رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 7 - الخميس 24/10/2024
قراءة رواية في قبضة فهد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية في قبضة فهد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هالة زين
الفصل السابع
تم النشر الخميس
24/10/2024
في صباح اليوم التالي، هبطت الطائرة في مطار الأقصر، وكان يمان، يزن، ورؤوف أول من نزلوا من الطائرة بخطوات سريعة. لم يكن هناك وقت للتأخير، فقد وصلتهم الأخبار السيئة فور هبوطهم. بأن حفيدة الجد يحيى، قد تم اختطافها من دوار العائلة في الصعيد وكان المتهم الأول هو عائله الفهد بأثرها .
كانت البلدة في حالة فوضى. الجميع يتحركون كأنهم في سباق مع الزمن. أفراد العائلة والأقارب وأهل القرية، الكل يبحث عن حفيده العماريه . العيون مليئة بالغضب والخوف، بينما كان الجد يحيى، الرجل الذي اعتاد أن يسيطر على كل شيء، يقف عاجزًا هذه المرة حيث كانت ملامحه متحجرة، وكلماته مليئة بالغضب والتوعد.
قال بصوت مرتجف، لكنه مليء بالحزم
يحيي: لو عيلة الفهد فاكرين إنهم هيخطفوا حفيدتي ويطلعوا منها سالمين، يبقوا بيحلموا. هردها ليهم الصاع صاعين...والله ماهيكفيني فيهم ولادهم التنين وحفيدهم الصغير كمان ... ورحمه ولدي في قبره ما هرحمهم المرة دي .
كانت زينب أخته تقف بعيدا تتصيد الأخطاء للجميع سعيده بنجاح خطتها و عندما إستمعت لما قال أخيها إقتربت لتلقي البنزين علي النار المشتعله أمامها لتزيد من لهيب السنتها.
زينب : أنا خبرتك يا حاج يحيي الخوجايه من يوم يومها وهي قدمها شوم علينا ..لما كانت حيه خدت في سكتها الغالي وولده الرضيع ...وحتي وهي ميته مارحمتناش وقالت تآخد اللي فاضلنا من رحته هي كمان ...يالله ربنا يجحمها مطرح ماراحت كانت زي غراب البين مابيجيش من وراها غير النصايب ...وآهي ذنبها واللي عملته فينا بتخلصه بتها بقا ...وعيله الفهد مش هتلاقي فرصه زي دي تاني علشان تذل العماريه وتحط راسهم بالوحل ...ويا عالم لو رجعت هترجع سليمه ولا كيف مانت خابر يا حاج .
ضرب الحاج يحيي بعصاه الغليظه أرضا لتصمت فورا وتتراجع للخلف وتعود مكانها بعيدا كما كانت وتقف تراقب تحركات الجميع بإبتسامه خبيثه منتصره...
على الجانب الآخر، كان آدم، خال ميلا، يجلس على الأرض بضعف خارج الدوار....ينظر الي بوابه الدوار الكبيره بنظرات تائهة، ووجهه مليء بالحزن والندم...يمني روحه بعودتها...ويعاقب نفسه قهرا ويحملها مسئوليه الفشل في حمايتها ، فبرغم كل الترتيبات التي قام بها وأفراد الحراسة التي استأجرهم هاهم ملقون على الأرض بلا حركه و بلا حول ولا قوة.نائمون مخدرون .. لم يستطيعوا فعل شيء لمنع الاختطاف...فكم شعر بالعجز في هذه اللحظه ، وكأن يديه مكبلتان، والدموع تملأ عينيه ليس فقط من أجلها ولكنه تذكر آخر كلمات أخته وهي توصيه خيرا بإطفالها وهي علي فراش الموت .فأغمض عينيه متذكرها وهي علي الفراش المشفي البارد
فلاش باك
كان آدم يقف بالخارج ينظر إليها من خلف الزجاج المقوي لتقع عينها بعينه فتبتسمت له علي غير العاده وأشارت إليه بفتح الباب والدخول إليها وعندما رأت دموع عينيه
إيف :مستكتر تودع أختك بحضن .
نظر الي السقف وكأن الحديث لا يعنيه ولكنها إبتسمت مره أخري لتجبره علي الاقتراب
إيف :مهما تعمل إنك مش مهتم أو مايخصكش بتيجي عندي وماتقدرش وماتنكرش إني نقطه ضعفك مهما عملت .
نظر لها بغضب محبب لاخوان يشتاقان لبعضهما بشدة ففتحت لها ذراعيه بضعف شديد لتأخر حالتها الصحيه
إيف :تعالي ماتبقاش بارد كدة
ذهب اليها طاوعيه وعانقها عناق المحبين فشددت علي عناقه
آدم : ليه ...ليه بعدتي ..أنا كنت اقدر أحميكي إنتي وولادك
إيف : ما كنتش أقدر أجازف بأمانك..طول مانت كنت بعيد كنت مطمنه ..وبعدين إنت عمرك ما سبتنا..مهما عملت نفسك قاسي وشديد...كنت بحس بحمايتك ومطمنه علي أولادي وعارفه إنهم تحت عينك...وبعدين خلاص هما اصلا هيكونوا مسئولين منك من النهاردة ...ولادي أمانه في رقبتك من بعدي ...ماتسيبهمش لوحدهم مهما حصل ..وحاول تقربهم منك ..وخلي بالك منهم ...دي وصيتي ليك .
إبتلع ريقه وشدد علي عناقها وهو يعلم تمام العلم أنها العناق الاخير بينهم وأنه حقا سيكون موجوعا من فكره رحيلها فمن المحتمل أن الموت سيكون أكثر راحه لها لأنها تتعذب بفعل الأدويه الكيماويه والعقارات الطبيه المعقده التي لا تزيدها الا هزلا وتعبا ولكن ما أصعب الفراق الذي تشقي به القلوب وتبتلي به فمسح علي يديها وقبل أعلي جبهتها
آدم : ولادك في عنيا ما تقلقيش عليهم
إيف :إنت عارف إني كدة هموت وانا مطمنه عليهم .
آدم : ربنا يديكي الصحه والعافيه يا حبيبتي.
أخذ يمسح علي يديها وهو يملأ مقلتيه بصور لوجهها وكأنه يحفظ ملامحها الي أن اطمئن أنها خلدت للنوم فخرج للخارج وما هي الا لحظات الا وإنطلفت صافرات جهاز القلب تعلن عن توقفه
الطبيب: البقاء لله يا آدم بيه
باك
فتح عينيه متمتما بصوت منخفض يلوم به حاله وكأن الكلمات بالكاد تخرج من فمه:
آدم : إزاي حصل ده؟ ياريتني ما سبتها ...ياريتني صممت وأخدتها معايا ومشيت ؟
بجانبه كانت داليدا، صديقة ميلا، تبكي بحرقة. عيناها منتفختان من كثرة الدموع، وهي تتذكر كل توبيخ آدم لها وتحذيره لها كثيرا الا تخبر ميلا بأن والدتها توفت الا عندما يخبرها هو ...أخذت تبكي بقهر شديد وتحمل حالها مسؤوليه ما حدث ..وهي تهمس لنفسها
داليدا : ميلا... أنا آسفة...آسفه يا حبيبتي ...أنا السبب في اللي حصل ..وأنا السبب في اللي إنتي فيه ..ياريتني سمعت كلام خالك ...يارب ساعدها يارب ...يارب الطف بيها يارب .
❈-❈-❈
عندما وصل يمان ورفاقه إلى مدخل النجع ، كان الجو مليئًا بالتوتر والحزن...وكثير من سيارات الحراسات الخاصه تقف علي الصفين بمدخل الطريق
تقدم يمان بخطوات سريعة نحو الحاج عزام الذي خرج لاستقباله بأول الطريق وسرد لهم تطورات ما حدث
كان عزام يقف بين مجموعة من الرجال يحاولون حمايته هو الآخر من بطش عائله العماريه التي تنتشر بالانحاء عندما تقدم هو الآخر يصافح يمان ويتحمد له علي رجوعه النجع.
يمان : إيه اللي حصل بالضبط يا حاج عزام ..هو في حد مهم جاي النجع النهاردة ولا إيه ؟" سأل يمان بصوت غاضب ومليء بالقلق.
التفت الجد يحيى إليه، وقال بصوت جاد
عزام : النجع قايد نار من ليله إمبارح وبت الخوجايه اتخطفت من قلب دوار العماريه...كيف أبوها اللي إتقتل بجنينه الدوار الخلفيه إزاي وكيف ماحدش خابر ...واتضح إن الخوجايه أبوها كان مصري مش زي ماقالولنا زمان إنها فرنساويه وعاودت علي بلدها تاني ...والمصيبه إن أخوها طلع راجل واعر جه دفنها إهنه جنب جوزها وحول النجع زي مانت شايف لثكنات عسكريه ..ومع كل الحراسات دي إتخطفت برده من عقر دارهم ...وطبعا تهموها في عيله الفهد...ونشروا الحرسات الخاصه في البلد كلياتها زي مانت واعي وبيفتشوا النجع حارة حارة وبيت بيت
نظر يمان إلى يزن ورؤوف، وبدأوا يتبادلون النظرات بسرعة. الموقف كان أخطر مما توقعوا. لم يكن الأمر مجرد ثأر عائلي قديم، بل تحول إلى حرب وتهديد حياة.
رد يمان بحزم:
يمان : ما تقلقش يا حاج...أنا هخلص معاهم كل حاجه ..بس نلاقي البنت الأول ونعمل بعدها قعده عرفيه علشان نخلص من القرف ده ونرجع نشوف أشغالنا اللي اتعطلت بسبب الهبل دة .
عزام : ماشي يا ولدي يالله بينا علي دوار العيله... العيله كلها هناك بإنتظارك .
في إحدى غرف الدوار الكبيرة التابعه لعائله الفهد جلس الحاج عزام، مع يمان و مجموعة من كبار العائلة، وملامح القلق تكسو وجههم . الجميع كانوا يتناقشون في كيفية إيقاف نزيف الدم الذي بدأ يهدد العائلتين. الوضع كان يزداد سوءًا، والعائلات في الصعيد لم تعرف سوى لغة الثأر، التي لم تنتهِ أبدًا.
تنهد عزام بعمق، ثم نطق بصوت حازم، وهو يلتفت نحو يمان:
"في حل واحد ممكن يوقف الدم ده يا يمان يابني ..وهو النسب بينا وبين العماريه . هل إنت مستعد للحل دة يابو يزيد .
ساد الصمت في الغرفة للحظة، والجميع بدأوا يتبادلون النظرات المتفاجئة. كان يمان يقف بعيدًا، وعيناه مليئتان بالغضب والرفض. تقدم نحو عمه بخطوات سريعة، ملامحه متوترة وصوته كان صارمًا لأبعد حد.
يمان : إيه اللي بتقوله ده يا حاج عزام؟! جواز إيه اللي بتتكلم عليه ... وإنت اللي بتقترح الاقتراح دة ...ده أنا كنت جوز بنتك الله يرحمها ...أنا لا يمكن أعمل كدة علشان أوقف صراع سخيف ملوش معني بالنسبه ليا علي الأقل
نهض عزام من مكانه، محاولًا تهدئته:
عزام : إسمعني يا يمان يابني ، الجواز ده مش مجرد حل تقليدي... ده الطريقة الوحيدة لإنقاذ الوضع وإنقاذ أرواح شباب العيله ... وأديك شايف العيلة مش هتهدأ، والدم مش هيتوقف إلا لو العيلتين ارتبطوا بالنسب .. دي عادات وتقاليد الصعيد، وإنت عارفها أكتر مني ..وبعدين طبعا أنا لزمن أقترح الاقتراح دة لأني خايف علي حفيدي ...إللي أول واحد هيروح في الرجلين.
لكن يمان لم يكن مستعدًا لسماع المزيد. كان الغضب يسيطر عليه، وعيناه تشتعلان بالتحدي. قاطع عمه بصوت مرتفع
يمان : العادات دي هي اللي ضيعت الناس، وخربت البيوت. الطااار ده ملهوش قيمة، دي حاجات موروثة من زمن قديم. أنا مش هربط حياتي بنسب يدمرها علشان ارضيكم وأقوقف نزيف الدم اللي إنتوا وبتصرف أهوج منكم رجعتوه تاني .
ربت علي كتفه محاولا تهدئته بكلمات قد تريحه
عزام : البنيه زينه يا ولدي وألف مين يتمناها ومتعلمه تعليم عالي كمان وأنت بنفسك شفت قوه خالها دا قافل مداخل البلد ومخارجها بالحراسات الخاصه ..يعني نسب هيشرفك مش هيوقف حياتك زي ما بتقول .
تقدم يمان نحو الباب وهو يهز رأسه بعنف، محاولًا السيطرة على غضبه، ثم أكمل بصوت متوتر:
يمان : تغور هي والعماريه كلهم واللي يجوا منهم ...أنا مش زيكم. الطار ده حاجة ملهاش مكان في حياتي. اللي عاوز يفضل مربوط بالعادات دي يبقى هو اللي ضيع عمره...لكن انا لا .
كان عمه عزام ينظر إليه بحزن، مدركًا أن يمان ليس كباقي رجال العائلة، لكنه لم يكن يعرف كيف يُقنعه بأن الثأر لن يتوقف بسهولة، وأن الزواج هو الطريق الوحيد لإيقاف الحرب التي قد تجر المزيد من الأرواح.
بينما خرج يمان من الغرفة، الجميع ظلوا في حالة صمت. كان من الواضح أن النزاع لم يعد مجرد صراع بين عائلتين، بل صراع بين الجيل الجديد والتقاليد القديمة، بين المستقبل والماضي الذي لا يزال يطاردهم.
ليردف هذا الصامت منذ البدايه وكان يتابع الأمر عن عن قرب
يزن : أنت قلتلي البنت حلوة يا حاج عزام
عزام : زينه البنته والله يا ولدي اللي شافوها قالولي إنها زينه بنات العماريه كلياتها
يزن :علي خيره الله يا حاج عزام شوفوا الدنيا فيها إيه وأنا معاكم ...أنا موافق بفكرة النسب طالما فيها مصلحه الجميع .
عزام : علي خيره الله يا ولدي .
في المساء كانت داليدا واقفة في الظلام تنظر للاشئ دموعها تسيل على خدّيها وتنهر حالها علي فعلتها بإستمرار ولكنها فجأه إستمعت إلى صوت منخفض من وراء الجدار الذي يفصلها عن الغرفه التي بالحديقه الداخليه الصغيره ... بدا الصوت مريباً، كأن صاحبه يحاول أن يتجنب أي انتباه. كان يتحدث في الهاتف بهمس قائلا
زينب : خليه يبعت رساله لليمان الفهد من الرقم اللي عطتهولك ...وبعدين يحطها في شوال كبير، ويرميها جنب دوار عيلة الفهد. عشان تهمة الخطف تتسبت عليهم .بس من غير ما حد ياخد باله وخليك وراه علشان لو انكشف تتاويهم هما التنين .
ارتعدت داليدا من الخوف، وحاولت أن ترى من يتحدث، ولكن حركتها أثارت انتباهه. فجأة، انقطع الحديث، وسمعت خطوات سريعة تبتعد. شعرت بالعجز، لكنها لم تستسلم. ركضت مسرعة نحو آدم الذي كان يقف بالخارج مع مدير شركه الحراسات الخاصه يراقب الباب الخارجي .
بمجرد أن رأى آدم داليدا، وبخها قائلاً.
آدم : أنا مش قلت مش عاوز أشوف وشك أدامي ...إيه اللي خلاكي تخرجي في الوقت ده..إنتي مش شايفه اللي إحنا فيه من تحت رآسك.
تنفست داليدا بعمق وحاولت أن تتماسك من توبيخه لها ..تعلم أنه محق بما يفعله بها لذلك قررت أن تتحدث معه بتعقل .
داليدا : آدم بيه أرجوك إسمعني ..أنا كنت جوه في الجنينه الصغيره اللي أدام الاوضه اللي وميلا كنا فيها إمبارح وسمعت حد بيتكلم في التليفون بصوت واطي أوي...وبيقوله حطها في شوال وأرميه جنب دوار عيله الفهد ....
نظر لها رأفت مدير شركه الحراسات بحديه واهتمام
رأفت : إنتي متأكدة من اللي بتقوليه دة يا آنسه داليدا
داليدا :أيوه متأكدة ...واللي أكدلي انه اللي كان بيتكلم أول ما حس بيا هرب بسرعه كأنه فص ملح وداب
نظر رأفت الي آدم بنظرات قلق
رأفت :إنت عارف كده معناه إيه...أماء له آدم
آدم : الخاطف من جوه العيلة. عايز يلزق التهمة في عيلة الفهد عشان يولع الطار تاني في النجع.
رأفت : يبقي لو ما عملناش حاجة دلوقتي، النار دي هتولع في الكل...وأولهم هيبقي أنت وبنت أختك .ثم نظر الي داليدا مرة أخري ليجري معها تحقيقا صغيرا
رأفت : آنسه داليدا ...ماقدرتيش تتعرفي علي الصوت أوي أو اي حاجه يعني لابس إيه راجل ولا ست
داليدا :لا للأسف ماكانش فيه أي نور ولما قربت كان إختفي والصوت ما كانش واضح أوي يقدر يخليني أعرف منه هو راجل ولا ست.
رأفت : يبقي لازم دلوقتي أتحرك أنا ورجالتي ونروح نراقب دوار الفهد ...وإنتي يا آنسه داليدا اتفضلي جوا علي أوضتك وما تفتحيش لحد مهما حصل لحد ما نرجع .
أمسك يدها بخوف
آدم : لا ...مش معاك في دي... داليدا لازم تسيب المكان ده فورا انا هبعتها علي الفندق في الاقصر علشان نكون مطمن أكتر
رأفت : يكون أحسن علشان ممكن الخاطف يكون شافها وممكن يعمل فيها حاجه .
داليدا: طب كان قرب كدة وانا كنت كلتوا بأسناني
صرخ بها آدم بقوة
آدم :مش وقته شغل (جات لي ) بتاعك ده إنتي شايفه إحنا في إيه ولا في إيه .
نظرت له بغضب وهي تتجه نحو سيارته .
داليدا :خلاصه الكلام يا آدم بيه ..أنا مش هتحرك من هنا الا لما نلاقي داليدا ونمشي من هنا سوا .
لم يكن في حال يسمح له بالجدال مع هذه الثرثاره ففتح لها باب السياره وانطلقا معا .
❈-❈-❈
راقب رأفت وآدم منزل عائلة الفهد من على بُعد، يختبئان في الظلام، يترقبان أي حركة مريبة. كانا يعلمان أن الليلة ستكشف الكثير والكثير من خبايا هذا الماضي الآثم . بعد مرور بعض الوقت، ظهر رجل في منتصف الأربعينيات، يحمل على ظهره جوالاً كبيرًا. كانت خطواته متثاقلة، والتوتر واضح على ملامحه. كان يتلفت يميناً ويساراً بقلق، كمن يرتكب جرماً ويخشى أن يُكشف أمره...تحرك آدم بسرعه من جانبه فأمسكه رؤوف بسرعه.
آدم: وديني لأموته إبن الكلب ده .
نظر رأفت إلى آدم وقال بهمس
رأفت : أستنى عليه... سيبه يعمل اللي هو عايزه لحد ما نعرف هو ناوي على إيه.
هزّ آدم رأسه موافقاً، واستمر في مراقبة الرجل بحذر. الرجل اقترب من دوار الفهد بخطوات متسارعة، وحين وصل للمكان الذي كان يخطط لإلقاء الجوال فيه، قرروا التحرك.
يلا يا آدم قال رأفت بحماس وهو يتحرك نحو الرجل.
اندفعا نحوه في اللحظة الحاسمة، وأمسكا به متلبساً. حاول الرجل المقاومة، لكن آدم قال له بنبرة صارمة
آدم : هو دخول الحمام زي خروجه يا روح أمك ...فاكر إنك هتعملها وتطلع منها زي الشعرة .... لا، المرة دي مش هتعدي عليك..ولا علي وزك تعمل كدة .
رأفت : سيبه يا آدم إحنا هنربيه بطريقتنا المهم اللي إحنا اتفقنا عليه نكمله علشان نتأكد فعلا إن اللي قتل سعد جوز أختك حد من عيله الفهد ولا من العماريه نفسهم .
اماء له آدم و تقدم نحو الجوال بحذر، قلبه ينبض بشدة وكأن شيئًا بداخله يشعر بالخطر. بيدين مرتجفتين، فتح الجوال ببطء، وعندما نظر إلى الداخل، تجمد في مكانه. كانت ميلا، ابنة أخته، ممددة بداخله، فاقدة الوعي، وجهها شاحب وكأن الحياة غادرتها.
آدم : ميلا...
نطق آدم بصوت مختنق، وانحنى بسرعة نحوها. عيناه امتلأتا بالدموع وهو يهزها بلطف، يحاول إيقاظها.
آدم : اصحي يا حبيبتي... ميلا، قومي بقى
لكن ميلا لم تستجب. ذهبت كل محاولاته سدى. كان يحركها بين ذراعيه، يتوسل وكأنه يحاول إيقاظها من كابوس.. والدموع تسيل على خديه.
في تلك اللحظة، شعر آدم أن العالم انهار من حوله. لم يستطع تحمل المشهد، وانخرط في بكاء مرير، يعانق جسدها الصغير بقوة، وكأن هذا العناق قد يعيد إليها الحياة.
أخذها الي سيارته السوداء المنتظره جانبا فساعدته داليدا وحاولت إفاقتها الي أن بدأت تستجيب فإحتضنتها بقوه ثم مسحت وجهها بمحارم مبلله وبدلت لها ملابسها كما أمرها رأفت .
رأفت لم يكن ليترك الخاطف يفلت بسهولة بعد ما حدث لميلا و لأفراد الحراسه خاصته بعينين مليئتين بالغضب والتصميم، أمسك بالخاطف الذي كان يتوسل له بضعف وقام بتخديرة . دون أن ينطق بكلمة، جرّه نحو الجوال الفارغ الذي كانت فيه ميلا قبل لحظات. خلع عن الخاطف ملابسه وألبسه بسرعة ملابس ميلا التي أصبحت بحوزته، ثم وضع على رأسه غرة شعر شقراء...إبتسم بخبث وتمني نجاح خطته.ثم أردف بصوت خافت مليء بالغضب وهو يشد الخاطف إلى الداخل.
رؤوف : مش هتسيبك الناس دي غير لما تاخد عقابك..وابقي قابلني لو عشت بعد النهارده تاني.
أخفى وجه الخاطف تماماً داخل الجوال، وضبطه بحيث لا يظهر منه شيء. كانت هيئته مذلة ومهينة، وكأن كل حيلة قد استنفدت. تحرك بسرعة لإخفاء أي أثر قد يدل على هوية الخاطف الحقيقية.
نظر إلى آدم وقال بهدوء: "بكده محدش هيعرف هو مين لحد ما نتأكد من اللي إحنا عاوزينه وبعد كده نقولهم انه هو اللي خطفها وأنا اللي هسلمه للعداله بنفسي علشان ياخد جزاءه.
مسح آدم علي وجهه بقله حيله وهو ينظر الي إبنه أخته التي عادت لوعيها من جديد وإبتسمت له وهي تنظر إليه بإمتنان من نافذه السياره .
آدم : أعمل اللي تعمله المهم ان ميلا رجعت بالسلامه ...أنا هكلم جدها أطمنه وأرجع بيها القاهره ...وكفايه لحد كدة .
أمسك رأفت آدم من مرفقه
رأفت : يبقي ما تبلغش جدها دلوقت او بمعنى أصح ما تبلغش حد.....وأنا أجرت المضيفه اللي في داخله البلد خد فيها البنات لحد ما أكلمك تجيلي .
آدم : مش عاوز أقعد في البلد دي ثانيه واحده
رافت: اللي بعمله ده علشان ما تدخلهاش تاني..وعلشان اللي قتل سعد مش هيسيب بنت أختك في حالها .
❈-❈-❈
في تلك الليلة المظلمة، وقف يمان في مكانه المعتاد بالخارج ينظر الي حقول الذرة المنتشره حوله يتذكر ليله الحادث التي قتلت بها زوجته وبسرعه تحول شروده الي إبتسامه عندما تذكر تلك الشقراء المكراء ..وابتسامتها الساحره
أخذ يُمسك هاتفه بيده ويهز ساقه بقلق لا يخفى. ضغط على زر الاتصال بالمحامي الخاص به، منتظراً بقلق الرد. بعد رنات قليلة، جاء صوت المحامي من الطرف الآخر
المحامي : يمان بيه
بصوت حاد ونبرة غاضبة، سأل يمان
يمان لقيت البت بتاعه فرنسا ولا لسه ..أردف المحامي بتلعثم
المحامي :لسه والله يا باشا
يمان : قولتلك تدور عليها في القاهرة، مش معقول مش عارف تلاقيها ..ده إنت معاك كل تفاصيل حياتها...هي إيه إبره في كوم قش .
تنفس المحامي بعمق، ثم رد بتوتر
المحامي : والله يا باشا، دورت عليها في كل حتة. كلمت شركة السياحة اللي كانت شغالة فيها، قالولي إنها سابت الشغل فجأة، من غير ما تقول لحد، ولا حتى رجعت تاخد مستحقاتهاالماليه .. مفيش حد يعرف عنها حاجة
لم يكن الرد مرضياً ليَمان. غضبه كان واضحاً وهو يرفع صوته
يمان : إزاي يعني سابت الشغل ومفيش حد عارف عنها حاجة؟ وإنت لازمتك إيه بقى؟! لازم تلاقيها! دور عليها في أي حتة، حتى لو لازم تدور عليها في شق الثعبان. أنا عايزها تحت رجلي في أسرع وقت! فاهم؟!"
تردد المحامي للحظة، ثم قال
المحامي : تمام يا يمان بيه ، هزود الدواير اللي بدور فيها وأحاول أوصل لأي خيط.
أغلق يمان الهاتف بعنف، ووقف ينظر إلى الأفق المظلم أمامه. كانت أعصابه مشدودة، وكأن اختفاء ميلا يثير بداخله مشاعر متناقضة، بين الحنين والرغبة في السيطرة.
الي أن أعاده رنين الهاتف الي أرض الواقع فمسح علي وجهه وفتح الهاتف ليجد رساله صوتيه من رقم مجهول وكأنه يخطط لشيء خطير. كانت نبرته تحمل مزيجًا من الانتقام والتشفي وهو يقول
المجهول : هسيبلك هدية هتعجبك قوي يا يمان بيه ، بنت سعد اللي قتل مراتك...خدت بطارك وقمت بالازم معاها هتلاقي البنت حالتها صعبة قوي وده أقل حاجة أعملها فيها عشان اللي عمله أبوها فيك ...وعلشان أنا حافظ أسرارك وما يرضنيش أن حد يقول عليك إني مرات يمان بيه الفهد كانت بتخونه مع سعد العماري .
في نفس اللحظة، وبينما كان رجل ماراً في الشارع المظلم، لاحظ الجوال الكبير ملقى بجانب الطريق. دفعه فضوله نحو الجوال، وعندما اقترب، فتحه بحذر. فزع عندما رأى الجثة الملفوفة داخله، لم يكن يعلم أن هذا هو الخاطف وليس ميلا. جرى بسرعة نحو دوار عائلة الفهد، يلهث وهو يصرخ
الرجل : يا بيه ...يا يمان بيه ...يا جماعه ، لقيت الشوال ده وباين فيه جتته بت الخوجايه تعالوا بسرعة.
خرج الجميع من الدوار مسرعين نحو المكان الذي وُجد فيه الجوال. وسط الحشد، ظهر يمان بهدوء وثقة، وقال بصوت صارم
يمان: ما حدش يلمس الشوال . حطوه في العربية، وخلّوا حد يتصل بالحاج عزمي فورًا وبلغوا العماريه إننا رايحين لهم في الطريق .. وحضروا الرجاله لازم البنت تتسلم لأهلها في دوار العمّارية الناحيه التانيه من النجع ومش عايزين نعمل مشاكل زيادة...إنتوا فاهمين .
انصاع الجميع لأوامره، وحملوا الجوال بعناية ووُضعوه في السيارة، دون أن يكتشف أحد حقيقة ما بداخله بعد.
في الجهه الاخري من النجع أو نستطيع أن نقول الجزء الخاص بعائله العماريه كان ضجيج يعلو بالانحاء ..أصوات سيارات يحك إطارات عجلاتها بأرضيه الطريق الممهد امام الدوار المقصود ..أصوات أعيره ناريه يغيم دخانها سماء الدوار .. كادت تصيب من يسمعها بالصمم من كثره الطلقات الفارغه الملقاه علي ارضيه الطريق إعلانا عن حضور رجال عائله الفهد ..رجال ملثمون لا يعلم عددهم أحد .. يطوفون ويطوقون كل الطرق المؤديه للقريه ذهابا وأيابا ..وما هي الا دقائق قليله وقد أصبحت القريه عباره عن ساحه لإعلان بدأ الحرب علي أكبر عائلتين في البلدة .
اصطف مجموعتين من الرجال علي جانبي الطريق شاهرين أسلحتهم بينما يمر بينهم موكب عائله الفهد ...فهو إسم علي ما يسمي... فالبعض ما أن يسمعون هذا اللقب داخل القريه يعود الي عقولهم هذه الايام السوداء كما يطلقون عليها وهي أيام الثأر التي كانت دائرة بين العائلتين بالسنين الفارطه والتي إنتهت بموت القاتل .
خلت القريه من الناس ذعرا عند سماعهم إطلاق الاعيره الناريه بعشوائيه حيث دخل الجميع بيوتهم يختبئوا كالفئران التي تدخل الي جحورها خوفا من انقضاض الفريسه عليها او بالمعنى الاخر للنجاه بحياتهم من الهلاك المحدق بهم إذا حاول أحدهم الاعتراض عما يحدث حولهم او حتي لمجرد التدخل بالسلم .
توقفت السيارات أمام دوار عائله العماريه وهو قصر قديم ولكنه عتيق تسكنه هذه العائله العريقه المعروفه بأعمال الزراعه وإستيراد وتصدير الفاكهه والمحاصيل الزراعيه والتي تملك من القريه مايقارب من نصف أراضيها وجنانها الصالحه للزراعه حيث جنان الفاكهه والمحاصيل المتنوعه الصالحه للتصدير .
إستمر الموكب بالانتظار أمام هذه البوابه الضخمه حتي يسمح لهم بالدخول ...حتي خرج السائق من هذه السيارة الفارهه ليفتح الباب لسيدة بعدما فتحت بوابات القصر العتيدة وطوق رجاله الطريق للأمان .
الغفير : اتفضل الطريق فاضي يا عزام بيه
ظل يمان يهز برأسه بغضب بينما عمه يمشي بغرور مضيقا عينيه وهو ينظر في الانحاء يمينا ويسارا وتطلق عينيه شرارات من نار الغضب الي الأجواء من حوله لو طالت أحد لاحرقته حيا عندما يتذكر أن أبنا من هذا المنزل كان السبب في موت إبنته
ضرب الجد يحيي العماري الارض بعصاه الغليظه لتصدر صوتا رنان بينما وقف يستقبل هذا المختل الذي تجرأ ودخل لاستباحه حرمه قصر العماريه العتيد في هذا الوقت من الليل
الجد يحيي: : هو إحنا مش فضيناها يابن الفهد ايه اللي جابك تاني مش موتوا إبني وإرتحتوا وحرقتوا قلبي عليه
خلع عزام نظارته النظر ومسح عينيه بغضب ثم نظر له من الأعلي للأسفل وهو يقيمه بتأني ....وما إن لمحه الحاج يحيي بعدما تمعن النظر به لظنه انه يمان المغرور ...وقد علم من يكون الا وتبادلا الإثنان نظرات الغضب والازدراء المغلفه بالشفقه علي حال كليهما
فكليهما مكلومان..أحدهم قتلت إبنته والآخر قتل إبنه
يحيي : أنا قالولي ان اللي عاوزني هو يمان جوز بنتك الله يرحمها ما تأخذناش يا عزام ....
غامت عينا عزام بالغضب وهو يذكر ابنته الغاليه التي تواري الثري الآن ليعيد شرودة صوت الحاج يحيي الفظ الغير مرحب بوجودهم هنا
الحاج يحيي : بس إيه سبب الزيارة الكريمه ماقلتليش يعني ..خير يا عزام
أشار عزام الي أحد الحرس الذي أبلغ السيارة الاخري بالدخول الي حرم الدوار وهبط منها مغرورنا بهيئته المخيفه يمان الفهد حيث وقف بشموخ وهو ينظر الي يحيي بغضب كاد أن يحرقه حيا.....ليضرب يحيي بعصاه أرضا اعتراضا منه علي تواجدة ليقف عزام بالمنتصف بينهم محاولا تهدئه الطرفين ومحاوله تلطيف الاجواء بينهم ليرد بإحتقار وقله تقدير للوقور أمامه
يمان :إنتم ليكم معانا أمانه وجينا نردهالكم
سار إليه وتقدم منه ببطئ
يحيي :امانه إيه اللي بتتكلموا عليها ...وجايين تردوها في الوقت دة من الليل
نظر له يمان بخبث هازئا
يمان : الامانه اللي ضيعه من عندكم ..ولا انتم مافيش حاجه ضايعه من عندكم يا حاج يا كبير العماريه ...
اقترب الحاج يحيي منه وهو يضرب بعصاه الغليظه الارض بكل قوه وقد علم مقصدة الآن فإبتلع ريقه بصعوبه شديدة وقد إشتدت يداه علي عصاه
يحيي: تقصد إيه بكلامك دة يا بن الفهد
نظر يمان الي الحرس التابعين له والذين قاموا بدورهم بفتح حقيبه السياره وإحضار زكيبه كبيره وقاموا برميها بدون أي رحمه أرضا لتتلوي الزكيبه ويخرج منها أصوات آهات مكتومه و متألمه .
يمان: إفتحها يا حاج وأتأكد انها حاجتك الضايعه
أمسك عزام يد يمان ورجع به للخلف قليلا وتحدث هامسا
عزام :أنت بتعمل إيه يا يمان ...إنت كدة هتفتح علينا أبواب جهنم ...فين البنت ....أوعي تكون هي اللي في الشوال دي
نتر يمان يد عمه ودفعها بعيد عنه وتحدث بصوت عالي نسبيا يسمعه الجميع
يمان :النار دي هما اللي فتحوها لما هربوا إبنهم اللي قتل مراتي ودلوقتي بيتهمونا بقتله علشان ماعرفوش يحموه
نظر الي الزكيبه بإشمئزاز
يمان :لم شرفك اللي إتبعتر علي الارض يا حاج يحيي وماتستناش مننا حد يلمه ...وخد بالك اللي حصل حصل بعيد عننا ....احنا ما بناخدش طارنا من واحدة ست... والطار عندنا مات واتقفل لما مات صاحبه .
رمي يحيي عصاه أرضا وجلس علي منكبيه أمام الزكيبه
يحيي: إنت عملت إيه يابن الفهد
رد يمان هازئا بكل غرور
يمان : إنا أمرت رجالتي انهم ما يلمسوهاش ويسيبوها زي مالقوها في الشوال ....واللي جابهالنا قالنا إن رجالتهم قاموا بالواجب معاها ورحبوا بيها كويس وطبعا إنت فاهم اللي أقصدة كويس يا حاج يحيي ..
نكزة عزام وحاول أن يبعدة عن مرمي نيران غضب يحيي الذي يري حريقا قد اشتعل بعينيه ...وهو يقوم بفتح هذه الزكيبه وتظهر منها حفيدته الشقراء ذات وجهه العسل الصافي كما يطلق عليها فأغمض عينيه وأحني رأسه بوجع عندما لمح ملابسها الممزقه وجسدها الملئ بالكدمات الحمراء والزرقاء فأخرج رأسها الذي تملئه الجروح ....فمد يده داخل الزكيبه وأزال هذا اللاصق الذي كاد أن يخنقها من علي فمها وأحكم أغلاق الزكيبه علي جسدها العاري .
يحيي:حرقوا قلبي عليكي إنتي كمان زي ما حرقوا قلبي علي أبوكي يابنت الغالي .
رفع رأسه للأعلى ليجد إبنه الكبير ياسر العماري وحفيدة باسل ياسر العماري يقفان ويصوبان تجاهها أسلحتهم الناريه
ياسر: أبعد إنت يا حاج إحنا هنخلص منها بطريقتنا ونتويها آهو نلم لحمنا اللي بعترته الخاطيه بنت الخوجايه دي ..ونغسل عارنا بأيدينا
إبتعد الجميع عن الزكيبه عندما أتاهم صوت رجلا من داخله
الخاطف : إلحقوني يا خلج هووة
باسل: إنت مين ياواد المحروق.
وما إن جاءوا الغفر ليساعدوه الا وزأر آدم فيهم بقوة
آدم : إبعد إيدك يابني آدم إنت وهو ...
إنحني آدم بكل إحترام أمام هذا العجوز عمرا الكبير مقاما وأخذ بيد قائلا وربت عليه مطمئنا إياه
آدم : أصلب طولك يا حاج يحيي اللي في الشوال دي مش حفيدتك ...حفيدتك بخير معايا ..أطمن ...وما أن لمح شحوب وجهه ألا وطلب من الغفير إحضار كوب مياه له
دخل آدم إلى البيت غاضبًا، يتقدم بخطوات واثقة وعيناه تشتعلان غضبًا. وقف مباشرة أمام يمان، الذي كان يطغى عليه الكبرياء، ويتحدث بنبرة مليئة بالإهانة للحاج يحيى، شيخ العائلة، وسط أولاده وأحفاده. حيث لم يتردد في إذلال الحاج أمام الجميع، وكأن الأمر لا يعنيه، وكان حديثه يحمل الكثير من الاحتقار...إنتقاما مما فعله ولده به وبزوجته.
صرخ آدم بصوت مرتفع، مقاطعًا يمان الذي يعرفه جيدا فهما الاثنان يعملان بنفس المجال وقد حضرا معا الكثيرمن الندوات والاجتماعات الخاصه بمجال السيارات وقد حضر آدم العزاء الخاص بزوجه يمان من قبل .
آدم : اللي في الشوال مش بنتنا... دا الراجل اللي خطفها ...بنتنا كويسه وبخير .. ومتفتكرش إنك هتطلع منها من غير حساب علي قله الاحترام اللي عملته من شويه مع الحج يحيي.
في تلك اللحظة، ظهرت زينب، وهي تضرب على صدرها بخوف شديد، وجهها شاحب ويدها ترتجف. كانت تخشى أن ينكشف سرها، فهي من أمرت بخطف ميلا في الخفاء. شعرت أن اللعبة اقتربت من نهايتها...فوقفت بعيدا وهي تمسك هاتفها متردده بالاتصال علي هذا الرجل الذي كلفته بالامر .
حاول عزام تهدئة الجميع، قائلاً بصوت هادئ
عزام : طالما بنتكم بخير يبقي نهدي يا جماعه ... والحمد لله علي سلامتها يا حاج يحيي ...وإعرف إننا قفلنا صفحه الطار من ناحيتنا للأبد .ومش ممكن نعمل كدة وخصوصا لو كان الموضوع فيه حريم ..إحنا حدانا ولايا بردك.
أماء له يحيي وكأن روحه عادت الي جسده من جديد ورفع رأسأه عاليا ...بينما رجع ياسر وباسل للخلف وهم يتطلعون علي هذه الجميله القادمه من الظلام ....وكأنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة.
ظهرت ميلا من خلف ظهر آدم كانت تمشي بخطوات هادئة، ونظرة التحدي في عينيها. توقف الزمن للحظة، والتفتت الأنظار نحوها وكان أولهم يمان، الذي كان يتحدث عنها قبل قليل بطريقة مهينة، وقف مصدومًا. لم يكن يتوقع أن تكون الفتاة التي أهينت أمام الجميع هي نفسها ميلا الخاصه به الذي كان عقله مشغول بها منذ أن رآها والتي كان حقا ولأول مرة يفكر بالزواج ليكون هذا القرار هي الفائزه به .
في تلك اللحظة المشحونة بالتوتر، كان هو يقف متجمداً، وكلماته الأخيرة لا تزال تتردد في أذنه. كان قد تحدث بكل غرور عنها ، الفتاة التي ظن أنها أغتصبت وسب شرفها الفتاة التي أراد الانتقام منها بسبب أفعال والدها. لكن عندما رآها تقف أمامه، كانت المفاجأة أشد مما تخيل.
ظهرت ميلا فجأة، وكأنها خرجت من العدم، تتقدم بخطوات واثقة نحو الجميع، وكل الأنظار تلاحقها في صمت. كانت جميلة رغم كل ما مرت به، وجهها يعكس مزيجاً من القوة والضعف، التحدي والحزن. لم يكن يمان يعرف كيف يتعامل مع تلك المشاعر المتناقضة التي اجتاحته في تلك اللحظة. قلبه كان يخفق بشدة، لكنه لم يكن فقط مندهشاً، بل كان يشعر بالذنب، والخسارة، وحتى الحب الذي دفنه عميقاً داخل قلبه.
يمان : ميلا..." نطق اسمها بصعوبة، وكأنها كانت طيفاً يتلاشى أمامه. عيناه امتلأتا بالدهشة، وكان وجهه شاحباً. وهو يحادث روحه .
يمان : إزاي...إنتي هنا إزاي
ميلا نظرت إليه بعيون حادة، لكنها كانت تحمل في أعماقها شيئاً مختلفاً، شيئاً أعمق من الحقد ..فقد إستمعت الي كل حديثه البزئ المهين عنها .
كان كل الموجودون يراقبون هذا المشهد الصامت المشحون، حيث كانت العيون تلتقي والكلمات تتساقط ثقيلة بينهما. يمان شعر بأن كل شيء انهار في داخله. تلك الفتاة التي يبحث عنها ، الفتاة التي اختفت ولم يكن يعلم لها طريقاً، الآن أمامه، قوية، وصامدة، وتحدّق فيه بنظرات جعلته يعيد التفكير في كل شيء.
اختلطت المشاعر داخله – الحب، الندم، الغضب، الخساره وحتى الذهول. لم يكن يعلم ما يقول، أو كيف يبرر لنفسه ما فعل...يتبع
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة زين، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية