-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 27 - 3 - الجمعة 15/11/2024

 

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل السابع والعشرون

3

تم النشر الجمعة

15/11/2024

❈-❈-❈

توقفت لحظة، ثم نظرت لها بحيرة: 


"معرفش بقا بصراحه، أنت أتحطيطي في نفس الموقف قبل كده فموضوع رضوي بنتك، وكنتي رافضة جدًا الجواز زيي كده"


بابتسامة خفيفة، أجابتها بحكمة:


_ "والله ده بقا يأكدلك أنك لازم توافقي وتعرفي البنت الأول... أنا كنت رافضة خايفة فرق السن يأثر علي علاقتهم، بس لما لقيت رضوي متمسكة بيه وموافقة، وافقت علشانها، وأهو دلوقتي ربنا يهدي سرهم كويسين مع بعض الحمدلله، وهي مبسوطة جدًا ومرتاحه معاه.... جربي أنت كمان زيي".


نظرت لها بحيرة، عيونها تلمع بالشكوك، وتخبط في أعماقها، بينما كانت شبه مقتنعة بما قالته الأخرى، لكنها ما زالت لا تستطيع التخلص من أفكارها المتناقضة. أقتربت منها الأخرى، تربت على يدها برقة، تبتسم لها بحنان، محاولة أن تكون الدعم الذي تحتاجه، كما لو كانت تدعوها للخروج من دوامة القلق. انتبهوا لصوت حمحمة تبعتها دخول "رضوى" بهدوء، تقول:


_"أزيك يا طنط مديحة".


ردت عليها بهدوء، لكن ملامح وجهها كانت متجهمة، وعينيها الزائغتين دلت على أنها مشغولة بأمور أخرى غير الحديث مع "رضوى". بصوتٍ هادئ، قالت:


_"الحمد لله يا حبيبتي بخير... بعد إذنكم أنا هقوم أشوف طارق فطر ولا لسه؟"


خرجت تترك لهم المساحة، وأغلقت الباب خلفها بهدوء، تاركةً "رضوى" في حالة من الارتباك. أقتربت ، وجلست مكان "مديحة" السابق على الطاولة المستديرة في وسط المطبخ الكبير. كانت الغرفة واسعة وصامتة، لكن ضجيج أفكارها كان يعكر صفو المكان. وضع قلبها في مكانه، لكنه كان يكاد يخرج من صدرها نتيجة الحيرة التي تغمرها. عيونها كانت تبحث في الفراغ، لكنها كانت عاجزة عن إيجاد أي إجابة. سحبت والدتها الكرسي المقابل لها، وجلسَت هي أيضًا، لكن وجهها بدا مشوشًا، ملامحها تنبئ عن القلق الذي يشغل قلبها، ثم تساءلت بقلق:


_"مالك يا رضوى؟"


أستندت  بذراعها على سطح الطاولة، أصابعها كانت تعبث بحواف الطاولة، وهو ما يعكس اضطرابها الداخلي. رفعت رأسها ببطء، وحينما نظرت لوالدتها، كان في عينيها شيئًا من التردد والحيرة. قالت بإحباط:


_"نينة حنان طالبة تتكلم معايا".


عقدت والدتها حاجبيها، ونظرت إليها بعينين تحملان الكثير من الحذر والتساؤل. لم تكن متأكدة مما يجري، لكن القلق بدا واضحًا في ملامح وجهها:


_"وده بقى اللي مخلي وشك أصفر بالشكل ده؟ ما عادي يا حبيبتي فيها أي؟"


زفرت" رضوى "بتخبط، وكان يبدو على وجهها أنها في معركة داخلية. عينيها متسعتين، وكأنها تبحث عن جواب لم تجده بعد. أصابعها كانت تحك أظافرها بقوة، محاولة تهدئة نفسها، لكنها لم تفلح في إخفاء القلق:


_"مش عارفة، أنا خايفة مش مرتاحة؟"


كانت نظرات والدتها مشبعة بالقلق، وجسدها يميل قليلًا إلى الأمام، كما لو أنها تريد أن تكون أقرب إليها، لعلها تجد مخرجًا لتلك الدوامة التي تعيشها ابنتها:


_"هو أنتِ في حاجة حصلت بينك وبين مراد؟ أتخانقتوا مثلا؟"


سألتها بقلق واضح، لكنها نفت سريعًا، كما لو كانت تريد أن تتجنب الخوض في تفاصيل قد تعقد الأمور أكثر. صوتها كان سريعًا، رغم أنه كان يحمل شيئًا من التوتر، وردت بتعجل:


_"لا خالص والله محصلش أي حاجة... وعلشان كده أنا قلقانة أوي، حاسة في حاجة من ناحيتها".


أخفضت والدتها رأسها قليلاً، ثم نظرت إليها بعينين مليئتين بالحكمة والقلق في ذات الوقت. صوتها كان هادئًا:


_"حاجة زي أي؟"


_"مش عارفة والله يا ماما، أنا محتارة... بفكر مروحلهاش، ".


_"لا طبعًا ليه ده كله؟ اتعاملي عادي يا حبيبتي، هي هتاكلك، ماما حنان طيبة وحنينة، وبتحبك جدًا وأنتِ عارفة".


عينيها كانت لا تزال مشوشة، وكانت ملامحها مليئة بالحيرة. ضغطت على شفتيها برفق، ثم قالت:


_"هي مكانتش راضية عن جوازي من مراد".


هنا، بدا على وجه والدتها شيء من الأسى، وابتسمت ابتسامة خفيفة ومريرة، بينما نبرة صوتها بدت أكثر صدقًا، كما لو أنها تحاول فهم ما يجري في ذهن ابنتها:


_"والله هو مكانش في حد راضي أصلاً، أذا كان أنا ولا هي، بس أهو أمرنا لله".


لكن تلك الكلمات لم تخفف عن" رضوى" شيئًا. كان الألم يعتصر قلبها، وعيناها تلتمعان بحزن واضح. عاتبتها بلطف، كما لو كانت تدفعها للمضي قدمًا:


_"تاني، الموضوع ده تاني يا ماما؟"


_"أنا بفهمك، محدش كان راضي لأسباب أنتِ ممكن تشوفيها تافهة، بس من وجهة نظرنا إحنا كناس كبار وعارفين، حاجات مهمة. بس أنتو الحمد لله كويسين وزي الفل مع بعض، يارب نثبت على كده. أكيد ماما حنان لما تلاقي ابنها مبسوط هتتبسط وهتنسي".


نظرت إليها رضوى للحظات، ثم قالت بتردد، في محاولة لإيجاد مخرج:


_"يعني أقوم أروح لها؟"


_"أيوه قُومي، متتوتريش، مفيش حاجة توتر. عايزة تدردش معاك، تطمن على ابنها متدلع ومتهني ولا لا؟"


محاولة والدتها أن تضيف جوًا من المرح كانت واضحة في نبرتها، فحتى في مثل هذه اللحظات، كانت تريد أن تزرع في قلب ابنتها بعض السكينة. فجأة، تغير الجو، وابتسمت والدتها ابتسامة مرحة، تغمز لها بعينيها، قائلة بنبرة ساخرة:


_"هو متدلع ولا لا يا بت؟ ولا أنت هتفضحينا قدام ماما حنان بقى؟"


ابتسمت "رضوى" رغم الضيق الذي بدا واضحًا في عينيها. كانت تضحك بصعوبة، لكن ابتسامتها خففت من حدة توترها قليلًا. قالت ضاحكة:


_"يا ماما بقى!"


_"الله، هو أي اللي يا ماما بقى؟ يابت الراجل لو متدلعش، وشاف الهنا والعز من جوه، هيطلع يدور عليه بره بعد كده".


حدجتها بغيظ، وقد اشتعل خدها حُمرًا، بينما كانت تضغط على شفتيها بشدة:


_"يا ماما!"


_"شُوف البت، كل ما أكلمها كلمة تقول لي يا ماما، والله أنتِ شكلك هتفضحينا وسط الأجانب بهبلك ده. أنا قلت البت الهبلة دي ملهاش جواز من الأول".


_"أنا هقوم يا ماما ها... هقوم يا حبيبتي أشوف نينة، سلام يا حبيبتي".


_"سلام أي، هو أنتِ رايحة الحجاز؟ ده الأوضة اللي جنبنا".


تنهدت بعمق، وكأنها كانت تتخلص من أثقال لم تُحسن التعبير عنها، من ثم نهضت بتثاقل، وكأن تلك المقابلة تشكل همًا يثقل كاهلها، 


والدتها، التي كانت تراقبها بصمت، رأت هذا التردد في ملامحها، وكانت تعي جيدًا ما يعنيه ذلك. نظرت إليها بحب عميق، لكن أيضًا بحذر، كما لو كانت تفهم كل ما تمر به، لكنها لم تستطع أن تحل كل مشاكلها بكلمات.


_"رضوى، حبيبتي..." 


قالتها بصوت منخفض،ثم، بحركة مفاجئة، نهضت تقترب منها ووضعت يدها على كتفها برفق. كانت نظراتها مليئة بالحب والقلق في آن واحد. قائلة برفق :


_"أنتِ هتروحي وتتكلمي مع نينة حنان، وتريحي قلبك. ده المهم. لو في حاجة في قلبك، مش لازم تبقي وحدك فيها. خليها تطمئن عليكم وهي هتكون فرحانة، صدقيني أنا أم وعارفة، الأم مش عايزة غير راحة ولادها وتشوفهم مبسوطين"


أغمضت عينيها لوهلة، وكأن الكلمات تأخذ مكانها في عقلها، تحاول التفاعل معها، لكنها كانت تكتشف أن كلمات والدتها لم تكن كافية لتزيل عنها هذا الارتباك الداخلي.لكنها أدركت شيئًا: مهما كانت تلك الحيرة، عليها أن تواصل، وأن تأخذ خطوة. وهي تعلم أن هذه الخطوة هي الطريق الوحيد للخروج من هذا الصراع النفسي الذي لا ينتهي. تنهدت مجددًا، ثم قامت بحركة مفاجئة جعلت والدتها تبتسم ابتسامة صغيرة، ملؤها الفهم والاطمئنان.


"يا ماما... طيب، أنا هروح لها، هحاول."


نظرت إليها والدتها بعينين مليئتين بالحب والدعم، وقالت بصوت دافئ:


_"ماشي يا حبيبتي مفيش حاجه تقلق دي حماتك فالأول وفالأخر ". 


ضحكت رغما عنها تقول: 


_" مش ملاحظة حاجة غريبة ياسهام، حماتك هي حماتي.... البنت وأمها". 


_"هي حاجة خارقة لقانون الطبيعية فعلاً، جوازة مكانتش علي البال ولا عالخاطر".



يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة