-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 20 - 2 - الجمعة 29/11/2024

 

  قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل العشرون

2

تم النشر يوم الجمعة

29/11/2024




وعلى الجانب الآخر وفي نفس التوقيت

 كان فريد يقود سيارته وبداخله نار مشـ تعلة لو خرجت لأحر قت الأخضر واليابس.

 كان غاضبًا من تلك الحمـ قاء التي تجلس بجواره ومن ابنته التي استطاعت بكل براعة تشـ ويه صورته أمامها.

 يا الله! كيف لها أن تكون بهذا القدر من البراعة في التمثيل؟


لقد أخبرته مرارًا بأنها تحبه وأنها لا تتمنى شيئًا في هذه الحياة سوى سعادته، بينما كانت في الواقع تدبر له الشر في الخفاء.

 وافقت على الزواج فقط لأنها كانت تعلم أن هيام نصار ستصدق الأكاذيب التي قد تُقال عنه.

 أما هيام، فقد صدقت تلك الأكاذيب بسذاجة.


كانت هيام جالسة بجواره تتابع التغيرات التي طرأت على ملامح وجهه وقد ملأتها الأسئلة. ترى، هل هو يشعر بالخجل من معرفتها الحقيقته؟ أم أنه بريء؟ ولكن كيف يمكن أن يكون بريئًا وابنته هي التي أخبرتها؟ هل يعقل أن تفتري الابنة على والدها؟ لا، لا يمكن. لا شك أنه مذنب، وما يظهر عليه الآن هو الغضب بسبب افتضاح أمره.


فتحت هيام فمها لتتحدث لكنها شهقت بقوة عندما أوقف السيارة فجأة هاتفًا بحدة: "اتفضلي انزلي... إحنا خلاص وصلنا."


نظرت إليه بدهشة لتقرأ الجمود الواضح في ملامحه.

 صـ رخ بها بحدة أفزعتها: "هتفضلي تبصي لي كده كتير؟ يلا انزلي!"


وضعت يدها على مقبض الباب لكنها توقفت عندما سمعته يهتف بصوت حاد: "بس ما كنتش أعرف إن هيام هانم نصار عقلها ساذج للدرجة دي وتصدق عيلة زي ليان. الظاهر إني حسبتها غلط لما قلت انك ناضجة وفكرت أقضي معاكِ آخر أيام حياتي."


شعرت هيام بوجع كلماته يخـ ترق أعماقها لكنها تساءلت بصمت: لماذا قالت عنه ابنته ذلك؟ 


استدارت لتنطق بما يدور في ذهنها، لكنه قرأ أفكارها مسبقًا ورفع يده أمام وجهها هاتفًا بحدة: "قلت انزلي!"


رمقته بغضب ثم انصاعت لطلبه وخرجت من السيارة بخطوات غاضبة.

 بينما رأسها يعج بالكثير من الأسئلة.


تركته خلفها غارقًا في الغضب والحقد.

 تابعها بعينيه حتى دخلت فيلتها ثم أدار سيارته وانطلق نحو منزله وهو يتوعد لابنته الحمقاء التي أشعلت داخله بركانًا من الغضب.


❈-❈-❈


"حسن، ممكن أتكلم معاك شوية؟" 


قالها ماجد وهو يلج مكتب شقيقه مغلقًا الباب خلفه.


رفع حسن رأسه عن الأوراق التي كان يراجعها ثم رمقه باهتمام وهو يشير له بالجلوس. 

جلس ماجد في المقعد المقابل مستطردًا بجدية: "بص يا أخويا أنا مش جاي أحاسبك أنا جاي عشان نتناقش بالعقل."


تنهد حسن بعمق وهو يميل بظهره على الكرسي ثم قال: "قولي اللي عندك من غير مقدمات يا ماجد."


لمح ماجد عتابًا خفيًا في كلمات شقيقه لكنه تابع: "ليه خبيت علينا سبب جوازك؟ هو إحنا يعني كنا هنعترض؟ حتى لو ولادك كانوا رافضين مسيرهم كانوا هيتقبلوا أنت مش هتترهبن عشانهم مراتك الله يرحمها ميـ تة من زمان. طيب بلاش ولادك أنا يا حسن أنا أخوك الصغير اللي بعتبرك أبويا وأخويا ليه خبيت عليَّ؟"


تطلع حسن إلى عيني شقيقه مباشرة ثم أجابه بهدوء: "عارف إني غلطت لما خبيت عنك يا ماجد بس خفت إن الموضوع ينكشف بالغلط يعني لو قلت لك أنت مثلًا تقول لنهال ونهال تتكلم أو تقع في الكلام لكن والله ما فكرت أخبي عليك عشانك أنت. ومع ذلك حقك عليَّ يا سيدي."


توقف قليلًا ثم استطرد بابتسامة: "بس أكيد أنت مش جاي عشان موضوع جوازي بس صح؟ أكيد في موضوع تاني. رائف وسيلا مش كده؟"


أومأ ماجد بالإيجاب

 فقال حسن بثقة: "ما تقلقش يا ماجد سيلا ورائف عندي من نفس المعزة عارف إن رائف بيحبها بس هو عصبي شويتين، وسيلا أحيانًا تصرفاتها تخرج الواحد عن شعوره لكن اللي يشفع لرائف إنه بيحبها بجد وكمان هي بتحبه أكيد ملاحظ تعلقها بيه شوف هي حتى كسرت كلامك قدامنا كلنا وراحت معاه الصبح."


غمغم ماجد بتردد: "بس يا حسن..."


قاطعه حسن: "ما فيش بس يا ماجد أنت بتثق فيَّ مش كده؟

 طيب خلاص سيب الموضوع ده عليَّ وإن شاء الله هتلاقي اللي يرضيك. يلا بقى قوم عندنا اجتماع وأنا لسه ما لحقتش أراجع الورق اللي قدامي وخليك عارف ومتأكد إنك مش بس أخويا الصغير أنت ابني وسندي في الدنيا دي أنت اللي بشد بيك ضهري لما أكون زعلان أو متضايق."


ابتسم ماجد بحنان ثم دنا من حسن وطبع قبـ لة على رأسه قبل أن يغادر المكتب. 

شعر حسن براحة كبيرة داخله بعد حديثه مع شقيقه وكأن همًا ثقيلًا قد أزيح عن كاهله.


❈-❈-❈


بإعجاب خالص كان يرمقها فضل بين الفينة والأخرى

 بينما هي كلما وقعت عيناها على عينيه شعرت بإحراج شديد وكأن نظراته تخترق أعماقها. تلعثمت قليلاً قبل أن تهمس بنبرة خجولة أذابته كليًا: "ممكن... ما تبصليش كده يا بشمهندس؟"


أجابها ببراءة مصطنعة لا تليق به وهو يرسم ابتسامة جانبية تزيد من ارتباكها: "ليه؟ هو أنا ببص لك إزاي بس يا جميلة؟"


خفق قلبها بشدة حين استمعت إلى كلمته الأخيرة التي خرجت بصوته الرجولي المميز، ذلك الصوت الذي يروق لها كثيرا

عجز لسانها عن النطق فلم تجد ردًا مناسبًا. لاحظ فضل ارتباكها وقرر مشاكستها ليخفف من توترها: "حاضر يا ستي خلاص مش هبص لك خالص. حلو كده؟"


ابتسمت بخجل وأضافت: "يبقى احسن برده  يلا نركز في شغلنا بقى. عندي فكرة إيه رأيك تشاركني في تصميم الديكور بتاع الحضانة؟"


صمت قليلًا وكأنه يفكر 

 فرمقته بنظرة تحدٍ، فأكمل كلامه بغرور مصطنع: "أنا عارف طبعًا إن ذوقي يجنن بس كده استغلال يا آنسة! وأنا بصراحة ما بحبش حد يستغلني."


رمقته بنظرة حذرة

 فضحك سريعًا وأضاف: "غيرك إنتِ طبعًا تعملي اللي إنتِ عايزاه."


ضحكت بنعومة وهي تحاول أن تخفي ارتباكها ثم فجأة وبصوت سريع مليء بالعفوية قالت: "على فكرة... أنا بحبك اوي!"


ألقت كلماتها كمن يلقي قنـ بلة ثم هرولت من أمامه وقد احمر وجهها خجلًا وكأنها تهرب من مواجهة ما اقترفت.


أما فضل فقد وقف في مكانه مصدومًا وسعيدًا في آنٍ واحد. كانت عيناه تشعان بلمعة حب وكأن قلبه يكاد يخرج من صـ دره.

 أدرك حينها أن مشاعره السابقة تجاه ليلى لم تكن إلا مجرد تعود أو ربما إعجاب عابر بشخصيتها لكن ما يشعر به الآن تجاه "جميلته الخاصة" كان مختلفًا تمامًا... كان عشقًا حقيقيًا بما تحمل الكلمة من معنى.


❈-❈-❈


على الجانب الآخر كانت ندى تقف بصحبة والدتها وسط أكوام المشتريات التي جلبتاها للتو، بينما السعادة تتلألأ على وجهها وهي تضحك بمرح: "الظاهر اني أتغبيت أوي في الشرا أصل أنا يا ماما لما بنزل وأشوف الهدوم بيجيلي حالة صرع ببقى عايزة ألم الحاجات اللي في المحلات كلها وأخدها وأمشي."


ابتسمت والدتها بهدوء وهي تضع أكياس المشتريات جانبًا وغمغمت: "تدوبيهم بالعافية يا حبيبتي. المهم بقى امسكي ورقة وقلم واكتبي الحاجات اللي جبناها والحاجات الناقصة عشان ما نتلخبطش ونتزنق في آخر وقت."


ثم أضافت وهي تتنهد بتأثر: "والله ما مصدقة يا ندى! أسبوعين وهتتجوزي وتروحي عند اللي ما تتسماش حماتك! أوعي يا بنتي تنسيني وما تجيش تسألي عني. البيت قريب من بيتنا تعالي اقعدي معايا طول ما جوزك في الشغل وبالليل روحي."


قطبت ندى جبينها بصدمة مصطنعة وهي تقول بحدة ساخرة: "لا هو أنا هتجوز عشان أجي أقعد معاكم؟ ده أنا ما صدقت إنّي اتفكيت منكم! لا بقولك إيه يا حاجة أنا فرحانة إنّي هأسس مملكتي الخاصة وبعدين أنا ما بحبش التنطيط"


رمقتها والدتها بتهديد ثم أمسكت بخفها المنزلي وخلعته بمهارة لتقذفه نحوها صارخة بحدة مصطنعة: "إيه يا أم مملكة ده إنتِ معفنة يا بت دي هتبقى زريبة مش مملكة يلا غوري من قدامي روحي شطبي المطبخ"


انحنت ندى لتتفادى الخف لكنه ارتطم بصـ درها، فرفعت رأسها بابتسامة بلهاء وهي ترد بكلمتها المعتادة: "تسلم إيدك يا سيد المعلمين!"


❈-❈-❈


ولج منزله غاضبًا كأن شياطين الأرض كلها تلاحقه مناديًا بصوت جهوري كأنه الرعد: "ليان أنتِ يا ليان"


هرولت إليه ابنته ومزيج من اللهفة والخوف يتملكاها وهي تهتف: "نعم يا بابي..."


وقبل أن تكمل كلمتها باغتها بصفعة قا سية أسقطتها أرضًا، ثم انحنى نحوها بعينين تقذفان شررًا وبصوت صارخ: "أنا دلّعتك زيادة عن اللزوم عشان تعملي كده تروحي وتسوئي سمعتي بكلام كذب ما لهوش لازمة والأسوء إنك جبتِ سيرة والدتك الله يرحمها في الكلام ده!

 من النهارده ممنوع تخرجي من البيت نهائي ولساني مش هيخاطب لسانك طول ما أنا عايش فاهمة؟"


ألقى كلماته دفعة واحدة كأنها طعـ نات ثم استدار وخرج من المنزل دون أن ينظر خلفه.


جلست ليان على الأرض ودموعها تنهمر بحرقة وقلبها يتفـ جر بالغضب والحزن.

 عرفت فورًا أن والدها قد علم بكل شيء ومن المدعوة هيام نصار تحديدًا. 

مسحت دموعها بعنـ ف وأقسمت بحدة: "بقى كده يا بابي تضربني علشان واحدة زي دي طب والله ما هسكت ويا أنا يا هي!"



أما هو، فقد استقل سيارته عازمًا على التجوال في الطرقات يحاول تهدئة الغضب الذي يجتاحه. أفكاره تتصارع: "إزاي بنتي تكون كده؟ إزاي تبقى بالحـ قارة دي؟ أنا اللي كرّست حياتي كلها ليها بعد ما أمها ما تت وفي الآخر ده جزاتي؟!"


لكن ما كان يزيد ألمه أكثر هو أن هيام نصار قد صدقت تلك الأكاذيب: "إزاي ست عاقلة زيها تصدق كلام زي ده؟ هيّ كمان طلعت ساذجة... 


رغم غضبه لم يستطع منع نفسه من الابتسام عندما تذكر نظراتها الغاضبة التي امتزجت بالحزن والخذلان عندما عاتبها بكلماته وهنا أدرك شيئًا كان يحاول إنكاره: "أنا فعلاً بحب الست دي."


لكن كبرياءه لم يسمح له بالاعتراف بسهولة فغمغم بصوت خافت:"ولو كانت قدري ربنا هيجمع بيني وبينها يوم لكن مش هسيب الموضوع يعدي كده"


تنهد بقوة محاولًا استعادة هيبته المفقودة وهمس لنفسه بسخرية: "ده كده الهيبة باظت خالص ماشي يا هيام والله لأعلمك الأدب وهتجي لي بنفسك وساعتها بقى هفكر إذا كنتِ تستحقي فرصة تانية ولا لأ."


❈-❈-❈


مساءً، سار بها إلى الداخل وهو يجرّها بقوة دون أن يعبأ بتعثّرها.

 كان يشعر بلذّة الانتصار بعدما أصبحت ملكه.

 نعم، تزوّجها وأقسم على معاقبتها هي وجميع أفراد عائلتها.


ثوانٍ قليلة ودخل بها إلى المنزل بينما كان لا يزال ممسكًا بيدها، ثم ألقى تحية المساء بمرح. 


تساءل عمه بعد أن ردّوا عليه التحية قائلا: "كنتم فين كل ده يا رائف؟ وانتِ يا سيلا ليه تليفونك مقفول؟"


ازدردت سيلا ريقها الجاف بصعوبة ثم تبادلا النظرات سوياً.

 فهتف رائف ببروده المعتاد: "ما فيش يا عمي... أصل أنا وسيلا كنا بنتجوّز."


يتبع..

إلى حين نشر فصل جديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة