-->

رواية جديدة فراشة في سكٌ العقرب لناهد خالد الفصل 8 - الأثنين 6/1/2025

 

قراءة رواية فراشة في سكٌ العقرب كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية فراشة في سكٌ العقرب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ناهد خالد

الفصل الثامن

تم النشر يوم الأثنين

6/1/2025


وصلت للباب فدفعته بحذر كي لا تصدر صوتًا, وترجلت الدرجات القليلة حتى وصلت لطرقة المخبأ كما تسميه, فهو يشبه المخبأ السري الذي يحوي بداخله الكثير من الأسرار المرعبة, ابتلعت ريقها بتوجس وهي تتخذ طريقها للطرقة التي ستصل بنهايتها لباب كبير آخر سيصل بها لهم, دقت فوق الباب ليُفتح بواسطة الحارس من الداخل يحدقها باستفسار عن سبب وجودها فقالت بثبات زائف:


- أنا جيت اخد صينية الغدا. 


ابتعد عن الباب يشير لها لتدلف وهو يأمرها بحدة:


- انجزي. 


دلفت تلملم اطباق الطعام من هنا وهناك فهم عشوائيون بطبعهم وكأنهم يمكثون في الشارع, وعيناها تترصد أي حركة هنا أو هناك, استمعت لصوت صراخ تلك الفتاة مرة أخرى, يصدح بقوة ذبذبت قلبها وأسرت فيه رجفة مفزعة, ارتعشت أصابعها وهي تحمل الأطباق لتضعها فوق المائدة, ولم تستطع كبت سؤالها وهي تسأل بعشوائية ليس موجهًا لأحد منهم بعينه:


- هي بتصرخ ليه كده؟ 


وانتفض جسدها بخضة حين صرخ بها أحدهم وهو يلكزها من الخلف في كتفها:


- خلصي يا بت وامشي. 


دارت عيناها مرة أخيرة في المكان الذي تراه للمرة الثالثة في يومين لتستكشف الغرف المغلقة فوجدت ثلاثة منها مضاءة إذًا فالسجناء ثلاثة, هكذا همست لنفسها وأكملت وهي تسير بصينية الطعام للخارج:


- منهم البت اللي شوفناها والراجل اللي جه قبلها بكام يوم, مين التالت؟ 


والسؤال تُرك مُعلق دون إجابة ترضي فضولها, وقبل انسحابها حدث ما لم تتوقعه حين سمعت صوت أحد الأقفال يُفتح وباب الغرفة يصدر صوته بصرير مزعج, فتجمدت بأرضها وعيناها تنتظر أن ترى من بالداخل, ليخرج رجل معالمه غير واضحة من شدة الضرب والدماء تغطيهم, لا يقوى على الوقوف ليسقط أرضًا فسقطت معه الصينية من يدها وصرخة تلقائية خرجت منها وهي ترى المشهد أمامها, سبة بذيئة خرجت من فاه أحد الحرس قبل أن يتجه لها يدفعها للوراء:


- غوري يا بت انتِ من هنا وابعتي حد غيرك ينضف مكان الزفت اللي كسرتيهم, غوري انتِ هتنحي! ولا تحبي تشرفي معاهم لو صعبانين عليكي! 


هزت رأسها عدة مرات بهستيرية خائفة والتفت تركض للأعلى وبداخلها تقرر, يحدث ما يحدث بهم, لن تخطو بقدميها المكان مرة أخرى لن تجعل فضولها يتسبب في قتلها أو ينتهي بها الحال تصرخ كالمجذوبة التي بالأسفل.. 


❈-❈-❈

خرج بخطواته من الشركة فاردًا ظهره كالطاووس المغرور وقد أطربه ما سمعه من حارسه عبر الهاتف "الرجل انتهى أمره وإن أزادوا الأمر معه سيسقط صريعًا بين يديهم, وهي قد نجحوا بأقل مجهود أن يوصلوها للحالة المرجوة, فلا تنفك عن الصراخ والعويل" إذًا عصفوران بحجر واحد, صراخ الرجل أثناء تلقينه الدرس أعاد بالضرر على تلك المحبوسة في غرفة مجاورة لتشعر بالخطورة أكثر, ويصير الأمر إرهاب نفسي لها, تباطأت خطواته وهو يرى غريمه يدلف من باب الشركة, العقرب في مقابلة نمر شرس, هكذا شابه الأمر, وبشاهدة الجميع معركة خاسرة فالنمر بسهولة يمكنه أن يلتهم العقرب, ولكن العقرب أسرع فحين يلدغ لا يستغرق الأمر لحظات ولدغته تأتي فجأة دون أي مقدمات, وربما هذا ما يكتب للعقرب الغلبة دائمًا, أنه أسرع...فقط, هكذا حدث "مازن" نفسه وهو يتجه له ليصبحا وجهًا لوجه لأول مرة من سبعة أشهر مضت, والكره كان ينبثق من أعين "مازن" ويفيض, واللامبالاة والتحدي زينا أعين "شاهين" الماكر. 


- ياااه, ابن عمران هنا في الشركة بعد كل الغيبة دي! وشك ولا وشك القمر. 


وبملامح جامدة ونبرة مقتضبة كان يجيب "مازن":


- مالي وجاي اتابعه, عند سعادتك مانع؟


والموظفين جميعًا يختلسون النظر خفية لرئيس مجلس الإدارة "شاهين المنشاوي" و المدير التنفيذي " مازن عمران" وهما يقفان وجهًا لوجه في مشهد نادر. 


 ابتسامة باردة ونظرة مبهمة قبل أن يعقب:


- بالعكس ده شيء يسعدني, ده حتى مكتبك العنكبوت عشش عليه. 


خطوة واحدة اقتربها منه ليميل على أذنه من بعيد يهمس له بكره:


- أصل لما باجي بشوف اشكال مبحبش اشوفها, فنفسي بتتسد.


وابتعد ينظر لتعابير وجه الآخر بعد جملته, ليجد البرود حليفه وهو يرفع منكبيهِ ببراءة زائفة كأنه ينصحه حقًا:


- خد فاتح شهية. 


وتركه يبتعد تاركًا إياه يغلي خلفه من الغضب وقد نجح في إثارة استفزازه وبراكينه, أما عنه فمزاجه أصبح رائق أكثر بكثير من قبل. 


❈-❈-❈

فُتحت بوابة الفيلا على مصراعيها لتستقبل السيارة التي تقل السيدة وولدها, نزلت من السيارة تدق الأرض بكعبها العالي, تسير بخيلاء تليق بها, وخصلاتها الصفراء ثائرة خلفها, توقفت للحظة تمد كفها لمن ركض يحتضن كفها بسعادة وابتسامته واسعة تنم عن حماسه, سارت للداخل فقابلتها "صفاء" ترحب بها:


- حمد الله على سلامتك يا شدوى هانم. 


أزالت نظارتها الشمسية عن عينيها ليظهرا بلونهما الأخضر بفعل العدسات اللاصقة وقالت بترفع واقتضاب فهي أبدًا لم تحب "صفاء" يومًا:


- مرسيه. 


دارت بنظرها في أرجاء الفيلا للحظة قبل أن تقول بتوقع:


- شاهين لسه في الشركة.


- ايوه البيه زمانه على وصول, عشان ميعاد غداه بعد ساعة ونص. 


- وحشتيني يا صافي. 


هكذا نطق الصغير بعفوية وكاد يتجه لها يحتضنها وفتحت ذراعيها تستقبله لكن حال بينهما يد "شدوى" التي جذبته بضيق وهي تعنفه:


- تيم! انا قولتلك ايه؟ 


وتذكر الصغير تحذير والدته له من أن يقترب من "صفاء" وأن يحجم علاقته بها, ورغم انه لم يفهم تحديدًا ما أرادت منه فعله, لكن استشف المضمون, فتوقف بحزن وهو ينظر أرضًا حتى جذبته خلفها وهي تصعد درجات السلم بينما تأمر "صفاء" بعنجهية:


- ابعتيلي سوسن. 


لوت "صفاء" فمها بعد أن صعدت لتعقب حانقة:


- سوسن! يبقى الإرسال بدأ. 


واتجهت للمطبخ لترمق تلك التي تطهي الطعام بمساعدة زميلتها وهي تخبرها:


- سوسن الهانم عوزاكِ. 


حماس وابتسامة متسعة قبل أن تترك ما بيدها وتنظف كفيها جيدًا تقول:


- هي الهانم وصلت!


لتتهكم "صفاء" قائلة:


- لا ياختي عوزاكِ تقابليها في الطريق!   


لم تلقي لتهكمها بالاً وهي تتجه لباب المطبخ خارجة, فأوقفتها "صفاء" للحظة تقول لها بأعين محذرة:


- افتكري ان البيه لو قلب عليكِ الست هانم نفسها مش هتقدر تنجد نفسها عشان تنجدك منه. 


وكانت رسالتها واضحة, صريحة, إن تأمرت مع السيدة على شيء فالإثنين سيلاقين  العقاب ولن يجدا من ينجدهما. 

ابتعلت ريقها بتوجس وهي تسحب نفسها خارجة وحديث "صفاء" يدور في عقلها ومال "شدى" يلمع أمام عينيها.


❈-❈-❈

لم تعد تطيق المكوث لحظة أخرى, ما تعرضت له في الساعات القليلة الماضية لم تتعرض له من قبل, بدءً من الصراخ والرجاء الذي كانت تسمعه بصوت رجل, لسماعها لحديث رجلين بالخارج من رجاله عن تعذيب من يقع في قبضته, ومن أحاديثهم التي سمعتها شعرت أنها تُعرض لكل ما وصفوه في اللحظة, شعرت وكأنها تمر بكل حرف تسمعه, وتعجبت لوجع جسدها واحتراقه وكأنها بالفعل تلاقي ما يقع على مسامعها, ولم تكن تعلم أنهما قصدا التحدث أمام باب غرفتها وغرضهما الإرهاب النفسي, وبعدها مع صرخات الرجل التي لم تتوقف, واعتيادها المكان, تخيل لها أن جدران الغرفة تقترب منها حتى كادت تحصرها بينها, لتصرخ هي الأخرى ويندمج صراخها بصراخ الآخر ولم تعد تشعر بنفسها, حتى أنها لم تشعر بقدوم "مستكة" ولا صوتها مع الرجال. 


ومرت عليها ليلة كاملة لن تنساها ما حيت.. ولو كانت تعلم أن الصباح يحمل الأسوأ لقتلت نفسها قبل أن يحل عليها.  


❈-❈-❈

عاد للمنزل لتخبره "صفاء" بقدوم السيدة وولدها, وانتظرت ان ترى رد فعله, لكنه كما عهدته, جامد ولا يُظهر مشاعره أبدًا, فقط قال:


- بلغيها تنزل على الغدا. 


وبعد نصف ساعة كان يدلف لغرفة الطعام ليجدها تجاور كرسيه وولدها يجاورها, والذي ركض فور رؤيته يتعلق بأحضانه ليقبله "شاهين" بحب ويحتضنه باحتواء لم يعد يعرفه سوى معه وهو يخبره بصدق:


- وحشتني يا تيم.


ليجيبه الصغير بحب متبادل:


- وأنتَ كمان, أنا قولت لمامي لازم اجي اعمل بارتي عيد ميلادي الsix هنا معاك. 


مسد على خصلاته بلطف وهو يجلسه فوق الكرسي المجاور له وجلس فوق كرسيه يقول:


- وانا اوعدك هعملك بارتي محصلتش.


صاح الصغير بحماس, ليخبره بعدها "شاهين" أن ينهي طبقه الذي وضعه أمامه بأكمله, قبل أن ينتبه للمسة فوق ذراعه مصدرها من تجلس على الجهة الأخرى منه, لينظر لها بملامح غير مفهومة قبل أن يسمعها تقول بينما تبتسم بلطف:


- كنت ناوية اعرفك, بس قولت اعملهالك مفاجأة, انا عارفه إننا وحشناك. 


عاد برأسه للطاولة الكبيرة, والتقط شوكته وسكينه ثم قال بمغزى:


- فعلاً تيم كان واحشني. 


لم تختفي ابتسامتها ابدًا, بل حافظت عليها وهي تزيل كفها من فوق ذراعه وقالت:


- محتاجين نقعد نرتب لبارتي تيم. 


أتاها صوته الجامد يقول:


- مش محتاجين نرتب حاجة, متولي هيتكفل بكل شيء. 


وهنا قطبت جبينها رافضة, وغاضبة في آنٍ وهي تقول:


- متولي! بس متولي ميعرفش في أمور بارتي الأعياد ميلاد, متولي يرتب بارتي لشركتك ولا لبزنس يخصك, مش شيء يخص ابني. 

القى نظرة جانبية لها, جعلتها تتوتر وهي تحاول إصلاح ما نطقت بهِ:


- مش بعترض على كلامك يا شاهين, بس انا حابة اشرف على البارتي بنفسي, بعد اذنك. 


واتخذت معه أسلوب النعومة لأنها تدرك جيدًا أنها لا يأتي بالعِناد, وبالفعل حصلت على مبتغاها وهي تسمعه يقول:


- تمام, بس انا مليش في الأمور دي.


ورغم ضيقها من عدم مشاركته معها, لكنها كظمت شعورها وقالت:


- اوكي. 


❈-❈-❈


وانتهت ليلة عصيبة على بعضهم 

وليلة هادئة على البعض الآخر 


صعدت "سوسن" من القبو وهي تلتقط أنفاسها التي ضاقت بها بالأسفل, وإشفاقها عاد على الفتاة التي لم يتوقف صراخها ونُبح صوتها من كثرة الصراخ.

دلفت المطبخ ووضعت الأطباق بهِ لتخبرها فتاة تعمل معها:


- الست هانم كانت طلباكِ من شوية. 


اومأت برأسها تتجه للخارج:


- هطلعلها. 


دقت باب غرفتها ليأتيها أذن الدخول فدلفت للغرفة الواسعة والمرتبة بعناية فائقة, وأثاث باهظ, لتجدها تجلس فوق الفراش تمد ساقيها وتحمل هاتفها تتصفحه بحركات رتيبة فاترة, أغلقته ما إن أبصرت "سوسن" وسألتها باستجواب:


- كنتِ فين؟ 


ترددت في إخبارها فهي بالأمس لم تخبرها وكأن حديث "صفاء" كان راهبًا لها, وذبذب عقلها, فلم تعد تعرف ما عليها فعله, ولكن اليوم لم تجد مخرجًا من سؤالها سوى أن تخبرها الحقيقة:


- كنت باخد صينية الأكل من تحت.


قطبت جبينها تسألها بعدم فهم:


- تحت فين؟ 


- المكان اللي البيه بيحجز فيه الناس اللي بيعذبهم. 


رفعت "شدوى" حاجبها معترضة بتحذير:


- اسمها بيعاقبهم, عشان غلطوا يا سوسن. 


اومأت برأسها سريعًا تقول:


- اه بيعاقبهم. 


همهمت وهي تلتقط مبرد الأظافر لتبرد أظافرها بينما تسألها:


- ومال وشك لونه مخطوف ليه؟ هي دي اول مرة تنزلي تحت!؟ 


نفت تقول:


- لا, بس أصل....


رفعت "شدوى" نظرها لها تسألها بترقب:


- أصل ايه؟ 


أجابتها بتردد:


- في بت كده جت امبارح, وعمالة تصرخ من وقت ما جت. 


صبت "شدوى" كامل اهتمامها معها تسألها:


- مين البت اللي جابها شاهين دي؟ وازاي متعرفنيش بوجودها!


تلعثمت وهي تبحث عن إجابة حتى قالت بتبرير:


- والله يا هانم هي يا دوب لسه جايه امبارح وانا قولت حضرتك جايه و النهارده أعرفك، ومعرفش هي مين، اهي واحده زي اللي البيه بيجبهم عشان يعاقبهم.


ظهر عدم الاقتناع جليًا على وجهها وهي تقول:


- بس شاهين عمره ماجاب ست! يمكن وجودها له سبب تاني.


استنكرت "سوسن" التوقع وهي تقول:


- بس لو له سبب تاني وداها اوضة الضيوف ليه! ده البيه بيلاعبها بكل الاعيبه هو ورجالته دي البت من امبارح بس ونزلت اودي الغدا للرجالة سمعت صريخها زي المجنونه. 


نظرت لها مضيقة عينيها بتساؤل: 


- بيعذبها؟ "


نفت "سوسن" برأسها وأجابت بثقة: 


- ولا حد بيلمسها بس انتِ عارفه البيه يعرف ازاي يخلي الواحد يموت في جلده من قبل ما يقربله حتى، ما تسألي صفاء يا هانم اكيد تعرف.


تهكمت "شدوى" على ذِكر اسم "صفاء" وقالت وهي تنهض من فوق الفراش تلتقط مئزرها: 


- صفاء! صفاء دي كلبة البيه حتى لو تعرف عمرها ما هتقول، انا عاوزه اشوف البت دي، لازم افهم منها سبب وقوعها في ايد شاهين، يلا وديني ليها بس من غير حد ما يحس بينا. 


عارضتها "سوسن" تقول برعب ظهر عليها:


- ازاي بس, ده مستحيل, الرجالة كلهم مبيفارقوش المكان تحت, ابوس ايدك يا هانم متودنيش في داهية, شاهين بيه لو عرف إني بنقلك الأخبار هيقطع خبري. 


تراجعت "شدوى" ليس خوفًا على "سوسن" ولا إستجابة لرجائها بل خوفًا على نفسها, فشاهين لن يمرر فعلتها ابدًا إن وصلت له, لذا التزمت الصمت مؤقتًا وهي تفكر في طريقة تصل بها لتلك الفتاة دون معرفة العقرب.


❈-❈-❈


نائمة فوق الأرضية الباردة, لا تهتم إن كانت فوق الفراش أم لم يدرك جسدها منه شيئًا, فهي تقريبًا لا تشعر بنفسها لتشعر بحر أو برد, فمنذُ دقائق ألقوا بها في الغرفة بعد أن تهاوى جسدها بين أيديهم من شدة الرعب مما رأته, حين أفاقت صباحًا بعد قضائها ليلها في الصراخ, ولم تنام سوى ساعة وحيدة, وجدتهم يفتحون غرفتها يجذبونها للخارج, ويدلفون بها لغرفة أخرى مجاورة, مشابهة لغرفتها, لترى ما هالها وأفزعها, رجل لم يعد سوى مجرد جثة, الجروح بشعة, وجسده دامي بشكل مقرف, وأنينه فقط هو ما يصدر عنه, لا يشعر بهم ولا بأحد! إذًا لم يكن هو من يصرخ معها بالأمس طالبًا الرحمة!! بل هو ضحية ثالثة! وما خُفي كان أعظم.. 


اقترب الحارس منها, يقف خلفها تمامًا, فمه كاد يلتصق بأذنها وهو يقول:


- شايفه الراجل ده! هو كمان وقف في وش الباشا, واللي يقف في وش العقرب يتحمل لدغته. 


وابتعد ليقترب الثاني يهمس لها بتلذذ مريض من ذعرها الذي هو هدفهم:


- تعرفي هو بقاله قد ايه هنا؟ تقريبًا شهر.. وغالبا مش هيتحمل يومين كمان.


وتعالت ضحكاتهما تحت ارتجاف جسدها وقد وصلها المعنى جيدًا, فالرجل لم يتحمل سوى شهر وأصبح هذا حاله فماذا عنها كفتاة! 


وتحت ضغطهما والمشهد أمامها لم تشعر سوى بجسدها يتهاوى وقد أصبحا قدميها هلامًا.. 

ليحملها جرًا للغرفة مرة أخرى والقياها بها مغلقين الباب دون اهتمام, تاركين إياها تصارع هواجسها ورعشة جسدها لا تخفت.. 

❈-❈-❈

جلس في مكتبه يتابع بعض أعماله قبل ذهابه للشركة, وبالطبع لم ينسى أن يسأل عنها ليرضيه ما سمعه من رجاله, تعالا رنين هاتفه فالتقطه ليبتسم حين رأى اسم المتصل, فأجاب بهدوء:


- صباح الورد يا نورهان هانم.


ضحكة ناعمة صدرت من الأخرى قبل أن تقول:


- ايه الروقان ده يا شاهين بيه, شكلك رايق النهاردة!


ابتسامة بالكاد زينت ثغره وهو يجيبها بعبث:


- من امبارح, أصل هلال مازن بيه هل علينا في الشركة. 


أتاه صوتها المندهش تسأله:


- مازن؟ راح الشركة كده من غير مناسبة؟ غريبة اوي, قولي ايه اللي حصل؟ شاهين اوعى تكون ضايقته ارجوك, يا حبيبي انا والله بحاول اصلح الوضع بينكوا عشان مخنوقة من علاقتنا بالشكل ده وخوفي طول الوقت انه يعرف اني على تواصل بيك. 


- متقلقيش يا نور, صدقيني انا بمسك اعصابي معاه عشانك, لولا كده كان تصرفي معاه هيبقى بشكل تاني. 


صدح صوتها بحزن وهم واضحين وهي تقول بدموع ترقرقت في عينيها لم يراها "شاهين" لكنه شعر بها:


- شاهين أنا تعبت... تعبت والله مبقتش متحملة الوضع ده, بيضغط على نفسيتي ومشتتة بينكوا, بحبكوا انتوا الاتنين ومقدرش استغنى عن حد منكوا. 


وقبل أن يواسيها بكلماته دلف عليهِ "تيم" يركض وهو يقول بسعادة جملة لم تصل لمسامع "نورهان" لكنها سمعت صوته, فسألت "شاهين" باستغراب:


- هو مين ده؟ 


وقبل أن يأتي الرد من "شاهين" سمعت صوت "تيم" يقول بجملة وصلت لمسامعها واضحة:


- يلا يا بابي بقى انتَ وعدتني تاخدني لسهيل. 


و "سهيل" كان فرسه الجامح, ومع انتهاء جملته سمع صوت "نورهان" تردد بصدمة:


- بابي!!... 


يتبع 


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ناهد خالد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة