-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 24 - 2 - الجمعة 27/12/2024

 

 قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل الرابع والعشرون

2

تم النشر يوم الجمعة

27/12/2024



وعلى الجانب الآخر كانت هيام تمكث في غرفتها منذ عودتها من مقابلته.

 راحت تسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا إذ لم تستطع إخبار شقيقيها بطلب فريد كان الحياء يمنعها من ذلك فقررت ألا تخبرهما وتترك الأمر برمته إليه.


وقفت أمام مرآتها ووضعت قليلًا من مستحضرات التجميل لتبدو أجمل وأبهى.

 ارتدت فستانًا محتشمًا باللون الأزرق الذي زادها جمالًا ووقارًا.

 ألقت نظرة شمولية على المرآة ثم عادت تسير ذهابًا وإيابًا وهي تفرك يديها ببعضهما وقلبها يهدر بصخب وكأنها تخوض تلك التجربة لأول مرة.


❈-❈-❈


وضعت آخر طبق على الطاولة ثم جلست على الكرسي المقابل له تأكل بصمت رهيب غارقة في أفكارها.

 كيف لها أن تشعر بكل هذا الملل وهي في الأسبوع الأول من عرسها؟

 ابتلعت اللقمة بصعوبة ولم تعقب هل هذا هو سالم الذي انتظرته طويلاً؟ هل هذا هو حب حياتها؟ 

يبدو أن الحب الذي كانت تحلم به لا يوجد إلا في الأحلام أما على أرض الواقع فلا وجود له كما كان يقول البعض.


هبت واقفة عائدة إلى غرفة نومها قبل أن تخونها دموعها أمامه تاركة إياه يشيعها بنظرات حزينة. 

حقًا هو يحبها لكنه مريض لا يستطيع أن يمنحها حقوقها الزو جية.

 عرف هذا قبل زواجهما بأيام قليلة وحاول مرارًا التخلي عنها لكن قلبه أبى ذلك يعلم أنه كان أنانيًا في حبه لها لكنه عاجز عن التخلي عنها فقد عشقها بجنون.


نعم هو يدرك أنه ظلمها لكنه يقنع نفسه بأن الحب أهم من أي شيء آخر.

 ولكن هل يا ترى ستتحمل ندى كل هذا أم أنها ستخرج من هذا السجـ ن الذي احتجزها فيه سالم منذ اليوم الأول لهما معًا؟


أما عند ندى فقد اختلت بنفسها لتنخرط في موجة طويلة من البكاء الهستيري.

 أرادت كثيرًا أن تبوح لأحد بما في قلبها أن تجد من ينصحها ويخفف عنها ما تشعر به لكن من يمكنها أن تخبر؟

هل والدتها التي لن تصمت بالتأكيد أم والدة زوجها التي لا تحبها؟


عضت على شفـ تيها السفلى حتى أدمتها بالكامل فيما ازداد نحيبها اشتدادًا غافلة تمامًا عن سالم الذي يقف مكتوف الأيدي بالخارج يستمع إلى صوتها وقلبه يتمزق حزنًا عليها.


❈-❈-❈:


دفعها بقوة داخل الغرفة ثم أغلق الباب واحتجزها بينه وبين الحائط.

 كان ينظر إليها بغضب وأنفاس متسارعة


 بينما تنظر هي إليه في حيرة وكل ما يدور في عقلها ماذا فعلت ليستحق كل هذا الغضب الذي تراه الآن في عينيه؟


ظلا يتبادلان النظرات المختلفة حتى احتواها رائف فجأة بين ذراعيه بقوة يستنشق رائحتها بعمق وكأنه يحاول أن يهدئ من غضبه. 


وبالفعل لم تمض سوى ثوانٍ حتى هدأت أنفاسه واستكانت هي في حضـ نه.

 ابتعدت عنه قليلاً ثم تساءلت بهدوء: "ممكن تقول لي إيه سبب العصبية دي كلها أنا عملت إيه؟"


أجابها بحدة: "يعني أنتِ مش عارفة عملتِ إيه يا ليلى؟"


وحين صمتت دون رد أكمل محاولًا كبح غضبه: "مش اتفقنا إنك ما تحـ ضنيش عمي ماجد؟ ناسية إنه مش أبوكِ؟"


شعرت ليلى بسعادة عارمة تغمر قلبها الذي تضخم في صـ درها حتى كاد أن يخرج من مكانه ثم هتفت بفرحة: "بتغير عليَّ يا رائف؟"


رد بحزم مؤكِّدًا: "طبعًا بغير عليكِ!"


ثم جذبها إلى أحضـ انه مجددًا هاتفًا بتملك: "بغير عليكِ حتى من نفسي أنتِ ما تعرفيش يا ليلى أنا بقيت أحبك قد إيه."


استشعرت صدق حديثه فاختارت الصمت لأن الصمت أحيانًا يكون أبلغ من أي كلام خاصة في اللحظات الرومانسية.


لكن فجأة أبعدها رائف قليلاً ونظر مباشرة إلى عينيها مستكملاً بصوت خافت: "أنتِ حلوة اوي يا ليلى."


وقبل أن تستوعب كلماته كانت شفـ تاه قد التقت بشـ فتيها في قبـ لة جنونية مليئة بالعشق والشوق جعلتها تنسى كل شيء حولها.


أما هو فقد شعر وكأنه يطير في عنان السماء هو يحبها بل يعشقها بجنون وكأنه لم يعرف معنى الحب إلا منذ أن دخلت ليلى حياته. 


هذا الشعور ألغى تمامًا أسطورة "الحب الأول" الذي لا يُنسى ولا يُمحى لأن الحقيقة التي أدركها الآن هي أن القلب يمكن أن ينبض مجددًا وأن الحب الحقيقي هو الذي يصنع ذكرياته الخاصة بصرف النظر عن الماضي.


❈-❈-❈


على الرغم من دهشة حسن وماجد من طلب فريد المنصوري إلا أنهما كانا في غاية السعادة من أجل شقيقتهما الوحيدة التي عانت كثيرًا في زواجها الأول.

 تبادل الشقيقان النظرات ثم هتف حسن بهدوءه المعتاد: "والله يا سيادة اللوا أنت شخص ما يترفضش بس زي ما أنت عارف الرأي رأي هيام ادينا بس كم يوم نتكلم معاها وخير إن شاء الله."


أومأ فريد بالموافقة لكنه شعر بسعادة خفية تتغلغل في داخله.

 ودَّ كثيرًا لو أخبرهما أنها موافقة عليه بالفعل ليعجل بالأمر لكنه تأنى حتى لا يسيء الشقيقان فهمه أو يظنا بها السوء.


السعادة التي كانت تنضح من عيني فريد المنصوري لم تخفَ على حسن نصار الذي استطاع قراءة الحب جليًا في نظرات ذلك الرجل الوقور.

 حينها تمنى حسن في داخله أن توافق شقيقته عليه لعل الله يعوضها عما فاتها من معاناة حياتها الماضية.


❈-❈-❈


أما عن ليان فقد اصطحبتها نهال إلى غرفة هيام لتتحدث معها.

 وقفت للحظات وطرقت الباب ثم ولجت بعد أن سمحت لها هيام بالدخول.

 أشارت إلى ليان بأن تتفضل بالدخول قبل أن تتركهما نهال وحدهما وتغلق الباب خلفها لتفسح لهما المجال للحديث.


 كانت نهال تشعر بسعادة غامرة من أجل ابنة عمها فقد أخبرتها ليان بطلب والدها الزواج من هيام.


أما هيام فقد أشاحت ببصرها بعيدًا بمجرد أن أبصرت ليان تقف قبالتها. 


شعرت ليان بالحرج والغضب معًا فتنحنحت قليلاً لتستعيد رباطة جأشها قبل أن تهتف بصوت يحمل انكسارًا زائفًا: "لك حق تزعلي مني بس صدقيني كان غصب عني أنا متعلقة ببابي وما كانش سهل عليا إن حد تاني يدخل حياته كنت خايفة لتاخديه مني وعشان كده ما لقيتش قدامي غير الكذبة دي عشان أبعدك عنه.

 لكن الظاهر إن نصيبك أكبر من أي حاجة عشان كده أنا جيت لك طالبة إننا نبدأ صفحة جديدة مع بعض تقبلي تسامحيني يا طنط هيام؟"


شعرت هيام بالحيرة من حديث ليان لكنها تفهمت موقفها رغم الخطأ الكبير الذي ارتكبته في تشويه سمعة والدها.

 لم تجد مخرجًا سوى أن تهب واقفة تمنحها ابتسامة خفيفة وتفتح ذراعيها لتعـ انقها هاتفة بهدوء: "وماله يا ليان نبدأ صفحة جديدة."


❈-❈-❈:


قفز في مكانه بسعادة عندما أخبرته عبر الهاتف أنها ستعود بعد ثلاثة أيام.

 لقد انتهت من مناقشة رسالة الماجستير اليوم فشعر بسعادة كبيرة وفخر هتف بتنهيدة حارة: "أخيرًا بقى يا رنوشة تعالي بقى يا شيخة خلينا نتجوز ده أنا قربت أتجوز على روحي والله!"


أطلقت ضحكة عالية وقالت بمزاح: "مهو والله دمك الخفيف ده هو اللي مصبرني عليك يا رحيم ما تنساش كده ماشي وبعدين مالك في إيه؟ عامل شبه المراهقين كده ليه؟"


"ما لهم المراهقين؟! دول حتى أكتر ناس مشاعرهم صادقة وحقيقية بس هتفهمي في الكلام ده إزاي وانتِ على طول مصدرة لي وش الجبس ده.

عموماً يعني مش مهم المهم إنك هترجعي بقى أخيرًا."


"المهم طمني على رائف عامل إيه؟"


أجابها بحزن مصطنع: "رائف أخوك عايش عيشة زي الفُل ومبسوط وسعيد الدور علي أنا ماشي بكلم نفسي وبحقد على كل اتنين مرتبطين تعالي بقى أبوس إيدك."



للمرة الثانية تصدح ضحكاتها في غرفتها هاتفة بقلة حيلة: "ما فيش فايدة فيك يا رحيم! عمرك ما تتكلم جد أبدًا."


لكن نبرتها تغيرت لتصبح حزينة جدًا مسترسلة حديثها: "مش عارفة هاجي مصر إزاي وهشوف بابا والعقـ ربة اللي اتجوزته دي مش قادرة أتقبل إن واحدة هتشاركنا في بابا وتنام في أوضته مكان ماما فهمني يا رحيم؟"


أجابها وهو يتحدث بمهاودة: "أنتِ عندك حق بس بلاش تكوني أنانية يا رانيا أنتِ هتتجوزي وتشوفي حياتك ورائف عايش مبسوط وسعيد في حياته ما تسيبوه هو كمان بقى يشوف نفسه يا جماعة شوية."


قالت بسخرية وعدم اقتناع: "ماشي يا عم الفيلسوف."


ثم تابعت  مسترسلة: "يلا اقفل بقى عشان عايزة أنزل أشتري شوية هدايا وأودع البلد تحب أجيب لك إيه وأنا جاية؟"



أجابها بسرعة: "شوكولاتات وهدوم وعطور."


قاطعته بسرعة: "تصدق أنا غلطانة إني سألتك يلا تصبح على خير."


❈-❈-❈


بعد مرور يومين هبطت ليلى الدرج وهي تحادث رائف عبر الهاتف والذي هتف بتحذير: "بلاش تتاخري يا ليلى وترجعي البيت قبل ما أنا أوصل."


أجابته بخفوت وما زالت محتفظة بابتسامتها على ثغرها الوردي: "أشمعنى يعني قبل ما أنت توصل؟"


أجابها بتنهيدة حارة: "ما بقتش أقدر أتخيل البيت من غيرك."


اتسعت ابتسامتها الجميلة حتى أنارت وجهها بالكامل هاتفة بسعادة: "ربنا يخليك لي يا رب يلا اقفل بقى عشان موبايلي قرب يفصل شحن."


"حاضر بس خدي بالك من نفسك أنتِ متأكدة إنك عارفة بيت نورسين؟"


أجابت بسرعة: "أيوة طبعًا ما تنساش إني قعدت فيه كتير قبل ما أجي عندكم."


ثم أكملت بلهجة جادة: "يا رب بس تطلع في البيت وما تبوظش المفاجأة بتاعتي هعدي على أي محل أشتري لها هدية وبعدين هروح."


"ماشي يا حبيبتي خدي بالك من نفسك."


قالها وهو يشعر بوخزة قوية في قلبه لا يعرف مصدرها ثم تمتم بتأثر: "لا إله إلا الله."


أجابته ليلى بصوت خافت: "محمد رسول الله."


أغلقت الهاتف ثم قبـ لته وبعد أن دلفت للخارج سارت بعيدًا عن الفيلا لتبحث عن سيارة أجرة غافلة عن شخص يتتبع حركاتها.


بعد أن ابتعدت نسبياً عن الفيلا شعرت بأحدهم يكبل حركتها بيد وباليد الأخرى يرش المخدر بغزارة على وجهها. 

وما هي إلا ثوانٍ حتى غابت عن الوعي بعد أن تعرفت على هوية خاطفها وكان آخر وجه تراه قبل أن تغمرها الغمامة السوداء.


يتبع..

إلى حين نشر فصل جديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة