رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الخاتمة - 4 - الخميس 9/1/2025
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الخاتمة
4
تم النشر يوم الخميس
9/1/2025
إنها مزرعة كبيرة بالفعل لم تنتظر حتى أن تخبرها السيدة أن تلك هي المزرعة فقد لاحظتها جيدًا ، مزرعة كبيرة للغاية تحمل العديد والعديد من الأشجار المثمرة والنخيل ، مشهد مبدع مريح للعين والنفس رغم أن الليل قد حل إلا أن الأضواء الكاشفة المحيطة بالمزرعة كانت مبهرة للغاية ...
شردت بخيالها تناظر هذا السحر الطبيعي حين تعالى صوت السيدة الجالسة إلى جوارها ...
- على چنب يا أسطي ( ثم إلتفت نحو "شجن" قائلة) ، المزرعة أهي ، إنزلي بجى (بقى) ..
إنتبهت "شجن" إلى أنها وصلت لغايتها وإنتهى طريق سفرها الطويل ...
ترجلت من الحافلة تحمل حقيبتها فوق كتفها لتتسع عيناها إندهاشًا فقد أخبرها العم "أيوب" أنه يقطن ببيته بتلك المزرعة بمنطقة تسمى (النوبارية) لكن ما تراه أمامها لا يقال عنه أقل من فيلا أو بيت ضخم للغاية لتتسائل بتعجب ..
- هو ده بيت عم "أيوب" ؟؟؟ ولا يكون بيشتغل هنا !!!
تقدمت تسحب شهيقًا طويلًا بهذا الهواء المنعش تملئ به رئتيها لتسأل عن "أيوب" أولًا حتى لا تشعر بالحرج إن كان هنا مجرد عامل فقط ..
تقدمت بممر بين مدخل منمق بأشجار زينة قصيرة وأنوار تضئ محيط البيت بأكمله لتتجه نحو باب البيت تدقه بترقب ...
فتحت سيدة ريفية بأواخر عقدها السادس لتهتف بإبتسامة مرحبة بحفاوة ...
- إنتِ ست "شچن" الدكتورة صح ؟؟
وفرت عليها مشقة التعريف عن نفسها لكنها مجرد ممرضة بسيطة وليست طبيبة لتبتسم محاولة تصحيح الأمر ..
- أيوة أنا "شجن" ، بس أنا مش دكتورة ، أنا ااا ...
قاطعتها السيدة بتعجل ...
- المهم إن إنتِ وصلتي بالسلامِه ، الحاچ "أيوب" مستنظرك (منتظرك) فوج (فوق) ، يا ألف بركة ، ما مية خطوة عزيزِه ...
دلفت "شجن" تتطلع نحو أركان البيت الكبير المؤثث برقي وهدوء ، يوحي بالثراء رغم ذوقه الهادئ ...
صعدت الدرج من خلف السيدة لتجد ممر طويل على الجانبين ممتلئ بأبواب الغرف لكنها أكملت تتبعها لتلك السيدة لمقابلة "أيوب" ...
بغرفة كبيرة تحتوى جميع وسائل الراحة لهذا الرجل المقعد وجدت "أيوب" ينتظرها جالسًا بأحد المقاعد المتحركة يشرق وجهه بسعادة لقدومها ...
- بنتي "شجن" ، حمد الله على السلامة ...
زال تخوفها ورهبتها على الفور فما شعرت به بالمستشفى شعرت به الآن تجاه هذا الرجل الذى يشبه والدها رحمة الله عليه ، تقدمت بإبتسامتها العريضة مردفة ...
- إزيك يا عم "أيوب" ، صحتك عاملة إيه دلوقتِ ؟؟؟؟
- دلوقتِ أنا بقيت كويس أوى أوى أوى ، معلش يا بنتي لولا إن أنا معنديش سواق كنت بعتلك العربية لحد عندك جابتك لحد هنا ، بس أعمل إيه ، السواق إللي كان عندي راح يشتغل في شركة ما أهو أنا مبقتش أروح وآجي كتير زي الأول ...
مفاجئتها بأنه من أصحاب الثروات أثار بداخلها العديد من الأسئلة لتردف بشقاوة ...
- ده أنا عندي أسئلة كتير أوي مش بس عن العربية والسواق ، إنت ضحكت عليا كنت فاكراك راجل على قد حالك زينا ، طلعت من البشوات والبهوات ..
ضحك "أيوب" من قلبه فقد تناسي الضحك منذ سنوات طويلة ليردف بقلب نقي ...
- مش جيتي بالسلامة ، حقعد أحكي لك كل حاجة عني وعن حياتي والدنيا كلها ، المهم دلوقتِ ترتاحي بعد السفر الطويل ده والأيام جايه تحكي لي وأحكي لك ...
كان محقًا بالفعل فقد كانت منهكة تمامًا لتومئ بالإيجاب ليشير "أيوب" تجاه السيدة قائلًا ...
- "أم محمد" بتيجي كل يوم الصبح تنظف البيت وتعمل الأكل أنا خليتها تستنى النهاردة عشان تستقبلك ، ( ثم وجه حديثه للسيدة ) ، وصليها بقى لأوضتها وإتكلي إنتِ على الله ...
- حاضر يا حاچ ...
قالتها "أم محمد" لتدعو "شجن" لغرفتها ...
- تعالي يا ست "شچن" ...
رافقتها "أم محمد" لغرفة جانبية رائعة مؤثثة بشكل زاهي مريح للنفس ، غرفة لم تكن تحلم هي و أمها وأختها بالعيش بها ، لقد أصبحت لها غرفة جميلة مستقلة لم تحظي بها مطلقًا من قبل ...
بتلك اللحظة شعرت بحُسن إختيارها وأنها بالتأكيد ستسعد هنا وأنها قد وفقت بتفكيرها فقد حان الوقت لحياة رغدة هادئة بعيدة عن بيت النجار ....
❈-❈-❈
مبني المخابرات العامة (الجهاز) ...
توقفت السيارة أمام مبني الجهاز لينظر أحد الضباط من النافذة نحو داخل السيارة قائلًا ...
- حمد الله على سلامتكم ، "نظمي" بيه نازل لكم على طول ...
أعاد "معتصم" رأسه للخلف يسندها لمؤخرة للمقعد بإنهاك ليغمض عيناه للحظات حين إستمع لصوت "نظمي" يخترق السكون من حولهم ، فيما كانت "عهد" تطالعه بصمت وربما بإشفاق على كل تلك الجروح التي سببتها الرصاصات صباح اليوم ...
تحدث "نظمي" بصوت جهور خشن جعل "معتصم" يرفع رأسه بتشدق ..
- حمد الله على السلامه يا وحش ..
رغم تألمه الشديد بأماكن متفرقة بذراعيه وساقه لكنها كانت جروح سطحية فمن حُسن حظه أن الرصاص لم يخترق جسده ، أجابه بصمود كما لو أنه لا يشعر بأي ألم ...
- الله يسلمك يا "نظمي" بيه ..
أومأ "نظمي" رأسه يجوب بعينيه بين تلك الضمادات المتفرقة وذراعه المعلق برقبته ...
- الموضوع ده مش حيعدي بالساهل ، بس إعتبر نفسك في أجازة إسبوع تشد فيه حيلك كدة ولما ترجع أكيد التحقيق إللي فتحناه حيكون وصل لنتيجة ...
لم يعترض "معتصم" على تلك الراحة الإجبارية فهو يحتاجها بالفعل ، بينما أكمل "نظمي" حديثه لـ"عهد" الصامتة بشكل لم يعتاده منها ...
- وإنتِ يا "عهد" ، رغم إن فيه شوية تحفظات على مواجهتك للإشتباكات النهاردة ، إلا إن رجوع "معتصم" و "حليم" بالسلامة حيخليني أتغاضي عنها ، وإعتبري نفسك إنتِ كمان أجازة في الأسبوع ده ، ولما ترجعوا تكملوا شغل مع الفريق ..
تمالكت نفسها بقوة حتى لا تنفعل على هذا الرجل الذى لم يقدر أبدًا مخاطرتها بحياتها لأجل عملها لكنها عاهدت نفسها ألا تتحدث اليوم بعد حديثها مع "معتصم" فبداخلها إحساس غريب بأن الجميع يدرك الأمر وأن مشاعرها باتت مكشوفة كمن أزيل عنها حجابها المخفي لهشاشتها ...
بنظرة جانبية تعجب "معتصم" لعدم هجومها المعتاد ليدرك بأن بمتوحشته شئ ما إختلف عما كانت عليه ...
إبتلعت أمر قيامها بعطلة على مضض لتستغلها كهُدنة تستعيد بها قوتها مرة أخرى لكنها إلتزمت بالصمت ...
أشار "نظمي" تجاه أحدهم آمرًا إياه ...
- وصل الباشا لبيته ، ووصل حضرة الضابط "عهد" برضه وتيجي تسلم العربية في الجراچ ...
بطاعة مفروضة عليه جلس السائق خلف عجلة القيادة دون نقاش ليقوم بإيصال "عهد" أولًا لبيتها ثم يمر ببيت عائلة دويدار لإيصال "معتصم" ...
توقفت السيارة أمام بيت "عهد" لتترجل على الفور وتخطو بجديتها عدة خطوات قبل أن تجد ما يدفعها لأن تستدير نحو الخلف ناظرة نحو السيارة التى مازالت متوقفة ، نظرة تحمل خوف وتوجس ووداع وأيضًا لمحة محبة ، وجود السائق منع "معتصم" من التحدث إليها طيلة الطريق وحتى وصولها لبيتها ، لكن توقفها وإستدارتها نحوه جعلته يتشدق بنشوة لتكسو عيناه نظرات تبادلها معها بلحظة تمني ألا تنتهي يودعها بها متمنيًا لقاء آخر يجمعه بها ...
إلتفت مسرعة لتصعد لشقتها قبل أن يخونها قلبها وتستسلم لهذا الغامض الذى زلزل كيانها وأرهب قلبها ...
بدأت السيارة بالتحرك لأيصال "معتصم" ليبتسم بدهاء فلقد أدرك أين تقطن فربما يحتاج العنوان فيما بعد ...
❈-❈-❈
حياتنا فصول تتقلب بين أوجهها الأربعة ، تموج أيامنا ما بين ربيعها وخريفها ، زهور تتفتح وأوراق تتساقط ، لكنها تمر بكل تفاصيلها الحلوة والمُرة ، تعاقبت الأيام لنصل لنهاية هذا الأسبوع ، إنه ليوم مترقب من الجميع ، فبعض الأحلام لا تتحقق بالخيال فقط بل هناك من يسعى دؤوبًا لتحقيقها ...
(يوم الجمعة) يوم تتجمع به قلوب مُحبة لطالما إنتظرت هذا اليوم ...
بفستان بسيط للغاية ربما لا يتناسب بحجم تلك المناسبة وأهميتها بحياتها ، جلست "نغم" ترتدي فستان من طبقات الشيفون الأبيض تتطاير فوقه بعض الورود البيضاء الصغيرة لتظهر بطلة ساحرة نقية للغاية لاقت بها بشكل كبير ...
رفعت "نغم" عيناها تجاه هذا الوسيم الذي جلس بكامل أناقته مرتديًا حُلة سوداء وربطة عنق باللون الأحمر ، صفف "مأمون" شعره الأسود بعناية ليظهر متوهجًا خاطفًا لقلبها الصغير ..
دارت بعينيها السوداوتين بالحضور وقد إمتزجت مشاعرها بمزيد من الفرحة و الإنكسار معًا فقد تمنت أن يشاركها كل أحبائها هذا اليوم ..
تنفست بعمق رغم نظراتها الحزينة تنتظر أن تغلب عليها فرحتها بعقد قرآنها اليوم على "مأمون" الذي ظنت أن بدايةً من اليوم قد خُلقت السعادة لها ...
بآيات قرآنية ترهف القلوب بدأ الشيخ حديثه ليبدأ عقد قرآن "مأمون" و"نغم" ، كان عمها "فخري" هو وكيلها الذي وضع يده بيد إبنه ليتوج صبرها الطويل بإعلانهما زوج وزوجة أخيرًا ...
ربما أسعدتها رؤية "مأمون" يبتسم لها بهدوء ليزيح هذا الثقل عن قلبها ، لجملة وحيدة تخرج من بين شفتيه لها مفعول ساحر كترياق يشفي علتها وحالمية تنسيها كل ما مرت به ، حتى وحدتها بهذا اليوم ...
همس "مأمون" بإبتسامة بعد عقد القرآن يخص تلك المتيمة بحديثه الهادئ قائلًا ...
- مبروك يا قمر إنتِ ...
إنتفض قلبها بسعادة فهو حُلمها الذى تحقق ، وهو السعادة التي أخيرًا ستطرق بابها ...
لم يكن هذا عقد القرآن الوحيد فهناك عقد آخر بأحاسيس أخرى تموج بين قلوب كل الحاضرين ...
بإحدى القاعات الصغيرة المخصصة للإحتفالات وقف "رؤوف" مرتديًا حلته السوداء وربطة عنقة الصغيرة بذات اللون ليظهر بشكل لطيف للغاية ...
لكنه على غير العادة كان هادئًا رزينًا ، ربما هذا هو المظهر الذي كان يود أبيه أن يظهر به الوقار والرزانة ، أليست تلك كانت إحدى أمنياته له ...
مع دقات بعض أنغام الموسيقى دلفت "نيره" ترتدي فستانًا بلون الفستق تلملم شعرها البني من إحدى جانبيه لتُسدله من الجانب الآخر ترفعه بطوق من الكريستالات الفستقية أيضًا ، إتساع إبتسامتها العريضة تنبع من فرحتها الغامرة فهي عروس اليوم ...
رؤية "رؤوف" لتلك الإبتسامة أكدت له بأنه على الطريق الصحيح ، فـ بالرغم من المساوئ التي تتحلى بها إلا أن رفضه للزواج منها لم يكن سيمر علي قلبها بسهولة ، بل كان سيحطمها بالفعل ..
فـ هي لا تستحق الخذلان ، حتى و إن كانت نبتت بقلبه بعض المشاعر تجاه أخرى ...
جلست "نيره" إلى جوار والدها بينما توسط الشيخ جلسته بينهم وبين "رؤوف" ووالده (خالد دويدار) ....
ناظرتهم تلك العيون السعيدة بفرحة لتجمُع هذان الحبيبان بجو عائلي بسيط حضرت به عائله كل منهما فقط ...
وصل "عيسى" و"غدير" صباح اليوم بعد سفرهم للغردقة لحضور عقد قرآن "رؤوف" و "نيره" ...
إستقرت الأمور بينهما وحلت الثقة بديلًا للظنون كان كعصفورين مغردين يتوالفا بتفاهم و إنسجام حتى كادا يسرقان الأضواء من العروسين ...
مجنون بك و أتخلى عن عقلي حين يهل طيفك عليه ، هكذا كان "معتصم" الذي تماثل للشفاء بشكل ملحوظ بعد مرور هذا الأسبوع بأكمله ...
وقف يميل فمه بإبتسامة ضعيفة حين طغى خيال متوحشته بفكره ، فقد تخيل وقوف "عهد" بديلة لـ"نيره" ، فهي بالتأكيد لن تكون أبدًا بتلك الوداعة ، فبالتأكيد سيكون رد فعلها شرسًا للغاية حتى ولو بيوم مميز كهذا ...
رفع هاتفه ينظر إلى شاشته ليتراجع بعض الخطوات إلى الخلف لينسل من بين الحضور دون أن ينتبه إليه أحد متجهًا لبيت تلك المتوحشة لينهي على ما بداخله من ظنون ويقطع الشك باليقين فاليوم ستنتهي تلك الهُدنة و عليه إعلان الحرب ...
و إلى أن نلتقي بالجزء الثاني أتمنى لكم قراءة ممتعة ، أسعدني وجودكم فقد زدتم كلماتي رونق بحضوركم دمتم دائمًا بود ،،،
...يتبع مع الجزء الثاني
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة قوت القلوب، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..