-->

رواية جديدة مقيدة في بحور عشقه لتوتا محمود - الفصل 39 - 5 - السبت 26/10/2024

 

  قراءة رواية مقيدة في بحور عشقه كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مقيدة في بحور عشقه 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة توتا محمود


الفصل التاسع والثلاثون 

5

تم النشر يوم السبت

26/10/2024


توقفت خطواتها للحظة وهي لم تعد قادرة على الحركة بعد  ، الآن كل شئ انتهى  ، انتهى كل شئ في لحظة  ، الأن كل شئ انتهى  ، وضعت يـ ـدها نحو بطنها المنتفخة  ، كأنها تربت على طفلها كي تشعره بالأمان  ، وهى تريد الأمان بحد ذاته  ، لا تعرف كيف تداوي جروحها  ، العقاب في هذه اللحظة صعب  ، صعب للغاية ، فهي تعرف انها اخطأت بحقه كثيراً ولكنها لا تريد هذا العقاب  ، فهذا العقاب قاسى عليها وعلى طفلها  ، انهمرت دموعها على خديها بضعف  ، عانقت بطنها المنتفخة كأنها تشعر أنها تعانـ ـق أبنها الآن  ، فهى الأن أصبحت وحيدة  ، ضاع زوجها بين يـ ـديها   ، وحُب حياتها  ،  و والد طفلها  ، خرج «مالك» هو و«بيجاد» يبتسمون بسعادة  ، وحين وقعوا عينيهم عليها  ، توقفوا عن الأبتسامة  ، وينظروا لها بقلق  ، وحين «مالك» رأه حالتها اقترب منها هتف بأسمها بقلق  ، ولكن حين اقترب منها  ، ابتعدت عنه تهز رأسها بأن لا يقترب منها  … 


في نفس اللحظة.. 


خرجت «جميلة» من غرفتها وهى تنظر لهم بسعادة  ، فهى الأن هدمت علاقتهم  ، و أصبح «مالك» زوجها  ،  وملكى رسمياً  ، يالها من سعادة..  


اقتربت من «مالك» تعانـ ـقه بلهفة  ، ولكن «مالك» لم يبدلها العنـ ـاق وهو مازال ينظر لـ «فريدة» بقلق  ، اشاحت وجهها «فريدة» عن هذا المنظر الذى يجعل قلبها يعتصر ألماً ، فهى تريد أن يتوقف كل هذا  ، فـ بالتأكيد «مالك» لم يتخلى عنها  ، كل هذا حلم وستيقيظ منه بعد قليل  ، «مالك» يحبها ويستحيل أن يفعل معاها هكذا  ، يستحيل أن يسبب لها الجرح لها ولابنها  . 


نظرت نظره بعاتب له  ، فهو قد خاب أملها فيه  ، فهى كانت تثق به كثيراً  ، ولكن قد غادرت الثقة وحل محله الخذلان  . 


كادت أن تغادر بحزن ولكن اوقفتها عمتها «صباح» وهى تبتسم لها بمحبة وتنظر لها بحنان  ، اقتربت منها وزالت دموعها  :  


ـ اوعى تعيطي  ،  جوزك مبقاش لحد  ، جوزك ليكي لوحدك  ، محدش يقدر يخطفه منك  . 


نظرت لها بحيرة من أمرها و أمر حديثها  ، لم تفهم ما تقوله  ، كيف «مالك» يبقى لها وحدها؟؟  ، لم تبالي بنظراتها ولا بتفكيرها  ، واقتربت من إبنتها وابعدتها من «مالك»  ، وهى تنظر لها بقسوة وهتفت باشمئزاز منها  :  


ـ معلش يا جميلة  ، ده مش عريسك يا بنتى عشان تحضنيه كده  . 


نظرت له بشك وهتفت بحيرة وهى تنظر لها و الى والدتها  :  


ـ يعنى ايه؟؟  ، مالك جوزي يا ماما  . 


ضحكت بسخرية هي و «بيجاد» وبعد ما انتهت من ابتسامتها نظرت لها بسخرية  :  


ـ يقطعنى هو انا مقولتلكيش؟؟  . 


بينما أكملت وهي تنظر الى حالتها وهى تهتف بحده جعلت قلب «جميلة» يقع في الأرض  :  


ـ أنتِ متجوزتيش مالك  ، انتِ رجعتي لـ جوزك  . 


هزت رأسها بهستيرية واضحة وهى تهتف بمزاح  :  


ـ لا لا يا ماما أنتِ اكيد بتهزرى صح؟؟  . 


ختمت جملتها ونظرت الى ملامحها التى لا تبشر بالمزاح أبداً  ، ملامحها جاده  ، يبدو انها لا تمزح ابداً  ، نظرت الى «بيجاد» وجدت ملامحه مثل ملامح والدتها  ، لا بالتأكيد لا يستحيل أن والدتها تفعل بها هكذا…. 


قطع حبل افكارها وهي ترى زوجها السابق  ، مما تراجعت الى الخلف بخوف  ، وهي الآن قد تأكدت من شكوكها  ، وانهم يقولون الحقيقة  ، تراجعت الى الخلف وهى تهتف بزعر  :  


ـ انا مش موافقه انى ارجعلك  ، مش موافقه  . 


نظرت لها والدتها بحده وهي تهتف بغضب  :  


ـ انتِ اللى عملتى فى نفسك كده يا جميلة  ، عملتى علاقه مع راجل تانى  ، وكنت عايزه تلبسها في مالك  ، احمدي ربك انه وافق عليكي لما عرف اللي حصل  ، وقال هيربيكي بمعرفته  .  


هزت رأسها بـ لا  ، لن تعود الى الجحيم بقدميها ابداً  ، فهذا كابوس بكل تأكيد  و ستستيقظ منه بعد قليل  ،«مالك» اصبح لها وهى له  ، لا لم تعود الى زوجها السابق  ، هذا كله مجرد كابوس  ، فهى فعلت كل هذا حتى تصل الى «مالك»  ، يستحيل أن ينتهي بها المطاف هنا..؟  


رأت اقتراب زوجها السابق منها وهى تغمض عينيها وهى تهتف أن هذه بأكمله كابوس  وليست حقيقة  ، بالتأكيد ليست حقيقة  ، وحينما عـ ـانقها زوجها  ، أدركت أن هذا ليس كابوس  ، بلا حقيقة  ، وهنا صرخت بقهر وخذل انه ضاع حلمها الوحيد  ، وحلمها هو الوصول إلى «مالك»  ، فهى قد عادت الأن الى الجحيم بحد ذاته  ، زوجاته السابقين يضربونها و يعاملونها اسوء معاملة  ، فهى فقدت طفلها بسببهم  ، وعادت الى رجل فى سن أبيها لا يهمه شيء سوى الوريث…  


الأن قد وقعت فى بحر أفعالها بالفعل  ، ولكنها لا تريد كل ذلك  ، اقتربت من «بيجاد» تمسك يـ ـده وهي تهتف بتوسل  :  


ـ عشان خاطرى  ، عشان خاطرى يا بيجاد  ، أنا عارفه انى غلطت بس سامحني  ، سامحني   . 


ادفعها بقسوة وكادت أن تقع ولكن اسندتها «سلا» التى جاءت للتو ولحقتها قبل أن تقع  ، اكمل وهو يهتف بحده أخافتها  :  


ـ اسامحك !  ، اسامحك على ايه ولا ايه  ، اسامحك على أنك اجرتي ياسر يشتغل عندك عشان يخرب حياة فريدة هي ومالك؟؟  ، ولا اسامحك عشان كنتِ عايزه تأذي ابن اختى  ، ولا اسامحك على انك حطيتي ايـ ـدك في ايـ ـد ياسمين عشان تمشي من البلد وأنا معها مقابل انها تهربلك ياسر من المخزن؟؟  ، ولا اسامحك على ان كلب زي ياسر حاول يخطف فريدة ويتسلي بيها زي ما كنتِ عايزه ويرميها لكلاب السكك  ، ولا اسامحك عشان اتهمتي صاحبي في تهمة زي دي وحاولتى تبوظى سمعته؟؟  ، اسامحك على ايه ولا ايه يا جميلة ؟؟؟  . 


شهقت من البكاء وهي تقترب من والدتها وتهتف بتوسل ويـ ـدها ترتعش  ، بحد ذاته الخوف أن تواجه الجحيم مع زوجها و زوجاته الثلاثة يجعل قلبها ينفطر بخوف  :  


ـ ماما عشان خاطرى انتِ اتكلمى  ، قولى لـ بيجاد حاجه عشان يسامحني  . 


نظرت لها والدتها باشمئزاز وهتفت بحده  :  


ـ أنا أمك ومش مسامحكى ازاى اخلي بيجاد يسامحك  ، دى مش تربيتي فيكي يا جميلة  . 


وهنا و«جميلة» قد طفح بها الكيل  ، فـ الجميع يلومها على ما ارتكبته  ، حتى والدتها  ، فـ والدتها كانت مستعده أن تفعل أي شئ مقابل أن تحصل على «بيجاد» أن يكون لها  ، ضحكت بسخرية وهتفت بعصبيه وعينيها تشتعل من الغضب  :  


ـ انتِ اللى بتقولى كده؟؟  ، تربية ايه؟؟  ، انتِ كان عندك استعداد تنزلى لاى مستوى بس عشان بيجاد يكون ليا  ، مش انتِ اللى كنتِ مُصره  ، انى اتقرب من بيجاد  ، و كان حلمك انى ارجع لـ بيجاد  ، و أنه سلا تبعد عنه؟؟  . 


كانت «سلا» تساند «جميلة» كل ذلك الوقت ولكن حين قالت هذا الحديث  ، تركتها وابتعدت عنها تنظر الى عمه «بيجاد» و الى «جميلة» بصدمة  ، كانت هى تساندها  ، ولكن الآن تحتاج إلى حد يساندها عن حقيقة عمه «بيجاد» ونواياها  .. 


جحظت عينيها «صباح» عمه «بيجاد» وهى تقترب من إبنتها  ، فهي لم تتوقع أن تكشف حقائقها أمام الجميع  ، نظرت لها بغضب وهتفت بحدة  :  


ـ ايوا انا كنت اتمنى انك ترجعى لـ بيجاد  ، و اه كنت بقولك حاولي تتقربي منه  ، بس انا مكنتش هنزل لأي مستوى من اللى بتقولى عليه  ، مكنتش هتفق لا مع ده ولا كنت هخلي حد يقرب لـ سلا واعمل زي ما انتِ عملتى  ، مكنتش هعمل كده خالص  . 


ختمت جملتها وضحكت أبنتها بسخرية  ، وبعد ما انتهت هتفت بسخرية  :  


ـ مستوى ايه اللي انتِ منزلتهوش  ، انا لو نزلت لمستوى اللي بتقولي عليه يبقي انا اتعلمت منك  ، انتِ كنتِ بتقاطعي بيجاد و سلا لما يكونوا لوحدهم سوا  ، حتى روحتى قولتى لـ إيلا انها تتمسك فى سلا بس عشان متكنش مع بيجاد لوحدهم  ، انتِ حتى لما عرفتى انهم سوا ومسافرين سوا كنتى هتجننى حتى وقعتى إيلا من على السلم بس عشان يجوا من السفر  ، وتقطعى لحظتهم السعيدة  ، بقى مين اللى نزل دلوقتى للمستوى اللى بتقولى عليه؟؟؟ 



لم يصدق الجميع ما يسمعون من "جميلة"، صدى كلماتها المتفجرة جعل الصمت يسيطر على المكان، وتملكت الصدمة وجوه الحاضرين. "صباح"، التي بدت وكأنها تلقت طعنة من ابنتها، كانت تنظر إليها بذهول وصدمة. أما "بيجاد" و"سلا"، فقد ارتسمت ملامح الدهشة على وجهيهما، إذ لم يتوقع أحد أن يصل الحال إلى هذا.


بعد لحظة من الصمت، كان "بيجاد" أول من استعاد اتزانه، فاستدار نحو "صباح" عمته وقال بحدة :


ـ الكلام ده صح؟؟  . 


هزت رأسها بلا وهى تهتف بضعف ولؤلؤ عينيها يلتمعون من الدموع  :  


ـ متظلمنيش يا بيجاد  ، انا موقعتش إيلا قصد صدقني  . 


كان «مالك» ينظر لهم بهدوء ويتابع الموقف في بدايته وحين أدرك أن الموقف كبير الأن  ، فـ الموضوع قد اكتفى أكبر من حجمه  ، ويوجد ناس أغراب ينظرون ويتابعون الموقف من اوله لحد الأن… 


حتى اقترب من زوج «جميلة» وهتف بهدوء ولطُف  :  


ـ طيب بما أن حضرتك خلاص رجعت جميلة  ، فيك تاخد مراتك وشهودك دلوقتى  ، لان انت عارف الموقف حساس وعائلي وفي ناس اغراب بينا  . 


تفهم زوج «جميلة» الأمر وهز رأسه بمعنى أنه تفهم الآن  ، اتخذ زوجته وسط صرخاتها المخيفة  ، وكل صرخة تخرج منها تحكى الكثير من الخوف والذعر  ، فهى الأن ستراه الجحيم بحد ذاته  ، رفضته مره وثانية وعاشرة ولكنها لم يستسلم  ، حتى حملها وهى مازالت ترفضه ولكن هو لم يتحرك أنشاً واحد ولم يهتز  ، ذهب وخلفه الشهود التي كانت خلفه  ، وصرخاتها تختفي تدريجياً تدريجياً حتى اختفى صوت صراخها .. 


عندما هدأ الموقف بعد خروج "جميلة" مع زوجها، عمّ الصمت المكان، وكأن ثقلاً كبيراً قد زال. تنفس "مالك" بعمق وألقى نظرة على "فريدة"، التي كانت تتابع المشهد بعيون مشوشة ودموع معلّقة. شعر بالأسى تجاهها، لكنه كان يعلم الآن أن الخطوة التي اتخذها بمساعدة "بيجاد" كانت ضرورية لتطهير حياتهما من هذا العبث الذي كاد أن يدمر كل شيء.


اقترب منها ببطء، ومدّ يده نحوها ، نظرت إليه ، وداخلها مزيج من الحزن والراحة التي لم تختبرها منذ وقت طويل،  أخذت يده بتردد ، وعانقوا يـ ـديهم بحُب  ، وشعر بتلك اللمسة وكأنها تمسح كل ما مرّ بينهما من ألم وخوف ، همس لها بهدوء:


ـ كل حاجه هتبقى احسن  ، متقلقيش  ، أنا دايما جنبك  . 


في تلك اللحظة، شعر الجميع بأن السعادة الحقيقية بدأت بالعودة، ومعها عاد الأمل بأن تكون حياتهم أكثر نقاءً وسلامًا، بعيداً عن الأحقاد والمؤامرات التي كادت أن تفرق بينهم… 



نظر «بيجاد» الى عمته وهتف بقسوة وقد طفح به الكيل من المشاكل والمؤامرات التى لم ينتهى منها بعد   :  


ـ أنا مش عايز اشوف وشك تانى  ، لا أنتِ ولا بنتك  . 


ختم حديثه وكاد أن يغادر ولكن اوقفه صوت «سلا» التى هتفت بهدوء  :  


ـ عمتك مش هتمشي من هنا يا بيجاد  . 


التفت لها ونظر لها بحيرة  ، ورفع حاجبيه بحده ومازال ينظر لها  :  


ـ يعنى ايه؟؟. 


اقتربت منه وهتفت بهدوء ونظرت له داخل عينيه  :  


ـ زي ما سمعت يا بيجاد  ، عمتك تستحق فرصة تانيه  ، عمتك هي الفرد الوحيد لعائلتك  ، انت ملكش حد في عيلتك غير عمتك  ، ولما عمتك هتمشي  ، بقي مين ليك حد يا بيجاد  ، بيجاد عمتك بقيت ست كبيره  ، مين أنت عشان تحاسبها بشكل ده؟؟؟  ، متنساش انها كانت مسئولة عنك وأنت صغير وكانت مسؤولة عن فريدة  . 


أغمض عينيه  ، وهو يستعيد عن ذكرياته بأنها تكلفت به وتكلفت بتربيته  ، وأيضا جعلته يتعلم عن عمله ودربته كثيراً  ، حتى أصبح مسئول عن عمله وحده بدون مساعدتها  . 


اهز رأسه بدون أن يتحدث وسمح لها بأن تجلس هنا  ، فهى فعلت الكثير من اجله و أجل شقيقته  ، لذلك عليه أن يجعلها تجلس هنا ويعطيها فرصة أخرى  ، غادر من امامهم بدون أضافة أي كلمة  . 


وحين غادر الجميع أبتسموا ابتسامة تزين ثغرهم كانوا يظنون أنهم الأن قد انتهوا من المشاكل  ، ولكن لا يعرفون أن هناك عاصفة مليئة بالمشاكل… 



❈-❈-❈


لم يعد في وسع هذا القلب أن يتحمّل ألمًا زائداً، ما عادت جوارحِي تُسعِفني  . 



بعد ثلاث شهور.. 


لم يتغير فيهم أي شئ  ، سوى انهم عرفوا خبر موت «ياسمين»  ، وقد تخطوا أمر موتها  ، وبعد قليل وجدوا مشاكل في الشركة مما انشغل فيه «بيجاد»  و «مالك»  ، ولم يجدوا فيه الوقت حتى يجلسوا مع زوجاتهم  ، وتحسنت علاقة «سلا»  مع «صباح» عمه «بيجاد» هذه الفترة.. 


كانت تذهب إياها وإياباً ولم تعرف لما يتصرف معاها هكذا، مضى ثلاثة اشهر وهو تغير كثيراّ ، لم يسأل عنها ، ولم يبالى بها ، ما الذى تغير بهذه المدة تريد أن تعرفه ، لما يعاملها هكذا وليس كأنها زوجته ؟؟ ، نعم فهى عرفت حقيقة من ضمن الحقائق المخفية ، ولكن متأكدة انها يوجد حقائق اخرى ، وسألته في ذلك اليوم هل يخفي عنها شيئا اما لا ، ولكن كان رده إنه ليس الوقت مناسب ليسرد لها عن تلك الحقائق ، معنى ذلك أن يوجد حقائق أخرى ، ولكن يخفى عنها ، مضى ثلاث أشهر منذ تلك المحادثة ، ولم يرسل لها ، ولم يتحدث معها أيضا ، يجب عليه أن تتحدث معه ، فهى قد اكتفت بذلك ، كانت تقول لنفسها دوماّ أن تتركه على راحته ، ولكن قد اكتفت ، ولم تتحمل ذلك البعد مرة اخرى ، لم تتحمل فكرة هذا البعد في علاقتهم ابداً  .


قطع دوامة افكارها صوت دقات على الباب ، مما فتحت الباب بهدوء وجدتها "فريدة" ، مما ابتسمت لها وفتحت طريق الباب حتى تدخل ، وبالفعل دخلت " فريدة" بابتسامة وهى تمسك ظهرها ، وبطنها المنتفخة التي كبرت وظهرت ، كانت ترتدى بيجامة قطنية مريحة ، وترفع شعرها كعكه فوضوية مما سقطت بعض الخصلات على عنقها ، جلست علي الفراش وهي تهتف بمرح كعادتها  : 


ـ قولت اسهر معاكي ، لما عرفت أن بيجاد هيتاخر النهارده  .


جلست بجانبها ونظرت لها بلا مبالاة ولكن نبرتها يوجد شئ حزين  : 


ـ يعني لو بيجاد كان هنا ، كان هيقعد معايا ؟؟ .


وضعت يـ ـدها نحو يـ ـدها بوهن وهي تهتف بحده معاتباً ياها  : 


ـ صدقيني يا سلا ، بيجاد ومالك عندهم شغل ، وربنا يعينهم ، شركتهم كانت هتدمر ، وهما بيسعوا سوا انهم يقفوها على رجليها تانى ، كانت الشركة دى على ايام بابا الله يرحمه ، وبيجاد هو اللى كبرها  .


بينما أكملت بمرح وهي تبتسم لها  : 


ـ وبعدان ما انا معاكى الله ، مالك بيجى ينام ، يدوب بيسالنى عامله ايه ، والبيبي عامل ايه وبينام ، وبفضل برضوا قاعده لوحدى  .


نظرت لها "سلا" بحزن وهى تهتف بحده :


ـ بس انا تعبت يا فريدة ، انا تعبت ، اللي مهون عليكي انك ممكن تتكلمى مع طفلك ، لكن انا لوحدى ، اه بيجاد يجى يسأل عليا زيك كده ، وياخدني في حضنه وينام ، بس انا ببقى عايزه اتكلم معاه ، فى حاجات كتير لازم اعرفها منه ، عايزه اتكلم انا وهو ، ونتناقش ، واعرف حكاية شريف و تمارا ايه ، دى اختى يا فريدة ، اختي ولازم اعرف ايه الحاجات اللي مخبيها عليا بيجاد  . 


نظرت لها بهدوء وهى تهتف بنبرة مثل نظراتها تماماً  :


ـ بصى يا سلا ، كل شئ بأوانه ، حاجات كتيره حصلت الفتره اللي فاتت ، بما فيهم موت ملك وياسمين وحقيقة شريف ، بس لازم تعرفى بيجاد مستنى الوقت المناسب عشان يحكيلك كل حاجه ، انتى شايفه بيجاد فاضى الايام دى؟؟ ، ده حتى معندوش وقت يأكل ، بيسافر من بلد لبلد ، و مشغول في الشغل هو ومالك ، وطبيعي ميقولكش على اللي مخبيه ، لانك زي ما انتِ شايفة ده مش الوقت المناسب انك تعرفي  .  


بينما قطعتها "سلا" بحده وهى تقف أمامها بعصبيه  : 


ـ امتى الوقت المناسب اللى يعرفنى فيه ، امتى يا فريدة امتى  . 


وقفت أمامها هي الأخرى وهي تمسك ظهرها بألم ، ويـ ـدها الأخرى تمسك بطنها البارزة ، وهى تهتف بهدوء ولين تحاول أن تجعلها تهدأ  : 


ـ اصبرى يا سلا ، وهو هيفهمك ، الاستعجال وحش ، و اديكى شايفه هو عامل ازاى ، وبيجي البيت بس عشان ينام كام ساعه ويصحى عشان يروح شغله ، اللى بحاول افهمه ليكى أنك تصبري الفتره دى تعدى ، وابقى اتكلمى معه يا ستى ، ومن حقك تزعلى منه ، بس مش من حقك تزعلى من بيجاد فى الفتره دى ، لانه هو محتاجك يا سلا ، بيجاد بجد محتاجك تقفى جنبه فى الفترة دى  .


جلست على الأريكة ، وحديث " فريدة " أثر عليها ، فهى على حق فكل كلمة تقولها ، ولكن ماذا عساها أن تفعل فهى تريد أن تعرف الحقيقة بأكملها ، عليها أن تصبر ، بالفعل عليها أن تصبر هذه الفترة ، فهى إذا سألت " بيجاد " عن هذه الحقيقة ، اجابته لم تعجبها ، فهذا الوقت ليس مناسباً ابداً أن تفهم كل شئ  .


رأت " فريدة " صمت " سلا " ، ورأت ايضا ارتخاء ملامحها ، مما أدركت أن حديثها بالطبع أثر عليها ، فهى تعرف أن " سلا " تريد معرفة كل شئ ، ولكن كان يجب عليها أن تذكره بتعب " بيجاد " في العمل ، شهور قد مضت بسرعه ، وتغيروا فيهم كل شئ ، ولكن الشئ الذى لم يتغير و " سلا " لم تراه هو حُب " بيجاد " لـ " سلا " ، لذلك يجب عليها أن تذكرها بحُبه وعشقه لها  …


قطع خيوط أفكارهم هو صوت دقات على الباب مما سمحوا لطارق الباب أن يدخل وبالفعل دخلت خادمة صغيرة ومعها صينية طعام ممتلئة بالأطعمة الشهية ، مما صاحت " فريدة " بحماس  وهي تنظر الى " سلا "  : 


ـ عرفت انك مكلتيش من الصبح ، عشان كده طلبت سوشي من بره  .


بينما أكملت وهى تنظر الى الخادمة والابتسامة لم تفارق وجهها  : 


ـ لو سمحتى حطيهم على الطربيزه اللى قدام سلا  .


هزت رأسها الخادمة ، ووضعت الصينية أمام " سلا " ، وبعد ذلك غادرت بهدوء ، نظرت " سلا " الى الاتجاه الاخر بعيدا عن الطعام وهى تهتف بنبرتها الحازمة ، وهي تمسك بطنها :   


ـ فريدة مين قالك انى عايزه اكل اصلا ، انا تعبانه من الصبح ، ومش عايزه اكل ، ابعدى الاكل ده عنى  . 


عقدت حاجبيها بحيرة من تصرفها ، وهي تهتف بنبرتها التي ممتلئة بالحيرة  : 


ـ ازاى ابعد الاكل عنك ، دى اكلتك المفضلة ، ده سوشي  .


ابتعدت هى عن الطعام ومازالت تمسك بطنها بيـ ـدها ، وهي تبعد نظرها عن الطعام ، فـ رائحة الطعام تسبب بألم معدتها ، وتجعلها تستفرغ  ، ولم تتحدث ابداً ولم ترد على حديثها ، تحاول أن تكون بخير فقط ليس إلا ، وعندما نظرت " فريدة " الى ابتعادها ، اقتربت من الطعام ، واخذت ملعقة من الطعام الذي كان في الصينيه ، وتقربه من فمها ، مما ابتعدت عنها ، وهي تضع يـ ـدها على فمها وركضت الى المرحاض حتى تستفرغ ، مما وقفت كالصنم وهى تراها تركض نحو المرحاض حتى تستفرغ ، جلست " فريدة " ، وهى تحاول أن تجمع تصرفات " سلا " وتعبها هذه الأيام ، مما ابتسمت باتساع ، وهى تقف بحماس  .


خرجت " سلا " من المرحاض ، وهى لم تستطيع أن تقف حتى ، فهذه الايام لا تعرف ما بها ، ولم تتصرف هكذا ، فهى كانت دوماً تقول ان يوجد برد فى معدتها وسوف يذهب بعد مدة ، ولكن لم يذهب والاستفراغ لم يتركها وشأنها ، فهى تريد أن تذهب الى الطبيب ، حتى تعرف ما بها ، نظرت امامها بتعب ، وجدت " فريدة " تضحك بحماس ، مما عقدت حاجبيها بحيرة ، وهى تقترب منها ، وعندما " فريدة " رأت " سلا " ، مما ركضت سريعاً وعانـ ـقتها بمحبة  : 


ـ مبروك يا حبيبتى انا مبسوطه اوى ، انا هبقى عمتو فريدة ، واخويا هيبقى أحسن أب في الدنيا  .


مما خرجت " سلا " من اعانـ ـقها وهى تنظر لها بصدمة  : 


ـ انتِ بتقولي ايه ؟؟ .


مما ضحكت " فريدة " على حالتها وهى تهتف بحماس  : 


ـ انتِ حامل يا سلا ، انتِ ازاى ملحظتيش بكده ، نومك الكتير ، وأنك بترجعى لما الاكل يقرب منك ، و هرموناتك متغيرة ، وكمان الارهاق لما بتعملى اقل حاجه  . 


الصدمة قد احتلت عينيها و وجهها ايضاً ، حاولت أن تتحدث وهى تهتف بهدوء ولكن الصدمة تبدو مأثره عليها  : 


ـ لا لا اكيد انا اخدت برد فى معدتي ، مش حمل لا  .


بينما أكملت " فريدة " بضيق ولكن حماس عينيها يحكى شيئا أخر  : 


ـ ده ليه ده بقى ان شاء الله ، لا مش حمل ليه ، انا متأكده أنك حامل  .


بينما أكملت والابتسامة تزين ثغرها ومازالت عينيها يصرخون من الحماس  والفرح :


ـ استنى استنى انا عندى اختبار حمل ، جبته زمان لما كنت حامل ، قولت اتاكد ، بس الدكتوره جات ساعتها ، فى مستخدمتهوش ، استنى اجبهولك من الشنطه  .


كادت أن تتحدث " سلا " توقفها ولكن توقفت وهى ركض " فريدة " من الغرفة حتى تجلب لها اختبار الحمل ، فرحه تغمرها من الداخل ولكن شعور الصدمة يوقف هذه الفرحة ، خائفه أن يكون أن هذا مجرد برد لا أكثر ، ولكنها تشعر بالفرحه تغمر قلبها ولكنها تريد أن تتأكد  .


بعد خمس دقائق جاءت " فريدة " وهى تغلق الباب خلفها ، واعطت " سلا " الاختبار ، نظرت لها " سلا " بخوف ، ولكن هتفت " فريدة " بهدوء ولكن يمتزجها الحماس الخافت  : 


ـ روحى اعملى الأختبار ، وبعدان احنا بنتأكد بس ، متقلقيش  .


اهتزت رأسها بدون أن تتحدث واخذت منها الأختبار ، ودخلت المرحاض ، وبعد ما دخلت ، هتفت " فريدة " وهى تعانـ ـق  بطنها المنتفخة  : 


ـ جهز نفسك يا يزن ، شكله اخوك او اختك جاين في السكه .


ختمت جملتها وضحكت من قلبها ، وتتمنى أن الذى تفكر فيه صحيحاً وليس كذباً …


بعد ربع ساعة ..


كانت " فريدة " تذهب إياها وإياباً بقلق ، وهي تدق على الباب المرحاض ، وهي تهتف بضجر  : 


ـ انا مش فاهمه انتى بتعمليه ايه عندك لده كله ، قولتلك اطلعى انتى وسيبه براحته . 


ختمت جملتها و تأففت بملل وضجر  ، وجلست على الاريكة تنتظرها ، عليها أن تصبر ، و…


قطع خيوط افكارها خروج " سلا " من المرحاض ، مما وقفت بسرعه وهى ترى وجهها العابس ، مما احتلت نبرة حزن على نبرتها بعد ما رأت وجهها  : 


ـ ايه ؟؟ ، طمنيني ؟؟  .


نظرت لها " سلا " بحزن ، مما " فريدة " أدركت الاجابة ، مما هتفت بهدوء ولكن بداخلها حزينة حقاً  : 


ـ متزعليش يا سلا ، جايز مش ده الوقت المناسب ، و…


قطعت حديثها ضحكه " سلا " وتلك الابتسامة تزين ثغرها ، مما طرق قلبها كالطبول بفرح وهى تهتف بسعادة  : 


ـ حامل صح ؟؟ .


هزت رأسها " سلا " واقتربت منها تعـ ـانقها ، مما صرخت " فريدة " من السعادة التي تغمرها وهي تهتف بحماس : 


ـ كنت حاسه مش قولتلك حامل ، احساسي مش بيكدب ابداً .


خرجت  " سلا " من اعانـ ـقها وهى تهتف بسعادة حقيقية : 


ـ مش قادره اصدق يا فريدة ، انا مبسوطه اوى ، بجد مبسوطه ، فرحتى مش سيعانى  .


بينما كانت الضحكات تملاً الغرفة ، ولكن كان هناك صوت انفجار رنان اخترق اللحظة السعيدة ، وكأن الزمن قد توقف للحظة ، لم تستوعب " فريدة " ما حدث فى البداية ، ولكن بصرها قد تجمد على " سلا " وهي تسقط ببطء ، كانت عيناها مفتوحتان من الصدمة ، صرخت " فريدة " بأسمها ، لكن صوتها كان مزيجاً من الرعب والحزن  .


تسقطوا أمام الاثنين بفعل الطلقات النارية التى كسرت زجاج الشرفة والشباك ايضاً ، نظرت الى " سلا " برعب التي أغمضت عينيها بإستسلام  .


لحظات السعادة التي كانت تغمرها قبل لحظات تحولت الى كابوس ، اغمضت عينيها بإستسلام لـ غيمة السوداء التي اتخذتها على الفور ، وهى تتمنى أن هذه اللحظات المرعبة لها قد تكون حلم وبعد قليل تفيق منه …


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة توتا محمود من رواية مقيدة في بحور عشقه، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية