رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 18 - 3 - السبت 18/1/2025
قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة عفاف شريف
الفصل الثامن عشر
3
تم النشر السبت
18/1/2025
بعد عدة ساعات،
تزامن وصول ملك وآلاء في نفس الوقت.
صدفة لم يتوقعها أيٌ منهما.
فبعدما غادرت آلاء، وجدت للصدفة البحتة مقاعد شاغرة في الطائرة المتوجهة إلى مصر.
والغريب أن رامي لم يوقفها،
بل راقب مغادرتها بصمت،
تبعه أن دلف غرفته لينام.
ببساطة.
حسناً، وما الجديد في أفعاله؟
لا جديد
كانت رحلة مرهقة ومتعبة حتى كادت أن تطلق صرخاتها بنصف الطائرة.
السفر بالصغار وحدها ثاني أبشع شيء بعد وجود رامي في حياتها.
لقد أفقدوها عقلها،
وكادت أن تسقط مغشياً عليها من أصواتهم وصراخهم ومناوشاتهم.
تنهدت براحة، تضم الصغير تميم،
تراقب عز الغافي في العربة على ساق آية النائمة هي أيضًا في عربة الأطفال المزدوجه.
هدية تميم لها،
أخاها الحبيب،
الذي لطالما فكر في كيفية التخفيف عنها.
تميم الذي لا تعلم عنه شيئًا،
ولا أحد يريد أن يخبرها.
وقفت تنظر حولها بحيرة.
لقد أخبرتها ملك
أنها ستصل في نفس الوقت تقريباً،
فرق نصف ساعة أو أكثر.
هي أقرب من ملك، فوصلت أسرع منها.
وبسبب تأخر طائرة ملك سيصلو في نفس الوقت تقريبا
لذا جلست على أحد المقاهي،
تهاتف حسام الذي أخبرها أن السيارة قادمة في اتجاهها.
وكعادته منذ ما حدث،
يمتنع عن الإجابة عن أي شيء يخص تميم.
يخبرها بحزم: "لما تيجي يا آلاء،
لما تيجي إن شاء الله
لو سمحتي.
وتصمت هي مخرسة نفسها.
جلست محلها تهدد الصغير تميم،
والذي يريد أن ينتشل منها الهاتف ملقيًا إياه أرضاً.
صوت رسالة أخرجها من شرودها.
قطبت حاجبها باستغراب، كانت من صديقة قديمة لها لم تحدثها منذ زمنٍ حقًا.
فتحتها وهي تقرأ الرسالة بملامح متعجبة:
«صح اللي حصل يا آلاء؟»
ردت عليها سريعًا بعدم فهم: "حصل إيه؟"
أتاها الرد في دقيقة واحدة على هيئة صورة مكتوب بداخلها على إحدى صفحات الأخبار:
«إصابة رجل الأعمال تميم مدحت العسلي بعدة طعنات ونقله إلى مستشفى...»
اتسعت عيناها بشدة،
وتلاشى كل شيء من حولها وهي تضع يدها على فمها تكتم شهقة عالية خرجت.
قبل أن ترفع الهاتف على أذنها، تهتف برعب وصدمة: "حسام،
تميم،
بيقولوا تميم اتعرض للطعن!
وقبل أن تأتيها الإجابة،
أتتها شهقة عالية،
لكن لم تكن منها،
بل من ملك الواقفة خلفها، تناظرها بعيون غائرة وملامح باكية،
تهدد بالمزيد.
❈-❈-❈
انتفض أنس يغلق الهاتف بسرعة وهو يستمع إلى صوت عالي يهتف باسم زوجته.
سارع خطواته وهو يصل إليها،
يمسك خصرها وهي تكاد تترنح ساقطة أرضًا، ينظر إلى آلاء محاولًا فهم ما يحدث.
لكن من ملامحها الباكية وملامح زوجته،
علم ماذا حدث.
لقد علموا.
قالت ملك بصوت متقطع باكي: "تميم، تميم يا أنس، بيقولوا مطعون!
"مطعون إزاي يعني؟
مش كان مختفي؟
ضمها إلى صدره محاولة التحكم في بكائها وخوفه عليها،
وهو يهمس لها برفق: "ممكن تهدي؟
استهدي بالله،
خدي نفس، خدي نفس عميق.
تميم كويس، تميم كويس.
هزت رأسها برعب،
ليكمّل قائلاً بتأكيد وهو يمسك وجهها بين يديه، يمس جبهته بجبهتها: "تميم كويس.
وأنا اطمنت عليه من حسام.
تميم كويس.
قالها وهو يضمها إلى صدره بعدما خفت صوت بكائها.
ولم يرَ أحدهم التفات آلاء ناحية الأخرى،
تمسح دمعاتها،
تردد الآيات القرآنية خوفًا من أن تصيبها بالحسد.
قبل أن تلتفت مرةً أخرى، ترفع الهاتف على أذنها قائلةً بأمل: "حسام، تميم كويس؟
أتتها إجابة حسام بحزم قائلاً بتعجب وغضب: "إنتي عرفتي منين؟"
إجابتها بتأكيد: "من واحدة صاحبتي.
أكيد الخبر انتشر في كل حتة يا حسام.
أغلق معها سريعاً،
لتقترب هي من ملك، تضمها والصغير إلى صدرها،
وأنس يراقبهم بخوف،
خوفًا على زوجته،
وخوفًا على صديق كان له أكثر من أخ.
❈-❈-❈
دلفا للمشفى بخطوات مرتجفة،
تمسك كل منهما يد الأخرى،
وأنس يحمل الصغير تميم، وأمامه أحد الحراس يدفع عربة الصغار.
صعدا للطابق الخاص،
وما إن وصل المصعد حتى وجدا حسام ووالدهم واقفين في انتظارهما.
ألقت ملك نفسها بين أحضان والدها، تتشبث به بقوة.
واندفع حسام يضم آلاء إلى صدره،
لتنفجر كل منهما باكية، غير قادرة على التحمل في تلك اللحظة.
مسح مدحت على حجاب آلاء برفق، متمتمًا برفق: "تميم كويس،
أخوكي كويس،
صدقيني.
استهدي بالله عشان الي في بطنك.
أخوكي كويس وهيقوم بالسلامة، وأحسن من الأول."
ورفع يده الأخرى يدعو آلاء للانضمام،
لتترك صدر أخيها،
وتنضم لأختها.
ووقف هو ضامًا إياهما بشوقٍ حقيقي،
محييًا أنس هو الآخر.
ربت أنس على كتف حسام، سائلاً بهدوء: "طمّني يا حسام، إيه الوضع؟
وقبل أن ينطق، قاطعته ملك سائلة بخوف: "عايزة أشوفه يا بابا.
نظر مدحت إلى أنس بخوف،
يخشى الجميع من انهيارها،
يخشى الجميع من تكرار ألم لن تتحمله هي.
❈-❈-❈
وقفا كلاهما تضع كل منهما يدها بجانب أختها،
يتطلعان لتميم بعين متفحصة.
خوف،
ذعر،
فزع.
مشاعر كثيرة،
مختلطة،
ولا يمكن وصفها أبدًا.
رفعت آلاء رأسها، تنظر لوالدها، قائلة بإصرار، رغم وهنها وساقها التي لم تعد تقدر على حملها: "أنا عايزة أدخله،
محتاجة أدخله يا بابا.
ورغم صعوبة الدخول،
وإذا أُتيح،
سيكون متاحًا لشخص واحد فقط.
هز مدحت رأسه بتعب، لن يقدر،
قد يسقط من شدة ألمه.
وملك أيضًا لن يسمح وضعها، رغم رغبتها بذلك.
أخيرًا، وقف حسام، يناظر آلاء الباكية،
قبل أن يهز رأسه موافقًا أن يعطيها الحق بالدخول،
رغم رغبته الشديدة.
لكنها بحاجة لذلك.
❈-❈-❈
تم تجهيزها بعناية شديدة.
اتبعت الإجراءات الوقائية وارتدت الملابس والقناع المحدد.
تم تعقيمها،
وأمرها الطبيب بضرورة الالتزام بالقواعد بالداخل.
وأخيرًا،
فتح لها الباب،
لتدلف حيث الغرفة الباردة.
أثارت بداخلها رعشة انعكست على جسدها،
وهي تتطالع ذاك المسطح أمامها.
عيناها تجولان على الغرفة والأجهزة الطبية المحيطة به من كل اتجاه،
بأصواتها المؤلمة لقلبها.
اقتربت أكثر وأكثر،
حتى وقفت بجانب تطالعه بعيون غائرة وقلب متألم لأجله.
مدت يدها المرتعشة تمسك بيده الباردة، تربت عليها.
سقطت منها دمعة متألمة،
وهي تراقب الأجهزة حوله لا تفهم منها شيئًا.
قبل أن تنقل عينيها إلى وجهه الشاحب المتعب المليء بالكدمات.
كان بهيئة تؤلم القلب،
إلا أنها شددت على يده، وهي تهمس له بخفوت قائلة: "أنا هنا يا تميم،
كلنا هنا،
وكلنا مستنيين ترجع تاني.
اوعي تستسلم،
إحنا مستحيل نسيبك،
فأرجوك متسبناش."
قالتها ودموعها تسبقها،
وبداخلها الكثير من الأمل
أن الله لن يخذلهم أبدًا،
أبدًا.
❈-❈-❈
«بعد مرور ثلاث أيام»
كانت كعادتهم الأيام الماضية،
الجميع ملتف حول بعضهم البعض،
يجلسو في انتظار إفاقة تميم،
في انتظار خبر واحد:
أنه تخطى مرحلة الخطر،
وأصبح الآن بخير.
حرك حسام عيناه يطالع أمير الواقف في نهاية الرواق يتحدث في الهاتف.
أتى في اليوم التالي مع أسرته منضماً إليهم.
لم يخبره أحد بما حدث، ومن شدة انشغاله لم يعلم إلا بعد أن أتى إلى مصر.
لكنه كان معهم، وليس معهم.
تنهد بتعب وهو يستمع إلى صوت حور المتذمر في الهاتف،
بعد أن أصر هو وبشدة أن تذهب مع يارا إلى المنزل مصطحبة صغيرته شمس،
وصغار آلاء، والمربية للمساعدة،
ليبقى فقط هو وإخوته،
وأحمد الذي لم يذهب حتى بعد أن أصروا عليه.
يوم تلو الآخر والجميع لا ينام سوى القليل،
ولا يأكلون سوى القليل ليبقوا أحياء،
والقلب متعلق بالله،
داعين من كل قلوبهم.
كان مدحت جالسًا على أحد المقاعد يقرأ القرآن بوهن،
بحانبِه أنس يضم ملك الغافية إلى صدره،
وعلى بعد عدة خطوات يقف هو يحادث حور،
وأحمد الجالس بعيدًا يحادث أحدهم هو الآخر.
أما آلاء فكانت كالعاده،
تقف بجانب الزجاج،
تمسك المصحف بين يديها تقرأ وتقرأ.
كانت صامتة على نحو يخيفهم عليها،
صامتة تصلي وتدعو وتقرأ القرآن،
وتطمئن على الصغار بذهن شارد.
رفعت يدها تلمس الزجاج،
قبل أن تشعر بشيء غريب يحدث.
تبعه اندفاع الطبيب الذي أتى مسرعًا من حجرته،
وخلفه طاقم التمريض،
دالفين سريعًا للداخل.
اندفاع الجميع نحو غرفته أثار قلق الجميع،
محاولين فهم ما يحدث.
كانوا يتفحصون تميم بدقة،
قبل أن يقترب أحدهم مغلقًا الحاجز الزجاجي،
تاركين إياهم والخوف ينهش قلوبهم.
حسام الممسك بمدحت الشاحب والمرتعب،
وأنس يحاوط خصر زوجته داعمًا إياها بعد أن استيقظت على أصوات الجلبة،
وأمير وأحمد واقفين ينتظرون بتوتر.
وآلاء تقف تتلمس الزجاج برعب،
تكتم شهقاتها بالألم،
مرتعبة،
ماذا يحدث؟ ماذا يحدث لأخيها؟
❈-❈-❈
«ثلاث أيام منذ خلافهم الأخير»
يتأخر في العودة فتكون هي قد نامت.
يأتي فيجد منزله نظيفًا، وطعامه البسيط جدًا معد ومتروك له.
أما هي فكانت نائمة في غرفتها، رافضة أن تتخلى عن مكانها.
يرحل وهي نائمة ويعود وهي نائمة.
ولم يكن له أي طاقة لأي جدال أو نقاش، فما يحدث معه يكاد يطير عقله من محله.
فصمت وابتعد، وهي فعلت المثل.
لا هي أخذت خطوة، ولا هو يريد.
حتى قطتها أصبح لا يراها، تضعها في الغرفة الأخرى لكي لا تحتك به.
سمع صوتها أول أمس وعلم أنها تضعها طوال فترة وجوده في الغرفة، والتي لا تتعدى بضع ساعات.
ويثق أنها تزودها بالطعام والماء، لن تتركها دون رعاية أبدًا.
لكن اليوم مختلف، عاد ليجدها جالسة تشاهد التلفاز بصمت.
وما إن رأته حتى تحركت للمطبخ تعد الطعام.
نظر في أثرها باشتياق ودهشة، ودلف سريعًا للغرفة يبدل ثيابه.
عائدًا بسرعة ليجدها قد جهزت المائدة على أكمل وجه.
كان طعامًا بسيطًا يناسب مستواها في المطبخ، لكن لا بأس، فليتحمل.
جلس على المائدة يشاركها إياها.
لتبدأ هي في تناول الطعام في صمت.
تبعها هو ولم يكن يقطع هدوء الجلسة سوى أصوات أدوات الطعام.
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تترك شوكتها، ناظرة إليه، قائلة بهدوء:
"عمر"
رفع عينيه لها يناظرها بلهفة، ينتظر أن تصالحه.
إلا أن أحلامه ردمت في التراب، وهو يستمع إليها تكمل متابعة:
"أنا قررت أشتغل"
اتساع طفيف في عينيه، تبعه صمت لدقيقة كاملة، قبل أن يضع شوكته هو الآخر،
مجيبًا إياها قائلاً بتهكم:
"قررتي؟
وقرارك ده بيتاخد قبل ما ترجعي لجوزك ولا إيه؟"
قاطعته قائلة باستنكار:
"أمال أنا بعمل إيه؟"
هز رأسه نافيا، قبل أن يقف من مكانه قائلاً برفض:بس أنا مش موافق. مفيش شغل يا فريدة."
وتركها وغادر بسرعة.
وقبل أن تتبعه لتكمل ذالك الحديث رافضة رفضة، توقفت وهي ترى هاتفها ينير بعيدًا عنها.
اقتربت سريعًا تمسكه، لتتسع عيناها وهي ترى عشر مكالمات فائتة من سارة خلال خمس دقائق.
ارتعبت ملامحها، وقبل أن تهاتفها، وجدتها تهاتفها مرة أخرى.
وصوتها يردد بصدمة:
"الحقي يا فريدة.
أجابتها بسرعة وقلق:في إيه يا بنتي؟ أنتِ كويسة؟
تابعت سارة قائلة بحزن:
لسه شايفة حالًا. تميم ده اللي كان متقدملك، بيقولوا اتعرض للطعن.
❈-❈-❈
مرت ثلاثون دقيقة.
ثلاثون دقيقة من الانتظار المرعب، انتهت أخيرًا بخروج الطبيب.
ليندفع الجميع نحوه بسرعة، وكان أول من تسأل بصوت باهت متوتر وقلق:
طمّنا يا دكتور، ابني تميم حصل إيه؟
ابتسم لها الطبيب بهدوء، قبل أن يربت على كتفه قائلاً بهدوء:
"الحمد لله، أستاذ تميم فاق."
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عفاف شريف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية