رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 43 - 3 - الأربعاء 25/12/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث والأربعون
3
تم النشر يوم الأربعاء
25/12/2024
والله إنتِ رايقة يا صفية، هو أنا فيا دماغ أصلاً يا بنتي للرغي، إلا إذا كنتِ عايزة نكد؟
قالتها وهمت أن تغادر، تمسك بيدها على مقبض الباب، فجاءها التعقيب من الطبيب هشام:
طب ما تنكدي علينا قبل ما تنزلي وتمشي، إحنا ناس بنحب النكد أصلاً، خصوصًا لما يخص ابن حكيم، ولا إيه يا سيادة المحامية، مش برضو نفسك بتتفتح على شغل المحاكم، أول ما تسمعي عن أي مشكلة ما بينهم؟
لم تتقبل صفية هذه المرة مزاحه، ليأتي ردها بضيق:
لا طبعًا مش لدرجة دي يعني، أنا إينعم متغاظة منه، لكني مقبلش الخراب ما بينهم، ده جواز بشرع ربنا مش أي ارتباط وخلاص.
يكملك بعقلك يا غالية. قالها هشام بتسلية، قابلتها بعبوس وعتاب، ليأتي رد بهجة في الأخير:
طب وإذا كانت نيته كده فعلاً، هتعملي إيه؟ رياض باين عليه زهق واللعبة خلاص خلصت، ده حتى اتصالي بيه مش معبره.
سألتها صفية:
ليه بتقولي كده؟ أجابتها بنبرة يغلفها الحزن:
عشان ده اللي حاصل فعلاً، شكله لقى البديل، واحدة متاحة وفاتحة دراعتها ليه بحجة ابن اختها، وهو أكيد مصدق، ست بحق وحقيقي تملى العين.
قصدك على الست اللي روحت معاه؟ سألها هشام، فجاءت إجابتها بحسرة:
أيوة هي يا دكتور، شوفي هيئتها إزاي؟ لأ ولقت حجتها عشان تتلزق فيه، ابن اختها اللي طلع في البخت فجأة....
توقفت برهة، لتردف بيأس وبيدها تدفع باب السيارة للخروج:
يلا بقى، كل واحد بياخد نصيبه، سلام ولا تصبحوا على خير أحسن. وما همت بأن تنزل بقدميها كي تترجل من السيارة، حتى فاجأها قول الطبيب.
بس اللي أعرفه إن ابن حكيم مش من الرجالة التي تجري ورا النوع ده من الستات، لأنه ياما قابل في حياته أجمل وأحلى منها كمان، لكنه في الآخر مخترش غيرك يا بهجة، ولا دي كمان عايزة إثبات؟
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي،
استفاق يفتح عينيه داخل الغرفة التي يغفى بها ولأول مرة، على تخت واحد جمعه مع شقيقه الصغير، بعد أن غلبه النوم بالأمس ليبيت جواره. لم يكن أبدًا ذا قلب ضعيف، ولا تخيل في مرة أن يجمعه شيء معه سوى إرسال النقود كي يتربى وينشأ في كنف والدته، حتى وهو يعلم بطبعها غير السوي. ولم يكن يعطي بالًا لهذا.
لكن شعور الأمس، بتلك القبضة التي تعصر فؤاده، منذ علم بالمرض الذي أصابه منذ نعومة أظافره، بل ويكيف نفسه على العيش به دون شكوى أو تذمر. طفل صغير يتحمل ما لا يطيقه الكبار، وهو الذي ظل لعدد من السنوات ناقمًا على والديه، بل والعالم أجمع، بسبب تلك الأحداث المؤسفة التي تركت أثرها عليهم، ولكن لم تمس صحته، وحتى المال الذي ضاع، عوضه هو في مدة قليلة. الآن فقط يشعر بالامتنان نحو والده، بعد أن ترك له تلك القطعة النادرة، ولم يعرف بقيمتها سوى اليوم.
تنفس بخشونة ينزع الغطاء عنه، من أجل أن ينهض ويرى ما ينتظره. تناول الهاتف من فوق الكمود المجاور للتخت، يلقي نظرة عليه، ليتفاجأ بعدد المكالمات الهائلة عليه، من قبل العملاء وشريكه كارم، ووالدته وزوجته الحبيبة التي تذكرت أخيرًا أن تعطي له أهمية، ولكن للأسف لم يكن متاحًا للرد على أحد، بعد أن انصب اهتمامه بذلك الصغير، فنسي الهاتف وما عليه.
خطر بباله أن يتصل ببهجة ويجيب عليها بنبرة عاتبة، ربما رق قلبها وتنازلت عن ذلك العناد حتى تسمع منه وتتفهم عليه، ولكنه يحتاج أن يطمئن علي والدته ويطمئنها.
ماذا عنها هي أيضًا؟
وما هم بأن يضغط بإصبعه على زر الاتصال حتى تفاجأ بإضاءة الشاشة برقم آخر مختلف، رقم خادمته. ضغط يجيبها على الفور:
الوو يا جوليا... صباحك فل يا ستي، في حاجة؟ مين؟ وجاية كدة ع الصبح تعمل إيه؟ طالعة هنا كمان؟!
هي مين دي اللي طالعة على هنا؟ كان هذا صوت آدم، بعد أن أيقظه صوت شقيقه، ليضطر أن يجيبه:
خالتك يا حبيبي، جاية عشان تشوفك على الساعة تمانية الصبح، لا وكمان عارفة طريق أوضتك.
وما كاد أن ينهيها، حتى فاجأتهما المذكورة بظهورها على مدخل الغرفة:
صباح الخير، إيه ده؟ رياض باشا؟
صباح الخير يا خالتو
جاء رد آدم بوجه مشرق وفرح، الجم شقيقه، ومنعه عن الرد بحدة على جرأتها في أن تأتي في وقت مبكر مثل هذا دون استئذان، أن تخترق خصوصية المنزل، وكأنها من أصحابه.
يبدو أنها هي أيضًا انتبهت لذلك، وقد تضمن حديثها الاعتذار:
صباح الخير يا قلب خالتو، أنا آسفة يا رياض باشا، مكنتش أعرف أنك نايم هنا في أوضة آدم، وأنا كنت جاية أصحيه عشان يفطر من الأكل اللي جايباه وعملاهوله بنفسي.
تلقف آدم دعوتها صارخًا:
عملتيلي الأكل اللي كانت بتعملهولي ماما؟
بنفس الطريقة اللي أنت بتحبها، وبرضه ما يضرش صحتك.
Was yes هتف مهللًا بها بلكنته الإنجليزية، يغلق على رياض أي فرصة في الجدال أو الاعتراض، ليستسلم في الأخير منسحبًا:
تمام أوي، أنا رايح أخد شاور عشان أروح شغلي.
قالها وتحرك لمغادرة الغرفة، نادته بلهفة:
خلص الشاور وإحنا هنستناك تفطر معانا.
آسف، مبفطرش، عن إذنكم. تمتم بها رافضًا عرضها بنبرة جافة، دون حتى أن يلتف برأسه نحوها، لتطالع أثره هي بغيظ وتوعد، ثم تتوجه نحو آدم بعد ذلك:
خلاص بقى، يبقى مفاضلش غيرنا أنا وأنت، بسرعة يا بطل اغسل وشك وسنانك عشان نلحق الأكل السخن.
Yes هلل بها مرة أخرى لينهض سريعًا نحو حمام غرفته، وشرعت هي في المغادرة كي تعد الطعام للإفطار، لكنها انتبهت على دوي الهاتف المكتوم، لتفاجأ بهاتف مختلف عن الخاص بابن شقيقتها. علمت بذكاءها أنه الخاص برياض، مضاءة شاشته باسم امرأة:
بهجة. تمتمت بالاسم، تتذكر تلك الفتاة التي لاحت عليها الغيرة الواضحة نحوها بالأمس حينما قابلتها مع رياض أثناء خروجهما من قاعة القصر الذي أقيم فيه الاحتفال.
فالتمعت عيناها بخبث لتضغط على زر فتح المكالمة وتجيبها:
الووو...
.......
الووووو
مين اللي بيتكلم؟ مش دا تليفون رياض؟
أيوة يا أستاذة بهجة باين ولا مدام، هو فعلا بتاع رياض، وأنا نادين اللي بترد عليكي. بس، هو مش فاضي دلوقتي، بياخد شاور.
ننننعم؟
هو بياخد شاور، وإنتِ إيه اللي وصلك لتليفونه أصلا؟
الله، فيه إيه يا آنسة؟ دا جزائي أني برد عليكي وأطمّنك، رياض باشا بياخد شاور وبس على كده. حضرتك لو عايزة تكلميه يبقى انتظري بقى شوية على ما يخرج، عن إذنك بقى.
ختمت تنهي سريعًا، ثم تبسمت بملء فمها، غير عابئة بوضع المسكينة في الجهة الأخرى، ولا بوقع الكلمات الموحية وأثرها عليها من نتائج كارثية.
❈-❈-❈
لم يمضِ الكثير من الوقت، تقريبًا مسافة الطريق التي قطعته بهجة بعد إنهاء المكالمة مع تلك الأفعى، فلم تشعر بنفسها إلا وهي ترتدي ملابسها، وتنزل سريعًا، كي تستقل أقرب سيارة أجرة أتت بها إلى هنا، في هذا المنزل، الذي قد وعدت نفسها قبل ذلك بعدم دخوله سوى بعد أن تكون امرأته في الإشهار والعلن. أتى عليها الوقت الآن كي تأتي وترى امرأة أخرى به، بل وهي التي فتحت لها، لتظهر الدهشة في مقابلتها على مدخل المنزل:
آاا آنسة باين ولا مدام بهجة، إنتي اللي كلمتيني من شوية صح؟
ردت بهجة بحدة تدفعها من أمامها وتزيحها:
آه يا حبيبتي بهجة، وإنتي بقى تبقي صاحبة البيت صح؟
قالتها بتهكم، والأخرى تدعي التوجع من خلفها:
إيه ده يا آنسة، براحة مش كده؟ هو إنتِ داخلة زريبة حضرتك؟
دلفت بهجة بخطواتها الغاضبة، تنقل عينيها داخل المنزل الذي أصبح فجأة غريبًا عنها، فوقعت أبصارها على جوليا التي رحبت بها:
بهجة حبيبتي، إنتِ رجعتي من تاني، نورتي بيتك يا قلبي.
حبيبتي يا جوليا، ربنا يخليكِ، هو فين رياض؟
قالتها بهجة لتتفاجأ بتعليق الأخرى من خلفها:
بيت مين بالظبط يا جوليا؟ صفتها إيه الأستاذة؟ ومالها برياض بقى عشان تسأل عليه؟
وإنتِ مالك؟ صدرت من بهجة نحوها بحدة، تواصل اختراق المنزل، لتتفاجأ بذلك الفتى الصغير، بصورته المألوفة لها وكأنها ليست المقابلة الأولي لها معه، يتناول طعامه بهدوء، فيوجه السؤال نحوها:
إنتِ مين؟
أجابته بلطف يناقض تمامًا غضبها منذ قليل:
أنا بهجة يا حبيبي، إنت بقى آدم صح؟ ما شاء الله عليك، بدر منور، تشبه شكل والدك اللي شوفته في الصورة، حقيقي اللي خلف مامتش.
يا ست بهجة بقى؟ ما تنورينا وتقولي إنتِ مين؟ وصفتك إيه بالظبط عشان نبقى إحنا على نور، إيه علاقتك برياض الحكيم عشان تدخلي هجم كده؟
همّت أن تجيبها، فجاء الرد من آدم بعفوية:
أنا عارف صفتها إيه؟ عشان شوفت لها كذا صورة في أوضة رياض، أكيد إنتِ...
Girl friend
إيه؟ هتفت بهجة مستهجنة تفسير الصغير، لتسارع بالتوضيح له:
لا يا حبيبي مش كده طبعًا، أنا أبقى مراته، هو فين رياض؟
جاءت نادين لتقف مقابِلًا لها قائلة بتشكك:
بس أنا أعرف إن رياض الحكيم مش متجوز، ولا...
توقفت تشملها بنظرة دونية متابعة:
ولا إنتِ تبقى مراته في السر.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..