الأرضي... فلمح أخته زينب تقف بالحديقه الخلفيه تتحدث بالهاتف خفيه وهي تتلفت حولها كاللصوص فتوجه إليها ليسألها عن مكان تواجد والده الا إنه استمع الي ما شطر قلبه لنصفين
عزة : بقولك عملت الي قلتيلي عليه وفكيت فرامل عربيتها وهي رايحه تقابل أخوكي والعربيه اتقلبت وماتت والنجع كله مقلوب علي أخوكي
زينب : ما تموت ولا تروح في ستين داهيه يا محروقه إنتي ..المهم قالت لسعد إن الواد اللي حدانا إبنه ولا لا
عزة : ما أعرفش ..ما اعرفش يا زينب ...إللي أعرفه قلتهولك
زينب :طيب خلاص اهدي بقا ...وأنا هلاقي طريقه أخلي سعد يتوكد أن الواد اللي حداه مش من صلبه .
وهنا لم يتمالك سعد حاله وجذب عمته من يدها وقد غامت عيناه من الصدمه
سعد : تقصدي ايه بكلامك دة يا عمه
سقط الهاتف منها لتردف برعب ظاهر علي وجهها وحاولت تأليف قصه أخري لابعاد الشبهات عنها
زينب :إللي سمعته يابن خوي...مرتك خوجايه وأنا مش متوكدة إن كان الواد اللي معاها ده ولدك ومن صلبك ولا لا
وهنا لم يتمالك حاله وهي تسبه هو وزوجته بشرفهم فدفعها بعيدا عنه ونظر لها بإشمئزاز
سعد : قطع لسان اللي يقول علي مرتي كلمه واحده شينه ...مرتي أشرف من الشرف ...ولولا رابط الاخوه اللي بينك وبين أبوي كنت تويتك وماخليتش الدبان الأزرق يعرفلك طريق جره....إحمدي ربنا إن أنا اللي سمعتك علشان لو كان الكلام اتنتور في الدوار كان هيبقي هناك كلام تاني خالص ياعمه
تصنعت هي الوقوع أرضا فأخذت تتحسس ذراعها بغضب وحقد من غيرتها الشديده من هذه الحسناء التي خطفت قلب إبن أخيها وتسببت في مرض وذبول إبنتها الجميله التي كانت تحيا بحب إبن خالها سعد فحاولت التفريق بينهم ليتزوج إبنتها ولكن هيهات من هذه الافعي إيف أو الخوجايه كما تلقبها ...فقد أنجبت له البنين والبنات ...وقهر ومزق قلب إبنتها التي ظلت تنتظره سنين وسنين عله يعود إليها يوما .
زينب : بتمد يدك عليا يا ولد أخوي ....بس أنا عذراك..انت مرايه الحب عمياك ....بس أنا متوكدة ياخوي...الخوجايه دي مشيها بطال والنجع كله بيتحدت في عرضها وعرضك وبيقولوا مقرطساك والواد مش منيك .. اشمعني يعني دلوقت بعد ١٥سنه تلاقيها لافت علي واحد إكده ولا إكده.
أخذ يقترب منها وهو يحرقها بنظراته الغاضبه بينما هي تعود زاحفه للخلف بخوف
سعد :قلت لك إخرسي يا عمه شيفاني مش راجل إياك ومركب قرون ....بس لحد هنا والزمي حدودك .لاني مش هحترمك كتير ومش همسك نفسي عنك تاني ...وزي ما قلتلك انا مرتي أشرف من الشرف ..واللي يتكلم عليها أني أقطعله لسانه من لغلوله علشان يكون عبره للي يتجرأ علي مرت سعد العماري وأم عياله
زينب : والله ما أقصد يا ولدخوي ..بس أعمل التحليل ده بتاع النسب لجل قلبنا ما يرتاح ونخرص لسنت الكل .
انحني هو ليصل الي وجهها ويتحدث بنبره صوت واعده مهدده لها
سعد :ولا ألف تحليل يغير ثقتي في مرتي إيف العماري ... ويوسف العماري بيكون ولدي ومن صلبي ...ولو فرضا طلع أي تحليل في الدنيا في نسبه ولو قليله شك أني أكدب التحليل وأصدق مرتي ....مرتي أطهر وأشرف واحدة في الكون .ومش هقولهالك تاني ياعمه خرجي مرتي من دماغك علشان ماتصبكيش لعنه غضبي إنتي والنجع واللي فيه ...واديني أهو همشي وأهملهولكم كلياته...اشبعوا بيه .
وقفت بسرعه لتمنعه فليس بعد كل ما فعلته يذهب ويترك إبنتها وينهي حلمها الكبير الذي تسعي إليه بإمتلاك ثروته .
زينب :رايح فين وسايب بتي يا سعدي ؟
أغمض عينيه بتعب من هذه الشمطاء التي لا تتعب من اللهث خلفه لتلصق إبنتها به لتضمن إستحوذها علي نصف إرث أخيها ...ليثور عليها
سعد :يا عمه ....يا عمه ...بتك ورد زينه بنته النجع ...ما ترخصيهاش إكده ...هيا تستاهل اللي أحسن مني ميت مره ..وخلاص فات أوانه الكلام والحديت الماسخ ده
زينب : لا مافاتش ...ورد بتي ريداك إنت ...وبتحبك إنت ...دي يا حبه عيني رافضه الجواز بسببك لحد ما بارت وماحدش بقي بيبص في خلقتها
سعد :لا يا عمه هي بارت علشان زنك عليها علشان تستناني وأنا بقولهالك في وشك أهه يمكن تنكسفي علي دمك وتعززي بتك زينه بنته العماريه كلاتها ...أنا بحب مرتي ومش هتجوز عليها لو انطبقت السما علي الارض .
وهنا لم تتمالك حالها بعد رمي ورقته الاخيره بوجهها فهرولت بسرعه الي إحدي الغرف وهي تبكي بقهرة علي ما ستخسره بذهاب هذا السعد فأخذت تقلب عينيها بالغرفه ليقع نظرها علي هذا السلاح الناري المعلق علي إحدي حوائط الغرفه لتأخذه بسرعه وتخرج للخارج مرة أخري خلفه .
إستدار هو ليغادر بعدها وهو ينفث الغضب من عينيه وأذنيه ..فأمسك هاتفه الذي صدح رنينه ليجده مصطفي وما أن جاء ليفتح الهاتف ليجيب علي الاتصال الا وأوقفته عمته
زينب : وقف يابن أخوي
سعد :ما فضيناها سيره بقا يا عمه ...أني مش فاضيلك
زينب: دة آخر كلام عندك يابن خوي
إستدار لها مستفهما فوجدها مصوبه فوهه السلاح الي صدرة
سعد :إنتي اتجنيتي ولا إيه يا عمه ...أيه اللي عمتعمليه ديه
زينب: إللي كان لازم أعمله من زمان يا ولد خوي ...كان لازم أعمل إكدة من ساعه ماتجوزت الخوجايه بنت المحروق دي
سعد :إعقلي يا عمه وحطي السلاح علي جنب
وما إن إقترب منها ليأخذ منها السلاح ويتحشاه الا إن إندفعت رصاصه غدر توسطت صدره .
إنهارت قواه وهو ينظر إليها وهو يراها لا تحمل أي ذرة ندم واحدة علي ما إقترفته.
زينب :إنت اللي بديت يا واد أخوي ...والبادي أظلم .
تجهزت إيف وأخذت الحقائب الصغيره وغادرت الغرفه هي وأطفالها وإستقبلت الطبيب مصطفي في الحديقه الاماميه للقصر و الذي هاتفها بعدما لم يتلقي أي رد من سعد
ميلا :هو بابا ماقالكيش هنسافر تاني ليه يا مامي
إيف :قالي هيفهمنا كل حاجه في الطريق .
ميلا :طب أنا هروح أستعجله وأشوفه فين
إيف :ماشي يا حبيبتي ...تعالي نروح سوا علشان نسلم علي جدو بالمرة
ميلا :اوك ...يلا بينا
مصطفي :هاتولي أنا النونو الصغير الجميل دة ألاعبه علي ما تخلصوا ...هستناكوا هنا بس ما تعوقوش....لحسن آكل النونو الجميل دة ...إبتسمت إيف علي طرافته وناولته الصغير وأردفت .
إيف :عقبالك يا دكتور ... ما تقلقش مش هنتأخر دة سعد مستعجل أوي ...مش عارفه ليه .
تفاجأتا الاثنتان بصوت طلق ناري آتيا من الحديقه الخلفيه ليهرعا إليها بسرعه فكانت صدمتهما عندما وجداه متوسطا الحديقه ملقي علي الارض وغارق بدمائه يحارب أنفاسه الاخيره للبقاء علي قيد الحياه
صرختا كلتاهما وتوجها ناحيته يعانقانه وهما لا يدريان بما يفعلانه
ميلا :بابا ....بابا
إيف :سعد.....لا ...سعد
كان المنزل يشوبه الهدوء الثقيل الغريب الا من صراخ المرأتان حيث توجه الجد والجميع الي مكان الحادث التي قتلت به زوجه يمان واتهموا سعد بمقتلها لانه كان الوحيد الموجود بمكان الحادث ....
حيث إضطر سعد أن يصدم سياره سهر زوجه يمان بسيارته ليوقفها بعد أن عجزت هي عن إيقافها وما كان الا أن انقلبت السيارتان فخرج هو سالما وعندما لمح يمان قادما تجاههم بالسلاح حيث كان يراقب زوجته حيث ملئت عزة قلبه بالشك تجاهها ...الا إنه هرب سريعا لينقذ حياته وحياه أطفاله .
جلست ميلا الي جانب والدها ، تُحكم قبضتها الصغيرة على يد والدها الباردة. كانت أنفاسه المتقطعة تشير إلى اقتراب النهاية، فيما كانت الدموع تتدفق بصمت على وجنتيها. نظرتها الزائغة لم تستطع تقبل ما كان يحدث.
إلى جانبها، وقفت والدتها مكتوفه الأيدي وهي تشعر بثقل العالم يهبط على كتفيها . لم تكن تبكي، لكن عينيها كانتا تحملان أعمق الألم؛ الألم الذي لا يُترجم بكلمات، فقط يُحس.
قالت ميلا بصوت متهدج وهي تمسح دموعها بظهر يدها
ميلا :بابا ..ارجوك ما تسبناش أرجوك ..كانت تعرف أن كلماتها لن تغير شيئًا، لكنها لم تستطع أن تفعل سوى التمسك بالأمل الضعيف.
اما أيف التي كانت تكافح لتحافظ على رباطة جأشها أمام طفلتها وهي تشعر أن حب عمرها ينسلت من بين يدها فجلست بجانبه ، واحتضنته...وبنفس الوقت حاولت أن تكون قويه لأجله ولأجل أطفالها ، لكنها شعرت بالعجز. الكلمات كانت عالقة في حلقها، ويداها اللتان كانتا دائماً قويتين بدتا ضعيفتين وغير قادرتين على حمايتها من هذا الألم.
همس سعد بصوت خافت، بالكاد يُسمع
سعد :مصطفي ...مصطفي جه ولا لا
صرخت الاثنتان بأعلي صوت لهما مناديات بإسم الطبيب مصطفي ليحضر في الحال فحملت عنه ميلا الصغير عله يستطيع مساعده والدها.
انكمشت ميلا في حضن الصغير ، وشعرت كأن قلبها يتفكك مع كل ما يدور حولها ...كانت تعلم أن هذه اللحظة ستظل محفورة في ذاكرتها إلى الأبد...هي لن تستطع تحمل الألم وحدها بعد الآن، فسمحت لدمعة يتيمة أن تنساب على وجنتها علها ترتاح من ذبحه الالم هذه التي لا مفر منها
سعد : اطلب الاسعاف وخدهم وأمشي .
كان سعد يودع طفلته وزوجته وهو يعلم أنه سوف يتركهم في ميدان حرب لن يكون لهم الغلبه فيها أبدا بعدما حدث له ليحثهم علي الرحيل
مصطفي :ما تتكلمش وإهدا علشان تقدر تتحمل
سعد : مافيش وقت هيقتولهم...لو فضلوا هنا هيموتوا كلهم ...خدهم وأمشي ...ولو ربنا ما كتبليش النجاه...إبقي قلهم أن يوسف مات علشان ما يدوروش عليه ويقتلوه .
إيف :إنت بتقول إيه ...أنا مش همشي ومش هسيبك..
حاوط وجنتيها بكفيه مترجيا إياه .
مصطفي :هشششش إيف ...إهدي علشان مافيش وقت ...وأهربي إنتي والولاد...الولاد في أمانتك ...إنتي دلوقتي مكاني ...لازم تخلي بالك منهم ...حياتهم دلوقتي أهم من أي حاجه وأهم منى أنا شخصيا ....وما ترجعيش الا لما أنا آجي آخدكم من عند مصطفي ولو ما حصلش نصيب وجيتلكم ....خدي الولاد وسافري وماترجعيش النجع تاني ....ثم نظر لمصطفي ...إيف والولاد في أمانتك لحد مايخرجوا برا مصر .
مصطفي :دول في عنيا ...إهدي إنت بس .وأنا كلمت الاسعاف وهي علي وصول
مع سماع إقتراب صفارات سياره الاسعاف أشار سعد لمصطفي
سعد : خدهم وأمشي مش عاوز حد يعرف هما فين أرجوك
مع إلحاح سعد حاول مصطفي أن يجذب إيف المتشبثه بذراعه ولكنها رفضت أن تنصاع له وصرخت به
إيف :خد الولاد وأمشي يا مصطفي أنا مش هتحرك من هنا مش هسيبه
كان لها كل الحق فتركها بجانبه وحمل الصغير من ميلا وجذبها للخارج رغما عنها ولكنها أبت التحرك فحملها هي الاخري رغما عنها مبتعدا الي السياره ...
كانت ميلا حالتها مبعثره والالم ينهش بها وهي تتلوي علي ذراع مصطفي تريد أن يتركها هي الاخري بجانب والدها ولكنه أبي أن يتركها لمصير مشابه لمصير والدها فنظرت له تودعه وكلما إبتعدت عن مرمي رؤيته كلما حفرت صورته الاخيره داخل عقلها وهي تتساقط دموعها كأوراق الربيع الباليه .
ميلا : وداعا أبي ..سأفتقدك الي الأبد
بدا الزمن وكأنه توقف عند هذه اللحظه . كان كل شيء في الغرفة متجمداً عدا تلك الأنفاس الأخيرة لها عندما شهقت حزنا .. . ومع علو صوت نحيبها ، ومرور الذكريات المؤلمه علي عقلها امتلأت الغرفة بفراغ مؤلم يحرق فؤادهاعلي فراق غاليها وقريبا ستكون غاليتها ... لترفع رأسها فجأه وهي تنظر الي الباب مستغربه عندما إستمعت الي طرقاته فنظرت الي الساعه فوجدت أن الوقت متأخرا وتسآلت من هذا المزعج الذي أخرجها من حزنها ...أتفرح إنه أخرجها من عزلتها وضيقها ام تخاف من متطفل آت إليها بهذا الوقت .
حاولت أن تجفف دموعها بسرعه وتتظاهر بالهدوء واتجهت الي الباب مجيبه علي الطارق
ميلا :مين
هدأت ميلا عندما إستمعت الي صوته فقد قطع يزن سكون اللحظة الحزينه التي تمر بها هذه الشريدة باقتحامه خصوصيتها ليلا والطرق علي باب الغرفة دون سابق موعد .
يزن : دا أنا يا آنسه ميليا ...يزن الفهد
فتحت ميلا الباب مستقبله إياه بإببتسامه محببه لشخصه المرح اللذيذ ذات الشخصيه اللطيفه
ميلا :أهلا بيك يزن بيه ..خير ..في إيه... أقدر اساعدك حضرتك فيه
بابتسامته لاحظ شحوب وجهها ودموع عينيها الجافه علي وجنتيها
يزن : إنتي الوحيدة بصراحه اللي هتقدري تساعديني هنا وخصوصا في الوقت دة .
قالها بعد أن أظهر لها ساعته الروليكس باهظه الثمن ...ثم اردف ...وأردف بطرافه ...علشان كدة إنتي أول واحدة فكرت فيكي بصراحه.
ميلا :طبعا أكيد ...لو أقدر فعلا ما أتأخرش عن حضرتك
بحديثه الطريف الفكاهي الذي يحمل معه نية مستقبليه لمغامرة جديدة في ملاهي باريس الليليه ...وقف عند الباب واضعًا يديه في جيوبه بإحترام متلعثما ثم نظر اليها ببعض من الخجل المصطنع وهو يدلك خلف رأسه
يزن : أنا ورؤوف قررنا نعمل جولة كده في الشوارع، أصلنا سمعنا إن شوارع باريس بالليل تحفه فقلنا نجرب ...يعني عاوزين نعيش الحياة الفرنسية الليليه زي ما الكتاب بيقول كدة .
زفرت ميلا بهدوء وقد فهمت مقصده ولكنها أردفت
ميلا : :فكرة كويسه لو مش جايلك نوم فعلا ..باريس بالليل حاجه تانيه خالص ..فين بقا المشكله .
انحنى يزن للأمام مبتسمًا ببراءة مصطنعة وهو يقدم رؤوف بطريقه مسرحيه و الذي ظهر فجأه من خلفه حاملا يزيد النائم بعمق .
يزن : بصي بقى، يزيد باشا الفهد مش عايزينه يفضل لوحده في الأوضة.
فقلت يعني بما إنك قاعدة لوحدك كدة ومشغولة بالتفكير في حبيبك اللي منفضلك ومخليكي قاعده بتعيطي وقلبك متشحتف عليه ...ممكن تقعدي معاه لغاية ما نرجع، وإحنا نوعدك إننا مش هنتأخر خالص والله
نظرت إليه بشك: "إمممم....كدة فهمت..علي فكرة بقا حبيبي مايقدرش يسيبني متشتحفه لأنه مالوش وجود ... ، وإنتوا عاوزني أشتغل جليسة أطفال لزيزو وانتوا تروحوا تلعبوا بديلكم صح كدة
ضحكا رؤوف ويزن بصوت عالٍ ثم أردف رؤوف بصوت هامس
يزن : هو إحنا مكشوفين كدة وباين علينا ....ليرد رؤوف
رؤوف : هتبقي جليسة أطفال خمس نجوم، يزيد هيبقى مبسوط معاكي أكتر من أي حد تاني...علشان لو راح لحد تاني الحد التاني دة هيقيم علينا الحد إحنا التلاته وإحنا غلابه ...ودة ما يرضيكيش .
إبتسم رغما عنها وأومأت بتفهم وقد فهمت مقصدة عندما أشار بحديثه الي يمان
ميلا : أكيد طبعا ...موافقه ...مافيش مشكله ...زيزو لذيذ وكيوت وأكيد مش هيتعبني ...هخليه عندي للصبح علشا تاخدوا راحتكوا ونتقابل الصبح علي الفطار ...وما أن جائت أن تأخذه الا إن رؤوف أوقفها ودخل غرفتها ليضعه بالفراش ثم دثره بالغطاء ...الا أن الصغير إستيقظ مستغربا حاله والغرفه وقبل أن يبدأ بالبكاء
رؤوف :أوعي تعيط يا زيزو ...إحنا هنروح مشوار ونسيبك مع ميلا وهنيجي نآخدك علي الفطار
يزيد :لا أنا عاوز آجي معاكو
دخل يزن هو الآخر عندما إستمع الي صوت الصغير ليقنعه بالبقاء مع ميلا بغرفتها .
يزن : يا واد إهدي وبص إنت هتبقي مع القمر دي في أوضه واحدة وبعدين بص كده من الشباك هتلاقي برج إيفيل أدامك علطول مش إنت جاي علشانه ...وأوعدك لو فضلت ساكت هوديك بكرة الملاهي اللي إنت بتحبها .
وافق الصغير بسرعه وجري الي النافذه ليشاهد أضواء برج إيفيل ليردف رؤوف بصخب ظريف .
رؤوف :لا أنا كدة هطلب تغيير أوضتي وأخد أوضه جنبك علي المنظر البديع دة ...قالها وأخذ يلقي بنظرة الي النافذه ليثير إنتباه هذا اليزن هو الاخر ليشاهدا منظر الليل البديع المضئ بأضواء برج إيفيل وما إن جائا ليغادراحتي
وقفوا ثلاثتهم ينظرون الي بعضهم بإندهاش إثر سمعهم لطرقات الباب الخافته
يزن :إنتي منتظره حد
ميلا : لا ...أنا كنت هنام
لتفتح هي الباب وتتفاجئ بهذا المتكأ علي باب غرفتها
ميلا :يمان بيه ...أفندم
ابتلعا الاخران ريقهما رهبه عندما استمعا معا لاسمه
يزن :منور يا كبير
رؤوف :مساء الفل يا باشا
نظر إليهم بغضب أعمي
يمان :إنتوا بتعملوا إيه هنا
وهنا قد تسحب يزن ورؤوف الي الخارج مهرولين
يزن :طب نستأذن إحنا بقا يا ميلا ونشوفك الصبح علي الفطار زي ما اتفقنا.
وألقى نظرة أخيرة علي أخيه قبل أن يخرج
يزن: مش هنتأخر يا كبير ، خلي بالك من يزيد يا ميلا ، وهو هيتبسط معاكي أكتر ما هيتبسط معايا أنا ورؤوف.
وخرج يزن بخطواته السريعة، تاركًا ميلا تضحك من سخافة الموقف، وتتساءل كيف انتهى بها الحال جليسة ليزيد في ليلة باريسية كانت تحلم أن تكون لها وحدهاهي والقهوة ونيستها.
ما إن جائت لتتحدث الا وكانا قد غادرا بسرعه كأنهم تبخرا في الهواء
نظر إليها يمان بشك حتي أنه أعلن عليها حرب النظرات ففهمت هي ما يفكر به
ميلا :أفندم يا يمان ...حضرتك كنت عاوز حاجه.
نظر لها نظره إستفزازيه وتركها وعاد الي غرفته ...ولم يمض الكثير من الوقت الا أنها وجدت من يطرق الباب مرة أخري
ميلا :هي باين ليله مش فايته
فتحت هي الباب لتجد يمان قد أرسل إليها جليسة أطفال أجنبيه من الفندق.
ميلا :هل أستطيع مساعدتك
السيده : مرحبا أنا جليسة الأطفال...أخبرني السيد يمان أن أمكث مع السيد الصغير لحين عودتك هو منتظرك بالاسفل يأمل الا تتأخرين.
إستغربت هي من طلبه المبالغ به في هذا الوقت من الليل ولكنها لم تجد مفر من الموافقه فساعدت جليسة الأطفال بالدخول وخرجت هي للقائه.
بعد قليل نزلت ميلا الي ساحه الفندق الواسعه لتجدها خاليه من الناس الا من العاملين لتأخر الوقت فوجدته يجلس بغروره كعادته فهي حقا حفظت سلوكه عن ظهر قلب ففي خلال اللقاءات السريعة لهم إكتشفت جانب من طباعه السيئه حيث بدأت العلاقة بينهما تأخذ شكلًا أكثر تعقيدًا لشعورها بالخوف والرهبه وهي بالقرب منه فهي شعرت أنه وضعها كالهدف نصب عينيه التي لن يهدأ هو الا عندما يحصل عليه وينالها
عندما رآها تقترب وقف وأشار إليها بالدلوف خلفه لتجد المطعم خاليا الا منهم فقد قام هذا المغرور بإجبارهم علي فتح المطعم وحجزة كاملا لهم في هذا الوقت المتأخر من الليل .
التوتر كان يسكن بينهما مثل ضيف ثقيل حيث كان لها سيد الموقف الا أنه حاول أن يمهد الحديث معها ليزيل الحرج بينهم .
أخذ يمان رشفة من كوبه، ثم نظر إليها بعينين مليئتين بالثقة، وكأنه يستعد لإلقاء عرض لا يُرفض. كان يعلم أنها تبحث عن الاستقرار والحياة المترفة أو هكذا زين له الوضع هذا الثقيل سمير ...لضيق حالها ومرض والدتهافي الوقت الراهن ، وكان هو قادرًا على توفير ذلك بسهولة، ولكن بشروطه الخاصة.
القي يمان ما بعجبته ووضع بينهم في منتصف الطاوله بضع أوراق ثم بدأ بحديثه بصوت هادئ.
يمان :ميليا الشمري
نظرت له ببلاهه لنطقه لاسمها وقد زادت صدمتها عندما وضع أصابعه علي الأوراق فقد قام بإزاحتها بأصابعه ناحيتها حتي أصبحت أمامها تماما ...
ميلا : إيه دة
نظر لها بثقه وهو ينفث دخان سيجارته
يمان :إقريه وإنتي تعرفي ...
مالت هي تلتقط الأوراق وبدأت تتفحصها بذهول ليقرأ هو ما يدور بخلدها .
فمال هو بجسده ناحيتها وقال بهدوء مشوب بالثقة
يمان : إحنا ممكن نعمل جواز عرفي... هعيشك اللي ما كنتيش تحلمي بيه ...هتعيش حياة مرتاحة، هأسسلك شركه سياحه تبقي بتاعتك وبإسمك مفيش حد هيقدر يقرب منك ولا يسألك على حاجة. هوفر كل حاجة، فلوس، سكن، سفر، اللي نفسك فيه حتي تعليم أخوكي وعلاج والدتك هتكفل بيهم
نظرت هي بتعجب الي الاوراق الملقاه أمامها حيث وجدته عقد زواج عرفي وبعض الأوراق الاخري الخاصه بتأسيس شركه سياحه بإسمها
ميلا : جواز عرفي؟! إنت بتتكلم بجد؟"
ظهرت ابتسامته الماكرة على وجهه وهو بيحاول يقنعها:
"أيوة، إيه المشكلة؟ هتكوني مراتي في السر ومحدش هيعرف غيرنا. هتعيشي ملكة، وكل اللي بتتمنيه هيبقى تحت رجلك
نظرت له ببرود إكتسبته من المواقف المشابهه لها في الحياه وأردفت
ميلا : موافقه
نظر لها محاولا قرائه وجهها وفك شفرات تعبيراته ولكنه فشل ولأول مرة يجد غموض هائل يحيط إمرأه من حوله فالنساء كالكتاب المفتوح يقرأه بتأني ويعيد صياغه جمله بعنايه بما يتوافق مع شروطه هو
عاد بظهرة للخلف علي مقعده وما إن جاء ليشعل إحدي سجائرة
ميلا :مابحبش ريحه الدخان ..بعد إذنك إطفيها
تراجع هو عن إشعالها وهو يناظرها منتظرا إستكمال حديثها
يمان : أفهم من كدة إنك هتمضي
وعلي غرار ما فعله هو أراحت هي الاخري ظهرها علي المقعد ووضعت ساق فوق الاخري وجلست براحه .
ميلا : أكيد وعلي فكره مش إنت بس اللي معجب بيا أنا بردة معجبه بيك من أول ما شفتك ، وعايزاك تبقي معايا على طول... قالتها بنبره متأنية وهي تحاول أن تضبط تعبيرات وجهها .
إنتشي وجهه وكأنه ظفر بالتو بالجائزة الكبري
هزت ميلا رأسها بهدوء مره أخري وكأنها تتأمل إنتصاره ثم مدت يدها نحو فنجان القهوة، وارتشفت منه قليلاً قبل أن تنظر له بعيون مليئة بالدهاء.
ميلا :مبسوط كدة صح ...رضيت غرورك أنا مش كدة ...هو دة اللي كنت متوقع إني أقولهولك ..زي الستات اللي إنت بتشتريهم بفلوسك .
هنا تغيرت ملامح ميلا تمامًا، واختفت الابتسامة من وجهها. نظرت له بحدة، وكأنها تراه للمرة الأولى. تركت فنجان القهوة بلطف على الطاولة، ثم قالت بجدية جافة.
ميلا : إنت فاكر إني رخيصة مش كدة ؟؟ إنت شايفني إني واحدة ممكن تتجاب بفلوسك؟"
تلعثم يمان للحظة، وهو يحاول أن يفهم كيف انقلبت الأمور فجأة ولكنه دائما يفآجأها بوقاحته
يمان: لا خالص الموضوع عندي عرض وطلب ...أنا بحط شروطي واللي قدامي بينفذ وبس ..وبعدين إنتي عارفه شركه السياحه دي مكلفاني كام ...يعني مش رخيصه ولا حاجه
قاطعت ميلا كلامه بقسوة:
ميلا : اسمعني كويس، الفلوس بتاعتك دي بتجيب حاجات كتير تقدر إنت وغيرك تشتروها..لكن ما تقدرش تشتري كرامتي. أنا مش واحدة تستنى حد زيك يشتريها ولو بكنوز الدنيا كلها ...وبعدين، إنت أصلاً عيوبك أكتر من مميزاتك....انا شيفاك دلوقت حد قليل أوي لا عنده مبدأ ولا احترام لا لنفسه ولا لغيره للأسف.
أحس يمان وكأنه تلقى صفعة غير متوقعة. حاول أن يجد كلمات يدافع بها عن نفسه، لكن ميلا استمرت بوصله توبيخه كالتلميذ المخطئ بحق معلمته .
ميلا :أنا مش واحدة ممكن تقبل تهين نفسها بجواز مشروط وكمان عرفي .
وقفت ميلا إستعدادا للمغادرة ثم نظرت له نظرة أخيرة، وقالت ببرود
ميلا : أنا مش رخيصة... أنا غاليه أوي وأنت مش من المستوى اللي الغالي زيي يستحقه.
إنفلتت إبتسامه ساخرة من بين شفتاه وتجاهلها وأشعل إحدي سجائرة وطلب من النادي إحدي زجاجات الخمر المشهورة لديه
يمان :ما تستعجليش في الرد لاني للأسف مابقبلش الرفض وقبل أن تنصرف قام برد الاهانه لها وأشار لها بأصابعه بلامبالاه
يمام: تقدري تمشي دلوقتي ...وهستني ردك بالقبول علي الفطار ..علشان لو إستنيتي للغدا صدقيني هتندمي كتير .
إنصرفت ميلا وهي تغلي من هذا المتعجرف وتهديده الصريح لهاولكنها أصرت أن تلقنه درسا لن ينساه للأبد
في الصباح
كانت ميلا تجلس على الأريكة، تتصفح هاتفها بهدوء وتحادث داليدا محادثه كتابيه ، بينما اقترب منها يزيد الصغير بخطوات بطيئة، عيناه تلمعان بشيء من الحزن الذي لم يستطع إخفاءه. جلس بجانبها، وبدا وكأنه يريد أن يقول شيئًا لكنه متردد.
يزيد :هو بابي ضايقك إنتي كمان إمبارح إبتسمت لطرافه هذا الصغير وقبلته
ميلا : لا يا حبيبي ما تخافش ماحصلش اي حاجه من دي
رفعت ميلا عينيها ونظرت إليه برفق، "في حاجة مضايقاك يا يزيد مالك يا حبيبي .
هز يزيد رأسه بحذر، ثم قال بصوت خافت
يزيد : هو أنا... يعني... ليه بابا دايمًا زعلان مني؟
توقفت ميلا عن ما كانت تفعله ووضعت الهاتف جانبًا.
ميلا :ليه بتقول كده؟ هو في إيه حصل؟"
تنهد يزيد ونظر إلى الأرض، وكأن الكلمات ثقيلة على لسانه، يزيد : بابا طول الوقت بيزعق فيا... على أي حاجة! يعني حتى لو عملت حاجة بسيطة، ببقي انا غلطان
سكت لحظة، ثم تابع بصوت مهزوم
يزيد :وكل مرة يسيبني مع حنان... اللي هي أصلًا مش بتحبني. أول ما بابا يمشي، بتبدأ تعاقبني، وأحيانًا... بتمنعني من الأكل."
اتسعت عيون ميلا في دهشة
ميلا : إيه؟ إزاي تمنعك من الأكل؟ دي حاجة فظيعة!
يزيد تابع بصوت أكثر حزنًا
يزيد : آه، كل ما أعمل حاجة صغيرة مش عاجباها، بتقوللي إني مش هآكل النهاردة. ولما أقول لبابا، مش بيصدقني... بيقول إن أنا اللي مش بنفذ كلامها
شعرت بالغضب والحنان يتصارعان بداخلها. مدت يدها لتمسك بيده الصغيرة، وقالت له بحنان
ميلا : يزيد، دي مش طريقة يعاملوك بيها. باباك يمكن مضغوط، بس مش لازم يسكت على اللي بيحصل من حنان دي . لازم تتكلم وتقول الحقيقة يا حبيبي.
هز يزيد رأسه ببطء، وكأنه غير متأكد مما إذا كان كلامها سيغير شيئًا.
يزيد : بس بابا دايمًا بيقول إني أنا اللي غلطان... وأنا مش عارف أعمل إيه....مافيش غير يزن هو بس اللي بيصدقني وبيعاقب حنان دي
ردت ميلا بنبرة ثابتة
ميلا : ربنا يخليهولك يا حبيبي ...بس مش معنى إنه يزن بيعمل كدة نسكت عن حقنا . إنت ولد كويس، ومش من حق حنان إنها تعاملك بالشكل ده. وأنا مش هسكت على اللي بيحصل، هكلم باباك وأفهمه إن فيه حاجة غلط
نظرت في عينيه وابتسمت له بحنان
ميلا : إحنا هنوصل لحل، متقلقش. مش هخليك لوحدك.ويا سيدي ليك عليا لما نرجع مصر هخلي يزن يجيبك عندي وهعرفك علي يوسف أخويا هو بردة شبهك كدة وماعندوش أصحاب وهيبقي فرحان أوي لما يتعرف عليك .
يزيد :بجد يا ميلا ...ربتت علي شعره بحنان وهي تصففه له
ميلا :بجد يا حبيبي .
تقابل الفريق بأكمله علي الافطار كان يزيد سعيدا بليلته الماضيه التي قضاها مع ميلا متأملا برج إيفيل من نافذتها فأخذ يقص علي يزن ورؤوف ما فعله معها ومع جليسة الأطفال الاجنبيه المتسلطه التي لم يفهم منها شئ .بينما أخذا الاخران يستمعان له بنعاس شديد حيث أجبرهم يمان علي الاستيقاظ مبكرا كعقاب لهم علي فعلتهم امس
إنتهي الإفطاربنجاح وتوجه الجميع الي حديقه الفندق حيث الشمس تشرق بنورها الدافئ على باريس، والسماء صافية بلون أزرق بديع فتجمع الفريق السياحي حول ميلا كعادتهم وكل منهم ينتظر تعليماتها لجولة اليوم. لكن ميلا، بابتسامتها اللطيفة المعتادة، رفعت يديها تعتذر برفق.
ميلا :النهاردة للأسف زي ما إحنا عارفين آخر يوم مش هنقوم بأي جوله . هسيب لكم اليوم عشان تتصرفوا فيه بحرية، وتستمتعوا بوقتكم في باريس. شارع الشانزليزيه هنا قريب، تقدروا تتجولوا وتتصوروا وتشتروا الهدايا التذكارية اللي تعجبكم."
ابتسم بعض أعضاء الفريق فيما تململ آخرون، لكنهم جميعًا تقبلوا الفكرة بترحاب.
أضافت ميلا بوجه مبتسم بشوش
ميلا :لو احتاجتوا أي حاجة، أو أي حد قابلته أي صعوبه أنا موجودة على طول على التليفون.
بعد أن ودعتهم وبدأت بالخروج هي الاخري من الفندق، شعرت بشيء غريب. كانت سياره سوداء تتبعها فهي لاحظتها منذ الأمس ولكنها لم تهتم كثيرا
❈-❈-❈
في الصعيد
كانت زينب تجلس بغرفتها تتابع خطتها بالتخلص من ميلا للأبد لتتحدث مع رجالها بباريس بعدما أخبرتها عزه بكل تفاصيل الرحله.
زينب : عملت إيه
الرجل :إحنا وراها من إمبارح ولكن ماكانش فيه فرصه نصطادها لوحدها ...
زينب :لا إستعجلوا وطمنوني ...مش عاوزاها تعيش دقيقه تانيه ..خلصوني منها النهاردة قبل بكرة بس من غير لبش كتير وفي حته مقطوعه إكدة ...علشان تتقيد ضد مجهول
الرجل :سوف يكون اليوم لا تقلقي ...إنها اليوم تخرج لحالها وسوف يكون الأمر سهل..ولا تتدخلي بعملنا نحن نعلم ماذا نفعل .
زينب :أما نشوف تستاهلوا فعلا الفلوس اللي عمتاخدوها ولا لا ...عاوزة البشري علطول اليوم .
الرجل :اوك سيدتي
أغلقت الهاتف وهي تتنهد براحه ثم هاتفت عزه لتعطي لها البشاره.
عزة :عملتي إيه يا زينب
زينب :كله تمام ما تقلقيش
عزة : وايفيلين
زينب :هتحصل بتها هي كمان هنشيل من عليها أنابيب التنفس وهي هتتكل لحالها وهتبقي خطأ طبي لا من شاف ولا من دري ..هي أصلا حالتها صعبه .
عزة :أنا خايفه أوي يا زينب
زينب: إجمدي يابت ...علشان ماتكشفناش
عزة :حاضر يا زينب خليني ماشيه وراكي لما أشوف إيه أخرتها .
زينب :لو مش عاجبك اتصرفي إنتي يابت المصري
عزة :لا أنا ماليش في السكه دي
زينب :أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب ..إن ما كنتيش انتي السبب في موت المحروسه سهر
عزة :إخرسي بقا يا زينب حرام عليكي ما تقلبيش عليا المواجع
زينب : أنا بس قلت أفكرك إننا في الهوا سوا علشان ما تتصرفيش تصرف من دماغك يودينا ورا الشمس يابت المصري
عزة :ماشي يا زينب ماشي.
❈-❈-❈
نزلا الرجلان من السياره التي تلاحقها ولم يتوقفا عن محاولة مضايقتها و التقرب منها بهدف إقصائها لمكان هادئ وليس به أي تجمع ...تجاهلتهم في البداية، لكنهم لم يتوقفا عن ملاحقتها، مما زاد من توترها.
اتجهت ميلا إلى شارع الشانزليزيه الاشهر والأكثر شعبيه والأكثر كثافه وهي تحاول ألا تظهر توترها. كانت تحاول الاستمتاع بوقتها هناك بين المحلات والمارة، لكنهما لم يتركا لها مجالًا.
كان يمان يجلس هو الآخر في إحدي المقاهي الشهيره بالشانزليزيه مع محاميه الذي كلفه بجمع المعلومات عن روز والده إيف وجدة ميلا ً عندما لمح ميلا وهي تتعرض لهذه المضايقات
ظل يناظرها وعقله شارد بما تتعرض له ولكنه كان يدرس رد فعلها .
التفتت ميلا للشابان وحذرتهما ولكنهم ظلا خلفها ولم يستسلما، وأصبحا أكثر إلحاحًا وعنفا
عندها فقط تحرك يمان وتوجه إليها ولكنها عندما رأته أيقنت أنه من الممكن أن تكون هذه إحدي خططه للإيقاع به
فشعرت بارتفاع في وتيرة ضربات قلبها، وقررت أن الأمر تجاوز حدوده. نظرت حولها، ورأت شرطيًا يمر في الجوار. بخطوات سريعة اتجهت نحوه، وعندما وصل إليها، قالت بصوت عالٍ كي يسمع الجميع
ميلا : هؤلاء الرجال يطاردوني ويزعجوني، أعتقد أنهم تحرشوا بي لفظيا وجسديا
توقف يمان فجأة وكأن صاعقة أصابته، وعيناه اتسعتا بدهشة عندما أشارت عليه هو الآخر
يمان :إيه تحرش
اقترب الشرطي بسرعة وتحدث مع ميلا، فشرحت له بهدوء وثبات كيف ظل هؤلاء يلاحقونها منذ الصباح ويحاولون إجبارها على التوجه الي شوارع ضيقه وبعيده رغم رفضها المتكرر.وتحذيرها لهم
أمسك الشرطي بياقة الرجلان في حين نظر لها يمان بغضب وأمر الشرطي بل أمره بالتراجع، في حين ظل محاميه يبرر للشرطي ما حدث بصوت متقطع
المحامي : سيدي الشرطي السيد يمان ليس له ذنب فيما حدث
لم تتحدث ميلا ولم تكذب ماحدث بل ظلت صامته وأيقنت أنها تعطيه درسا لن ينساه فإقتربت منه وأجبرته علي النظر بعينيها.
ميلا : أما نشوف هنا يمان بيه الفهد هيقدر يشتري الشرطه الفرنسيه إزاي ؟؟
ابتسم هو علي هرائها الفارغ واردف بأذنيها بفحيح
يمان : الفلوس بتشتري كل حاجه يا ميلا...بس مش معني كده اني هنسي اللي إنتي عملتيه دة ..لاني هطلع و هندمك علي اللي عملتيه دة ....وساعتها هتعرفي هو مين يمان الفهد ....يتبع
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة زين، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية