رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 63 - 2 - الثلاثاء 28/1/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الثالث والستون
2
تم النشر الثلاثاء
28/1/2025
فتح باب الشقة وولج إلي الداخل لاحظ أن الأضواء مغلقة ضغط علي زر الإنارة وقطب جبينه بحيرة وتحرك سريعًا إلي غرفة النوم بحثًا عن زوجته لم يجدها غافية، خرج من الغرفة وبحث عنها في أرجاء الشقة لكن لم يجدها، مسح علي وجهه بضيق عدة مرات واتجه إلي أقرب مقعد جلسه عليه محاولًا تهدئة نفسه من فعلة زوجته المصون التي خرجت دون علمه ولا يدري إلي أين هو أخبرها أن تذهب إلي صفا إن أرادت، ولكن لن تذهب تري أين هي؟ أيهاتفها ليعلم مكانها أم ينتظر حتي تعود ويكون لكل مقامً مقالٍ، قطع حيرته مع نفسه فتح باب الشقة ودلوف نور من الخارج وأغلقت الباب خلفها وتحركت من أمامه متوجهة إلي غرفة النوم دون أن تغيره إنتباه.
أوقفها بنبرة حازمة لا تقبل النقاش :
-كنتِ فين يا مدام ؟
توقفت في مكانها وردت دون أن تلتفت له:
-كُنت عند ماما.
"أستأذنتي إنك تروحي عند مامتك"
نطقها بجدية يشوبها الحدة، استدارت له وصاحت بانفعال:
-هو المفروض استأذن وأنا راحة عند ماما ولا إيه؟
نهض من مكانه واستقام بجسده واضعًا يده في جيبه وأجابها ببرود:
-لو هتخرجي من باب الشقة مجرد خروج تتصلي بيا تبلغيني يا مدام .
اشتاظت من طريقته وصاحت بعصبية:
-والله ليه إن شاء الله إحنا في زمن سي السيد وأنا معرفش؟ لأ يا أمير باشا فوق كده النظام ده مش معايا مش أنا إلي حد يمشي كلامه عليا.
تبسم بهدوء وعقب قائلاً:
-بجد؟! ممممم تمام إحنا فعلًا مش في زمن سي السيد يا مدام نور بس ده شرع ربنا يا نور شرع إيه شرع ربنا فبدل ما إنتِ عمالة تبجحي ومش عارفة أمور دينك من رأي تعرفيها الأول ومن هنا ورايح مفيش خروج من عتبة البيت من غير إذني يا نور سامعة؟ أما بقي الحد الي يمشي كلامه عليكِ فأنا جوزك يا هانم لو ناسية أنا إيه جوزك يعني كلامي هيمشي عليكِ بمزاجك أو غصب عنك ورجلك فوق رقبتك لو إنتِ زمان كنتِ مدلعة عشان البنت الوحيدة فأسف أنا كل حاجة عندي بحدود ولو وصل الأمر إني أربيكي من آول وجديد مش هتأخر.
صاحت بتوبيخ:
-تربي مين؟ أنا إلي مش متربية لا يا أمير باشا أنا متربية أحسن تربية الدور والباقي علي إلي ملقاش حد يربيه.
وقع حديثها علي قلبه كالسوط الحاد قسم قلبه إلي نصفين، انتبهت الي ما تفوهت به بحماقة وحاولت التبرير:
-أنا أنا مكنتش أقصد بس….
قاطعها بحزم:
-ولا كلمة يا نور ولا كلمة جوازنا كان أكبر غلطة في حياتي وغلطتي الوحيدة إني حبيتك بس معلش أنا هصلح الغلطة دي وفي أقرب وقت ننفصل وتقدري وقتها ترتبطي بالشخص المتربي من وجهة نظرك أه أنا أهلي توفوا بس أتربيت كويس أوي يا نور الدنيا هي إلي ربتني وعملتني كمان ولو مكنتش متربي فعًلا زي ما حضرتك بتقولي كنت جرجرتك من شعرك ورميتك في الشارع بس الحمد لله أنا متربي وعارف ربنا كويس بعد إذنك يا مدام نور أو نخليها دكتورة نور أفضل.
تحرك سريعًا وغادر الشقة صافعًا الباب خلفه بعنف أرتعبت هي علي آثره أرضًا تبكي ندمًا علي ما تفوهت به لا تدري كيف فعلت هذا؟ بدلًا من أن تصالحه مثلما قالت والدتها زادت الأمور بينهما سوءًا.
❈-❈-❈
في المشفي الخاص ب"بيجاد النعماني "كان يجلس في مكتبه الخاص بالمشفي منهمكًا في الأوراق التي أمامه يريد إنهاء عمله بالقاهرة في أقرب فرصة حتي يتثني له السفر مرة آخري.
قطع اندماجه طرق علي باب مكتبه سمح للطارق بالدخول:
-أتفضل أدخل.
فتح الباب ودلف "يوسف المغربي" الذي تبسم بهدوء:
-سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نهض بيجاد بتلهف وأستقبله بالاحضان والقبلات:
-يوسف مش معقول إيه سر المفاجأة الحلوة دي.
رد مبتسمًا:
-جست يا سيدي عشان أعرف مين الدكتورة إلي نورسيل هتابع معاها ونتكلم سوا.
أومأ بيجاد بتفهم وأشار له أن يجلس علي الأريكة الجلدية السوداء وجلسوا عليها سويًا.
تحدث بيجاد بأسف:
-هي أصلًا مش شغالة هنا وحاليًا عندها حالة وفاة حماها توفي.
أومأ يوسف بتفهم:
-خلاص تمام يعني هنستني شوية صح؟
حرك رأسه بإيجاب:
-أيوة يا يوسف المهم طمني ولادك عاملين إيه؟
تبسم بهدوء ورد:
-بخير الحمد لله وعروسة أبني عاملة إيه؟
قهقه الأخر بخفة وعقب:
-عروسة إبنك إيه بس يا راجل دي أكبر منه .
أجابه يوسف بابتسامة:
-يا سيدي أحنا راضين.
أومأ مبتسمًا وتسأل باهتمام:
-أخبار عاصم ومدام عليا إيه ؟
تنهد بحزن ورد:
-هو عاصم سامحها علي إلي فات وطبعًا لما خلفت البنت الأخيرة الوضع بقي أفضل بس المشكلة عاصم حابب يسافر تاني ومع الأسف عليا رافضة تسافر والصراحة أنا مش حابب أدخل دي أختي الصغيرة وهو إبن عمي وصاحب عمري ربنا يهديم.
أمن بيجاد علي دعائه:
-بإذن الله خير أطمئن أنا هستني شهر كده وأتواصل مع الدكتورة وأكلمك.
أومأ بإيجاب وتسأل باهتمام:
-عيب إسمها إيه؟ وكبيرة في سن صح ؟
تبسم بيجاد بخفة وعقب قائلاً:
-إسمها دكتورة صفا يا سيدي ومتجوزة ومخلفة خلي مراتك تطمئن.
تهكم قائلاً:
-هي مش المشكلة إنها متجوزة أو لأ المشكلة أنها صغيرة في السن ربنا يهديكِ يا نورسيل.
طمأنه بهدوء:
-أطمئن دكتورة صفا ذكية جدًا وهتقدر تتعامل.
أومأ بتفهم:
-ربنا يقدم إلي فيه الخير يلا هقوم أمشي أنا محتاج حاجة ؟
حرك رأسه نافيًا:
-لأ يا حبيبي سلامتك.
نهضت يوسف وغادر بينما انهمك بيجاد في متابعة عمله مرة آخري وهو يتهكم داخله:
-سبحان الله تحس كل الستات مجانين أصلًا بالغيرة يلا ربنا يتولانا عليهم ويهديهم علينا أهو واحد زي يوسف ده ليه الجنة والله من إلي شافه من مراته وإلي لسه بيشوفه ربنا يعينه عليها يارب العالمين.
❈-❈-❈
كان يقود سيارته بلا هوادة لا يدري إلي أين يذهب هل يعود إلى خالته ويشتكِ همه كي تخفف عنه ؟ ولكن في حالتها تلك تحتاج هي إلي من يخفف عنها، استمع إلي صوت آذان المغرب حول بصره حوله حتي وجد ضالته وتوقف بسيارته أمام المسجد وهبط من السيارة متجهًا إلي داخل المسجد كأن آذان المغرب كان بمثابة نداء خفي من المولي عز وچل إنه هو الملجأ الوحيد لنا ليس لنا سواه.
أدي صلاة المغرب وظل جالسًا في المسجد وبيده المصحف الشريف يقرأه منه ما تيسر له من آيات الذكر الحكيم مر الوقت دون أن يشعر وآذنت العشاء نهض ليصلي برفقة المصلين وبداخله راحة لم يشعر بها من قبل ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
❈-❈-❈
تململ في نومه علي الفراش ونهض بتثاقل ووقف في الشرفة رغم أن فصل الشتاء قد بدأ والجو قد برد بالفعل لكنه لا يشعر ببرودة الجو علي ما يبدوا أن النيران المحترقة داخل قلبه كافية أن تصهر جليد العالم أجمع، اتجه بنظراته إلي الأسفل وجد "صفا" تجلس علي الأرجوحة بمفردها شفق عليها كيف تجلس في هذا الجو البارد بالخارج يعلم أنها مذبذبة التفكير مثله لكنه يريد أن يجعلها تأخذ وقتًا كافيًا هي الآخري بالتفكير حتي يتسني لهم إغلاق صفحة الماضي للأبد لكن هيأتها تلك تؤلم قلبه كم يود أن يهبط لها الأن ويضمها بين ضلوعه ضاربًا بكل مخاوفه في عرض الحائط؛ ولكن يا أسفاه لقد خذلته قدماه ولم يستطع التحرك وظل واقفًا كما هو يتأملها فقط، ولكن ما أراح قلبه هو رؤية والدتها تقترب منها وجلست جوارها.
بينما في الأسفل كانت جالسة على الأرجوحة تفكر في كل شئ مرت به منذ أول يومًا رأت به ياسين حتي جالت بهم الأمواج وأجرفتهم علي الشاطئ، اقتربت منها والدتها وجلست جوارها وتسألت بقلق:
-مالك يا صفا قاعدة هنا في البرد ده ليه؟
ردت بحزن:
-زهقانة شوية يا ماما محتاجة أبقي لوحدي.
تفهمت والدتها وضعها واستطردت بإيضاح:
-معلش يا صفا عارفة إن كل إلي إنتِ مريتي به في حياتك مكنش سهل بس يا بنتي ربنا بيدي للعبد علي قدر إستيعابه لو ربنا شايف إنك مش هتقدري تستحملي كل إلي إنتِ مريتي به مؤكد مكنش هيحصل.
أغمضت عيناها بحزن عميق وغمغمت بمرارة:
-الحمد لله على كل حال يا أمي أنا صابرة ومحتسبة كل إلي مريت به عند ربنا بس بجد خايفة يا ماما خايفة أن أه اتكلمت معاه بس بردوا قلبي مش مطمئن هو متغير معايا فعلًا إبنه إلي هو إبنه كان بيتجنن لما يرجع يلاقيه نايم وكان يصر يصحيه أهو بقاله يومين مفكرش حتي يطلب يشوفه تفتكري ياسين كرهنا ؟!
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيدالقاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية