رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 18 - 2 - الثلاثاء 10/12/2024
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثامن عشر
2
تم النشر الثلاثاء
10/12/2024
_قلت الكلام ده قبل كدة ومفيش حاجة اتنفذت منه، عمي متخلنيش أحس بالعجز أكتر من كدة انا بقالي تلات شهور محبوس في الضلمة دي ومحجوب عن العالم كله
حاول خليل تهدئته قائلاً بروية
_طيب أهدي وأنا حالاً هعرفلك كل أخبارها.
قام خليل بالاتصال بأحد معارفه وطلب منه محاولة التواصل معها.
لم يجد وجدي داعي لبقاءه في المشفى وابنه لا يسمح له بالتقرب منه
لا يعرف لما ذلك الجفاء
طلب منه السفر معه لكنه هو من رفض واصر على البقاء مع عمه وزوجته.
إذا كان بعده ما يريد فليفعل ما يشاء.
ظل داغر ينتظر ذلك الرد على أحر من الجمر
يسأل عمه كل دقيقة حتى تعب منه وقال بثبوت
_أهدى يا داغر الرجل اول ما يقدر يوصل لحد من الشغالين ويعرف حاجة هيقولنا.
قاطع حديثه صوت هاتفه وقال بحبور
_اهو يا سيدي الراجل متأخرش.
رد عليه وأخذ داغر يستمع إلى حديثه معه بترقب حتى انهى المكالمة
التزم خليل الصمت لا يعرف كيف يخبره بما سمعه وعندما طال صمته سأله داغر بتوجس
_خير يا عمي؟ ساكت ليه؟
_أصل….
سأله داغر بقلق
_في ايه يا عمي ما تتكلم على طول، أسيل جرالها حاجة؟
لم يعرف خليل كيف يصيغ كلماته لذا قرر ان يتحدث بصراحة فغمغم قائلاً
_البنت سافرت ايطاليا، وبيقولوا انها استقرت هناك ومش هترجع تاني.
قطب جبينه بحيرة وسأله
_إيطاليا. ليه؟
_معرفش الشاب اللي كلفته يتحرى عنها سأل واحد من الأمن وقاله أنها سافرت إيطاليا تاني عند جدها.
ازدادت قضبة جبينه بحيرة وهو يتساءل عن سبب ذلك
ولما لم تخبره؟
هل أغضبها منه عندما كانت معه لذا قررت السفر؟
لكنه لم يتذكر.
لم يتذكر اي شيء سوى استيقاظه في المشفى بالخارج
إن كان قد ضايقها لما لا تعاتبه.
لما فضلت الهرب على أن تقتص منه.
أم أن هناك سبب أخر وهو الفرار من عجزه
لابد ان الخبر قد وصل لها
هو على يقين من ذلك لذا كان عليها الهرب
وضع رأسه بين يديه لا يعرف كيف خدع بها
من ظنها ملاكًا قامت بطعنه بكل غدر ولم تبالي لحاجته إليها
نعم يحتاجها وبكل جوارحه
اراد ان تكون دافعًا له للشفاء
الآن اسودت الدنيا بعينه ولم تعد للدنيا أي أهمية..
❈-❈-❈
كانت أسيل ملتزمة الفراش بسبب ذلك الدوار الذي لا يتركها فقد ازداد في الآونة الأخيرة وأصبح ملازمًا لها.
رمشت بعينيها عندما أقتحم الضوء الغرفة مرة واحدة عندما فتحت أمينة النافذة
فقالت أسيل باعتراض وهي تخفي عينيها
_ايه يا دادة في ايه؟
دنت منها لتجلس على الفراش بجوارها وتقول بتعنيف
_وبعدين معاكي هتفضلي كدة لحد أمتى؟
اعتدلت أسيل لتستند بظهرها على الوسادة وغمغمت بتعب
_عايزاني اعمل ايه بس؟
_تقومي تخرجي تقعدي في الهوا شوية، بلاش كاتمة الاوضة اللي هتتعبك أكتر دي.
جذبت ذراعها كي تجبرها على النهوض
_قومي نقعد على البحر شوية.
تمتمت أسيل برجاء
_بس انا فعلاً تعبانة النهاردة أوي، حاسة إن الدوخة دي بتزيد.
لم تتقبل أمينة اعتراضها وقالت بإصرار
_متهيئلك قومي بس معايا نحضر الفطار مع بعض ونفطر برة على البحر.
طاوعتها أسيل لكن ما ان وضعت قدمها على الأرض حتى شعرت بالغثيان وأسرعت بالذهاب للمرحاض تحت نظرات أمينة التي وضعت يدها على قلبها تخشى من شكها
عادت أسيل وهي تضع يدها على بطنها وقالت بألم
_تقريباً يا دادة أخدت برد في معدتي.
هزت أمينة رأسها وهي تتمتم بشك
_وممكن ميكنش برد.
قطبت جبينها وسألتها بحيرة
_تقصدي إيه؟
ظهر الخوف على ملامح أمينة وهي تسألها
_انتي مش ملاحظة غياب حاجة؟
ازدادت قطبة جبينها للحظات قبل ان تفهم مقصدها
انقبض قلب أسيل عندما فهمت مغزى أمينة ثم تحولت انقباضته لضربات سريعة جعل الدوار يعود إليها
هزت راسها بنفي لا ليس حقيقة لن تتحمل المزيد من المصائب فوق رأسها
تطلعت إلى أمينة وسألتها
_تقصدي ايه؟
هزت راسها بحيرة
_اقصد اللي فهمتيه بس خلينا نتأكد الأول.
قطبت جبينها بدهشة وعادت تسأل
_أتأكد إزاي؟
_مفيش غير إننا نروح للدكتور عشان نتأكد.
اهتزت نظراتها وقد شعرت بأن الدنيا تنهار من حولها.
تعالت ضربات قلبها من شدة الخوف وسالتها بتوجس
_وإن طلع حمل؟
هزت أمينة كتفها بحيرة
_مش عارفة يا بنتي بس حاجة زي دي ترجعلك انتي عايزة تحتفظي به هكون معاكي عايزة تنزليه انتي حره بس ده هيكون قتل روح بريئة.
تطلعت إليها بغرابة وتمتمت بضياع
_وروحي انا اللي اتقتلت.
ازاي هقدر اشيل جوايا حته منه بعد اللي عمله فيا
_والطفل ده ذنبه ايه
صاحت بعذاب
_وانا ذنبي ايه؟ ليه هو يعيش حياته وأنا أعيش بغلطته باقي حياتي وكمان اتحمل مسؤولية طفل منه
تفتكري لما يتولد أسجله ازاي؟
لو سألني فين ابوه أقوله ايه؟
نظرة المجتمع ليا وله هتكون ازاي؟
مستحيل أخليه في بطني لحظة واحدة.
ذهبت أسيل مع أمينة إلى المشفى وقد طلبت منها عدم أخبار حازم بذهابهم
لن تستطيع مواجهته إن تأكد شكهم
إن أكدت لهم الطبيبة ستطلب منها إجهاضه وتتخلص منه دون ان يدري بى اى شيء
دلفت غرفة الكشف فسألتها الطبيبة
_انتي متجوزة بقالك قد ايه يا مدام حور؟
اهتزت نظرات أسيل لكنها تحلت بالثبات قائلة
_من تلات شهور.
أشارت لها بالتسطح على السرير لعمل السونار
فتبدأ الطبيبة عملها ويظهر أمامها صورة الطفل الذي بدأ تكوينه، رفضت أسيل النظر إليه كي لا تضعف
كانت الطبيبة تشرح لها وهي بعالم آخر لا تريد أن تسمع شيء.
لا تريد أن تراه
ضربات قلبها تنبض بقوة آلمتها لكن عليها أن تكون أقوى من ذلك.
بعد الانتهاء قالت الطبيبة
_هكتبلك على مثبتات عشان….
قاطعتها أسيل وهي تنهض من السرير
_بس أنا جاية عشان أنزله.
اندهشت الطبيبة وبدا الشك يظهر عليها فقالت أمينة تصحح لها
_أصل في مشاكل بينها وبين جوزها وهما دلوقت على وشك الطلاق.
لم تقتنع الطبيية بقولها لكنها قالت
_على العموم معنديش مانع بس عايزة موافقة الزوج الأول.
سألتها أسيل
_ولو موافقش.
ردت الطبيية
_والله حاجة زي دي مرفوضة تمامًا إلا لو كان عن تعدي بنفضل اننا نساعد البنت ونخلصها من الفضيحة فـ….
قاطعتها أسيل بجمود
_بالظبط كدة لو سمحتي خلصيني منه.
اومأت الطبيبة لها ثم قالت
_عندنا طريقتين إنك تاخدي ادوية والجنين بينزل في خلال اسبوع بالكتير أوي أو عملية…
قاطعتها أسيل بثقة
_عملية ودلوقت.
كانت تريد أن تنهي الأمر قبل أن تتراجع فقد بدأ قلبها يحن إليه
وافقتها الطبيبة وطلبت منها الذهاب معها إلى أحد الغرف في الطابق الأخير
استلقت أسيل على السرير ودموعها تنزل بغزاره وقلبها يطلب منها التراجع
لكن عقلها يأبى ذلك عليها ان تتخلص منه لأجله وليس لأجلها
اغمضت عينيها عندما وجدت الممرضة تقترب منها وبيدها امبول الحقن
ودون إرادة منها وجدت دموعها تزداد حتى عالى صوت نحيبها
تقدمت الطبيبة منها كي تهدءها لكن لفت انتباهها صوت عالي بالخارج.
أشارت للممرضة بأخفاء الحقن وجذب الستار على أسيل
لكن دخول ذلك الطبيب حال دون ذلك وهو يهدر بها
_انتِ يا دكتورة فاكرة نفسك فين؟ وازاي تعملي جريمة زي دي في مستشفى بالمكانة دي.
ارتعبت الطبيبة
_يا فندم انا……
انفعل الطبيب أكثر
_بلا فندم بلا زفت انتِ متحولة لمسائلة قانونية وهما يشوفوا شغلهم معاكي، اتفضلي برة.
تطلع الطبيب إلى أسيل التي تبكي بصمت فتقدم منها لتنصدم ملامحه عندما عرفها
_أسيل؟!!
❈-❈-❈
وقف في شرفة منزله شاردًا كعادته بها
لا تترك مخيلته لحظة واحدة هل حقاً كما أخبروه أنها رحلت دون عودة؟
لما؟
هل لأنها علمت باعاقته؟
إن كان ذلك لن يلومها
ما الذي يجبرها على البقاء مع ذلك العاجز الذي فقد كل شيء بلحظة.
نظره، وعمله، وبيئته.
فقط يعيش بظلام دامس لا يعرف نهاره من ليله
فقد أصبحت حياته ليلاً ويبدو أن لا نهاية له
قلبه يسامحها ولا يعرف كيف
يشعر بغصة حادة توجعه كأنها تناديه
لكن أين هي؟
يريد الوصول إليها أن يعرف منها سبب ذلك البعد وما حدث بتلك الليلة.
اسئلة كثيرة يريد الإجابة عليها
لا يتذكر سوى دخولهم للمنزل وحديثهم القليل ثم غاب كل شيء وكأن احدهم ضربه بمطرقة على رأسه أفقدته الوعي ولم يستيقظ إلا هنا في بلد أخرى.
سقطت دمعة حارقة على خده وحنين جارف يطالب بها
يريدها، يشتاقها يصرخ بصمت ينادي عليها عليها لعها يومًا تجيبه
لكن لم يجد سوى صدى صوته يعود إليه يواسيه.
سقط على ركبتيه حينما بلغ الألم مبلغه وأخذ يبكي.
يبكي على كل شيء ضاع منه وأولهم حبيبته
مازال قلبه الخائن يعشقها حد الجنون يطالب بها
لا حياة له بدونها وهي حقيقة لن يستطيع أحد ردعها.
اسند جبهته على السور الرخامي وأخذ ينتحب بشدة
لم يعد يستطيع تحمل ذلك الألم
لم يعد باستطاعته الصمود وهو في البداية
لو كانت معه لو كانت بجواره لهونت عليه كل شيء.
❈-❈-❈
وضعت العاملة كوب العصير أمام أسيل التي انتهت من سرد كل شيء لذلك الطبيب والذي آلمه حقاً ما مرت به.
انصرفت العاملة وقال عاصم
_اشربي العصير هيهديكي شوية
مسحت أسيل دموعها وتمتمت بألم
_مفيش حاجة هتقدر تهدي النار اللي جوايا يا عمي.
نهض ليجلس على المقعد المقابل لها وقال بتعاطف
_انا حاسس بكل اللي بتمري به، بس دي حاجة خارجة عن إرادتك محدش يقدر يدينك فيها.
تطلعت إليه بابتسامة مغمزة بالمرارة
_دا اقرب الناس ليا ماقلش كدة فمبالك الغريب، مكنش قدامي حل غير إني أجهض الطفل ده.
_بس مش يمكن ده يكون عوض ليكِ.
ردت بألم
_يمكن بس تفتكر بعد ما يتولد هسجله إزاي
لما يسأل عن أبوه هقوله ايه.
رد عاصم بحكمة
_شوفي يا بنتي ربنا قال في كتابه العزيز( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) يعني ربنا مش بيخلق حاجة عبث وخلاص أكيد له حكمة في ده وعشان كدة بقولك احتفظي بيه وبكرة أما تشيليه بين اديكي هتنسي كل حاجة مش هتفتكري غير حبك له وخلاص.
نهض من مقعده وقال
_تعالي يا ستي نطمن عليه بعد الحالة اللي كنتي فيها.
وافقت أسيل وقام عاصم بعمل السونار لها وأشار لها على صورته
وعند تلك اللحظة تنتهي أي ضغينة تحملها بداخلها بل تحولت لفرحة عندما بدأ يريها تفاصيله
ويشرح لها ما عليها فعله كي يكون بصحة جيدة
وعلمت حينها بأنه ربما يكون عوضها عن ذلك العذاب الذي عاشته ومازالت تعيشه.
أما هو فقد ظل حابسًا نفسه داخل غرفته لا يسمح لأحد بالولوج ولا يريد أن يخرج منها
انتهى كل شيء بعد رحيلها
أصبحت حياته قاحلة فلم يعد يرغب بها
وفقط سؤال واحد أصبح محور حياته
لما تخلت عنه؟
لقد كان في أشد الحاجة إليها
فلتعود ولن تكون إعاقته عبء عليها
فقط
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية