-->

رواية جديد وللرجال فيما يعشقون مذاهب لنور إسماعيل - المقدمة والفصل 1 - الأربعاء 20/11/2024

 

قراءة رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية وللرجال فيما يعشقون مذاهب 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نور إسماعيل 


المقدمة والفصل الأول 

تم النشر الأربعاء 

20/11/2024


           

"المقدمة"

”وسألها: وماذا نُحبّ فيمن نحبّ حينَ نُحبّ، فلم تجدْ جوابًا. وردّتْ سؤاله بسؤال: هل تعرفُ النّجوم الّتي تُولَد ولكنّها مُعتمة لأنّ ضوءَها لم يصلْ إلى سطح كوكبنا التّائه؟! تلكَ أنا؛ مُضيئة بكَ، وإنْ لم يرَ هذا الضّوء في أغوار روحي سِواك. وخُيّل إليها أنّها وهبتْه أعزّ ما يُمكن أنْ يُوهَب؛ قلبها..!“

ل/أيمن العتوم

❈-❈-❈

كنت انا الجبل اللذي يتحمل العقبات ..أمامك شخص معافي ..لكن بداخلي أشواك ..أصابتني الكثير من السهام وتحطمت روحي ولكن بالرغم من ذالك مازلت أدواى جروح غيرى 

'وَليد'

                     

❈-❈-❈

فما لى بُعد بَعد بُعدك بعدما تيقنت أن القرب والبُعد واحد .


'عمّار'

                 

❈-❈-❈

أتيتُكَ و المنى عندي .. بقايا بين أحضاني

أُحبك واحةً هدَأَت .. عليها كل أحزاني

أُحبك نسمةً تروي .. لصمت الناس ألحاني

أُحبك أنت يا أملاً .. كضوء الصبح يلقاني

ترى ستقول يا عمري بأنك كنتَ تهواني؟


'حَبيبة'

                

❈-❈-❈

‏أعتدت أن أكون ذلك الذي يبتسم رغم أنني أحمل ثقل العالم كله على كَتفي، الجميع يسأل هل أنت بخير ؟ نعم أنا كذلك، وأنا لستُ بِخير، وعندما كنتُ أخسر كل شيء لم أتظاهر بالضعف قط، خسائر مُتتالية، الكثير مِن الندوب، هالات، رُوح مُحطمة، و لا زلتُ أقول كل شيء بِخير ...

'حَفصة'

                     

❈-❈-❈

على ريح سقطت ، كنت أصغر من هدف عسكري ، انهزمت لأني لم أمت بعد ، لو مت لكان انتصارا ، لكان لزاما أن أنحنى لكلمات التي اغتالتني يوما ، عبثا أقاوم ،وسط الحقيقة وسوء الفهم خارت قواي ،كيف أستطيع أن إنهض ثانية ؟وماهي الخطوة التالية،؟ 

'إلياس'

                   

❈-❈-❈

ماذا لو أخبرتكَ أنّك كُنتَ بِمَثَابةِ مَطلَعِ الفَجرِ الأوَّل لُتائهٍ قَدْ خَافَ العُتمَة.

'همّام'

                  

❈-❈-❈

لا أُريد شيء من هذه الحياة التي لا أستطيع أن أفهمها ، فهُناك أشياء كثيرة غير واضحة، مُزعجة، غامضة، أحيانًا عندما نبحث فيها تصدمنا الحقيقة ، فليس كل شيء يحتاج إلى البحث عنه  لمعرفة مافيهِ من غموض، أو أشياء غير واضحة،  فنضع أيدينا على أعيُنِنَا لا نُريد أن نرى شيء ولا أن نسمع  شيء ، فالتجاهل أحيانًا وفى بعض الأوقات  مُفيد لنا ، وحين نشعر بهذا ويكون بداخلنا تشويش وخيوط مُتَداخلة في بعضها  ، نحتاج إلى هدوء تام حتى نرجع إلى طبيعتنا 

'زَمزم'

              

❈-❈-❈

انظر حولك 

سوف تعلم ان المتاعب موزعه بالتساوي بين البشرر وان هناك الكثير من القلوب الاخري التي اهلكها الوجع وانك حقا يا قلبي تبالغ فأنت لستُ مميزا حتي في تحمل الاوجاع التي تقربك للموت لا محاله 

ولكن من الواضح أنه فرمان قد صدر بهلاك القلوب ضد جيل بأكمله ،سرطان قد اكله وكل محاولات اصلاحه بائسه بلا جدوى!

'عَبلة'


                              

❈-❈-❈

الفصل الأول 


بقرية المطاعنة_الاقصر

جلبة حادثة بالمنزل ، ثمة فتيات تهرول هُنا وهناك ..وصوت صراخات عالية لاحداهن 

وسيدة مُسنة تصعد الدرج بعكازها تتوكأ عليه حتى تصل إلى الغرفة ..

_چرى إيه يا عظيمة ماتمسكى روحك شوى ، ولدى عبداللاه راح يچيب الداكتور من الأقصر وهيعاود بيه

وهى اول ولادة ليكِ يا حزينة!


كانت تصرخ عظيمة وتمسك ب أعمدة الفراش بقوة وهى تبكِ وتقول بصوت متهدج 

_صعبة جوى المرة دى ، شكلى هموت يا تحية ،ياااااارب

كانت تهدهد تحية صغيرها المسنود على أحد أكتافها وقالت بضيق

_أنا مش عارفه عبداللاه ليه محكم راسه تروحيش مستشفى،مانا ولدت عمّار ولدى هناك من شهرين وادينى زى الفُل 


نظرت السيدة المُسنة الى تحية وقالت وهى تتلوى بشفتيها ساخرة

_عشان كل مرة تجيبي له عيّل وتولدى فالبيت كان يموت يافقرية ،هاتى الواد وروحى شوفيلها هبابة كوباية جرفة تشربها تساعدها فالطلق 


شعرت تحية بالضيق مما قالت حماتها "الحچة دهب" ولكنها اعتادت على هذا الأمر ، ناولت لها الصغير عمّار وخرجت تصنع كوب من مشروب القرفه الدافئ..

وعلى الناحية الأخرى ، كانت ترتدى أم زكريا جلبابها وطرحتها وهى تصيح ب أولادها ف دلف إليها زوجها 

_رايحه فين يا ام زكريا

_هعدى على هناء مرت اخوك ورايحين ل مرت عبداللاه بتولد وراحوا من بدرى يچيبوا الداكتور ولسه معاودش 

_م كان وداها مستشفى ،عبداللاه دا فقرى 


رفعت أم زكريا طفلة صغيرة وحملتها وهى تتحدث

_هاخد حفصه معاى ، لا تجعد تبكى وتخوت راسك هنيتى 


اخذ الاب منها الطفلة وقال ب انزعاج

_سيبي حفصه ، حريم ورايحين لواحدة عتولد ، البت ام ٣سنين تدعك وسطيكم هناك 

_طب أنا مش هتأخر ،سلامو عليكم ..

❈-❈-❈

وعلى الفور كان الجمع هناك يأخذ ب أزر عظيمه وحولها فتياتها السبع يبكون من هول التعب والارهاق التى تراه والدتهم فى ولادتها هذه المرة ..


_اه ياخوفى تيچى بت تامنه ، خلفتك بنات كُلها ..النبي لاخليه يتچوز عليكِ ياعظيمه لو طلعت بت 


نظرت تحية إلى الحچة دهب ومن ثم تحدثت سميحة الفتاة الكبرى ل عظيمه ب ضيق ترد على جدتها 

_جدتى مش وقته، أمى عتموت جدامك ايه الكلام ديتى 


حاولت هناء تهدئة الوضع وقالت

_تجوم بس بالسلامة ، استغفرى ربنا ياعظيمه زمان الرچالة على وصول وتجومى بألف سلامة 


نظرت الحچة دهب إلى هناء وقالت بطريقتها الساخره

_عجبال لما ربنا يعوض عليكِ ياهناء ياخيتى ، ٨ سنين كنو ومفرحتيش درويش بهبابة ضفر عيل 


ترقرقت دمعة ب عين هناء وقالت

_كُل الل عاوزه ربنا خير يا حچة دهب 

_إدعى ياعظيمه لهناء جولى يعوض عليكِ يارب ،وإدعيلى يخلى لى ولدى عمار وميروحش منى 

وأخاوية يارب 


دلفت شيماء الفتاة الوسطى إبنة عظيمة وهى تلقط أنفاسها 

_الدكتور چه ومعاه ابوى وعمى عبدالرحمن 


دلف الطبيب ومعه الممرضه وطاقم مُعداته ،وأغلق الباب وبعد وقت ليس بكثير سمعوا صوت الطفل 

وقفت الفتيات السبع خائفات على روح والدتهم ،بينما كان عبداللاه زوجها يترقب طلوع الممرضه كى تخبره نوع الطفل هل فتاة ككل مرة؟ 

بعد وقت ،خرجت الممرضه تحمله وهى تقول ب استبشار

_مبروك ي حج ولد 


اتسعت عينى عبداللاه ، وقام باحتضان اخيه عبدالرحمن وتعالت زغاريد الفتيات إخوة الصغير 

وقام ب حمله وهو ينظر إليه ب حميمية شديدة ويضمه إلى صدره بقوة 

ويهمس له بالتكبير فى أذنيه فيربت أخيه عبدالرحمن على كتفه ليقول 

هتسميه إيه ؟

نظر عبداللاه إلى المولود وقال بابتسامه 

_هسميه وليد ،على اسم اخوك وليد الله يرحمه ! 

_الف رحمه ونور تنزل عليه ،ربنا يباركلك فوليد ي ابو وليد ويجعله سند ليك ولاخواته يارب 


خرج الطبيب وقد تحدث بجدية معهم

_الحمدلله العملية بخير وام المولود بخير ، حمدلله عالسلامة 

_انا هدبح عِجل ياعبدالرحمن ،حلاوة مجية وليد 

_إدبح ياخوى مبروك ماچالك ي حبيبى 


لقد چاء المولود الذى طال إنتظاره ، "الولد!" بصعيد مصر يقدسون خِلفة الذكور 

كثيراً ،يروها أنها العٌزوة والسند وتخليد لإسم عائلته ..

ذُبح العجل وتم توزيعه لفقراء قريتهم ، ف عائلة الحج عبداللاه والحج عبدالرحمن أخيه من أكابر عائلات قرية المطاعنه بالأقصر ، لديهم من الأراضى والحقول والدور والمبانى والثروة الكثير 

وعائلاتهم كثيرة وكبيرة ..

وتمر الأيام والشهور بل والسنوات ، ليستمع الله لدعوة عظيمه وتحمل هناء بعد مرور السنوات وهى عقيم 

لايحمل رحمها طفلاً ! كانت فرحة درويش زوجها عارمة فهو يُحب زوجته كثيراً وبرغم عدم حملها لم يتزوج ب أخرى او فكر حتى ب أن يُطلقها .

_ولدت بت !! 

انطلقت الكلمة من فم تحية وهى تُخبر عظيمة ب ميلاد هناء ف أردفت إليها عظيمة

_طيب أنا چاية معاكٌ ، هناخد وليد معايا 

_ماشى وانا چبت عمّار بنسيبوش وحده فالبيت 


بعكازها سددت الحجة دهب  ضربة بقدم عظيمه وقالت

_طالعين انتوا الاتنين وتسيبونى فالبيت وحدى ياك 


تعجبت عظيمه وقالت

_ما البنات فالبيت ي حجه وأحنا مش هنتأخروا بس نتطمن على هناء والمولودة وراچعين 

_لاه ،واحدة تجعد فيكم .. أومال ايه حريم مالهاش كبير ياك


أومأت تحية ب رأسها وقالت ل عظيمه 

_خلاص روحى إنت وخدى عمّار معاكِ هو ووليد وأنا ابجا اروح لها يوم تانى 


_ايوة ياماى يالا نروحوا نشوفوا النونو 

قالها وليد ذا عمر السبع سنوات بعفوية بريئة ف ضحكت عظيمة  وقالت له 

_تعالا عشان لو طلعت حلوة زى أمها هچوزهالك 

_لاه ، ناخدها أنا ..وليد عنده بنات كاتير وانا وحدى 


قالها عمّار وهو يلكز وليد بصدره بقبضه يده الصغيرة فضحكت السيدات ،وهمّت أم وليد واخذت عمار ذاهبة لمقصدها .


كانت تراقب حَفصة المولودة وتمرر أصابعها على وجهها الناعم برفق ف تناديها والدتها 

_حَفصه بتعملى ايه؟

_حلوة جوى حَبيبة ياماه 

تبسمت السيدة وقالت 

_شبة هناء مرت عمك ، يالا عشان الحريم چاية وساعدينى 

_حاضر 


دلفت السيدات للمنزل ووسط المُباركات والحديث عن الولادة وآلام الولادة وماحدث بيومها ، كان الطفلان عمّار ووليد يداعبان الصغيرة 

_حلوة جوى يا عمّار صح 


عبس عمار بطفولة وقال

_تجوليش عليها حلوة 

_ليه

_عشان أنا هتچوزها 


ضحك وليد بمكر وقال عابثا عمار كعادته 

_أنا الل هتچوزها ،أنا اطول منك 

_اسكت يا وليد هضرُبك 


ضحك وليد ساخراً مرة أخرى وقال وهو يخرج لسانه إلى عمار

_طب اجولك ،نسيبها لما تكبر وهى تجول تتچوز مين فينا 


قام عمار ب إزاحة وليد من طريقه وقام بتخبئه الصغيرة بجسده وهو يتحدث

_بَعّد عنى عاوزش أكلمك ،كُنت عاوز أمى تاچى معانا وتشوفها حلوة ازاي بس جدة دهب رضيتش


لوَّح وليد بيده وقال بعدم اكتراث 

_خليها جدة دهب تضايجنا كدا على طول،أنا اصلا عاوزها تروح النار 


على عبوسه عمّار ينظر إلى حبيبة ف تابع وليد 

_طاب خلاص تزعلش ، بص فتحت عنيها !

نظرا الاثنين إليها ولعيناها الساحرتان الصغيرتان ، كان عمّار يداعب أصابعها بأصابعه 

بينما كان وليد يهمس فى أذنها بطفولة حتى دلفت والدة حفصه وحملتها وأعطتها لوالدتها 

تقوم ب إرضاعهاوهى تقص قصة إسمها على السيدات المُهنئات

_ أنا الل سميتها حبيبة ، أبوها جالى الل عاوزاه ياهناء لما عرفنا أنها بنت 


قالت إحداهن وهى تتغامز للاخرى 

_ومزعلش ياخيتى لما طلعت بت ! تزعليش منى يعنى يعد السنين دى كلها وفالاخر تچيبي بت مش واد!

كانت ستتحدث هناء ف قالت عظيمة مدافعه عنها 

_الل تچيب البت تچيب الواد ياخيتى ،وبعدين مانا عندك چبت ٧بنات وبعدهم ربنا كرمنى ب وليد 


قامت إحدى السيدات الاخرى المُهنات بالاقتراب من هناء وهى تحمل الصغيرة ووضعت لها مبلغ مالى وهى تقول مبتسمه

_ربنا يخليهالك وتخاويها ،البت حتة من القمرة ...داريها من العين لا تتحسد 


كانت تنظر هناء إليها بفرحه وهى تقبل أصابعها الصغيرة ، نفس النظرة التى يغمرها الفرح بعد اعواااام 

وهى تمشط شعر حبيبة وهى تجلس أمامها وتغنى لها 

_الله أكبر على شعر بتى ، الله أكبر على حلاوة بتى 

كانت تضحك حبيية وتقول بصوتها الطفولى الرقيق 

_شعرى أحلى ولا شعرك ياامى ؟

_لاه شعر حبيبة طبعا 


ضحكت السيدة ومن ثم شعرت بوخزة ف أمسكت بطنها وتألمت على فجأة ف إنتبهت حبيبة وقالت فى هلع 

_ماما...ماما 

خرجت حبيبة مُسرعه إلى والدها بالخارج وقالت متلعثمه 

_ابوى ،امى بتبكى وعيانه چوا 


هرول درويش إلى هناء ليجدها تصرخ من الألم وعيناها تسيل دموعها

_مالك يا هناء ...ايه فيه 

_مخبراش يا درويش ، مغص وألم مش جادرة

_طب يلا البسى نروحوا نكشفوا

_مش لازم ،هاخد المسكن وهبجا زينة على طول بييچينى الالم وبيروح بالمسكن

_وه!! من بدرى تعبانه ومتجوليش ليا؟ طب جومى جومى يالا هساعدك تغيرى هدومك وهنروحوا للداكتور دلوك 


أخذها إلى الطبيب ، طُلب منه الكثير من التحاليل والأشعة ..ومن طبيب لآخر وسط دوامة لا أحد يعلم مابها 

وماتشكو منه ، بدأت بشرتها فى الشحوب ،اصبحت لا تحتمل الطعام ولا رائحته 

تراقب حبيبة بعيناها الأمر،من الصعب على طفلة بعمر الست سنوات مثلها تفهّم الأمر ،لكن ماكنت تعرفه هى أن والدتها تعانى وأن هناك وخزات بقلب حبيبة كلما تأوهت والدتها !


❈-❈-❈

قُدمت الصينية موضوع عليها أكواب الشاى أمام الجالسين الحج عبداللاه والحچ عبدالرحمن ودرويش والشيخ محسب ودوريش ،اولاد العمومة يلتقون يومياً ب بهو المنزل اسفل وما يطلق عليه ب لكنة الصعيد_المندرة_

ف يتعالى صوت عبداللاه منادياً للداخل 

_فين الجرجوش يابت 

_حاضر يابوى 


كان درويش ينظر لاسفل حزناّ على ماتمر به زوجته ، فقال له عبدالرحمن 

_وديها مصر يا درويش ، علاج مرتك فمصر إسمع منى 

_هروح بيها مصر ، أنا خايف عليها جوى ...محدش من الدكاترة مطمنى ولا جايلى عندها إيه حتى 

لفيت لما دوخت أنا وهى 


تدخل عبداللاه وقال

_سيب البت مع البنات هنيتى وسافر وأن شاء الله خير 

❈-❈-❈

بيوم استعدادهم للسفر ،احضروا حبيبة لمنزل عمها عبداللاه 

أو بالأحرى هو إبن عم والدها ، بعدما قام بتحذيرها وأملى عليها قائمة طويلة من التنبيهات

تركوها ورحلوا ليبدؤا رحلة جديدة من رحلات علاج والدتها.


كانت تنظر حبيبة هنا وهناك بالمنزل صامته ، ف كان دوريش شديد الحِرص فى تربيتها ،لاتخرج من المنزل

لاتلعب مع الأطفال،لاتتحدث إلا إذا أذن لها،كانت أصغر بكثير من أن تتفهم هذا ،ولكنها تفهمت !


❈-❈-❈

كان يقف عمّار أمام مرآه المرحاض يراقب الشعيرات الجديدة التى نبتت تحت انفه والمعروف ي أنه _شارب البلوغ_ ممسكاً بماكينة الحلاقة وسيبدأ بحلاقته ف سمع صوت ضحكات وليد الذى أتى من دون استئذان 

_عتحلجه !! خليه عاملك برستيچ 

قام عمار بلكم وليد ب كتفه وقال

_م انت حلجته يابارد ، وكمان صوتى مستغربه ياخى

_اه تخن ،بجينا رچاله 

غرق وليد فى دوامة ضحك مستمرة ، فقام عمار ب إخراجه من المرحاض وغلق الباب 

فقال وليد مداعبا له 

_حاسب لا تتعور يا ابو عمّار هيبجى شكلك وحش فالدرس بتاع النهاردة 


فتح عمار الباب وقال له كى يثير غيظ وليد 

_حتى لو إيه ، بنات الدرس عيسيبو الدرس ويستنو عمار 


عقد وليد ذراعيه وقال له واثقاً من ذاته

_على أساس انك عمّار الشريعى مثلا،وبعدين البنات الل عتحضر معانا دول شنبهم مخضر اكتر مننا 

بلا جرف ،خَلص وتعالا نتغدوا عِندنا ونطلعوا عالدرس 

_ماشى 


❈-❈-❈

وُضع الطعام على_الطبلية_ منضدة صغيرة مُتعارف عليها من قبل بلاد الصعيد والارياف تقوم العائلة بتناول الطعام عليها.

كانت قد تزوجت إثنين من إخوة وليد،واصبح هناك خمسة غير الأب والام والجدة دهب 

فكانوا يقتسمون على _طبليتين_ جلست حبيبة مع الفتيات ووليد وعمّار 

ولكنها كانت تنظر لهم دون طعام ، ف لاحظ عمار وقال لها 


_كُلى يا حبيبة 

قالت بعينان بهما الاسي

_مش عاوزه آكل 


قالت عظيمة والدة وليد من بعيد 

_طب عاوزة إيه أكل نجيبهولك 

_مش عاوزه حاچه،عاوزة أمى 


وشرعت فالبُكاء ، فقامت مروة اصغر أخوة وليد ب احتضانها، والتفوا حولها بقية الفتيات وعمار ووليد ،فقال لها وليد

_كُلى وناخدك معانا الدرس ،إيه رأيك؟! 


أكد عمار على كلام وليد كى يحفزها تأكل طعامها

_ايوة ،لو أكلتِ هناخدك الدرس ونچيبلك حچات حلوة بتحبيها 


تبسمت حبيبة وأنفرجت أساريرها ، وقالت بعفوية من فى سِنها

_ماشى هاكل اهو 


قامت بتناول طعامها ،ومن ثم مشطت لها مروة شعرها الجميل وعدلت من هندامها

وأخذاها معهما وليد وعمار الدرس ، ف اوقفهم عبدالرحمن والد عمار بالخارج 

_واخدين حبيبة فين؟


تلعثما الاثنين فقال عمار ب أدب لوالده

_معلش يابوى ، هى زعلانه عشان أمها مش جاعدة واحنا وعدناها لو أكلت هنخدوها الدرس 

_وبيت أستاذ مطاوع جريب ياعمى 


قالها وليد فقال الحچ عبدالرحمن 

_والدروس تروحوها تركزوا عشان تدخلوا ثانوى عام،ولاتاخدوا العيال الصغيرة تتنطط ومتعرفوش تركزوا؟

سيبوها هنا مع مروة وهند والبنات وروحوا انتوا


كانت حبيبة على وشك البُكاء ، ف رآها عبدالرحمن ف حنّ قلبه فهى بلا أب وأم حالياً ولا نفع من القسوة عليها الآن فهى مازلت ناعمة الأظافر صغيرة العهد ، انفرجت شفتيه وقال

_خلاص خدوها ،بس اجعدى ساكته يا حبيبة 

_حاضر ياعمى 


أخذاها الإثنين،وطوال الطريق يحملاها من يداها يرفعاها لأعلى وينزلاها ويتعالى صوت ضحكاتها 

حتى وصلا إلى منزل المدرس ، وقد حضروا زملائهم وزميلاتهم 

والتفوا حول المنضدة ، فُتحت الاوراق وبدأ المدرس بالشرح 

شعرت حبيبة بالدوا ،فخطفتها الغفوة ...ليضعها وليد على ساقه وهو يمرر يده على شعرها وهى نائمه فى سبات عميق وعيناه مع شرح المدرس فى أول ساعه ،وفى الساعة الثانية كان يحملها عمار على كتفه وأيضا وهو يتلقى الشرح ..

❈-❈-❈

سرطان بالقاولون !! 

كانت تعانى هناء منذ زمن طويل ، من دون أن تُعلم زوجها او تجعل احداً يشعربها ..ولكن فى ذهابهم إلى القاهرة قد علموا كُل شئ ولكن بعد فوات الاوان.

فهو فى مرحلته الاخيرة،غير أنه بدأ ينتشر فى بعض من أجزاء جسدها ...صمم درويش ب أن تخضع لعملية جراحية كى يتم إنقاذها ،ولكن أمر الله نفذ هناك وأتى بها درويش جثة هامدة !! 


النساء مُتشحات بالسواد ، وسط نحيب وصراخ بصوت عالِ ،كانت تقف حبيبة تراقب الموقف 

انسابت دموعها بغزارة وتركت الحشود القادمة لتعزيتهم ، وهرولت الى الطابق العلوى تندس وسط ملابس والدتها تحتضنهم وتبكِ، عقلها تدبر أمر فراق والدتها للأبد 

كانت تحتضنهم وتبكِ بشدة وأنهاِّ في أشَّدِ الاحتياج؛ إلى احتضانٍ يشعرها بالأمان، فهل لي من احتضان يُنسيها ما تشعر به من فقدٍ ملاكها الغائب "والدتها

تمسك حبيبة تعصف بملابس والدتها بُكاءا وداخلها يردد

أمي يا أيقونة الحب

يا شجرة الحُنُوِّ و الود 

يا رمز العطاء و العطف

أحبك يا جنة الفردوس على الأرض

ضميني ما استطعتِ فبحضنكِ يعود الجزء للكل

الم تضمينى؟ الن تعودى بعد الآن!

صعدت السيدات خلفها ، وحملتها والدة حفصه ووضعتها بالفراش وأخذت حفصه تهدهدها حتى غفت ، هبطت السيدات مرة أخرى ،،بينما كانا يقفا وليد وعمّار بباب الغرفة يرتسم بعيناهما الحزن 

الحزن لفقد زوجة عمهم ،والحزن على حبيبة التى أصبحت الآن فى تعداد اليتامى وبلا أم !

كان يتمتم عمّار ببعض من الآيات القرآنية من الاجزاء التى كان يداوم على حِفظها بحلقات الذكر ودروس القرآن الكريم ، كان يرفع يده من بعيد وكأنه يقرأ عليها هى كى تحاوطها الملائكة وتخفف من هلعها ، أما عن وليد 

ف خُيل إليه ان باستطاعته أن يدنو منها ويلامس شعيراتها الحريرية ويربت على جسدها وهو يغنى لها أغنيتها المُحببة منه دائماً

"رايح أجيب الديب من ديله،بس عالله لاقيله ديل ،وان ملاقتلوش ديل هسيبه وأرجع اقول ملاقتلوش ديل"


غفت الصغيرة فى أحضان حفصه التى عزمت أمرها ان لن تترك حبيبة ابداً،فقد جاء خبر وفاة هناء زوجة عمها وهى تقوم بتقديم امتحانات آخر العام بمدرستها الثانويه الفنيه .

قد انتهت دراستها ، وقالت فى نفسها أنها ستُكرس حياتها ل حبيبة ، تلك الطفلة التى منذ يوم ولادتها 

وحفصه تشعر ب أنها شقيقتها،وصغيرتها ،وطفلتها من شدة التصاقها بها!!

❈-❈-❈

مرّت ثلاث أعوام أخرى ، كَبر الشباب واليوم هم فى إنتظار نتيجة قبول الجامعات بعدما قدموا بها بعد نتائجهم المُذهلة بالثانوية العامة ..وقد كان!

تم قبول الاثنين وليد وعمّار ب كلية الهندسة جامعة القاهرة، الفرحة كانت عارمة 

للعائلة ، قام كلا من عبداللاه وعبدالرحمن ب صُنع ليلة ذِكر وقرآن كريم وذبح عِجلاً ثميناً وتوزيعه على فقراء قريتهم ، ودعوة المُحبين لمشاركتهم الفرحة .


يرتدى وليد جلباب ك الكبار ويضع الشال على كتفيه وينظر للمرآه ف وقف عمّار بجانبه وقال

_ايه يابشمهندس وليد الحلاوة دى 

_شايف الوچاهه يابو عمار ، جلابية قماش سكة حديد إنما ايييه تجولش مولود عُمدة وَلد عُمدة


أبتسم عمار وقام بالدوران حول نفسه وهو يقول 

_أول مرة نلبسوا جلاليب ياض ، تحس بالفخر كديتى وانت لابس 

_بس أنا أطول منك وخايل فيها عنك 


أمتعض وجه عمار فقال له وهو يهز راسه

_وانا بشرتى فاتحه عنك 

_بس أنا أحلى 

واخرج وليد له لسانه ومن ثم قال

_وبعدين عيب عليك إنت صَعيدى ،لازم تبجا أسمر السمار نص الچمال ي واد 


سمعوا صوت الزغاريد والطبل والاغانى التى قامت بالمنزلين من الفرحه ،والتى اشغلتها اخوة وليد الفتيات وابناءهم والامهات والجدة دهب معهم تهز عكازها فى مكانه .


وفجأة رأو حبيبة تقف بعيداً ترقص ، فناداها وليد 

_عترجصى يا حبيبة !


شعرت حبيبة بالخجل إبنة العشر سنوات ووضعت يدها على وجهها ف ازاحهم وليد

_عاوزة ترجصى؟

_ابوى ييزعجلى لما ارجص،بس أنا كنت نرجص على چنب من غير ماحد ياخد باله 


هز وليد رأسه وقال لها مداعباً إياها

_بس أنا شوفتك !! 

ضحكت حبيبة كثيراً فقال عمّار ونبرات صوته حادة بعض الشئ

_عيب يا حبيبة ،اسمعى كلام ابوكٌ ومترجصيش تانى! 


مطت حبيبة شفتيها وقالت لعمّار

_محدش كان شايفنى وكنت برجض زى هند ومروة ومسك بت أبلة سميحة

_جولت لاه يعنى لاه وإسمعى الكلام 


هنا أزاحه وليد بصدره وقال

_ماتسيبها ترجص ، هو كبت من ابوها وتيچى هنا تلاجيك ...إعملى الل عاوزاه ي حبيبة يالا


أخذ يصفق لها ف شرعت بالرقص حتى أوقفها عمّار ثانية وقال بحدة

_وبعدين!! بس يا حبيبة 


صمتت حبيبة ف أراد وليد تغيير الموضوع حينما رآها بدا عليها الضيق

_عارفه ليه كل الزيطة الل حاصلة ديتى ياحبيبة؟

_ايوة عشان انتو نچحتوا وأنا هنجح وهبجا دكتورة كبيرة كاااااد الدنيا 


أقترب منها عمّار وهو يبتسم لها ابتسامته كالعادة وقال 

_هتبجى أحلى دكتورة يا حبيبة 


وسط حديثهم،قامت حفصه بمنادتها عندما صعدت للدور العلوى تبحث عنها ف رات الاثنين وقامت بمداعبتهم كما تفعل

_هتبجوا مهندسين يابغل منك له ؟! والله م يحكمونى م أوجفكم على مِدفع رمضان 


نظرا الاثنين لها فقال وليد

_مالك متغاظه ليه يا عفصه ،حتى سموكى عفصه وعفصه يعنى دوسه يعنى حتى محصلتيش خطوة 

قامت بمصمصه شفتيها وقالت له ساخره 

_ياشيخ غور ، معارفش تنطج يبجا تخرس زى م مخروس ولد عمك ومانطقش


_لا ولد عمه مخروس عشان ابوه جاله متردش عالاكبر منك ،وانتِ كبيرة جوى يا حفصه مش 40سنة 


أمسكت حفصه حبيبة من يدها وقامت بجذب الشال من على كتف عمّار وقالت 

_دم أما يخش عليك يصبغك صبغ ، الشيلان دى ياعسل بيلبسوها الرچالة وانتو لسه عيال 


قالت كلماتها وهبطت ف كان فى مواجهتها "همام" من أولاد عمومتهم أيضاً ف سألها 

_عمّار ووليد فوج 

_أهم متلجحين 


همت بالرحيل ومن ثم سألته 

_ايوة صح ،وانت عملت ايه ياهمام ؟ ياك تكون چبت ملاحج!


ضحك همام بهدوء وقال

_ لا الحمدلله نَجحت واتجبلت فكلية الآداب ،انا كنت أدبي 

_طيب ومالو مبروك يلا شد حيلك 


تركته وأنصرفت تنضم لجمع السيدات قبل إنقضاء الوقت الذى وضعه عمها درويش للعودة للمنزل هى وحبيبة .


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نور إسماعيل، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة