-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 10 - 2 - الثلاثاء 17/12/2024

 قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل العاشر

2

تم النشر الثلاثاء

17/12/2024

عاد إلى منزله يحمل العديد من الأغراض بين يديه.

كان يوم عمل شاق، لكن يهون لأجلهم.

تأكد من كل شيء في القائمة، تلك القائمة الطويلة التي طلبتها زوجته،

وعاد محملاً بها لها وللصغيرة.

دق الجرس بكتفه وهو لا يجد مكانًا بيديه ليطرق به،

لكن مرة بعد مرة، ولم تفتح.

زم شفتيه بغيظ وهو يضع ما بيده أرضًا،

وهو يخرج المفتاح ليفتح الباب،

ليختفي عبوسه ويحّل محله ابتسامة مشرقة

وهو يقابل ذلك الملاك الصغير

التي ما إن رأته حتى حاولت الوقوف وهي تصفق بيدها بحماس شديد،

مرحبة به بسعادة،

قبل أن تحبو بسرعة لكي تصل له.

وضع ما بيده أرضًا

وهو يغلق الباب،

ينتشلها، يحملها وهو يغرق وجهها قبلات

ويردد بشوق: إلى وحشني خالص،

وحشني حبيب بابا يناس.

أصدرت عدة أصوات حماسية

وهي تمرمغ وجهها بصدره ورقبته،

تلك الصغيرة التي تحتل قلبه كل يوم أكثر من ذي قبل.

ظهورته الغالية،

وشمس تنير حياته.

لم يُخطئ حينما أسماها شمس،

شمسه المضيئة الغالية،

قطعة من قلبه بل كل قلبه.

رفعها في الهواء

يقذفها عدة مرات،

والأخرى لا تبخل عليه أبدًا

وتهديه أجمل الابتسامات.

وضحكاتها تعم المكان،

تزهره وتنيره.

صوتها في حياته

يريح قلبه وعقله من أي شيء.

يكفيه أن يعود فيجدها في استقباله.

ضمها إلى صدره وهو يقبل وجنتها الشبيهة بقطعة الخطمي سائلاً إياها:

فين ماما يا شمسي؟

أصدرت بعض أصوات وهي تتهته،

ما ما وتشير بيدها بكل مكان،

قبل أن تحط على وجهه.

أزاح يدها وهو يدعي أنه سيأكلها،

لتصرخ باكية بين لحظة والأخرى،

ليضمها إلى صدره نادمًا،

مربتًا على ظهرها برفق

لعلها ترضي وتضحك له من جديد.

وبعد بعض الوقت،

غفت بين ذراعيه،

بعد أن أضحكها حتى ضربته على وجهه

كف خماسي كعادتها.

حسنًا، يستحق.

دثرها جيدًا

وأحكم الغطاء عليها،

فهي كامها تمامًا

تنام بعرض السرير

وتلقيه من عليها كل خمس دقائق.

ومهمته في هذا البيت

أن يعيد عليهم الغطاء.

ضحك يائسًا

وهو يشعل مصباحها الملون الصغير،

فصغيرته لا تنام سوى به.

وضع معها أرنبها الخاص،

وأيضًا تأكد أن صوت القرآن يعم الغرفة بهدوء.

وأخيرًا،

خرج بهدوء شديد،

تاركا الباب غير مغلق

لكي لا تخاف صغيرته.

والتفت يبحث عن الأخرى،

فهو هنا منذ نصف ساعة

والمبجلة زوجته

لم تعره اهتمامًا.

فليرى أين هي،

تلك الحورية التي أهديته شمسه المضيئة،

حور قلبه.


❈-❈-❈


كانت بحوض الاستحمام تستحم.

هي تعلم أنه هنا.

بمجرد أن رأت سيارته، سارعت بتحضير ملابسها لتستحم أخيرًا.

فليجلس هو مع ابنته قليلاً، ولتستريح هي حتى تنتهي وتأخذ وقتها.

وبعد أن انتهت، ارتدت مازرها متوجهة سريعًا لخزانتها لتخرج أحد منامتها المريحة.

وقبل أن تفعل هذا، قاطعها صوت رنين هاتفها بنغمة خصصتها لأمها.

أجابتها بابتسامة: "إزايك يا ماما؟ وحشتني."

"أنتي كمان."

"الحمد لله. شمس كويسة، وحسام كمان."

"لا، مش جنبي. قاعد مع شمس بره لحد ما أخد شاور وأخرج."

"في حاجة ولا إيه؟"

ظلت أمها تتحدث، وهي تستمع لها وتحاول أن تفهم ما تقول.

لتردف بعدها: "طيب ومالها الشقة اللي إحنا قاعدين فيها؟"

أجابتها أمها بتأكيد: "الشقة دي أكبر وأوسع. بكرة إن شاء الله لما تخلفي تاني، شقتك الصغيرة دي مش هتنفع. وجوزك مش قليل. أنا مش فاهمة سايب عز أبوه ده كله، وشغال في الشركة الصغيرة دي ليه؟ ده بدل ما ينزل يقف جنب أبوه ويعيش في خيره. يا حور فكري في نفسك وبنتك. جوزك مش بيفكر خالص. وثم، إنتي محتاجة تجيبي غسالة أطباق."

حركت رأسها بتردد، وهي تقول: "إنتي عارفة حسام مش مقصر خالص معانا. بالعكس يا ماما. بس إنتي عارفة هو حابب يعتمد على نفسه. مش حابب أبدًا ياخد أي فلوس من عمو مدحت."

قاطعها أمها بحدة: "ليه إن شاء الله؟ وثم ده حقك وحق بنتك. اسمعي مني. فاتحيه في موضوع الشقة ده. وكمان إنتي مش قلتلي إن في خاتم عجبك أوي وإنتي عند الجواهرجي الشهر اللي فات؟"

هزت الأخرى رأسها كأنها تراها، وهي تجيب بتلعثم: "أيوة بس ده ماس يا ماما، وغالي أوي."

أكدت أمها بثقة: "الغالي يرخصلك. جوزك مش شوية. اطلبي إنتي وجمدي قلبك. المفروض تشيلي فلوس على جنب تنفعك. إنتي طالعة خايفة كده لمين؟ يا بنتي، محدش مضمون. خدي منه وزيادة. وزي ما فهمتك، ارجعي احملي بسرعة، اربطيه بعيال. جوزك يا حبيبتي ألف واحدة هتلف عليه عشان تتجوزه. فالحقي هاتي كام عيل يتلخم فيهم. وواعي تنسي. متسيبش معاه فلوس خالص أول بأول."

"ماشي يا حور، سمعاني؟ يلا أنا هقفل عشان أبوكي بينادي. سلام."

قالتها وأغلقت الخط.

والأخرى محلها تجلس بتشوش، لا تعلم ماذا تفعل.

أقوال أمها تنافي ما تحياه مع حسام.

نصائح أمها تفتعل الكثير من المشاكل.

هي تعلم، لكن كيف لها إلا تسير على خطاها؟

فعلتها أختها ورفضت أن تسير على خطاها، وتطلقت.

وهي تعشق حسام، ولا تريد الطلاق أبدًا.

أفزعها يد حسام التي وضعت على ذراعها وهو يقول بقلق: "حور، إنتي كويسة؟ مال وشك مخطوف كده؟ في حاجة حصلت ولا إيه؟"

ونظر للهاتف وقلقه يزداد ليقول بسرعة، وهو يخرج هاتفه: "إنتي كنتي بتكلمي مين؟ حد حصله حاجة؟ حد من البيت عندنا حصله حاجة؟"

أوقفته يدها وهي تمسك الهاتف قائلة بهدوء: "لا حبيبي، دي ماما. الكل بخير الحمد لله. أنا بس دوخت فقعدت على السرير."

زفر براحة وهو يربت على يدها، قبل أن يتوجه للخزانة ليخرج ملابس نظيفة ليستحم هو الآخر.

لكن توقفت يداها وهو يستمع إلى حور التي هتفت بسرعة وتهور: "حسام، أنا عايزة أخلف تاني."

تجمد في مكانه لوهلة، قبل أن يلتفت لها وهو يقترب قائلًا باستغراب: "نخلف تاني؟ غريبة. أنا فتحتك في الموضوع ده من شهر، وإنتي رفضتي جامد. وقلتي إنك مش ملاحقة على شمس، ومش مستعدة دلوقتي. والمشكلة حصلت بينا وقتها. إيه اللي اتغير في الشهر ده؟"

حركت يدها تمسح على مؤخرة رأسها تردد بتلعثم: "أه، بس عشان يكونوا ورا بعض، وحور متبقاش لوحدها. مش ده كان كلامك؟"

قطب حاجبيه وهو يقول بحيرة: "فجأة كده؟ غريبة برضو. إيه اللي جد؟"

قالها بإصرار، وهو يقترب منها أكثر.

أخفضت رأسها بتوتر، ليقترب أكثر وهو يرفع رأسها سائلا بشك: "في حد كلمك في الموضوع ده؟"

هزت رأسها نافية.

ليهز رأسه هو مؤكدًا: "لا، لا. أنا متأكد إن حد كلمك."

أصدر صوتًا ساخرًا وهو يبتعد عنها مرددًا بتأكيد: "مامتك صح."

صمتت تنظر له بتوتر، ليصيح بعصبية: "ردي يا حور! صح؟ ثاني يا حور! ثاني!"

"لا، لا. أنا تعبت بجد. تعبت من الكلام ليل نهار. أقولك أهلك وأهلنا بره حياتنا، بره قراراتنا. كفاية تدخلات! من وقت الخطوبة قلتلك أهلك وأهلي على عيني وعلى راسي، بس بره حياتنا. مامتك تتدخل في قرار زي ده ليه أصلاً؟ يعني أنا أكلمك، أطلب منك نخلف تاني، ترفضي. ولما مامتك تقولك، تجري تقوليلي. إيه المنطق ده؟"

واقترب منها يرفع يده يصيح بانفعال: "أنا قلتلك بدل المرة عشرة، وإنتي مصرة. إنتي عايزة توصلي لإيه يا حور؟ ها؟ قوليلي."

صمت لوهلة قبل أن يكمل بتأكيد: "آخر الطريق ده نار مش هتستحمليها. واعرفي إنك السبب في اللي بيحصل ده. والنتيجة هتتحمليها لوحدك."

قالها وخرج من الغرفة بل من المنزل بأكمله، غاضبًا وناقمًا على أفعالها.

لتجلس هي على الفراش بذهول من ثورته.

ثورة هي السبب فيها.


❈-❈-❈


ظلَّ يجوب بالسيارة لمدَّةٍ لا يعلمها،

يريد أن يبتعد،

هي تصنع الحواجز والمشاكل،

ويجب عليه أن يكون هادئًا متقبِّلاً.

كيف هذا؟

كيف يفعل هذا أصلًا؟

كيف لها أن تضع أمَّها بينهم؟

كيف لها أن تناقشها في أدقِّ أمور حياتهم؟

تستمع لها أكثر مما تستمتع له،

كأنه غير مرئيٍّ بالمرة.

هو زوجها،

تستثنيه،

وأمُّها تتدخل بطريقةٍ بشعة،

تجعله يكاد يجنُّ.

ماذا يفعل؟

زفر بضيقٍ وهو ينظر للسَّاعة،

وهو يفكر: من المؤكَّد أنها نامت.

ابتسم ساخرًا،

هي أصلاً لا تنتظره أبدًا.

تنتهي خلافاتهم دون نقاش،

فقط خلاف،

وفي اليوم التالي كان شيءٌ لم يكن،

يتظاهر كلاهما أن الأمور على ما يرام،

وكلُّ شيءٍ فاسد.

وبداخلها يتراكم،

وسيظل السؤال الأكثر رعبًا:

إلى متى؟

❈-❈-❈

دلف للمنزل بضيق يحتل صدره.

رفع عينيه ليجدها تجلس على المقعد مقابل للباب، كأنها في انتظاره.

انتفضت ما أن رأته.

ناظرها بدهشة لانتظارها، ليجدها تنطلق بسرعة لتلقي نفسها بين أحضانه.

وقف لدقيقة، قبل أن يرفع يديه ليضمها إلى صدره.

حور، حوريته، حبيبته وأم ابنته.

كيف له أن يغضب منها؟

وعشقها بقلبه لا مفر منه إلا إليه.

ضمها إلى قلبه، وهي تردد بأسف:

"أنا آسفة يا حبيبي، سامحيني، أنا آسفة."

قالتها وهي تضمه أكثر، تعتذر.

وبداخله، هو لا يريد اعتذارها.

هو يريد أن تتغير.

❈-❈-❈


بغرفة آسيا

رمت الهاتف بغضب على الفراش.

تجاهل رسائلها.

كيف له أن يفعل هذا؟

تراه متفاعلًا، بل نشر أيضًا صورة تخصه وأخواته.

لم يحظرها، لكن أيضًا تجاهلها.

ماذا يعني هذا؟

أهي لعبة قط وفأر؟

لماذا تجاهلها؟

ألم تعجبه؟

قفزت من على فراشها، تقترب من المرآة، وتنظر لنفسها بغرور.

تمسك بخصلة من خصلاتها وتتلاعب بها.

أهناك من هي أجمل منها؟

لا يوجد.

هي الأجمل، والأرقى.

هي تثق في نفسها، في جمالها، وفي جاذبيتها.

أفاقت على صوت دق على الباب.

التفتت، تناظر عمتها وهي تدلف للغرفة تحمل لها أحد الأكواب.

وهي تقترب منها تعطيها إياه قائلا بحنان:

"خليتهم يعملولك هوت شوكليت، عارفة إنك بتحبيه."

أخذته منها قبل أن تهديها قبلة على وجنتها، قبل أن تقودها صفيه للفراش.

جلست عليها وأجلستها بجانبها، تضمها إلى صدرها وهي تخبرها أن تحكي لها أكثر عما كانت تفعل بدونها.

وآسيا تحادثها بعقل شارد، عقل مع الهاتف الملقي عند قدميها.

تميم لها.

ستحصل عليه، مهما كلفها هذا.

❈-❈-❈

وصل عمر للمنزل لتستقبله فريدة ببسمتها المقربة لقلبه.

ضمها إليه وهو يعطيها الطعام لتحضره، وأسرع يدلف للحمام يأخذ حمامًا سريعًا.

ويرتدي ملابس نظيفة.

توجه بإرهاق وهو يغمض عينيه ويفركها بتعب، نحو الأريكة.

قبل أن يلقي بنفسه عليها بإرهاق.

عده ثوانٍ قبل أن يستمع إلى صوت غريب بجانبه، جعله يلف رأسه ببطء شديد للناحية الأخرى.

قبل أن تتسع عيناه بشدة، وهو يرى أمامه قطًا كبيرًا.

يجلس براحة شديدة على أريكته، كأنها في بيتها.


ولم تكن فريدة تعلم أنه لا يطيق القطط.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عفاف شريف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة