-->

رواية جديدة على سبيل الألم لرانيا ممدوح - الفصل 23 - السبت 8/2/2025

 قراءة رواية على سبيل الألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية على سبيل الألم 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا ممدوح 

الفصل الثالث والعشرون


تم النشر السبت

8/2/2025


لقد خاصم النوم عيني تلك الليلة و لم استطع أن اغفو و لو للحظة واحدة من حماسي للهروب من هذا السجن رغم وجود العصفور في قفص ذهبي و يتناول افخم أنواع الطعام إلى أنه يريد الحرية فالحرية ثمنها غاليا جدا ، سعدت كثيرا حينما ذهبت اللون الأسود لليل و حل محله اللون الابيض للنهار ، وقفت و اغتسلت و ارتديت ملابسي القديمة و تركت كل شئ خلفي ، فقد قررت أن اتزوج من ليث فقد لمست من كلماته عطفا و حبا و عشقا و قلقا و ألف شعور و شعور لا يوصف ، من يجد هذه الأيام شخصا لا يهتم بماضيه يقبله كما هو بل و يقتنع تمام الاقتناع ببرائتك دون أن تبرر له ، لقد فقد والديه و انا ايضا قد فقدت والدي و والدتي ، نحن مناسبات لبعضنا البعض تماما ، أريد أن يكون لي حائط احتمي به في هذه الدنيا و لا أحد انسب من ليث لي ، فأنا و هو قد خلقنا لبعضنا البعض تماما ، خرجت لأركب السيارة مثل أي يوم مضى و لكن كلما اقتربت السيارة من النادي كلما زادت بسمتي و زادت معها ضربات قلبي. 

                      

نزلت من السيارة و توجهت إلى الباب الخلفي وجدت ليث ينتظرها بتوتر و خوف من الا تأتي أو تستهين بحديثه الذي قاله سابقا ، لكن زال قلقه و توتره فور رؤية سبيل أمامه لمعت عيناه بسعادة كبيرة لا يصدق عقله ذلك ، هل حقا سبيل أمامه الان ؟ هل حقا هي توافق على ترك كل شئ خلفها و تذهب معه ؟ قطعت نبرات صوت سبيل العذبة الاسئلة التي تتساقط عليه سؤالا سؤالا . 


سبيل بابتسامة خجلة ورقيقة: "أنا جاهزة يا ليث."


ابتسم لها ليث أيضًا وقال بحماس: "أنا مش مصدق نفسي! يلا بينا نروح عند عمي الأول، لو موافقش على جوازنا هنروح بيت أبويا وأمي."


نظرت له سبيل بقلق، ثم قالت بنبرة يتخللها التوتر: "أنا مش عاوزة أسببلك أي مشاكل."


رد ليث بحزم وثقة: "مشاكل إيه؟ وجودك جنبي ومعايا هو كل ما أتمناه في حياتي. عمي كده كده مش فاضيلي، وأنا عندي شغلي التاني يعني راجل تقدري تعتمدي عليه."


ابتسمت سبيل في خجل شديد، واحمرت وجنتاها وهي تنظر إلى الأسفل.


ضحك ليث وقال مازحًا: "شكلك حلو وإنتِ مكسوفة. على العموم يلا نمشي قبل ما ترجعي في كلامك، ده أنا ما صدقت"


ضحكت سبيل بدون صوت، خجلها يغلبها تمامًا، لكنها شعرت براحة عميقة وهي تسير بجانبه، وكأنها بدأت فصلاً جديدًا مليئًا بالوعود الجميلة.

❈-❈-❈

ذهب ليث بصحبة سبيل إلى منزل عمه شاهين، الذي كان يعلم أنه في المنزل اليوم. دخلا إلى المنزل وتوجها إلى غرفة المعيشة، حيث كان شاهين جالسًا يشاهد التلفاز. رفع شاهين نظره ببطء عندما لاحظ وجودهما، وقال بحيرة:


"في إيه يا ليث؟ مين دي؟"


نظر ليث إلى سبيل بابتسامة واثقة، ثم قال بثبات: "دي سبيل، البنت اللي عايز أتجوزها. أنا هتجوز في بيتنا القديم ومش هكلف حضرتك أي حاجة خالص، بس تبارك لنا على جوازنا."


ارتفع حاجبا شاهين في دهشة واضحة، ثم قال بصوت مليء بالاستغراب: "أنا مصدوم من اللي بتقوله، بس إنت حر يا ليث... ومبروك يا بني، أنا سعيد علشانك."


نهض شاهين من مقعده واحتضن ليث بحنان شديد ونظرة ممتلئة بالفخر. ثم حول نظره إلى سبيل بابتسامة دافئة:


"مبروك يا بنتي."


ابتسمت سبيل بخجل قائلة: "الله يبارك فيك يا عمي."


قهقه شاهين وقال ممازحًا: "عقبال خيبتي التقيلة."


ضحك ليث وقال: "مين الخيبة التقيلة يا عمي؟"


أجاب شاهين وهو يهز رأسه مازحًا: "مش عارف مين هو في غيرها ؟"


ضحكت سبيل بخجل، بينما ارتاحت أجواء الغرفة بفضل المزاح اللطيف الذي أذاب أي توتر.


جاءت ليان على حين غفلة، وظهرت على ملامحها ضيق متصنع وهي تقول بنبرة مرحة:


"مين دي خيبتك التقيلة يا بابا؟"


ضحك شاهين وقال ممازحًا: "أول حرف من اسمها لام."


نظرت له ليان بحذر متصنع: "معقول يكون ليث؟"


انفجر الجميع في ضحك عالٍ على خفة دم ليان غير المعقولة.


تابعت ليان بفضول: "صحيح بجد متجمعين ليه كده؟"


قال شاهين وهو يربت على كتف ليث: "ليث هيتجوز، عقبالك لما تفكِ العقدة!"


ارتفع حاجبا ليان بحماس وهي تقول بصوت عالٍ: "أوووووووووووه! صحيح يا ليث؟ طلع كلامي صح، واقع في الحب من الدور السابع!"


ضحك ليث وهو يهز رأسه: "عقبالك يا ليان بجد، أنا نفسي أعرف مين صاحب الحظ الأسود ده؟"


صرخت ليان في وجهه بصوت عالي: "إييييييييييييه؟!"


ابتسم ليث بخبث مصححًا: "قصدي صاحب الحظ الأبيض والجميل."


لوحت ليان بيدها بتهكم: "سخيف! المهم، عرفنا بالقمر دي."


نظرت إلى سبيل بابتسامة ودودة وقالت بحماس: "أهلًا، أنا ليان بنت عم ليث الكبيرة. اسمك إيه يا قمر؟"


ابتسمت سبيل بخجل وقالت: "سبيل."


علقت ليان بابتسامة: "اسم جميل زي صاحبته، ربنا يتمم لكم على خير."


شكرتها سبيل بنبرة هادئة: "تسلمي يا ليان."


التفتت ليان إلى ليث بمزاح: "بس أوعى تفتكر إني مش هجيب من وراك كل الأسرار."


ضحك الجميع، وبدت الأجواء مليئة بالفرح والتفاهم.

❈-❈-❈

شعرت ليان أن هذا الاسم مألوف لكنها لم تستطع تذكر أين سمعت به من قبل، دون أن تدرك أنها تقف أمام سبيل نفسها التي كانت قد دافعت عنها سابقًا.


لاحظ ليث تغير ملامح ليان وخشي أن تتكشف الأمور، فقطع الحديث سريعًا بنبرة متوترة:

"ليان، عايز فستان أبيض جميل لسبيل يكون خرافي، وكوافير يخليها زي أي عروسة في اليوم ده، ونعزم كل الناس اللي بنحبهم."


نظرت سبيل إليه بتأثر وقالت بصوت ناعم:

"أنا عايزة فستان أبيض بسيط، ميكونش للزفاف، ومحدش يحضر غير عدد محدود. كل اللي يهمني أنت وبس يا ليث، مش لازم يكون الحاضرين كتير."


ابتسم شاهين بفخر وهو يهز رأسه إعجابًا:

"يا سلام! هو في كده؟ خلاص، نفذلها كل مطالبها يا ليث، يدوب الحبايب بس. وأنتِ يا بنتي هاتي والدك علشان يكتب الكتاب."


قال ليث بسرعة قبل أن تتدخل سبيل:

"هي زيي يا عمي يتيمة الأب والأم."


ظهرت على ملامح شاهين علامات الحيرة وهو يقول:

"طب مالكيش عم أو جد؟ كتب الكتاب ده مهم، المرأة لا تُزوج بدون ولي."


تردد ليث قليلًا ثم قال:

"ليها عم."


نظر شاهين إليه بجدية:

"خلاص، هاته يكتب الكتاب ويحضر."


نظرت سبيل إلى ليث بحيرة وقلق، لكنها قررت أن تثق به وتترك الأمور بين يديه.

❈-❈-❈

توترت سبيل عندما سمعت اسم عمها، فقد كانت تريد إغلاق تلك الصفحة المظلمة من حياتها إلى الأبد. شعرت بقلق عميق يسيطر عليها، وأخذها ليث إلى الحديقة ليتحدث معها بعيدًا عن عمه وليان.


"مالك يا سبيل؟" سألها ليث بقلق وهو ينظر إلى ملامحها المتوترة.


قالت سبيل بتنهيدة ثقيلة: "ليه قلتلهم إن لي عم؟ عمي ده راجل شراني، مبيعملش حاجة ببلاش. مش هيسيبك في حالك أبدًا وهيفضل طول الوقت يطلب فلوس، مبيشبعش... طالع ياكل، نازل ياكل."


ابتسم ليث بثقة قائلاً: "أدفع كل اللي حيلتي بس أتجوزك. وعمك، هاعرف أتصرف معاه كويس متقلقيش. أنتِ متعرفنيش لسه... ده أنا جامد أوي أوي."


ضحك ليث بطريقته المرحة، ولم تستطع سبيل كبح ضحكتها التي خرجت خفيفة رغماً عنها.


"ايوة كده... نفسي الضحكة دي متغادرش وشك أبدًا، وتفضلي تضحكي لآخر العمر معايا، مش مع أي حد تاني."


شعرت سبيل بالخجل من كلماته فقالت وهي تنظر إلى الأرض: "بطل بقى... بتكسف من كلامك ده."


ضحك ليث وقال: "خلاص خلاص... خليكِ مع ليان لحد ما الفستان والحاجات الحلوة تيجي، وهي هتوصلك لبيت والدي. نفرح على قدنا كده، متخافيش... راجع على طول، مقدرش أغيب عنك أبدًا."


نظرت إليه سبيل بامتنان وابتسامة رقيقة رسمت نفسها على وجهها، وهي تشعر بأن وجود ليث في حياتها هو الحلم الذي طالما انتظرته.

❈-❈-❈

غادر ليث وترك سبيل في منزل عمه شاهين، بينما جلست مع ليان في غرفتها التي اعتنت بها بحب واهتمام بالغين. لم تتركها ليان للحظة، وحرصت على أن تشعر سبيل وكأنها أميرة يوم زفافها.


دخلت عاملة متخصصة في العناية بالعروس، فأعدت شعر سبيل بعناية فائقة، ووضعت لها بعض مساحيق التجميل الرقيقة التي أبرزت جمالها الطبيعي. نظرت سبيل إلى المرآة بخجل وهي تلامس خصلات شعرها المصنوعة بعناية.


وصل أخيرًا الفستان الأبيض الرقيق الذي يتزين ببعض النجوم اللامعة، تمامًا كما تحب سبيل النجوم في السماء. كان ليث يعرف هذا السر الصغير عنها، فأحضر لها الفستان الذي يحاكي أحلامها. إلى جانب ذلك، وضع ملابس أخرى أنيقة في حقيبة كبيرة داخل سيارة ليان.


بعد لحظات، ظهر ليث وهو يحمل بين يديه باقة من الزهور  البيضاء الجميلة التي كانت تعبق برائحة الهدوء والجمال. كان ليث جذابًا للغاية في ملابسه الرسمية التي جعلته يبدو وكأنه فارس أحلام سبيل.


اقترب منها بابتسامة دافئة، وقال بصوت منخفض: "وردة بيضاء... زيك تمام."


احمر وجه سبيل من الخجل، لكن قلبها كان ممتلئًا بالسعادة.


أركبها ليث في سيارة مزينة ومجهزة خصيصًا للعروسين، حيث التقطا معًا بضع صور لهذه الذكرى الجميلة التي ستظل محفورة في ذاكرتيهما.


أخيرًا، وصلا إلى منزل والد ليث القديم. ورغم قدمه، بدا المكان مذهلاً بعد أن أجرى ليث فيه تحديثات منذ فترة. كان المنزل نظيفًا ومزينًا ببراعة من أجل ليلة الزفاف، والأضواء تلمع في كل زاوية، تحمل معها بهجة البداية الجديدة.


نزلت سبيل من السيارة وهي تشعر بأن قلبها ينبض بالسعادة والخوف في آن واحد، لكن يد ليث التي أمسكت بيدها بثبات أعطتها الأمان الذي تحتاجه.


قال ليث بصوت واثق: "ده بيتنا يا سبيل... هنبدأ فيه حكايتنا سوا."


نظرت إليه سبيل بعينين تملؤهما الامتنان والحنان: "وأجمل بداية هتكون معاك يا ليث."


حان وقت عقد القران، وحضر المأذون الذي جلس بوقار على طاولة صغيرة أمام ليث وسبيل. تمتم المأذون بصوت هادئ:


أين وكيل العروس؟


شعرت سبيل بحرارة في صدرها، ونظرت إلى الأسفل بألم. لم تكن تتوقع أن هذا السؤال سيؤلمها إلى هذا الحد. لكن قبل أن يتاح لها الرد، تفاجأت بعمها يقف إلى جوارها، وابتسامة غامضة ترتسم على وجهه.


لم تفهم سبيل بالضبط ماذا يحدث. هل وافق عمها على هذا الزفاف حقًا؟ وهل جاء من أجلها أم من أجل مصلحته؟ لكن كل هذه الأسئلة تلاشت وهي تنظر إلى ليث الذي كان يمسك بيدها بثقة، وكأن حضوره يمحو كل ألم.


تمت مراسم الزفاف بسلاسة، ونطق المأذون الكلمات المباركة، وأصبحا زوجين أمام الجميع. كلمات التهنئة امتزجت بالفرحة التي غمرت الأجواء.

❈-❈-❈

بعد انتهاء الحفل، غادر الجميع المكان تاركين ليث وسبيل وحدهما في المنزل الذي بدأ وكأنه يشع دفئًا وحبًا.


كانت سبيل في قمة سعادتها وخجلها في آنٍ واحد. لم تصدق أن كل شيء قد حدث بهذه السرعة، ولم تصدق أنها أخيرًا تخلصت من كل تلك الضغوط النفسية التي ظلت تهاجمها بشراسة طوال سنوات.


جلس ليث إلى جانبها وابتسم برقة:


"مش مصدق إنك بقيتِ معايا أخيرًا."


نظرت إليه سبيل بعينين تملؤهما السعادة:


"ولا أنا، حاسة إني بحلم."


"لا، ده مش حلم... ده بداية حكايتنا."


أمسك ليث بيدها بحنان:


"وعد مني يا سبيل... هتعيشي معايا حياة تليق بيكِ، مليانة حب وأمان."


شعرت سبيل بأن قلبها يفيض بالامتنان لهذا الرجل الذي لم يتخلَّ عنها رغم كل شيء، وأدركت أنها أخيرًا وجدت موطنها الحقيقي بجواره.


قالت سبيل بدموع تنهمر على وجنتيها دون إرادة منها، وصوتها يرتعش بين السعادة والدهشة:


"معقول الأيام ضحكت ليا تاني؟"


نظر إليها ليث بابتسامة دافئة مليئة بالحب والامتنان، ثم مسح دموعها برفق:


"طول ما أنا جنبك، الأيام مش هتعرف تزعل منك تاني."


لم تستطع سبيل الرد، لكن قلبها كان يتحدث بصوت أعلى من الكلمات. شعرت بأن الحياة تمنحها فرصة جديدة، وأن السعادة التي لطالما كانت حلما بعيد المنال قد أصبحت الآن بين يديها.


اقترب ليث منها وهمس:


"ابتسمي، أنا بحب أشوفك فرحانة."


رسمت سبيل ابتسامة رغم دموعها، فشعر ليث وكأنه امتلك الدنيا كلها بلحظة واحدة.


"هنا البداية يا سبيل، وحياتنا مع بعض مش هيكون فيها غير فرح."


قالتها في سرها: "معاك، أكيد."


اقترب منها ليث و احتضنها بسعادة:


"أنا أسعد إنسان في الدنيا دي، أول مرة في حياتي أخد حاجة نفسي فيها، بس أنتِ عوضتيني عن كل حاجة خسرتها... إنتِ العوض اللي كنت منتظره من سنين."


ابتعدت عنه سبيل وهي تنظر له بجدية:


"أنا في سؤال محيرني."


ابتسم ليث وكأنه قرأ أفكارها:


"عارفه، عمك إزاي جيبته يبقى وكيلك النهارده؟ أنا روحتله، وطبعا خد فلوس علشان يجي وبس. وقلتله لو حد عرف مكانك هندمك ندم ما جربتوش قبل كده. متقلقيش، عمك ندل بس كلب فلوس... طالما قبض يبقى هينساكِ."


تنفست سبيل بارتياح، لكنه أكمل بثقة:


"وأنا فهمته إن ده مش بيتنا الأساسي وإننا هنسافر بره مصر علشان يسيبنا في حالنا."


نظر إليها مبتسمًا:


"سيبك منه بقى وخلينا في نفسنا دلوقتي... مركزتيش في الكلمتين الحلوين بتوعي من شوية؟"


ضحكت سبيل في خجل، وقد شعرت بالسكينة تغمر قلبها بعد تلك الكلمات المطمئنة.


احتضنها ليث مجددًا بابتسامة واسعة:


"كده أحلى... ضحكتك دي تسوى الدنيا وما فيها."


ابتعدت سبيل بخجل، وهي تضحك بخفة:


"كلامك دايمًا مش عارفة أرد عليه، بس بيخليني أحس إني مهمة."


"أنتِ أهم حاجة في حياتي، وأكتر حاجة صح عملتها."


رفعت عينيها إليه وقالت بنبرة ممتنة:


"أنا كنت دايمًا فاكرة إن حياتي انتهت، وإن مفيش أمل، بس أنت أثبتلي إن الدنيا دايمًا بتدي فرصة جديدة."


"وأنا كنت مستني الفرصة دي علشان أعيشها معاكي."


شعرت سبيل بالدفء الذي غمر قلبها من كلماته.


"بس اوعدني تفضل جنبي دايمًا."


"أوعدك، وهخلي كل يوم أحلى من اللي قبله."


ضحكت سبيل مرة أخرى وهي تشعر بأنها في عالم لا يمسه الحزن أو الخوف، فقط أمان وسعادة مع ليث الذي غير حياتها للأفضل.

❈-❈-❈

عندما خرجت سبيل من السجن، كانت تلك اللحظة بمثابة حلم تحقق بالنسبة لليث. بعد سنوات من الانتظار والقلق، كان يراها أخيرًا حرة، وهي المرأة التي لطالما أحبها بعمق. كان قلبه ينبض بشدة، يمتلئ بالسعادة والفخر. 

عندما اقتربت منه في يوم زفافهما، كانت تشع جمالًا وثقة. عينيها، التي كانت تعكس كل ما مرت به، كانت مليئة بالأمل. ليث شعر أن كل لحظة عاشها بعيدًا عنها قد انتهت. كانت تلك اللحظة هي كل ما كان ينتظره، حيث تمكنا أخيرًا من إعادة بناء حياتهما معًا. 

بينما كان ينظر إلى سبيل، أدرك أن زواجهما لم يكن مجرد احتفال، بل كان أيضًا وعدًا بمساندتها ودعمها. كان يعلم أن ماضيها سيظل حاضرًا، لكنه كان عازمًا على أن يكون لها السند الذي تحتاجه. كان شعوره بالفخر أكبر من أي شيء آخر، لأنه كان جزءًا من قصة نضالها. 

رغم الفرحة، كانت هناك مشاعر أخرى تتجاذب قلبه. كان يشعر بالقلق من كل ما مرت به، وكان يتمنى أن تكون بداية جديدة لها. أراد أن يحميها من أي ألم، وأن يكون درعها في هذا العالم القاسي. كان يتخيل مستقبلهما معًا، وكيف سيبنيان حياة مليئة بالحب والسعادة. 

وفي تلك اللحظة، شعر بارتباط قوي بها أكثر من أي وقت مضى. كان يعرف أن حبه لها قد تخطى كل التحديات، وأنه لن يتخلى عنها أبدًا. كان يستعد لحياة جديدة، مليئة باللحظات الجميلة والتحديات التي سيتجاوزونها معًا. 

في ذلك اليوم، كان ليث يشعر أنه لا يوجد شيء يمكن أن يفرق بينهما. لقد اختار أن يحبها بلا شروط، وأن يكون رفيق دربها في كل خطوة. مع كل وعد قطعاه، مع كل نظرة تبادلاها، كانت القلوب تتحدث بلغة واحدة، لغة الحب الذي لا يموت. 

❈-❈-❈

لكنهما تفاجآ بدخول مجموعة من الرجال الذين يرتدون الملابس الرسمية باللون الأسود.


اختبأت سبيل خلف ليث بخوف شديد.


صرخ ليث بصوت عالٍ:


"في إيه؟ إزاي تدخلوا على الناس بيوتها بالشكل ده؟"


بعدها حضر شاهر ومعه بعض الرجال أيضًا.


أمسكت سبيل بملابس ليث فور رؤيتها لشاهر يقف أمامهم بعين حادة، لا يمكن فهم ما يريده ذلك الشخص رغم زرقة عينيه، إلا أن شرر الغضب يتطاير منهما وكأنه ينوي خرابًا لا مثيل له.


تقدم شاهر بخطوات شرسة كحيوان مفترس يريد استعادة فريسته المسروقة، ولا مانع لديه من قتل المعتدي الذي سرقها.


قال ليث بنظرة أكثر حدة ونبرة صوت شرسة:


"إنتو مين وعايزين إيه؟ سبيل بقت مراتي، ومحدش هيقدر يمس شعرة منها طول ما أنا عايش."


اقترب منه شاهر بخطوات واثقة وقال باستهزاء:


"مش قبل ما تاخد حاجة تسأل الأول، يمكن تكون الحاجة دي ملك حد تاني... مش عيب السرقة برضو؟"


رد ليث بغضب:


"هي ملكي أنا! خد رجالتك وامشي بدل ما أطلب لكم البوليس."


ضحك شاهر باستهزاء:


"تخيل أنا خوفت وبترعب دلوقتي!"


ثم أشار ببرود إلى سبيل وقال بنبرة تهديد:


"بص... مراتك اندفع فيها اتنين مليون جنيه، تجيبهم و اسيبها ليك، غير كده ما أسمعش صوتك، وتسيبنا ناخدها بالعقل وبهدوء. انت راجل رياضي ومحتاج جسمك يكون سليم... أي كسر هنا ولا هناك خلاص مستقبلك ضاع. فعقلك في راسك... تعرف خلاصك."


صرخ ليث في وجهه بغضب عارم:


"أنت بتقول إيه يا متخلف؟! امشي من هنا بدل ما أقتلك دلوقتي!"


ابتسم شاهر بسخرية ثم أشار لرجاله:


"امسكوه."


انقض الرجال على ليث وأحكموا قبضتهم عليه، رغم محاولاته العنيفة للمقاومة.


تقدم أحد الرجال الأقوياء نحو سبيل التي كانت ترتجف بخوف، ولم يمنحها فرصة للهروب، إذ قام بتخديرها بسرعة.


حمل الرجل سبيل على كتفه، رغم محاولاتها الضعيفة للمقاومة، وخرج بها من المنزل.


استمر ليث في الصراخ والمقاومة بجنون، لكن شاهر لم يكترث، وأمر رجاله بتخديره هو الآخر.


ما لبث أن انهار جسده على الأرض فاقدًا للوعي، وتركوه ملقى في منزل العرس الذي ما زال يتزين بأنوار جميلة في الخارج، بينما اختفت سبيل بين أيديهم في ظلام الليل.

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا ممدوح، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة