رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 20 - 2 الخميس 26/12/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل العشرون
2
تم النشر يوم الخميس
26/12/2024
تحرك متجها صوب منزلها فرآه شقيقه الجالس مكانه يباشر العمل فناداه ولكنه لم يلتفت له وصعد الدرج طارقا على الباب ففتحت والدتها المتجهمة:
-حسن! عايز ايه ع الصبح؟
دلف يوجه حديثه لها ولكن عينيه كانت تبحث عن زوجته:
-جاي اطمن على سهر، هي فين؟
خرجت سالي تحذره:
-بلاش يا حسن عشان بابا مش هنا ومش عايزين مشاكل معاه، أنزل وابقى تعالى لما يرجع من الشغل.
رفض ووقف مقوسا فمه:
-دخليني ليها يا سالي عشان أنا عفاريت الدنيا كلها بتتنط قدام وشي.
وجدها تقف أمام مدخل غرفتها بوجهها الشاحب تستند على الحائط فهرع يسندها:
-قومتي ليه من سريرك؟
ردت تسأله:
-مالك؟ بتزعق ليه؟ هو حصل حاجه؟
قادها لغرفتها وساعدها أن تستلق على فراشها واتجه للباب ليغلقه ووالدتها تقف أمامه متعجبه من تصرفه فهرعت سالي تضع أذنها لتتلصص على حديثهما فاستمعت لحوارهما كله:
-عامله ايه انهارده؟
ردت بعد تنهيدة طويلة:
-الحمد لله، مالك يا حبيي؟
تركها ووقف موليا ظهره ناظرا من نافذة غرفتها المطلة على دكانه وتكلم بصوت متحشرج غاضب:
-أنتي فعلا اللي وصلتي للمعلم رشوان اتفاقي مع يوسف عشان نهربو ملك؟
صمتها جعله يلتفت لها بنظرة غاضبة وهو يتابع:
-وأنتي برده اللي جيتيلي وانتي ناويه تخليني ادخل عليكي صح؟
ظلت تتنفس بارتباك وهو يتابع:
-وروحتي تحملي ملك سبب كل ده؟ هي ملك هوبت ناحيتك؟
صرخت فورا:
-هي اشتكتلك طبعا، آه قول كده خلاص المعلم رشوان اتقبض عليه ورجعت تجري وراك من تاني مش كده؟
صر على أسنانه زاغرا بعينه اليسرى وهادرا بها:
-بطلي كلام ملوش علاقه بعمايلك، انتي مش شايفه غلطك وصلنا لفين؟ رايحه تحملي غلطك لواحدة...
قاطعته تؤكد:
-غلطتنا، قصدك غلطتنا يا حسن عشان أنا مغلطتش لوحدي.
تضايق منها فهتف:
-ﻷ غلطتك لوحدك عشان أنا بعرف اتحكم في نفسي كويس وأنا معاكي، واليوم ده قولتلك تبعدي عشان عارف نفسي مش هقدر اتحكم، أنا كنت مسطول بس انتي كنتي فايقه وعارفه كويس بتعملي ايه صح؟
انهارت بتلك اللحظة وعلا بكائها فدلفت سالي بتلك اللحظة تصرخ به:
-حرام عليك يا حسن تزعلها وهي لسه قايمه من تعب.
التفت يصرخ بها:
-سبينا لوحدنا يا سالي ومتتدخليش.
حاولت الاعتراض ولكن سهر أومأت لها بالمغادرة ففعلت على مضض وعادت تتلصص عليهما واستمعت لصوت بكاء شقيقتها وهو يكمل حديثه القاسي:
-عملتي كده ليه؟ عاجبك وضعنا دلوقت والسربعه اللي احنا فيها؟
زفر بحدة يكمل توبيخه:
-عاجبك إن ده عرف وده عرف وده عرف اني دخلت عليكي؟ لأ وبقيت مضطر أطبطب على ده واراضي ده بقرشين عشان يسكتو، وفي الآخر تطلعي معرفه الحارة كلها بالموضوع! فكرتي تدبسيني مثلا عشان مسبكيش.
هتفت بدون وعي تردد:
-ادبسك؟
ظل هو يصيح بها:
-تصرفك مع ملك مش مقبول ومش هسكت بعد كده لو عملتي حاجه تاني، فاهمة؟
عادت لنفس حالتها اللاواعية تردد:
-أدبسك؟
استمع لها أخيراً فرمقها بنظرات عميقة وكأنه يبحث بداخلها عن سبب فعلتها وهي تهدر أخيرا به:
-هي حصلت تقولي الكلام ده؟ بعد كل السنين دي بتقولي ادبسك؟
لم يجد ما يرد به عليها وقد انتابتها ثورة من البكاء والصراخ والتوبيخ اللاذع:
-بعد كل السنين دي بقيت بدبسك يا حسن عشان بحاول أحافظ عليك.
رد بصوت مرتفع يسألها:
-تحافظي عليا من ايه وليه؟
أجابته والبكاء غزا كل خلية بكيانها:
-أحافظ عليك منها وأنا لحد اللحظة دي مش مصدقة إنك بطلت تحبني، ازاي وامتي حصل وأنا مش دريانه ولا حاسه بنفسي.
تنحنحت وشهقت من عظم البكاء:
-سنين عمري وأنا لا عرفت ولا حبيت غيرك، وفي الآخر بطلت تحبني وعقلك وقلبك انشغل بيها.
انهارت وهي تصرخ متفاجئة:
-ليييه؟ قصرت معاك في ايه عشان تعمل معايا كده، وفي الآخر تقولي بدبسك!
سحبت ماء أنفها بداخلها وهي تكمل:
-ما أنت ليك حق تبيع وتشتري فيا عشان انا اللي رخصت نفسي معاك للدرجة دي وبقيت أنا اللي بجري وراك بدل ما أنت اللي كنت بتحفى ورايا يا حسن.
ابتعدت عنه تجلس على طرف فراشها بعد أن شعرت بدوار عنيف عصف بها:
-مش قادرة خلاص ارخص نفسي أكتر من كده، وغلطتي انا هتحملها لوحدي عشان رغم حبي ليك بس مقدرش ابدا اتجوز واحد مش حاببني ولا عايزني وباله وقلبه مع واحدة تانية.
حاول الرد ولكنها لم تمهله الفرصة وتابعت:
-معلش نصيبي ونصيبك كده، أنا نصيبي أخسر عمري وابقى زي ما أنت شايف كده، وأنت تخسر فلوسك اللي صرفتها على الجوازه دي من أولها.
مسحت عبراتها المنسالة بطرف منامتها وتابعت:
-بس معلش استحملني لحد يوم الخميس، أروح بيتك قدام الناس عشان لما تطلقني ابقى شريفه قدام الناس.
علق عليها:
-أطلقك؟ ايه الكلام ده؟
هزت كتفيها تؤكد:
-معلش، مش هقدر أكمل في جوازه بتستنفز مني كل الطاقة دي لمجرد اني بحبك، ﻷن طول ما مشاعرك رايحه لواحده تانيه عمرنا ما هنكون مبسوطين مع بعض.
صمتت تتنفس عاليا وتبكي بحرقة:
-هو ده اللي كان مفروض يحصل من ساعة ما حسيت بتغيير مشارعك من ناحيتي، بس معلش محدش بيتعلم ببلاش وأنا دفعت تمن غالي أوي أوي.
وقفت أمامه تنظر وتركز حدقتيها بخاصته وتكمل:
-بعد الفرح بشويه نتطلقو وهتنازلك على القايمة والعفش والمؤخر كمان، معلش ملناش نصيب لبعض.
زفر بضيق يهتف:
-بس أنا بحبك يا سهر.
ضحكت بأسى تسأله:
-وملك؟
ارتبك مبتلعا ريقه يجيبها بتوتر ملحوظ:
-ملك على ذمة راجل تاني و...
قاطعته تسأل:
-ولو اتطلقت من المعلم؟
صمته كان جوابها الذي تعرفه فهزت رأسها مرات متتالية تهتف:
-خلصت يا حسن، عزائي الوحيد إن أنا وأنت عارفين إن لحد قبل كتب الكتاب عمري ما سمحتلك تلمسني بأي شكل، ولو غلطت كام غلطه بعد الجواز فده عشان مكنتش فاهمة وفاكرة إنك جوزي واللي بنعمله حلال.
صرخ بها رافضا حديثها:
-اللي عملناه حلال، متسمعيش لكلام ماما وانه حرام ﻷن مش لازم آخد موافقة ابوكي بدخولي عليكي، كتب الكتاب والفرح حققوا كل اركان الشرع و..
قاطعته رافضة وكادت أن تخبره أن حديث والدته تطابق مع حديث والدها وأنهما حقا قد اقترفا ذنبا كبيرا ولكن الدوار عاد لها وكادت أن تسقط أرضا لولا محاولاتها المستميتة أن تقف دون أن تشعره بشيئ فلا حاجة لها بشفقته ولا مشاعره المزيفة فأنهت الحوار:
-خلينا نستحملو الوضع ده ليوم الخميس وبعدين نتفقو هنتطلقو امتي من غير حد ما يحس بحاجه، معلش استحملني شويه إكراما للسنين اللي راحت من عمري عشانك.
جلست من جديد على فراشها ببطئ وقد خارت كل قواها:
-امشي يا حسن، أمشي مش عايزه اشوفك خلاص امشي.
فتح الباب وخرج كالطلقة التي خرجت من فوهة المسدس وغادر نازلا الدرج بسرعة ودلف دكانه يجلس على المقعد ناظرا أمامه بشرود.
ارتمت هي أرضا تبكي وقد دلفت سالي لمواساتها وتبعتها والدتهما واستمعت لسالي تربت عليها وتخبرها:
-اللي عملتيه هو الصح يا سهر، متزعليش وربنا إن شاء الله هيعوضك.
علقت ببكاء حتى أنهما وجدا صعوبة بتفسير حديثها:
-مش قادره، بحبه اوي بس مش قادره ادوس على نفسي اكتر من كده.
ربتت على ظهرها:
-الحمد لله على كل حال، صلي استخاره واطلبي من ربنا إن لو فيه خير يقربه ولو فيه شر يبعده.
هنا صرخت والدتهما:
-انتو بتقولو ايه انتو الاتنين. انتي متخليه انتي ولا هي إنها لو اتطلقت ورجعت لابوكي هيسمي عليها، ده مش بعيد يقتلها ولا اصلا هيقفلهم ويرفض الطلاق.
حاولت أن تقنعها ولكن والدتها كانت كالصنم الأصم تضع راحتيها على أذنيها:
-انا مش عايزه اسمع منكم حاجه، ابوكي فضل رافض كتب الكتاب عشان كل ده، قال لو سابو بعض تبقى خطوبه واتفركشت، وقال عشان كتب الكتاب هيفتح باب للغلط، وطلع كلامه كله صح.
ضربت فخذيها براحتيها تتذمر:
-لله الأمر من قبل ومن بعد، ربما يستر من اللي جاي ومن رد فعل ابوكي.
❈-❈-❈
دلفت بوجه متجهم بالرغم من ترحيب صفية بها:
-ملك يا حبيبتي اتفضلي.
وجدت صديقتها تجلس بالصالة وفور أن رأتها تحركت تدخل غرفتها فلاحظت والدتها تصرف ابنتها الغريب فالتفتت تسأل ملك:
-مالكم؟
لم ترد أن تخبرها اي شيئ عن شجارهما وهي للآن لا تعرف ماذا ستفعل بشأن تعاونها مع الأمن الوطني ضد رشوان، فهي قد آثرت على قطع العلاقات بينها وبين رفيقتها حتى لا تشعر بالذنب وقت تجسسها على والدها، ولكنها بعد أن اتخذت قرارها بعدم التعاون معهم فكرت بمرضاتها.
لتعود لنقطة الصفر أو تحت الصفر وهي متحيرة بين أمرين، أحدهما هو التعاون معهم لإنقاذ أخيها الذي يبدو أنه أسير لديهم لضمان أدائها لعملها بجد، والأمر الآخر أن تخبر رشوان بكل شيئ حتى ينقذه هو ويخرجها من تلك الورطة إلى الأبد.
ولكن، هل يستحق رشوان العفو وهي تعلم أنه قد يقتل ذلك الضابط كما أخبر أخيها! هل هي على استعداد أن تخسر نفسها بعد خروجه من محبسه وتصبح زوجة حقيقة له؟
درات تلك الأفكار برأسها وقد شردت عن حديث صفية التي تضايقت منهما:
-أوعو تخلو أي حاجه تفرقكم وتزعلكم من بعض، أنا هدخل أنده لها وأنتو الأتنين تتصالحو وقدامي دلوقت حالا.
انتظرت خروج ورد التي فور خروجها وقفت أمامها تقضم أسفل شفتها حتى كادت أن تدميها، ولكن ملك وقفت لا تبادر بأي حديث فهتفت صفية:
-مش مهم مين اللي زعلت التانية، المهم تتصالحو حالا قدامي.
دفعت ابنتها لتحتضن ملك:
-احضني اختك يا بت وقوليلها حقك عليا.
رفضت ورد وابتعدت تصيح بها:
-هي اللي غلطانه، وعموما هي حره في حياتها ومن انهارده هي مرات ابويا وبس.
تجهم وجه صفية تصرخ بها:
-مسمعكيش تقولي كده تاني، دي اختك.
ردت تخبرها بسبب الشجار وكيف دافعت ملك عن رشوان وتقبلها لزيجتها منه بهذا الشكل فالتفتت لها تسألها:
-صح الكلام ده يا ملك؟ انتي خلاص عايزه تكملي مع رشوان؟
أومأت بمعنى لا تعرف:
-مش عارفه، محتاره ومش عارفه اتصرف ازاي ولا هو هيخرج ولا ﻷ؟ الحاجه الوحيدة اللي عرفاها انه سلم نفسه عشاني.
ضحكت صفية ساخرة منها:
-لا والله، سلم نفسه عشانك! انتي مصدقه الفيلم الهابط ده؟ رشوان مبيهموش غير نفسه والدليل انه رايح معاه المحامي بتاعه ولو ياختي الناس اللي مشغلينه مأكدلوش انه هيخرج منها مكانش سلم نفسه.
ضحكت عاليا:
-رشوان مأمن نفسه يا ملك عشان لا هو ولا اللي شغال معاهم هبل وينفع يضحك عليهم، رشوان سلم نفسه وهو عارف بالظبط هيقعد أد ايه وهيخرج امتى وازاي.
اقتربت منها تكمل توضيحها:
-اسمعي يا بنتي، أنا مليش دخل أنتي عايزه ايه، وسبب رفضي لجوازكم هو انتي وسنك اللي هيروح هدر معاه، بس لو انتي عايزاه مش هقف في طريقك ولا هغيير واعمل شغل ضراير لأن رشوان موضوع أنا شيلته من دماغي من زمان، ولو مش عيزاه برده هساعدك لحد ما تخلصي من شبكته دي عشان انتي بنتي ومربياكي مع ورد وعمري ما هاجي عليكي ابدا.
ربتت على كتفها تؤكد:
-أنا عارفه إن رشوان له طرق بتخليه يحبب فيه اللي قدامه وإلا مكانش عرف يوقع واحده زي ماهيتاب في حبه وهي اللي تعليم من الغالي وابوها راجل جواهيرجي أد الدنيا ومليونير وسنها برده صغير عليه وكانت تقدر تتجوز اي شاب من مستواها.
ضحكت تضيف:
-بس هو عرف ياكلها زي ما هو بيحاول ياكلك كده، أنا قولتلك اللي فيها وانتي حره يا بنتي بس عيزاكي تعرفي حاجه قبل ما تقرري انتي عايزه ايه.
أحكمت من ربط وشاح رأسها المنزلي بربطة قوية وتابعت:
-تعرفي رشوان مأمن نفسه في الحكاية دي ازاي، وتعرفي مين اللي بلغ عنه.
استمعت بانتباه وانصات:
-ماهيتاب مقبلتش إن يكون لها ضره ﻷن من ساعة ما رشوان اتجوزها وهو لا اتجوز بعدها ولا فكر يتجوز عليها، فطبعا الغيره خلتها راحت لابوها عشان يمنع الجوازه، والنتيجة كانت انه بلغ عن رشوان.
اتسعت حدقتيها والأخرى تكمل:
-يعني حتى لو خرج فخليكي متأكده إن ماهيتاب عمرها ما هتوافق على جوازكم وهتعمل المستحيل عشان تفركشها، وروشوان كمان كل واحده اتجوزها ومخلفتش طلقها بعد كام سنه، يعني مش بس هيكون مطلوب منك تبقى مراته وتستحملي اللي ممكن تعمله ماهيتاب عشان تبعده عنك، ده انتي هيبقى مطلوب منك تخلفيله عيل.
لم تعقب عليها وتركتها تكمل:
-أما بقى ياختي موضوع المخزن فهو مأمن نفسه ومأجره لواحد من رجالته عشان لو حصلت كبسه زي اللي حصلت دي يبقى هو في السليم ويلبسها الراجل بتاعه.
وكأن حديثها خرج عن ما قد تهتم له ولكن قد تبدو معلومة مهمة تسخدمها إن قررت التعاون مع الامن الوطني:
-عارفه مأجره لمين؟
نفت بصوت رافض بسيط فأجابتها صفية على الفور:
-لفتحي ابوكي، ودلوقت بقى خروجه معتمد على ظهور ابوكي أو يشيلها الورثه بتوعه بقى.
إلى حين نشر فصل جديد من رواية حارة الدخاخني للكاتبة أسماء المصري، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية