رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - اقتباس الفصل 11 - الجمعة 8/11/2024
قراءة رواية في قبضة فهد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية في قبضة فهد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هالة زين
اقتباس
الفصل الحادي عشر
تم النشر الجمعة
8/11/2024
حل المساء وتسلل الهدوء الثقيل إلى المكان، تتخلله أصوات بكاء ميلا من خلف الباب. كانت جالسة على الأرض، وجهها مدفون بين يديها، تشعر بندم وخوف عميقين، تحاول استرجاع تفاصيل الليلة السابقة دون جدوى، تعصر عقلها ولكنه يخذلها كلما حاولت التذكر.
خذلت صديقتها وتطاولت عليها بالرد بل وطردتها من منزلها وها هو البيت أصبح خاويا الا منها كانت تراجع بعقلها أحداث الايام السابقه منذ رؤيتها له ، وقد أحاطت بها الأفكار من كل جانب، تُلقي اللوم على نفسها، يتسارع نبض قلبها وتتوه الأفكار في رأسها وهي تصرخ بصوت مكتوم من بين أسنانها
ميلا : ليه ما وقفتوش من الأول؟ ليه كنت بسيب كل حاجة تحصل وتعدي وما أقفوش عند حده ؟
هكذا كانت تهمس لنفسها بمرارة. شعرت كأنها كانت تسير على طريقٍ مظلم، تفتح الباب تلو الآخر دون أن تتوقف لتفكر، وها هي الآن تواجه نتيجة ترددها هذا .
كانت تتذكر كل لحظةٍ معه وكل لحظات الضعفت والخذلان فيها أمامه. كل مرة لم تستطع فيها أن تضع حدًّا واضحًا له وتخبره بخطوطها الحمراء ا كانت تعرف من البداية أن يمان شخص لا يعرف الحدود، وأنه لا يُبالي بما يفكر فيه الآخرون طالما أنه يحقق ما يريد.
حقيقته أتضحت أمامها بكل وضوح و كانت صادمة الآن. فتحت عينيها على حقيقة أن هذا التساهل معه كان يقربه من حدودها وإستباحتها ..وأنها هي من كانت تسمح له كل مرة بالاقتراب أكثر. وضعت رأسها بين يديها وعضت أصابعها من القهر وشعرت بالندم كأنه نار تشتعل في قلبها، تنير كل لحظة تخلت فيها عن إرادتها أمامه.
لسعه البرد أصابت عموده الفقري أثناء إنتظاره أسفل بنايتها ليثير سخط وقلق كل المتواجدين في هذا الحي الشعبي البسيط شاردا في النظر الي نافذه شرفه شقتها الخارجيه .
فاق من شروده علي أحد المارة وهو يطرق علي زجاج نافذه سيارته ..فتح يمان زجاج السياره ونظر بإستفهام لهذا الدخيل .
قاسم : واقف كده ليه ياباشا ...عربيتك قافله لنا الطريق .
ثم نظر الي نافذه شرفه ميلا وشرفه داليدا وأردف بخبث.
قاسم : أي واحده فيهم تخصك يا باشا اللي فوق ولا اللي تحت .
كان يمان بحال لا يسمح له بأي رد علي هذا المتطفل الدخيل فمسح علي وجهه بعصبيه .
يمان :وأنت مالك ..هو أنا واقف في صالون بيتكم .
كشر هذا البلطجي عن أنيابه ولكنه تراجع بعدما ظهر من خلف سياره يمان حارسان ضخمان كانا في سيارته الاخري فأردف بلطف مزيف .
قاسم :طب ما تزقش طا يا باشا الكلام آخد وعطا يا برده وانت هنا في منطقتي ودابه النمله ما بتخرجش ولا بتدخل الا بعلمي ..فلو تحب أي مساعده أنا في الخدمه ومحسوبك سداد.
لم يلقي بالا علي حديثه ونزل من سياراته صافعا الباب خلفه بكل قوه تاركا هذا القاسم يغلي خلفه بينما وقفا حارساه كحائط صد بينهم .
توجه الي البنايه وصعد الدرج الي الطابق المنشود فوقف أمام بابه متنهدا يحاول أن ينسج أفكاره ويتهيأ الي المحادثه القادمه بينهم لكي تكون أكثر إيجابيه ووضوحا عن سابقتها .
طرق الباب أكثر من مرة، وكل مرة كان يطرق بقوة تتصاعد عن سابقتها.
عندما لم يتلقي أي رد كشر عن انيابه وزمجر ، بصوته الغاضب والمشوش
يمان : افتحي الباب يا ميلا… أنا عارف إنك جوه.
عندما سمعت هي صوته وضعت رأسها تحت الوساده تخفي حالها وتحاول ألا تستمع الي صوته الغاضب .
يمان : إفتحي بدل ما أكسر الباب ..لازم نتكلم ونوصل لحل للي حصل ده ...وصلت كلماته ضعيفه الي مسامعها ولكن لم يكن من استجابتها إلا بمزيد من البكاء والشهقات .
سمع يمان صوت نحيبها فشعر بوخزة في قلبه. طرق الباب للمرة الأخيرة، وصوته تحول من الغضب إلى قلق حقيقي
يمان : مش هنقدر نحل حاجة لو فضلتي مستخبية كده. بصي… أنا مش فاهم اللي حصل ده حصل إزاي أكتر منك،علشان كده لازم نتكلم.
إنتفضت من من علي الارض بعدما إستمعت لحديثه وسمعت هسهسات الجيران من حولها .
من خلف الباب، بصوت متهدج ومتقطع، همست ميلا بصعوبه
ميلا :أرجوك أمشي من هنا ..ووطي صوتك ما تفضحنيش وسط جيراني ..وإتهيألي إنت وصلت للي إنت عاوزه واللي كنت بتعمل كل ده علشانه ...إمشي بقا من هنا مش عاوزة أشوفك ولا اعرفك تاني ...ويارب تكون إنتقمت وشفيت غليلك مني كويس وتبعد عني بقا.
استند يمان بجبهته إلى الباب، وتحدث بنبرة عميقة هادئة شديده الاسف لما حدث ، وكأنه يحاول تهدئتها
يمان : أنا مش قادر أقول إني فاهم كل حاجة حصلت بس الشيء الوحيد اللي متأكد منه إننا لازم نقف ونواجه ده سوا، بدل ما نسيبه يكسرك ويضيّعك ...أنا مستعد أصلح الغلط ده وأتجوزك دلوقت حالا .
رفعت ميلا رأسها ببطء، تحدق في الباب، ثم فتحته بغضب
ووقفت أمام بكل جساره ، وقد ارتسمت على وجهها ملامح حازمة لم يعهدها منها من قبل. كانت عيناها مشحونة بالألم والغضب، وكأنها تحمل في داخلهما كل لحظة من لحظات التردد التي عاشتها سابقًا. بادرها يمان بدفعها للداخل و بصوت حاول أن يجعله هادئًا، لكنه لم يستطع إخفاء التوتر الذي يعتريه..مد يده إليها
يمان :غيري هدومك ويلا نطلع علي أقرب مأذون .
ميلا : وطي صوتك الناس هتتلم وتتفرج علينا .
يمان :أنا ما يهمنيش حد .
نظرت إليه بحدة، وكأنها تحاول أن تخترق أفكاره، ثم قالت بصوت خافت لكنه مشحون بالمعنى
ميلا : تفتكر إن الجواز هو الحل ... تفتكر إني محتاجة أكون مراتك عشان أسامح نفسي وأسامحك وأنسى اللي عملته.
حاول الاقتراب منها، لكنّها رفعت يدها لتمنعه، وأردفت بجرأة
ميلا : طلبك مرفوض وأنا محتاجة أكون مع نفسي دلوقتي محتاجة أتعافى من القرف اللي حصل بينا ...اللي حصل مش حاجة تتصلح بالجواز وخلاص ..إللي حصل مش هيصلحه غير موت واحد فينا .
ردّ يمان بقسوه مغلفه بغضب شديد
يمان : أنا مش هلح عليكي كتير ..لأني مش متعود علي دلع البنات المرق ده .. وهسيبك تفكري لحد الصبح وإفتكري إن دي آخر فرصه هديهالك ..اللي بطلبه منك ده أنا شايفه الحل الوحيد اللي أدامي دلوقتي .فيجب عليكي إنك تستغلي الفرصه علشان ما ترجعيش تندمي بعد كده...وعلي فكره انا بعمل معاكي كده علشان آدم لانه أمني عليكي ليس إلا ..ولو عليكي أنا بعترفلك إنك مش من نوعيه الستات اللي علي مزاجي ..
هزت رأسها بأسى وابتسمت ابتسامة مريرة من الاهانه القاسيه التي تلقتها منه للتو فلتفتت بعيد عنه، محاولة أن تخفي دموعها التي كادت أن تنهمر، وأكملت بصوت بالكاد يسمعه، وأجابته بكل قوه .
ميلا : يمكن الحل الوحيد اللي إنت شايفه قدامك ده يكون خيار مناسب ليك إنت بس في نفس الوقت هو إنتحار بالنسبه ليا ..وبما إنه موت بموت أتمني أموت موته ربنا ولا أني أكمّل معاك،و أربط حياتي بيك .وأعيش تعيسه العمر كله علشان أصلح غلطه زي دي .
نظر يمان إلى ميلا بنظرة جمعت بين الغضب والجرح، وكأن رفضها له كان سكينًا حادًا اخترق كبرياءه. شَعَرَ بنيران الغضب تشتعل داخله، وكأن كرامته أُهينت على يدها
لم يحاول إخفاء غضبه، بل بادرها بنظرة وعيد ملتهبة، مليئة بالتهديد الضمني، حتى أنها شعرت للحظة بقلق يختلط مع أسفها على ما فعلته. تنفس بعمق وقال بصوتٍ متهدج بالكاد تحكم به.
يمان : متفتكريش الموضوع هيخلص هنا… أنا عمري ما هنسى اللي قولتيه النهاردة..وإنتي كمان ما تنسهوش علشان هفكرك بيه لما تيجي تترجيني علشان أصلح الغلط ده ..وساعتها هيكون فات الأوان وهقولك آسف الوقت فات .
تركها يمان واقفة، وتوجه نحو الدرج بخطوات ثقيلة مشبعة بالغضب والإصرار، وكأنه يحرق الأرض تحت قدميه من قرار كل منهما .
ظل جالسا في سيارته مطرقًا برأسه على المقعد، يحاول أن يستوعب الأحداث التي مرت به في الساعات الأخيرة، وكأنه يسابق الزمن ليستجمع شتات أفكاره. فجأة، قطع صوت رنين الهاتف خلجاته العميقة. رفع الهاتف ليجد أن المتصل هو الطبيب الذي أودع لديه عينات ميلا ويزيد لتحليل النسب.
تردد يمان للحظات قبل أن يجيب. كان هناك شعور غريب يتسلل إلى صدره، خليط من الخوف والتوتر، لكنه لم يكن يتوقع الصدمة التي تلقاها على الإطلاق.
"نتيجة التحليل… إيجابية، يا يمان بيه. العينتان متطابقتان تمامًا
يمان : إيه يزيد وميلا… إخوات .
سقط الهاتف من يده وتملكه الذهول، لم يعد يقوى حتى على التقاط أنفاسه. كأن الأرض تزلزلت تحت قدميه، وأدرك أن كل شيء تغير الآن وعليه أن يعيد حساباته .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة زين، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية