-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 17 - 3 - الثلاثاء 31/12/2024

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السابع عشر

3

تم النشر الثلاثاء

31/12/2024


بعد أسبوع  .


جلس يتحدث مع والدته من مكتبه في المجلة  .


يراها أمامه وتراه لتتساءل والاشتياق ينهمر من عينيها :


- شغلك عامل إيه يا ثائر  ؟ 

 

أجابها بثقل وهو يدخن سيجارته  : 


- الأمور كلها تمام  . 


- طب ومارتينا  ؟  مافيش جديد في قضيتها  ؟ 


تساءلت  بترقب وقلق حيث أنه حذرها من الحديث في هذا الأمر لذا حدق بها بنظرة معاتبة ولم يتفوه لتوضح مقصدها  : 


- يا حبيبي أنا بقول يمكن التاني ده بيتبلى عليها علشان ضربته  ،  صدقني أنا بحاول أقنع نفسي بكدة مش علشانها بس علشان خاطر معاذ  ،  وبعدين مش مستوعبة إزاي تعمل حاجة زي دي وهي هتتجنن عليك وعايزة ترجعلك بأي طريقة  ،  الموضوع في إن أكيد  . 


لم يرد أن يتحدثا عن هذه المرأة لذا أردف يغير دفة الحديث متجاهلًا كلام والدته تجاهلًا ظاهريًا  : 


- عندي ليكي مفاجأة هتعجبك جدًا  . 


تناست أمر مارتينا التي لا تحبها أساسًا واهتمت بما سيخبرها به لذا تساءلت بلهفة كأنها تنتظر مجيئه  : 


- إيه هي يا ثائر  ؟ 


علم أنها ظنت عودته لذا زفر وقرر إخبارها بأمرٍ يريح فؤادها فقال  : 


- احتمال كبير أبعتلك معاذ يقضي معاكي الأجازة دي  . 


برغم إحباط فرحتها باحتمالية عودته إلا أن هناك فرحة جديدة توغلت إليها وهي رؤية حفيدها لذا انفرجت ملامحها وبكت تجيبه بسعادة تراقصت في عينيها  : 


- بجد يا ثائر  ؟  صحيح ولا بتضحك عليا  ؟ 


زفر بقوة فهو ليس الشخص المندفع في أقواله ولكنه قالها لهدفٍ لذا استرسل يوضح وهو يفرد ظهره على مقعده  : 


- أكيد مش بضحك عليكي يا أمي بس الكلام ده بعد امتحاناته  ،  يعني لسة شوية بس أنا قلتلك علشان نقفل تمامًا موضوع مارتينا ده  ،  لو سمحتِ ماتفتحيهوش معايا تاني ومعاذ كويس ولما ينزل مصر هيبقى أفضل  ،  فهماني يا أمي  ؟ 


تفهمه وتدرك أنه لا يريدها أن تذكرها مجددًا لا أمامه ولا أمام ابنه الغالي لذا أومأت بتفهم ثم زفرت بقوة يلمح في عينيها أسئلة أخرى لذا أردف يشير بيده في حركة متتالية  : 


- قولي يا علياء هانم سامعك  . 


ابتسمت عليه لذا زفرت براحة وتساءلت  : 


- بمَ إن موضوع مارتينا اتقفل مش ناوي تفرح قلبي بيك بقى  ؟  هتفضل كدة من غير جواز  ؟ 


رفع حاجبيه كأنه اندهش برغم علمه المسبق بحديثها ليطرق بسبابته مكتبه مسترسلًا  : 


- تاني  ؟  جواز تاني  ؟  مش إنتِ نصحتيني أبعد عن الفرنسيات بعد عمايل مارتينا  ! 


أومأت تجيبه بتأكيد يتوغله المرح  : 


- أيوا نصحتك تبعد عن الفرنسيات مش الستات  ،  الدنيا برد مش عايز تدفى  ؟  هتفضل كدة سايب قلبك في مهب الريح  ؟ 


التوى ثغره بابتسامة خافتة وهبت نسمات ديمية دافئة على قلبٍ اخترقه الصقيع لذا أجابها بغموض بالفرنسية  : 


- الفصول تتغير يا أمي  ،  دومًا بعد الشتاء يأتي الربيع  . 



❈-❈-❈


اتجهت مع المحامي وشقيقها إلى المحكمة لحضور الجلسة الأولى  . 


كانت مجهدة بالنسبة لها  ،  مخيفة  . 


حيث أن المحامي المدعي استطاع إقناع القاضي بثغرات لم تتخيل أن تقع فيها  ،  كلمات ترجمتها بمشاعرها وترجمها هو بخبثه وتلاعبه لينجح في إدانتها حتى لو أمام الناس وكما يُقال العيار الذي لم يصِب يدوش  . 


باتت مقيدة عن حرية التعبير عن رأيها ومعاناتها وكسروا قلمها وهي مازالت في سطرها الأول  . 



حتى أن محاميها لم يفلح في تبرأتها مما قيل عنها في قاعة المحكمة حيث أن الآخر عُرف بدهائه وتلاعبه بنصوص القوانين ليثبت حجته   . 


قدم أدلة عجزت أمامه عن استيعاب فهمها برغم من بحثها خلف صحة كل معلومة ذكرتها في كتابها  .


أولم يرى ذلك المحامي كتبًا عديدة لا تُقرأ ولا تُفهم  ؟ ولكن ربما الضجة التي أحدثتها روايتها هي السبب في ذلك  ، وليكن هذا هو الوجه الآخر للشهرة  . 


خرجت من المحكمة بملامح حزينة بعدما تم تحديد الجلسة الثانية  ،  خرجت منكسرة تتذكر خروجها من ذلك المنزل الكريه آنذاك  . 


يتعمدون كسرها دومًا هؤلاء الذكور  ،  يقصدونها هي ونجاحها وسعادتها  . 


استقلت سيارة شقيقها الذي قاد بضيق وأراد أن يخفف من وطأة الضغط عليها لذا قال  : 


- ماتقلقيش يا ديما إن شاءلله أستاذ وليد طمني والحكم في صالحنا  ،  سيبك من الكلام الهايف اللي المحامي ده قاله جوة  . 


مسحت على وجهها تستغفر ثم ابتلعت لعابها وأردفت متجاهلة المناقشة في هذا الأمر حيث تعلم أن كلماته للتخفيف فقط  : 


- داغر وقفني جنب محل  ****  ،  عايزة اشتري منه حاجة  . 


أومأ لها واستطرد وهو ينعطف وقد احترم رغبتها في عدم الحديث  : 


- تمام  ،  بس ماتتأخريش علشان أنا اتأخرت على المصنع  . 


- لا روح إنت أنا هتمشى شوية بعدها    . 


التفت يحدق بها فوجدها تنظر للأمام بقناعٍ من الصمتٍ والهدوء يرى ما خلفه بوضوح لذا زفر وقرر ألا يعترض وقاد إلى أن أوقفها أمام المحل المنشود وودعها وغادر إلى عمله بينما هي توجهت نحو المحل تبتاع لصغيريها ملابس جديدة  . 


دلفت تلقي السلام واتجهت إلى القسم المخصص لملابس الأطفال تنتقي بعض المعاطف لهما وخطت بين الأرفف والمعلقات لتجد على مرمى بصرها حاملًا معدنيًا مرصوصًا عليه عددًا هائلًا من الأحجبة الموضوعة بشكلٍ أنيق  . 


اتجهت نحوه ووقفت أمامه تتأملهم وتملس عليهم وتوغلها الحنين للتجربة وشردت تفكر  . 


منذ أن صلت الاستخارة آنذاك وجُل ما يمر على عقلها عرضه ومنشوراته عن المرأة العربية المحجبة  ،  أخبرها أنه يريدها أن تبثت له أنه مخطئ  ،  تتحداه  ؟  


لم تنسَ نظراته حول خصلاتها حينما كان يودعها  ،  ولم تنسَ التذكار الذي انتشله من فوق رأسها  ،  ولم تنسَ منشوره الغامض عن خصلات الخيل الذي فهمته وحلت شفرته  . 


هل يرسل الله لها إشارات لتتحجب  ؟  هل هذه الخطوة الأولى قبل أن تسافر  ؟  هل هي رسالة حقًا  ؟  أم أنها  ....  رسالة  ؟ 


لا يمكن أن يكون كل ما طرأ على عقلها منذ أن استخارت ربها هو شيئًا عابرًا  ،  الراحة التي تشعر بها والحنين لارتداء الحجاب يجبرانها على اتخاذ القرار وإن كانت ستسافر حقًا فيجب أن تسافر محجبة وتتحداه محجبة وتثبت رسالتها بالأدلة وأهم وأول دليل هو حجابها  . 


لم تتردد بعدها في انتشال حجابين بلونين مختلفين ثم اتجهت نحو المرآة ورفعت إحداهما تضعه حول وجهها وتنظر لنفسها بعمق  ،  تتأمل ملامحها به وهيأتها فيه  . 


ترى نفسها وهي تصلي ولكن الوضع هنا مختلف  ،  الملامح مختلفة ، العقل تآلف مع قلبها واتحدا يقنعانها بارتدائه . 


انتفضت حينما جاءت البائعة من خلفها تردف مادحة  : 


- حلو أوي أوي اللون ده عليكِ  . 


التفتت تبتسم لها وأجابتها بهدوء  : 


- شكرًا  . 


ابتعدت تلتقط المعطفين مع الحجابين واسترسلت تطالعها  : 


- تمام هاخد دول  . 


أومأت لها البائعة بابتسامة ودودة واتجهت معها لتدفع حسابهم وتغادر  . 


وليتها لم تخرج من المحل حيث وجدت أمامها آخر شخصان تود رؤيتهما  ،  كمال وزينة التي أجبرته على الذهاب لشراء ملابس لطفلهما الذي لم يأتِ بعد  . 


وقف متجمدًا يحدق بها كما فعلت زوجته  ،  نظراته كانت محملة بحزمة مشاعر مختلطة بين الإعجاب والضيق والذكريات  . 


ليعي على زوجته التي نزعت نفسها من يده حينما لمحتها تغادر بعدما حاولت تجاهلهما ولكنها أوقفتها تردف بضيق وغيرة حاقدة  : 


- عملتي كتاب ونجحتي على حساب سمعة جوزي بس ربنا بالمرصاد وهيجيبله حقه منك  ، وبكرة تشوفي إن شاء الله كتابك ده هيتمنع نشره وهتتحاسبي  . 


وقف عاجزًا عن إسكاتها بل أنها أثارت غيظه وتذكر أمر الرواية التي عبرت فيها عنه لذا أردف وهو يسحب زينة إليه  : 


- خلاص يا زينة سيبك منها  . 


وقفت تطالعهما باشمئزاز وكره لتردف الأخرى بغيظٍ وقهر من قوة ديما التي تراها في عينيها ووقفتها وتجاهلها لهما : 


- سيبني بس يا كمال علشان أعرفها إن العيب مش منك  ، وإنك راجل زي الفل واهو زي مانتِ شايفة جايين نشتري هدوم ابننا اللي جاي في السكة  ،  علشان تعرفي إن انتِ اللي ماكنتيش نافعة تبقي زوجة صح لراجل زيه  . 


قالتها وهي تتحسس بيدها جنينها وباليد الأخرى تتحسس ظهر كمال الذي نفش ريشه متباهيًا وعقب وهو يسحبها نحو المحل خاصةً وأن ديما وقفت على قارعة الطريق تشير إلى سيارة أجرة كأنها لا تسمعهما  : 


- خلاص بقى يا زينة هتتعبي ، ادخلي يالا  . 


- ماشي يا حبيبي يالا الحمد لله إن ربنا نجدك منها  . 


قالتها وتحركت معه داخل المحل لتتنفس ديما بقوة بعدما غادرا كأنهما قيدا الهواء عنها   . 


حينما اقتربت منها سيارة أجرة أسرعت تستقلها وتتنفس مجددًا وهي تخبر السائق عن وجهتها  . 


لم تؤثر بها كلماتهما ولو بمقدار ذرة ولكنها لم تكن تريد أن تراهما أمامهما  ،  لم تكن بحاجة للتذكر كل ما مرت به  ،  لم تكن تتمنى رؤية التشفي في عينيهما مما يحدث معها الآن لذا  ... 


دست يدها تستل هاتفها من حقيبتها وطلبت رقمه  ،  هاتفته لتخبره بموافقتها ليس قرارًا متهورًا منها ولكنها اتخذت لقائهما حافزًا لتقرر  ،  هذه هي الرسالة التي أرادها الله أن تفهمها  ،  هذا هو القرار الذي سيغير حياتها ويبدلها 180 درجة  . 


❈-❈-❈


مهما كانت درجة انشغاله مرتفعة إلا أن هذا الاتصال انتظره منذ أن عاد إلى فرنسا لذا فإنه انسحب من بين الحضور حيث كان يقف بينهم يخبرهم بتقارير المجلة الأسبوعية واتجه نحو مكتبه يغلق الباب ويغلق مكالمتها ويعاود الاتصال بها هو لتفتح الخط فيجيب بحماس يخفيه بنبرة جدية  : 


- بيتهيألي ده اتصال الموافقة  ،  مش كدة  ؟ 


تنهيدة قوية مرت على صدرها فحملت معها الهموم التي تجلت في نبرتها وهي تخبره بتصميم  : 


- أيوة  ،  أنا موافقة   . 


نبرتها لمست شيئًا داخله  ،  كأنها نزحت من أسفل الأنقاض لتوها لذا لم يمنع نفسه من سؤالها  : 


- إنتِ كويسة  ؟ 


هزت رأسها بلا والتمعت مقلتيها بدموعٍ حارقة جعلاها تعتصر شفتيها بقوة وتردف بنبرة جاهدت لتبدو شامخة  : 


- كويسة جدًا  ،  اديني بس وقت اظبط أموري وربنا يسهل  . 


لم يقتنع بأنها في حالة جيدة جدًا كما قالت  ،  بل أنه يجزم أنها تبكي ولكنه أردف بنبرة رصينة  : 


- من جهة تكاليف السفر والأوراق ماتقلقيش كل ده المجلة هتتكفل بيه  ،  مستنيكي يا ديما  . 

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة