-->

رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 11 - 1 - الإثنين 11/11/2024

  

 قراءة رواية في قبضة فهد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية في قبضة فهد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هالة زين


الفصل الحادي عشر

1

تم النشر الإثنين

11/11/2024



استفاقت ميلا ببطء، وما إن فتحت عينيها حتى وجدت نفسها بين يدي يمان. شعرت  بخوف وارتباك غريب يملؤها، كانت مازالت الرؤيه لديها مشوشه فلم تكن تدرك بعد ما حدث، لكن سرعان ما تجمدت ملامحها، وبدأ الخوف يتسلل إلى أعماقها عندما أدركت أنها حقا بين يديه .


صرخت بخوف وجذبت الغطاء إلى صدرها لتستر  نفسها، بينما كان يمان يراقبها بدهشة تملؤها الحيرة حيث  نظر إليها وهو يحاول استيعاب الوضع، وعيناه تعكسان خليطًا من الصدمة والتوتر فقال  بصوت مضطرب محاولًا تهدئتها بعدما أدار وجهه عنها وأمسك جبهته وأخذ يحكها وهو يحاول أن يتذكر أي طرف خيط لما أدي بهم الي ذلك  ولكنه فشل بالأمر بسبب  التوتر الذي يقبع فيه الآن   فأردف  مبررا بهدوء .


يمان : بصي ، أنا...زيي زيك  وما أعرفش  إيه اللي حصل، أنا أدامك أهو بحاول أفتكر و مصدوم وما أعرفش إيه اللي حصل وإيه اللي ممكن يكون  وصلنا  للي إحنا فيه ده .


حدقت فيه ميلا، وعيناها تملؤهما دموع الغضب والحيرة والخوف ، ثم صاحت بصوت مخنوق باكي .


ميلا : وواحد زيك  ازاي يسمح لده يحصل من البدايه أصلاا...إلا إنه  يكون مخطط ومرتب لكل حاجه وعارف هو بيعمل إيه كويس أوي ..إنت اللي جبتني هنا غصب عني ..وانت اللي أكيد حطتلي منوم في الأكل اللي جابتهولنا  الوس ..خه بتاعتك اللي إسمها ليل ... وأعدت تقنعني إني  آكل معاك وإنتي بتدحلبني بالكلام علي اللي حصلي في الصعيد علشان أمنلك وعلشان تحاول تخليني أطمن وآكل يا كداب يا مجرم .


يعلم أنها مصدومه مما حدث  وما زاد يقينه علي فعلته هو رؤيه دماء نقائها علي الفراش فمد  يده نحوها محاولًا تهدئتها، لكنه تراجع عندما رآها تتراجع أكثر إلى طرف الفراش ، وكأنها تخشى الاقتراب منه. فقال بصوت مكسور.


يمان : ميلا، أرجوكِ اسمعيني، أنا مش فاكر حاجة زيك تمامًا… إحنا اكلنا سوا … و شربنا  العصير سوا ، وكنا بنتكلم  لكن فجأة كده؟ مش قادر أفهم ولا أفتكر إيه اللي حصل .


مسحت ميلا دموعها بيد مرتجفة، ثم همست بغضب


ميلا : إنت  كداب ...كداااب ..كنت عارف إني هرفض أي علاقه بيك  من الأساس، علشان كده حبيبت تكسرني و تنتقم مني وتحطني في موقف إني ما أقدرش أرفضك   ولا افتح بوقي .


شعر يمان بالعجز، فلم يكن يعرف ما يقوله. نظر إليها بحزن وألم، وقال بصوت هادئ


ميلا : أنا صحيح ليا علاقات كتير بس  عمري ما أخدت واحده غصب عنها علشان اعمل كده معاكي ..بس إعرفي إني مش هسيبك، هفضل معاكي وهتمم جوازنا آدام الجميع عشان أردلك كرامتك وأديكي حقوقك كلها كامله ودة هيكون إعتذار مني علي اللي حصل ..لأني زي ما قلتلك عمري ما لمست واحده غصب عنها .


لكن ميلا قطعت كلامه بغضب أكبر وصرخت به بعد أن دفعت لمبه الاناره بجانبها علي الكمود 


ميلا : إنسي ..يا يمان فهد مفيش حاجة اسمها جواز  أنا مش عايزة أصلح حاجة غلط بحاجة تانية أغلط منها  تدمر حياتي للأبد 

ودلوقتي اطلع بره علشا البس هدومي وأغور من هنا .


                                 

❈-❈-❈


جلست ليل في مكتبها في الشركه  بعد أن شعرت بحمل ثقيل يضغط على صدرها، قلبها يضج بالندم والخوف، بينما كانت تستعيد كل ما حدث. كانت تظن أن خطتها بإضافة المواد المنشطه في الطعام والشراب ستقربها من يمان، وستكون هي الوحيدة التي تملك قلبه وعقله بعد ان تعطيه طفل من صلبه ، لكن انقلبت الأمور ضدها تمامًا. فهمست  لنفسها بغضب ودفعت ما علي سطح المكتب 


ليل : إزاي كنت غبية كده؟! أنا اللي كنت فاكرة إني أقدر أتحكم في كل حاجة... وفي الآخر، ساعدت الزفته اللي إسمها ميلا دي على إنها تفضل قريبة منه أكتر .


بكت بحرقة، مدركة أن خطتها لم تكتفِ بالفشل، بل دفعت يمان للاقتراب من ميلا، لدرجة أن علاقتهما الآن باتت أعقد وأقوى من ذي قبل. شعرت بالخيبة تملأها، وأدركت أنها تسببت بنفسها في خسارة كل شيء، وأنها بدلًا من امتلاك قلب يمان، قدّمت له ميلا على طبق من ذهب، وخلقت بينهما رابطًا يصعب كسره وللأبد ولأنها تعلم يمان جيدا وأنه سيسعي الي إصلاح خطأه معها أدركت إنها ستلعب علي الطرف  الأضعف وهي ميلا .


حاولت تهدئة نفسها، لكنها لم تستطع منع دموع الندم من الانهمار، فقد ضاعت أحلامها وانهارت آمالها أمامها، وأصبحت هي السبب الرئيسي في تعزيز العلاقة بينهما فأخذت هاتفها 


وجلست  في زاوية مكتبها، تحدق في شاشته بتوتر شديد، تتصفح صورًا التقطتها خلسة ليَمان وميلا في لحظات حميمية، مشاهد كانت بالنسبة لها كسهامٍ تخترق قلبها المكسور. ..كانت تجمع تلك الصور كوسيلة للانتقام أو ربما لإيجاد مبرر لتهديد ميلا بعدم الاقتراب من يمان كونه ملكيه خاصه لها ، لكن قلبها لم يكن يهدأ، بل كان يتألم أكثر.


تذكرت ما حدث بالأمس عندما طردها يمان دون أي شفقه منه علي مشاعرها التي تكنها له ..وطلب منها الخروج بينما ميلا تقف بجانبه


وتذكرت كم كان مرتاحا ووجهه بشوش وعلامات السعاده تخرج من عينيه كقلوب حمراء خافقه  ..بينما وقفت هي بخطى ثقيلة، تجر معها خيبة الأمل، وعندما اقتربت من الباب، استدارت ليمان  بعينين ممتلئتين بالغضب والانكسار، لكنها لم تنبس ببنت شفة. غادرت المكان دون أن تتفوه بكلمة، مدركة أن هذه هي النهاية لكل أحلامها المهدورة .


خرجت وانتظرت بالخارج حتي حانت اللحظه الحاسمة التي إنتظرتها وهي تتجسس عليهم بالخفاء حتي لا يراها أحد الحرس المنتشرين بالحديقه .فهي لم  تكد تحاول إلتقاط صورا لهم  حتى فاجأها الحارس الشخصي ليَمان الذي كان يبحث عنها ، يقف عند الباب بملامح صارمة وعينين تحملان الإنذار. أشار لها بالخروج بصوت حازم، ولم يترك لها مجالاً للرفض أو المناقشة.

الحارس : يمان بيه كان بلغني أوصلك الشركه .


عادت من شرودها علي صوت الهاتف الذي يهتز بين يديها 


السائق : البت خرجت وهي معيطه  وهو خرج وراها بعربيته بعد مارضيتش تخليه يوصلها فبعتها مع عربيه الحراسه التانيه. 


وقفت ليل وأخذت ترتب حالها وأخذت حقيبه يدها وخرجت بسرعه 


ليل :طب حاول تعطله بأي حجه علشان لما يجي الشركه  يلاقيني وما يشكش في حاجه  وانا هحاول ما أتأخرش.


السائق : لا ما تحاوليش تخرجي دلوقتي..وتتصرفي بتهور لانه خرج وراها وماشي ورا عربيه الحراسه فعلا  ...وماتعمليش حاجه تانيه  توديكي في ستين داهيه لانه أكيد هيعرف إنك ورا العمله السودا دي ومش هيعديهالك بالساهل.  


أخذت تعض علي أصابعها وتتحدث من بين أسنانها 


ليل: ماهو انت لو كنت شايف شغلك وبتعمل بالفلوس اللي بديهالك كل شهر وكنت قلتلي أن الزفته دي معاه في المزرعه ما كنتش عملت العمله السودا اللي جات علي دماغي  في الآخر دي .


السائق : أعمل إيه يعني ماهو اللي بعتني عند أميره هانم علشان أجيبها من النادي.

أغلقت الهاتف بوجهه دون اي كلام وصرخت باحدي العاملات وأمرتهم بتنظيف المكتب وجلست بحاله يرثي لها  وعلامات الغضب ظاهره علي وجهها 


                                 

❈-❈-❈   


 وقفت داليدا في شرفة شقه ميلا ، ترتعش من القلق، ويدها على هاتفها تتردّد بين الاتصال بآدم، خال ميلا، أو الانتظار قليلاً. كانت المرة الأولى التي تتأخر فيها ميلا لهذه الدرجة، ولم يزدها إغلاق هاتف ميلا إلا قلقاً. رغم كل شيء، منعها كبريائها من  الاتصال به للحفاظ علي ماء وجهها ، فقد ظنت أن ميلا قررت قضاء الليلة معه لرؤية أخيها يوسف، فاختارت أن تنتظر قليلاً، على أمل أن تعود ميلا قريباً وتطمئنها بنفسها.


وبينما هي شارده فيما حدث وما يحدث وجدت ميلا وأخيرا تعود الي المنزل حيث تنزل من إحدي السيارات السوداء فهرعت للداخل تفتح باب الشقه وتستقبلها بشوق  تنتظرها عند مقدمه الدرج  وبمجرد أن لمحتها  بدأت بتوبيخها ساخره قائلة


داليدا : إيه يا ست ميلا؟ قلقتيني عليكي طب كنتي طمنيني لو حتي بتليفون بدل مانا بآكل في نفسي كده من القلق عليكي طول الليل ولا من لقي أحبابه نسي أصحابه ...والحب ولع في الدرة .


ولكنها توقفت عن الكلام فجأة عندما لمحت الدموع في عيونها ، ووجها الشاحب المثقل بالحزن. تراجعت داليدا عن عتابها، وبدلاً من ذلك، فتحت ذراعيها بحنو، واحتضنتها بقوة، كأنها تقول لها بلا كلمات ...


أنا هنا، احكيلي، فضفضي.. أنا جنبك."


استسلمت ميلا لعناق صديقتها، وشعرت بالدفء والراحة في حضنها، وكأن هذا العناق حمل بعضًا من ألمها.


داليدا :تعالي جوه إحكيلي إيه اللي حصل ومالك شكلك معيط كده ليه .


تقدمت ميلا مع داليدا إلى داخل الشقة بخطوات ثقيلة، وعندما جلست للحظة، همست بصوت مبحوح


ميلا :  "داليدا، ممكن تسيبيني لوحدي شوية؟ محتاجة أكون لوحدي.النهارده .


نظرت إليها داليدا بقلق ورفض قاطع، فقد كانت تخشى أن تتركها في هذه الحالة المضطربة. وقفت بجانبها تحاول إقناعها برفق

داليدا : لا طبعا مش هسيبك كده، أنا هنا معاك لحد ما تحكيلي إيه اللي حصل .


لكن ميلا، التي غلبتها مشاعرها المتشابكة، صرخت بغضب مفاجئ وهي تبعد يد داليدا عنها


ميلا : قلتلك عايزة أبقى لوحدي! سيبيني فحالي إنتي إيه ما بتفهميش .


كان هذا الصراخ بمثابة طعنة في قلب داليدا .

شعرت بالألم من ردة فعل ميلا، لكنها احترمت رغبتها، واستدارت خارجة بصمت، تاركةً ميلا تواجه أوجاعها بمفردها، وهي عاجزة عن فعل أي شيء لتخفيف ألمها.


                                   

❈-❈-❈    


جلس المعلم قاسم  بتأمل، واضعًا الأرجيلة جانبًا بعدما زادت عليه شكوكه وبدأت تشتعل في رأسه الأفكار. نظر إلى الرجل الذي جاءه بالخبر، وضاقت عيناه وهو يستمع بانتباه. بعد لحظة صمت، قال بصوت حازم


قاسم : أنت متأكد من اللي شفته؟ يعني شفت الست  داليدا بنفسك وهي بتنزل من العربية دي؟"


رد الرجل بثقة، 

أيوه يا معلم، شفتها بعيني، والعربية إيه شكلها غالي أوي  ومش من النوع اللي بيوقف في شوارعنا ولا نواحينا ، ولأني عارف ان الست داليدا بميت راجل ما أخدتش في بالي..بس لما الست  ميلا كمان .. نزلت من عربية شبهها  النهارده وكان شكلها معيط  ..شكيت في الامر وما بقتش مطمن ..وقلت أقولك يا معلم لان  اللي محيرني أكتر إن في حد قاعد يراقب بيتهم من الصبح من العربيات اللي واقفه عند داخله الحارة دي.


تنهد قاسم بغضب مكتوم، ثم نظر إلى الرجل بحدة وقال


قاسم : طيب، شوف شغلك أنا وأنا هتحرك واتأكد بنفسي مين اللي قاعد  يلف ويدور حوالين ناس تخصني في منطقتي ، وهعرف إيه حكاية العربيات دي. ولو طلعت اللي في باللي لها  علاقة بحد غريب غيري وعاملالي فيها خضرا الشريفه ، هيبقى يومها  أسود .


ثم أشار قاسم بإصبعه إلى رجاله الواقفين وقال 


قاسم : عايز رقابة مشددة... عينيكم على كل اللي حوالين البيت، وما يتحركش منهم واحد غير لما نعرف كل اللي بيحصل. وأي حد يتجرأ يقرب من  بيت الانسه ميليا بالشكل ده هيتحاسب."


نهض المعلم قاسم بتصميم، بينما الرجل ينظر إليه مطمئنًا أنه لن يترك الأمر يمر مرور الكرام لانه يعلم مدي عشقه المجنون لفاتنته الشقراء ميلا .