-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 10 - 4 - الجمعة 17/1/2025

  

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش



الفصل العاشر

4

تم النشر الجمعة

17/1/2025

لم يجب حبيب بحرف على كلمات زفراني، لكن مدثر تنبه متسائلا وهو يتطلع لحبيب في تعجب: هو يجصد مين بالأميرة!.. تكونش الضيفة اللي.. 

قاطعه حبيب مضطربا: ميجصدش حد، متخدش على كلام زفراني، أهو كله كلام.. 

استشعر مدثر عدم رغبة حبيب في فتح الموضوع، فتكتم الأمر ولم يعقب، لكنه أدرك أن حبيب ليس نفسه ذاك الذي كان يشد عليه النصيحة فيما يخص مشاعره نحو نجية، هذه المرة مختلفة، هذه المرة لم ينصح بصوت العقل الذي اعتاده منه، بل كان يسدي له نصيحة رجل ذاق قلبه الحب، وأدرك ما تعنيه وجيعة القلب والشوق لوصل الأحباب وهم على مقربة ذراع منا، لكننا أبعد من أن نحقق تلك الأماني التي تظل مجرد أمنيات.. 

كانا على شرودهما عندما اندفع دكتور سرور النجدي مقتحما مجلسهما ملقيا التحية، اتخذ موضعا جوار مدثر متناولا من يده كوب الشاي الذي كان قد برد، مرتشفا منه رشفة صغيرة ليعبر عن استيائه مفرغا الكوب جانبا، هاتفا في حنق مصطنع: ايه الشاي البارد ده كيف صحابه! اعملولنا كباية شاي عدلة كده تظبط النافوخ.. 

هتف مدثر في حنق: وهو حد من أساسه كان عزمك ع الشاي وداخل تتمحك ده بارد وده ما بردش، والله ما حد بارد إلا أنت.. 

ارتفعت ضحكات حبيب على أفعالهما، هاتفا بهما: شوف ياخي مش انتوا الاتنين نچدية، لكن أنت حاچة يا مدثر، ودكتور سرور حاچة تانية خالص.. 

هتف سرور مدعيا الضيق: ايه حاچة تانية وحاچة تالتة!.. ليه ليا راسين، وأربع عيون.. 

هتف مدثر يغيظه متهكما على منظاره الطبي: من ناحية الأربع عيون دي صح! أما الراسين دي مش متوكد منِها، جرب كده تكون مخبيها هنا ولا هنا.. 

تصنع سرور الضحك مفتعلا، هاتفا في سخرية: حوش يا واد خفة الدم اللي مغرجانا، حووش، لملم يا واد الضحك اللي واجع ده فالزكايب.. لملم.. 

كان حبيب يضحك على أقوالهما، ومدثر ممتعض على أقوال ابن عمومته الدكتور سرور الذي لم يخلو مجلس يجمعهما من تندرهما على بعضهما، إلا أن غير سرور دفة الحديث هاتفا بنبرة جادة: وعلى ذكر الزكايب، أني لسه چاي من بيت العمدة أبو زكيبة.. 

هتف مدثر أمرا: اجفل السيرة دي يا داكتور.. خلينا جاعدين من غير وچع راس.. 

هتف سرور مصرا: لاه، ما هو لازما حبيب يسمع اللي هجوله ده، أصلك دي أمانة.. 

هتف حبيب متهكما: خير يا داكتور!.. ايه! حد فيهم حس بجلة الجيمة اللي عملها فحج أختي، ووجع من طوله لا سمح الله!.. 

هتف سرور مفسرا: لاه، بس النهاردة بعتوا لي ورحت الدار، لجيت عزت لا على حامي ولا على بارد، عيونه بلون الدم وهايچ زي التور، ودجنه طويلة كنه محلجهاش من زمن، الواد حاله يصعب ع الكافر، ده عنده صدمة، ومش مظبط، اديته حجنة مهدئة وجلت لهم اللي فيها، بس أني بجولهالك يا حبيب وأنت حر برضك، الواد ده مكنش عايز يطلج أختك، حاله بيجول كده، لكن ايه اللي حصل خلاه ياچي يهبب اللي هببه، الله وحده أعلم.. 

هتف حبيب متهكما: والمفروض ده يخليني اعديله اللي عمله، ده خلى سيرتنا على كل لسان، ومنيرة على يدك شوفت كانت حالتها كيف!.. والله ما كان يستاهل إلا الرصاصة اللي طاشت إنها كانت تاخده ونرتاح.. ومهما كان اللي حصل.. هو مكنش راچل من الأساس عشان ياخد بت الناس طالما مش جادر يكون كد كلمته.. 

هتف سرور مفسرا: أني جلت اللي شفته يا حبيب والأمر يخصك على أي حال، وحجك ترد بالشكل اللي يريحك، بس ده أمانة وجلت ابلغها.. هو الآنسة منيرة هترچع ميتا من غير شر!.. 

هتف زفراني الذي كان قد نُسي كليا، وقد تمدد بأحد الأركان بعد أن نال حصته من الطعام الشهي، زاعقا في كلمات مقتضبة: 

بتدافع عن مين يا موجوع.. دا الدنيا دوارا.. 

بتداري ايه يا حزين، هو العشج يدارى.. 

كل اللي فالجعدة غلابة، جواهم الهوى متوارى.. 

اضطرب سرور لكلمات زفراني الذي كانت تبدو أنها كاشفة لسواءات ما لها أن تُكشف، ولا حتى لأصحابها، هاتفا في عجالة: بجولك يا حبيب، تعالى بجى وصلني للحچة صفية، خليني اطمن على صحتها..

واستدار موجها حديثه لمدثر مغيظا: وأنت يا واد، چهز لي كباية الشاي اللي مشربتهاش، ارچع ألجاها سخنة مولعة، وإلا هسلخك كيف خروف العيد، مفهوم!.. 

تطلع له مدثر بلامبالاة، وأخيرا تناول حصاة صغيرة من الأرض جانبه، قازفا بها تجاه سرور، الذي اندفع مهرولا للداخل، ضاحكا وهو يتبع حبيب نحو غرفة الحجة صفية، التي طرقها حبيب ودخل بعد أن أذنت له جدته، ليدخل الدكتور سرور بعده هاتفا في نبرته المرحة: ازيك يا صفية هانم! ايه بجى أخبار مفاصلك! ده أنا سمعت إنك مچرية كل شباب النجع فوج الستين وراكي، أني مش ملاحج أعالچ مين ولا مين، ينفع كده يا حچة!.. 

قهقهت صفية لأقول سرور التي تستطيبها، هاتفة تجاري مزاحه: خلاص بجى راحت علينا يا داكتور.. 

هتف سرور مؤكدا: فشر، صفية هانم رسلان وردة كده هتفضل ريحتها فيها، وده اللي وجعني فيك يا چميل، مش ناوي تحن عليا وانول الرضا!.. 

قهقهت صفية مؤكدة: يعني يا واد مرضتش بچدك يوم ما اتجدم لي، هرضى بك أنت دلوجت! 

هتف سرور مازحا: يعني مش ناوية تصلحي غلطتك يا هانم!.. أچيال العيلة كلها وراكي وأنت ولا هنا، لسه تجلانة، برضك كده!.. 

ارتفعت قهقهات صفية وسرور يفحص مفاصل قدميها في احترافية، مؤكدا في نبرة مرحة: مفاصل محترمة من بتاعت زمان، محتاچة شوية تزييت وتشحيم وترچع فبريكة.. 

ضربت صفية على كتفه مازحة: يا ولاا أنت ميكانيكي ولا داكتور! 

هتف سرور مازحا: أني بتاع كله، مش كده يا حبيب!..

جال سرور بناظريه باحثا عن حبيب الذي كان يجلس بأحد أركان الغرفة، تاركا سرور يفحص جدته ويدور بينهما ذاك المزاح الذي لا يمله كلاهما، ليجده هناك، شاردا في أمر ما، حتى أنه لم يسمع نداء سرور باسمه للمرة الأولى، كان مأخوذا كليا بكلمات الأغنية التي تنساب من جرامفون جدته كالعادة، وصوت سيد درويش يترنم في شجن:

أنا هويــــته و انتهيــــت..

وليه بقا لوم العــــــزول.. 

تساءل سرور متعجبا: هو حبيب ولدنا وجع ولا حدش سمى عليه ولا ايه يا صفية هانم! 

هتفت صفية في لهفة: يا ريت.. 

هتف سرور مدعيا الصدمة: بعد الشر عليه يا صفية هانم، الحب بهدلة.. 

وهتف سرور مناديا حبيب مجددا: مش كده يا حبيب! 

تنبه حبيب أخيرا، منتزعا نفسه من خيالاته، مستفسرا في تيه: بتجول ايه يا سرور!.. 

هتف سرور في نبرة درامية: بتجول ايه! ولدنا راح فالوبا، مكنش يومك يا زينة شباب الرسلانية.. 

هتف حبيب غير مدرك ما كان يقصده سرور بمزاحه، منتفضا من موضعه، متسائلا في قلق: ستي كويسة يا سرور! 

أكد سرور مازحا: أحسن مني ومنك، أنت اللي مش كويس، ناديت عليك مرتين وأنت مش هنا، اللي واخد عجلك حلال عليه، براحته خالص، هنياله.. 

هتف حبيب ممتعضا: شكلك فايج النهاردة وچاي تطلعهم علينا، مرة مدثر ومرة أني، روح ياللاه اشرب كباية الشاي ورازي فمدثر ولا شوف لك عيان ولا اتنين طلع عليهم چنانك، وحل عن نافوخي.. 

أكد سرور وهو يغلق حقيبته الطبية، مندفعا للخارج: ماشي يا عم متزجش، شاهدة يا صفية هانم!.. أني ماشي، واد عمي مدثر أولى بيا.. 

انحنى حبيب ملثما جبين جدته ما أن غادر سرور الغرفة، لتسأل صفية في نبرة قلقة: مالك يا حبيبي! 

هتف حبيب باسما: مالي يا ستي! هو إنتي هتاخدي على كلام المخبل ده!.. 

تطلعت صفية لحبيب تحاول أن تسبر أغوار صدره، لينتفض هو مستأذنا هربا من نظراتها المتفحصة، مهرولا لخارج الغرفة، وصوت سيد درويش يتعقبه شاديا: 

أنا وحبيبى فى الغـرام.. مافيش كدا ولا فى المنام..

أحبه حتى فى الخصام..وبعـده عني يا ناس حرام. أنا هويــــته و انتهيــــت.. وليه بقا لوم العــــــزول!

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٩٠..

حمدت أنس ربها أن القطار لم يصل متأخرا فما زال النهار ينير الأجواء بشمسه، ولم تهل العتمة.. وإلا كان عليهما الاتصال لإرسال من يقلهما حتى السراي، وذاك كان سيتطلب بقاءهما بالمحطة حتى حضور شبل، وهي تشعر بارهاق كبير وكل ما هي في حاجته اللحظة حمام دافى، وفراش وثير وعلى الدنيا السلام بعدها.. 

ترجلت من القطار تتشبث بكف منيرة بعد أن أصبح ما حدث من تيه منيرة بالاسكندرية هاجس يمكن أن يلازمها طوال حياتها، تنبهت لأمر ما حين طل هذا الحدث بمخيلتها، وهتفت لمنيرة وهما على أعتاب الخروج من المحطة: منيرة! بقولك ايه!.. 

تنبهت منيرة التي بدأت في الشرود مجددا ما أن وصل القطار، وأصبح الدخول لنجع الرسلانية مسألة وقت لا أكثر، لتستطرد أنس في اضطراب: ممكن أطلب منك طلب! يا ريت حبيب بيه ولا أي حد يعرف بموضوع اسكندرية والقسم واللي حصل فالمحطة، ماشي!.. 

ابتسمت منيرة مؤكدة: أني نفسي نسيت، ولا كأن حاچة حصلت، متخديش فبالك.. 

ابتسمت أنس في امتنان، لا تعلم لما فكرت في أن يصبح الأمر سرا، لكنها استشعرت أن هذا هو الصواب.. و.. 

اصطدمت أنس بأحدهم في قوة، ما جعلها تتأوه هاتفة في اعتراض: حاسب يا بني أدم.. 

تطلع نحوها ذاك الشاب الذي ما أن طالعت منيرة وجهه، حتى أمسكت بذراع أنس هامسة: بجولك ايه يا أنس! تعالي نرچع المحطة ونتصل ب حبيب يبعت لنا شبل ياخدنا.. 

هتفت أنس متعجبة: ليه يا بنتي! ما خلاص أهو، شوفي أهي عربية أهي بتنادي على نجع رسلان.. ياللاه بقى.. 

جذبت أنس منيرة نحو العربة (البيجو) التي تقل سبعة ركاب، احتلت كلتاهما الأريكة الأخيرة بالعربة، وذاك الشاب جلس في المقعد المفرد جوار السائق، وما أن بدأت العربة فالمسير، وجمع السائق الأجرة، حتى هتف الشاب وهو يتطلع للخلف في نظرة ثابتة: أچرة تلاتة، أني والكنبة اللي ورا.. 

تطلعت أنس لمنيرة، هامسة تسألها: هو ده بيعزم علينا ليه! هو يعرف حبيب بيه!.. 

نكست منيرة رأسها في قلق، فقد كانت تعتقد أن ركوبهما العربة كفيل بأن يبعده عن طريقهن فقد كان يدخل للمحطة لا مغادر مثلهن، لكنه غير مساره، وعاد ليركب معهن نفس السيارة لهدف في نفسه، الله وحده الأعلم به.. 

                    

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة