-->

رواية جديدة على سبيل الألم لرانيا ممدوح - الفصل 31 - الثلاثاء 18/2/2025

 

 قراءة رواية على سبيل الألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية على سبيل الألم 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا ممدوح 

الفصل الواحد والثلاثون


تم النشر الثلاثاء

18/2/2025



في اليوم التالي، اختارت ليان بعناية فستانًا أنيقًا لكنه بسيط، لا يوحي بالمبالغة، وأكملت إطلالتها بابتسامة واثقة وهي تنظر لنفسها في المرآة. كانت تعلم أن اللقاء ليس مجرد موعد عادي، بل مهمة عليها تنفيذها بذكاء وهدوء.

وصلت إلى الكافيه قبل الموعد بعشر دقائق، واختارت طاولة هادئة بجانب نافذة تطل على الشارع. لم تمضِ سوى لحظات حتى رأت زياد يدخل الكافيه بثقة، مرتديًا بدلة كاجوال أنيقة، اقترب منها بابتسامة جذابة وجلس أمامها.

زياد (وهو يضع هاتفه على الطاولة): "ما كنتش متوقع إنك هتبقي جميلة كده عن قرب."

ليان (بابتسامة خفيفة): "شكراً، بس شكلك عندك خبرة في المجاملات."

زياد (يضحك): "ممكن، بس المرة دي حقيقي."

أشار للنادل ليطلب قهوته، بينما طلبت ليان مشروبها المفضل، ثم استند للأمام متسائلًا: "طيب، قوليلي... إيه اللي خلاكي عايزة تتعرفي عليا أكتر؟"

ليان (بابتسامة دافئة): "مش عارفة، بس حسيت إنك شخص مثير للاهتمام... يعني، رجل أعمال ناجح، وسيم، ومع ذلك مش مرتبط؟ ده شيء نادر الأيام دي."

زياد (يضحك): "إنتي بتفتكريني ليه مش مرتبط؟"

ليان (ترفع حاجبها بدهشة مصطنعة): "يعني... مش عارفة، بس يارا قالتلي إنك حر تمامًا، بس حسيت إن فيه حاجة مش مفهومة."

زياد (يأخذ رشفة من قهوته وينظر إليها بتمعن): "يارا؟ وإيه دخل يارا في الموضوع؟"

ليان (تتصنع اللامبالاة): "ولا حاجة، بس حسيت إن بينكم علاقة خاصة."

زياد (يرفع حاجبه باهتمام): "علاقة خاصة؟ لا أبدًا، يارا مجرد صديقة مقربة، وأحيانًا بتساعدني في بعض الأمور."

ليان (تضغط أكثر): "مجرد صديقة؟ يعني مفيش أي حاجة بينكم؟"

زياد (يبتسم بمكر): "ليه السؤال ده؟ مهتمة تعرفي علشانك ولا علشان حد تاني؟"

ضحكت ليان بخفة، محاولة إخفاء توترها: "مجرد فضول، يعني، يارا جميلة جدًا ومؤثرة، فاستغربت إن علاقتكم بس مجرد صداقة."

زياد (يضع فنجانه ويقترب قليلًا): "بصراحة، يارا فعلاً إنسانة قوية وجذابة، بس... مش النوع اللي أرتبط بيه."

ليان (مستغربة): "ليه؟"

زياد (بهدوء): "عندها أهدافها الخاصة، ودائمًا عندها مصلحة في كل حاجة بتعملها، وده مش شيء وحش، بس مش اللي بدور عليه في شريكة حياتي."

شعرت ليان أن هناك شيئًا مخفيًا في حديثه، فقررت ألا تضغط عليه أكثر الآن. ابتسمت وهي تغير الموضوع بخفة: "طيب، لو مش النوع اللي ترتبط بيه، إيه هو النوع اللي بتدور عليه؟"

زياد (ينظر إليها بتمعن): "حد صادق، بسيط، مش مهتم بالمظاهر، والأهم... تكون بتفهمني من غير ما أتكلم."

تلاقت نظراتهما لثوانٍ، شعرت ليان أن زياد ليس مجرد رجل ثري يبحث عن علاقة، بل يحمل أسرارًا أكثر مما يظهره. قررت أن تلعب لعبتها بذكاء، فابتسمت وهي تقول: "شكلها مهمة صعبة تلاقي حد بالمواصفات دي!"

زياد (يضحك): "ممكن، بس أهو الواحد بيحاول."

استمر الحديث بينهما لبعض الوقت، لكن ليان أدركت أنها بحاجة إلى لقاء آخر لتكتشف المزيد عن علاقته الحقيقية بيارا. وقبل أن يغادرا، نظر إليها زياد بابتسامة وقال: "كان لقاء ممتع، وعايز أكرره قريب."

ابتسمت ليان برقة، وأجابت: "وأنا كمان."

خرجت من الكافيه وهي تشعر أنها اقتربت خطوة من كشف الحقيقة، لكنها كانت تعلم أن اللعبة لم تنتهِ بعد... بل بدأت للتو.

❈-❈-❈

عادت ليان إلى المنزل بعد لقائها مع زياد، وألقت حقيبتها على الأريكة ثم جلست تفكر فيما قاله. شعرت أن كلامه عن يارا لم يكن واضحًا تمامًا، وأن هناك أمورًا مخفية لم يخبرها بها. أمسكت بهاتفها، وقررت أن تراقب تحركاته أكثر قبل أن تخبر ليث بأي شيء.

في اليوم التالي، التقت بيارا كما خططت، وأظهرت لها أنها متحمسة للتقرب من زياد. جلستا في أحد المطاعم الراقية، وبدأت ليان الحديث بطريقة غير مباشرة:

ليان (بابتسامة خفيفة): "بصراحة يا يارا، زياد شخص مثير للاهتمام... يعني، ناجح وذكي وكمان جذاب."

يارا (تضحك وهي ترتشف قهوتها): "أه، بدأتِ تعجبي بيه؟"

ليان (تتصنع الحرج): "مش قوي كده، بس حسيت إنه مختلف عن باقي الناس اللي شفتهم."

يارا (بنبرة ماكرة): "مختلف؟ آه طبعًا، مختلف جدًا... بس لازم تعرفي إن زياد مش شخص سهل."

ليان (بفضول): "ليه؟"

يارا (تنظر إليها بتمعن): "مش أي حد يقدر يفهمه، وعلاقاته دايمًا محسوبة. هو شخص ذكي، وبيعرف إزاي يخرج بأقل خسائر من أي علاقة، سواء شغل أو حتى حاجة شخصية."

ليان (تتصنع الضحك): "كأنك بتحذريني منه؟"

يارا (تبتسم بمكر): "لا طبعًا، أنا بس بحاول أقولك إنه مش زي أي حد، ولو عاوزة تخليه يهتم بيكِ، لازم تكوني أذكى منه."

ليان (تميل للأمام باهتمام): "وإنتِ إزاي عرفتي كل ده عنه؟"

يارا (تعدل جلستها وترتشف قهوتها): "أنا وزياد أصدقاء من زمان، وكنت بشوف كل خطواته تقريبًا، وعشان كده بقولك لازم تكوني مستعدة."

ليان (بابتسامة غامضة): "مستعدة لأي بالضبط؟"

يارا (بنظرة غامضة): "اللي هتكتشفيه بنفسك مع الوقت."

بدأ الشك يتسلل أكثر إلى عقل ليان، وقررت أن تراقب يارا عن كثب، فهي متأكدة أن علاقتها بزياد ليست مجرد صداقة، بل هناك شيء تخفيه.

❈-❈-❈
في اليوم التالي، قررت ليان أن تتبع زياد دون أن يشعر. استعانت بصديقة لها تعمل صحفية للحصول على بعض المعلومات عنه، وبالفعل استطاعت الوصول إلى جدول أعماله اليومي من خلال مصادرها.

راقبته من بعيد وهو يدخل إلى أحد الفنادق الفاخرة، وتساءلت: هل لديه اجتماع عمل أم أن الأمر شخصي؟ قررت أن تنتظر قليلاً، وبعد حوالي ساعة، خرج زياد من الفندق، ولكن الصدمة كانت في الشخص الذي كان يرافقه... يارا الكحلاوي!

شهقت ليان بصوت منخفض وهي تختبئ خلف سيارتها، وشعرت بأن الشكوك التي راودتها بدأت تتحول إلى حقيقة. ما الذي يجمع زياد ويارا في فندق بهذه السرية؟ هل هما شركاء في شيء خفي؟ أم أن هناك علاقة أخرى بينهما لم يعترف بها زياد؟

قررت ألا تخبر ليث بشيء الآن، بل تواصل مراقبتها حتى تحصل على دليل قوي لا يمكن إنكاره.

لكنها لم تكن تعلم أن زياد كان قد لمحها من بعيد... وابتسم ابتسامة ماكرة وكأنه كان يعرف أنها تراقبه!
❈-❈-❈

في اليوم التالي، تلقت ليان رسالة غير متوقعة على هاتفها:

"عارف إنك كنتِ بتراقبيني، إيه رأيك نتقابل ونتكلم بدل ما تتعبي نفسك؟ - زياد الشرقاوي."

شهقت ليان وهي تقرأ الرسالة. لم تتوقع أن يلاحظها زياد بتلك السرعة! فكرت للحظة، هل تتهرب أم تواجهه؟ لكنها قررت أن تذهب، فهذه فرصتها لفهم الحقيقة أكثر.

حددا اللقاء في أحد المقاهي الفاخرة، وحين وصلت ليان، وجدته ينتظرها بكل هدوء، يحتسي قهوته وكأن شيئًا لم يكن. جلست أمامه، متظاهرة بالثقة رغم توترها.

ليان (تعقد ذراعيها): "كنت مستني مني إيه بالظبط؟"

زياد (يرفع حاجبه بابتسامة ساخرة): "مستني إنك تسأليني بدل ما تلفي حوالين الموضوع."

ليان (تنظر إليه بحدة): "طيب، خلينا واضحين... علاقتك إيه بيارا؟"

زياد (يضحك بهدوء): "أنتِ ما شاء الله مش بتهدري وقت، صح؟"

ليان (بصوت جاد): "مفيش وقت أصلاً. جاوبني."

زياد (يضع فنجانه بهدوء): "يارا صديقة قديمة، وشريكة أعمال أحيانًا... بس إنتِ مش هنا عشان تعرفي تفاصيل حياتي، إنتِ هنا لأنك مش واثقة فيها، مش كده؟"

ليان (تتردد للحظة): "أنا مش واثقة في أي حد بيقرب من ليث، وإنت و هي فجأة ظهرتوا في حياته بشكل غريب."

زياد (يميل للأمام وهو ينظر في عينيها بحدة): "إنتِ خايفة على ليث... ولا خايفة إن حياتك إنتِ تتغير؟"

صمتت ليان، لم تتوقع هذا السؤال، لكنها تماسكت وقالت بثقة:

ليان: "أنا بس عاوزة أعرف الحقيقة، وصدقني، لو كنت جزء من لعبة يارا، فأنا هعرف."

زياد (يبتسم وهو يتكئ للخلف): "عجبني فيكِ إنك جريئة، بس الحقيقة أحيانًا مش بتكون بالحلاوة اللي مستنياها."

ليان (تنظر إليه بريبة): "معنى كده إنك بتخبي حاجة؟"

زياد (يضحك بخفة): "معنى كده إنك لازم تفتحي عينيك أكتر، مش كل حاجة بتحصل قدامك بتكون واضحة."

أنهى كوب قهوته، ثم وقف قائلاً:

"هتشوفيني قريب، وخدي بالك... مش كل اللي بيبان بريء بيكون بريء فعلاً."

ثم تركها جالسة في المقهى، غارقة في أفكارها.


بعد هذا اللقاء، شعرت ليان أن يارا تخفي شيئًا كبيرًا، لذا قررت أن تواجهها مباشرة. اتصلت بها وطلبت لقاءً عاجلًا، ووافقت يارا دون تردد، كعادتها الواثقة.

عندما التقتا في مكتب يارا الفخم، دخلت ليان دون أي مقدمات، وقالت بصوت ثابت:

ليان: "عاوزة أفهم حاجة واحدة... ليه بتجري ورا ليث بالشكل ده؟"

يارا (ترفع حاجبها بدهشة مصطنعة): "إيه ده، من إمتى بقى التحقيق بدأ؟"

ليان: "من يوم ما حسيت إنك بتدخلي حياته أكتر من اللازم، وبتحاولي تبعديه عن أي حاجة ممكن توصله لسبيل."

تغيرت تعابير وجه يارا للحظة، لكنها سرعان ما استعادت هدوءها.

يارا (تضحك بسخرية): "بجد؟ هو لسه متمسك بالوهم ده؟"

ليان (بعينين حادتين): "وإنتِ ليه مهتمة إنه ينسى؟"

اقتربت يارا وجلست على مكتبها، ثم نظرت إلى ليان ببرود وقالت:

يارا: "إنتِ مش شايفة إنه محتاج يتحرك لقدام؟ ليه عايزين تفضلوا حابسينه في الماضي؟"

ليان (بصوت مرتفع): "لأن الماضي لسه مش مقفول! ووجودك في حياته مش صدفة، وأنا هعرف السبب الحقيقي لدخولك حياته."

ابتسمت يارا بثقة وقالت بهدوء مستفز:

يارا: "ربنا يسهل ليكِ في بحثك... بس يا ترى هتقدري تكتشفي الحقيقة قبل ما تكون متأخرة؟"

خرجت ليان من المكتب وهي تشعر أن هناك لغزًا كبيرًا يجب أن تحله، ولكن هذه المرة، قد يكون الأمر أخطر مما توقعت.

❈-❈-❈

بعد خروجها من مكتب يارا، شعرت ليان بأن هناك أمرًا مريبًا بالفعل، لكنها لم تملك أي دليل حقيقي حتى الآن. قررت أن تراقب تحركات يارا وزياد عن كثب، خاصة بعد اللقاء الغامض الذي جمعها بزياد.

بدأت في البحث عن خلفية زياد الشرقاوي، وعرفت أنه رجل أعمال ناجح، لكن سجله لم يكن نظيفًا تمامًا. كانت هناك إشاعات حول تورطه في عمليات مشبوهة، لكنه كان دائمًا حريصًا على إبقاء صورته مثالية أمام الجميع.

وفي أحد الأيام، قررت ليان أن تزور شركة زياد متظاهرة بأنها مهتمة بالعمل في أحد مشاريعه القانونية، خاصة أنه كان يبحث عن مستشار قانوني جديد.

عندما دخلت مكتبه، استقبلها بترحاب، لكن نظراته كانت تحمل تساؤلات كثيرة.

زياد (يبتسم بخبث): "ما توقعتش إنك تيجي لحد عندي، كنت فاكرك لسه بتشكّي فيا!"

ليان (تتظاهر بالهدوء و تحاول المزاح): "لسه بشك فيك، بس يمكن أكتشف العكس لو اشتغلت معاك شوية."

زياد (ينظر إليها بتمعن): "أو يمكن العكس تمامًا... تكتشفي حاجات ما كنتيش مستعدة ليها."

شعرت ليان بقليل من التوتر، لكنها لم تُظهر ذلك.

ليان: "أنا مستعدة لكل الاحتمالات."

زياد (يضحك): "طيب، بما إنك مهتمة، خليني أعرفك أكتر على الشغل."

بدأ زياد يعرض عليها بعض المشاريع، لكنها كانت تشعر أن هناك شيئًا آخر يحدث في الخلفية، شيء لا يريدها أن تعرفه. ولاحظت خلال الحديث أن يارا اتصلت به مرتين لكنه تجاهل المكالمة، مما زاد شكوكها.

❈-❈-❈

في نفس الوقت، كان ليث قد بدأ يستسلم أكثر لحياة الرفاهية التي أدخلته فيها يارا. لم يكن بالضرورة سعيدًا، لكنه شعر أنها الطريقة الوحيدة لنسيان الماضي.

لكن ليان لم تكن مستعدة للسماح له بالاستسلام بهذه السهولة. فذهبت إليه مباشرة في أحد المطاعم حيث كان يجلس مع يارا، ودون تردد اقتحمت الجلسة وجلسَت أمامه.

ليان (بحدة): "إنت بتعمل إيه هنا، يا ليث؟"

ليث (ينظر لها ببرود): "مش واضح؟ بتعشى."

يارا (بابتسامة مستفزة): "أهلاً بيكِ، ليان. تحبي تنضمي لينا؟"

ليان (تتجاهلها): "أنا بس عاوزة أفهم... إمتى هتتوقف عن الهروب؟"

ليث (يضيق عينيه): "هروب من إيه بالضبط؟"

ليان (تنظر له بحدة): "من الحقيقة. من سبيل. من نفسك حتى."

صمت ليث لوهلة، لكن يارا لم تسمح له بالتفكير كثيرًا.

يارا (تقاطعها ببرود): "يمكن لأنه أخيرًا بدأ يعيش لنفسه بدل ما يلاحق أوهام."

ليان (تنظر إليها بغضب): "إنتِ عارفة كويس إنها مش أوهام. وإنتِ اللي بتحاولي تبعديه عن الحقيقة."

وقف ليث فجأة، ونظر إلى ليان قائلاً بصوت منخفض لكنه حاد:

ليث: "كفاية، ليان. خلاص، تعبت. بقالنا شهور بندور، ولو كانت سبيل لسه موجودة، كانت هتحاول توصلنا، لكن ده ما حصلش."

ليان (تهز رأسها بإصرار): "وإنت بقالك شهور في عالم يارا، ومن ساعتها كل حاجة وقفت... فكّر، ليث، امتى آخر مرة فعلاً حاولت تدور عليها؟"

ألقت بسؤالها ثم غادرت مسرعة من المكان .

نظر إليها ليث، ثم إلى يارا، وبدأ يتساءل بينه وبين نفسه... هل توقف عن البحث فعلاً؟ ولماذا؟

❈-❈-❈

بينما كان ليث غارقًا في عالم الرفاهية الذي أدخلته فيه يارا، كانت الأخيرة تعمل في الخفاء مع زياد الشرقاوي، حبيبها وشريكها في النصب، على تنفيذ خطتهما للإيقاع بليث.

يارا وزياد لم يكونا مجرد شريكين في الحب، بل في الاحتيال أيضًا. كانت يارا تستهدف رجال الأعمال والرياضيين الناجحين، بينما زياد يتولى عمليات النصب المالي وإغراق الضحايا في استثمارات وهمية. والآن، كان هدفهما الجديد هو ليث من خلال عقد صفقات مع رجال أعمال في غاية الثراء على حس شهرته الرياضية ثم الهرب بعيدا و تورط ليث وحده.

داخل مكتب زياد الشرقاوي

دخلت يارا إلى مكتب زياد بعد لقائها مع ليث، وألقت حقيبتها الفاخرة على الأريكة بينما جلست بتوتر.

يارا (بحدة): "أنا مش فاهمة، ليان مالها بتفضل تدخل في حياتنا بالشكل ده؟! لو فضلت وراه أكتر، ممكن يكتشف كل حاجة."

زياد (بهدوء وخبث): "اهدي، يارا. إحنا بنلعبها صح، وفضلنا خطوة واحدة بس عشان نكسب الجولة،و كمان مش هتقدر تكتشف حاجة أبدا كل الاوراق قانونية  "

يارا (تعقد ذراعيها): "إزاي بقى؟ أنا حاسة إن ليث بدأ يشك، ومش بعيد يسحب نفسه من كل ده فجأة."

زياد (يبتسم بمكر): "لا، هو مش هيقدر ينسحب بسهولة. فاكرة لما دخلناه في الاستثمارات اللي اقترحتها عليه؟ كلها أوراق رسمية باسمه، ولو حاول ينسحب، هيلاقي نفسه متورط في قضايا مالية كبيرة."

يارا (تبتسم أخيرًا بعد أن فهمت الخطة): "أنت عبقري. يعني لو قرر يبعد، هنعرف نسيطر عليه."

زياد: "بالظبط. وإحنا مش بس بنلعب على فلوسه، إحنا بنلعب على نفسيته. طول ما هو متعلق بيكي، مش هيقدر يشوف الحقيقة."
❈-❈-❈

لكن ليان لم تكن غافلة. كانت تشعر أن هناك لغزًا خلف يارا وزياد، وبدأت تبحث في ماضيهما.

بعد بعض التحريات، اكتشفت ليان أن زياد سبق واتُهم في قضايا نصب مالي، لكنه خرج منها بسبب نقص الأدلة. كما وجدت صورًا قديمة تجمعه بيارا في رحلات خارجية، تؤكد أنهما على علاقة منذ سنوات، عكس ما تدّعيه يارا بأنها تعرفت عليه حديثًا.

ليان (بصدمة وهي تقلب في الملفات): "أنا كنت حاسة إنهم مش صادقين، بس الموضوع طلع أخطر مما توقعت."

لم تكن تعلم كيف ستخبر ليث، لكنها كانت تعرف أنها يجب أن تتحرك قبل فوات الأوان...

بعد أن جمعت ليان معلومات كافية عن يارا وزياد، شعرت أن الوقت قد حان لمواجهة ليث بالحقيقة. لكنها كانت تعلم أن الأمر لن يكون سهلًا، خاصة أنه بدا متأثرًا بيارا ومتعلقًا بها.

قررت أن تبدأ بالتمهيد له، فذهبت إلى محل عمل ليث في إحدى الليالي، حاملة ملفاتها وأدلتها، لكنها تفاجأت عندما فتحت لها يارا الباب بنفسها.

يارا (بابتسامة متكلفة): "ليان! إيه المفاجأة دي؟ ليث مشغول شوية، تحبي تستنيه؟"

ليان (بثبات): "أنا مش جاية أزور، أنا جاية أشوف ليث حالًا."

وقبل أن ترد يارا، ظهر ليث من خلفها، ملامحه متعبة، لكنه بدا منزعجًا من قدوم ليان بهذه الطريقة.

ليث (بتعب): "ليان، مالك جاية كده؟ حصل حاجة؟"

ليان (تنظر إلى يارا ثم إليه): "آه، حصل حاجة. بس لازم نتكلم لوحدنا."

نظرت يارا إلى ليث بتردد، لكنها تظاهرت بأنها لا تهتم.

يارا (بهدوء مصطنع): "مافيش مشكلة، أنا هسيبكم مع بعض."

غادرت يارا، لكن ليان كانت متأكدة أنها ستظل تراقب الموقف.

❈-❈-❈

بعد أن جلسا في غرفة المكتب، وضعت ليان الملفات أمام ليث، ونظرت إليه بجدية.

ليان: "ليث، أنا جمعت المعلومات دي عن يارا وزياد، ومش هطول عليك... إنت واقع في فخ كبير."

ليث (بدهشة): "فخ؟ انتي بتتكلمي عن إيه؟"

فتحت ليان الملف الأول، وأظهرت صورًا ليارا وزياد معًا في مناسبات مختلفة، بعضها كان منذ سنوات.

ليان: "يارا وزياد مش مجرد أصدقاء، هما حبيبين وشركاء في النصب. زياد متهم في قضايا مالية، ويارا بتلعب عليك علشان توصل لحاجتين: فلوسك، وسمعتك اللي هتجيبلها الفلوس من المستثمرين."

نظر ليث إلى الصور بصدمة، ثم قلب الأوراق الأخرى التي تحتوي على تقارير قانونية تثبت تورط زياد في عمليات احتيال سابقة.

ليث (بغضب وإحباط): "إنتي بتقولي إن كل ده كان تمثيل؟ وإن يارا كانت بتضحك عليا؟"

ليان (بحزم): "للأسف، آه. وإنت لازم تفوق قبل ما تخسر كل حاجة."

صمت ليث للحظات، وكأنه يعيد شريط ذكرياته مع يارا، يتذكر كيف كانت تتلاعب بمشاعره، كيف أقنعته بالدخول في مشاريع مالية لم يكن مقتنعًا بها بالكامل، وكيف حاولت إبعاده عن ليان مرارًا.

وأخيرًا، رفع رأسه، عيناه تلتمعان بالغضب.

ليث (بصوت حاد): "أنا مش هسيبهم يهربوا بعملتهم."

ليان (بثقة): "وده بالظبط اللي لازم نخطط له سوا."

❈-❈-❈

بعد أن استوعب ليث حقيقة يارا، قرر ألا يتصرف باندفاع. أراد أن يلعب اللعبة بطريقتها، أن يخدعها كما خدعته، حتى يتمكن من الإيقاع بها وبزياد في فخ لا يمكنهما الهروب منه.

في اليوم التالي، تصرف وكأن شيئًا لم يحدث، بل أصبح أكثر ودًّا مع يارا، مما جعلها تشعر أنها قد كسبت المعركة تمامًا.

يارا (بابتسامة واثقة): "حاسّة إنك بدأت تفهمني أكتر، يا ليث. كنت مستنية اللحظة دي من زمان."

ليث (بهدوء متعمد): "وأنا كمان، يارا. يمكن كنت محتاج وقت علشان أفهمك صح."

زاد تقربه منها، وأصبح يقضي معها وقتًا أطول، مما جعلها تثق فيه أكثر. في الوقت نفسه، كانت ليان تعمل في الخفاء، تجمع المزيد من الأدلة، وتتبع تحركات زياد.

❈-❈-❈

قرر ليث أن يختبر يارا، فجلس معها في أحد المطاعم الفاخرة، حيث كان يبدو عليه القلق المصطنع.

ليث (بجدية): "يارا، في حاجة شاغلة بالي. حاسس إن شغلي في التنس مش كفاية، وبفكر أستثمر جزء كبير من فلوسي في مشروع جديد."

يارا (بحماس مصطنع): "فكرة ممتازة! وأنا أقدر أساعدك في ده، عندي علاقات كتير تقدر تخدمك."

ليث (يتظاهر بالتردد): "بس الموضوع كبير، وفلوسي كلها هتكون في خطر. لازم أكون متأكد إني داخل في حاجة مضمونة."

يارا (تحاول طمأنته): "طبعًا، أنا وزياد نقدر ندلك على أفضل الاستثمارات. سيبني أتكلم معاه، وهو هيعرف يوصلنا لحاجة مربحة أكيد."

كانت هذه اللحظة التي تأكد فيها ليث من أن يارا وزياد شريكان في الجريمة، وأنهما يخططان للاستيلاء على أمواله.
❈-❈-❈

في نفس الوقت، كانت ليان تراقب زياد عن كثب. بمساعدة بعض معارفها في القانون، تمكنت من الوصول إلى سجل معاملاته البنكية، ووجدت أنه تلقى مبالغ كبيرة من حسابات مشبوهة.

لم تكتفِ بذلك، بل قامت بمواجهته شخصيًا تحت ستار اهتمامها به. في أحد اللقاءات، تعمدت الحديث عن الاستثمارات والمشاريع، فأصبح زياد أكثر ثقة وبدأ يتفاخر بقدراته في كسب الأموال بطرق "غير تقليدية"، دون أن يدرك أنها كانت تسجل حديثه.

بعد أن جمعت كل الأدلة التي تحتاجها، اتصلت بليث فورًا.

ليان (بحماس): "ليث، معايا تسجيل يدين زياد رسميًا. يارا وزياد خلاص وقعوا في الفخ!"

اتفق ليث مع ليان على وضع خطة نهائية للإيقاع بيارا وزياد. قرر أن يوهمهما بأنه مستعد لنقل مبلغ مالي ضخم إلى أحد حساباتهما، لكنه في الحقيقة نسّق مع السلطات لتتبع العملية.

في اليوم المحدد، اجتمع الثلاثة في مكتب خاص، حيث تم الاتفاق على تفاصيل "الصفقة"، وقبل أن يتمكن زياد من إتمام التحويل، داهمت الشرطة المكان وألقت القبض عليهما بتهمة الاحتيال وغسيل الأموال.

يارا (بصدمة وغضب): "ليث! أنت كنت بتخدعني؟!"

ليث (بهدوء حازم): "زي ما كنتِ بتخدعيني،يا  يارا. الفرق الوحيد إن أنا سبقتك.. و كويس إني فوقت بدري و كل الاوراق اللي عندك مالهاش أي قيمة "

بينما كان رجال الشرطة يقتادون يارا وزياد، نظرت ليان إلى ليث وابتسمت.

ليان: "دلوقتي ، نقدر نرجع لحياتنا."

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا ممدوح، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة