رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 12 - 4 الجمعة 22/11/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني عشر
4
تم النشر يوم الجمعة
22/11/2024
❈-❈-❈
سعل بحشرجة مؤلمة وهو ينفث دخان سيجارته التي لفها بيديه بعد أن وضع بداخلها التبغ المخلوط بالأعشاب المخدرة للحواس ويجربها ﻷول مرة كمحاولة منه لتغييب عقله حتى يتخطى الألم الذي يشعر به، ولم يكن من الصعب عليه الحصول على كم وافر من تلك الاعشاب المخدرة فهي موجودة بكثرة برفقة جيرانه من الشباب يتاجرون بها بالحارة على مرأى ومسمع من الجميع بالإضافة للكثير من الانواع الأخرى من المخدرات.
سحب نفساً أعمق بالرغم من عدم تقبله لمذاق دخانه ولكنه لم يكن بحالته الطبيعية، فقط يشعر بألم حاد يخترق قلبه والآن وبعد سحبه لذلك الدخان أنتشر الألم بكامل صدره.
دلفت والدته بعد أن ساعدت جارتها ورفيقة عمرها بتنظيف المنزل وترتيبه بعد انقضاء اللية والتي من المفترض أن تكون ليلة سعيدة إلا أنها كانت عكس ذلك على الجميع، اقتربت منه تنظر له باهتمام ولم يكن من الصعب عليها تمييز ما يدخنه بيده بسبب رائحته النفاذة التي انتشرت بالمنزل فهتفت فورا مستنكرة فعلته:
-ده حشيش يا حسن؟ هي حصلت تشرب حشيش!
رمقها بنظرة فاترة وصحح لها مبتسما بعدم اهتمام لردة فعلها العنيفة:
-ﻷ، ده بانجو يا أمه.
اتسعت حدقتيها رافضة للا مبالاته وتغيب عقله:
-ليه كده يا بني بس؟ ماهي كانت قدامك وطول عمرها بتتمني رضالك وأنت اللي...
قاطعها صارخا بحدة ايقظت أخيه النائم بالداخل:
-عرفت يا أمه أني ضيعتها من ايدي، عرفت أني كنت غبي ومحستش بوجودها غير لما راحت مني، مش لازم كل كلمه منك تقطميني بيها وتعرفيني أد ايه كنت غبي وحمار.
وقف حسين ناظرا لهما بحيرة ووالدتهما تعقب على أخيه الأكبر:
-فأنت بعد ما ضيعت ملك من ايدك عايز تضيع نفسك بالهباب اللي بتشربه ده مش كده؟
انتبه حسين على الفور لما تفوهت به والدته فتيقظت حواسه وأخيرا اشتم تلك الرائحة المنتشرة بصالة المنزل ونزلت نظراته لراحة أخيه الممسكة بالسيجارة فاندفع ناحيته ممسكا إياها وسحبها منه بقوة هادرا:
-جبت الزفت ده منين يا حسن؟ مين الحيوان اللي بعهولك؟
لم يجب بل حاول أن يسحبها منه من جديد، ولكن لم يستطع عندما ابتعد عنه حسين وهو يصيح:
-أكيد شطنوفي الزفت، ماهو واقف ليل نهار في الحارة بيبيع السم ده ﻷهل منطقته.
ألقى بها أسفل قدميه ودعسها بقوة فأنطفأت واقترب منه يفتشه حتى أخرج كيسا بلاستيكيا صغير الحجم وبه ما تبقى من تلك الاعشاب فناولها لوالدته يصرخ بها:
-أرمي القرف ده في الحمام يا أمه واقلبي عليه مايه.
فعلت امره دون تعقيب، كل هذا وحسن يقف أمامهما مغيب لا يصدر أي ردة فعل فتعجب أخيه من تأثير المخدر فهو ليس بتلك القوة فصر على أسنانه وسحبه داخل المرحاض واضعا رأسه أسفل المياه الباردة حتى استفاق وابتعد عنه يصرخ به:
-بس خلاص، ابعد عني بقى.
خرج يترنح فحاول حسين اللحاق به، ولكنه عندما وجد ذلك المدعو بشطنوفي وقف أمامه صارا على أسنانه وهدر به:
-أنت مخلط البانجو ده بايه يا بغل أنت؟
ابتسم له غير مهتم لعصبيته وأجاب:
-بفراوله.
أمسكه من تلابيبه هازا إياه بقوة وغضب:
-يا حيوان، أنت عارف أخويا مابيضربش القرف ده ويوم ما تديله حاجه تبقى مخلوطه بحبوب هلوسه!
دفعه الآخر بعيدا عنه وأخرج مديته من جيبه على الفور يشهرها بوجه حسين الذي اتخذ حذره عندما صرخت والدته وهي تقف على أعتاب بنايتهم:
-ألحق أخوك وبعدين اتخانق يا حسين.
هز رأسه ونظر أمامه يتوعد له:
-اما ارجعلك ليا حساب معاك يا ديل الكلب أنت.
رد عليه شطنوفي مستهزئا:
-والله انا قولت له معيش حاجه خفيفة والكلام اللي معايا تقيل عليك بس هو صمم، اعمله ايه؟ اقوله ﻷ مش بايعلك!
اقترب منه حسين وهمس له متوعدا:
-ﻷ، وانا عارف ان المعلم موصيكم عليه بالجامد أوي، بس خد بالك إن حسن مش لوحده ومتنساش اننا ولاد منطقه واحده وحق أخويا هييجي حتى لو اضطريت اشتكيك للي مشغلك.
حاول اللحاق بأخيه ولكنه لم يجده فظن أنه ربما صعد لخطيبته وتخوف أن يراه حماه على هذا الحال فهرع صاعدا كل درجتين معا، ولكنه لم يجده فطرق الباب لتفتح له سهر التي وجلت بسبب منظره فسألته بلهفة:
-حسين! في ايه؟
سألها بتردد:
-هو حسن مش هنا؟
نفت على الفور وقبل أن تسأله عما يدور خرج والدها يسأله والفضول اعترى ملامحه:
-ايه اللي هيجيب حسن هنا السعادي يا بني؟ هو ايه اللي حصل أصلا؟
ارتبك الآخر ورد كذبا:
-أصلي اتخانقت معاه فساب البيت فقولت يكون جه هنا.
اعتذر على ازعاجهم بذلك الوقت وغادر ولكن سهر هرعت لغرفتها تهاتف حبيبها الذي لم يجب إلا بعد رنات عده:
-نعم.
تعجبت من طريقته الحادة ولكنها تغاضت عنها وسألته:
-أنت فين يا حسن؟
تنهد مخرجا زفيرا كبيرا:
-سيبوني في حالي، مش عايز حد يكلمني.
اغلق معها وأطفأ هاتفه فتخوفت من فعلته وهاتفت أخيه لتفهم منه ما حدث، ولكن الأخير تهرب من الإجابه وأصر على روايته الأولى بنشوء شجار بينهما وهو الشيئ الذي لم تبتاعه الأخيرة فهي تعلم جيدا المشاعر المتخبطة التي يمر بها منذ ذلك اليوم الذي تحدى به كبير المنطقه لأجل تلك الصغيرة؛ فقررت أن تفعل المستحيل لتحافظ عليه وتعيده لعقله وقلبه الذي عشقها منذ الصغر، ولا زال يعشقها.
انتظرت حتى غفى والديها وارتدت ملابسها وتسحبت بخفة وخرجت من المنزل قاصدة منزل الزوجية لتأكدها أنه ليس له ملاذ يذهب له غير هذا المكان.
فتحت الباب بالمفتاح الخاص بها لتتفاجئ بكم كثيف من الدخان المحمل برائحة لم تكن تشتمها للمرة الأولى فالحارة وما بها من سكان يدخنون بأفراحهم كافة الممنوعات التي يتاجرون بها.
دلفت بخطوات متهادية لتجده يجلس أرضا فلا يوجد أثاث بالأصل ليجلس عليه، ولكن ما أضناها حزناً وألما هو حالته الحزينة وثمالته ليس فقط من إثر المخدر الذي دخنه، ولكنها لمحت العديد من زجاجات البيرة الفارغة بجواره وأخيرة يمسكها بيده يشرب آخر جرعة بها.
بكت بصمت وهو حتى الآن لم ينتبه لوجودها حتى همست بصوت متحشرج وحزين:
-للدرجة دي اللموضوع مأثر فيك يا حسن؟
رفع وجهه متفاجئا ورمش عدات مرات كمحاولة فاشلة ليستفيق من ثمالته وهي تتابع:
-للدرجة دي مشاعرك ليا كانت كدب في كدب!
وقف فورا وتمتم بإسمها وظن أنها ربما جاءت لتنهي علاقتهما بعد أن تعرى تماما أمامها وأصبحت مشاعره مكشوفة، ولكنه اندهش عندما اقتربت منه ووضعت راحتها على وجهه تهمس برقة قاصدة أن تذيب قلبه الذي تحجر ناحيتها:
-حسن.
انتبه لها يحاول التركيز بحديثها:
-أنت بطلت تحبني؟
تساؤلها بتلك الرقة جعلته يجيبها بلهفة دون تفكير:
-ﻷ طبعا ايه الكلام ده؟ أنا بحبك يا سهر ومحبتش حد غيرك في حياتي كلها.
بكت رغما عنها وسألته:
-أومال أنت عامل كده ليه عشانها؟
توقفت عن الكلام بعد أن تملكها البكاء فانهارت تبكي بين أحضانه ولم تستطع التماسك وهو يبرر لها وقد استطاع أخيرا أن يفيق قليلا لتخرج حروفه صحيحة ومفهومة:
-بحبك يا سهر بس ملك دي أنا مربيها ومش قادر لا اقبل اللي بيحصل لها ولا عارف اتعايش إن مليش لازمة ومعرفتش أحميها من المعلم رشوان.
مسح على ظهرها وتابع:
-أنا مش عارف بجد أمتى وازاي مشاعري بقت كده ناحيتها، بس اللي متأكد منه أنك حبي الأول والأخير وإلا مكنتش أتجوزتك، وأنتي عارفه ومتأكده من ده.
ابتعدت عنه خطوات ورمقته بنظرة متخاذلة وتحدثت من بين بكائها الغزير:
-أنا مش شايفه ده؟ أنا شايفه واحد خسر حبيبته وقهران وبيدمر نفسه عشانها.
سحبت نفسا عميقا بداخلها وزفرته وأكلمت:
-من امتى بتشرب بيرة ولا بانجو ولا حشيش؟ ده أنت عمرك ماعملتها يا حسن، حتى وصحابك بيعزمو عليك في فرحنا مرضتش.
تخازلت تظراته فأطرقها ﻷسفل ولكنه عاد لرفعها متفاجئا عندما تسائلت:
-تحب نتطلق؟
نفى فورا واقترب منها يسحبها بداخل حضنه بلهفة:
-ﻷ طبعا، أنا مقدرش أعيش من غيرك يا سهر أرجوكي بلاش التفكير ده واقفي جنبي، أنا تعبان ودماغي مسوحاني ومش عارف الاقي حل لنفسي.
ترجاها وعيونه ترقرقت بالعبرات:
-اقفي جنبي وساعدني اعدي الفترة دي لحد ما....
قاطعته رافضة:
-اساعدك عشان تنساها يعني؟ أنت سامع نفسك؟
نفى يوضح لها:
-ﻷ، ساعديني أرجع لحسن اللي بتحبيه، حسن اللي عقله يوزن بلد وعارف يتصرف صح في كل لأوقات، اللي أنا فيه دلوقتي مش حب لملك يا حبيبتي، ده عجز، شعور وحش اوي بالعجز ناحيتها وهي اترمت رميه محدش يرضاها ولا لأعدائه.
سحبها داخل حضنه ودفنها بأضلعه وهو يؤكد:
-حبي ليكي زي ما هو وعمره ما هيقل ولا يتغير.
رفعت وجهها تنظر له نظرات ذات مغذى فهمهما هو عندما ارتفعت بجسدها تحاول الوصول لشفتيه لتقبله ولكنه منعها متمتما:
-سهر، بلاش.
بكت من جديد وهي تظنه يرفضها بسبب مشاعره المختلطة ولكنه فسر رفضه بعد تجهم وجهها:
-انا مش في وعيي ومش ضامن نفسي لو بدأنا حاجه اني مكملهاش.
ابتسمت له تحيط عنقه بذراعيها وسألته:
-يعني أنت مش فايق دلوقتي؟
ابتسم عندما داعبت عنقه بسبابتها وقد دبت قشعريرة لذيذة سرت بكامل جسده:
-يعني مش حاسس بده.
شاكسته أكثر وطبعت قبلة رقيقة على عنقه:
-ولا حاسس بده.
ابتلع رقه بتباطئ وهو يقول:
-المشكلة أني حاسس بكل حاجه بس مش واثق اني هقدر مكملش اللي هنبدأه.
تعلقت أكثر وأكثر بعنقه وهي تهمس بجوار أذنه:
-حتى لو، مش أنت جوزي برده؟
هز رأسه دون تعقيب فأضافت:
-خلاص يبقى أنا حلالك وأنت حلالي وكل حاجه تانيه مش مهمه يا حسن.
أنهت حديثها تطبع قبلة عميقة على شفتيه تجاوب معها على الفور ورفعها محتضنا إياها لتصل لطوله وظل يقبلها حتى انقطعت أنفاسهما وغابا عن عالمهما.
إلى حين نشر فصل جديد من رواية حارة الدخاخني للكاتبة أسماء المصري، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية