رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 47 - 4 - الإثنين 13/1/2025
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل السابع والأربعون
4
تم النشر يوم الإثنين
13/1/2025
غافلين عن المتابع الذي كان يراقبهم من جهة غير مرئية لهما، بشغف لا يقل عن لهفتها، فقد اختار فقرة المطرب كهدية لابن خالته، وكأن قلبه كان على موعد مع الحدث. اللعنة على هذا الاشتياق الذي يجتاحه من الداخل، لامرأة أصبحت لا تجوز له. وامرأته، التي أنجب منها أطفاله، قد تصالح معها واستقرت الأمور بينهما، ولكن بنظرة واحدة من تلك الجنية التي خطفت قلبه، أصبح الأمر وكأن شيئًا لم يكن.
واقف تعمل إيه وسايب صاحبك لوحده؟ انتفض مستفيقًا من شروده، ملتفا نحو صاحب الصوت، ثم نكزه بسبابته بخفة على ذراعه، متابعًا:
جاي من تركيا عشان تسرح؟
كااارم! تمتم عدي بالاسم قبل أن يلتقي مع الآخر بعناق رجولي، وترحيب حار متبادل بين الاثنين:
إيه الغيبة الطويلة دي يا عمنا، وحشتني والله وحشتني.
وأنت أكتر والله يا كارم، المهم أنت اتأخرت ليه؟ الفرح قرب على نصه.
تبسم بانتشاء وعدل من حلته:
لا، ما أنا كان عندي مشوار مهم. مهمة حساسة كان لازم أتمم عليها قبل ما أجي وأسحب مراتي المسكينة اللي كانت هتاكلني على التأخير.
عندها حق طبعًا تاكلك، مهمة أي دي الحساسة اللي تخليك تتأخر كده على فرح رياض؟
ماهي تخص رياض برضو. طب أقولك، تعالي أفهمك وهو معانا. الحمد لله مراتي إندمجت مع بهيرة عشان ما تسمعش كلامنا.
ليه يا بني؟ هو إيه الموضوع بالضبط؟
❈-❈-❈
#
اتجوزوا! معقول بالسرعة دي؟
كان هذا رد الفعل الأولي من رياض بعد سماع حديث كارم بعد أن انفردا معًا بصحبة عدي، مستغلين انشغال العروس بالرقص بين مجموعة من الفتيات.
فجاء التساؤل من عدي:
يعني مين دي يا عم اللي جوازها هممكم أوي كده؟!
أجابه كارم:
ياسيدي دي تبقى خالة آدم، ست كده ما شاء الله، ما تفرقش عن المرحومة أختها غير في الشكل.
أاااااه. تمتم بها عدي بتفهم، ليزيد عليه الآخر بقوله:
أديك خمنت لوحدك يا سيدي، ودي كانت مسببة خطر كبير لعريسنا اللي عايز يعيش مرتاح مع عروسته. أنا بقي يا حبيبي حبيت أخدمه وأخدمها، عرفتها على واحد من نفس طينتها. مخدوش مع بعض يومين، ولقيتهم عازميني شاهد على كتب كتابهم، وكأنهم خايفين لا يطيروا من بعض. فعلاً الطيور على أشكالها تقع.
جشعة. قالها عدي بتخمين، ليؤكد له رياض:
أااااوي، واللي اتعرفت عليه نفس الشخصية زي ما قال كارم، من عيلة أرستقراطية زيينا، لكنه يضيع جبل فلوس على مزاجه والقمار. مكنتش أتمناهولها، بس هي اللي اختارت.
فعلاً، كل واحد يدفع تمن اختياره.
ردد بها كارم من خلفه، قبل أن ينتبهوا جميعاً إلى الأبصار التي توجهت نحوهم، حينما أنشقت دائرة النساء لتكشف عن العروس بينهن وهي تشير إليه بيدها كي ينضم معها. فضحك مردداً:
"معرفش أرقص بلدي، والله ما أعرف."
ضحك عدي هو الآخر، واستجاب كارم لإشارة من زوجته التي كانت مع المجموعة، ليسحبه مجبراً:
"جرب وهبب أي حكاية، حد قالك إن إحنا كمان بنعرف."
ودفعه ليشارك الاحتفال بمرح على أنغام الألحان الشرقية، فوجد الحل بأن يندمج مستشعراً الكلمات التي يرددها المطرب:
«ماقدرش أنا على اللي عيني شيفاه ومجاش في بالي
الرقة دي، أه، يا سحر عنيه حاجة فوق خيالي
دا اللي أنا حلمت بيه يكون عشاني مش عايز حد تاني
اتعلقت في ثواني، دا حبيبي ياما صادفني قلوب كتير
وليلة لحبيبي، أعمل فيه إيه؟ غيرتي خوفي عليه دايماً يزيد
وأمال بقي لو صارحت عنيه ولمست إيدو»
استمر الحفل بأجوائه الممتعة، وقد حضره العديد من الأصدقاء بعد ذلك، مثل جاسر الريان وطارق وكاميليا وزهرة كداعمات للعروس جارتهم قديماً، وصديقة صفية التي ارتخت قليلاً مستجيبة لمزاح خطيبها الطبيب هشام، والذي كان يؤدي كلمات الأغنية بإتقان شديد ليجعلها تضحك معظم الأوقات.
وفي ناحية أخرى، كانت الوقفة الفاصلة لشخص آخر، وقد وصل إلى قراره أخيرًا بعد أن رأى وقارن وحكم العقل على العاطفة:
واخد جنب لوحدك في آخر القاعة، دا بدل ما ترقص وتشارك، إيه الكآبة دي يا عم؟ تفوهت بها، تقترب منه بأناقتها اللافتة، ليلتفت إليها قائلاً:
معلش بقى، دماغي مش متحملة الأغاني، شكلي كده كئيب فعلاً.
قطبت باستغراب:
ليه يعني؟ مش فرحان لبنت عمك؟ بادلها الرد بسؤاله:
من ناحيتي أنا طبعًا فرحان لها من قلبي والله، إنتي بقى فرحانة كمان ولا؟
تبسمت بثقة وكأنها قد تجاوزت تلك المرحلة:
أنا خفيت خلاص من مرضي يا سامر، بدليل إني جيت وواجهت وباركت لرياض وعروسته وطنت نجوان كمان.
برافو عليكِ، تمتم بها وهو يكتم زفرته، ثم أطرق برأسه قليلاً في تفكير قبل أن يرفع نظره قائلاً:
عقبالك إنتي كمان، شكلك زي القمر النهاردة، أكيد هتلاقي ألف عريس يتقدمولك من بكرة.
ضحكت، تضرب كفًا بالآخر مرددة:
ألف مرة واحدة؟ لا يا سيدي، مش لدرجة دي، بس تقدر تقول هو فعلاً في حاجة زي كده.
توقفت تتابع بتلعثم وارتباك:
آآآآ، ابن عمة ماما، ده اللي كان واقف معايا من شوية، شوفته.
آه، شوفته. ردد بها من خلفها وبيقين ترسخ داخله:
لايق عليكي.
ضحكت بخجل:
بس أنا لسة مرديتش ولا أديت رأيي، هو كلم ماما وأنا قلت أخد فرصتي في التفكير.
اعتدل في وقفته يخاطبها بجدية:
لو إنسان كويس متتأخريش في الرد عليه ولا تضيعي ثانية زيادة من عمرك. على العموم، أنا كمان قررت، وقريب هتلاقيني ملبس دبل.
سألته بلهفة أكدت صدق ظنها:
بجد يا سامر؟ طب هي فين؟ لو في الفرح هنا، قولي خليني اتعرف عليها.
أزاح عيناه عنها بسأم، فالفكرة قد خطرت برأسه في التو ولم يأخذها بجدية حتى الآن، ولكن مهلاً....
توقف بصره في نقطة معينة، نحو تلك الجميلة التي تراقص شقيقتها ببراءة ورقة يعلمها عنها منذ نعومة أظافرها، ولكنه لم ينتبه إليها سوى الآن. فقد كبرت ولم تعد تلك الصغيرة التي نشأت أمام عينيه بأخلاقها المتميزة وعفويتها دون تصنع، ليردد اسمها داخله:
جنات.
❈-❈-❈
قاربت الليلة الأسطورية على الانتهاء، وقد حان وقت ذهابها مع زوجها، فخرج يسبقها حتى يأتي بالسيارة من المكان الذي اصطفها به، فانتظرت هي داخل حديقة القصر حتى يتصل بها لتخرج، ولم تحسب حساب شخص آخر كان لا يصدق أن فرصته للحديث معها قد أتت:
لسة جميلة زي ما إنتِ يا صبا. شهقة إجفال صدرت منها قبل أن تلتف إليه، فتتحقق من هويته بعدم استيعاب:
إيه ده، معقول؟ إنت إيه اللي جابك هنا؟ تبسم، يقترب منها ليجيب بثقة:
دا قصر أجدادي يا صبا، والفرح اللي جوا يبقى فرح ابن خالتي على قريبتكم، بهجة....
صمت بتنهيدة خرجت من العمق قبل أن يتابع بتمني:
تصدقي إني تخيلتك مكانها النهاردة، وأنا جنبك مكان رياض.
اشتعلت عينيها بغضب لم يخفَ عليه فتابع غير قادر على التوقف:
أنا هنا بتكلم على جواز في العلن، مش عرفي ولا في السر. كان نفسي أخد الفرصة أنا كمان زي رياض ومضيعكيش من إيدي.
ردت بحدة حتى يكف عن عبثه:
لا حضرتك ناسي، رغم إني كارهة أتكلم في الموضوع ده من أساسه، بس أنا هفكرك إن الوضع هنا مختلف. الوضع هنا اتنين بيحبوا بعض، بس اللي كان واقف بينهم هو الظروف وسوء الحظ. إنما لما اتخطوا الاتنين، وصلوا لبر الأمان. أنت بقى... راجل متجوز ومعاك أولاد، يعني كان الأولى تبص لاهل بيتك وولادك، مش تعيش حياتك بالطول والعرض. ولما تغلب معاك واحدة، تطلب منها الجواز في السر.
ولو كنت طلقتها واديتيها كافة حقوقها هي والولاد، كنتي هتوافقي يا صبا؟ بس قبل ما تجاوبي على دي، عايز أسألك: إنتِ سعيدة أصلاً مع شادي؟
وأنت مالك؟ صدر الصوت الخشن خلفها، لتفزع برؤية رجلها، وقد بدا أمامها كالوحش بطاقة تفوح منها الشر:
إيه اللي رجعك تاني يا عدي يا عزام؟ ومالك ومال مراتي أصلاً؟
أجابه ببرود غير مباليًا بالهلع المرتسم على هيئة تلك المسكينة:
أنا قابلتها بالصدفة زي ما إنت شايف، وكنت بسألها سؤال بريء، مقصدتش بيه أي حاجة وحشة.
سؤال بريء برضه؟ ولا دي مقدمة قبل ما توز في ودانها زي الشيطان؟ أنا بقى هخلص منك القديم والجديد.
قالها وتقدم بخطواته بنية واضحة علمتها لتهرع إليه تحاول منعه، فتتصدر بجسدها أمامه:
لا يا شادي، إحنا ماشين وسايبينه، شادي....
توقفت في الأخيرة وقد ارتخت أعصابها، لتلفها غمامة سوداء فتسقط فاقدة للوعي، فتتلقفها ذراعيه قبل أن تصل للأرض، هاتفًا بإسمها:
صبااا
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..