رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - اقتباس الفصل 12 الأحد 17/11/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
اقتباس
الفصل الثاني عشر
تم النشر يوم الأحد
17/11/2024
❈-❈-❈
لم يستطع رشوان كبت غضبه وحنقه فرفع صوته بعصبية:
-اعدل نفسك معايا يا يوسف أنا واخد بالي كويس من تصرفاتك ومتفتكرنيش مش عارف تحركاتك وبتعمل إيه.
انتبهت ملك على الفور لحديثه وتخوفت أن يكون قد عنى بتلك الجملة هو معرفته بتعاونه مع الأمن الوطني وقد كان عندما أضاف رشوان:
-الظابط اللي بتقابله ده مش هينفعك، أنا ساكت عليك عشان خاطر ملك، ملك وبس يا يوسف لاني شيلتك من خانة الأمانه اللي كنت حاطك فيها بعد ما خونتني، واللي مصبرني عليك هي ملك.
أغلق الهاتف دون انتظار لتعقيب لا منه ولا ممن حوله والتفت لوالدة يوسف يحدثها بأريحية وكأن شيئاً لم يحدث:
-أنا هاخد ملك افسحها شويه ومش هنتأخر.
ظلت والدتها تنظر له بشرود فضحك بسخرية والتفت يسحب ملك من راحتها بعد أن خلل أنامله بخاصتها وخرج صوب سيارته المصطفة أمام الباب، وفتح لها بلفتة رقيقة منه فجلست وكل تفكيرها وتركيزها بأخيها الذي انكشف أمره بهذا الشكل أمامه.
وصل لبوابة المطعم الفاخرة ودلفت معه لتتفاجئ بصالة الطعام الفارغة تماما فلا يوجد بها سوى العاملون يرصون الأطباق للأصناف المختلفة على مائدة تنتصف المطعم؛ فاقتربت معه وسحب مقعدها لتجلس هي والتوتر قد احتل ملامحها وظهر جليا على حركاتها:
-الله.
قالتها تحاول إخفاء ما تشعر به من رهبة وخوف على أخيها فابتسم لها بعد أن جلس أمامها بسمة تكشف عن أسنانه وكأنه يقرأ ما بداخلها:
-عجبك المكان؟
أومأت ببسمة مرتعشة وابتلعت ريقها:
-تحفه، كل مره بتخرجني بنروحو مكان أول مره اشوفه في حياتي.
مد راحته ووضعها على خاصتها المسندة أمامها وملس عليها:
-ولسه، بكره أسفرك تتفرجي على العالم كله كمان.
لم تجد رد على حديثه فأطرقت رأسها عندما وجدته يحدق بها بشكل أثار ريبتها ولم ترفع رأسها إلا عندما تحدث بصوت أجش:
-كنتي تعرفي إن أخوكي بلغ عني؟
ابتلعت بصعوبه وعلى صدرها بفعل تنفسها الخائف ونظرت له ترجوه بعينيها:
-أيوه، وقولته ميعملش حاجه وهو وافق والله وأنا متأكده إنه انهارده لو كان مع الظابط ده فأكيد عشان يسحب البلاغ بتاعه.
قضم داخل فمه وهز رأسه عدة مرات فقادها فضولها أن تعرف بعض الحقائق أو ربما معلومات قد تساعدها إما بإفلات أخيها من عنق الزجاجاة التي حبس بداخلها أو حتى بالاستفادة بأي شيئ كان:
-هو أنت فعلا تعرف توصل للراجل اللي قتل ابويا؟
حدجها بنظرة مخيفة لكنها لم تتراجع بل أضافت:
-كلام يوسف صح وكنت عارف مكانه وبتشتغل معاه لحد دلوقت؟
أومأ بعد أن رفع عنقه عاليا بشموخ ليظهر لها هالته المخيفة ولكنها وئدت إحساس الرهبة وأقسمت بداخلها أن تستفيد بكل لحظة قوة أو ضعف معه:
-وليه خبيت عننا إنك تعرف مكانه؟ ليه ماأخدتش حقك وحق أبويا منه؟
تعجب من معرفتها تلك الأحداث فهي بالماضي القريب لم تكن تعلم بحقيقة موت والدها من الأساس بل ظنت أنه تركهم ورحل دون أن ينظر وراءه:
-معنديش سلطه أقدر أعمل بيها ده؟ لو كان الناس اللي شغال معاهم وافقو مكانش عاش يوم واحد بعد اللي عمله.
رمقته بنظرة مطولة ورسمت على وجهها نظرات حزينة ورققت من صوتها بشكل مبالغ فيه كنوع من استدراج عطفه:
-هو بابا مش كان واحد من رجالتك؟ ازاي قبلت يتعمل فيه كده وتسيب تاره؟
بكت بتصنع وسحبت ماء أنفها الزائف بداخلها فاقترب من مقعدها حتى أصبح ملاصقا لها واحتواها بذراعه يربت عليها:
-ابوكي كان دراعي اليمين يا ملك وأنا مسكتش على اللي حصله، بس أنا في ناس أكبر مني أجبروني ماأخدش تاره.
وكأنها وصلت لمبتغاها فرفعت وجهها له تركز بصرها بحدقتيه:
-أهو البوليس دخل ليوسف من النقطه دي ووعدوه يجيبوله حق بابا.
صمتت برهة وعادت لتكمل:
-يوسف كل اللي عايزه ياخد تار بابا، وزعل منك أوي لما عرف إنك ضحكت عليه كل السنين دي وكنت عارف مكان الراجل ده وخبيت عليه.
مد راحته ومسح عبراتها المصطنعة أسفل حدقتيها وتكلم بصوت هادئ بعد أن غير نبرته الخشنه ﻷخرى رقيقة:
-صدقيني يا ملك أنا لو عليا مكانش طلع عليه نهار وقبل ما أدفن ابوكي كان هو اتدفن بس.
صمت ساحبا نفسا عميقا وطرده بقوة فهتفت هي بعد أن شعرت بالنصر أخيراً:
-طول ما الراجل ده عايش حياته لا أنا ولا يوسف هنرتاح يا رشوان، لازم يتسجن.
اتسعت عينيه بالذهول مرددا بتعجب:
-يتسجن!
أومأت مؤكدة:
-لو وقتها مقدرتش تاخد حق بابا عشان الناس اللي أنت شغال معاهم فدلوقت محدش يقدر يربط اسمك بيه مش كده ولا ايه؟
لم يفهم مغذى حديثها وفهمت هي نظراته المترددة فتابعت وضع خطتها ذات المدى الطويل:
-أنت أكيد عارف عنه حاجات كتير تسجنه، وبلاغ من مجهول وساعتها هناخد منه حقك وحق بابا.
ضحك فور أن انتهت من حديثها:
-بلاغ!
علت ضحكاته وظل هكذا حتى رأى امتعاض وجهها من سخريته:
-مين قالك إن يوم ما احب آخد حقي وحق ابوكي منه هبلغ عنه؟ أنا صبرت عليه كل السنين دي عشان ايد الحماية اللي محطوطه عليه من الناس اللي شغالين معاهم، وأول ما الحماية دي تتشال فأنا هخليه عبره وسط العالم وبكره تشوفي.
اتكئت بمجلسها على المقعد وها هي تفوز من جديد بعد جولات وجولات لم تعرف طعم الفوز بها:
-اسمع يا رشوان أنا عايزه اقولك كلمتين بما إن الوضع بينا اتغير.
التفتت له بجسدها حتى أصبح وجهها مقابلا له:
-أنت بقيت جوزي وأنا كنت ناويه اقولك على موضوع يوسف بس بعد ما آخد منك الأمان له، ومش عشان أنا خايفه منك بس عشان لا عيزاك تتأذى ولا تأذي أخويا، في النهاية أي واحد منكم هيقف قدام التاني أنا اللي هبقى في النص بينكم.
أعجب بحديثها تلك الطفلة التي كبرت أمامه ولم يكن يعلم مدى كبر عقلها:
-أنا مش هقدر أقولك إحساسي ايه لما عرفت إن بابا مات وكل السنين دي كنت عايشه على أمل أنه يندم عشان سابنا ويرجع لنا في يوم من الأيام، بس خلاص حتى الحلم ده راح واتحط مكانه حقيقة مؤلمة جدا أنه مش بس مات.
صمتت تبكي بوجع وتغبرت نبرتها للحزن فبح صوتها من إثر بكائها المستمر:
-ده اتقتل، الحقيقة دي لوحدها دمرتني بس عارف ايه اللي دمرني أكتر.
انتظرها أن تخبره بإجابة سؤالها ففعلت دون انتظار:
-انه طلع دراعك اليمين، يعني بابا مش بس كان شغال معاك زي يوسف، ﻷ ده دراعك اليمين يعني بيشتغل في التهريب.
لم ترد إخباره أنها تعلم حقيقة عمله بالكامل حتى لا تكشف جميع أوراقها بهذا الشكل بالرغم من علمها أنه لن يصعب عليه معرفة حقيقة ما تخطط له:
-أنا عارفه إن شغلك الاساسي هو التهريب ومش قادره أوافق إن جوزي يكون بيشتغل ضد القانون بس قولت يمكن قدام لما نبقى مع بعض أعرف اقنعك تبطل الشغل الخطر ده، بس لما عرفت إن بابا كمان كان شغال مهرب الدنيا كلها اسودت في وشي وزعلت أوي منك ومن بابا ومن يوسف اللي خبى عننا الحقيقة دي.
عقب عليها وهو يقبل راحتها من الداخل بشكل أثار حنقها تجهاهه فسحبتها بسرعة؛ فابتسم ظننا منه أنها شعرت بالخجل لا الإشمئزاز:
-حقك عليا يا روح قلبي، وحقك فتحي هاخده منه بس في الوقت المناسب وبأيدي وهخلي الكل يعرف إني أخدت بتار ابوكي.
إلى حين نشر فصل جديد من رواية حارة الدخاخني للكاتبة أسماء المصري، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية