رواية جديدة أرهقته حر با لتوتا محمود - الفصل 17 - 4 - السبت 30/11/2024
رواية أرهقته حربًا الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أرهقته حر با الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل السابع عشر
4
تم النشر بتاريخ السبت
30/11/2024
لم يتحدث ونظر إلى خاله الذي كان يتابع الموقف بصمت ، وحين نظر الي خاله وجد نظرات الشك الذى تروضه وتجعل عقله يصرخ بجنون ، هل يعقل أن هذا حلم كما يقولون؟؟؟ .
لا بالتأكيد فهو متأكد انه ليس حلم وانه حقيقة ، فهو شعر بهؤلاء يلمسون يـ ـده وبقوة ، ترك اطراف قميص «شهاب» ، وهو ينظر بلهفة إلى يـ ـده على الأقل يجد أي أثر على يـ ـده حتى يصدق أنه ليس حلم كما يقولون ، ولكن لم يجد أي أثر على يـ ـده مما قلبه خفق بجنون ، وجلس على الفراش بهدوء ونظر بشرود وهو يسترجع الأحداث التى مر بها منذ قليل ..
❈-❈-❈
إيطاليا
كانت السيدة تتقدم بخطوات مترددة نحو مبنى أنيق يشع بالفخامة والهيبة، يتوسط منطقة راقية في مدينة ميلانو ، بدأت المرأة في الأربعينيات من عمرها، ملامحها تحمل آثار سنوات من القرارات الخاطئة ، كان شعرها بنيًا داكنًا متناثرًا حول وجه شاحب، وعيناها تكشفان عن صراع داخلي بين الخجل واليأس.
كانت «عبير» في طريقها لمقابلة أحد الأشخاص الذين تعاملت معهم سابقًا عندما باعت جميع ممتلكاتها ، فهذا الراجل معروف بقدرته على شراء كل شيء، حتى الأشخاص.
عندما اقتربت من بوابة المبنى، ارتعشت يداها وهي تضع نظارتها الشمسية لتغطي عينيها المتورمتين ، وقفت للحظات، ثم ضغطت على زر الاتصال الموجود عند المدخل ، بعد لحظات، جاءها صوت خشن عبر مكبر الصوت :
ــ من؟
ترددت قليلًا قبل أن تجيب بصوت متهدج :
ــ عبير السكرى ،عايزه اشوف فيتوريو بيه لموضوع ضروري .
ظل الخط صامتًا للحظة قبل أن ينفتح الباب الكهربائي، مما دفعها للدخول.
❈❈❈
في الداخل
صعدت «ماريا» عبر المصعد المزخرف، قلبها ينبض بشدة كأن صدرها لا يتحمل. لم تكن تعلم ما الذي ينتظرها بالضبط، لكنها كانت متأكدة من أنها وصلت إلى الحافة. بمجرد أن وصلت إلى الطابق العلوي، فتحت الأبواب لتكشف عن مكتب فاخر مليء بالرخام الأبيض والنقوش الذهبية ، خلف المكتب جلس «فيتوريو»، رجل أربعيني بوجه بارد وصوت مفعم بالسلطة.
رفع رأسه ببطء عندما رآها، وابتسم ابتسامة صغيرة لم تلمس عينيه :
ــ ماريا، لم أتوقع رؤيتك مجددًا.
تقدمت بخطوات ثقيلة وجلست دون أن يُطلب منها ذلك ، وضعت حقيبتها على الطاولة ونظرت إليه بتوتر :
ــ السيد «فيتوريو»، أنا هنا لأنني...محتاجه مساعدتك .
مال الرجل إلى الأمام واضعًا ذقنه على يديه المتشابكتين، نظر إليها بفضول :
ــ وأي نوع المساعدة اللي عايزها مني؟؟
ارتبكت «ماريا»، أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تتحدث بصوت مرتجف :
ــ أنا بعت كل حاجه ، مفيش حاجه ابيعها عشان اعيش منها ، بس فكرت انك تكون مهتم بحاجة كده .
رفع حاجبيه متسائلًا بنظراته الحادة :
ــ وايه هي؟؟
أغمضت «ماريا» عينيها للحظة قبل أن تقول بهمس بالكاد مسموع :
ــ بنتى كاميليا النويري
نظر إليها «فيتوريو» بصدمة خفيفة، ثم ضحك ضحكة قصيرة وقاسية :
ــ انتِ جيتي هنا عشان تبيعي بنتك ليا انا؟؟
هزت رأسها والصمت يسود المكان ، مازال ينظر لها بحيرة من قسوتها علي إبنتها ، فـ الجميع يعرف من هو ، هو فيتوريو ذو شخص قاسي الطبع لا يرحم احد ابداً ، شخص ذو نفوذ عاليه ، وأفعاله هي التي تتحدث .
ظل «فيتوريو» ينظر لـ «عبير» بنظرات ثابته ، أشبه بشفرة حادة تخترق اعماقها ، رفع يـ ـده بهدوء وسندها على سطح المكتب ، ثم قال ببرود قاتل بعد ما فكر بتفكير عميق :
ـ ايه اللي يخليكى واثقة انى ممكن اشترى بنتك دى .
اجابته بلهفة وهي تنظر له بتوتر من نظراته الحادة :
ـ جوزى وهو بيشتغل عندكم سمع من والدك انه عايزك تتجوز …
قطعها نظراته الحادة التى خرجها من عينيها ، مما اكملت بتوتر وخوف كبير منه :
ـ مش مهم كاميليا تكون مراتك ، علي الاقل امتلكها وادانى انا الفلوس وامشي .
ظل فيتوريو ينظر إلى عبير بصمت للحظات طويلة، وكأن عينيه تحفران في أعماقها، مما جعلها تشعر بأن أنفاسها قد توقفت. بعد فترة، مال إلى الخلف على كرسيه الجلدي الفاخر، واضعًا ساقًا فوق الأخرى، ثم قال ببرود لا يخلو من السخرية:
ــ فكرتِ إن بنتك ممكن تكون حل مناسب لمشكلتي؟ يعني بدل ما أدور على زوجة بنفسي، انتي قررتي تقدميلي بنتك كصفقة؟؟؟
شعرت عبير بحرارة تتصاعد في وجهها، لكنها لم تتراجع، وقالت بصوت مهتز:
ــ أنا عارفة إن كاميليا ممكن تكون مفيدة ليك بأي طريقة تختارها ، هي صغيرة، وجميلة، و... وذكية ، ممكن تكون تحت أمرك في كل حاجة.
ضحك فيتوريو ضحكة قصيرة، لكنها كانت أشبه بطعنة في الهواء، وقال بحدة:
ــ وانتي فاكرة إني محتاج حد زيها؟ فاكرة إن حياتي فاضية كفاية، عشان أقبل بنت انتي بتبيعيها زي قطعة أثاث ؟؟
بينما أكمل وهو يهتف بفحيح وينظر لها بغضب :
ـ انا البنات كلهم بيتمنوا بس اشاره منى ويبقوا تحت رجلي ، تفتكرى مش هدور علي حد منهم وتكون زوجه ليا؟؟ .
واقف من الكرسي الذى يجلس عليه بحده وهتف بغضب وعينيه تحكى الكثير والكثير من الحدة :
ـ وجايلي عشان اتجوز بنتك؟؟؟ ، انا فيتوريو لياندرو ، البلد كلها بتحلم بس انها تعمل معايا صفقة وتقعد معايا زي قعدتك كده .
عبير كانت تجلس على حافة الكرسي، تشعر وكأنها صغيرة جدًا أمام غضب فيتوريو الذي يملأ الغرفة. كل كلمة خرجت منه كانت كسكين تقطع جلد كبريائها المتآكل. حاولت أن تسيطر على ارتجاف يديها، لكنها لم تستطع، فنظرت إلى الأسفل وهي تجمع شتات شجاعتها.
ــ أنا فاهمة إنك مش محتاج لأي حد... بس كاميليا مش زي البنات التانيين .
رفع فيتوريو حاجبه بنظرة ساخرة، وقال وهو يقترب منها بخطوات بطيئة وثقيلة:
ــ وإيه اللي يخليني أصدقك؟ إيه اللي يخليني أشوف بنتك مميزة؟؟
رفعت عبير رأسها ونظرت إليه مباشرة، عيناها تلمعان بمزيج من التوسل واليأس:
ــ كفاية انها هتكون حفيدة النويرى ، ولو مش عايزها كزوجة... خدها كأي حاجه انت عايزها ، أنا مش جاية أطلب شفقة، أنا جايه أقدم لك فرصة؟؟
توقف فيتوريو في مكانه، ونظرة غامضة ظهرت على وجه ، ذكر اسم عائلة النويري جعله يتراجع قليلاً عن غضبه، وبدأ يفكر بعمق ، عاد إلى مكتبه ببطء وجلس مرة أخرى، ثم قال بصوت منخفض :
ــ هي مش دي حفيدة حميدة النويري؟؟
هزت عبير رأسها بسرعة وقالت:
ــ أيوه حفيدة حميدة تحت رعايتها دلوقتي... بس ده مش هيستمر للأبد ، ممكن تكون ورقة كسبانة في إيديك.
ظل فيتوريو صامتًا للحظات، عيناه مثبتتان عليها وكأنه يزن كل كلمة قالتها ، ثم ابتسم ابتسامة باردة وسأل بفضول :
ــوحميدة نفسها تعرف عن زيارتك دي؟؟
شعرت عبير بعرق بارد يسري على جبينها، لكنها أجابت بثبات مزيف :
ــ لا، ما تعرفش... ولو عرفت مش هتسامحني وممكن تدفنى حية ، بس أنا عملت كده لأن مفيش قدامي حل تاني .
اقترب فيتوريو للأمام، وضع يديه على المكتب وسألها بنبرة مليئة بالسخرية :
ــ وإيه المقابل اللي عايزاه؟ فلوس؟ وضع اجتماعي؟ ولا مجرد جرعة جديدة من المخدر اللي مزهقك حياتك؟؟
شعرت عبير بالإهانة، لكنها لم تستطع الرد، فقط هزت رأسها وقالت بصوت مهزوز :
ــ عايزة فلوس... عايزة ابدأ من جديد.
ضحك فيتوريو بخفة، ثم قال بقسوة جعلتها ترتعش مكانها :
ــ كل حاجة ليها تمن، يا عبير... ولو قررت أقبل، مش هرحمك ولا هرحم بنتك ، فاهمة؟؟
ابتلعت عبير ريقها بصعوبة وهزت رأسها بالموافقة، وقالت بنبرة مرتعشة :
ــ فاهمة... ومستعدة لأي حاجة .
ظل فيتوريو صامتًا للحظات أخرى قبل أن يقول بهدوء خطير:
ــ طيب، هفكر في الموضوع... وهكلمك لما أقرر.
نهضت عبير من مكانها بسرعة، وقبل أن تغادر، نظرت إليه وقالت بصوت خافت:
ــ شكرًا، فيتوريو بيه.
تركته جالسًا في مكانه، وعيناه تلمعان بأفكار لم تفصح عنها كلماته ، بعد مغادرة عبير، جلس فيتوريو على كرسيه المريح، وعيناه مثبتتان على الباب الذي أغلقته خلفها. بدا وكأنه يتأمل كلماتها وتفاصيل لقائها الغريب معه. رغم غضبه الظاهر، إلا أن ذكر اسم "حميدة النويري" أثار شيئًا بداخله.
مد يده ببطء نحو زجاجة الويسكي الموضوعة على مكتبه، صب لنفسه كوبًا وأخذ رشفة، ثم وضع الكوب على الطاولة بصوت خافت، فهو لا يحتاج لنفوذ أن تسانده
فهو «فيتوريو لياندرو» صاحب أكبر نفوذ في البلد ،والجميع يخاف منه ومن عداوته ، فهو قال لها أن يفكر حتى يرى هذه الفتاة ، نعم فـ الفتيات تركض ناحيته ويسقطون تحت قدميه حتى يتمنوا فقط اشارة منه ، ولكنه لا يريد هكذا ، لا يريد فتيات هكذا ، فهو سيتزوج بالنهاية ولكن ليس من «كاميليا» بل فتاة أخرى ، إنما «كاميليا» تكون في حياته مجرد عشقة له لا أكثر ، ولكنه يريد أن يراها ، إذا اعجبته فهو موافق علي تلك الصفقه ويجعلها ملكاّ له ، وإذا لم تعجبه ، فهو سيلغي تلك الصفقة .
امسك هاتفه والفضول يأكله من الداخل حتى يرى صوره لها ، يريد أن يراها ، ويرى انها تستحق أن تبقى ملكه اما لا ، أخذ يبحث عن أسمها ، وبعد ثوانى جاءت لها صورها ، مما كتمت انفـ ـاسه من جمالها التى سرق عقله .
فيتوريو لم يستطع أن يبعد عينيه عن الشاشة وهو يتأمل صور كاميليا ، ملامحها كانت مزيجًا نادرًا من البراءة والجاذبية، مع عيون تشع بنور طبيعي يجعلك تشعر بأنها تخفي شيئًا أعمق مما يظهر على السطح ، شعرها الأسود الطويل، وبشرتها النقية، وابتسامتها الخفيفة كانت كفيلة بإثارة شيء غريب في داخله.
أخذ ينظر صوره خلف صوره خلف صورة وبقى هكذا نصف ساعة يتأمل ملامحها
استمر في التحديق في صور كاميليا وكأنها لوحات فنية أسرت روحه ، كل صورة كانت تحمل تفاصيل تضاعف فضوله .
ضحكتها الهادئة، عينيها اللتين تخفيان بحرًا من الأسرار، والطريقة التي تظهر بها براءتها وثقتها في آن واحد ، شعر بشيء غريب، شعور لم يختبره من قبل.
وضع هاتفه على الطاولة وأخذ رشفة أخرى من الويسكي ، بدا وكأنه يصارع أفكاره ، كان يعرف نفسه جيدًا ، لا يسمح لأي شيء أن يتحكم فيه، لكنه أدرك أن هناك شيئًا استثنائيًا في هذه الفتاة يجعله يفكر خارج قواعده المعتادة.
تمتم لنفسه بصوت منخفض ومازال جمالها لم يفارق عقله :
ــ جمالها مش عادي... بس مش ده المهم ، أنا محتاج أشوفها بنفسي.
نهض من كرسيه وسار إلى النافذة الكبيرة التي تطل على مدينة ميلانو، أضواء المدينة تتلألأ أمامه ، شعر أن هذه اللعبة التي بدأت لتوها ليست مجرد صفقة عابرة ، ربما هي بداية شيء أعمق.
أمسك هاتفه مرة أخرى واتصل بمساعده كارلو :
ــ كارلو، جهزلي كل المعلومات عن كاميليا النويري ، حياتها، تحركاتها، كل حاجة ، عايز أعرف عنها أكتر ما هى عارفه نفسها .
رد كارلو بحزم وجدية :
ــ تحت أمرك، سينيور لياندرو ، البيانات هتكون عندك خلال ساعات .
أنهى المكالمة وعيناه تلمعان بتصميم قوي بالنسبة له، كاميليا أصبحت أكثر من مجرد فتاة جميلة ، أصبحت لغزًا يريد حله، قطعة مميزة يريد إضافتها إلى عالمه.
جلس مرة أخرى على كرسيه، وأغمض عينيه للحظة، ثم فتحهما بابتسامة خفيفة، وكأن خطته بدأت تتشكل بالفعل. همس لنفسه :
ــ لو فعلاً زي ما بتظهر في الصور...فهى هتكون ملكى أنا.
في هذه اللحظة، لم يكن فيتوريو يعرف أن لقاءه المحتمل بكاميليا سيغير حياته بطرق لم يكن يتوقعها أبدًا.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة توتا محمود من رواية أرهقته حر با، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية