رواية جديدة مقيدة في بحور عشقه لتوتا محمود - الخاتمة - 4 - الأحد 17/11/2024
قراءة رواية مقيدة في بحور عشقه كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مقيدة في بحور عشقه
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الخاتمة
4
تم النشر يوم الأحد
17/11/2024
بعد خمس سنوات ..
كانت هى تضع أخر طبق فى السفرة ، فهى جهزت الأكل بنفسها هى و «فريدة» ، فـ اليوم ، يوم الجمعة ، اليوم الذين يتجمعون فيه جميعاً كعائلة واحدة .
تنهدت وهي تنظر الى السفرة التي كانت ممتلئة بالأطعمة الشهية والتى كانت مفضلة لهم ، نظرت الى «فريدة» التى تبتسم لها ، نظرت لها بتوتر ونظرت الى السفرة التي ممتلئة بأنصاف الأطعمة الشهية :
ـ أنا حاسه ان فى حاجه ناقصة بس مش عارفه ايه هى .
قلبت عين «فريدة» بملل واضح وهى تهتف بسخرية :
ـ مفيش حاجه ناقصه ، انتِ كل مرة بتعملى كده ، وبيبقى مفيش حاجة ناقصة .
كادت أن تتحدث ولكن قاطعها «بيجاد» وهو يهتف بسعادة ويعانـ ـق زوجته من الخلف :
ـ متتريقيش على مراتى ، ده تسلم ايديها .
ختم جملته و قبـ ـل يـ ـديها بُحب مما ابتسمت «سلا» بحُب ، نظرت «فريدة» بملل لهم :
ـ خليك قاعد مع مراتك ، لانك لو قعدت معاها هتقول فى حاجة ناقصة ، فى حاجه ناقصه ، لحد ما هتزهقك .
قبـ ـل «سلا» من خديها الايمن وهو مازال يعانـ ـقها من الخلف :
ـ برضوا حد يزهق من الحلويات كلها .
كادت «فريدة» أن تتحدث معلقاً على حديثه ولكن خطوات «مالك» الذي كان يحمل طفل منه ، نسخة من «مالك» ، وحين رأتهم عانـ ـقتهم بقوة ، مما طفل التى كان نسخه من «مالك» عانـ ـقها بلهفة مما عانـ ـقته وأخذت تـ ـقبله بُحب ، وخلفهم كان «شريف» يعانـ ـق يـ ـد إبنته «إيلا» ، وحين «إيلا» رأت «سلا» عانـ ـقتها باشتياق .
فـ «إيلا» انتقلت العيش مع أبيها ، و «شريف» اشترى بيت جديد حتى يعيش مع «إيلا» إبنته و والدته وأشقائه ، فـ والدتها عرفت الحقيقة ، وانه فعل هكذا حتى يساعد «بيجاد» ، وتقبلت هكذا ، وعادت علاقتها مع أبنها من جديد ، وعاشوا كـ عائلة واحدة ، و «إيلا» تقابل «سلا» يومين فى الأسبوع وأكثر من ذلك فهى قطعة من شقيقتها ولا تستطيع أن تتخلى عنها .
جلسوا على السفرة جميعاً ، كان بيجاد يجلس فى رأس السفرة وبجانبه الأيمن «سلا» التى تحمل طفل ذو خمس سنوات وهو «مازن» التى اصرت انها تسمى ابنها على اسم شقيقها ، وبجانبها «فريدة» التى تمسك طفلها «يزن» فهى عاشت اجمل خمس سنوات مع زوجها ، كان حنون معاها لين فى خصامه ، ولا يتركها ابداً أن تبتعد عنه او عن احضـ ـانه .
وبجانب «فريدة» و «مالك» ، العمة «صباح» التى تضحك وتمرح وتتحدث مع «بيجاد» ، تارة تتحدث مع «بيجاد» ، وتارة تلعب مع «إيلا» و «مازن» الصغير ، فهى تحمل «مازن» بين يـ ـديها طول الوقت ولا تتركه ابداً .
فـ «سلا» كانت لا تعرف المعلومات عن الأطفال وعن ما يشعرون ، وكيف تتعامل معه ، لان هذه اول مرة بنسبة لها ، ولكن بوجود العمة «صباح» ، كانت تعطى لها معلومات عن الأطفال وما الذي يجب عليها أن تفعله ، واغلب الاوقات «مازن» يظل طوال الوقت معه «صباح» .
وبجانب «ببجاد» جانبه الأيمن ، كان يجلس «شريف» وهو يضحك مع صديق عمره وتارة يتحدث مع «مالك» بمرحه المعتاد ، وبجانب «شريف» كانت تجلس «إيلا» تأكل بهدوء وتشاركهم الضحك والمرح أيضاً .
فهى تشبة «تمارا» كثيراً ، بل هى نسخة من «تمارا» ، كل ما «سلا» ترى فيها «إيلا» تبكى فى اعنـ ـاقها ، كأنها تعانـ ـق شقيقتها .
❈-❈-❈
كانت الأجواء مليئة بالحب والدفء على طاولة السفرة، حيث تعالت الضحكات والحديث المرِح بين الجميع ، كل منهم مرّ بألم وصراع، لكنهم اليوم يجتمعون كعائلة قوية تمسكت ببعضها رغم كل ما حدث .
جلس «بيجاد» في رأس الطاولة ينظر إلى الجميع بابتسامة فخر ، كان يراقب «سلا» وهي تطعم صغيرها «مازن» بحب، وتضحك على دعابات «مالك» الذي كان يلعب مع ابنه «يزن» ، كان المشهد مليئًا بالحياة، وكأن الجراح الماضية تحولت إلى قوة تعيد بناءهم.
قال "مالك" وهو يضع «يزن» على حجره :
ــ يعني يا بيجاد، مين كان يصدق إننا هنقعد هنا كلنا ونكون عيلة بالشكل ده؟! أنا حتى ما كنتش متخيل أكون أبو يزن .
رد عليه «شريف» بابتسامة واسعة وهو يمسك يد «إيلا» :
ــ وأنا كمان، رجعت لحياتي ورجعت بنتي. كل ده بفضل وقفتكم جنبي .
فـ «شريف» رفض أن يتزوج ، لأن لهذه اللحظة يحُب «تمارا» بجنون ، لا يزال قلبه ينبض بجنون بأسمها ، نعم فهى فارقت الحياة ، ولكنه على قيد الحياة فى قلبه .
قالت «فريدة» وهي تمسك كوب العصير :
ــ الحمد لله على كل حاجة، بس أظن إن اللي يستاهل التحية هو مازن ، اللي ضحى عشان نكون مع بعض النهارده .
تقصد «مازن» شقيق «سلا» رحمة الله عليه .
نظرت "سلا" إلى ابنها «مازن» الذي كان يشبه اسمه في الشجاعة والقوة، وقالت بهدوء ودمعة خفيفة في عينها :
ــ مازن ما ماتش... هو موجود في كل حاجة حوالينا. موجود في ضحكة ابني، في لمتنا دي، وفي قلوبنا كلنا .
ربت "بيجاد" على كتفها بحنان وقال :
ــ صح. مازن كان بطل، وضحى عشان اللي بيحبهم ، وإحنا لازم نفضل فاكرين ده ونعيش بالطريقة اللي تخلينا فخورين بيه .
رفعت "إيلا" رأسها وسألت ببراءة :
ــ يا عمو بيجاد، ماما سلا بتقول إن خالو مازن كان شجاع قوي ، لما أكبر، هبقى شجاعة زيه؟؟
ضحك الجميع من براءة سؤالها، ورد «بيجاد» وهو يمد يده ليمسك يدها الصغيرة :
ــ إنتِ شجاعة دلوقتي يا إيلا، وبكرة هتبقي أكتر شجاعة ، لأنك بنت تمارا .
ابتسمت "سلا" وهي تضم "إيلا" بحنان :
ــ وأنا هكون هنا عشان أساعدك تكوني أقوى وأحسن.
بينما غابت الشمس واستقر الجميع على الطاولة، كان الجو مليئًا بالدفء. تحدث «بيجاد» وهو يرفع كوبه :
ــ "النهارده يوم مميز. مش بس عشان إحنا مع بعض، لكن عشان رغم كل اللي مرينا بيه، قدرنا نفضل واقفين .
رفع الجميع كؤوسهم بشغف، وكل منهم يحمل في قلبه ذكرى من الماضي وأمل كبير في الغد .
كانت هذه البداية الجديدة لعائلة وجدت في الحب والصداقة الأمان الذي حرمت منه لسنوات ، ورغم الجراح، قرروا أن يجعلوا من الألم قصة انتصار، ومن الخسارة فرصة للحب الحقيقي .
قطع لحظات ضحكتهم صوت رنين هاتف «بيجاد» ورأى المتصل وجد الضابط الذى يعمل معه قبل خمس سنوات مما استأذن منه ، ورد عليه :
ـ الو
رد عليه الضابط وهو يضحك بسخرية :
ـ ايه يا بيجاد مش كفاية اجازة بقى وتنزل شغلك ، عندنا مهمة جديد .
مما ابتسم وهو ينظر الى عائلته التى يضحكون ويلعبون معاً ، مما هتف بهدوء :
ـ بس انا منزلتش اجازه انا استقلت .
وقف الضابط وهو يهتف بصدمة :
ـ بس ده شغلك اللى بتحبه ، ازاى قدرت تتخلى عنه؟؟ .
مازال «بيجاد» يبتسم على ضحكة «سلا» على حديث «صباح» و «فريدة» :
ـ انا بحب عائلتي أكتر من اى حد ، وغلطة الماضى مش هكررها ، مش هعرض حياة عائلتي للخطر تانى ، وهستكفى بشغلى اللي في الشركة واكبر شركاتى ، مع انها مش محتاجه تكبر و كفاية اسمى اللى فى السوق .
أجابه الضابط ببعض الحزن ، فهو حزن كثيراً حين «بيجاد» تخلى عن عمله ، فـ «بيجاد» من اكفأ واشطر عميل سرى فى فريقه :
ـ حاول تفكر تانى يا بيجاد و….
قاطعه «بيجاد» وهو يهتف بسعادة حقيقية حين رأى عائلته امامه بأكملها يضحكون :
ـ انا فكرت خلاص ، وده اخر قرار عندى ، عن اذن حضرتك
عاد «بيجاد» اليهم حيث اجتمع أحباؤه، بابتسامة مليئة بالسلام والراحة، وكأن ثقلاً كبيراً قد أُزيل عن كاهله.
نظرت «سلا» نحوه وهي تحمل صغيرها "مازن" وسألته بفضول :
ــ مين كان بيكلمك؟
أجابها بهدوء وهو يحمل «مازن»عنها :
ــ الضابط اللي كنت بشتغل معاه فى فريقه كان بيحاول يقنعني أرجع... لكن قراري النهائي إني أكون هنا، معاكم .
ارتسمت على وجهها ابتسامة امتنان خفيفة، ثم قالت بصوت خافت :
ــ عملت الصح يا بيجاد، إحنا محتاجينك هنا أكتر من أي مكان.
قاطعهما "مالك" ضاحكاً غير مصدق ما يسمعه :
ــ "وأنا مش مصدق! بيجاد الجمالى، ملك المهمات الخطيرة، قرر يعتزل، ويركز في شغله في الشركة؟ معقول ده ؟؟ .
ضحك الجميع، لكن «بيجاد» نظر إلى «مالك» بجدية وابتسامة متزنة، وقال :
ــ يمكن زمان كنت أظن إن المغامرة والشغل هم حياتي... لكن بعد اللي شفته والناس اللي ضحوا عشاني، أدركت نقطة ضعفى اللى عائلتى ، يبقى استحاله اعرض حياة عائلتي للخطر .
جلست "فريدة" بجانب "مالك" وهي تضع يدها على كتفه، وقالت :
ــ وأنا أؤيد قرارك، مفيش أغلى من إنك تكون مع عيلتك ، المغامرة الحقيقية هي أنك تعيش بسلام وتحافظ على الناس اللى بتحبهم .
نظر «بيجاد» نحو "سلا"، التي كانت تراقب طفلها «مازن» بين احـ ـضان «بيجاد» ، ثم قال بحُب :
ــ "والمغامرة الأجمل... إننا نربي جيل جديد، نعلمهم معنى الحب، التضحية، والقوة .
قد حل المساء ،والساعة أشرت الى الساعة الثامنة ، بدأ الجميع ينهضون عن الطاولة، بينما اقتربت «سلا» من "بيجاد" وأمسكت بيده ، نظرت إلى الأفق وقالت بحُب :
ــ الحياة ممكن تكون مليانة صعاب، لكن الأهم إننا نقف قدامها مع بعض، إيد واحدة .
شدّ على يدها بحنان وهو يقـ ـبلها من خديها بحُب :
ــ "طول ما أنا جنبك، وجنب عائلتنا، مفيش حاجة تقدر تهزنا .
رفعت "إيلا" رأسها الصغيرة وقالت بابتسامة عريضة :
ــ وأنا كمان هكون قوية زي خالو مازن!
ضحك الجميع على جملتها المعتادة ، وكانت اللحظة مليئة بالأمل والسعادة.
كانت الحياة مليئة بالتحديات، لكن «بيجاد» و«سلا» اختارا مواجهة المستقبل بقلب مليء بالحب وقوة مترابطة، كانت عائلتهم هي الحصن، والمغامرة الحقيقية التي تستحق كل التضحية .
يتبع...