رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 9 - السبت 23/11/2024
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل التاسع
تم النشر السبت
23/11/2024
في الصباح
دلفت أسيل الغرفة بمساعدة أخيها ثم ساعدها على الاستلقاء وسألها
_بقيتي أحسن.
اومأت له بامتنان فهم بالخروج لكنها اوقفته
_سليم؟
تطلع إليها متسائلاً فقالت
_عايزة أسافر اسكندرية مع دادة أمينة، يومين بس.
ظهر الرفض واضحًا عليه وقبل أن يفرضه عليها قالت له برجاء
_أرجوك هما يومين بس محتاجة اغير جو.
فكر قليلًا ولم يستطيع الرفض أمام رجاءها ثم تحدث بروية
_تمام هبقى اخلي عادل يوصلكم ويفضل معاكم لحد ما ترجعوا.
خرج من الغرفة ودلفت أمينة وهي تحمل كوب من الأعشاب الساخنة
_قومي يا أسيل اشربي الاعشاب دي هتريحك.
اعتدلت في الفراش وقالت بلهفة
_يلا يادادة بسرعة جهزي الشنط عشان هنسافر اسكندرية
قطبت أمينة جبينها بدهشة وسألتها
_اسكندرية ؟ وانتي تعبانة كدة؟ وفي البرد ده؟
_لأ أنا بقيت كويسة خلاص يلا بسرعة قبل سليم ما يغير رأيه.
ضيقت أمينة عينيها بشك وسألتها
_في ايه بالظبط ياأسيل فرحتك دي مش مطمناني.
امسكت أسيل يدها وقالت بسعادة
_فاكرة الشاب اللي قابلته على الباخرة وانا راجعة من ايطاليا؟
_اه فاكرة وفاكرة كمان إني قولتلك متحاوليش تقابليه ليكون بيلعب بيكي.
هزت راسها بنفي وقالت بسعادة
_لا أنا اتأكدت من حبه ليا، جاني المستشفى وطلب مني أقابله في اسكندرية قبل ما يسافر.
قطبت جبينها بدهشة وسألتها
_وسليم كان فين؟
_انتي عارفة سليم مش بيحب جو المستشفيات فأكيد كان قاعد في الكافتيريا، ها قولتي ايه؟
ردت أمينة بامتعاض
_لأ يا أسيل مش موافقة.
الحت عليها برجاء
_أرجوكي يادادة أنا كمان حبيته واتأكدت انه مش بيلعب بيا.
وبعدين انا عايزة اعيش سني اللي دفنته ما بين بيت بابا وبيت جدي، عايزة اشوف الدنيا شوية مش هفضل طول عمري محبوسة بين اربع حيطان، وأهو بالمرة تشوفي حازم.
وافقت امينة بعد رجاء وأستعدوا بالفعل قبيل الصباح ثم انطلقت السيارة بهم وقد حالفها الحظ بغياب والدها مع زوجته.
استقلت السيارة مع أمينة والسعادة تغمرها لأول مرة بحياتها
لأول مرة تشعر بأنها طليقة تفعل ما تشاء بعد أن لامس الحب قلبها
بعثت إليه رسالة تخبره بأنها آتية إليه ولم تعرف بأنه وراءها يقود سيارته خلف سيارتها.
وصلته رسالتها فتبسم بسعادة غامرة وهو يقرأها ورد عليها بأخرى
"عارف"
وصلتها رسالته فتسأله بدورها
"عرفت ازاي"
"عشان بيني وبينك مسافة لا تتعدى اتنين متر ولو عايزاني اكون جانبك ثواني وهتلاقيني بشاورلك من العربية"
"انت مجنون"
"هو أنتِ لسة شوفتي جنان سيبي نفسك انتِ بس وأنا هعيشك يومين عمرك ما هتنسيهم"
"مضطر اقفل عشان الطريق هروح البيت اغير لبسي وأجيلك خلينا على اتصال"
في الإسكندرية
وقفت أسيل في الشرفة تنظر إلى البحر بشرود وسعادة عامرة لم تشعر بمثلها من قبل
تشعر لأول مرة أن حياتها أصبح لها معنى لكن شيء بداخلها يسألها
هل ما تفعله خطأ أم صواب؟
هل الاهتمام الذي تراه والنظرات التي تؤكد لها مدى عشقه تستحق تلك المجازفة؟
ماذا إن كان يخدعها؟
ماذا إن كان يفعل ذلك مع كل فتاة يصادفها؟
لا تعرف ماذا تفعل
هل تواصل تهورها
ام تعود قبل ان تفيق على صدمة لن تستطيع ردعها عنها.
انتبهت على صوت أمينة تسألها
_هتفضلي واقفة في البلكونة كتير؟ كدة هتبردي وتتعبي تاني.
التفتت إليها أسيل وقالت بابتسامة حائرة
_لأ متخافيش وبعدين داغر هيعدي عليا دلوقت عشان نخرج مع بعض.
لم تستطيع أمينة الوقوف أمام تلك السعادة التي ظهرت واضحة عليها لذا تركتها تخوض تجربة ربما تكون ناجحة
سمع كلاهما صوت بوق سيارة فعلمت أسيل أنه جاء
فقامت بأخذ حقيبتها وخرجت بعد ان قبلت أمينة..
وقف داغر مستندًا بظهره على السيارة ينتظر مجيئها.
ابتسم حتى بدت نواجذه عندما وجدها تتقدم منه على استحياء وقد ارتدت ملابس محتشمة لا تتوافق تمامًا مع فتاة تربت في كنف الغرب.
كانت ترتدي بنطال و (تيشيرت) بنفس اللون مع سترة سوداء
ظل ينظر إليها حتى وقفت أمامه وقالت بخجل
_هنروح فين؟
تأمل بعينيه عينيها التي احتار في لونهما
_تحبي انتي نروح فين؟
هزت كتفيها وقد شعرت بالاحراج من نظراته وقالت
_مش عارفة أنا معرفش اماكن هنا.
اعتدل في وقفته ثم فتح لها باب السيارة وقال بهدوء
_طيب اركبي.
استقلت مقعدها وجلس هو خلف المقود وانطلق بالسيارة
كانت تنظر من النافذة وعينيها تجوب الأماكن باستمتاع فسألها داغر
_عجبتك اسكندرية.
ردت بحماس
_أوي أوي، تعرف إني اول مرة أشوفها.
رفع حاجبيه مندهشًا فأكدت هي.
_جيت هنا مرتين، بس مكنتش بخرج فيهم، أخري اقعد على البحر ومبعدش عنه.
غزى الحزن صوتها وتابعت بخفوت كأنها تحدث نفسها
_حتى في إيطاليا كنت ممنوعة من الخروج.
كان بيبقى عارف كل تحركاتي وعشان كدة كنت برجع من الجامعة أفضل في البيت لحد تاني يوم.
لاحظ أنها تحدثت بتلقائية وخاصة عندما تابعت
_فى الآخر لقيت إن مفيش فرق بين بعدي عنه وإني اعيش معاه وعشان كدة لما ماما ماتت رجعت على طول.
توقفت السيارة أمام منزل كبير قريب من الشاطىء لا يفصله عنه سوى امتار قليلة وقال لها
_وصلنا.
تطلعت اليه بشك وقالت
_وصلنا فين؟
رد ببساطة
_بيتي.
فتحت أسيل باب السيارة وترجلت منها قائلة
_يبقى فهمتني غلط، بعد أذنك.
ترجل داغر مسرعًا كي يبرر لها
_أسيل استني انتي فهمتيني غلط
وقف أمامها يمنعها من الذهاب وتحدث برتابة
_انا مش جايبك البيت.
أشار بيده ناحية البحر على اليخت وتابع
_أنا جايبك هنا عشان تشوفي اليخت مش أكتر.
نظرت إليه بشك فأكد هو
_وحياتك ما بكدب عليكي، انا هدخل اجيب المفاتيح وانتي استنيني هنا.
وافقت أسيل ودلف المنزل كي يأخذ المفاتيح ثم عاد إليها وهو يشير بها
_عرفتي بقا إني مش بكدب.
أومأت له بابتسامة ثم سارت معه وساعدها على الصعود لليخت ثم سألها
_اتفرجي وقولي رأيك؟
سارت أسيل وهي تستكشف اليخت حتى وصلت للسياج وقالت
_جميل أوي.
تقدم منها يقف بجوارها وينظر للمياه
_طيب بما انه عجبك ايه رأيك في مغامرة صغيرة كدة.
لاح التردد عليها فطمئنها بثقة
_متقلقيش انتي في أمان معايا ده وعدي ليكي.
وافقت أسيل وشرع داغر بتشغيل المحرك وأبحر بها.
تولى داغر القيادة وأخذ ينظر إليها وقد تطايرت خصلاتها بفعل الرياح فجعلت قلبه ينبض بقوة ومشاعر وليده أخذت طريقها إليه
لا يعرف حتى الآن كيف وقع في براثن عشقها بتلك السهولة
كل ما يعرفه أنه عشقها حد الجنون
ترك عجلة القيادة وتقدم منها ومازال مأخوذًا بسحرها
وقف بجوارها مستندا بمرفقيه مثلها فنظرت إليه بابتسامتها التي جعلت قلبه يهدر بعنف وقالت ببراءة
_جميل اوي إنك تعيش الأجواء دي مع حد قريب منك.
هز داغر رأسه بنفي وقد تلاعبت به مشاعره اكثر من براءتها وتمتم بتخابث
_بالعكس أنا لو اعرف كدة مكنتش عملتها.
قطبت جبينها بحيرة وسألته
_ليه بتقول كدة؟ انت مش مبسوط إني معاك.
نظر للمياه أمامه كي يسيطر على تلك المشاعر وقال بثبوت يتنافى تمامًا عمّ بداخله
_بالعكس مبسوط جدًا وده السبب اللي خلاني اقول كدة.
ضيقت عينيها بحيرة
_مش فاهمة.
تطلع إليها بابتسامة ماكرة
_بكرة لما تكبري هتعرفي، تحبي تنزلي المايه.
هزت راسها بنفي وقالت
_الجو برد أوي وبعدين أنا مش بعرف أعوم.
قال بمكر
_اعلمك.
_برضه مش هينفع لأني مش جايبه هدوم معايا.
ابتسم بخبث قائلاً
_تقصدي مايوه.
صلبت ملامحها وقالت بتحذير
_داغر.
رد بدهاء
_انتي ليه دماغك حدفت شمال أنا اقصد مايوه إسلامي ياقمر.
ردت باستنكار
_لأ، لا إسلامي ولا غيره.
داغر باستسلام
_ماشي يا ستي انا هنزل بس اطلع ألاقيكي محضره الفطار لأني واقع من الجوع.
وافقت أسيل ونزل هو للأسفل كي يبدل ملابسه أما هي فقد دلفت المطبخ الصغير وقامت بتحضر الفطار
خرجت بعد قليل واقتربت من السياج كي تبحث عنه لكن لا أثر له في المياه
ذهبت للجانب الآخر لكن لم تجده أيضًا
زحف الخوف لقلبها وتلاعب الخوف بها فنادت عليه
_داغر.
انتظرت لتسمع صوته لكن لا من مجيب
ازدردت لعابها بوجل ونادت مرة اخرى وأخرى حتى توقف قلبها لحظات وقد ساورها الشك بأن يكون تعرض للغرق
وضعت يدها على قلبها واستدرات كي تبلغ لكنها اصتطدمت بصدره العريض مما جعلها تبتعد وتصرخ بفزع
_بسم الله إيه يا أسيل مالك اتخضيتي كدة ليه؟
تطلعت إليه بغضب وقالت بصوت مهزوز
_كنت فين وسايبني انادي عليك.
اندهش من ارتعاشتها
_كنت تحت المايه ومسمعتش صوتك إلا مرة وخرجت على طول.
ابتسم قائلاً بمزاح يخفف به وطئت خوفها
_ايه افتكرتيني غرقت؟ ده حتى عيبة في حقي.
تطلعت إليه باحتدام
_انت بتهزر؟ انت عارف انا خفت عليك قد ايه؟
رفع يده ليمسح على وجنتها وسالها بمكر
_لأ معرفش.
ازاحت يده بعيدًا وجلست على الأريكة بامتعاض منه
_ لا كدة انتي محتاجة جلست صلح ثواني هاخد شاور وأجيلك.
نزل داغر للأسفل وتركها بغضبها منه لوقت طويل حتى تغلب النعاس عليها ونامت رغمًا عنها.
وحينها خرج داغر فيجدها جالسة على الأريكة تغط في نوم عميق
تقدم منها وعينيه تلتهم ملامحها بعشق جارف
تلك الحورية التي خطفت أنفاسه من النظرة الأولى وجعلته يسقط صريعاً لها
ابتسم بحب وتقدم منها يحملها بروية كي لا يزعجها
ثم نزل بها لغرفة النوم ووضعها بتروي على الفراش.
أخرج الغطاء من الخزانة ثم وضعه عليها وأغلق الضوء ثم صعد للأعلى.
دلف المطبخ وهو يشعر حقًا بالجوع والنعاس مثلها، شعر برغبة ملحة بأن يشاركها الفراش ويغمض عينيه على وجهها الذي بات يعشقه لكنه احجب تلك الرغبة كي لا يزعجها
دلف المطبخ فوجدها قامت بعمل (سندوتشات) خفيفة كما يفضلها
هم بأخذ واحدٍ منها كي يتناوله لكنه رفض وقرر أن ينام مثلها وعند استيقاظهم يتناوله معًها
دلف الغرفة المجاورة وقد كانت اصغر بكثير كأنها مخصصة للأطفال ثم أستلقى على الفراش ومازالت تلك الرغبة تراوده
ظل يتقلب في الفراش ورغم النعاس إلا إنه لم يستطيع النوم بسبب افكاره.
يبدو أنه اخطأ حقًا في مجيئهم وحدهم.
وبعد فترة طويلة استطاع التغلب على تلك الرغبة وراح في سباته.
❈-❈-❈
فتحت أسيل عينيها فتمر لحظة حتى استوعبت وضعها
نهضت مسرعة وعينيها تستكشف المكان
من الذي جاء بها إلى هنا
ساورها الشك وأخذت تتأكد من ملابسها.
ازاحت الغطاء ونهضت من الفراش ثم خرجت من الغرفة
فتتفاجيء بتأخر الوقت وقد شارفت الشمس على المغيب
اسرعت بالنزول وطرقت على الباب الآخر وهي تناديه
_داغر.
فتح داغر عينيه فزعًا على طرق الباب فنهض مسرعًا يفتحه فإذا بها أمامه
_ايه ياأسيل في ايه حد يصحي حد بالشكل ده؟
رفعت الهاتف أمام وجهه وقالت بغيظ
_انت عارف الساعة كام؟
دقق النظر فينصدم عندما وجدها الخامسة
فتمتم بدهشة
_معقول نمنا كل ده؟ طيب هغير هدومي ونرجع.
وقف خلف طارة القيادة ينظر إليها بين الحين والآخر بغيظ
_كان هيجرى ايه لو صبرنا شوية لحد ما فطرنا حتى.
تطلعت أسيل في ساعتها وقالت بغيظ
_المغرب اذنت وحضرتك عايز تفطر؟
_يا ستي نعتبر نفسنا في رمضان ولا شكلك مكنتيش بتصومي في ايطاليا.
ردت بغيظ منه
_لأ طبعاً كنت بصوم، جدو وماما مسلمين على فكرة.
تطلع إليها بمكر وقال
_طيب ما تيجي نمثل اننا في رمضان ونروح عندي البيت تحضريلي الفطار باديكي الحلوة دي ونفطر في اوضتي.
زمت فمها بغيظ وتمتمت
_على فكرة انت سافل.
هز داغر رأسه يدعي براءة مزيفة وقال بحيرة
_انا مش عارف ليه دماغك بتحدف شمال انا والله قصدي شريف، عندي تراس في الاوضة بتاعتي هواها بحري وايه! من الآخر.
زمت فمها بيأس منه ثم نهضت عندما
رسى اليخت على الممر وهمت أسيل بالنزول منه لكنه منعها
_اهدي يابنتي كدة ممكن تقعي
تقدمها داغر ثم ساعدها على النزول وسار بجوارها حتى وصلوا للسيارة
وقف امامها وقال بشغف
_ماتيجي نتعشى مع بعض في مطعم قريب من هنا.
تطلعت إليه وهي تقول بأسف
_مش هينفع اتاخر عن كدة، زمان دادة قلقانة أوي.
_طيب ايه رأيك نقضي بكرة مع بعض انا شايف ان اليوم ده ميتحسبش، وبعدين في حاجة غالية عندي اوي عايز اهديهالك.
لمعت عينيها بسعادة وسألته
_ايه هي؟
_بكرة ان شاء الله هتشوفيها، بس لو مصرة تعالي معايا اوضتي تشوفيها هناك.
ضحك داغر عندما وجدها تفتح باب السيارة وتدلف بها قائلة
_لأ مش مستعجلة.
انطلق بالسيارة وعاد بها إلى المنزل وقبل ان تترجل منها قال برجاء
_هستناكي بكرة في نفس الميعاد.
فكرت قليلا ثم تحدثت باقتضاب
_هحاول.
عادت أسيل إلى المنزل فوجدت أمينة تنتظرها على أحر من الجمر
وعند دخولها سألتها بحدة
_ممكن اعرف ايه اللي اخرك لحد دلوقت؟ وكمان قافلة تليفونك؟
تمتمت أسيل بأسف
_معلش ياداداة بس الوقت اخدنا ومحستش بيه والمكان مكنش فيه شبكة.
عقدت أمينة حاجبيها بشك
_ليه كنتوا فين؟
ازدردت لعابها بوجل وتمتمت برهبة
_كـ..كنت معاه على اليخت.
اتسعت عينيها بصدمة
_لوحدكم؟
أومأت أسيل بصمت دون التفوه بكلمة فتحدثت امينة بعتاب
_هي دي تربيتي ليكي ياأسيل! ولا السنين اللي عيشتيها برة خلتك تنسي اللي زرعته جواكي.
رمشت بعينيها مرات متتالية وتمتمت بنفي
_دادة انا معملتش حاجة غلط وبعرف اوقف أي حد عند حده، لو تمادى معايا هوقفه متقلقيش عليا.
_وتفتكري لما تبقوا لوحدكم وفكر يعمل حاجة انتي هتقدري تدافعي عن نفسك.
أكدت بثقة
_ايوة يادادة أعرف، وبعدين داغر انسان كويس جداً ولو في دماغه حاجة كان عملها لما كنا مع بعض في الجزيرة
لاح الرجاء بعينيها وهي تتابع
_أرجوكي يادادة أنا عايزة أعيش لنفسي مرة واحدة بس، أنا اول مرة أحب مختبرتش الإحساس ده قبل كدة وعايزة اعيشه مع الانسان اللي اخترته واختارني.
تأثرت أمينة بحديثها ثم قالت بمحايدة
_يابنتي هو انا مش عايزاكي تفرحي بس انا بقول نحكم عقلنا ومننجرفش ورا مشاعرنا
متعمليش زي الحصان اللي عاش عمره كله محبوس وأول ما فتحوا القفص له جري ومعرفش هو رايح فين ولا طريقه ده أخره ايه.
دنت منها أسيل لتحتضنها وقالت بحب
_متخافيش عليا، كل حاجة علمتهالي محتفظة بيها ومش هغيرها.
ربتت امينة على ظهرها
_ولو مخفتش عليكي انتي هخاف على مين، ربنا يبعد عنك شر النفوس ويحميكي يا بنتي.
❈-❈-❈
في اليوم التالي
استعدت أسيل للذهاب معه ونزلت الدرج وهي في قمة سعادتها
لم تقبل امينة تصرفها لكن رؤية السعادة في وجهها جعلتها ترضخ لها
خرجت أسيل من المنزل فتتفاجئ بحازم أمامها
_أزيك ياأسيل.
ارتبكت أسيل وردت وهي تنظر إلى سيارة داغر التي توقفت على بعد أمتار منهم
_الحمد لله بخير.
كانت نظرات حازم تلتهمها وهذا ما لاحظه داغر
لا يعرف من يكون ولا صلة قرابتهم
لا يعرف سوى تلك الغيرة التي جعلته يضغط على موقد السيارة بغضب وهو يراها تبتسم وهو يحدثها
لم يستطيع التحكم في غيرته عليها ونظرات ذلك الشاب لها واضحة وضوح الشمس
هم بالترجل من السيارة كي يذهب إليهم ويجذبها ليخفيها عن نظراته لكنه تراجع ما إن رأه يدلف للداخل وتأتي هي إليه.
فتحت باب السيارة وجلست بجواره وهي تقول بابتسامة
_معلش اتاخرت عليك.
اندهشت أسيل عندما وجدته ينطلق بالسيارة دون قول شيء مما جعلها تتعجب من صمته
فطوال الطريق يضغط بقبضته على المقود وعلامات الغضب واضحة عليه حتى وصلوا للشاطئ
لم تفهم سبب لذلك الصمت الذي يؤكد مدى تعصبه
أوقف السيارة جانباً وحينها وجدته يلتفت إليها والغضب مرتسم في عينيه وغمغم بتحكم
_مين اللي كنتي واقفة معاه ده؟
اهتزت نظراتها وشعرت بالخوف من حدته فتمتمت بتوجس
_دا حازم ابن دادة أمينة.
ضرب على مقود السيارة بقبضته وغمغم بسخط
_ولما هو ابن دادة امينة بتقفي تتكلمي معاه ليه؟
أجفلت من صوته وظهر أمامها بجانب آخر مما جعل الخوف يتسرب إلى قلبها وردت بحذر
_عادي حازم زي أخويا…
صرخت أسيل بفزع عندما قاطعها بصوته الهادر
_لأ مش زي أخو…..
توقف داغر وتحول غضبه للقلق عندما لاحظ ارتعابها وأمسك يدها التي وضعتها أمام وجهها بحماية وتحدث بقلق
_في ايه ياأسيل….
سحبت يدها وهي تتأوه بفزع مما جعل قلبه يهدر بقوة خوفاً عليها وتمتم بلهفة
_أنا أسف انا بس اتعصبت من غيرتي عليكي.
هم برفع يده إليها كي يملس على رأسها بهدئها لكنها صرخت بفزع ورفعت يدها تحمي وجهها مما ادهش داغر
حاول أبعاد يدها عن وجهها لكنها اجفلت وفتحت باب السيارة هاربةً منه ومن الجميع
خرجت مسرعة تريد الهرب لكن إلى أين؟
كانت كلماتهم تتردد في اذنها
لا تفعلي لا تذهبي لا تنظري لا…لا…لا
وضعت يدها على أذنها تكتم تلك الأصوات التي زادت بصوت داغر
كانت تستمع لصوته يناديها مما جعلها تسرع في ركضها كي تهرب منه كما لم تهرب من أهلها
تعثرت في ركضها وسقطت على ركبتها فهمت بالنهوض والهرب لكن داغر أمسك بها يمنعها
_إهدي يا أسيل، اهدي متخافيش
حاولت الإفلات منه لكنه أحكم قبضته عليها وقرب رأسها من صدره متمتمًا بخفوت
_انا اسف إن كنت اتعصبت عليكي.
استكانت أسيل ببكاء بين يديه وهم جالسين على الرمال وذكريات من الماضي تقتحم مخيلتها وبقوة
أصوات هادرة يعقبها صفعة قوية
وعقاب قاسي يعقبه حبس انفرادي
هل اكتمل الأمر لديها بوجوده.
خرج داغر من المطبخ وهو يحمل كوبين من القهوة وقدم واحدًا لأسيل التي جلست على الأريكة بشرود
انتبهت للكوب الذي يحمله بيده فأخذته منه بابتسامة مجاملة وعادت لصمتها
جلس داغر على المقعد المقابل لها وسألها بحنان مفرط
_بقيتي أحسن؟
اومأت على نهج صمتها فعلم داغر بأنها تعذبت كثيرًا بحياتها
فقال بتروي
_انا عارف إني اتعصبت عليكي واتماديت بس صدقيني ده كان نابع من غيرتي مش اكتر.
تنهدت وهي تنظر للكوب بين يديها وردت بحيطة
_الموضوع مكنش مستاهل كل ده، حازم انا وهو متربيين مع بعض يعني اللي بينا مش أكتر من أخوه.
زم داغر فمه يحاول السيطرة على اعصابه عندما تذكر نظراته لها والتي تجزم بأن الأمر أكثر بكثير من مجرد أخوه فكان عليه أن يلتزم الصمت كي لا يفتح عينيها عليه
فقرر أن يغلق الحديث ويتطرق إلى حديث آخر
_ايه هنضيع اليوم زي امبارح ولا أيه؟
لاحت ابتسامة على محياها لكن يغلفها الحزن فتابع مزاحه
_ايه رأيك لو نروح عند چاك.
تجاوبت أسيل معه وقالت بعدم استيعاب
_بس المسافة بعيدة اوي
_على اساس إن انا سواق ميكروباص، انا قبطان ياماما
وافقي انتِ بس وخلال ساعتين نكون هناك.
هزت راسها برفض
_لأ خلينا هنا أحسن.
لم يريد الضغط عليها وقرر أن يستمتع بتلك الأجواء معها.
وقفا معًا على حافة اليخت يتسامران في أمور عديدة ثم سألها
_جعانة؟
ضحكت أسيل بيأس منه وسألته
_انت ديمًا جعان كدة؟
نفى داغر وقال بغيظ
_لأ بس حضرتك رفضتي تأكليني امبارح ولما روحت كسلت اعمل أكل لان مفيش حد غيري في البيت، اكتفيت بساندوتش واحد وتقدري تقولي كدة شوب نسكافيه
_ماشي ياسيدي في اكل في التلاجة ولا نرجع نشتري.
نهض داغر وهو يجذبها من يدها
_لا كل حاجة موجودة في التلاجة.
دلفا معًا وبدأ داغر يخرج اللحوم من المبرد ويشرح لها كيفية طهيهم
_اللحوم الشرايح دي نص تسوية يعني هتتحمر على نار هادية وخلاص.
أشار على احد الأدراج
_الدرج ده هتلاقي فيه كل حاجة محتجاها
وانا بقا هعمل دور سي السيد انزل البحر شوية واستناكي تخلصي.
_يا سلام، والسلطة مين هيعملها؟
حك ذقنه بمكر
_مفيش غير السلطة يعني، ما تخليني احمر معاكي اللحمة.
هزت راسها برفض
_لأ متشكرة اعمل السلطة بس.
جلس داغر على المقعد وقد وضعت أسيل الخضروات أمامه وشرع في تحضيرها
اخذ يرمقها بنظراته وهي تتحرك مثل الفراشة أمامه وتعد الطعام
تمنى في ذلك الوقت ان تكون زوجته ويقف خلفها يشاركها في كل شيء
أراد أن يقف خلفها ويمسك بيدها ويعدا الطعام معاً كشخص واحد.
لا يعرف كيف تسللت إلى قلبه وهدمت جداره الصلب بتلك السهولة
كانت تضع خصلاتها بين الحين والآخر خلف أذنها مما جعل وتيرة تنفسه تعلو ورغبة ملحة في منعها ليقوم هو بذلك الدور لكنه احجم تلك الرغبة ومنعها من ذلك التهور.
حاول الانشغال بإعداد السلطة كي يمحو تلك الافكار من رأسه فقال بمزاح
_بس شكلك ست بيت شاطرة، اومال ايه بقا فيلا في القاهرة بخدم وايطاليا والكلام ده.
وضعت أسيل الشرائح في الأطباق وقالت
_جدو من محبين المطبخ وفي بداية حياته فتح مطعم واشتهر بيه جدًا وواحدة واحدة المطعم كبر أوي وبقى من اشهر المطاعم في روما ولأنه مسلم فكل العرب اللي عايشين هناك والمسلمين الإيطاليين كمان كانوا بيروحوا مطعمه، وانا بقا طلعت زيه.
وضعت باقي الطعام على الطاولة وسألته
_تحب تاكل هنا ولا برة.
حك ذقنه بمكر قائلاً
_أنا بقول بره أحسن عشان المكان هنا مغري جداً.
لم تفهم أسيل مغزى حديثه لذا قالت ببراءة
_خلاص خلينا هنا.
حمحم داغر وقال بتبرم
_لأ خلينا برة احسن.
حملوا الاطباق معًا وخرجوا للسطح ثم وضعوها على الطاولة وشرعوا في تناوله
سألته أسيل
_الأكل حلو؟
ابتسم قائلاً
_جميل جدًا تسلم ايدك.
سعدت أسيل بذلك الاطراء وردتها اليه وهي تتذوق السلطة
_والسلطة روعة بجد.
لاح المكر بعينيه وهو يقول
_تعرفي إن اليوم ده بحسه مميز أوي، يعني
حاسس كأننا اتنين متجوزين وفي شهر العسل(غمز بعينيه وهو يضيف بخبث) ما تيجي ندخل على فقرة التمثيل ونمثل عريس وعروسة.
تركت أسيل الملعقة من يدها وقالت بتحذير
_داغر.
رد داغر ببراءة مصطنعة
_ايه ياقلب داغر انا قلت ايه؟ ده مجرد تمثيل مش أكتر.
_برضه بلاش كلامك ده عشان بيحرجني.
انهى داغر طعامه ومسح يده في المنشفة
_ماشي ياقلبي مادام فيها احراج، تشربي شاي معايا.
نهضت أسيل وهي تحمل الاطباق
_خليك وانا هعمله انا خلاص شبعت.
قال برفض
_لأ خليكي انا بحب اعمل المشروبات بنفسي.
_وانا شبعت خلاص خلينا نعمله مع بعض.
دلفا معًا المطبخ وقامت أسيل بغسل الاطباق وأصر داغر على مساعدتها وطلبت منه أن يجففها بالمنشفة
كانت تقف بجواره تتلامس اكتافهم دون قصد لكن كانت تعذبه بعفويتها ولا تدري شيء عن ذلك الصراع الذى يجبره على ان يطيح بتعقله عرض الحائط ويأخذها بقبلة تاق لها منذ أن دخلا اليخت.
كان يرى معانتها وهي تحاول ابعاد خصلتها عن وجهها ولم تستطيع بسبب يدها التي انشغلت بالجلي
ودون إرادة منه ترك الطبق والمنشفة من يده ثم تقدم خطوة منها ومد يده ليبعد تلك الخصلة خلف أذنها.
بوغتت بفعلته وتراجعت خطوة للوراء عندما لاحظت نظراته الراغبة لها…….
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية