-->

رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 6 - الثلاثاء 19/11/2024

 

قراءة رواية جبل النار كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية جبل النار

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل السادس

تم النشر الثلاثاء

19/11/2024



نقل بصره بينها وبين الورقة التي بين يده وكأنه لا يصدق ما يراه

اخذ نظارته وأرتداها كي يتأكد وبدأ الغضب يتجمع داخل عينيه مما جعلها تجفل من هيئته فأشار بالورقة أمامها

_ايه ده؟

شعرت هايدي بالخوف واخذت مئزارها ترتديه وردت بتلعثم

_أ…أنا.. اتفاجئت زيك….

قاطعها بصوت هادر وهو يعتدل في فراشه

_اتفاجئتي ازاي وانتي بقالك سنة بتقنعيني انك تحملي، ايه بتستغفليني؟!

ذهلت هايدي من مدى غضبه وكأنها فعلت ذلك بالحرام

_انت بتقول ايه؟

ازاح الغطاء بغضب وارتدى ملابسه وهو يقول باتهام

_بقول الحقيقة ياهانم هي كلمة واحدة مفيش غيرها الحمل ده ينزل.

اتسعت عينيها بصدمة كبيرة من حديثه وكأن من يقف أمامها الآن شخص آخر غير الذي أحبته

_انت مستوعب كلامك؟

أشاح بوجهه بعيدًا عنها وقال بإصرار 

_اللي قولته لازم يتنفذ وده آخر كلام عندي.

شعرت هايدي بخنجر حاد يخترق قلبها بقوة وصدمة أخرى تضاف لقائمة صدماتها به

لكن تلك المرة هي الأشد والأقوى

لهذه الدرجة لا يريد شيء يربطه بها؟

هل حبه لأسيل وصل إلى مرحلة تجعله يقتل طفله 

هزت راسها برفض وقالت بحدة

_لأ.

ضيق عينيه مستفهمًا

_لأ ايه؟

اجابت بتحدي وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه

_مش هقتل ابني حتى لو وصلت للطلاق.

ردد حازم كلمتها بذهول

_طلاق؟!


لن تبكي على شيء ولن تبالي، هو يعشق أخرى لذا لن تحفل به بعد الآن فقالت بتحدي

_أيوة طلاق أنا خلاص اللي قولته ده دمر الخيط الوحيط اللي كان رابطنا ببعض.


ازداد غضبه من عنادها وتقدم منها يمسك ذراعها بقبضته ويهزها بعنف

_انتي قصدك تلوي دراعي…

قاطعته بأن سحبت ذراعها من يده وقالت بألم لم يعد باستطاعتها اخفاءه

_انا مش في حياتك أصلًا عشان ألوي دراعك ببعدي زي ما بتقول.

تجمعت العبرات بعينيها وهي تردف

_انا بالنسبالك مجرد واحدة عجبتك وحسيت بتوافق اجتماعي بينك وبينها إنما ده…

أشارت بسبابتها على قلبه وتابعت بضياع

_عمره ما حس بيا.

تهرب بعينيه منها وتابعت هي

_لأنه مش بيحس غير لغيري

اهتزت نظراته عندما حشرته في الزاوية وغمغم بنفي

_محصلش أنا….

قاطعته وهي تمتم بعذاب

_شــش بلاش تكدب، لأنك لو كدبت هصدقك هكدب عينيه واصدق(صرخت بألم) هكدب وداني اللي بتسمعك بتردد اسمها وانت في حضني وأصدقك.

رمش بعينيه وغمغم بنفي

_محصلش

_لأ حصل

هزت رأسها بضياع وتابعت

_انا عارفة كل حاجة مهما حاولتوا كلكم تخبوا عليا.

بس انا رفضت أسمح لحاجة تفرق بيني وبين جوزي وحاولت بكل الطرق اعوضك عنها بس انت رافض تشوف أي حاجة بعملها عشانك مش شايف غيرها هي وبس.

استدار كي لا ترى اهتزاز نظراته وتمتم بانفعال

_الكلام ده مش حقيقي دي أكيد أوهام.

اومأت له بألم

_صح، ده اللي كنت بضحك على نفسي بيه لحد ما سمعتك وانت بتعترفلها انك لسة بتحبها. قلت بلاش تخربي بيتك بإيدك وأكيد ده مجرد وهم وهيرجع لحضنك تاني

تطلعت للغرفة حولها وتابعت

_عملتلك بيتنا ده جنة ومخلتكش تحس للحظة واحدة إن ناقصك حاجة تخليك تبص لغيري، ومع ذلك كنت بلتمسلك اعذار وبقول حب طفوله وأكيد مع الوقت هينساها، لحد ما ظهرت في حياتنا وضحكت عليا وفهمتني أنها أختك والاخر طلعت أسيل اللي بتنام جانبي وتحلم بيها.

اتسعت عينيه ذهولًا من حديثها وتحدث بانفعال

_ايه الكلام اللي بتقوليه ده، ده مش حقيقي.

تطلعت إليه بابتسامة مغمرة بالمرارة وقالت 

_ما قولتلك بلاش تكدب لأني هصدقك، عارف ليه؟ لأن رغم اللي بتعمله فيا ده ولسة بحبك، عارف لو قولتلي إنك عمرك محبيت غيري وأنا بس اللي في حياتك برضه هصدقك، عارف برضه ليه؟

قالتها بكل المرارة التي تحملها بداخلها

_عشان بحبك ياحازم بحبك.

خرجت من الغرفة وهي تجري وتدلف غرفة الأطفال كي تسمح لنفسها بالأنهيار أكثر.


انتهت الآن القوة الزائفة التي كانت تتحلى بها

لقد انتهى؛ ضاق بها ذرعًا لم تعد تستطيع التحمل

انتبهت لصوت أغلاق الباب مما جعلها تنخرط أكثر في البكاء

انتهى كل شيء بعد ما حدث 

لن توافقه وستحتفظ بطفلها وتتركه هو لسرابه.

..

بيد مرتعشة سحبت حقائبها وخرجت بها من الشقة وقلبها يعتصر بغصة مؤلمة 

ألقت نظرة أخيرة على المكان قبل ان تغلق الباب وترحل منتوية وضع حجر صلب على قلبها والذهاب دون عودة، ليس لها مكان في حياته ولن تفرض مشاعرها عليه أكثر من ذلك.


❈-❈-❈


وقفت حور تعد القهوة ومازالت تلك الرعشة تنتابها

نعم تشعر بالخوف كلما رأته لكن الأدهى من  ذلك الآن انه يظهر أمامها بوجهه الحقيقي دون زيف او خداع

وكل ذلك الهيام كان لغرض الوصول إليها 

وجالت بخاطرها ذكريات من الماضي لم تترك مخيلتها لحظة واحدة


عودة للماضي

سارت على الممر وهي تسحب حقائبها تبحث بعينيها عنه

أخبرها بأنه سينتظرها بالسيارة وهي وافقته رغم أنها مجازفة قصوى إن علم بها والدها فلن يمرر الأمر مرور الكرام وستكون عاقبتها جسيمة 

لكن هي قررت أن تعيش تلك اللحظات عندما بدأت تشعر ببوادر عشق تسلل إلى قلبها.


لأول مرة تجد من يبحث عن سعادتها ويشاركها بها 

لذا ستسرق هذه السعادة من الدنيا وتعيشها حتى لو تحولت بعد ذلك لندوب

لكن أحلامها تبخرت عندما وجدت سليم أخيها واقفًا أمام سيارته ينتظرها.

وقفت مكانها تنظر إلى أخيها تارة ولداغر الذي مازال ينتظرها في سيارته تارة أخرى

هل تتدارى وتذهب إلى داغر متعللة بأنها لم تجد أحد 

أم تنجو من خطر مؤكد وتذهب مع أخيها


وقد كان للقدر رأي آخر إذ لمحها أخيها وتقدم إليها كي يحسم قرارات ذلك القلب الحائر

حاولت رسم ابتسامة على محياها عندما دنى منها يقبل وجنتها بفتور كعادته وقال بثبوت 

_حمد لله على السلامة.

حاولت البحث عن صوتها حتى وجدته فخرج متقطعًا

_الله…يسلمك.


_طيب يلا بسرعة عشان الوقت آتاخر 

سارت معه وحمل الحقائب ليضعها في السيارة

فألقت هي نظرة على داغر فوجدته يرمقها بنظرات مبهمة لا تعرف إذا كان إحباط أو زعل أم ضيق

استقلت السيارة مع أخيها وانطلقوا بها 

وحينها تأكدت إن قصتها قد انتهت قبل بدايتها.

كان أخيها ملتزم الصمت كعادته وهي ظلت طوال الطريق بشرود حتى وصلوا إلى منزلهم عند شروق الشمس.

شعور بالإحباط يكتنفها 

لكنها حاولت الثبات كي لا يشعر بها أحد.

دلفت السيارة ساحات المنزل الكبير الذي برغم مساحته إلا إنها تشعر بضيق كأنه قبو.

حتى تنفسها أصبح ثقيلًا

توقفت أمام البوابة الكبيرة وأخذت أسيل تنظر إليها من النافذة كأنها سجينة يقودها لحبسها

فتح السائق لها الباب وشعرت بأن قدميها أصبحت كالهلام لا تقوى على تحريكها 

تحاملت على نفسها وترجلت من السيارة وسارت بصحبة أخيها حتى دلفت للداخل


مازال كما هو لم يتغير شيء منذ أن رحلت منذ خمس سنوات

تقدمت منها مديرة المنزل ومربيتها ترحب بها بحفاوة

_حمد لله على السلامة ياأسيل وحشتيني اوي.

رحبت أسيل بتلك الأذرع التي احتضنتها بود وردت بصدق

_وانتي كمان يادادة وحشتيني أوي.

ابتعدت عنها أمينة لتنظر إليها 

_البيت كان وحش أوي من غيرك، باباكي في المكتب ادخلي سلمي عليه لحد ما احضر الفطار.

تطلعت إلى المكتب برهبة ورغبة ملحة بالهرب 

عادت إلى جحيمها بنفسها لكن ماذا تفعل أمام أوامر لا يمكن عصيانها 

بأقدام ثقيلة تقدمت بخطوات بطيئة إلى باب المكتب

وسليم صعد إلى غرفته وتركها كحاله دائمًا معها.

طرقت الباب وهي تزدرد لعابها بوجل ودلفت المكتب فتجد والدها جالسًا خلف مكتبه يتحدث بالهاتف 

ظلت واقفة تنظر إلى جبروته وتحكمه بمن يهاتفه 

ذلك الرجل الذي لا يعرف شيء عن الرحمة ولا يعرف شيء سوى أن يكون ساخط على من يقف أمامه

 انتهى شرودها عندما انتهى هو من مكالمته

نهض من مكتبه وتقدم منها وبدون إرادتها وجدت نفسها ترتد خطوة للوراء خوفاً 

_حمد لله على السلامة.

رمشت بعينيها وصوته الحاد يشوبه بعض الترحيب منه 



حاولت أسيل الابتسام لكنها ظهرت باهتة 

_الله يسلمك آسفة ان كنت قلقت حضرتك.


كانت عينيه الحادة ثابتة لا تظهر أي عاطفة وتحدث بامتعاض

_مكنش في داعي أبدًا إنك تيجي مصر بالباخرة، الطيارة كانت هتوصلك في ساعات قليلة، لكن إصرارك على الباخرة أكيد كان له دوافع.

انقبض قلبها خوفًا من ان يكون علم ما فعلته عليها فتمتمت بارتباك

_لا…لا..كل الحكاية إني بخاف من الطيران وعشان كدة فضلت الباخرة مش أكتر.

_على العموم حصل خير، اطلعي اوضتك غيري هدومك وانزلي نفطر مع بعض.

وافقت دون اي اعتراض وخرجت من المكتب لتأخذ نفس عميق وكأن رئتيها لم تستنشقه منذ أن شاهدته.

وضعت يدها على قلبها تهدئ من ضرباته وصعدت غرفتها فتجد أحد العاملات تفرغ الحقائب وتضعها في الخزانة.

قالت لها بتهذيب

_سيبي وانا هفضيها.

همت الفتاة بالاعتراض لكنها أصرت

_قولتلك أنا هرتبهم بحب اعمل كل حاجة بنفسي.

اومأت الفتاة وخرجت من الغرفة 

ثم اخذت أسيل ملابس لها ودلفت المرحاض.


على مائدة الافطار

لم تنام أسيل في السيارة كما كانت تتظاهر أمام سليم بل ظلت تفكر في رد فعله

هل باستطاعتها رؤيته مرة أخرى

لكن كيف ذلك وهو لا يعرف عنها شيء سوى اسمها

حتى انهم لم يتبادلوا أرقام هواتفهم.

هل انتهت قصتهم قبل بدايتها

ام انها قصة ليس لها بداية أو نهاية 

نزلت الدرج فتجد والدها وسليم جالسين على المائدة كلاً في واديه

القت عليهم السلام وجلست على مقعدها

لم تملك الشهية للطعام لكن لن تستطيع الرفض

هكذا حياتها لا اعتراض او نقاش

ظلت تتلاعب بطعامها وأبيها يتحدث مع سليم في امور العمل

عادت لوحدتها ولسجنها

ليت والدتها لم تمت وتتركها لذلك العذاب

لكنها رحلت وتركتها تنكوي بنيرانهم

نهضوا جميعاً وتركوها دون ان يلتفتوا إليها مما جعلها تشعر بالنفور من تلك الحياة


عودة للحاضر 

انتبهت لفوران القهوة فقامت بغلق الموقد سريعًا وقامت بعمل غيرها..

عليها ان تكون منتبهة اكثر من ذلك.



في غرفة داغر


دلفت حور وهي تحمل القهوة فتجده مازال جالسًا على مقعده وعينيه الرمادية ثابتة لا ترمش إلا قليل


تقدمت منه تضع القهوة على الطاولة الصغيرة بجواره وتمتمت بخفوت 

_اتفضل القهوة.

عاد بظهره للوراء وهو يغمغم بتعند 

_أشرب القهوة ازاي من غير فطار.

بوغتت بحديثه وعلمت أنه فقط يتلاعب بها فقالت بثبات 

_عملت الفطار وقولتلي عايز قهوة.

من مصدر صوتها علم أنها تقف قبالته 

تحسس الطاولة بجواره ليأخذ سيجارة أخرى وبدأ في اشعالها 

وقال بعدم اكتراث

_طيب هاتي الفطار وشيلي القهوة.


كم أرادت في تلك اللحظة أن تلقيها في وجهه وتحرق ذلك الوجه الذي استطاع خداعها بقناعه البريء لكنها أحجمت تلك الرغبة 

وبيد مترددة قامت بوضع الطاولة أمامه والتي يحتوي طعامها على تلك المادة 

وكي لا تجبر نفسها على التراجع اخذت فنجان القهوة وقالت 

_هعملك قهوة غيرها.

خرجت مسرعة من الغرفة وقلبها يهدر بعنف

رغم بغضها الشديد له ورغبتها في الانتقام إلا إنها لا تعرف كيف استطاعت فعل ذلك الشيء المشين

كانت هناك طرق كثيرة غير القتـ.ـل، لما اختارت تلك الطريقة 


دلفت المرحاض تحاول تنظيم أنفاسها كي توقف تلك الرجفة

يحسها قلبها على الذهاب إليه ومنعه من تناول ذلك الطعام

ذلك القلب الخائن يأبى رضوخها لنار الانتقام لعلمه بأنه أول من يكتوي بنارها.

تدحرجت دموعها تنزل بغزارة وهي في صراع داخلي ما بين تركه ومواصلة انتقامها وبين مشاعرها التي مازالت مستمرة في عشقه، حقيقة ظهرت امامها فور رؤيته 

وخاسرة هي إن فكرت في الوقوف أمام قلبها.


أما هو فلم يستطيع تناول طعامه 

عندما اكتشف أن قلبه مازال عاشقًا لها

لا يعرف ماذا يفعل 

وقد أصبحت متواجدة معه تحت سقف واحد.

هي؛ نعم هي.

لن يخطأ بذلك الصوت الذي ظل يتردد بأذنه طوال تلك الأعوام 

ورائحتها التي لم تتغير وقلبه الخائن الذي أخذ يدق بعنف فور إن سمع صوتها

ضغط على عينيه بقوة وهو يتساءل

لما عادت؟ 

لقد بعث الكثير ليبحثوا عنها أثناء وجوده في الخارج وكلهم أكدوا بأنها سافرت ولن تعود

والأدهى من ذلك لما قامت بتغيير اسمها؟

ولما أيضًا تعمل كممرضة؟


هل هي حيلة أخرى كي توقعه بشباكها وترحل كما فعلت من قبل؟


أسئلة كثيرة تدور برأسه يريد لها إجابة وعليه أن يعرفها 

وأولها لما تخلت عنه بعد أن وضع حياته بين يديها

صراع حاد بين عقل يرفض ذلك اللين وأن ينتقم منها أشد انتقام على تخليها عنه

وآخر قلبه الذي لا يزال يشتاقها


❈-❈-❈


ظل داغر حبيس غرفته كما حال ظلام

كل شيء حوله تبدل بعودتها

بظهورها بعد أن فقد الأمل بالعثور عليها

ماذا سيفعل الآن؟

هل يتركها تضغط على جروح لم تلتئم بعد

أم يبعدها حتى تشفى جروحه وحينها سيكون انتقامه أشد وأقوى.

أخرجه من شروده طرق الباب ودلوف سلوى

_مساء الخير يا كابتن.

تنهد داغر ورد بثبوت

_مساء النور يا سلوى خير؟

ردت سلوى باستياء

_حضرتك ما أكلتش حاجة من الصبح وكمان مأخدتش العلاج وخليل بيه لو عرف كل ده هيسبب مشكلة معايا.

مسح داغر على وجهه وقال بفتور

_تمام خليها تجهز الغدا


على الغداء


جلس داغر على السفرة وهي واقفة بجواره تنتظر تعليمات منه

سألها

_ايه نوع الأكل؟

أخذت أسيل تشرح له كما علمتها مديرة المنزل وبعد انتهاءها قال بجمود

_شيلي الأكل ده.

حرقة اعصاب اخرى لكنها تلك المرة سألته

_ممكن اعرف ليه؟ الأكل انت طلبته بنفسك.

رد بانفعال

_انتي هتناقشيني، قلت شيلي يبقى تشيلي من سكات.

ازداد بغضها له وقامت بحمل الاطباق وأعادتها للمطبخ

سألتها مديرة المنزل

_ايه يا حور رجعتيه ليه؟

وضعته حور على الطاولة الرخامية وقالت باقتضاب

_مش عجبه.

_يبقى اكيد متعصب من حاجة، أنا هروح له.

خرجت سلوى وجلست حور تنظر إلى الطعام بقلق

عليها ان تتخلص منه كي لا يأكله احد آخر

قامت بالبحث عن اكياس بلاستيكية وألقت بها الطعام ووضعته جانبًا



تقدمت سلوى منه وسألته

_كابتن داغر لو الأكل مش عاجبك نعمل غيره، تحب حاجة معينة

سألها بحزم

_هي فين؟

سألته بحيرة

_هي مين؟

رد بانفعال 

_اللي أخدت الأكل وبعتتك.

_اه تقصد حور، هي قالت الأكل مش عجبك قلت اسألك

تحدث بانفعال أشد

_بس انا طلبت منها هي يبقى كل حاجة تتنفذ زي ما أنا عايز.

لم تزعل منه لأنها تعرف تلك الحالة جيدًا فقالت بروية

_اللي تشوفه ثواني هبعتهالك.

ازاح كوب الماء من أمامه فيسقط على الأرض متحطمًا ولم يهدئ ذلك من غضبه

ولما لا وقد عاد الحنين لرائحتها بعد غياب عامين

تقدمت حور بحذر عندما رأت الزجاج المهشم وقالت بثبوت

_نعم.

توهجت عيناه بغيومها عندما اقتحمت رائحتها كيانه فحاول الثبات امامها وقال بحزم

_فين الأكل؟

_أكل ايه؟ انت مقولتش …..

قاطعها بحدة

_الأكل اللي شلتيه دلوقت.

تطلعت إليه بدهشة لم تلبث كثيرًا وردت 

_للأسف رمناه.

قطب جبينه مندهشًا وسألها باحتدام

_انا اذنت بكدة؟

ردت بنفاذ صبر

_لأ بس حضرتك قلت الأكل مش عاجبني فركناه ومستنيين تؤمر بأيه تاني.

_عايز نفس الأكل اللي رمتيه ويكون جاهز في خلال ربع ساعة

لو كانت النظرات تقـ.ـتل لكان الآن غارقًا بدماءه لكنها احجمت رغبتها وقالت بسخط

_تمام

همت بالذهاب لكنه منعها

_رايحة فين انا مسمحتش بانك تمشي.

اغمضت عينيها بضجر 

_نعم.

نهض وهو يقول بأمر

_متعمليش اكل انا أصلا مليش نفس.

نهض من مقعده وقال بأمر

_هتيلي القهوة على المكتب.


نهض ليدلف المكتب وهو يحاول جاهدًا ألا يتعثر في سيره بدون عصاه أمامها

أما هي فقد ظلت تنظر إليه بوجوم حتى اختفى داخل المكتب.

لن تسأم بتلك السهولة عليها ان تتحمل قليلاً كي تصل لمرادها


دلفت المطبخ وقامت بإخراج الزجاجة من جيبها فلاحظت انها على وشك الانتهاء ولم تفلح محاولة منهم.

أفرغت محتواها بالقهوة وهي تعدها ثم وضعتها على النار رغم اعتراض قلبها على ذلك.

دلفت مكتبه وهي تحمل القهوة بيد مرتعشة ووضعتها أمامه قائلة بارتباك

_القهوة..

قال بأمر

_هاتيها على الجانب التاني هي سلوي مفهمتكيش ازاي تقدمي حاجة لواحد أعمى؟

اندهشت حور كيف له ان يميز مكانها

_لا فهمتني

حملت الكوب ووضعته على يمينه وقالت 

_حاجة تاني؟

عاد بظهره للوراء

_اه هتيلي علبة السجاير من اوضتي.

اومأت بصمت وذهبت لتأتي بها فلم تجدها

أخذت تبحث في كل مكان حتى وجدتها أسفل الوسادة

عادت إليه تضعها على يمينه فقال 

_السجاير بتبقى على الشمال

رمشت بضجر وقامت بوضعها على يساره 

_اتفضل.

أخذ واحدة وقام باشعالها  وهو ينفخ دخانها بقوة، تطلعت إلى عينيه الغائمة من بين الدخان وعاتبت نفسها كيف خُيل لها أن تلك العيون تعرف شيئاً عن الحب

ازعجتها رائحة الدخان فأخذت تسعل

بقوة فسألته

_عايز حاجة تاني؟

لم يجيبها وانتظر حتى انهى سجائره واطفأها في المطفأة أمامه

_غيري القهوة لأنها بردت.

بصمت مطبق أخذت القهوة وخرجت بها من المطبخ كي تعد غيرها دون جدال 

هي تعلم بأنه يفعل ذلك كي تمل منه وتتركه

وللمرة الرابعة يفشل مخططها لذا عليها ان تكون أكثر حرص المرة القادمة

قامت باعداد غيرها وقد انتهت الزجاجة ولم يعد بها نقطة واحدة

لذا اعدتها بضيق ثم عادت إليه و ضعته على يمينه

_القهوة.


مد يده ليأخذ الفنجان ثم تحدث بجمود

_مظبوط؟

ردت بثبوت

_ايوة زي ما بتشربها.

أعادها لوضعها وتحدث باستنكار

_ومين قالك إني بشربها مظبوط؟

حاولت أسيل التحلي بالصبر وقالت بتروي

_آنسة سلوى اللي قالت.

زم فمه بصعوبة شديدة بتحكم غضبه وازاح الفنجان من أمامه وهو يصيح بها بعنفوان جعلها تنتفض في وقفتها

_انا اللي اقولك وانا اللي أحدد ايه اللي اشربه فاهمة ولا لأ.

الكلمة هنا في البيت ده كلمتي ومفيش حاجة تتعمل إلا باذني

كان يزمجر كليث مذبوح وتابع بهدر

_اتفضلي امشي من قدامي وبعد كدة تسأليني قبل ما تخطي اي خطوة في البيت ده.

لم يزيدها حديثه إلا مرارة وازدراء علقمت قلبها

لذا انسحبت بهدوء وهي تراه يقوم بإذلالها بكل ذلك الجبروت

مسحت دموعها باناملها وهي تدلف المطبخ وتضع الفنجان في الحوض كرهت كل شيء

وعلمت أنها لن تستطيع الاستمرار اذا استمر هو على ذلك.

مر الوقت بطيء حتى جاء موعد انصرافها

أخذت حقيبتها وخرجت من المطبخ

لكنها توقفت عندما شاهدته وهو يصعد الدرج يقيس مسافة كل درجة بعصاه ولم يكن يعلم بأنها تشاهده.

شعرت بالتشفي وهي تراه أمامها بذلك العجز

تغير كثيرًا ولم يعد ذلك الشاب المفعم بالحياة

بل أصبح ذليل لتلك العصاه والتي تعد طوقه الوحيد لكن لم يشفي ذلك جراح قلبها

تريد أن تراه مذلول أكثر وأكثر وستعمل بكل الطرق كي تنقم منه

الأهم الآن ان تضغط على ذلك القلب كي لا يكون عقبة أمام انتقامها.



دلف غرفته يزيح بقدمه كل ما تراه عيناه وقد تحولت رماديتاه إلى غيوم تنذر بهبوب عاصفة هوجاء حتى وصل لمقعده

ألقى بثقله عليه وقد ازداد غضبه من ذلك القلب الذي يعترض على معاملته معها

دائما ذلك الخائن يلتمس لها آلاف الأعذار 

منذ أن استيقظ من غفوته وعلم بأنها تخلت عنه

لما عليه أن يكون بذلك الضعف أمامها

لما ذلك وقد قامت بنحره بكل قوتها ولم ترأف به او حتى تشفق عليه كما يفعل معه الجميع؟

لما هانت عليه رغم أنها لم تهون ومازال حتى الآن يعشقها

وضع وجهه بين كفيه ثم مررهم على خصلاته الفحمية يريد أن يقتلعهم من شدة غضبه.

تنفس بقوة يحاول العودة من ذلك الشتات التي تسببت به بعد ان بدأ يتقبل حياته كما هي دي

رن هاتفه بالرقم المنشود فأسرع بإخراجه من جيبه وقام بالرد عليه مسرعًا يسأله بلهفة

_عملت ايه؟ وصلت لحاجة؟


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة