رواية جديدة على سبيل الألم لرانيا ممدوح - الفصل 12 - 1 - السبت 11/1/2025
قراءة رواية على سبيل الألم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية على سبيل الألم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا ممدوح
الفصل الثاني عشر
2
تم النشر السبت
11/1/2025
بينما كان سيف ينهي آخر الترتيبات حول الجبيرة، نظر إلى سبيل بابتسامة دافئة وقال:
"تعرفي؟ كنت دايمًا حاسس بفضول أعرف معنى اسمك... أو إيه اللي خلى والدك يختارلك اسم سبيل."
نظرت إليه سبيل بدهشة خفيفة، ثم تحركت شفتيها بابتسامة صغيرة:
"والدي كان دايمًا يقول إن الاسم ده معناه طريق الخير، وإنه دايمًا شايفني سبيل ليه للأمل وللحياة... حتى لما الدنيا بتبقى صعبة عليه."
سيف هز رأسه بإعجاب وقال:
"اسمك جميل... وفيه قوة. يمكن ده اللي شايفه دلوقتي... رغم كل اللي مريتي بيه، لسه واقفة وقوية."
سبيل شعرت بحرارة كلماته، لكن عينيها انخفضتا للحظة وهي تتمتم:
"يمكن والدي كان شايف فيا حاجات أكبر مني... لكن الحياة علمتني إنه مش سهل تكون سبيل للناس وأنت نفسك ضايع."
سيف رد بهدوء:
"كلنا بنضيع في لحظات معينة، لكن ده ما يمنعش إننا نلاقي طريقنا تاني. يمكن ده اللي والدك كان شايفه فيكي... الطريق مهما كان شاق، هيفضل موجود."
سبيل رفعت عينيها إليه، لأول مرة تشعر أن هناك من يفهمها.
سبيل، بتردد وصوت منخفض: "ممكن... أطلب منك يا دكتور حاجة؟"
سيف بابتسامة هادئة: "طبعًا، اتفضلي. عايزة تطلبي إيه؟"
لكن سبيل ظلت صامتة لفترة طويلة.
سيف شجعها بلطف: "أكيد، قولي اللي في بالك."
سبيل، وهي تخفض عينيها بخجل: "أنا... كنت عايزة أقول لحضرتك حاجة، بس خايفة يكون طلب مش من حقي"
سيف بابتسامة هادئة: "قولي، مفيش حاجة اسمها طلب مش من حقك."
سبيل، بتردد: "اتعرفت هنا على بنت صغيرة اسمها هنا، وليها أخ صغير اسمه مدثر. لما اتقبض عليهم، فرقوهم عن بعض... وكنت عايزة أعرف لو حضرتك ممكن تعرف لي أخبار مدثر. سمعتهم بيقولوا إن حضرتك بتشتغل في الأحداث تبع الولاد كمان."
توقفت للحظة، ثم أضافت بسرعة: "أسفة لو ده طلب زيادة، مش قصدي أضايق حضرتك."
سيف نظر إليها باهتمام وقال بصوت مطمئن:
"ولا يهمك يا سبيل. لو الموضوع يهمك كده، أنا هسأل عن مدثر وأشوف لو أقدر أجيب لك أخباره. متقلقيش."
سبيل، بابتسامة صغيرة ظهرت على وجهها: "بجد؟ شكراً جداً يا دكتور. ربنا يكرمك."
سيف: "أنتِ بس اهتمي بصحتك دلوقتي، وأنا هعمل اللي أقدر عليه. طمني نفسك."
سبيل: "حاضر، شكراً مرة تانية."
سيف، بابتسامة مشجعة: "دا واجبي، متشغليش بالك."
❈-❈-❈
كانت جليلة تقف خلف الباب، تستمع للمحادثة بين سيف وسبيل بوجه ممتقع من الغضب. قبضت على يديها بعصبية، وشعرت بنيران الغيرة تشتعل في قلبها.
جليلة، في داخلها: "إيه اللي بيحصل ده؟ ليه بيهتم بيها كده؟ دي مجرد واحدة مسجونة! وأنا... أنا هنا طول الوقت، وهو ولا بياخد باله مني"
لم تستطع جليلة التحكم في أعصابها أكثر، فابتعدت عن المكان بخطوات غاضبة، متوعدة في نفسها: "أنا مش هسيبها تفضل هنا مرتاحة معاه. هخليها تتمنى إنها ما طلبتش حاجة منه أصلاً"
وبينما كانت تسير بعيدًا، بدأت تخطط لخطوة جديدة لتبعد سبيل عن طريقها وعن اهتمام سيف.
وقفت جليلة في زاوية معزولة من حديقة المستشفى، بعيدًا عن الأعين. أخرجت سيجارة من جيبها وأشعلتها بشراهة، كأنها تحاول إخماد النيران التي تشتعل بداخلها. كان الدخان يتصاعد في الهواء، لكن غضبها كان أعمق من أن يهدأ بسيجارة.
جليلة، تحدث نفسها بغضب: "إيه اللي جرى؟ أنا اللي كنت دايمًا الكل بيحسب حسابي، هأسيبها تاخده مني؟ لا، ده مش هيحصل. لازم أشوف طريقة أرجّع بيها السيطرة من تاني، وأخلص من وجودها في المكان ده."
رفعت السيجارة إلى فمها مرة أخرى، وأخذت نفسًا طويلًا، بينما عيناها تلمعان بخطة جديدة تختمر في ذهنها. كانت مصممة على أن تجعل سبيل تدفع ثمن كل شيء، ولو كلفها ذلك أكثر مما تتوقع.
بينما كانت جليلة تقف في الحديقة تدخن السجائر بشراهة، ظهرت المشرفة نهى فجأة أمامها. توقفت جليلة عن التدخين للحظة، وألقت السيجارة على الأرض، محاولة الحفاظ على هدوئها.
نهى، بوجه صارم: "مش عيب يا جليلة؟ بتدخني في مكان المفروض يكون للمسؤولية والرعاية؟ دي مش أول مرة أشوفك بتعملي كده ."
جليلة، بتحفز: "إيه يا مدام نهى؟ مش كفاية علينا الشغل اللي ميتحملش؟ مش شايفة إن كل واحد محتاج وقت لنفسه، ولا إيه؟"
نهى، بحزم: "وقت لنفسك آه، بس مش وقت للإفتراء على خلق الله . اللي عملتيه مع سبيل أنا عارفة إنه مش طبيعي. البنت جاتلي بآثار ضرب وتعبانة في الليلة إياها ، وسمعت كتير عن أسلوبك معاها كمان."
جليلة، محاولة الدفاع: "ايه يعني؟ هي دي قواعد المكان. كل السجينات لازم يتعلموا النظام بالطريقة دي. وإلا المكان هيفلت مننا."
نهى، بهدوء مليء بالتحذير: "تعليم النظام مش بالعنف ولا بالمؤامرات. واللي حصل لسبيل مش هيعدي. أنا هبلغ الإدارة عن تصرفاتك، وأخليهم يحققوا في كل حاجة."
جليلة، بعصبية: "إدارة إيه؟ دي مشاكل صغيرة، ليه بتكبري الأمور؟ البنت مش أول واحدة يحصلها كده، وماحدش اشتكى قبل كده!"
نهى، بثقة: "ده لأن مافيش حد كان يقدر يتكلم. بس دلوقتي فيه ناس هتتكلم، وأنا مش هسكت. خلي بالك يا جليلة، كل حاجة ليها حدود."
❈-❈-❈
تركتها نهى وغادرت، تاركة جليلة تغلي من الغضب والخوف. كانت تعلم أن موقفها بات في خطر، وأن نهى قد تكون العقبة الكبرى أمام خططها.
بعد مغادرة الحديقة، توجهت نهى بخطوات واثقة إلى مكتب المديرة لتقديم شكوى رسمية ضد جليلة. طرقت الباب ودخلت بعد أن سمحت لها المديرة بالدخول.
نهى، بصوت جاد: "مساء الخير، يا مدام سامية. محتاجة أتكلم مع حضرتك بخصوص حاجة ضرورية جدًا."
المديرة، وهي تشير إلى الكرسي: "اتفضلي يا نهى. شكلك جايبة موضوع مهم. قولي."
نهى جلست وبدأت الحديث: "بصراحة، يا مدام سامية، أنا عندي مشكلة مع أسلوب المشرفة جليلة في التعامل مع البنات. الحادثة الأخيرة مع سبيل كانت أكتر من مجرد صدفة. البنت اتعرضت لإهمال وتقصير مقصود، و أنا متأكدة إن ده أثر عليها صحيًا ونفسيًا."
المديرة، بوجه جاد: "إهمال وتقصير مقصود؟ وضحي أكتر."
نهى: "جليلة بتعامل البنات بعنف ومفيش رحمة. فوق كده، في شبهة إنها كانت ورا حادثة سقوط سبيل، لأن السلم اللي اتكسرت عليه كان فيه كسر واضح، وهي كانت الوحيدة اللي قريبة منه وقتها ، و كمان كانت ورديتها. ومش أول مرة ألاحظ إنها بتستغل سلطتها بشكل خاطئ."
المديرة، وهي تسجل ملاحظات: "دي اتهامات خطيرة جدًا، يا نهى. عندك أدلة على كلامك؟"
نهى: "أنا مشفتش الحادثة بعيني، بس البنات بيتكلموا، وفيه شهود ممكن يثبتوا. كمان طريقة جليلة مع سبيل واضحة إنها بتستهدفها بشكل شخصي ، و معرفش السبب ايه من ساعة ما البنت دخلت هنا و جليلة متغيرة جدا."
المديرة، وهي تفكر: "هنتحقق من الموضوع ده، بس لازم الأمور تمشي بطريقة رسمية. هنتكلم مع البنات ونشوف مين ممكن يشهد. شكوتك هتتحط في الاعتبار، ولو ثبت الكلام ده، التصرفات دي مش هتعدي أبدا."
نهى، بحزم: "شكرا، يا مدام سامية. البنت دي في خطر لو فضلت تحت إيدها. لازم نتحرك بسرعة."
المديرة: "اطمني، يا نهى. العدالة هتتحقق."
نهضت نهى وخرجت من المكتب، وهي تشعر بالارتياح لأنها اتخذت الخطوة الأولى لحماية سبيل.
❈-❈-❈
استدعت المديرة سامية جليلة إلى مكتبها بعد أن تلقت شكوى نهى. جلست سامية خلف مكتبها، وعيناها تنبعث منهما الجدية، بينما كانت جليلة تقف أمامها، تراقب الوضع بحذر.
سامية، بصوت هادئ ولكنه قاسي: "جليلة، تعالي هنا، فيه حاجة لازم نتكلم فيها."
جليلة، بحذر: "خير يا مدام سامية؟ فيه حاجة؟"
سامية، بنبرة حاسمة: "وصلتني شكوى ضدك من نهى. بتقول إنك كنتي السبب في الحادثة الأخيرة مع سبيل، وإنك كنت متعمدة إهمالها."
جليلة، باندهاش مصطنع: "إيه الكلام ده؟! أنا ما عملتش حاجة. أنا كنت دايما براقبهم وأتابع كل حاجة. سبيل دي ما كانتش تستحق اهتمام أكتر من كده."
سامية، بشدة و هي تدون الاسئلة : "هل يعني إنك تعترفي إنك مش بتهتمي بالسلامة؟! كيف تفسري إن السلم كان مكسورًا؟ هل دا كان من باب الإهمال أم فيه حاجة تانية؟"
جليلة، محاولة الدفاع عن نفسها: "لا، أنا ما قصدتش كده خالص. السلم كان عادي، مش مكسور. دي مجرد حادثة، ولازم نوقف الموضوع ده ."
سامية، بنبرة حازمة: "لكن الناس مش شايفينها كده، يا جليلة. في شكوى ضدك وفي إشاعات بين البنات. وإنتِ هنا في وظيفة تتطلب منك الرحمة والاهتمام، مش القسوة."
جليلة، بتوتر: "أنا مش قصدي. كل اللي كنت بعمله هو توجيههم، مش أكتر. أنا مش عايزة أكون سبب في مشكلة لأي حد."
سامية، بصرامة: "أنا هعمل تحقيق في الموضوع، ولو ثبت أي تقصير أو سوء تصرف منك، لازم تكوني مستعدة انك تدفعي الثمن. القوانين دي موجودة عشان تحمينا وتحمي كل اللي في رعايتنا. احنا مش هنسمح بأي تجاوز."
جليلة، بصوت منخفض: "مفهوم."
سامية: "كويس. خليكي جاهزة للتحقيقات، واحتفظي بهدوءك."
❈-❈-❈
خرجت جليلة من المكتب، وقد شعرت بقلق يتسلل إلى قلبها. الأمور لم تكن تسير كما خططت لها، وكانت تدرك جيدًا أن ما حدث قد يسبب لها الكثير من المشاكل.
تحدثت سامية مع مدير الإدارة، نادر، بعدما تلقت الشكوى ضد جليلة. جلست في مكتبها وهي تتصل به لتناقش الموضوع بجدية.