-->

رواية جديدة على سبيل الألم لرانيا ممدوح - الفصل 3 - اللسبت 21/12/2024

 

قراءة رواية على سبيل الألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية على سبيل الألم 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا ممدوح 

الفصل الثالث


تم النشر السبت

21/12/2024



وبقيت وحدي أسأل الليل الشرود

عن شاعري متى يعود ؟

ومتى يجيء به القطار ؟

أتراه مرّ به الخفير

ورآه لم يعبأ به ..كالآخرين

ومضى يسير

هو والسراج ويفحصان الراكبين

وأنا هنا ما زلت أرقب في انتظار

وأودّ لو جاء القطار..

وأودّ لو جاء القطار..


نازك الملائكة 


بعد عمل التحريات الخاصة و اللازمة ، لم يتم التعرف على السيدة سميرة زوجة القتيل و لم يكن لها أي أثر رسمي و كأنها لم تأتي إلى هذه الحياة ، القتيل كان محبوبًا و الفتاة متميزة و متفوقة و قواها العقلية كاملة ، لكنها تعاني من بعض الصدمات ، بعد انتظار بضعة أيام اصبحت في حالة تسمح لاستجوابها ، ذهب الضابط المسئول عن القضية إلى المستشفى التي تقيم بها ، لبدء التحقيق معها بشأن ما حدث و لكي نعرف ما سبب قتل والدها . 

كانت سبيل جالسة على سرير المستشفى في حالة من الصدمة و الغياب عن الواقع ، شاردة ، حزينة . 


❈-❈-❈


تذكرت بعض المواقف بينها و بين والدها و والدتها: 


-في يومٍ مشمسٍ من أيام الربيع، عادت سبيل من المدرسة وهي تفيض بالحماس والسعادة. ما إن دخلت الحديقة حتى وقع بصرها على والدها ينتظرها بجانب الزهور المتفتحة التي كانت تبعث عبيرها في الأجواء. ركضت نحوه بلهفة وهي تضع حقيبتها على الأرض.


قالت بحماس: "باباااااا ، إنت قاعد هنا مستنيني؟"

ابتسم والدها بحنان وقال: "طبعًا يا بطلتي ، يومك كان عامل إيه؟"

ردت بابتسامة واسعة: "عادي، بس كنت مستنية أرجع علشان نلعب تنس"


ضحك والدها وهو يشير نحو الملعب الصغير وقال: "طب إسمعي، المرة دي مش هسيبك تكسبيني زي كل مرة."

نظرت إليه بتحدٍ وقالت: "ماشي،بس خلي بالك، أنا دلوقتي بقيت محترفة."


هز رأسه ضاحكًا: "محترفة؟ ده إحنا لسه قدامنا كتير قوي علشان تبقي زيي."

قالت وهي تجهز المضرب: "هنشوف بقى يا كابتن يلا نبدأ."


توجها معًا إلى الملعب المعد في الحديقة خصيصًا لها ، وبدأت المباراة بحماس. مع كل ضربة ناجحة من سبيل، كانت تقفز من الفرحة وتقول: "مش قلت لك إني بطلة؟"

فيرد والدها مبتسمًا: "بطلة إيه؟ دي مجرد ضربة حظ! استني الجولة اللي جاية."


كانت ضحكاتهما تعلو في الحديقة، وكل ضربة كرة تُرسل في الهواء تحمل معها ذكرى جميلة تربط بينهما.


❈-❈-❈


مرت الأيام، وكما يحدث في حياة أي مراهقة، واجهت سبيل فترة صعبة في دراستها. كانت مادة الرياضيات تشكل تحديًا كبيرًا لها، وكان شعورها بالإحباط يتزايد مع مرور الوقت. كلما حاولت حل المسائل، زادت صعوبة الأمور بالنسبة لها، وأصبحت تشعر بأنها لن تتمكن من تجاوز هذه العقبة.


لكن في أحد الأيام، وعندما عادت إلى المنزل، كانت المفاجأة تنتظرها. كان والدها يجلس في الصالة بانتظارها، وبابتسامة مطمئنة على وجهه.

"إزيك يا حبيبتي؟"، سألها بصوت حنون.

جلست سبيل على الطاولة، وأشاحت بوجهها قليلاً، فكان واضحًا عليها التعب النفسي.

"الرياضيات دي صعبة قوي، مش عارفة أعمل إيه"، قالت بحرقة.

اقترب والدها منها وأخذ مقعدًا بجانبها، قائلاً: "ما تشيليش همها، تعالي نذاكر مع بعض."


بدأ في شرح الدروس بطريقة بسيطة، وكان صوته هادئًا ومشجعًا. وكان دائمًا يوضح لها أن الفشل ليس نهاية الطريق.

"افتكري يا حبيبتي، الفشل مش نهاية، ده بداية النجاح"، قال وهو ينظر في عينيها بثقة.

تلك الكلمات كانت كالشعاع الذي ينير طريقها، فعادت إليها قوتها وأملها.


كلما تذكرت كلمات والدها، كانت تشعر بطاقة جديدة تتدفق فيها. بفضل دعمه اللامحدود، تمكنت سبيل من التغلب على الصعوبات الدراسية، وكانت تشعر وكأن والدها هو صخور الأمان التي ترتكز عليها في أصعب الأوقات.

وأدركت في تلك اللحظة أن قوتها الحقيقية تكمن في العلاقة التي تجمعها بوالدها، وأنه سيكون دائمًا بجانبها في كل خطوة تخطوها، داعمًا ومرشدًا، مهما كانت التحديات التي تواجهها.


❈-❈-❈


في أحد الأيام، قرر والد سبيل أن يأخذها إلى بطولة تنس مهمة كانت تنتظرها منذ فترة. كانت مشاعر الحماس تملأ الأجواء، وعينها تتلألأ بالحماس وهي تجلس بجانبه في السيارة. كانت الموسيقى المفضلة لهما تعزف في الخلفية، وكان صوت الأغاني يملأ المكان بينما كانت سبيل تغني مع والدها بسعادة.


"أنا عارفة إنك هتقدمي أفضل ما عندك النهاردة"، قال والدها وهو يلتفت إليها بابتسامة عريضة على وجهه. "لكن تذكري، الأهم هو الاستمتاع باللعبة، مش لازم الفوز."


وصلوا إلى مكان البطولة، وكانت الأجواء مشحونة بالحماس، وكل اللاعبين كانوا يتنافسون بشدة. وقفت سبيل أمام الملعب، وأخذت نفسًا عميقًا لتستجمع قوتها، لكن القلق كان يساورها.


قبل أن تبدأ المباراة، اقترب والدها منها ووضع يده على كتفها، وقال بحب: "أنا واثق فيكِ، خليكي مستمتعة، النتيجة مش هي دي اللي هتحدد قيمتك."


بدأت المباراة، وكان كل شيء يسير بسرعة. لعبت سبيل بكل طاقتها، وركضت وراء كل كرة بكل قوة، ولكن على الرغم من أنها بذلت أقصى ما في وسعها، لم تتمكن من الفوز في النهاية. ومع ذلك، عندما انتهت المباراة، كان والدها هناك ينتظرها بابتسامة مشجعة.


أمسك بيدها واحتضنها قائلاً: "أنا فخور بيكي جدًا، قدمتي أفضل ما عندكِ، ده هو المهم."


تلك الكلمات كانت أكثر من كافية لها، حيث أدركت أن الفوز ليس هو كل شيء. الدعم الذي تلقتْه من والدها، وحبه اللا محدود، كانا أهم من أي نتيجة، وأن استمتاعها باللعبة كان هو الأهم.


❈-❈-❈


في المساء، بينما كانت العائلة مجتمعة في المطبخ، قرر والد سبيل أن يُعلِّمها كيفية إعداد طعامها المفضل. كانت الأجواء دافئة ومليئة بالضحك والمواقف الطريفة. "الطعام مش بس أكل، ده ذكرى بتتعمل مع الناس اللي بتحبهم"، قال والدها وهو يبتسم، بينما كانت سبيل تراقب خطواته بعناية.


بينما كانت سبيل تقطع الخضار، بدأ والدها في سرد قصص عن طفولته. كان يروي لها كيف كانت والدته تطبخ له طعامًا لذيذًا، وكيف كان يختبئ في المطبخ ليأخذ قضمة من الأطباق قبل أن ينضج الطعام. كانت سبيل تضحك، وتشعر بالراحة والدفء في قلبها، لأن تلك اللحظات كانت تترك أثرًا عميقًا في حياتها.


"لما أكبر، هعملك أحسن طبق في الدنيا"، قالت سبيل وهي مبتسمة، وعينيها تتألقان بحماس.


رد والدها ضاحكًا: "وأنا أول واحد هدوقه، يا حبيبتي."


كانت تلك اللحظات تبني روابط لا تُنسى بينهما، وتُذكر سبيل بقوة الحب التي تجمع عائلتها. في كل ضحكة، وكل قصة، كانت تزداد معرفتها بأهمية اللحظات البسيطة في حياتهم، وكيف أن هذه الذكريات ستحملها معها إلى الأبد.


تذكرت والدتها أيضا :


في صباح مشمس، استيقظت سبيل مبكرًا، ورائحة القهوة الطازجة تفوح في أرجاء المنزل. جلست في المطبخ حيث كانت والدتها تعد الإفطار. كانت تلبس مئزراً زهريًا، ووجهها يضيء بابتسامة دافئة.


"صباح الخير، يا حبيبتي" قالت والدتها، وهي تتجه نحو سبيل. "عايزة تساعديني النهارده ؟"


"طبعا عايزة أساعدك " أجابت سبيل بحماس. كانت متحمسة للتعلم من والدتها الوصفات العائلية التي كانت تمررها عبر الأجيال.


بدأت والدتها في إعداد الفطائر، بينما ساعدت سبيل في خلط المكونات. كانت الضحكات تتعالى بينهما، وكانت والدتها تحكي قصصًا من طفولتها وكيف كانت تتعلم الطهي من والدتها أيضًا.


❈-❈-❈


مع بداية فصل الربيع، قررت سبيل ووالدتها قضاء بعض الوقت في الحديقة. كانت والدتها تعشق الزراعة وتحب العناية بالنباتات.


"ممكن نزرع الزهور اللي بتحبيها!" اقترحت والدتها، وبدأت في إعداد التربة.


"ده هيكون رائع، نقدر نخلي الحديقة مليانة بالألوان!" أجابت سبيل، وبدأت تنقل التربة بيديها.


بينما كانتا تزرعان، تبادلتا الأحاديث حول أحلامهما. "أنا عايزة أزرع حديقة خاصة بيه لما أكبر"، قالت سبيل.


"ده حلم جميل، بس متنسيش تهتمي بيها زي ما تهتمي بنفسك"، ردت والدتها بابتسامة.


كانت الأوقات تمر وكأنها سحر، وعندما انتهتا، جلستا على العشب الأخضر يتناولان عصير الليمون الطازج. "شوفي الزهور دي، هتبقى جميلة زيّنا!" قالت سبيل.


قرب موسم الأعياد، كانت سبيل ووالدتها مشغولتين بتزيين المنزل. أحضرت والدتها كرات الزينة والأضواء الملونة، وكانت الغرفة تمتلئ بالألوان الساطعة.


"يلا نبدأ من هنا!" قالت والدتها بحماس، مشيرة إلى الشجرة.


عملتا معًا، وكانت سبيل تحاول جعل الزينة تبدو مثالية. "إيه رأيكِ؟ نحتاج أضواء أكتر؟" سألت سبيل.


"طبعًا، كلما كانت الأضواء أكتر، الأجواء بتكون أجمل!" أجابت والدتها.


عندما انتهتا، نظرتا إلى الشجرة الجميلة، وعيناها تلمعان بالفخر. "ده أفضل عيد تزيين مرّ عليّ!" قالت سبيل.


❈-❈-❈


قرب عيد ميلاد سبيل، قررت والدتها أن تقيم لها احتفالًا بسيطًا، رغم عدم وجود أصدقاء أو عائلة. جهزت الكعكة بنفسها، واختارت زينة جميلة للمنزل.


"هحتفل بيكي زي ما يجب، إنتِ الأهم في حياتي!" قالت والدتها بحب.


عندما جاء يوم عيد الميلاد، استيقظت سبيل لتجد مفاجأة رائعة في المطبخ: كعكة مزينة بالشموع والبالونات.


"ده مذهل شكرًا ليكي، أمي" صاحت سبيل، واحتضنت والدتها بشدة.


"كل سنة وأنتِ طيبة، أتمنى تحققي كل أحلامك"، قالت والدتها، وعيناها مليئتان بالدموع من الفرح.


احتفلا معًا بتلك اللحظة، وتناولا الكعكة، مع الضحكات والمشاعر الدافئة التي تعبر عن حبهما العميق.


❈-❈-❈


في ليلة من ليالي الجمعة، قررت سبيل ووالدتها إقامة "ليلة الأفلام". أعدت سبيل بعض الفشار ووضعت الوسائد على الأريكة، بينما اختارت والدتها فيلمًا كوميديًا قديمًا.


"ده الفيلم ده من المفضلين عندي" قالت والدتها، وعيناها تلمعان بحماس.


جلستا معًا تحت البطانيات، وفيما كانت أحداث الفيلم تتكشف، كانت الضحكات تملأ الغرفة. وعندما حدثت لحظة كوميدية، ضحكت سبيل بشدة حتى كادت تسقط من على الأريكة.


"هاهاها، مش قادرة أصدق، ده كده يبقى حاجه تانية!" قالت سبيل وهي تمسك بطنها من شدة الضحك.


"ده أفضل من كل أفلام اليومين دول! كان زمان السينما بتعمل أفلام تضحك الواحد من قلبه"، أجابت والدتها، وهي تمسح دموع الضحك من على وجهها.


استمرت الضحكات بينهما، وعندما انتهى الفيلم، سكتت الغرفة للحظة. همست سبيل، "أنا محتاجة لحظات زي دي أكتر،" وهي تتجاذب أطراف الحديث مع والدتها بعد انتهاء الفيلم. "أحب أن أكون معك."


ابتسمت والدتها، وضمت سبيل إليها وقالت بحنان، "وأنا أحبك يا حبيبتي. اللحظات دي هي اللي بتخلي الحياة حلوة." ثم أضافت، "ما فيش حاجة أغلى من الوقت اللي بنقضيه مع بعض، ولازم دايمًا نخلق لحظات زي دي."


تبادلا الابتسامات، وكان الجو مليئًا بالراحة والمحبة، وكأن العالم من حولهما قد اختفى في تلك اللحظات البسيطة التي لا تقدر بثمن.


❈-❈-❈


في إحدى الأمسيات الهادئة، قررت سبيل ووالدتها قضاء وقت ممتع مع الكتب. جلستا في غرفة المعيشة، كل واحدة تحمل كتابًا مفضلًا.


"ما اللي بتقريه دلوقتي؟" سألت والدتها، وهي تبتسم في وجه سبيل.


"رواية عن مغامرات بطلة شجاعة، تشبهني شوية!" أجابت سبيل بابتسامة عريضة.


"أنا بحب أقرأ القصص اللي بتلهمني"، قالت والدتها. "ده اللي كنت دايمًا بعمله. والدي كان دايمًا يقرأ لي قصص قبل النوم، وكنت بحس إني عايشة جوه الحكايات دي."


كانتا تقرأان بصمت لبعض الوقت، وعندما انتهت سبيل من فصلها، نظرت إلى والدتها وقالت: "أوقات بحس إني محتاجة شجاعة البطلة دي في حياتي الحقيقية."


والدتها: "إنتِ عندك شجاعة، وأكتر كمان. عندك القدرة على تحقيق أحلامك، وإحنا لازم نكون دايمًا مع بعض."


❈-❈-❈


خلال عطلة نهاية الأسبوع، قررت سبيل ووالدتها أن يخصصا بعض الوقت لممارسة هواية جديدة، الرسم. أحضرت سبيل الألوان والورق، بينما كانت والدتها تحمل فرشاة جديدة.


"مستنية أشوف هتعملوا إيه" قالت والدتها.


بدأتا في الرسم، وكانت الألوان تتناثر في كل مكان. "لما كنت صغيرة، كنت دايمًا أرسم الحديقة"، قالت والدتها. "كنت عايزة التقط كل الألوان اللي بشوفها."


"وأنا عايزة أتعلم منك!" أجابت سبيل بحماس.


بعد ساعة من العمل، وقفتا معًا تنظران إلى ما رسمتاه. "ده جميل، عندنا موهبة!" قالت سبيل بفرح.


"ماتنسيش توريه للجميع" ردت والدتها، وابتسامة عريضة تعلو وجهها.


❈-❈-❈


في يوم حافل بالضغوط، كانت سبيل تستعد لمباراة تنس مهمة. كانت تشعر بالتوتر والقلق، حيث كانت هذه المباراة تحدد مستقبلها كلاعبة محترفة. جلست في غرفتها، تراقب ساعة الحائط التي كانت تشير إلى اقتراب موعد المباراة.

دخل والدها الغرفة مبتسمًا، ومعه والدتها التي تحمل كوبًا من العصير.

"إزايك يا حبيبتي؟" سأل والدها، وهو بيحط الكوب قدامها.

"أنا متوترة جدًا، حاسة إني مش هكون كويسة كفاية"، قالت سبيل، وعينيها مليانة قلق.

جلس والدها جنبها على السرير وقال: "تذكري، إحنا فخورين بيكِ مهما كانت نتيجة المباراة. الأهم إنك بذلتي كل جهدك."

"أيوة، كل اللي بنتمناه هو إنك تكوني مبسوطة، مش بس تكسبِ"، قالت والدتها، وهي ماسكة إيد سبيل برفق.

"فاكرة لما كنتِ بتلعبي في الحديقة؟ كنتِ مبسوطة كده من غير ضغوط؟"

ابتسمت سبيل، مستذكرة اللحظات البسيطة لما كانت بتلعب مع أصدقائها من غير ما تحس بأي ضغط. "أيوة، كنت بفرح بكل لحظة."

"طب ليه ما ترجعيش تحسي بنفس الإحساس ده؟" قال والدها بحماس. "اللعب هو اللي بتحبيه، استمتعي بكل لحظة فيه."

شعرت سبيل براحة بتدوب في قلبها، وكأن كلام والديها كان بيوجهها للطريق الصح. "لكن لو خسرت؟"

"الخسارة مش نهاية العالم"، قالت والدتها، مبتسمة. "هي فرصة تتعلمي وتنمي مهاراتك. إحنا هنا علشان نساندك مهما كانت النتيجة."

"أيوة، إنتِ قوية وشجاعة، ومفيش حاجة لتخسريها"، قال والدها. "إحنا بنحبك، ده أهم حاجة."

مدت سبيل إيدها وعانقتهم بقوة، وهي حاسة بحنانهم الدافئ حوالين قلبها. "شكرًا ليكم، أنا محتاجة دعمكم."

"إحنا في المدرجات هنبقى هنا، هنشجعك ونهتف بإسمك!" قال والدها بمرح، وهو بيشاور بإيده على السماء.

"أنا هدي كل ما عندي!" ردت سبيل وهي حاسة بالثقة بتزيد بفضل دعمهم.

وعندما حان موعد المباراة، كانت سبيل مرتدية زيها، وقلبها مليان بحب ودعم والديها. غادرت المنزل وهي عارفة إنها مش لوحدها في الرحلة دي، لأن في عيلة بتحبها وبتساندها.


❈-❈-❈


بعد مباراة تنس متوترة، كانت سبيل بتتفرج على الكرة الأخيرة وهي بتطير في الهوى. الملعب كان مليان بالجماهير، والقلوب كانت بتخفق في حماس. وفي لحظة حاسمة، انطلقت الكرة ناحية سبيل، اللي ضربتها بقوة، وسجلت النقطة الحاسمة.

تجمد الزمن للحظة، ثم انفجرت الجماهير في تصفيق حار وهتافات. كان الفوز في إيد سبيل! نظرت إلى الحكم الذي أشار إلى فوزها، وامتلأت عينيها بالدموع. لقد نجحت أخيرًا.


عندما توجهت نحو شبكة الملعب لتصافح خصمتها، كانت المشاعر تغمرها. تبادلت معها كلمات التقدير، ثم انطلقت نحو مقاعد الجمهور، حيث كان والديها يلوحان لها بحماس. كان وجه والدتها مشرقًا، ووالدها يصفق بكل حماس.

"إنتِ عملتها، يا حبيبتي!" صاحت والدتها، وهي تلوح بيدها. "إحنا فخورين بيكِ جدًا!"

توجهت سبيل نحوهم، وحضنت والدتها بشدة، والدموع تتساقط على خديها. "مكنتش هقدر أعمل كده من غير دعمكم! شكرًا ليكم على كل حاجة."

والدها، اللي كان شايل لافتة مكتوب عليها "إحنا بنحبكِ، سبيل"، ضم ابنته إليهما. "إنتِ مذهلة! أظهرتِ شجاعة رائعة. ده كان انتصاركِ، وإحنا هنا علشان نحتفل"

"لعبتي زي الأبطال"، أضافت والدتها، وعينيها بتتلألأ بالدموع. "إنتِ مش بس بطلة في الملعب، إنتِ بطلة في حياتنا."


❈-❈-❈


احتفلوا معًا بعد المباراة، وانطلقوا إلى مطعم محلي علشان يتعشوا. وهم على الطاولة، تبادلوا القصص عن المباراة وتفاصيل اللحظة الحاسمة.

"فاكرة لما كنا بنستعد للمباراة دي؟" سأل والدها مبتسمًا. "كنتِ بتتدربي بجد، وده كان السبب في نجاحك."

"أيوة، فاكرة كل الليالي اللي قضيناها في التدريب" أجابت سبيل، ضاحكة. "لكن كل ده كان يستحق."

وأثناء العشاء، أدركت سبيل إن الفوز ده مش مجرد انتصار رياضي، ده كان تتويجًا لحب ودعم والديها. كل لحظة من التحضير والتحديات كانت ترجمة لعيلتها اللي كانت دايمًا وراها.

في نهاية الليلة، لما رجعوا البيت، كانت سبيل مليانة بفخر. قدرت تحقق حلمها بفضل حب ودعم والديها. "وعد مني إني هفضل أتمرن وأشتغل بجد علشان أحقق المزيد" قالت.

"إحنا واثقين فيكِ، إنتِ قادرة على تحقيق أي حاجة تحطيها في دماغك"، ردت والدتها، مبتسمة.

في اللحظة دي، فهمت سبيل إن النجاح مش في الفوز بس، لكن في الرحلة والدعم اللي بييجي من الأسرة، وإن كل انتصار هو بداية لمغامرات جديدة جاية.


❈-❈-❈


تجلس سبيل في زاوية الغرفة الباردة، تضم ركبتيها إلى صدرها وتحاول أن تلتقط أنفاسها وسط الذكريات التي تهاجمها بلا رحمة. كانت تتذكر صوت والدها وهو يضحك، دفء حضن أمها، ورائحتها التي كانت تبعث في قلبها الطمأنينة. كل ذلك أصبح الآن كالأحلام البعيدة التي لا تستطيع الوصول إليها.


"أمي مش ميتة... قالوا مفقودة"، همست لنفسها بصوت مكسور، وكأنها تحاول إقناع نفسها ببصيص من الأمل. لكن كيف تبحث عنها؟ وأين؟ هي بالكاد تعرف كيف تواجه هذا العالم الذي أصبح فجأة موحشًا وقاسيًا.


الدموع لا تتوقف، تنساب على وجهها الشاحب وكأنها نهر لا ينضب. تشعر وكأنها حملت أحزان العالم كله على عاتقها، رغم صغر سنها. نظرتها المتألمة وملامحها التي أصبحت باهتة تجعل من يراها يعتقد أنها عجوز أنهكها الزمان، لا فتاة في السادسة عشرة من عمرها.


في تلك اللحظة، أدركت شيئًا واحدًا: الحياة لن تنتظرها لتنهض. عليها أن تجد القوة، في مكان ما داخلها، لتقف مجددًا.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا ممدوح، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة