رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 22 - 2 - الثلاثاء 17/12/2024
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثاني والعشرون
2
تم النشر الثلاثاء
17/12/2024
لما عليه أن يكون بهذه القسوة معها
لما لا يلين قلبه أمام حبها
ماذا تفعل أكثر من ذلك كي يرأف بها ويعشقها كما تعشقه
لوهلة صدق قلبها الغادر كلماته المعسولة لكن بان كذبه الذي لم يستطيع مواصلته.
فلما عليها ان تكون بذلك الضعف أمامه.
مسحت دموعها بيدها عندما طرق الباب
فابتعدت عنه قليلًا كي تفتحه فتجد والدتها أمامها.
حاولت إخراج صوتها ثابتاً كي لا تشعر بشيء
_أهلاً يا ماما.
لم تحتاج فايزة لفطنة كي تعلم سبب تلك الدموع المتعلقة باهدابها فقالت بتعاطف.
_وبعدين يا هايدي هتفضلي كدة لحد أمتى.
لم تريد شيء سوى الارتماء داخل أحضانها
ولم تجد أفضل من حضن والدتها ولا أحن منه ليحتويها في تلك المحنة.
……..
اغلقت فايزة الباب خلفها ووضعت العصير أمام ابنتها وهي تقول بحب
_اشربي العصير ده هيهديكي شوية
تناولت منها الكوب لتحبسه بين يديها فقالت فايزة بحكمة
_انا عارفة إن الكلام اللي هقوله ده مش هيعجبك بس لازم تسمعيه
الواحدة مننا لما بتحب بتدي من غير حساب
وكل ما حبت جوزها أكتر كل ما ادته أكتر حتى لو على حساب نفسها
وده اللي انتِ عملتيه اديتي بزيادة لدرجة انك خلتيه ميطلبش وهنا ده افتكرأنه حق مكتسب
معلمتهوش يحتاج أو يطلب ولا حتى يشتاقلك لأنك في البيت والشغل قدامه
والحب اساسه اشتياق يا حبيبتي
وهو عمره مشتاقلك عشان يتعلق بيكي
العطاء لازم يكون بحدود وحتى حبك لازم تكوني متحكمة فيه وتكوني مسيطرة عليه
عارفة إن كلامي بيجرحك بس دي الحقيقة اللي لازم تعرفيها
انا أمك وأدرى واحدة بمصلحتك
اثبتي على قرارك وخليه يحس بغيابك، خلي حبك اللي مش حاسس بيه جواه يخرج لما يحس فعلاً إنك بتضيعي منه.
هزت هايدي راسها دون ان ترفعها عن الكوب الذي بيدها وتمتمت بخفوت
_بس هو عمره ما حبني.
ردت فايزة بنفي
_مش حقيقي، حازم بيحبك بس زي ما قولتلك مفيش حاجة بتعمليها تشغله بتدي ومكفية وناسية إن البُعد لو بحدود بيعمل اشتياق، ولما تتقابلوا عوضيه بزيادة خليه طول ما هو في الشغل يتكوي بغيابك ويتمنى يخلص بسرعة ويرجعلك ولما يرجع ادي بزيادة عشان يكون دافع أكتر أنه يرجعلك، خليه ليلة ينام لوحده ويحس بنار غيابك
فكري بكلامي ونفذيه ومش هتندمي، بس حطي في بالك البعد بزيادة بيعلم القسوة
وعايزة تجننيه أكتر اتعاملي معاه في المستشفى عادي بحكم عملكم عادي جدًا كأنه مجرد زميل.
فهمتيني.
أومأت هايدي
_فهمت يا ماما.
ربتت على يدها وقالت
_انا هقوم احضر العشا عشان بابا زمانه جاي.
خرجت فايزة وظلت هايدي تفكر في حديث والدتها لتعرف بالأخير بأنها وحدها المخطئة.
❈-❈-❈
استلقى داغر على فراشه مستنداً بظهره على الوسادة وأخذ يفكر بما حدث اليوم.
تذكر ذلك الطفل وتشبثه به والذي دون إرادته تعلق به بشيء مهيب
تذكر كيف تعلق بعنقه وكيف نام على كتفه
وبكاءه الذي هدئ ما إن حمله بين يديه.
ابتسم رغمًا عنه وشعر بحنين إليه
لو لم تهرب منه لكانا الآن ينعمان بطفل بعمره.
لكن الغريب في الأمر
لما ترك حازم طفله عندهم وهو بهذه الحالة؟
واين والدته من كل ذلك.
تذكر أن أسيل أخبرته بأنه متزوج من طبيبة مثله
تذكر أيضاً أنها أخبرته باسمها لكنه لا يتذكره جيدًا
مد يده على المنضدة يتحسس علبة سجائرة لكن يده تعسرت في كوب الماء وسقط على الأرض
مال قليلاً كي ينتشل الزجاج من الأرض
فيصاب إصبعه
لم يهتم له وظن أنه جرح طفيف حتى عندما شعر بذلك السائل ظن أنه ماء لذلك واصل جمع الزجاج ووضعه بسلة المهملات الموضوعة بجانبه
نهض ليدلف المرحاض يغسل يده كي يتأكد من عدم تعلق أي زجاج بيده
ولم يلاحظ الدماء التي تسيل من يده والتي طبعت على مقبض الباب ومقبض المياه حتى المنشفة التي جفف بها يده
وعاد إلى فراشه
كان يشعر بوغز بسيط لكنه لم يبالي به واستلقى على فراشه لينام لكن ذلك الشعور جعل النوم يهرب منه.
❈-❈-❈
استلقت على الفراش بجوار طفلها تناشد النوم بعد يوم شاق مليء بالمآسي
تطلعت لطفلها بحب وأخذت تملس على وجنته الناعمة
رن هاتفها فنظرت إليه فإذا بها هايدي تتصل لتطمئن عليه
_ازيك يا اسيل إياد عامل ايه دلوقت؟
ابتسمت وهي تنظر إليه بحب
_أحسن بكتير.
_الحمد لله انا قولتلك إن كل ده عادي عشان سنانه المهم هتعملي ايه مع ابوه.
لم تندهش أسيل لمعرفتها بالحقيقة فهي كانت تشك بذلك فردت بهدوء
_مش هعمل حاجة، هو ميعرفش انه له طفل وانا مش هعرفه.
تحدثت هايدي بعقل
_بس ده مش بمزاجك للأسف يا أسيل، هو من حقه إن يعرف بوجود ابن له زي ابنك ما من حقه يعرف، بلاش تفكري فى دا دلوقت فكري في بعدين لما يكبر ويسألك مين أبوه، وحطي احتمال إن ابنك يعرف الحقيقة وتلاقي نفسك متهمة قدامه، مفيش قدامك حل تاني، المرة دي عدت وأحمدي ربنا أنه كفيف لأنه لو شافه مكنش هيشك لحظة واحدة انه ابنه.
تنهدت أسيل بتعب
_عارفة كل ده وهشوف له حل بس بعيد عن انه يعرف، مستحيل أجازف وأخليه يعرف انه له ابن ويحرمني منه.
_ما يمكن يطلب يتجوزك عشان يثبته ويعتذر عن اللي حصل، وبعدين يا أسيل الشخص اللي أنا شوفته النهاردة ده شكله ابن ناس ومحترم اللي خلاه يتأثر بطفل ميعرفوش وياخده بظروفه دي ويوديه المستشفى ده مستحيل يكون بالحقارة اللي حكيتي عنها.
ابتسمت أسيل بمرارة
_حكيت عنها؟! أنا عشتها وجربتها
ارتعشت أوصالها للذكرى
_انتي مش متخيلة اللي عمله معايا ولا الطريقة اللي اخدني بيها، ده لو بنت ليل كان هيرأف بيها شوية، إنما ده مرحمنيش وانا بترجاه يسيبني
تفتكري واحد زي ده ممكن يرحم ويسبلي ابني.
تأثرت هايدي بقصتها لكنها حقاً لا تتقبل ان يكون ذلك الرجل الذي رأته اليوم بتلك القسوة
_ما يمكن بعد اللي حصله ده اتغير، ويمكن برضه بيدور عليكي عشان يطلب منك تسامحيه، بصراحة طنط النهاردة حكتلي كل حاجة وحكتلي انك بتشتغلي عنده دلوقت وأكيد لاحظتي أي تغير فيه.
_التغيير الوحيد اللي حصل أنه ظهر على حقيقته مش أكتر.
لم تريد هايدي الضغط عليها فقالت بتروي
_فكري كويس في إبنك لأن الاولاد هما اللي يستاهلوا إننا نحارب عشانهم.
أغلقت أسيل الهاتف وأخذت تفكر فيما انتوت فعله..
❈-❈-❈
في منزل حسين
بدأ حسين يشعر لأول مرة بالوحدة وقد فارقه الجميع.
وبدأت شاهي تسيطر على كل شيء من حوله
فعلم أن أولاده كانوا له حصن منيع لكنه لم يعلم ذلك إلا بعد فوات الاوان
حاول كثيرًا مع سليم وطلب منه العودة لكنه يأبى الرجوع فعلم انه لم يغفر ولن يسامح
لكن ما الذي ينتظره منه وقد رآى بعينيها أنها عادت من هروبها محملة بالعار
تذكر رجاءها وهي تقسم له بأن ماحدث لم يكن بإرادتها
لكنه لم يستمع إليها ولم يرحمها بل واصل تعذيبه لها بكل جبروت
❈-❈-❈
أما سليم فقد ظل يمنع ذلك الحنين الذي يطالبه بأن يطمئن عليها
لكن غضبه منها يرفض ذلك
هو يعلم جيدًا بأن ما حدث رغمًا عنها لكن أيضًا هي من وضعت نفسها في طريق الهلاك
لقد ابتعد وأصر على البقاء هنا كي لا يضعف أمامها ويذهب إليها
حتى عندما عاد إلى مصر حارب شوقه لها بكل الطرق وخاصة عندما وجدها بالمصعد.
هل ظنت ان باخفاء وجهها عنه لن يعرفها!
ابتسم بحزن للذكرى
فقد رآها بقلبه قبل عينيه
حتى ضربات قلبها المتسارعة كان يسمعها بوضوح ولذلك اوهمها بأنه لم يراها ولم يعرفها كي لا تفزع منه.
يعلم جيدًا بأنه لن يستطيع مواصلة عناده وخاصة عندما اصبح ذلك الفرع خاص به وحده وأصبح واقفاً على أرض صلبة..
❈-❈-❈
استيقظت أسيل من نومها على صوت طرق الباب
نهضت بصعوبة فقد ظلت مستيقظة حتى الفجر.
فتحت الباب فتتفاجئ بصالح أمامها
_صباح الخير يا بنتي، اتفضلي غيري هدومك ويالا قبل داغر بيه ما يصحى.
_صباح النور يا عم صالح، حاضر دقيقة بالظبط وهكون جاهزة.
صعدت أسيل وهي تنوي ما قررت خوضه دون تردد
قامت بتبديل ملابسها ودلفت غرفة أمينة
_صباح الخير يا دادة
نهضت أمينة من على المصلى وقالت باستياء
_يعني مصرة تكملي؟
أومأت بتأكيد
_اه مصرة، أنا ماشية دلوقت ولم نرجع هيكون بينا كلام تاني، بعد أذنك.
خرجت أسيل من المنزل واستقلت السيارة
وأثناء ذهابهم أرادت أسيل أن تستفسر عما حدث فسألته
_هو ايه اللي حصل امبارح يا عم صالح؟
رد صالح وهو ينعطف تجاه المنزل
_كابتن داغر أصر أنه يجيلك امبارح لما رفضتي تيجي ولما قربنا من البيت سمعنا صوت طفل صغير……
انتهى من قص ما حدث وهي تستمع إليه بقلب منقبض
_بس يا بنتي الغلط عليكم الولد كان سخن أوي وغير كمان انه صغير على انكم تسيبوه لوحده في البيت.
تنهدت أسيل وقالت بشرود وهي تنظر من نافذة السيارة
_كان غصب عني بس مش هتتكرر تاني.
❈-❈-❈
توقفت سيارة خليل أمام المنزل وترجل من السيارة بوجوم تام ثم دلف المنزل وكأنه يتوعد لمن يراه أمامه.
صادفته سلوى التي قالت بابتسامة
_صباح الخير يا خليل بيه احضر الفطار دلوقت؟
رد خليل باقتضاب وهو يصعد الدرج
_لأ.
صعد لغرفة داغر فيقتحمها دون ان يطرق بابه فيجده نائمًا في فراشه وكعادته يترك الضوء يملئ الغرفة
تطلع إليه باستياء
وهم بالخروج لكن لفت انتباهه الدماء المطبوعه على الفراش الأبيض ويده التي تغطت بالدم بصورة تدعوا للريبة..
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية