-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 27 - الجمعة 11/10/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل السابع والعشرون 

تم النشر يوم الجمعة

11/10/2024



كان عرفان غارقاً بين بحور ذكرياته المؤلمه، ومن ثم تذكر ضحكات أخته الصغيره التى شبت لتصبح فتاة تسر النظر، وصديقة رائعه له، لم يشعر هو أو أخوته ذات يوم أنهم ليسوا أشقاء، كما لم يشعرهم أباهم بذلك، ذاك الرجل الحنون الذى ساوى بينهم جميعاً، 

تنهد عرفان بإشتياق إليهم جميعاً، فقد أطال المكوث هنا، لقد أتى لعلاج بعض الأبقار المصابة بإحدى المزارع على أطراف البلده منذ عدة أسابيع، ثم أرسل إليه عابد لعلاج حصانه، وها قد مر شهر كامل لتواجده هنا، ورغم علمه أن أخته لن تترك كلبه المخلص بلا رعاية، وأن كلبه سيتقبلها كبديل لعرفان حتى يوم عودته، لكنه يتألم لتأخر عرفان عليه، لذا لو تقرر أن يعمل عرفان لدى هؤلاء القوم، سيحضر كلبه معه. 


ظل عرفان شارداً بذكرياته؛ بسبب إسم الخادم الذى يشبه إسم أباه الحقيقى، ونسى الواقع من حوله، حتى أعاده إليه صوت شجار بالطابق العلوى، فتسأل بإنزعاج عن سبب هذا الصوت، ألا تكف فتيات هذه العائلة عن الصراخ؟!


❈-❈-❈


لقد كانت مفاجأة غير متوقعة لسيا حين حملها رسلان على كتفه هكذا، كانت تظنه بدائى أهوج، ولكن ليس إلى هذا الحد! إنه حتى لم يبالى لتواجد والده بالحديقة يشاهد ما يحدث، ولكنها رغم صدمتها لم تكف عن محاولتها للتحرر منه، ولم يتركها هو، وظلت تصرخ به بأن ينزلها، لكنه لا يعير صياحها أى إهتمام، حتى وصل إلى الغرفة التى باتت بها بالأمس، ودفع الباب بحده، ومن ثم أنزلها عن كتفه، فدارت تبحث عن أى شىء تقذفه به، وبدأت بالوسائد، لكنها كانت بلا أى تأثير يذكر، فإلتقفت كل ما طالته يداها، وقذفته به، وتفادى أغلبه، لكنه بالفعل كاد يصاب، فأسرع للإمساك بيديها، وجذبها بحدة نحوه، وأجبرها أن تقف أمام المرآة؛ لترى هيئتها، فأفزعها شكلها المبعثر، فتأفف بضجر من غبائها، وأشار رسلان بيده متتبعاً حنايا جسدها، وهو يخبرها بأنه لو لم يحملها إلى هنا، لسارت أمام الجميع هكذا! فتضرجت وجنتيها باللون الأحمر خجلاً من الأمر، وإزداد خجلها حين وجدت أنه يشاهدها هكذا، بل ويقف قريبا جداً منها، فدفعته بغضب، وصرخت به بأن يخرج من غرفتها، فوافق بإنزعاج، وأعطاها إيمائة مع نظرة قاسية، ثم خرج يصفع الباب بحدة زائده خلفه، فصرخت بيأس، ثم بدأت تضرب الأرض بقدميها ساخطه، بينما كان رسلان خارج غرفتها ينظر بإنزعاج إلى ثيابه التى إبتلت إثر حمله لسيا وهى مبتلة هكذا، وبدأ بنفضها بيده وكأنها مغبرة بالتراب وليست مبتله، ثم تنهد بضجر حين وجد هاله تسرع الخطى نحوه، وكما توقع فقد إنهالت عليه موبخة لأفعاله مع سيا، وهو يجيبها بضجر من كليهما، وقد ركن ظهره إلى الحائط، وكتف ذراعيه على صدره، ولكن ورده ظهرت تنظر إلى كلاهما بهدوء، فإعتدل بوقفته المتراخيه، بينما انتظرت هاله توبيخ حاد له من والداهما، لكن لم يحدث، فحين بادر رسلان بالتحدث.


- أمى أنا...


قاطعته والدته محاولته بلا مبالاه غريبه: لا داعى للثرثره، إذهب لتغيير ثوبك قبل أن تصاب بالرشح.


إتسعت عيناه بدهشه، وأما هاله فقد هتفت مستنكره: ألن تعاقبيه، أمى؟!


نظرت نحوها ببرود: أهو طفل لأعاقبه؟ هيا إذهبى لترى إبنتك، وإتركِ كل واحداً بشأنه، يحل مشاكله بنفسه.


تفاجأت بحدة والدتها، وغضبها عليها بدلاً من أن تغضب من رسلان، فإعترضت مستنكره.


- أمى إن سيا ضيفتنا! وقد أهانها رسلان!


رفعت رأسها، تنظر نحوها بتحذير لم تفهم معناه: سيا ليست ضيفه، إنها من العائله.


إرتبكت هاله أكثر، ونظرت نحو غرفة سيا، فحذرتها ورده من التوجه إليها، وأشارت لها نحو الدرج، فوقفت للحظه متردده، ولكنه بالأخير أذعنت لأمر والدتها، وغادرت.


❈-❈-❈


توقع رسلان حديث مختلف، تستنكر أفعاله المخجله، توبخه بعد أن غادرت أخته لكى لا تتمادى معها لاحقاً، لكن ولدهشته لم تقل شيئاً سوى إعادة طلبها له بتغيير ثيابه، ثم تركته وغادرت، فظل للحظات لا يعى ماذا حدث لتصبح والدته بهذا الهدوء، ثم تنهد بيأس لن يفهم يوماً سبل تفكير النساء.


بعد أن تحمم وغير ثيابه، نزل إلى الحديقة، وتوقع تعليقات من والده، ولكن وللعجب لم يبدى أدنى ذرة من التلميح حتى للأمر، فذهب يبحث عن أُسيد، حيث وجده يحتسى قهوته بهدوء غير عابىء بأى شىء، وحين وجد رسلان مقبلاً نحوه، إفتغر ثغره عن إبتسامة ساخره.


- مرحبا رجل الغاب.


تأفف رسلان، وسحب كرسى ليجلس أمامه، وهو يستنكر حديثه: لا أنتظر سخريتك أنت الآخر.


لم يبالى بإستنكاره، بل إعتدل يضع ساعديه على الطاوله، ومال إلى الأمام، ثم تابع ساخراً.


- أخبرنى، ما هو شعورك، وأنت تحملها هكذا؟


إحتدت نبرته بسخط، وهو يجيبه: مجرد غضب خام، تلك الفتاة تدفعنى إلى أقصى حدود الغضب!


لوح بيده بلا مبالاه: حسنا، مبارك لك.


قضب جبينه متعجباً: ماذا تعنى؟!


تراجع بكرسيه، يرتشف قليلاً من قهوته ببرود، دفع برسلان إلى نفاذ الصبر، حينها إبتسم له أُسيد موضحاً.


- لقد رآك كل من هنا، وأنت تحملها هكذا، والخدم ثرثارين، لو تداولوا تلك الشائعات، ستُجبر على الزواج منها، فهنيئا لك.


إتسعت عيناه بصدمه: يا إلاهي! هل تمزح؟!


- لا.


ضرب الطاولة بكفيه بحده: لن يحدث، ليس لدى طاقة من الصبر لأجل حمقاء كهذه! كل ما تفعله هو إغاظتى، ودفعى إلى السخط، فقط لتنتقم من أجل ثوب أبله! أفسدته حين تعثرت هى به، لا يمكننى تحمل المزيد، قد أقتلها أسهل.


- حسنا أخبرنى متى ستكون الجنازه؟


قضب جبينه مندهشاً: ما بك لا مبالى هكذا؟!


- أريد أن أغادر من هنا، لقد إشتقت إلى عملى.


نسى غضبه، وإبتسم بمكر: إشتقت إلى عملك، أم إليها؟


- الإثنين، كما أن هذا فقط أحد الأسباب.


ضاقت عيناه بإرتياب: مما تهرب؟!


تلاشى هدوئه، ولا مبالاته، وبدى السخط، ونفاذ الصبر جلياً بنبرته الغاضبه، حين هتف بيأس.


- من هذا الجنون، أمى منذ الصباح لا تريد حتى رد تحيتي لها، وكأني أنا المخطئ، ووالدى كعادته يتابع بصمت، لا أعلم، بدأت اخشى على نفسى من لعنة كهذه، هل الحب يجعلنا ضعفاء هكذا؟!


أجابه بثقه: بالطبع لا، والدليل هما والدي، وكل رجال العائله، والدتك فقط حساسه، وتكتئب بسهوله، قد تدخل بنوبة عصبيه، وتمرض، وهذا ما يتفاداه والدك، حتى أصبح الأمر يضغط على أعصابه، ألم تراه، كيف يكبح غضبه كثيراً أمامها؟ وكيف ينفجر بأي أحد آخر لأتفه الأسباب ؟


- نعم، ولكنه هكذا يدمر نفسه؟!


- أجل، ولكن هذا أهون عليه من أن تتعرض والدتك لأى أذى، إن والدك يعانى من عشقه لوالدتك.


كانت نجمه بهذا الوقت، تجلس فى شرفة غرفتها، تحاول أن تهدأ، فقد رأت وردة ما فعله إبنها ورغم هذا ظلت محتفظة بهدوئها، وتحركت بمنتهى الثقة، لطالما كانت ورده أكثر منها حكمه، لقد أمرت الخدم بأن ينسوا ما رؤه، ووعدت بمكافئات لهم، ولكن ستتحول مكافئتهم إلى عقاب، أو طرد، إذا ما خالفوا أمرها هذا، وقد أذعنوا فوراً، فورده شخصيتها قوية أمامهم، تختلف كليا عنها مع زوجها، كما أن طرد أى منهم من هنا يعنى دماره، فلا أحد سيقبل به للعمل لديه بعد طرده من هذا المكان، وقد رأت نظرة الرضا بعينا عابد نحو زوجته، بينما كانت نظرة عدم الرضا تشملها بعينا سلمان منذ الأمس، وتناهى إلى مسمعها صوت إبنها مع رسلان، ووجدت نفسها تستمع إليهما بفضول، وفاجتئها كلماتهما الأخيرة، وأحست بالصدمة، والحزن؛ لأجل سلمان، فقررت أن تتحدث مع السيدة أورجيندا، فهى كانت ونعم الصديقة لها منذ أن تزوجت أباها، كما أنها لطيفة هادئه، يسهل الحديث معها، ولن تعيد سؤالها عنه مجدداً، بينما ورده ستستمع لها، وتعطيها الحل، لكنها ستظل تطمئن عليها من حين لآخر فتزيد توترها.


❈-❈-❈


لقد كانت أورجيندا بمثابة طبيبة نفسيه للعائله، تنصت إليهم بإهتمام، وتعاونهم على إيجاد الحل، ومن ثم تخطر كاظم بالأمر؛ ليصبح دوماً على علم بكل ما يحدث، وينقذهم إذا ما لزم الأمر، بينما كل منهم يسير حياته كيفما شاء، وأفعال أورجيندا ليست مكراً، بل محبه، فكما حال نجمه كان حال كاظم، فهو لازال يحمل مخاوفه الخاصة، بأن يختفوا بأى لحظة من حياته، وحتى بعد أن أصبح جداً، لازال يرتعب من من أن يستيقظ يوماً ما، ويجد نفسه وحيداً من دونهم، وكأن كل ما مر به هو حلم لذيذ، ولازال وحيداً مع ذكرياته لضياع أسرته، وسيستيقظ من هذا الحلم بأى لحظه، وأورجبندا تحاول جاهدة مساعدته، ولهذا لم يتسائل عما حدث بالأمس، ظل منزعجاً صامتاً حتى الآن، ينتظر أورجيندا، فهناك من سيخبرها حتما بكل ما حدث، ولو أنه لا ينتظرها كثيراً، فليان عيناه السحرية على كل ما يحدث، فوالدتها ظلت ساخطة على ما فعله رسلان بسيا، ولكن زوجها هدئها، وإنتقلا إلى موضوع فيروز الذى أصبح أكثر من مزعجاً، ورغم أنها عادة سيئة لطفلة فى مثل عمرها، لكنهم بكل أسف منشغلون بمشاكلهم عن تلك الطفلة، فتتبلور شخصيتها بينهم بطريقة مختلفه، وهم لا يدرون عنها شىء.


لقد أنصتت أورجيندا إلى نجمه بإهتمام، وهدوء، وبدأت باللين تسألها، عن مخاوفها بخصوص فيروز، ثم تطرقت إلى مخاوف نجمه نفسها، حيث وجدت أنها مازالت تلك الفتاة المحتجزة خلف القطبان، لقد عانت كثيراً، وخرجت من الظلمات إلى النور بلا إنذار مسبق، وهى لم تتعلم كيف تتكيف مع الأمر بعد، وفبلحظه تحولت من جارية الى سيدة مجتمع راقى، ووجدت من كانوا زملاؤها، قد أصبحوا خدمها، وقد ظلت تحسن معاملتهم حتى الآن، فتلك الخادمة التى كانت صديقة لها جعلتها رئيسة للخدم، ورئيسة الخدم أقالتها؛ لتجعلها وصيفة لها، لقد كان لقباً قديماً، لم يعودوا يعترفوا به، لكنها جعلتها فرداً من الأسرة، حتى توفتها المنية، وكل من هو بعائلة تلك المراة، أصبح بمثابة قريب بعيد لنجمه. 


لم تنسى نجمه أبداً من كانوا معها جيدين، كما حالها مع من أساء لها، لقد نبش سلمان، وعابد الأرض بحثاً عن كل تجار الرقيق، ووجدوهم بفضل معرفة عابد بكل خبايا هؤلاء التجار، وعلاقاته السابقة بهؤلاء الرجال، ورغم أن والدة سلمان، وأخاها، قد تعفنوا بالسجون حتى الموت، لكنها لازالت تظن أن شبح والدة سلمان سيخرج لها بأى وقت من بين الجدران؛ لتلقى بها خلف القضبان، وتعيدها لسجنها كجاريه، مما جعل نجمه غالبا ما تعانى من كوابيس، تجعلها تستيقظ فزعة، تصرخ، وترتجف، فيفزع سلمان، ويلتقفها بين ذراعيه، يهدهدها كطفلة صغيرة حتى تعود إلى النوم، فيفقد هو رغبته بالنوم، ويظل طوال الليل بجوارها، ولم يضجر أو ييأس من تلك الحياة معها، فوجودها معه كل ما يريده، ولهذا يتحمل كل ما تفعله، ويحاول بهدوء إصلاح ما تفسده، فقد دفع بأُسيد ليتربى بين يدى عابد، نعم أراد بشده أن يفعل هذا بنفسه، لكنه لم يخسر كلياً، فكلما واتته الفرصه كان يتقرب إلى إبنه، ويعلمه الكثير، وبالفعل هذا ما جعل أُسيد رجلاً يعتمد عليه، فقد علمه التروى، خلاف رسلان الذى يجلس دوماً على حافة بركان ثائر، بينما حاول مع فيروز، ولكنها أحيانا ما تتهور بحماقات تضعها بمواقف حرجة، ونجمه تعمل كحامى لها مما صعب على سلمان مهمته كأب فى تربية فيروز.


❈-❈-❈


لقد وصل صراخ سيا إلى كل ركن بالقصر، حتى غرفة فيروز التى حين سمعتها، ركضت إلى نافذة غرفتها، تنظر منها، ورأت كل ما حدث، ولكنها وللعجب لم تنزعج مما فعله رسلان، بل أحست بحريق ينشب بصدرها حين رأت سيا بين ذراعي عرفان الذى لا تعرف إسمه حتى! أليس من المفترض أنها تحب رسلان؟! ولكن ما حدث لم يكن به ما يدفعها للغيرة على رسلان، لقد كان سخطاً طبيعياً على سيا، لقد أهانها، ولا تريد يوماً أن تكون بمكانها هذا، ولكن ما جعلها منزعجة هو ذاك الآخر أكان يواسيها شفقة فقط! ونظراته تلك لم تكن تعنى شيئاً! إعتراها الغضب، وقررت ما إن تراه مجدداً، فلن تعيره أى إهتمام، وستريه مكانته الغير موجودة إطلاقاً، أو هكذا فكرت.


❈-❈-❈


لقد كانت ريتال وعزيز بجبهه واحده، فلم تكن حمقاء كلياً كما كانوا يظنون بها، لقد لاحظت سريعاً تصرفات فيروز بحضور رسلان، لذا حذرت عزيز، وتفاجأت به يعلم بهذا! ولكنه يرغب بفيروز، ولا يهتم حتى لو لم يتزوجها، هو فقط يريدها، ويريد كسر كبريائها؛ لأنها إستغلته، فتكاتفا سويا، ولكن بليلة الحفل قد تناول عزيز عدة كؤوس من الخمر، أسكرته، وأفقدته إتزانه، وقدرته على الصبر، فتصرف بحماقة دمرت خطتهما، ولكن ريتال لم تهتم بتصرفه، بل بنتيجته، فعدم وجوده سيفسح الطريق أمام فيروز نحو رسلان، قد تستغل ما حدث فى النواح طوال الوقت، وقد يتزوجها حفاظاً على كرامة العائله، لذا كانت تتباحث معه عن حل، ولم يجدا سوى الإعتذار بخزى من فعلته، وإرجاء الأمر للخمر الذى أفقده إتزانه وحكمته، ورغم أنه أفضى إلى فيروز بكل شىء لظنه أنها لن تستطيع الهرب تلك الليلة، وسينالها لا محاله، لكنها لن تستطيع أن تخبر أحداً بما دار بينهما.


❈-❈-❈


قبل أن ينتهى اليوم، كان الجميع يتجهز للرحيل، لكن وجود سيا برفقة أسرة عابد، كانت مفاجئة غير محببه لرسلان، جعلته يتأفف طوال الطريق غير مهتم بأي لياقة يقتضيها الموقف، وليزداد الأمر سوءاً، أمره والده بأن يعيد سيا إلى منزلها، وتعجب لتوقع والده معرفته لمنزلها هذا حتى ذكرته والدته بمن تكون سيا، لقد نسى تماماً أنها إبنة العمة ليندا، ولكن فليكن والده، يمكنه أن يأخذها إلى منزلها، أو حتى ذاك الطبيب الذى تفاجىء بوجوده اليوم بينهم، لكن نظرات عابد الحادة أكدت لرسلان أن أي محاولة للتهرب من هذا الأمر ستفشل تماماً، فتنهد بيأس، وإبتسم مرغماً بوجه سيا وهو يشير لها بإتباعه، فنظرت إلى ورده راجيه، لكن ورده رفعت كتفيها تؤكد لها عجزها عن مساعدتها، فمادام عابد قد أمر رسلان فهى لا يمكنها التدخل مطلقاً.


❈-❈-❈


لقد كانت مزرعة ليندا على مقربة من مزرعة والد رسلان، لذا قرر رسلان أن يرافق سيا سيرًا على الأقدام، كما أنه لا يريد لها الراحة؛ ليأخذها مضجعة داخل العربه، بينما هو يقودها، وكأنه سائقها المأجور!

لقد كان الأمر كابوساً حقيقاً بالفعل، لقد أمره والده ان يرافق سيا إلى منزلها، ووافق مرغماً، لكن أن تظل طوال الطريق تتذمر؛ لأنها لم تكن تريد أن تكون بصحبته حتى صرعت رأسه، وأنها لم ترغب بأن تراه مجدداً، كما صرخت به بأنه وقح، عديم اللباقة؛ لحمله لها هكذا أمام الجميع، حينها توقف ينظر إليها رافعاً حاجبه، يسألها بمكر لو كانت تفضل أن يحملها وهما وحدهما فقط؟ فتورد وجهها بخجل أدهشه، وعلق بسماجه.


- لم أكن أعلم، أنك تعلمين للخجل سبيل!


فصرخت به ساخطة: أنت وقح!


لم يبالى بل سار معها، يستغل كل كلمة تقولها ضدها، حتى وجدت أن أى مما تقوله لن يهتم به، هو فقد يسخر منها، ويريد إغاظتها، ففضلت الصمت حتى وصلا إلى منزلها، وهناك رأت شخصية أخرى لرسلان، لم تظن أنها موجودة من الأساس، فقد كان مهذباً جداً وراقياً أمام والدتها، وغادر بهدوء تاركاً إياها مشدوهة لأفعاله المتناقضة، وتسائلت بينها وبين نفسها، هل هو مختل؟! ثم رفعت كتفيها غير مباليه، ربما هو كذلك، من يعلم؟


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة