رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 26 - 2 - الثلاثاء 26/11/2024
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل السادس والعشرون
2
تم النشر الثلاثاء
26/11/2024
انتبهت لها وتسألت:
-أنا حضرتك بتقولي أيه ؟
ردت الطبيبة بعملية:
-حضرتك محتاجة غذا كويس عشان صحتك أنتِ والجنين هكتب ليكي شوية تحاليل تعمليها عشان نطمئن علي صحتك أكتر يلا تقدري قومي.
❈-❈-❈
دار بسيارته لا يدري أن يذهب قاده قلبه إلي والدته الحبيبة، أشتاق لها ولأحضانها كما تتطوق إلي لمسات يدها الحانية التي حرمته منه لأجل هذه الدخيلة، ركن سيارته جانباً وهبط من السيارة متجهاً إلي العقار الذي تقطن به.
ضغط علي زر الجرس ووقف بهدوء، فتح الباب بعد دقائق وتفاجأت والدته من وجوده، رمقته بعتاب وولجت داخل الشقة، تحرك هو خلفها وأغلق الباب خلفه، جلس علي المقعد المقابل لها وتحدث متهكماً:
-أنا مش فاهم حضرتك زعلانة مني ليه؟
تبسمت بمرارة وقالت:
-زعلانة منك ليه؟ زعلان عشان كتير أوي ياسين أنت كل حياتك بقت غلط في غلط.
هتف بإنزعاج:
-ماما أنتِ زعلانة عشان البنت النصابة دي أنتي شايفة أن ده منطقي؟
رمقته بإزدراء وصاحت بعصبية:
-أولاً صفا مش نصابة وأه منطقي أقولك علي حاجة هي أهم منك عندي.
أتسعت عيناه بصدمة وتسأل:
-للدرجة دي يا أمي ؟ أنا إبنك ولا نسيتي ؟ آول مرة تبقي قاسية عليا كده وعشان مين ؟
تحدثت ببرود:
-أه نسيت إنك أبني يا ياسين مع الأسف صدمتي فيك كبيرة يا أبني مش أنت ياسين إلي ربيته علي أيدي زمان مش أنت ياسين إلي بتحب الخير لكل الناس مش أنت إلي بتحكم علي الناس من غير دليل أنت نصبت نفسك جلاد ياسين بتعاقب وبقصوة خد بالك أنت ماشي في طريق غلط وهتندم عليه أنت بشر إنسان عادي ملكش أنك تحاسب حد أنت مش ربنا علي الأرض يا أبني عشان تحكم وتنفذ وبس.
تجاهل حديثها، وزفر بضيق وقال:
-هترجعي البيت أمتي؟
ردت ببرود:
-بيت مين الي أرجعه؟
قطب جبينه بعدم فهم وتسأل:
-هو أيه إلي بيت مين إلي ترجعيه يا ماما؟ بيتك طبعاً ولا نستيه ؟
تبسمت بمرارة وأجابت:
-مش بيتي وعمره ما هيكون بيتي يا ياسين ده بيت مليان كره وقسوه وحقد عشت فيه سنين طويلة بحاول أصلح فيه لكن مع الأسف أكتشفت أن ببني في سراب وأنت كمان اثبت ليا أني مكنتش أم صالحة مقدرتش أربيك التربية الصح إلي أفتخر بيها واقول أن ربيت راجل يتحاكي عنه وعن أصله قوم أمشي يا ياسين قوم الكلام ولا هيقدم ولا هيأخر.
نهض كي يحفظ ما تبقي من ماء وجهه وتحدث بهدوء مصطنع:
-أنا عارف إنك مضايقة يا أمي هسيبك شوية وتهدي بس وجودك هنا مش هيطول يا أمي ده مش مكانك مكانك في بيت وسط جوزك وإبنك بعد إذنك.
❈-❈-❈
مساءً كان يجلس ياسين في مكتبه في القصر يراجع بعد الملفات، وفي الوقت ذاته كانت تلك الماكرة تنفذ خطتها دلفت المطبخ بعد أن صرفت العاملات وعدت هي قدح القهوة بنفسها أخرجت شريط الحبوب الذي أعطاه لها أحمد كي تضع له حبه منه، ولكن راودها شيطانها أن تضع حبتين بدلاً من حبة كي يكون المفعول أسرع، انتهت سريعاً ونادت الخادمة التي أتت علي الفور وآخذت القدح كي تقدمه إلي سيدها بحسن نية، طرقت الباب بخفة وقدمته له وبعدها غادرت.
شعر بالإرهاق من كثرة العمل والتفكير، إسترخى بجسده علي مقعده الوثير وحمل قدح القهوة يرتشفه بهدوء حتي أنتهي منه ووضعه علي المكتب، أغمض عينيه محاولاً التخفيف من حدة الآلم، ولكن ما هي إلا دقائق ونبضات قلبه تسارعت بقوة، ووتيرة أنفاسه أرتفعت وجسده بات ينتفض ويتصبب عرقاً، لم يدري بنفسه سوي وهو يصرخ بقوة قبل أن يسقط مغشياً عليه.
في الخارج حين ذاك كان يجلس أحمد مع تلك الماكرة حتي استمعوا إلي صرخة ياسين نظروا إلي بعضهم بقلق ونهضوا سريعاً إلى مكتب ياسين وهنا كانت الصدمة وهو يري نجله بهذه الحالة ركض تجاهه يتفصحه بقلق:
-ياسين ياسين رد عليا يا أبني؟
رفع نظراته إلي فريدة وتسأل بصدمة:
-ياسين مش بيرد أنتي عملتي ايه بالظبط ؟
ردت بارتباك:
-حطيت حبيتين عشان المفعول يكون أسرع وأقوي.
صرخ بأعلى صوته وهو يضم إبنه بجنون:
-ياسين أبني أطلبي الإسعاف ياسين بيموت.
❈-❈-❈
بعد فترة في المشفي يسير أحمد ذهائباً وإياباً بقلق شديد علي نجله بينما تجلس فريدة بتوتر، فتح الباب وخرج الطبيب من غرفة الكشف، ركض أحمد بلهفة إليه وتسأل:
-طمني يا دكتور ياسين كويس؟
تنهد الطبيب بأسف وتحدث بتشكك:
-هو ياسين باشا بيتعاطي أي نوع مخدر؟
شحب وجهه وتسأل بحذر:
-ها لا طبعاً.
تحدث الطبيب بعملية:
-ياسين باشا جاي المستشفى قلبه واقف والحمد لله قدرنا ننعش قلبه وإلي حصل ليه ده نتيجة جرعة زايدة من تناول الحبوب المخدرة أحنا عملنا ليه غسيل معدة وهو حالياً في الرعاية المركزة هيفضل تحت الملاحظة لمدة ٢٤ساعة بس المفروض نبلغ البوليس.
صاح أحمد بنبرة حادة:
-متبلغش البوليس ولا حاجة أتفضل شوف شغلك أنا هتكلم مع دكتور عصام.
تنهد الطبيب بقلة حيلة وقال:
-تمام بعد إذن حضرتك.
غادر الطبيب واتجه أحمد وصاح بتوعد:
-أقسم بالله لو كان أبني حصله حاجة كنت هقتلك بيدي يا زبالة وصبرك عليا إلي عملتيه ده مش هيعدي.
هتفت بتبرير:
-أنا مكنتش أقصد أنا كنت بعمل إلي أنت قولت عليه.
أتسعت عيناه بصدمة وتسأل:
-نعم يا أختي أنا قولت ليكي حطي برشمتين يا غبية؟
هتفت بإنزعاج:
- أهو إلي حصل أنا كنت أعرف منين أن ده كله هيحصل.
رمقها بإستحقار وقال:
-ياسين عنده حق أنِي لازم تخرجي من حياتنا وللأبد أنا رايح للدكتور وأنتي أتلقحي هنا لغاية ما أرجع ليكي.
تركها وغادر وهي تتأكل غيظاً منه ومن ياسين وعلي حظها العاثر الذي أوصلها إلي ذلك، فمن يلعب مع الأفاعي عليه أن يتحمل لدغاتهم.
❈-❈-❈
وصلت إلي المشفي وقلبها يكاد أن يتوقف بعد إتصال نور بها وإخبارها بتعب ياسين المفاجئ ونقله إلي المشفي، قابلتها نور وصعدوا من الباب الخاص بالأطباء ودلفوا إلي غرفة الرعاية.
هتفت صفا بلهفة:
-هو كويس يا نور ؟
ربتت الأخيرة علي ظهرها بحنان وقالت:
-أطمني يا حبيبتي هو بخير.
تنهدت براحة وتسألت:
-هو تعب أزاي ؟
تحدثت نور بحذر:
-هو جاي المستشفى نتيجة تجرعه جرعة زايدة من المواد المخدرة يا صفا ومع الأسف القلب مستحملش ووقف وقدرنا ننعشه.
أتسعت عيناه بصدمة وتسألت:
-أنتِ بتقولي أيه ؟ نور أنتِ بتهزري صح ؟ ياسين مش بياخد الحاجات دي أصلا إستحالة سامعة.
تنهدت بحزن وأجابت:
-ده إلي عرفته مع الأسف يمكن أتعطاه عن طريق الخطأ لأنها كمية كبيرة جسمه متحملهاش أدخلي يلا شوفيه يا حبيبتي قبل ما حد يجي ويشوفك أنا خرجت الممرضة وعرفتها أني موجودة مش عارفه بتحبيه علي أيه بعد كل إلي عمله فيكي بس ؟
تبسمت بمرارة وقالت:
-الحب مش بإيدينا يا نور وده مش بس حبيبي لأ ده كمان كان جوزي وأبو أبني دي حقيقة مفيش منها هروب هدخل أشوفه.
❈-❈-❈
خطت بخطوة وئيدة تجاهه هنا كانت البداية، هنا كان إلتقاء ثنائي القطبين، وأطلقت شرارة الحب الآولي، حدقت به بإشفاق جسد شاحب كشحوب الموتي خالي من الدماء، العديد من الأسلاك والأجهزة موصلة داخل أوردته اقتربت منه حتي وقفت جواره، وبدون شعور منها تحسست جبهته بيدها بحنان وهي تتأمله……
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيد القاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية