رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - اقتباس الفصل 9 - الأربعاء 11/12/2024
قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة عفاف شريف
اقتباس
الفصل التاسع
تم النشر الأربعاء
11/12/2024
تركها تبكي بقدر ما تحتاج،
بكت وبكت حتى اكتفت.
تنهد بضيق وهو يرى إرهاقها الواضح للأعمى إلى أي حال وصلت شقيقته.
أكانت تخدعهم بمزاحها الدائم؟
أكانت ضحكاتها كاذبة؟
وثرثرتها الفارغة لم تكن سوى غلاف تحيط به نفسها.
كيف لم يلاحظ؟
كيف أهملها إلى هذا الحد؟
ومن السبب في هذا؟
من أوصلها إلى تلك الحالة؟
مد يده يتلمس صورتها الباكية راغبًا وفي تلك اللحظة في ضمها بين أحضانه مربتًا عليها، حاملًا كل ما يؤلم قلبها بقلبه إن استطاع، يكفيه فقط أن تعود كما كانت ولا تزرف دمعة واحدة بهذا الشكل المؤلم.
كم كانت ذات روح مرحة مبتسمة ومشاكسه.
كانت بهجة بيتهم،
وشعلة نشاط وطاقة.
انطفأت شمعتها وخفت بريقها.
أصبحت شخصًا آخر.
شخصًا أنهكته الحياة.
تنهيدة أخرى خرجت منه متعبة ومتألمة وهو يحادثها بهدوء قائلاً: "بقيتي أحسن؟"
هزت رأسها نافية.
هي ليست بخير.
أصبحت لا تتحمل.
أغمضت عينيها وهي تفكر.
هي التي تستيقظ قبل الجميع لتلبي احتياجاتهم، وتظل مستيقظة بعد أن يخلد الجميع للنوم لترتب، تخطط، وتفكر.
المنهكة ليست فقط من العمل البدني، بل من الضغوط النفسية والمسؤوليات التي تتزايد دون توقف. قد تُخفي تعبها بابتسامة أو دعابة تُدخل الفرح على قلب من حولها، لكنها تحمل في داخلها أوجاعًا وجروحًا لا تراها إلا هي.
هي من تُرهقها الليالي الطويلة بجانب طفلها المريض، أو تسهر على تجهيز احتياجات أسرتها دون أن تشتكي. تجدها دائمًا منشغلة، ولكن عينيها تخبرك بحجم التعب. ومع ذلك، تظل شامخة.
زفر بضيق وهو يرى الألم في ملامحها، كأنها تفكر في معضلة، قبل أن يسألها: "إيه اللي حصل؟"
صمتت لدقائق، احترمها هو،
حقها، ولو أرادت فلْتأخذ وقته كله.
نظرت حولها لعدة ثوانٍ بعينين منهكتين، قبل أن تنطق بتعب: "أنا تعبت يا تميم.
تعبت، ويمكن دي بجد كلمة قليلة على شعوري.
أنا بقيت حاسة إني مش قادرة أعيش طبيعي.
أبسط حقوقي مش قادرة أحصل عليها.
دقائق لنفسي،
فنجان شاي أو حتى أشم شوية هوا.
متخيل إنسان وقته كله للغير؟
مش بنام،
مش بعرف آكل لقمة من غير صريخ وعياط.
وواحد فيهم على كتفي.
مش قادرة أخد أقل حقوقي."
واكتملت بخجل مرهق: "حتى إني أدخل الحمام.
متخيل أبسط حقوق الإنسان في احترامه لنفسه بقت صعبة؟
لو دخلت دقيقة، صريخ وعياط، والأربعة عايزين يدخلوا معايا.
صراخ طول الوقت،
عياط بطريقة غير طبيعية.
لحظة هدوء حتى...
ينام ده، يصحى ده.
يخف ده، يتعب التاني.
أنت متخيل إني المفروض أكون زوجة وأم وربّة منزل مثالية؟
أنت متخيل كم المسؤولية اللي محدش حاسس بيها غيري؟
أنا مش ناقمة أو معترضة والله يا تميم،
حاشا لله."
قالتها بأنهاك.
"أنا بس كنت عايزة طفل أو اثنين، أقدر أديهم حبي وحناني وطاقتي.
بس أنا مهما خدت وسائل منع حمل، بحمل.
بحمل وأنا مش مستعدة،
لا جسديًا ولا نفسيًا.
بحمل غصب عني.
وأنا مش قادرة أخد بالي من اللي معايا.
مش نقمة أبدًا والله والله أبدًا.
كل اللي يشوفني يقولي: "احمدي ربنا،
غيرك مش طائل ضفرهم."
ومين قال إني مش عايزة؟
مين دخل جوايا وعرف أنا قلبي فيه إيه؟
أنا عايزاهم وبحبهم.
بس عارف لما تكون عايز ومش قادر؟
صعبة أوي صح؟
إنك بجد نفسك،
بس لا في طاقة ولا صحة،
ولا أي حاجة.
مهما حاولت،
الولاد مسؤوليتهم بتكبر معاهم،
بتزيد يوم عن يوم.
محتاجين بدل العين عشرة،
وبدل اليد عشرة.
تحس إني مش ملاحقة،
بين ده ودي.
ده عايز ودي عايزة،
ده بيصرخ ودي بتضحك،
ده قاعد على ده،
ودي بتخنق ده.
أنت متخيل كمية الدوشة اللي أنا فيها؟
وان يكون أقصى آمالك في اليوم،
إنك بجد تقعد عشر دقائق بهدوء.
وفي الآخر، إيه النتيجة؟
النتيجة صفر.
بطلع ست مهملة،
وأم فاشلة،
وزوجة ناقصة، فين عين جوزها؟
زوجة مهملة في نفسها وشكلها.
إزاي يرجع ومكنش على سنجة عشرة؟
إذا مهتمش بنفسي وشكلي،
أصل هو أنا بعمل إيه؟
أنا واحدة مش بتعمل حاجة طول اليوم.
يدوب بس...
بروق ...
بنضف وأمسح،
وأغسل،
وأطبخ وأكل وأشرب وأغير وأحمي.
أصلي بفضل ماسكة الموبايل طول اليوم.
مانا ست فاضية بقي.
مش كده يا تميم؟
قالتها ساخرة بتعب شديد.
صمت لعدة ثوانٍ قبل أن تسأله بتعب مضنٍ:
"انت عارف انا عايشة ازاي وحاسة باية
صمتت مرة أخرى
قبل أن تغلبها مشاعرها،
فانهارت تبكي بحرقة.
❈-❈-❈
"تقف أمام مرآتها تنظر إلى نفسها. هي لم تعد هي."
هي التي تحمل العالم على كتفيها دون أن تشتكي، تصحو قبل شروق الشمس لتهتم بكل شيء وتغفو على سريرها بعد أن يهدأ كل شيء، لكنها لا تنام فعليًا، لأن أفكارها تبقى مستيقظة.
هي من أرهقتها تفاصيل الحياة الصغيرة؛ صرخات الأطفال، الأواني المتراكمة، العمل الذي لا ينتهي، والوقت الذي لا يكفي أبدًا. ومع ذلك، تواصل السير، لأنها تؤمن بأن تعبها يُثمر حبًا وأمانًا لمن حولها.
تعيش يومها وكأنها في سباق دائم. بين واجبات الأمومة، متطلبات العمل، وضغوط الحياة، لا تجد وقتًا حتى للنظر في المرآة أو سماع نبضها.
هي التي تشعر أنها تُهمل نفسها، لكنها تُفضّل أن تُهدي وقتها وطاقتها لكل من حولها. لأنها ببساطة، وضعت الآخرين في قلبها، وأجلت نفسها إلى أجل غير مسمى.
ليست ضعيفة، بل قوية بما يكفي لتحمل كل هذا. لكن قوتها تُنهكها، وداخلها صوت صغير يهمس: "أنا أيضًا أحتاج إلى الراحة... إلى حضن يخفف عني."
تستحق لحظة هدوء، كوب شاي دافئ في صمت، كلمة طيبة أو حضنًا دون طلب. تستحق أن يتوقف العالم قليلًا، ليُعيد لها ما تمنحه بلا توقف.
قد تبدو عادية في عيون الآخرين، لكنها بطلة خلف الكواليس. تستحق التقدير الذي ننسى أحيانًا أن نقدمه لها.
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عفاف شريف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية